العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

هل تحتاج جريمة الاغتصاب إلى أربعة شهود حتى تثبت؟؟؟

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
اقرار قانون جديد حول الاغتصاب في باكستان
مصدر الخبر:
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/world_news/newsid_6150000/6150694.stm

وافق البرلمان الباكستاني على مشروع قانون تقدمت به الحكومة لتعديل القوانين المتعلقة بالاغتصاب والزنا، وجعلها خاضعة للقوانين المدنية اضافة الى الشريعة الاسلامية.

وكانت القوانين القديمة تعتبر اي ممارسة للجنس خارج إطار الزواج غير قانونية.
كما كان يتعين على المرأة التي تدعي أنها اغتصبت أن تأتي بأربعة شهود من الذكور، وإلا قد تواجه محاكمة بتهمة الزنا.
ولم تتضح على الفور كل التفاصيل المتعلقة بالقانون الجديد، لكن احد التعديلات تسمح باستعمال فحوص الحمض الريبي النووي DNA وغيرها من الوسائل العلمية.
وقاطع اعضاء الاحزاب الاسلامية المتشددة التصويت بعدما عارضوا التغييرات بشدة وقالوا انها "ستجعل من باكستان مجتمعا يسمح بالحرية الجنسية".
وحذرت الأحزاب الدينية الباكستانية من أنها ستتظاهر في حال رأت أن محاولات تغيير القانون "مخالفة للدين الإسلامي."
وكان المشروع الجديد قد سحب من النقاش في سبتمبر / أيلول الماضي بسبب معارضة شديدة له.
وينظر إلى محاولات الحكومة إقرار التشريع الجديد كامتحان أساسي لمدى التزام الرئيس الباكستاني برويز مشرف بإسلام "متنور ومعتدل".
وقبيل اقرار المشروع، قال وزير الإعلام علي دوراني إن الحكومة مصرة على إقرار القانون "مهما كانت شدة المعارضة."
لكن مراسل بي بي سي في كراتشي سيد شعيب حسن قال إنه يبدو أن الحكومة خففت من حدة التغييرات في التشريع الجديد تحت ضغط الأحزاب الدينية ذات النفوذ الكبير.
وتشير الاحصاءات إلى أنه في كل ساعتين تغتصب امرأة في البلاد، وفي كل ثماني ساعات تقع جريمة اغتصاب جماعي، حسبما تقول لجنة حقوق الانسان المستقلة هناك.
ويقول مراسلون إن هذه الأرقام هي على الأرجح أقل من الواقع لأن العديد من حالات الاغتصاب لا يتم الإبلاغ عنها.
ويقول ناشطون إنه بسبب صياغة القوانين الحالية فإنه من شبه المستحيل إدانة أحد بالاغتصاب.
وقد قالت مجددا إنها ستنزل إلى الشارع في حال لم تعجبهم الصياغة الجديدة للاقتراح الأساسي.
وقال وزير العدل واصي ظفار في مقابلة تلفزيونية إن "بعض اقتراحات التحالف الإسلامي قد دمجت في القانون."
وكان يتم التعامل مع الاغتصاب والزنا في باكستان وفقا لقانون الحدود المستندة إلى التشريعات الإسلامية، منذ عام 1979 تحت حكم الجنرال ضياء الحق.
وتتضمن تلك القوانين الجلد والرجم كعقوبات للزنا.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: هل تحتاج جريمة الاغتصاب إلى أربعة شهود حتى تثبت؟؟؟

ما رأيكم بموقف الإسلاميين في باكستان من هذا القانون؟
ألا ينبغي التفريق بين جريمة الزنا (باتفاق الطرفين) وجريمة الاغتصاب (بإرادة طرف دون طرف)؟
هل للفقهاء أقوال في هذا أم الكل يعد زنا يحتاج في إثباته إلى أربعة شهود وإلا طبق حد القذف على المشتكي؟
ألا تحتاج هذه التسوية بين غير المتماثلين إلى مراجعة؟
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: هل تحتاج جريمة الاغتصاب إلى أربعة شهود حتى تثبت؟؟؟

مركز الفتوى في إسلام ويب:
السؤال

سؤالي هو عن إثبات الاغتصاب في الإسلام ...فكما قرأت في أحد الفتاوى أن الاغتصاب عقوبته للمغتصب الرجم إن كان محصنا و إن لم يكن محصنا فعقوبته الجلد..ولكن هل يثبت الاغتصاب بأربعة شهود كالزنا ؟؟؟؟ خاصة أن الاغتصاب لا يكون له شهود عادة و بهذا قد لا تستطيع الفتاة إثبات أنها اغتصبت فعلا !
هل من الممكن إثبات الاغتصاب بالوسائل الطبية الحديثة وهل يقبل الإسلام هذه الوسائل ؟
جزاكم الله خيرا.


الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اتفق أهل العلم على أن الزنا لا يثبت بأقل من أربعة من الشهود، بخلاف سائر الأمور الأخرى، لقوله ‏تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {النور:4}‏.
ومن صفة الشهود أن يكونوا عدولا، ومن شرط الشهادة أن تكون بمعاينة فرجه في ‏فرجها، وأن تكون بالتصريح لا بالكناية.
ولا فرق بين الاغتصاب والزنا إلا في كون الإثم والحد ساقطين عن المرأة في الاغتصاب دون الزنا، وأن لها حقوقا على المغتصب.
وأما إثبات الاغتصاب بالوسائل الطبية الحديثة فلا يصح، لأن الله تعالى جعل للزنا أربعة من الشهود مع تحديد كيفية معينة لأداء الشهادة فيه، وكل ذلك من أجل الستر وصيانة الأنفس والأعراض، فلا يجوز العدول عن ذلك والاكتفاء بوسائل قد لا يثبت بها ما هو أخف من الزنا.
ثم إنه غير صحيح أن الاغتصاب لا يكون له شهود عادة، بل الشهادة عليه أقرب من الشهادة على الزنا. لأن المرأة المغتصبة يفترض أن تصيح وتستنجد، بخلاف الزنا، فإنها مثل الرجل في التستر عن الناس. ولو افترضنا أن امرأة استنجدت ووجد من يحاول اغتصابها، فإن للسلطات أن تحقق معه، فإن أقر بأنه قام بالاغتصاب فإقراره كاف عن إحضار الشهود فالإقرار سيد الأدلة.
والله أعلم.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: هل تحتاج جريمة الاغتصاب إلى أربعة شهود حتى تثبت؟؟؟

مالذي عليه العمل في السعودية؟
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: هل تحتاج جريمة الاغتصاب إلى أربعة شهود حتى تثبت؟؟؟

