العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حكم بول الصبي

إنضم
9 سبتمبر 2011
المشاركات
293
التخصص
شريعة اسلامية
المدينة
المنصورة
المذهب الفقهي
شافعي
ماهو حكم بول الصبي الذي لم ياكل الطعام هل يكفي النضح ام غسلة
 
إنضم
9 سبتمبر 2011
المشاركات
293
التخصص
شريعة اسلامية
المدينة
المنصورة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: حكم بول الصبي

يااخ عبدالحكيم جزاك الله خيرا
لكني وضعت الموضوع هنا في ملتقي المذهب الحنفي
لكي اري راي الاحناف فاني سمعت ان المذهب عندهم
الغسل سواء اكل الطعام ام لم ياكل
 
إنضم
30 يونيو 2009
المشاركات
112
التخصص
فقه مالكي
المدينة
اوترخت
المذهب الفقهي
مالكي
رد: حكم بول الصبي

جاء في الاختيار:

قَالَ: (وَ) كَذَلِكَ بَوْلُ (الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ أَكَلَا أَوْ لَا) لِمَا رَوَيْنَا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، وَمَا رُوِيَ مِنْ نَضْحِ بَوْلِ الصَّبِيِّ إِذَا لَمْ يَأْكُلْ، فَالنَّضْحُ يُذْكَرُ بِمَعْنَى الْغَسْلِ. «قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا سُئِلَ عَنِ الْمَذْيِ: " انْضَحْ فَرْجَكَ بِالْمَاءِ» ، أَيِ اغْسِلْهُ، فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ تَوْفِيقًا.



وجاء في كنز الدقائق:

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجِبُ غَسْلُ بَوْلِ الْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ بَلْ يُرَشُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ لَا غَيْرُ، وَلَنَا الْعُمُومَاتُ وَمَا وَرَدَ فِيهِ مِنْ النَّضْحِ وَالصَّبِّ الْمُرَادُ بِهِ الْغَسْلُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَذْيِ «تَوَضَّأْ وَانْضَحْ فَرْجَك» وَلَا يَجْزِيهِ إلَّا الْغُسْلُ
اتِّفَاقًا؛ وَلِأَنَّ النَّضْحَ كَثْرَةُ الصَّبِّ وَمِنْهُ النَّاضِحُ لِلْجَمَلِ الَّذِي يُسْتَخْرَجُ بِهِ الْمَاءُ قَالَهُ الْمُهَلَّبُ وَمَا ذَكَرُوا مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْجَارِيَةِ وَالْغُلَامِ أَنَّ بَوْلَ الْجَارِيَةِ أَثْخَنُ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ ضَعِيفٌ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ ثَخِينِ النَّجَاسَةِ وَرَقِيقِهَا فِي وُجُوبِ إزَالَتِهَا بِالْغُسْلِ وَهَذَا الْمُدَّعَى بِنَفْسِهِ تَحَكُّمٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَلَا يُعْتَمَدُ.
وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الِاعْتِنَاءَ بِالصَّبِيِّ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُ يَحْمِلُهُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فَالْبَلْوَى بِهِ أَكْثَرُ وَأَعَمُّ أَضْعَفُ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنْ لَا يَجِبَ غَسْلُ ثِيَابِ النِّسَاءِ مِنْ بَوْلِهَا لِكَوْنِ الِابْتِلَاءِ بِهِ أَشَدَّ فِي حَقِّهِنَّ لِاخْتِصَاصِهِنَّ بِحَمْلِهَا وَمُشَارَكَةِ الرِّجَالِ فِي حَمْلِ الصَّبِيِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَتَبَيَّنُ لِي فَرْقٌ بَيْنَهُمَا وَلَقَدْ أَنْصَفَ فِيمَا قَالَ.اهـ

وجاء في البناية في شرح الهداية:

الثاني: بول الصبي الذي لم يطعم فكذلك عند جميع أهل العلم قاطبة إلا ما نقل عن داود الظاهري بطهارتها ولا يعتبر خلافه، وعند الشافعي نجاسة خفيفة، وقال الأوزاعي: لا بأس ببول الصبي ما دام يشرب اللبن ولا يأكل الطعام، وهو قول عبد الله بن وهب صاحب الإمام مالك، واحتجوا في ذلك بأحاديث منها: ما رواه البخاري ومسلم واللفظ له عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قالت: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم، فأتي بصبي فبال عليه فدعى بماء فأتبعه بوله ولم يغسله» . قلنا: لم يغسله محمول على نفي المبالغة فيه، وما ورد في الأحاديث من النضح المراد به الصب، وقال في " المعلم في شرح صحيح مسلم ": بال في ثوبه - عائد إلى الصبي - وهو في حجره - عَلَيْهِ السَّلَامُ - على ثوب نفسه فنضح ثوبه خوفاً من أن يكون طار منه على ثوبه، وهو بعيد، لأن الآثار جاءت صريحة بأن المراد به النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
 
إنضم
30 يونيو 2009
المشاركات
112
التخصص
فقه مالكي
المدينة
اوترخت
المذهب الفقهي
مالكي
رد: حكم بول الصبي

وانظر اعلاء السنن المجلد الاول ص 409-410 تجد الاجوبة والادلة

(بَابُ الغَسل (1) مِنْ بَوْلِ الصَّبِيِّ) (2)
40 - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا الزُّهري، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ (3) بْنِ عَبْدِ الله، عن أمِّ قيس (4)
نتِ مِحْصَن (1) : أَنَّهَا جاءتْ بابنٍ لَهَا (2) صغيرٍ لَمْ يَأْكُلِ الطعامَ (3) إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَضَعَهُ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُجْره (4) ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ (5) فدعا بماءٍ فنضح (6) (7)
عليه (1) ولم يَغْسِلْه (2) .

قَالَ مُحَمَّدٌ: قَدْ جَاءَتْ رخصةٌ (1) فِي بَوْلِ الغلام إذا كان لم يأكل الطعام،
وَأَمَرَ بغَسْلِ بَوْلِ الْجَارِيَةِ، وغَسْلُهما (1) جَمِيعًا أحبُّ إلينا وهو قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ (1) .


قوله: وغسلهما جميعاً أحب إلينا، لأنه يحتمل أن يكون المراد بالنضح صبّ الماء عليه، فقد يُسمى ذلك نضحاً، وإنما فُرِّق بينهما لأن بول الغلام يكون في موضع واحد لمخرجه، وبول الجارية يتفرَّق لسعة مخرجه، فأمر في الغلام بالنضح أي صب الماء عليه في موضع واحد، وأراد بغسل بول الجارية أن ينقع في الماء لأنه يقع في مواضع متفرقة، كذا ذكره الطحاوي وأيّده بما أخرجه عن سعيد بن المسيب أنه قال: الرش بالرش، والصب بالصب، ثم أخرج حديث عائشة وفيه: فأتبعه الماء، وقال: وإتباع الماء حكمه حكم الغسل، ألا يرى أن رجلاً لو أصاب ثوبه نجاسة فأتبعه الماء طهر ثوبه، ثم أخرج عن أم الفضل قالت: لما وُلد الحسين أتيت (في الأصل: "أتيتُه به"، والظاهر"أتيتُ") ، به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فوضعته على صدره فبال عليه، فأصاب إزاره، فقلت: يا رسول الله أعطني إزارك أغسله، فقال: إنما يُصَبّ من بول الغلام، ويغسلُ من بول الجارية، ثم قال: فثبت أن النضح أراد به الصب حتى لا يتضاد الحديثان المختلفان (انظر: "عمدة القاري" للعيني (1/893)) .

