العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

إسقاط الصلاة عن صاحب الوسواس القهري.. دعوة للنقاش حول مسألة متشابكة

محمد سعيد نبوي

:: متابع ::
إنضم
23 مايو 2011
المشاركات
16
التخصص
هندسة القوى الكهربية
المدينة
ا
المذهب الفقهي
الدليل
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ، و الصلاة و السلام على رسول الله ، وبعد..


فبحكم معرفتي بأحد المبتليْن بما اصطلح على تسميته "الوسواس القهري" و معرفتي لما يباشره من مشقة أحببت أن أفتح النقاش و المدارسة حول تلك المسألة التي ربما يجد فيها كثير من الموسوسين الحل و العلاج (و ربما يصلون إليها من تلقاء أنفسهم تحت مشقة المرض) ..


هذه المسألة هي :
إسقاط الصلاة عن صاحب الوسواس القهري



لا أخفيكم بأنني كنت سأكتب "إسقاط الصلاة عن مرضى الوسواس القهري" إلا أنني تراجعت لأنها نقطة من نقاط البحث الرئيسية - كما سيأتي بإذن الله- وهي هل الوسواس القهري مرض يبيح لصاحبه الترخص برخص المريض ، أم أنه أمر نابع من الموسوس ذاته ولا علاقة له بالمرض .. طبعا هناك كلام للفقهاء المتقدمين حول ماهية الوسواس و علاجاته ،وهي أحد الإشكالات التي تواجه الموسوسين عند التعامل مع المفتين و طلبة العلم..

و أعتقد أن البحث سيدور حول نقاط ثلاتة:
1) ماهية الوسواس و حقيقته.
2) حد الرخصة الممنوحة للموسوس بناءاً على فهمنا لحقيقة الوسواس.
3) قضية التداوي و العلاج.

وسأبدأ مباشرة هنا بالنقطة الأولى :ماهية الوسواس و حقيقته
فكما لا يخفى أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره ،و الركن الركين في مسألتنا هذه هو فهم ما يعانيه الموسوس و تصوره تصورا صحيحاً ؛ لذا سأترككم مع هذين المقطعين للشيخ محمد بن إسماعيل المقدم يتحدث فيهما -يحفظه الله- عن "مرض" الوسواس القهري و الشيخ لمن لا يعلم تخصصه الأكاديمي في الطب النفسي

المقطع الأول

و هذا المقطع الثاني .. وصوته أردأ قليلاً لكن تطرق لمسألة العلاج و الأعراض الجانبية ،و ذكر أن الفقهاء في القديم يعاملون الموسوس كالمدان

المقطع الثاني

.
.
.
.

يتبع إن شاء الله..و آمل التفاعل من الإخوة
 
إنضم
16 ديسمبر 2007
المشاركات
52
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
علوم الحديث
المدينة
دبي
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: إسقاط الصلاة عن صاحب الوسواس القهري.. دعوة للنقاش حول مسألة متشابكة

أحسن الله إليكم
وإن كان ما سأرد بعيد جدا عن عنوان الموضوع إلا أنه من جوانبه
قد يصل مرض الوسواس لمستوى عال من الناحية العضوية قبل النفسية لا ينفع معها إلا الجراحة!
العضوية تتجسد في ازدياد إشارة الكهرباء في الدماغ في منطقة معينة من الجبهة فما فوق
هذه المنطقة بالذات إذا ازدادت فيها ترددات الكهرباء فإن الإنسان يتعرض لهواجس ووساوس كثيرة بإذن الله تعالى وأمره

والغريب أنها قد تحدث بلا سبق إنذار وقد تزيد
وممكن أن تنقص مع العلاج النفسي والدواء لكن لا تزول
وفجأة تعود فتزداد مع الموقف الذي يؤجج الوسواس القهري، وقد تزداد كثيرا حتى يُطبق الجنون!

فكان من بعض أنواع العلاجات: جراحة الدماغ بزراعة شريحة معدنية تعطل تلك الخلايا التي تورطت بنسبة كهرباء أو موجات زائدة عن الحد الطبيعي
أو تسحب جزءا منها من خلال آلية معينة
فوجدوا أن المرضى تختلف تصوراتهم القهرية بعد العملية، وبمجرد تعطيل الشريحة تعود الوسوسة!!
لكن الدماغ لا يعود كالسابق... فقد يُفقد بعضه أو كله، وقد تُفقد الحركة والحياة...