ما رأيكم بموقف الإسلاميين في باكستان من هذا القانون؟
إن كان اعتراضهم على البند الأول المذكور أعلاه في عدم اعتبار اي ممارسة للجنس خارج إطار الزواج غير قانونية فهم محقون بالطبع
أما إن كان اعتراضهم على استعمال فحوص الحمض الريبي النووي dna وغيرها من الوسائل العلمية فهذا من الجمود الذي أصيب بها الكثير من الفقهاء المعاصرين والذين يرفضون التغيير ولو كانت فيه مصلحة كبيرة.
نتمنى لو نعرف نص القانون الجديد مفصلا، واعتراضاتهم عليه لنعرف أسباب معارضتهم .
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: هل تحتاج جريمة الاغتصاب إلى أربعة شهود حتى تثبت؟؟؟

وأما إثبات الاغتصاب بالوسائل الطبية الحديثة فلا يصح، لأن الله تعالى جعل للزنا أربعة من الشهود مع تحديد كيفية معينة لأداء الشهادة فيه، وكل ذلك من أجل الستر وصيانة الأنفس والأعراض، فلا يجوز العدول عن ذلك والاكتفاء بوسائل قد لا يثبت بها ما هو أخف من الزنا.
يا سبحان الله!!! الستر على الذئب!!!!
ومن للضحية؟؟؟
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: هل تحتاج جريمة الاغتصاب إلى أربعة شهود حتى تثبت؟؟؟

مالذي عليه العمل في السعودية؟
الموضوع يحتاج إلى مزيد بحث
ولكن وجدت هذه المعلومات المختصرة لما يقوم به القضاة في السعودية أنقلها على عجل:

-------------
يثبت الاغتصاب :
1- باعتراف المغتصب.
2- بالشهادة الشرعية، فإن كان بزنا فيشترط أربعة شهود عدول، وإن كان لواطا فبشهادة عدلين.

وإذا وجدت آثار للمني فإن القاضي في السعودية يرسلها إلى الأدلة الجنائية لفحصها، مع عينة من شعر أو عرق المتهم.
وهي قرينة قوية، يأخذ بها بعض القضاة لإثبات وقوع الزنا أو اللواط.

ثم إن إثبات كون الجريمة تحت الإكراه يحتاج إلى إثبات آخر، ويُعمل القاضي القرائن في ذلك، بوجود مقاومة من المجني عليه/عليها.
ومع ذلك، فإذا لم تثبت الجريمة الموجبة للحد، فإن القاضي يعزر المتهم لخروجه في خلوة مع امرأة أو حدث، أو لتعريضه نفسه للشبهات ونحو ذلك.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: هل تحتاج جريمة الاغتصاب إلى أربعة شهود حتى تثبت؟؟؟

في قرار " مجلس المجمع الفقهي الإسلامي " - التابع لرابطة العالم الإسلامي - بشأن البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها ، فيه قولهم :
أولاً : لا مانع شرعاً من الاعتماد على البصمة الوراثية في التحقيق الجنائي ، واعتبارها وسيلة إثبات في الجرائم التي ليس فيها حد شرعي ولا قصاص ؛ لخبر ( ادْرَؤوا الحُدُودَ بالشُّبُهاتِ ) وذلك يحقق العدالة والأمن للمجتمع ، ويؤدي إلى نيل المجرم عقابه وتبرئة المتهم ، وهذا مقصد مهم من مقاصد الشريعة .
انتهى
نقلا عن أهل الحديث:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=117344
والرابط المذكور فيه نقاش جيد للمسألة لكنه لا يشفي الغليل
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: هل تحتاج جريمة الاغتصاب إلى أربعة شهود حتى تثبت؟؟؟

هذا هو ما تضمنه قرار هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية رقم 85 في 11/11/1401هـ ومما جاء فيه : ( إن جرائم الخطف والسطو لانتهاك حرمات المسلمين على سبيل المكابرة والمجاهرة من ضروب المحاربة والسعي في الأرض فساداً المستحقة للعقاب الذي ذكره الله سبحانه في آية المائدة سواء وقع ذلك على النفس أو المال أو العرض ولا فرق في ذلك بين وقوعه في المدن والقرى أو الصحارى والقفار كما هو الراجح من آراء العلماء رحمهم الله تعالى قال ابن العربي يحكي عن وقت قضائه : دفع إليّ قومٌ خرجوا محاربين إلى رفقة فأخذوا منهم امرأة مغالبة على نفسها من زوجها ومن جملة المسلمين معه فيها فاحتملنها ثم جَدّ فيهم الطلب فأُخذوا وجيء بهم فسألت من كان ابتلاني الله به من المفتين فقالوا : ليسوا محاربين ؛ لأن الحرابة إنما تكون في الأموال لا في الفروج فقلت لهم : إنا لله وإنا إليه راجعون !. ألم تعلموا أن الحرابة في الفروج أفحش منها في الأموال , وأن الناس كلهم ليرضون أن تذهب أموالهم وتحرب من بين أيديهم , ولا يحرب المرء من زوجته وبنته ولو كان فوق ما قال الله عقوبة لكانت لمن يسلب الفروج )
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: هل تحتاج جريمة الاغتصاب إلى أربعة شهود حتى تثبت؟؟؟

الاغتصاب أحكام وآثار


د.هاني بن عبد الله بن جبير
http://www.saaid.net/Doat/hani/6.htm

لكن البحث أيضا لا يشفي الغليل في موضوع إثبات الجريمة، وكيفية التمييز بين دعوى الاغتصاب ودعوى القذف


 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: هل تحتاج جريمة الاغتصاب إلى أربعة شهود حتى تثبت؟؟؟

جرائم الاختطاف والاغتصاب من المنظور الفقهي والقضائي
كتبه : حسن بن ناصر الأسلمي .
ظاهرة الاختطاف والاغتصاب من الظواهر الإجرامية الخطيرة ، ولها ضرر جسيم على سلامة وأمن المجتمع ، لأنه يجتمع فيها عدة حالات من حالات العنف ، فهي تشتمل على استخدام القوة ، والتهديد ، أو التخويف ، والاعتداء على الأعراض ، والسيطرة على الحريات ، فهي بهذه المثابة من الجرائم المركبة التي تعتمد على مجموعة من الأفعال ينتهض كل فعل منها لأن يكون جريمة بذاته .
وغالب حالات الاختطاف التي يتعرض لها الأحداث سواء من الذكور أو الإناث يكون الغرض منها اغتصاب الضحية المختطفة ، وارتكاب فاحشة الزنا أو اللواط بها .
وفي تقديري أن ظاهرتي الاختطاف والاغتصاب من أكثر الظواهر الإجرامية انتشارا في العالم ؛ فإن الناظر في الحوادث الإجرامية والملفات القضائية في كثير من الدول يجد أن ظاهرة الاختطاف والاغتصاب تتصدر قوائم الممارسات الإجرامية ضد الإناث أو الأطفال عموما .
وتقوم جرائم الاختطاف على أيدي أفراد أو جماعات من عصابات الإجرام المنظم ، وغالب الحالات التي تقوم على أيدي أفراد تكون لأغراض مؤقتة كالابتزاز لجهة ما ، أو المساومة المالية على الفرد المختطفة ، أو لأجل الاعتداء على العرض وانتهاك الحرمة .
أما في حالات الخطف التي تقوم به عصابات الإجرام المنظمة فغالبا ما تكون لأجل أغراض غير مؤقتة وربما يؤدي هذا الاختطاف إلى اختفاء المختطف لفترة طويلة أو للأبد ، وغالب الأغراض التي تهدف إليها عصابات الإجرام المنظم هو استغلال الضحايا المختطفين في الممارسات الجنسية أو تشغيل في دور البغاء والدعارة ، وقد يكون من أهداف الاختطاف على أيدي هذه الجماعات الاتجار بالضحايا المختطفين إما ببيعهم كما يفعل سماسرة الرقيق الأبيض ، أو ببيع أعضائهم .
والمقصود أن ظاهرة الاختطاف والاغتصاب من الظواهر المنتشرة بصورة كبيرة ولها أغراض وأهداف متنوعة ، وهي من الجرائم الجسيمة التي يتعين على المجتمعات وخصوصا ولاة الأمور و المسؤولين عن الأمن والقضاء محاربتها والتصدي لها ، والضرب بيد قاسية على كل من يهدف إلى ترويع الآمنين وتخويفهم وتهديد أمنهم .
تعريف الاختطاف :


