العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

"ابنُ تيمية" والعمرة المكية

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
بسم الله الرحمن الرحيم
"ابنُ تيمية" والعمرة المكية
أطبقت المذاهب الفقهية: على مشروعية العمرة للمكي[SUP]([SUP][1][/SUP][/SUP])؛ فهي تشرع له كغيره، فهو مذهب فقهاء الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، والظاهرية[SUP]([SUP][2][/SUP][/SUP]).
إنما ظهر اختلافهم في وجوب العمرة على المكي: فالجمهور على الاستحباب خلافا للشافعية القائلين بالوجوب، فالمكي كغيره، وبه قال الشافعي القديم، وهي رواية عن أحمد، وهو ظاهر تقرير ابن حزم([3]).
كما اختلفوا في تكرار العمرة: فالجمهور، ومن جملتهم الظاهرية، على مشروعية تكرارها على تفصيل([4])، بينما ذهب المالكية إلى كراهة تكرارها في السنة مرتين، وفارقهم من أصحابهم: ابن الماجشون واللخمي وابن عبد البر، ومشوا في درب الجمهور([5]).
كما اختلفوا في ميقات المكي: فالجماهير أن ميقاته من الحل، وذهب البخاري في ظاهر تبويبه، والصنعاني والألباني إلى أن ميقاته من مكة.
ثم اختلف القائلون بأن ميقاته من الحل: في تحديد موضع الحل: فالأئمة الأربعة يكفي عندهم أن يحرم من أدنى الحل، وذهب بعض الفقهاء المتقدمين إلى أنه يحرم من ميقات، أو من ميقات بلده، وذهب بعضهم إلى أن العمرة التامة أن يحرم من دويرة أهله([6]).
كما اختلفوا في المفاضلة للمكي بين الطواف والعمرة لاسيما الغريب: فذهب بعض الفقهاء القدامى إلى تفضيل الطواف، لأنه المقصود، ولما في الخروج إلى الحل من مشقة قطع ثمانية أميال من كلفة عظيمة في أداء وسيلة، يكون الطواف وهو المقصود يفضل عليها، حيث يمكنه في هذه المدة أن يطوف عشرات الأشواط في عبادة محضة.
كما اختلفوا في أداء العمرة بعد الحج: والخلاف فيه محفوظ وقديم على قولين مشهورين.
كل هذه الاختلافات تؤكد: حقيقة واحدة، وهي أن عمرة المكي أمرٌ مفروغ من مشروعيته، وأنه ليس من مناطق التردد أو النزاع، وإنما الخلاف في متعلقاته الفرعية.
وعلى هذا سارت دواوين الفقهاء: ولم يزل هذا القول معمولا به، إلى أن جاء شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فأحدث القول بعدم مشروعية عمرة المكي، وأنه لم يؤمر بها في الكتاب والسنة، ولا قام دليل شرعي على استحبابها، وما كان كذلك فهو من البدع المكروهة باتفاق العلماء، كما حكى اتفاق السلف على عدم مشروعيتها ، وأن الأئمة كانوا ينهون عنها.
وروى ذلك: عن ابن عباس رضي الله عنهما وتلميذيه: عطاء وطاووس، وحكاه عن أحمد([7]).
وتابع ابن تيمية على هذا القول: الصنعاني، وابن إبراهيم[SUP]([SUP][8][/SUP][/SUP])، والألباني([9]).
علما: أن كثيرا من الذين تأثروا بقوله إنما ذهبوا إلى تفضيل الطواف للمكي على العمرة، كما هي طريقة ابن القيم([10])، وابن باز وابن عثيمين، وغيرهم.

وعند دراسة الأدلة التي أوردها شيخ الإسلام ابن تيمية نجد أنها تنقسم إلى مجموعتين:

المجموعة الأولى
: الأدلة التي تفيد بدعية العمرة المكية.
المجموعة الثانية: الأدلة التي تفيد تفضيل الطواف للمكي على العمرة.

أما المجموعة الأولى
: فهي أدلة لا تقف أمام أدلة القائلين بالمشروعية.
وأما المجموعة الثانية: فهي أدلة قوية في الجملة.