وهذا ابتلاء ...اللهم عافنا جميعا


أحسن الله تعالى إليكم وبارك فيكم

نسأل الله تعالى العفو والعافية .
 

مساعد أحمد الصبحي

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
143
الكنية
أبو سعود
التخصص
عقيدة
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: إسقاط الصلاة عن صاحب الوسواس القهري.. دعوة للنقاش حول مسألة متشابكة

وإنما يسقطها انعدام التكليف بالجنون وهو حالة لا يمكن لصاحبها أن يعقل فيها خطاب التكليف، .
لله درك شيخي الجليل ... وماهي بأول ولا آخر فوائدك القيمة
وبإعمال هذا القيد -وياله من قيد- لا نعدم وتعذر الحكم بإسقاط الصلاة عن موسوس أبدا

فمن دخل في حد الجنون من الموسوسين فالحكم للأقوى وهو الجنون ... كما إذا دخل الجريح في حد الموت ! فلاشك أنه يغلب عليه اسم الموت ولا يقال له بعد جريحٌ ! بل ميتٌ ...

وبالنسبة لي شخصيا فهذا هو منتهى النظر في هذه المسألة ... لأنها مسألة إجماع ومفروغ منها على مرّ القرون والأجيال ....

وجزاكم الله خيرا
 
إنضم
22 مارس 2011
المشاركات
48
الكنية
أبو علي
التخصص
هندسة مدنية
المدينة
تلمسان
المذهب الفقهي
مالكي
رد: إسقاط الصلاة عن صاحب الوسواس القهري.. دعوة للنقاش حول مسألة متشابكة

بناء على ما ذكره الأساتذة الأفاضل، وبناء على ما اطلعت عليه من حالات، أنصح بما يلي:
1- الإكثار من الدعاء الخالص، فالحالة مهما كانت مستعصية فإن الله تعالى لا يُعجزه شيء (وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ)،

2- الإكثار من قراءة القرآن (وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) ومن الاستغفار (من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا و من كل ضيق مخرجا)، ومن التعوذ (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)،

3- عدم تناول الأدوية، فلا جدوى منها في مثل هذه الظروف، بل قد تزيد الأمر تعقيدا. ولا بأس بتناول بعض المواد التي تُحسن المزاج وتدفع الكآبة مثل الماغنيزيوم سواء في أقراص أو مواد طبيعية مثل الموز، والشوكولاطة.

4- عدم الحديث بهذه الوساوس لعامة الناس، فقد تكون فتنة لبعضهم، بل التوجه بها إلى أهل العلم الموثوقين،

5- إفتاؤهم بالرخص، وبمقتضى عكس ما يحبسهم من وسواس، كمن لديه إشكال مع نية الوضوء، يُفتى بعدم اشتراطها، ولذلك أصل في مذهب أبي حنيفة، ولعل السؤال الفقهي الذي يطرح نفسه: هل يجوز إفتاؤهم برخص لا أصل لها، كمن لديه إشكال مع نية الصلاة فيُفتى بالإتيان بالصيغة وحسب؟؟؟

6- الإقلال من العزلة فإنما يأكل الذئب من الشاة القاصية، وممارسة بعض النشاط الرياضي، وليكن في جماعة،

7- إذا استفحل الأمر رغم كل ذلك، يمكن الرجوع إلى الطبيب النفسي، ولكن من أجل علاج نفسي دون عقاقير.
والله أعلم. نسأل الله تعالى العافية لنا ولسائر المسلمين.
 

محمد سعيد نبوي

:: متابع ::
إنضم
23 مايو 2011
المشاركات
16
التخصص
هندسة القوى الكهربية
المدينة
ا
المذهب الفقهي
الدليل
رد: إسقاط الصلاة عن صاحب الوسواس القهري.. دعوة للنقاش حول مسألة متشابكة

ليس هناك من المشقات ما يسقط الصلاة جملة وإنما يسقطها انعدام التكليف بالجنون وهو حالة لا يمكن لصاحبها أن يعقل فيها خطاب التكليف، وهذا غير موجود في المتوسوس، وإن وجد فليس سببه الوسواس بل لأنه وسواس قارنه جنون.