الاختطاف في اللغة : اسم مشتق من المصدر (خطف) ، والخطف الاستلاب ، وقيل الأخذ بسرعة ،([1]) قال الطبري : الخطف : السلب ومنه الخبر الذي روي عن النبي
salla-y.jpg
: أنه نهى عن الخطفة (
[2])
إذا فالاختطاف هو أخذ الشيء واستلابه بسرعة ، ويسمى استراق السمع من الشياطين اختطافا لأنهم يأخذونه، فعلى هذا يصح أن تسمى سرقة الشيء بسرعة خطفا أو اختطافا في اللغة، قال في ابن منظور :
واخْتَطَفَه اسْتَرَقَه ([3])
ومن هنا نجد أن العلاقة بين السرقة والاختطاف من الناحية اللغوية هي الأخذ بسرعة .
أما تعريف الاختطاف في اصطلاح الفقهاء أو في اصطلاح الجريمة فليس للفقهاء تعريف يخص الاختطاف كجريمة بالمفهوم الحديث لها ، لكنهم يذكرون مصطلح الخطف ضمن مباحث السرقة ، والمختطف هو المختلس ، لأن الاختلاس والاختطاف عندهم بمعنى واحد ، وكلاهما يعني : أخذ الشيء علانية على وجه السرعة ، والفرق بين الاختلاس و الانتهاب : أن المنتهب يأخذ الشيء علانية وعلى وجه المغالبة والقهر .([4])
ولم أجد في كتب الفقهاء المتقدمين تعريفا لجريمة الاختطاف يتتطابق مع صورتها المعروفة في فقه الجريمة المعاصرة ، ويرجع السبب في ذلك إلى حداثة هذه الجريمة ، حيث لم تكن معروفة عند الفقهاء السابقين بهذا الاسم ، " وإن كان بعض الفقهاء قد توسع في مفهوم جريمة الحرابة حتى تشمل كل أنواع الجرائم التي تقع في الطريق سواء وقعت بقصد سلب المال ، أو الاعتداء على الأشخاص بالقتل أو انتهاك العرض أو حتى مجرد الجرائم الإخافة والإرعاب.([5])
وهذا يصدق على بعض صور جريمة الاختطاف وخاصة عند من يرى أن جريمة الحرابة يمكن أن تقع داخل المصر أو خارجه ليلا أو نهارا . ([6])
وقد ورد تعريف جريمة الاختطاف في بعض القوانين الوضعية ، في حين أن أغلبها لم يضع تعريفا محددا لها واقتصر على ذكر العقوبة المقررة للجريمة .
ومن تعريفات الاختطاف التي ذكرت في بعض القوانين ما يلي :
1. نصت المادة (303) من قانون العقوبات السوداني على أنه : كل من يرغم شخص بالقوة أو يغريه بأي طريقة من طرق الخداع على أن يغادر مكانا ما ، يقال عنه : أنه خطف ذلك الشخص .([7])
2. وجاء في المادة (187) من قانون العقوبات القطري : يقال عن الشخص أنه خطف آخر إذا أخذه من المكان الذي كان فيه رغم إرادته أو بغير رضاء وليه الشرعي أو أرغمه بالقوة أو التهديد أو أغراه بأي وسيلة من وسائل الخداع على أن يغادر مكانا ما .([8])
3. وجاء محكمة النقض المصرية تعريف الاختطاف بأنه : انتزاع الطفل المخطوف من بيئته وقطع صلته بأهله .([9])
ويرى الدكتور عبد الوهاب المعمري أن التعريف الأشمل لجريمة الاختطاف هو : الأخذ السريع باستخدام قوة مادية أو معنوية أو عن طريق الحيلة والاستدراج لما يمكن أن يكون محلا لهذه الجريمة ، وإبعاده عن مكانه أو تحويل خط سيره بتمام السيطرة عليه .([10])
ونلاحظ على هذه التعريفات خلوها من الإشارة إلى غرض الخاطف ، ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أن غرض الخاطف غير معتير في وصف جريمة الاختطاف ، وأن مجرد السيطرة على حرية الفرد وقسره على الانتقال من مكانه المعتاد إلى مكان آخر لأي غرض كان يعتبر داخلا في مفهوم جريمة الاختطاف .
تعريف الاغتصاب .
الاغتصاب في اللغة : اسم مشتق من المصدر(غصب) الغَصْبُ أَخْذُ الشيءِ ظُلْماً . غَصَبَ الشيءَ يَغْصِبُه غَصْباً، واغْتَصَبَه فهو غاصِبٌ ، وغَصَبه على الشيءِ قَهَره، وغَصَبَه منه ، والاغْتِصَابُ: مِثْلُه . قال في لسان العرب : وتكرّر في الحديثِ ذِكْرُ الغَصْبِ : وهو أَخْذُ مالِ الغَيْرِ ظُلْماً وعُدْواناً،وفي الحديث : ( أَنه غَصَبَها نَفْسَها ) أَراد أَنه واقَعَها كُرْهاً فاستعاره للجِماعِ .([11])
فالغصب هو : أخذ الشيء قهرا على وجه الإكراه .
أما الاغتصاب في اصطلاح الفقهاء : فهو الإكراه على الفاحشة الزنا ، أو اللواط .
حكم الاختطاف :
أولاً : الاختطاف بالإكراه والقوة مع ارتكاب الفاحشة :

جريمة الفاحشة التي يقترن بها الاختطاف بالإكراه والقوة من الجرائم المركبة بمعنى أنها تشتمل على مجموعة من الأعمال الذي يشكل كل واحد منها عملا إجراميا بذاته .
ففيها التعرض للآمنين وإخافتهم ، والمغالبة على الأنفس والفروج ، واستخدام القوة في ذلك سواء قوة السلاح أو قوة البدن ، يضاف إلى ذلك كله الوقوع في الفاحشة الموجبة للحد .
ولما كانت جريمة الاختطاف مع انتهاك العرض والوقوع في الفاحشة بهذه المثابة ذهب كثير من الفقهاء إلى أنها ضرب من ضروب الإفساد في الأرض والمحاربة لله ولرسوله
salla-y.jpg
.