راجع التعليق الممجد على موطأ محمد
 
إنضم
9 سبتمبر 2011
المشاركات
293
التخصص
شريعة اسلامية
المدينة
المنصورة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: حكم بول الصبي

جزاك الله خيرا يا اخ معاذ
وضحت المذهب الحنفي كما كنت احب ان يوضح
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: حكم بول الصبي

السلام عليكم

مَسْأَلَةُ بَوْلِ الرَّضِيعِ

-حديثنا ابن عيينة عن الزُّهري عن عبيدالله عن أم قيس ابنة مِحْصَنٍ قالت: دخلت بابنٍ لي على النبي صلى الله عليه وسلم لم يأكل الطعام فبال عليه فدعا بماء فرشه. أخرجه البخاري (223)، ومُسلم (693).
-حدثنا أبو الأَحْوَصِ عن سِمَاكٍ عن قَابُوِ بن المُخَارِقِ عن لُبَابَةَ بين الحارث قالت: بال الحسين بن علي على النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: أعطني ثوبك والبس غيره. فقال: (إنما يُنضح من بول الذكر، ويُغسل من بول الأنثى). أخرجه أبو داود (375)، وابن ماجه (522).
- حدثنا وكيعٌ عن هشام عن أبيه عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بصبي فبال عليه فأَتْبَعَهُ الماء ولم يغسله. أخرجه مُسلم (688).
-حدثنا وكيع عن ابن أبي ليلى عن جده أبي ليلى قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم جُلُوسًا فجاء الحسين بن علي يحبو حتى جلس على صدره فبال عليه، قال: فابتدرناه لنأخذه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ابني ابني) ثم دعا بماء فصبَّه عليه. أخرجه أحمد في مُسنده (4/ 348)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 284): رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله ثقات.
وذُكر أن أبا حنيفة قال: يُغسل.