وهذا الفصل والتمييز: بين المجموعتين، ضروري في تقويم رأي ابن تيمية، لأن من يأخذ الكلام جملة واحدة، الدليل وراء الآخر، فإن ذلك مظنة افتتانه بقوة عارضته، والحال أن القوي منها والمتين في غير موضع البحث.
فإلى بيان ذلك:

أما المجموعة الأولى: وهي الأدلة التي تفيد بدعية وكراهة العمرة المكية.
فقد أقامها ابن تيمية على برهانين:
البرهان الأول: أن العمرة المكية "لم يؤمر بها في الكتاب والسنة، ولا قام دليل شرعي على استحبابها، وما كان كذلك فهو من البدع المكروهة باتفاق العلماء"([11]).
البرهان الثاني: أن "الاعتمار من مكة ...بدعة لم يفعله السلف"([12]).

أما البرهان الأول: وهو عدمية الدليل على مشروعية العمرة المكية، فيناقش بثلاثة أجوبة:
فيناقش بثلاثة أجوبة:
الجواب الأول
: عموم النصوص التي تحث على فعل العمرة: (تابعوا بين الحج والعمرة)، (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما)، وهي تتناول المكي كغيره، ولا فرق.
الجواب الثاني: أحاديث المواقيت، ومنها حديث ابن عباس رضي الله عنه مرفوعا: (هن لهن، ولمن أتى عليهن من غيرهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك، فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة)([13]).
فالحديث: يشير إلى مشروعية العمرة للمكي كغيره، فقد أورد المواقيت للحج والعمرة، وجعل لأهل مكة أن يحرموا منها للحج أو العمرة، إلا أن الأدلة الأخرى أفادت استثناء العمرة، وأن ميقات أهل مكة من الحل.
كما جاء عن ابن سيرين قوله: (حُد للناس خمسة لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل مكة التنعيم....)([14])، وفي رواية: (بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل مكة التنعيم)([15]).
الجواب الثالث: حديث عائشة رضي الله عنها، في إذن النبي صلى الله عليه وسلم لها بالعمرة من التنعيم بعد حجة الوداع.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: (نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم المحصب، فدعا عبد الرحمن بن أبي بكر، فقال: اخرج بأختك من الحرم فلتهل بالعمرة، ثم لتطف بالبيت، فإني أنتظركما هاهنا، قالت: فخرجنا فأهللت، ثم طفت بالبيت وبالصفا والمروة، فجئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في منزله في جوف الليل، فقال: هل فرغت؟ فقلت: نعم، فأذن في أصحابه بالرحيل، فخرج فمر بالبيت فطاف به قبل صلاة الفجر، ثم خرج إلى المدينة) أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية أخرى: (فلما كانت ليلة الحصبة قلت: يا رسول الله يرجع الناس بحجة وعمرة، وأرجع بحجة، قالت: فأمر عبد الرحمن فأردفني على جمله، ثم ذكر عمرتها من التنعيم).
وفي رواية ثالثة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها يوم النفر: يسعك طوافك لحجك وعمرتك، فأبت، فبعث بها مع عبد الرحمن إلى التنعيم، فاعتمرت بعد الحج).
قلت: هذا نصٌ في موضع النزاع، ولو كانت العمرة من مكة لا تجوز، لقال لها: يا عائشة، أنت الآن مكية! ولا يجوز لأهل مكة أداء العمرة ما داموا بمكة.