المجنون قد يقال أنه لا يتوجه إليه خطاب التكليف أصلاً و هو خارج محل البحث الآن .. محل البحث الآن هو في قواعد من قبيل لا واجب مع عذر ، و المشقة تجلب التيسير ، إذا ضاق الأمر اتسع .. إلخ ، ومدى وحيز تطبيقها على مريض الوسواس القهري..
 
إنضم
16 ديسمبر 2007
المشاركات
52
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
علوم الحديث
المدينة
دبي
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: إسقاط الصلاة عن صاحب الوسواس القهري.. دعوة للنقاش حول مسألة متشابكة

المجنون قد يقال أنه لا يتوجه إليه خطاب التكليف أصلاً و هو خارج محل البحث الآن .. محل البحث الآن هو في قواعد من قبيل لا واجب مع عذر ، و المشقة تجلب التيسير ، إذا ضاق الأمر اتسع .. إلخ ، ومدى وحيز تطبيقها على مريض الوسواس القهري..


الأخ المبارك محمد سعيد
سلمه الله تعالى ورعاه وزاده الله تعالى حرصاً ووفقه إلى السبيل القويم.

أظنني فهمت الإشكال الحاصل عندك، وسأحاول بتوفيق الله تعالى حلّه، وجزاك الله تعالى خيراً على إثارة مواضيع تستحث بها الهمم والعقول، فالمجيب أكثر استفادة من السائل.


موضوعك هو عن مدى إمكانية إسقاط الصلاة عن صاحب الوسواس القهري.

إذن عناصر الموضوع كالتالي:

  • حكم الصلاة على المكلف؛ أعني البالغ والعاقل.
  • حكم مرض الوسواس القهري.
  • إمكانية إسقاط الصلاة عن صاحب هذا المرض.

إن شاء الله إلى هنا نكون على وفاق، وفقنا الله تعالى وإياكم إلى خيري الآخرة والدنيا.


نبدؤ الآن بالصلاة، ما حكمها؟

عند الفقهاء قاطبة يكفر تارك الصلاة إن كان بالغاً وعاقلاً، وحكموا بهذا الحكم للأدلة الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التشديد في حكم الصلاة مثل: " بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة " و "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر " ليس ذلك فقط، بل شنع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرجال المتخلفين عن الجماعات، فلم يمنعه من تحريق بيوتهم!! إلا الأطفال والنساء فيها وهذا تشنيع شديدٌ جداً في حكم من أحكام الصلاة.

ليس هذا فقط بل كان اختلاف الفقهاء رحمهم الله تعالى حول بعد كم صلاة تترك يكفر الإنسان، ولم يتطرقوا إلى إمكانية إسقاط الصلاة عمن هو أهل لها، والأهلية كما بُيِّنَ سابقاً من الكرماء والكريمات، غفر الله تعالى لنا ولهم ورحمنا وتاب علينا جميعاً، أقول: والأهلية هي البلوغ مع العقل.

إذا فهمنا هذا واتفقنا عليه نأتي للمسألة التي ذكرتم، إمكانية تطبيق القاعدة الفقهية: لا واجب مع عذر، ولا حرمة مع الضرورة.

لكن قبل أن نتكلم فيها، لا بد لنا من التوافق كذلك على قاعدة ومبدأ مهم، ألا وهو أن الشريعة مبنية على اليسر والتخفيف.
معنى هذا أنه إذا ورد طلب بصيغة الوجوب على العبد، فلا بد له من أن يمتثله، ليس هذا فقط، بل يمتثله وفق ما طلب منه الشارع الحكيم، أي بالهيئة الشرعية.
لكن قد يكون عند العبد عذر لا يتمكن معه من امتثال أمر الشارع الحكيم كما طلبه منه، فكيف يعمل؟
كما قيل من أن الشريعة مبناها على التخفيف والتيسير، فعندئذ علمنا أن هناك طرائق تمكننا من امتثال أوامر الشارع الحكيم وفق طاقتنا، قال الله سبحانه وتعالى حكاية عن عبده المؤمن: "{ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا }" فقال جل جلاله: "{ قد فعلت }" وقال صلى الله عليه وسلم في حديث طويل: " فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم"، فبهذه الأحاديث وغيرها علمنا أن هناك تخفيف على العبد في حالة امتثاله للأوامر إن كان عنده سبب وعذر شرعي يمنعه من الامتثال وفق طلب الشارع الحكيم جل جلاله.