***
ذهب الحنفية والمالكية إلى أن التطهير من بول الغلام وبول الجارية الصغيرين أكلا أو لا يكون بغسله، وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه يجزئ في التطهير من بول الغلام الذي لم يطعم الطعام النضح، ويكون برش الماء على المكان المصاب وغمره به بلا سيلان، أما بول الجارية الصغيرة فلا يُجزئ في تطهيره النضح، ولا بد فيه من الغسل. راجع: الموسوعة الفقهية (29/ 117). ويرى الجميع نجاسة بول الغلام إلا أنه عند الشافعية والحنابلة قد خفف في طهارته.
قال أبو جعفر الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 92): فذهب قوم إلى التفريق بين حكم بول الغلام وبول الجارية قبل أن يأكلا الطعام. فقالوا: بول الغلام طاهر، وبول الجارية نجس. وخالفهم في ذلك آخرون، فسووا بين بوليهما جميعًا، وجعلوهما نجسين، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى. اهـ. وراجع: بدائع الصنائع (1/ 88).
وقال في المدونة (1/ 131): وقال مالك في الجارية والغلام بولهما سواء إذا أصاب بولهما ثوب رجل أو امرأة غسلا ذلك وإن لم يأكلا الطعام. اهـ. وراجع: المنتقى شرح الموطأ (1/ 128)، ومختصر خيلي وشروحه: التاج والإكليل (1/ 162)، ومواهب الجلبل (1/ 106)، وشرح الخرشي (1/ 101)، ومنح الجليل (1/ 54).
وقال النووي في المجموع شرح المذهب (2/ 609): مذهبنا المشهور أنه يجب غسل بول الجارية. ويكفي نضح بول الغلام وبه قال علي بن أبي طالب وأم سلمة والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو عبيد وداود. وقال مالك وأبو حنيفة والثوري: يشترط غسل بول الغلام والجارية. وقال النخعي: يكفي نضحهما جميعًا وهو رواية عن الأوزاعي. اهـ. وراجع: المنهاج وشروحه: تحفة المحتاج (1/ 315)، ونهاية المحتاج (1/ 257)، ومغني المحتاج (1/ 215).
وقال ابن قدامة في المغني (1/ 415): بول الغلام الذي لم يطعم الطعام يجزئ فيه بالرش، وهو أن ينضح عليه الماء حتى يغمره، ولا يحتاج إلى رش وعصر، وبول الجارية يغسل وإن لم تطعم. اهـ. وراجع: إعلام الموقعين (2/ 267)، والمحلى (1/ 113).
وقد حكى كل من الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 92)، وابن عبدالبر في التمهيد (9/ 109)، والباجي في المنتقى (1/ 128): أن بول الصبي الذي لم يطعم طاهر عند من اكتفى في طهارته بالنضح. وهو خطأ لا شك فيه، فمذهبهم أنه نجس خفف في طهارته؛ فالنجاسة نوعان: مغلظة، ومخففة.
قال النووي في المنهاج مع شرحه مغني المحتاج (1/ 92) في القسم الثاني من النجاسة وهي المخففة: وما تنجس ببول صبي لم يطعم غير لبن نضح. وقال ابن قدامة في المغني (1/ 415) شارحًا قول الخرقي: إلا بول الغلام الذي لم يأكل الطعام، إنما أراد أن بول الغلام الذي لم يطعم الطعام يجزئ فيه الرش، وهو أن ينضح عليه الماء حتى يغمره، ولا يحتاج إلى رش وعصر، وبول الجارية يغسل وإن لم تطعم. اهـ.
مناقشة الأدلة:
ويُضاف إلى أحاديث المسألة التي ذكرها ابن أبي شيبة حديثنا:
1- ما روي عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يُغسل بول الجارية وينضح على بول الغلام). قال قتادة: ما لم يطعما الطعام، فإذا أطعما الطعام غسلا. أخرجه أبو داود (377، 378)، والترمذي (613)، وابن ماجه (525).
2- وما روي عن المُحشل بن خليفة عن أبي السمح خادم النبي صلى الله عليه وسلم قال: كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم فكان إذا أراد أن يغتسل قال: (ولني قفاك). فأوليه قفاي فأستره به، فأتي حسن أو حسين فبال على صدره فجئت أغسله فقال: (يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام). أخرجه أبو داود (376).
وقد استدل الشافعية والحنابلة بهذه الأحاديث على أن بول الغلام ينضح وبول الجارية يغسل، وقد جاء النضح مفسرًا في بعضها بأنه الرش؛ كحديث أم قيس وأبي السمح، وهو ما يتفق ومعناه اللغوي. راجع: لسان العرب والنهاية والمصباح المنير مادة: نضح.
قال النووي في المجموع (2/ 608): يشترط في النضح إصابة الماء جميع موضع البول وأن يغمره، ولا يشترط أن ينزل عنه، والغسل أن يغمره وينزل عنه ولا يشترط عصره. وذكر أصحابنا في الفرق بين بول الصبي والصبية من حيث المعنى فرقين: أحدهما: أن بولها أثخن وألصق بالمحل. والثاني: أن الاعتناء بالصبي أكثر فإنه يحمله الرجال والنساء في العادة، والصبية لا يحملها إلا النساء غالبًا؛ فالابتلاء بالصبي أكثر وأعم. اهـ.