أما القول: بأنها كانت عمرة القضاء للعمرة التي نقضتها([16]).
فالجواب: أن هذا مبني على أنها كانت في حجتها مفردة، والصحيح أنها كانت قارنة، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: (قد حللت من حجك وعمرتك)، وقال أيضا: (طوافك يسعك لحجك وعمرتك)، قال ابن حجر: هذا صريح في أنها كانت قارنة([17]).
وأما القول: بأنه أذن لها في العمرة لتطييب قلبها؛ فهل هذا الجواب يقف على ساق؟ هل هذا عذر يبيح ارتكاب محظور في الشريعة وإحداث بدعة في باب التعبد؟
والسؤال الآخر: لو جاز لعائشة أداء العمرة من مكة لتطييب قلبها مع كونها كانت قارنة، وحصل لها حكم الحج والعمرة، أفلا يجوز لعموم المكيين لتطييب قلوبهم لأداء العمرة، وهم يرون الناس يفدون من كل حدب وصوب، يأتون رجالا وركبانا من كل فج عميق، من أجل تحصيل أداء العمرة في رمضان، واغتنام حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم، أو حتى تحصيل أجر العمرة فحسب، فالعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، وما جاء من فضائل في العمرة هو أكثر مما جاء من فضائل في مجرد الطواف.
وألا يجوز للغرباء الذين قد لا يعودون إلى مكة مرة أخرى: أن يثنوا بعمرة أخرى؟
أليست هذه حاجات ملحة، هي أكثر إلحاحا من حاجة عائشة رضي الله عنها إلى العمرة، مع كونها قد أدت عمرتها في حجتها؟ وكانت عمرة مرجوحة، حيث حبست النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى فرغت من عمرتها، وحاول النبي صلى الله عليه وسلم أن يثنيها عنها.
وهاهنا ثمة سؤال جدلي: لِمَ لمْ يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بالذهاب إلى البيت والطواف حوله؟ فإنه خيرٌ لها؛ كما هي طريقة ابن تيمية في التفضيل المطلق للطواف على العمرة بالنسبة للمكيين!
وقال الشنقيطي: قول من قال: إن النبي أرسلها مع أخيها لتلك العمرة تطييبا لخاطرها، لا تقوم به حجة البتة ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يأمرها بعمرة، وهي نسك وعبادة إلا على الوجه المشروع لعامة الناس لاستواء جميع الناس في أحكام التكليف، فعمرتها المذكورة نسك قطعا، والحالة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأداء ذلك النسك عليها لا شك أنها مشروعة لجميع الناس إلا فيما قام دليل يجب الرجوع إليه بالخصوص، وقصة عمرة عائشة المذكورة لم يثبت فيها دليل على التخصيص والعلم عند الله تعالى([18]).
وقال: التشريع الإسلامي لا مدخل للأغراض الشخصية فيه وبهذا نأخذ بقياس العكس دليلا واضحا على بطلان قول القائلين: إن إعماره - صلى الله عليه وسلم - لعائشة من التنعيم كان تطييبا لخاطرها، ولا يصح لأحد غيرها، ومحل الاستدلال هو أن من ليس له حق في تحريم ما أحل الله له ابتغاء مرضاة أزواجه لا يحل له إحلال وتجويز ما لا يجوز ابتغاء مرضاتهن([19]).
ولذا تعقب الحافظ ابن حجر: كلام ابن القيم بقوله: (وبعد أن فعلته عائشة بأمره دل على مشروعيته)([20]).
والخلاصة: أن النصوص قد جاءت عامة وخاصة في إفادة مشروعية عمرة المكي، وما جاء من جواب عنه، فهو لا يقاومه.