وهنا نرجع ونقول: هل انتبهت أخي الفاضل الحبيب؟
فهو تخفيف وليس إسقاط وهناك فرق كبير، والسبب في ذلك أننا نتكلم عن حكم تكليفي عيني لا يسقط إلا بزوال مناط التكليف وفي مسألتك التي أوردتها هو العقل، ليس غيره.

الآن بالنسبة إلى القاعدة التي ذكرتم، هي تسقط بعض المأمورات حول الواجب (إن صح التعبير هكذا) فمثلاً، صلاة المنفرد خلف الصف، هل يصليها وحده إن امتلئ الصف الذي قبله أو يجر أحداً من الصف الذي أمامه أو ينتظر قدوم شخص آخر أو أو، لكن لا تسقط فرض الصلاة عنه. ومثل إسقاط الوضوء إلى التيمم لواجد الماء لكن لعذر مانع يمنعه من استخدام المياه.

فالمحصلة النهائية لهذا الكلام الذي كتب نصل إلى التالي:
حكم الصلاة واجب وفرض عيني، للأدلة التي وردت فيها.
حتى تصير واجبة وفرضاً على إنسان ما فلا بد أن يكون بالغاً، وأن يكون عاقلاً
إذن... مناط التكليف ((العقل)) فحتى تُسقط عن شخص ما، لا بد له من أن يتأثر عقله


أما بالنسبة للمسألة الثانية، فنرجؤها لوقت آخر...
 

محمد سعيد نبوي

:: متابع ::
إنضم
23 مايو 2011
المشاركات
16
التخصص
هندسة القوى الكهربية
المدينة
ا
المذهب الفقهي
الدليل
رد: إسقاط الصلاة عن صاحب الوسواس القهري.. دعوة للنقاش حول مسألة متشابكة

حياك الله أخي عمر.. سأبدأ معك من جملتك هذه

حكم الصلاة واجب وفرض عيني، للأدلة التي وردت فيها.
حتى تصير واجبة وفرضاً على إنسان ما فلا بد أن يكون بالغاً، وأن يكون عاقلاً
إذن... مناط التكليف ((العقل)) فحتى تُسقط عن شخص ما، لا بد له من أن يتأثر عقله

فأقول إنه إذا ما عرّفنا الوسواس القهري على أنه "عبارة عن أفكار وصور تدخل إلى عقل الإنسان بطريقة مكررة يمكن للشخص السليم دفعها ومنع تكرارها، ولا يتركها تقهره. أما فى الحالة المرضية فإنه لا يقوى على دفعها أومنع تكرارها، فتأخذ به وتلح عليه وهو يحاول جاهداً مقاومتها دون جدوى، وكلما قاوم هذه الأفكار تزايد عنده القلق، وهو يعلم يقيناً أنها أفكاره هو وليست دخيلة عليه، ويعلم أنها تافهة ومع ذلك فإنه مضطر للتفكير فيها لا إرادياً، حتى إنه ليصاب بالاكتئاب إذا ما تبين له أن عمله ومستقبله سوف يتأثر نتيجة لذلك."(1) = أفلا يحق لنا أن نصف مريض الوسواس بأنه قد تأثر عقله ؟؟
-----------------------------------------------------
(1) راجع
http://tabibnafsany.com/weswas-defention
 
إنضم
16 ديسمبر 2007
المشاركات
52
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
علوم الحديث
المدينة
دبي
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: إسقاط الصلاة عن صاحب الوسواس القهري.. دعوة للنقاش حول مسألة متشابكة