وهذا قول طائفة من الفقهاء الذين ذهبوا إلى توسيع مفهوم الحرابة ليشمل كل الجرائم التي فيها قطع للسبيل وتخويف للآمنين ، ومغالبتهم على أنفسهم ، وأموالهم ، وأعراضهم ، سواء كان ذلك داخل العمران ، أو كان في الصحراء ، وسواء استخدم المحارب في ذلك السلاح ، أو قوة البدن ، فذهبوا إلى أن هذا كله موجب لحد الحرابة لكونه من الإفساد في الأرض .
وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ أن اعتبار الحرابة في البنيان قول طائفة كبيرة من الفقهاء حيث قال : وهذا قول مالك - في المشهور عنه - والشافعي ، وأكثر أصحاب أحمد ، وبعض أصحاب أبي حنيفة ، بل هم في البنيان أحق بالعقوبة منهم في الصحراء ؛ لأن البنيان محل الأمن والطمأنينة ، ولأنه محل تناصر الناس وتعاونهم ، فإقدامهم عليه يقتضي شدة المحاربة والمغالبة ؛ ولأنهم يسلبون الرجل في داره جميع ماله ، والمسافر لا يكون معه-غالباً- إلا بعض ماله . وهذا هو الصواب ([12])
وإذا كان الكثير من الفقهاء يرون أن قطع الطريق للمغالبة على الأموال من صور الحرابة ، فلاشك ولا ريب أن قطع الطريق لانتهاك العرض والمغالبة على الفروج ، واستباحة الأعراض أفحش ، وأشد ضررا ، وأعظم خطرا .
قال القرطبي ـ رحمه الله ـ في المحارب " اللهم إلا أن يريد إخافة الطريق بإظهار السلاح قصدا للغلبة على الفروج، فهذا أفحش المحاربة، وأقبح من أخذ الأموال وقد دخل في معنى قوله تعالى:" وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً".([13])
وقال القاضي ابن العربي ـ رحمه الله ـ وهو يحكي حكاية وقعت له أيام ولايته القضاء : "ولقد كنت أيام تولية القضاء قد رفع إلي قوم خرجوا محاربين إلى رفقة ، فأخذوا منهم امرأة مغالبة على نفسها من زوجها ومن جملة المسلمين معه فيها فاحتملوها ، ثم جد فيهم الطلب فأخذوا وجيء بهم ، فسألت من كان ابتلاني الله به من المفتين ، فقالوا : ليسوا محاربين ؛ لأن الحرابة إنما تكون في الأموال لا في الفروج .
فقلت لهم : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ألم تعلموا أن الحرابة في الفروج أفحش منها في الأموال ، وأن الناس كلهم ليرضون أن تذهب أموالهم وتحرب من بين أيديهم ولا يحرب المرء من زوجته وبنته ، ولو كان فوق ما قال الله عقوبة لكانت لمن يسلب الفروج ، وحسبكم من بلاء صحبة الجهال ، وخصوصا في الفتيا والقضاء. " أهـ([14])
وفي حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ( قوله : أو أخذ مال مسلم أو غيره ) والبضع أحرى من المال كما للقرطبي ، وابن العربي ، فمن خرج لإخافة السبيل قصدا للغلبة على الفروج فهو محارب أقبح ممن خرج لإخافة السبيل لأخذ المال .([15])
وبهذا القول صدر قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية رقم 85 وتاريخ 11 \ 11 \ 1401هـ
ونصه : " لقد اطلع المجلس على ما ذكره أهل العلم من أن الأحكام الشرعية تدور من حيث الجملة على وجوب حماية الضروريات الخمس , والعناية بأسباب بقائها مصونة سالمة , وهي الدين , والنفس , والعرض , والعقل , والمال , وقدر تلك الأخطار العظيمة التي تنشأ عن جرائم الاعتداء على حرمات المسلمين في نفوسهم أو أعراضهم أو أموالهم , وما تسببه من التهديد للأمن العام في البلاد والله - سبحانه وتعالى - قد حفظ للناس أديانهم , وأبدانهم , وأرواحهم , وأعراضهم وعقولهم ؛ بما شرعه من الحدود والعقوبات التي تحقق الأمن العام والخاص , وأن تنفيذ مقتضى آية الحرابة , وما حكم به
salla-y.jpg
في المحاربين , كفيل بإشاعة الأمن والاطمئنان , وردع من تسول له نفسه الإجرام والاعتداء على المسلمين ؛ إذ قال الله تعالى : ( إنما جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) المائدة: ٣٣

وفي الصحيحين واللفظ للبخاري عن أنس رضي الله عنه قال : « قدم رهط من عكل على النبي
salla-y.jpg
, كانوا في الصفة فاجتووا المدينة فقالوا : يا رسول الله أبغنا رسلا . فقال : ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بإبل رسول الله
salla-y.jpg
. فأتوها فشربوا من ألبانها وأبوالها حتى صحوا وسمنوا ؛ وقتلوا الراعي , واستاقوا الذود , فأتى النبي
salla-y.jpg
الصريخ , فبعث الطلب في آثارهم , فما ترجل النهار حتى أتي بهم , فأمر بمساير فأحميت فكحلهم وقطع أيديهم وأرجلهم , وما حسمهم , ثم ألقوا في الحرة يستسقون فما سقوا حتى ماتوا » . قال أبو قلابة : سرقوا وقتلوا وحاربوا الله ورسوله . ا هـ .