وقال الحنفية والمالكية: إن النضح في الحديث يُحتمل أن يكون معناه صب الماء، فقد تسمى العرب ذلك نضحًا، واستدلوا على ذلك بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إني لأعلم أرضًا يقال لها عمان ينضح بناحيتها البحر، بها حي من العرب لو أتاهم رسولي ما رموه بسهم ولا حجر). أخرجه أحمد في مُسنده (1/ 44). والصب غسل، ومنه قول العرب: غسلتني السماء، عند انصباب المطر عليه.
واستدل الطحاوي على ذلك بالأحاديث التي ورد فيها أنه صب الماء على بول الغلام كحديث أبي ليلى، واستدل أيضًا بحديث عائشة: فأتبعه الماء. وقال: واتباع الماء حكمه حكم الغسل، على أنه قد ورد في بعض رواياته: فدعا بماء فنضحه عليه. وفي أخرى: فدعا بماء فصبه عليه، فدل على أن النضح عندهم الصب.
وقال الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 93، 94): فثبت بهذه الآثار أن حكم بول الغلام هو الغسل، إلا أن ذلك الغسلب يجزئ منه الصب، وأن حكم بول الجارية هو الغسل أيضًا، وفرق في اللفظ بينهما وإن كانا مستويين في المعنى؛ لأن بول الغلام يكون في موضع واحد لضيق مخرجه، وبول الجارية يتفرق لسعة مخرجه، فأمر في بول الغلام بالنضح: يريد صب الماء في موضع واحد، وأراد بغسل بول الجارية أن يتبع بالماء؛ لأنه يقع في أماكن متفرقة. فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار، وأما وجهه من طريق النظر فإن رأينا الغلام والجارية حكم أبوالهما سواء بعد ما يأكلان الطعام، فإذا كان بول الجارية نجسًا فبول الغلام أيضًا نجس، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى. اهـ.
قال أبو عمر بن عبدالبر في التمهيد (9/ 111، 112): القياس أن لا فرق بين بول الغلام والجارية كما أنه لا فرق بين بول الرجل والمرأة، إلا أن هذه الآثار إن صحت ولم يعاررضها عنه صلى الله عليه وسلم مثلها وجب القول بها، إلا أن رواية من روى الصب على بول الصبي وإتباعه الماء أَصح وأَوْلَى، وأحسن شئ عندي في هذا الباب ما قالته أم سلمة: بول الغلام يصب عليه الماء صبًّا وبول الجارية يُغسل طعمت أو لم تطعم -أخرجه أبو داود (379) عن الحسن عن أمه عن أم سلمة: أنها أبصرت أم سلمة تصب الماء على بول الغلا ما لم يطعم، فإذا طعم غسلته، وكانت تغسل بول الجارية-.
وهذا حديث مفسر للأحاديث كلها مستعمل لها، حاشا حديث المحل بن خليفة الذي ذكر فيه الرش، وهو حديث لا تقوم به حجة والمحل ضعيف، وإذا صبَّ على بول الغلام وغسل بول الجارية وقد علمنا أن الصب قد يمسى نضحًا، كان الفرق بين بول الغلام والجارية الرضيعين ما بين الصب والعراك تعبدًا كان وجهًا حسنًا، وهو أَوْلَى ما قبل به في هذا الباب على ما روي عن أم سلمة، وبالله التوفيق. اهـ.
وعلى كلام ابن عبدالبر مؤاخذتان:
الأولى: أنه ضعف حديث ابي سمح، لضعف المُحِلِّ بن خليفة، وليس كذلك، فالمحل ثقة، وثقه يحيى بن معين والنسائي. راجع: ترجمته في تهذيب الكمال (27/ 290).
الثانية: أنه رجح روايات الصب على روايات الرش، وهو مبني على تضعيفه لحديث أبي المسح وقد علمتَ ما فيه، والصحيح ترجيح روايات الرش لثبوتها في الصحيحن كحديث أم قيس بنت محصن.
يتضح من هذه المناقشة أن الخلاف في المسألة ينحصر في تفسير النضح الوارد في الحديث، فيرى الشافعية والحنابلة أن معناه الرش كما جاء مفسرًا في بعض روايات الحديث، وهو ما يتفق مع معناه اللغوي، ويكون بذلك بول الغلام نجسًا قد خفف في طهارته.
ويرى الحنفية والمالكية أن النضح في الحديث معناه الصب وهو غسل؛ فالفرق عندهم بين بول الغلام والجارية: أن غسل بول الغلام يجزئ فيه الصب، وبول الجارية لا بد فيه من العرك.
فالخلاف في المسألة في فهم الحديث وتفسيره، ولا يُقال في مثل هذا إن أحد الطرفين خالف الحديث؛ ومن ثَمَّ نعلم أن ابن أبي شيبة لم يصب فيما قاله من مخالفة أبي حنيفة للأثر في هذه المسألة.

كتاب منهج الحنفية في نقد الحديث لكيلاني محمد خليفة ص(349- 353).

والله الموفق،،
 
أعلى