حياك الله أخي عمر.. سأبدأ معك من جملتك هذه



فأقول إنه إذا ما عرّفنا الوسواس القهري على أنه "عبارة عن أفكار وصور تدخل إلى عقل الإنسان بطريقة مكررة يمكن للشخص السليم دفعها ومنع تكرارها، ولا يتركها تقهره. أما فى الحالة المرضية فإنه لا يقوى على دفعها أومنع تكرارها، فتأخذ به وتلح عليه وهو يحاول جاهداً مقاومتها دون جدوى، وكلما قاوم هذه الأفكار تزايد عنده القلق، وهو يعلم يقيناً أنها أفكاره هو وليست دخيلة عليه، ويعلم أنها تافهة ومع ذلك فإنه مضطر للتفكير فيها لا إرادياً، حتى إنه ليصاب بالاكتئاب إذا ما تبين له أن عمله ومستقبله سوف يتأثر نتيجة لذلك."(1) = أفلا يحق لنا أن نصف مريض الوسواس بأنه قد تأثر عقله ؟؟
-----------------------------------------------------
(1) راجع
http://tabibnafsany.com/weswas-defention



الأخ المبارك
حياك الله وبياك وجعل جنة الفردوس مثوانا ومثواك
في الحقيقة جزاك الله تعالى خيراً على هذه الإثارة، موضوع مهم ومفيد ونافع.
اطلعت قليلاً على بعض ما يذكر حول هذا الموضوع، ولم أتعمق ذلك لأن المقام مقام مدارسة ومذاكرة ليس إلا وليس المقام مقام فتوى، فلست بأهلها.
لكن قبل أن أجيب عن كلامكم، وفقكم الله تعالى وبارك فيكم، أتمنى أن نكمل الموضوع الذي بدأناه، وفي ثناياه يكون الجواب.

لننتبه أن هذه ليست إلا مذاكرة

مرض الوسواس القهري.

  • الوسواس القهري: كما عرفه د. محمد شريف سالم هو حديث النفس ينبع من ذاته وداخله بفعل شيء لا يرضاه.
  • يفضل البروفيسور طارق الحبيب تسميته بالاستحواذ القهري وليس بالوسواس لما لذلك من عدم إعطاء هذا المرض حقه في التعريف، لدرجة أنه يوصل إلى الخلط بين الوسواس وبين الاستحواذ القهري.
  • ذكر ندرة فيمن تحدث عنه أو وضع له تعاملاً فقهياً مختلفاً يتلاءم معه.
  • قام بدراسته وعمل تصنيفاً له، فقسمه إلى ثلاثة أقسام، وأعلاها هو ما يعرف بالوسواس القهري (الاستحواذ).
  • قسمه من ناحية التعامل الدوائي معه، لا يحتاج إلى دواء، ويحتاج إلا دواء، لكن هناك تقسيم ثالث، كما ذكرت الأخت الفاضلة تعليقاً في هذا الموضوع، من أنه يتطلب تدخلاً جراحياً، مع ما له من آثار سلبية.
  • ضرب أمثلة لمريض الوسواس القهري، لكن ما يلفت الانتباه، إلا أن المريض به يعلم أنها أفكار ملحة، بل قد تكون غير واقعية.
  • كذلك مما يلفت الانتباه ما ذكر من أن التعامل معها كأنها الوسواس العادي المعروف، لا يكون طريقاً في العلاج، بل قد يكون مؤججاً لها .
  • كذلك يتضح أن الوسواس القهري (الاستحواذ القهري) أنواعاً، مثل: التكرار في الفعل، أو الخوف من وقوع حادث للموسوس أو قد يوقع حادث لمن هو قريب من الموسوس أو سب رموزاً دينية (أستغفر الله تعالى!)
  • حث المصاب به على طلب العلاج فوراً حتى لا يتفاقم.
  • ذكر أن منشأه في الغالب فجأة، وقليلاً ما يبدأ تدريجياً.
  • ذكر نقطة مهمة وهي أن المريض يعي تماماً أنه مصاب بالوسواس القهري، لكن تكمن مشكلة هذا المرض في الإلحاح، حتى إن المصاب يرضخ لهذا المرض بسبب الإلحاح الحاص في ذهنه.
  • رأيت سؤالاً مكتوباً في موقع الإسلام سؤال وجواب نقلوا أن هذا المرض قد يفضي إلى الجنون آخراً.