وبناء على ما تقدم فإن المجلس يقرر الأمور التالية :
أ- إن جرائم الخطف والسطو لانتهاك حرمات المسلمين على سبيل المكابرة والمجاهرة من ضروب المحاربة والسعي في الأرض فسادا , المستحقة للعقاب الذي ذكره الله سبحانه في آية المائدة , سواء وقع ذلك على النفس أو المال أو العرض , أو أحدث إخافة السبيل وقطع الطريق , ولا فرق في ذلك بين وقوعه في المدن والقرى أو في الصحاري والقفار , كما هو الراجح من آراء العلماء - رحمهم الله تعالى . ... ألخ
والذي أراه ـ والعلم عند الله ـ أن جرائم الاختطاف التي يقترن بها اغتصاب وارتكاب للفاحشة بالشخص المختطف سواء كانت فاحشة الزنا أو اللواط أن المتعين في مثل هذه الجرائم هو قتل الجاني حدا ، لأن هذه الجرائم شديدة الخطر ، وهي ـ كما سبق ـ أفحش المحاربة ، وأخطر من أخذ المال وخراب البيوت ؛ وذلك لأن الطفلة بذلك تُسلب أغلى ما لديها وهو عفتها ، وشرفها ، وقد تُـفضل الموت على ذلك ، وكذلك بالنسبة للطفل الذي يجبره الخاطف على ( اللواط ) فإنه من أشنع الجرائم أيضاً ، وقد يصاب المجني عليه بأمراض خطيرة جراء هذه الجريمة ، كما قد يفضل الموت على ذلك ، وتقدم أن عقوبة مرتكب اللواط في الطفل هي القتل بكل حال ، فتكون عقوبة القتل مع الاقتران بالاختطاف أولى .
وهي أنسب عقوبة لمن كان هذا حاله لأن ضرره على المجتمع ظاهر وخطير ، فوجب قتله واستئصاله ؛ قطعاً لدابر الفساد والمفسدين ، وتثبيتاً لدعائم الأمن في المجتمع ، وحتى تكون هذه العقوبة رادعة للمجرمين ، الذين يستسهلون الوقوع في مثل هذه الجرائم في سبيل تحقيق شهواتهم ونزواتهم الخبيثة ، كما ينبغي إشهار هذه الأحكام وإعلانها للملأ ليعلم حكم الله وليظهر شرع الله الذي به يأمن الناس على أرواحهم وأعراضهم ومحارمهم ، وأموالهم ، والله المستعان .

ثانياً : الاختطاف بالإغراء والخديعة مع ارتكاب الفاحشة :


تقدم في المسألة السابقة أن الاختطاف الذي يكون بالقوة والإكراه ويكون فيه ارتكاب للفاحشة يعتبر نوع من المحاربة الموجبة للحد ، وأن الحد في تلك الحالة هو القتل لا غير .
وتبين أن علة هذا الحكم هو تحقق صفة الحرابة في هذه الجريمة وهي المكابرة والمغالبة على العرض التي هي أشد من المغالبة على المال ، وأضيف إلى هذه العلة علة أخرى موجبة للحد وهي الفاحشة ، فكان الحكم المناسب لهذه الجريمة هو القتل حدا .
أما في حالة الاختطاف الناتج عن إغراء وخديعة فإنها ربما تنتفي علة المكابرة والمغالبة التي بها تتحقق صفة الأساسية في الحرابة ، لكن بعض الفقهاء عد إغراء الصبي وخديعته لأخذ ما معه نوعا من الحرابة .
جاء في الشرح الكبير للدردير : ( ومخادع الصبي ) أي المميز إذ هو الذي يخدع ( أو غيره ) أي غير الصبي وهو الكبير أي خدعه حتى أدخله مكانا ( ليأخذ ما معه ) ولو لم يقتله وقتله من قتل الغيلة .([16])
وبناءا على هذا فلا فرق بين الاختطاف على سبيل المكابرة والمغالبة والإكراه ، وبين الاختطاف بالخديعة والإغراء عند تحقق جريمة ارتكاب الفاحشة ، فإن الحكم في كلا الطريقتين هو الحد ، إما حد الفاحشة ، وإما حد الحرابة .
والذي يظهر ـ والله أعلم ـ اعتبار جريمة الاختطاف فعلا زائدا على مجرد ارتكاب الفاحشة ومن هنا وجب أن لا يكون هنا فرق بين الطريقتين ... فيعاقب المختطف على سبيل المخادعة والإغراء بعقوبة القتل حدا .. وبالله التوفيق .
ثالثاً : الاختطاف دون فعل الفاحشة :
قد يحدث الاختطاف للطفل لأسباب أخرى غير قصد انتهاك العرض ، مثل اختطاف الأطفال حديثي الولادة ـ كما تقدم في الفصل السابق ـ ، وقد يكون الغرض من الاختطاف الابتزاز المالي أو المساومة لأهل الطفل ، ونحو ذلك .
وقد تأصل لدينا أن جريمة الاختطاف ضرب من الحرابة ونوع من أنواعها ، لكن الفقهاء رحمهم الله يفرقون في الحكم بين المحارب الذي يقتل ويأخذ المال ، وبين المحارب الذي لا يفعل شيئا من ذلك .
وقد ذكر الفقهاء أن عقوبة المحارب الذي يأخذ المال هي القطع من خلاف .([17])
وذهب الإمام مالك إلى أن المحارب الذي يأخذ المال يخير الإمام في العقوبات الواردة في حد الحرابة بين قتله أو صلبه ، أو قطع يده ورجله من خلاف . ([18])
وهذه العقوبة في حق المحارب الذي يأخذ المال ، فهل الخاطف الذي يأخذ الطفل لأجل المساومة المالية يكون داخل في حكم المحارب الذي يأخذ المال ، أو لا ؟
في الحقيقة أن الأصل أن تكون العقوبة على أخذ الأشخاص أشد من العقوبة على أخذ المال ، وتقدم معنا في مبحث سرقة الحر الصغير غير المميز أن ذلك لا يعد سرقة لأن الطفل ليس بمال ، وصفة المالية غير متوفرة في الإنسان .
ويرى الدكتور عبدالوهاب المعمري أن الخاطف إذا قام بأخذ إنسان حي واختطفه فإنه يعاقب بقطع اليد والرجل من خلاف حداً ، سواء قام بخطف مولود أو طفل أو أنثى أو شخص بالغ ، إلا إذا وقع الخطف على أنثى أو حدث فإن العقوبة تشدد على الخاطف ويعاقب بقطع اليد والرجل من خلاف مع التعزير بما يراه الحاكم مناسبا .([19])
والذي أراه في هذه الحالة أن الإمام يكون مخيرا في اختيار العقوبة المناسبة لحال الجريمة وحال من وقع عليه الاختطاف ، فيرجع اختيار العقوبة إلى تقدير الإمام ، بعد أن يتحقق من وجود صفة الحرابة ، والله أعلم .

ملخص البحث :
1. جريمة الاختطاف بمفرها تعتبر من جرائم الحرابة والإفساد في الأرض التي تدخل في قوله تعالى : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ )
2. جريمة الاختطاف بالإكراه والقوة مع ارتكاب الفاحشة عقوبتها القتل حداً.
3. جريمة الاختطاف بالتحاليل والإغراء والخديعة مع ارتكاب الفاحشة عقوبتها كذلك القتل حدا .
4. جريمة الاختطاف دون الوقوع في الفاحشة تعتبر حرابة ولكن الإمام مخير في إيقاع أي من عقوبات الحرابة المنصوص عليها في الآية السابقة .
والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبة وسلم تسليما كثيرا .






([1]) لسان العرب - (2 / 1200) دار المعارف .

([2]) أخرجه البيهقي السنن الكبرى (9 / 334) كتاب الضحايا باب ما جاء في المصبورة رقم 19968

([3]) لسان العرب (2 / 1200)

([4]) حاشية ابن عابدين (4 / 94) دار الفكر .