البرهان الثاني: أن "الاعتمار من مكة ...بدعة لم يفعله السلف"([21]).
فالجواب من وجهين:
الوجه الأول: حكاية الإجماعات المفيدة، أن ميقات المكي من الحل، وهي مسألة متفرعة من عمرة المكي:
قال المحب الطبري: لا أعلم أحدًا جعل مكة ميقاتًا للعمرة في حق المكي، بل عليه أنْ يخرج مِنَ الحرم إلى أدنى الحل، يدل عليه أمره خ عائشة أنْ تخرج إلى التنعيم، وانتظاره مع جملة الحجيج لها، ثم فعل مَنْ جاور بمكة مِنَ الصحابة، ثم تتابع التابعون وتابعوهم إلى اليوم، وذلك إجماع في كل عصر[SUP]([SUP][22][/SUP][/SUP]).
وقال الطحاوي في أحكام القرآن بعد أن أورد حديث عائشة رضي الله عنها في إحرامها من التنعيم:
(لا نعلم اختلافا بين أهل العلم في أن العمرة هذا حكمها، وأنه لا ينبغي لأحد أن يحرم بها من الحرم)([23]).
وقال ابن بطال: (قال ابن المواز....قال غيره: وأئمة الفتيا متفقون على أن المكى إذا أراد العمرة أنه لابد له من الخروج إلى الحِلِّ يهل منه...) شرح صحيح البخارى لابن بطال (4/ 195).
قال ابن القطان: (لا يهل الرجل من أهل مكة بعمرة حتى يخرج إلى الحل فيحرم منه بإجماع من العلماء لا يختلفون فيه).
وقال ابن هبيرة: (أجمعوا على أنه لا يجوز الإحرام بالعمرة من الحرم، وإنما يكون من أدنى الحل).
وقال ابن تيمية: (العمرة من مكة مشروعة في الجملة، وهذا مما لا نزاع فيه، والأئمة متفقون على جواز ذلك)([24]).
وقال الزيلعي: (الوقت لأهل مكة الحرم في الحج والحل في العمرة للإجماع على ذلك)[SUP]([SUP][25][/SUP][/SUP]).
وقال برهان الدين ابن مفلح ( ت884): (من كان في الحرم خرج إلى الحل فأحرم منه وكان ميقاتا له بغير خلاف نعلمه ولا فرق فيه بين المكي وغيره)([26]).
وحكى الإجماعَ أيضا: ابنُ بطال، وابنُ عبد البر، وابنُ قدامة[SUP]([SUP][27][/SUP][/SUP]) .
الوجه الثاني: نقولات عن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين:
الوجه الأول: أن عائشة رضي الله عنها قد فعلته بإذن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم استمرت عائشة رضي الله عنها على ذلك: كلما حجت.
عن عائشة رضي الله عنها: (كان صلى الله عليه وسلم رجلًا سهلًا، إذا هويَتْ الشيء تابعها عليه، فأرسلها مع عبد الرحمن بن أبي بكر فأهلت بعمرة من التنعيم، قال أبو الزبير: (فكانت عائشة إذا حجت صنعت كما صنعت مع نبي الله صلى الله عليه وسلم) أخرجه مسلم في صحيحه.
وعن سعيد بن المسيب، قال: (كانت عائشة تعتمر في آخر ذي الحجة)([28]).
قلت: هذا يدل على أنها استمرت على أداء العمرة المكية كلما حجت، فلو كانت العمرة لا تشرع لأهل مكة، أو أن العلة من عمرتها مع النبي صلى الله عليه وسلم هو تطييب قلبها، لما كان لاعتمارها بعد ذلك معنى.
الوجه الثاني: جاء عن أنس رضي الله عنه أنه كان إذا كان بمكة فحمم رأسه (أي اسود من الشعر) خرج إلى التنعيم واعتمر([29]).
الوجه الثالث: عن ابن الزبير رضي الله عنه: (أنه خرج للتنعيم للعمرة لما أعاد بناء الكعبة على قواعد إبراهيم عليه السلام)[SUP]([SUP][30][/SUP][/SUP]).
وعن ابن جريج عن ابن الزبير رضي الله عنه لما فرغ من إعادة بناء الكعبة، قال: (يا أيها الناس، إني أرى أن تعتمروا من التنعيم مشاة فمن كان موسرا بجزور نحرها وإلا فبقرة، وإلا فشاة قال: فذكرت يوم القيامة من كثرة الناس، دبت الأرض سهلها وجبلها، ناسا كبارا وناسا صغارا، وعذارى، وثيبا، ونساء، والحلق قال: فأتينا البيت فطفنا معه وسعينا بين الصفا والمروة، ثم نحرنا وذبحنا فما رأيت الرؤوس والكرعان والأذرع في مكان أكثر منها يومئذ)([31]).
الوجه الرابع: عن الوليد بن هشام المعيطي قال: (سألت أم الدرداء عن العمرة بعد الحج فأمرتني بها ) أخرجه ابن أبي شيبة
الوجه الخامس: عن مجاهد ، قال: (سئل عمر عن العمرة بعد الحج ؟ فقال : هي خير من لا شيء . وسئلت عائشة ؟ فقالت : على قدر النفقة والمشقة . وسئل علي ؟ فقال : هي خير من مثقال ذرة)([32]).
الوجه السادس: عن أبي الزبير عن جابر: (أنه سئل عن العمرة بعد الحج أيام التشريق فلم ير بها بأساً وقال: ليس فيها هدي([33])(.