الملاحظات:

  • تقسيم البروفيسور جيد جداً حتى يُتمكن من حصره وفهم أنواعه المختلفة.
  • لا يُتساهل مع صاحب هذا المرض في العلاج، بل لا بد من حثه واستعجاله لزيارة الطبيب طلباً للعلاج.
  • هذا ابتلاء من الابتلاءات في هذه الحياة، والدنيا دار ابتلاء وتتنوع وتختلف الابتلاءات فيها، وقال تعالى: "{ لا يسأل عما يفعل وهم يسألون }" فلا بد له أولاً من الاستعانة بالله تعالى ثم الصبر على المرض ثم محاولة طلب العلاج وبعدُ العمل بالعلاج.
  • ما يصدر عن المريض من أمور منافية للشرع، لا يؤاخذ بها (إن ثبت مرضه حقيقة)، فقد رخص رسول الله تعالى صلوات الله وسلامه عليه للمضطر (اضطراراً حقيقياً) بقول بعض الأمور شديدة المأخذ في الدين. وصاحب الاستحواذ القهري قد يدخل تحت هذا الأمر إن صرح بذلك طبيب مسلم عالم بالحالة.
  • الملاحظ من كلام البروفيسور أن العمل بالشريعة طريقة لمعالجة المرض، لكن قد يضطر إلى ترخص شرعي لبعض أموره يفتي بها العالم بحسب الحالة. (ذكر واحدة منها الأخ الفاضل زايد).
  • هذا المرض لا يسمى جنوناً، بل قد يفضي إلى الجنون إذا تفاقمت حالته (وتفاقم الحالة أمر واردٌ جداً كما ذكر البروفيسور طارق).

وأخيراً لنتكلم عن طريقة التعامل مع هذه الحالة: وفيها إن شاء الله جواب الأخ محمد
بعد قراءة ما تم ذكره وحتى يُتمكن من إعطاء حكم على هذه المسألة، فلا بد لها من النظر إلى كل حالة على حدة، فالمرض يتنوع ويختلف حتى في درجته الأخيرة.
فلنقل عندنا حالة شديدة جداً جداً
فاجتمع طبيب الحالة مع أحد المشايخ العلماء يتباحثون في موضوع ذلك الشخص بعينه، أو تلك الحالة.
يقوم الطبيب بذكر الحالة وتوصيفها للشيخ طلباً لحكم شرعيٍ لها، بناء عليه سيبدأ الطبيب بالعلاج والتعامل هكذا حالات،
فقد يرخص الشيخ في بعض مسائل الوضوء، مثلاً إذا شك في غسل يده إلى مرفقه فلا يعود المريض ويغسلها مرة ثانية...
وهنا ملحظ مهم:
قد يشتكي الطبيب أن الغسل ثلاث مرات يكون نوعاً من الإعانة في ازدياد الشك لدى المريض، عندئذ قد يأمر الشيخ بالغسل مرة واحدة فقط ومجزأةً،
فيقوم الطبيب بأمر المريض بغسلها مرة واحدة والمضي في إكمال باقي الوضوء دون الالتفات إلى ما يحدثه الدماغ من إلحاح في طلب التكرار.

بعد ذلك سيعرض الطبيب مسألة السب والشتم.
وبدوره سيقوم الشيخ بطرح بعض أسئلة، مثل:
هل إذا التفت إلى الأذكار زال ما يجبره على السب والشتم؟
هل إذا رخصنا له في الجمع سنكون هكذا أعطيناه فترة أطول بدون صلاة مثلاً يستطيع معها التعامل والسيطرة على الأفكار الواردة.
وهكذا أسئلة.


وهنا انتبه أخي الكريم
الشيخ لم يتكلم أبداً عن إمكانية إسقاط الصلاة
والسبب في ذلك
لأن الطبيب لم يقل بزوال عقله .

مع ذلك، قد يسأل الطبيبُ الشيخَ
إنه تأتيه أوقات، بسبب إلحاح الأفكار عليه، يصير كالمجنون، حتى إن سألته عن الصلاة سب وشتم ورفع صوته، ولا يعطيك جواباً لسؤلك هذا أي فرض وجب الآن.
فعندئذ سينظر الشيخ في الأمر، وقد يعطيه حالة المغمى عليهم مثلاً.