([5]) جرائم الاختطاف لعبد الوهاب المعمري ص 40

([6]) المرجع السابق ص 41 .

([7]) جريمة الاختطاف : د علي جبار الحسيناوي ص: 19

([8]) المرجع السابق ص 19 .

([9]) المرجع السابق ص 20

([10]) جرائم الاختطاف لعبد الوهاب المعمري ص 29 .

([11]) لسان العرب ( 5/ 3262)

([12]) السياسة الشرعية - (1 / 68)

([13]) الجامع لأحكام القران (7 / 447) مؤسسة الرسالة .

([14]) أحكام القرآن لابن العربي - (3 / 159)

([15]) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (4/348) دار إحياء الكتب العربية .

([16]) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير - (4 / 348) ، ومواهب الجليل شرح مختصر خليل (8/428) عالم الكتب .

([17]) الهداية شرح بداية المبتدي للمرغيناني (2/421) ، الاختيار لتعليل المختار - (4 / 121) ، منهاج الطالبين للنووي ص 511 ، المغني لابن قدامة (12/ 475)
[18]) بداية المجتهد (2 / 455)

([19]) جرائم الاختطاف ص 262


 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: هل تحتاج جريمة الاغتصاب إلى أربعة شهود حتى تثبت؟؟؟

السؤال الآن: لو ادعت امرأة أن رجلا اغتصبها ولم تملك من الإثبات إلا بعض القرائن، كالحمض النووي، فهل يقام حد الحرابة على الرجل أو حد القذف على المرأة؟
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: هل تحتاج جريمة الاغتصاب إلى أربعة شهود حتى تثبت؟؟؟

في "مسائل فقهية معاصرة" للدكتور/ عبد الرحمن السند بتقديم مفتي عام المملكة العربية السعودية:
( لا يجوز استخدام البصمة الوراثية في نفي نسب ثابت، كما لا يجوز "الاكتفاء" بالبصمة الوراثية عن اللعان في نفي النسب بمقتضى نتائجها الدالة على انتفاء النسب بين الزوج والمولود على فراشه )

واعتبر الاكتفاء بها عن اللعان مصادمة للنصوص الشرعية؛ لأن ذلك يفضي إلى إبطالها وإلغاء العمل بها.
ثم قال: ( هذا ومع أنه لا يجوز الاكتفاء بالبصمة الوراثية عن اللعان فإنه يحسُن الاستعانة بها على اعتبار أنها قد تحمل الزوج على العدول عن اللعان فيما إذا ثبت من خلال نتائج البصمة الوراثية أن المولود على فراشه هو ابنه قد تخلق من مائه، وهذه مصلحة شرعية يدعو إليها الشرع المطهر ويتشوف إليها ... ولما فيها من درء مفسدة اللعان وضرره، فإن أصر الزوج على طلب اللعان للانتفاء من نسب المولود على فراشه فذلك حق له لا يجوز منعه منه ).

ثم حكم بجواز استخدام البصمة الوراثية في إثبات النسب؛ لتشوف الشارع إلى ذلك، فكما جاز الحكم بثبوت النسب بناء على قول القافة فإن الأخذ بنتائج الفحص الوراثي أقل أحواله أن يكون مساوياً للحكم بقول القائف إن لم تكن البصمة أولى..

قال: وبناء على ذلك فإنه يمكن الأخذ بالبصمة الوراثية في مجال إثبات النسب في ا لحالات التالية:
أولاً: في حالات التنازع على مجهول النسب بمختلف صور التنازع التي ذكرها الفقهاء.
ثانياً: حالات الاشتباه في المواليد في المستشفيات ومراكز العناية بالمواليد والأطفال ونحوها، وكذا الاشتباه في أطفال الأنابيب.
ثالثاً: حالات ضياع الأطفال واختلاطهم بسبب الحوادث والكوارث وتعذر معرفة أهليهم، وكذا عند وجود جثث لم يمكن التعرف على هويتها بسبب الحروب وغيرها ).

أما إذا ثبت النسب بطريق شرعية فلا يجوز نفيه البتة إلا عن طريق اللعان، وكذلك فقد دلت قواعد الشرع على أنه لا يجوز محاولة التأكد من صحة النسب بعد ثبوته شرعاً.

أما عن مسألتنا هنا، وهي مدى مشروعية استخدام البصمة الوراثية في المجال الجنائي للاستدلال على مرتكبي الجرائم ومعرفة الجناة عند الاشتباه فإن ذلك كما يذكر المختصون يعتمد على أخذ بعض ما يوجد في محل الجريمة وحولها من عينات ثم إجراء التحاليل على هذه العينات المأخوذة، ومن ثم مطابقتها على البصمات الوراثية للمتهم بعد إجراء الفحوص المخبرية على بصماتهم الوراثية.

وبناء على المذكور عن حقيقة البصمة الوراثية فإن استخدامها في الوصول إلى الجناة -في غير قضايا الحدود والقصاص- كقرينة أمر ظاهر الصحة والجواز وتدل عليه الأدلة الشرعية، وهو ما ذهب إليه فقهاء المجامع والندوات الشرعية.

( أما أنه لا يثبت بموجبها حد ولا قصاص فلأمرين:
الأول: لأن الحد والقصاص لا يثبت إلا بشهادة أو إقرار دون غيرهما من وسائل الإثبات عند كثير من الفقهاء.
الثاني: لأن الشارع الحكيم يتشوف إلى درء الحد والقصاص؛ فهما يُدْرءان بأدنى شبهة أو احتمال، والشبهة في البصمة الوراثية ظاهرة لا في إثبات هوية صاحب البصمة؛ فإن البصمة الوراثية تُثبِت بيقين هويةَ صاحب الأثر، لكنها ظنية عند تعدد أصحاب البصمات على الشيء الواحد، أو وجود صاحب البصمة قَدَراً في مكان الجريمة قبل أو بعد وقوعها أو غير ذلك من الأوجه المحتملة )

إلى أن قال: ( والقول بعدم الأخذ بالبصمة الوراثية في الحدود والقصاص هو قول جمهور الفقهاء )... ( إلا أنه يمكن القول بمشروعية الأخذ بالبصمة الوراثية في الحدود والقصاص في قضايا الحدود والقصاص بناء على ما ذهب إليه بعض الفقهاء من جواز إثبات بعض الحدود والقصاص بالقرائن والأمارات الدالة على موجبها وإن لم يثبت ذلك بالشهادة والإقرار، ومن ذلك:

أولاً: إثبات حد الزنا على المرأة الحامل إذا لم تكن ذات زوج ولا سيد، وهو مذهب المالكية والحنابلة في رواية .. فهنا إثبات لحد الزنا بغير إقرار أو شهادة.

ثانياً: إثبات حد الزنا على المرأة الملاعنة عند نكولها عن اللعان عند المالكية والشافعية والظاهرية، وقول للحنابلة اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

ثالثاً: إثبات حد الخمر على من وُجِد منه رائحته أو تقيَّأَه، وهو مذهب المالكية والحنابلة في رواية ..