لكن ثق أخي الحبيب أن الشيخ لن يقول: ما دامت هذه حاله فلا صلاة عليه. لا


وأخيراً، وبعد التشاور بين الطبيب والعالم سيصلون إلى وضع تعامل خاص وفق رخص الشريعة بحيث يساعد في شفاء المريض، ولكن بدون إسقاط الصلاة عنه.
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: إسقاط الصلاة عن صاحب الوسواس القهري.. دعوة للنقاش حول مسألة متشابكة

قد يبدو سؤالي عجيباً جداً لكثيرين ، ولكنه يلح على ذهني منذ زمن ، وهو :
هل ما يعرف اليوم بـ (علم النفس) علم حقاً ؟
فإن كان الجواب : نعم .
فهل هذا شامل له ككل ، أي تنظيراً وتوصيفاً للحالات النفسية مرضية كانت أو غير مرضية ، مع توصيف العلاج لها ، بالعقاقير كان أو العلاج النفسي ؟
وسبب هذا التساؤل أني سمعت بالتلفاز أحد الدكاترة في وضع المناهج العلمية ينكر أن يكون علم النفس علم أصلاً ، ومجرد أن تبحث هذا السؤال في الشبكة (باللغة الإنجليزية ، إذ العرب كأنهم مجمعين على أنه علم باجتهاد ـ في الأقل ـ وبتقليد) فستجد معركة محتدمة لم تبرد بعد بين كل من الاتجاهين.
والذي يشكل علي ، أن كثير من هؤلاء المرضى يميزون بين الخطأ والصواب ، لكنهم لا يتعاملون معه كالإنسان السوي مع قدرتهم عليه بالنظر إلى سلامة الآلة وتمييز المقصود بالأمر والنهي.
وهذا السؤال المعروض هنا قد لا يكون فيه بيان وجه خطورة المسألة ، ولأبين مدى خطورتها أقول : كنت رأيت برنامجاً عن المجرمين الساديين ، وكان فيه ولد صغير لعله ابن ستة عشر سنة يتكلم عن نفسه وعن أحد أصدقائه وكيف قاموا بتعذيب بنت لعلها زميلة لهم في المدرسة ، عذبوها حتى الموت.
وبين الدكتور القائم بالأبحاث عليه وعلى غيره ، أنهم يميزون بين الخطأ والصواب ، ولكنهم يعانون مرضاً نفسياً .
الآن لو أننا أمسكنا بمجرم قام بقتل عدد من الأبرياء ، وكان سليماً معافا يميز الخطأ من الصواب ، ومع ذلك أكد الأطباء أنه عنده نزعة مرضية (مرض نفسي) يقوده إلى هذا الفعل ، فبماذا نحكم عليه؟
كما أني سمعت دكتوراً عمانياً ، لعل عامتكم يعرفه ، يصرح صراحة أن الطب النفسي غير ذي جدوى ، وأنه باشر العديد من الحالات التي يدعي الأطباء النفسيون علاجها وذكر أنها تعود إلى ما كانت عليه بمجرد التوقف عن تناول الدواء، أي أن المريض يبقى معتمداً حياته كلها على الدواء الموصوف مع أنه حال تناوله الدواء لا يعود سوياً أيضاً لأنه يصير في حالة تشبه حال من يتعاطى الحبوب كالزولام مثلاً ، وصرح بأن الطب النفسي لا يقدر على أكثر من توصيف الحالة النفسية ، وأنه إن كان له سبب عضوي فإنه يصف الدواء لذلك المرض ، ونبه هنا أنه بمجرد ثبوت أن هناك خلل عضوي فقد خرج هذا عن تخصص الطبيب النفسي.
أظن أنه قبل أن نرتمي إلى أحضان الطب النفسي لا بُدَّ من التعرف عليه والتدقيق فيه ثم وضع القوانين له.
يا حبذا لو يفتح موضوع يخص الطب النفسي من حيث هو.
والله أعلم
 
أعلى