رابعاً: إثبات حد السرقة على مَن وجد عنده المال المسروق.

خامساً: ثبوت القصاص على من وجد وحده قائماً وفي يده سكين عند قتيل يتشحط في دمه.

فلو قيست البصمة الوراثية على هذه المسائل التي أثبت بعض العلماء فيها الحد والقصاص من غير شهود ولا إقرار وإنما أخذاً بالقرينة وحكماً بها لم يكن الأخذ بها بعيداً عن الحق ولا مجانباً للصواب فيما يظهر، قياساً على تلك المسائل لا سيما إذا حفت القضية بقرائن تؤكد قطعية صحة النتائج لدى الحاكم ) هذا الأخير بتصرف يسير.

وسوغ الباحثُ للحاكم أن يحكم بأي القولين ترجح عنده بعد اجتهاده وتحريه بحسب ما يحتف بالقضية من قرائن، وحكمه عندئذ يرفع الخلاف الحاصل.

وعفا الله عن الدكتور أيمن أن شجعني موضوعه لنقل كل هذه الحروف (ابتسامة).
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: هل تحتاج جريمة الاغتصاب إلى أربعة شهود حتى تثبت؟؟؟

وعفا الله عن الدكتور أيمن أن شجعني موضوعه لنقل كل هذه الحروف
وشجعني على القيام ببحث كامل أبحث فيه عن كل الأسئلة والتساؤلات التي طرحت
أسأل الله أن يرزقنا الوقت والهمة لإتمامه
 
إنضم
12 أبريل 2011
المشاركات
121
الكنية
أبو عبد البر
التخصص
الفقه و أصوله
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
مالكي
رد: هل تحتاج جريمة الاغتصاب إلى أربعة شهود حتى تثبت؟؟؟

اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. أيمن علي صالح
وأما إثبات الاغتصاب بالوسائل الطبية الحديثة فلا يصح، لأن الله تعالى جعل للزنا أربعة من الشهود مع تحديد كيفية معينة لأداء الشهادة فيه، وكل ذلك من أجل الستر وصيانة الأنفس والأعراض، فلا يجوز العدول عن ذلك والاكتفاء بوسائل قد لا يثبت بها ما هو أخف من الزنا.
يا سبحان الله!!! الستر على الذئب!!!!
ومن للضحية؟؟
أولا: هذا جواب لأهل العلم، و للعلماء حق على طالب العلم.
ثانيا:الفتوى بالدليل ليست سترا على "الذئب"، فلازم القول ليس بلازم.
ثالثا: من النساء من لو خيرت إحداهن بين السكوت و التصرح لاختارت السكوت، خشية الفضيحة العامة؛ خاصة في بعض المجتمعات الإسلامية المحافظة جدا في هذا الباب.
رابعا: الضحية في أحيان عديدة طرف في دوافع الاغتصاب، بسبب لباسها و مشيتها و كلامها...
خامسا: يفهم من اعتراضك على الفتوى، أن وسائل الطب الحديثة كافية لإقامة الحد على الجاني!
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
رد: هل تحتاج جريمة الاغتصاب إلى أربعة شهود حتى تثبت؟؟؟

هذا سؤال بسيط :
ما رأيكم لو رأى شاهدان رجلا يعتدي على إمرأة ففقع عينها ثم اغتصبها.
فهل القاضي يترك شهادة الشاهدين و يلغي القصاص من الجرح و الحكم في الاغتصاب ؟
أو يأخد بشهادة الشاهدين و يحكم بالقصاص و بالحد في الاغتصاب ؟
أو يأخد بشهادة الشاهدين في القصاص لفقع العين و لا يأخد بها في الاغتصاب ؟
وبارك الله فيكم
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: هل تحتاج جريمة الاغتصاب إلى أربعة شهود حتى تثبت؟؟؟

أولا: هذا جواب لأهل العلم، و للعلماء حق على طالب العلم.
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل، ربما أسأت التعبير، وللعلماء حق لا ننكره
ولكن اعتبر أن من أمامك شخص من العامة ليس بعالم ولا طالب علم ، عندما تقول له ليس للمرأة المغتصبة أن تطالب بحقها في المطالبة بعقاب المغتصِب ولو أثبتت ذلك إلا بأربعة شهود يعاينون الأمر
فسوف يرد عليك بالرد نفسه، ولن يقتنع لو قلت له هذا كلام عالم

ثانيا:الفتوى بالدليل ليست سترا على "الذئب"، فلازم القول ليس بلازم.
هذا صحيح ،،
ثالثا: من النساء من لو خيرت إحداهن بين السكوت و التصرح لاختارت السكوت، خشية الفضيحة العامة؛ خاصة في بعض المجتمعات الإسلامية المحافظة جدا في هذا الباب.
ومنهن من لو أمكنها أن تقتل من فعل بها العلة بيديها لما قصّرت ، فكون البعض يرفضن الفضيحة لا يجعلنا نحرم الباقيات من حقهن في القصاص،،
وما الذي يضمن لك أن لا يكرر فعلته ثانية وثالثة ورابعة، لأن من أمن العقوبة.....فما دام عارفا بأن القانون لن يقيم الحد عليه إلا بالشهود الأربعة فلن يخشى المعاودة

رابعا: الضحية في أحيان عديدة طرف في دوافع الاغتصاب، بسبب لباسها و مشيتها و كلامها...
وفي أحيان عديدة بل وأكثر تكون عفيفة شريفة ،،،،،،
خامسا: يفهم من اعتراضك على الفتوى، أن وسائل الطب الحديثة كافية لإقامة الحد على الجاني!
أنا لا أفتي ولكن لو كانت وسائل العلم الحديثة مثبتة للجريمة 100% فلم لا تكون هناك عقوبات منصوص عليها في القانون (وسمها ما شئت تعزيرا ، ردعاً) إن لم ترد أن تكون حداً وتخالف أقول العلماء
ذكرت لك ما جال بخاطري وأنا أقرأ كل هذه الفتاوى والمقالات التي سيقت أعلاه
ونحن هنا نبحث في المسألة لا أكثر
في النهاية سوف يبقى القانون أو رأي لجان الإفتاء في كل بلد هو الحكم
والله أعلم
 

سهيلة حشمت

:: مطـًـلع ::
إنضم
3 ديسمبر 2011
المشاركات
179
التخصص
فقه
المدينة
000000000
المذهب الفقهي
شافعى
رد: هل تحتاج جريمة الاغتصاب إلى أربعة شهود حتى تثبت؟؟؟

قد يكون الاغتصاب ليس سببه سوء الفتاه او لبسها ...ولكن قد يكون اتقاما منها او من اهلها اوحتى يمنعها عن الزواج باخر

وقد كان ايضا الاغتصاب وسيلة للمتهم فى بعض السجون حتى يخطع للاعتراف وهذا عرفناه فى السجون السياسية

وحتى على فرض انها قد اذنبت فى لبسها او غير ذلك فهل هو عقاب لها (مهما بلغت من الذنب فانه لا يقارن بهذا العقاب)

غفر الله لنا وسترنا وجميع المسلمات ...آمين
 
إنضم
12 أبريل 2011
المشاركات
121
الكنية
أبو عبد البر
التخصص
الفقه و أصوله
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
مالكي
رد: هل تحتاج جريمة الاغتصاب إلى أربعة شهود حتى تثبت؟؟؟

وحتى على فرض انها قد اذنبت فى لبسها او غير ذلك فهل هو عقاب لها (مهما بلغت من الذنب فانه لا يقارن بهذا العقاب)
مررت بعجالة وسأجيب :
لا يكون عقوبة في حقها، بل هو جريمة نكراء؛ و كأني ببعض الأخوات الفضليات فهمن من كلامي أني ألتمس عذرا للمغتصب؛
لا والله، فهذا أمر لم أتصوره، فكيف أعتقدة.
حفظكن الله من سوء. آمين.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: هل تحتاج جريمة الاغتصاب إلى أربعة شهود حتى تثبت؟؟؟

المسألة مشكلة حقا على طريقة الفقهاء ولذلك نجدهم في غالبهم لا يفرقون بين الاغتصاب والزنا.
تخريج الاغتصاب على الحرابة أيضا فيه إشكال لأنه يلزم عنه أن نعد مجرد غصب الأموال حرابة وهذا لا يقول به أحد.
سبب الإشكال هو التلازم الحاصل بين واقعة الزنا وواقعة الاغتصاب فالاغتصاب ما هو إلا الإكراه على الزنا، فكأنه زنا محض إلا أنه يفتقد إلى رضا أحد الطرفين.
وهذا التلازم أدى إلى أن من اتهم شخصا ما بالاغتصاب فإنه يستلزم بالضرورة أنه يتهمه بالزنا.
والزنا لا يثبت إلا بأربعة وإن لم يثبت فيجب القذف على المدِّعي.

وحلا للإشكال في المسألة فإن ما أميل إليه، بادي الرأي، هو أن الاغتصاب جريمة أخرى ليست هي الزنا (بالمعنى الشرعي). وعليه ينبغي أن يُعرَّف الزنا شرعا بأنه إيلاج في فرج آدمي محرم بالتراضي. وبذا يخرج منه الزنا بالإكراه والزنا بالأطفال (لأن رضاهم غير معتبر) والزنا بالأموات، والزنا بالحيوانات.
وينبني على ذلك أن لا يُعدَّ اتهام شخص بالاغتصاب قذفا له، بل هو اتهام له بجريمة أخرى غير الزنا (بالمعنى الشرعي) تثبت بوسائل الإثبات العادية ومن ضمنها القرائن، وإذا لم يمكن إثباتها فللمتَّهم المطالبة بالحق المعنوي (لا حد القذف)، كأي اتهام آخر لا يقوم على بينات كافية. وللتشبيه فإن من رمى شخصا بالاغتصاب يكون كما قد رماه بوطء بهيمة فلا يُعدُّ أياً من الاتهامين قذفا يستلزم الحد الشرعي للقذف، وإنما قد يكون فيه التعزير إذا كان فرية.
أما الجواب عن النصوص الواردة في الزنا والقذف فهو بالقول إن الاغتصاب لا يدخل فيها ابتداء، لأن الغاصب زان وزيادة، وهذه الزيادة ذات أثر في التفرقة بينهما اسما ومعنى وحكما.
ومن القرائن التي تؤيد هذا التفريق:
أولا: أن الحكمة في تطلُّب أربعة شهود في الزنا دون غيره هو إرادة الشارع للستر في هذه الجريمة التي توافق عليها الطرفان وهي تتعلق بحق الله تعالى في الأكثر بخلاف الاغتصاب الذي هو اعتداء على حق الآدمي فكان الاغتصاب من هذه الحيثية أشبه بالسرقة منه بالزنا، والمشترك بينهما هو الاعتداء على حق الآدمي إما في العرض وإما في المال. والسرقة وإن استحب فيها الستر أيضا إلا أنها تثبت بشاهدين وبالقرائن عند من يقول بها فكذلك ينبغي أن يكون الاغتصاب.
ثانيا. أن مناسبات النزول في آيات حد القذف وحد اللعان تدل على أن الزنا الذي وقع فيه الاتهام إنما هو زنا التراضي. وهنا نحن لا نخصص بسبب النزول وإنما نستجلي المعنى الشرعي للزنا من خلال ملاحظة القيود في سبب الحكم. وحتى لو سلمنا العموم اللفظي للزنا بحيث يشمل ما كان بالتراضي وما كان بالإكراه فسبب النزول يمكن أن يكون مخصِّصا، كما قاله جمهور العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم "ليس من البر الصيام في السفر"، فخصصوا عموم اللفظ بمن شق عليه الصوم دون غيره أخذا من مناسبة ورود الحديث، ولهم تصرفات كثيرة من هذا القبيل في تأويل العموم بقيد يلحظونه في سبب الورود أو النزول.
ثالثا: أن المرأة المغتصبة لا تسمى ولا تعد زانية شرعا أو عرفا فكذلك ينبغي في المغتصب. وحيث قرن الله تعالى في آية حد الزنا بين الرجل والمرأة مسميا له بالزاني ولها بالزانية (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) دل هذا على أن المقصود بالزنا هنا هو ما يقع بالتوافق والتراضي بين رجل وامرأة.
رابعا: أن الزنا المحرم في الشرع أعم من الزنا الموجب للحد. فالعين تزني وزناها النظر واليد تزني وزناها اللمس كما ورد في الحديث. ومع هذا فقد أجمعوا على أن مثل هذا الزنا لا يستوجب الحد، فكذلك الاغتصاب قد نسلم بأنه زنا لكنه ليس الزنا المستوجب للحد بل زنا آخر يستلزم التعزير بحسبه.
خامسا: القول بأن الاغتصاب و الزنا سواء في ثبوت الحد يستلزم أن لا يُزاد في عقوبة المغتصب على عقوبة الزاني لأن الحدود لا يزاد فيها ولا ينقص منها. ومن يقول بل نطبق حد الزنا على المغتصب ثم نعزره على الغصب فهذا جمع بين حد وتعزير في فعل واحد وجريمة واحدة وهذا تجاوز للحد في مسمى الحد. ولما كان الاغتصاب أشد من الزنا بلا نزاع بين العقلاء كان من يسوي بينهما إثباتا وعقوبة واقعا في هذه المعضلة. ولا يُقال هنا بأن العقل لا يحسن ولا يقبح بل ما يتفق عليه العقلاء ويُدرك بالبديهة لا تكون الشرائع السماوية ضده أبدا.
والله أعلم.
 
أعلى