الوجه السابع: عن أبي يعفور ، قال : سألنا ابن عمر عن العمرة بعد الحج ؟ فقال: (إن أناسا يفعلون ذلك ، ولأن أعتمر في غير ذي الحجة ، أحب إلي من أن أعتمر في ذي الحجة)([34]).
ثم إن فتاوى التابعين كثيرة جدا: في تفاصيل عمرة المكي، ومنها ما يلي:
- عن ابن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، ومجاهد، قال: (كانا يعتمران في شهر رمضان من الجعرانة)([35]).
- عن عبد الملك بن أبي سليمان : قال: (خرجت أنا وعطاء في رمضان ، فأحرمنا من الجعرانة)([36]).
- عن هشام: (ن القاسم ، وسالما كانا بمكة ، فأرادا أن يعتمرا ، فخرجا حتى أهلا من ذي الحليفة)([37]).
- عن عكرمة: (اعتمر ما أمكنك الموسى)([38]).
- عن إبراهيم: (أهل مكة يخرجون للعمرة ويهلون بالحج من مكانهم)([39]).
- عن حصين قال: (سألت سعيد بن جبير عن العمرة بعد الحج بستة أيام فقال : اعتمر إن شئت)([40]).
وسبق في صدر البحث الإشارة إلى شيء من ذلك.
وغاية ما استدل به ابن تيمية على إنكار السلف للعمرة المكية: أثران، أحدهما عن ابن عباس رضي الله عنه، والآخر عن أجل أصحابه طاووس – كما هو تعبير ابن تيمية- ([41]):
أما أثر ابن عباس رضي الله عنه، فإنه قال: (أنتم يا أهل مكة لا عمرة لكم إنما عمرتكم الطواف بالبيت، فمن جعل بينه وبين الحرم بطن الوادي فلا يدخل مكة إلا بالإحرام).
قلت: هذا الأثر يحتمل إفادة عدم مشروعية العمرة للمكي، وأن عمرتهم هي الطواف بالبيت، وهذا هو الظاهر منه، لكن هناك رواية أخرى عن ابن عباس رضي الله عنه، لها وجه آخر:
فعن طاووس: قال : سمعت ابن عباس رضي الله عنه يقول : (لا يضركم يا أهل مكة أن لا تعتمروا ، فإن أبيتم فاجعلوا بينكم وبين الحرم بطن الوادي)([42]).
وهذه الرواية تفيد: عدم إيجاب العمرة على أهل مكة، فابن عباس رضي الله عنه كان يقول بوجوب العمرة، وقال: (إنها لقرينتها في كتاب الله { وأتموا الحج والعمرة لله }([43])، لكنه هنا استثنى المكي منها، وأن من أراد أن يتطوع بالعمرة فليحرم من الحل، وهذا هو استدلال ابن تيمية نفسه في شرح العمدة، فإنه قال: (ووجه عدم وجوبها ما روى عطاء عن ابن عباس....)، وذكر الأثر ([44]).
أو أن كلام ابن عباس رضي الله عنه: في التمتع وأنه لا تمتع على المكيين، ومن أبى إلا أن يعتمر فعليه الخروج إلى الحل للإحرام للعمرة.
كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنه انه أفتى رجلا بالعمرة من مكة:
فعن قتادة عن علي بن عبد الله البارقي: أن رجلاً وامرأةً أتيا ابن عمر قضيا المناسك كلها ما خلا الطواف فغشيها ، فقال ابن عمر : عليهما الحج عاماً قابلاً فقال : أنا إنسان من أهل عمان ، وإن دارنا نائية ، فقال : وإن كنتما من أهل عمان وكانت داركما نائية ، حجا عاماً قابلاً فأتيا ابن عباس فأمرهما : أن يأتيا التنعيم فيهلا منه بعمرة فيكون أربعة أميال مكان أربعة أميال ، وإحرام مكان إحرام وطواف مكان طواف)([45]).
وأما أثر طاووس، ففيه: (الذين يعتمرون من التنعيم ما أدري أيؤجرون عليها أم يعذبون؟ قيل: فلم يعذبون؟ قال: لأنه يدع الطواف بالبيت ويخرج إلى أربعة أميال ويجيء. وإلى أن يجيء من أربعة أميال قد طاف مائتي طواف) أخرجه سعيد بن منصور([46]).
وعنه أيضا: (ليس على أهل مكة عمرة)([47]).
وفي الباب آثار أخر:
فعن عطاء ، قال: (ليس على أهل مكة عمرة ، إنما يعتمر من زار البيت ليطوف به وأهل مكة يطوفون متى شاؤوا)([48]).
وعن عطاء ، قال : (ليس على أهل مكة عمرة ، قال ابن عباس : أنتم يا أهل مكة لا عمرة لكم إنما عمرتكم الطواف بالبيت فمن جعل بينه وبين الحرم بطن واد فلا يدخل مكة إلا بإحرام ، فقال : فقلت لعطاء : يريد ابن عباس بطن واد من الحل ؟ قال : بطن واد من الحل)([49]).
وعن سالم ، قال: (لو كنت من أهل مكة ما اعتمرت)([50]).
قلت: هذا كله إنما فيه تفضيل الطواف على العمرة للمكي؛ لأن في العمرة جهدا كبيرا في تحقيق "وسيلة العمرة"، وهو الذهاب إلى الميقات من مكة، وهو في هذا الزمن يمكنه أن يؤدي عشرات الطوافات، وهي عبادة محضة، وبالتالي، فهو تفضيل للعبادة المحضة، وهو الطواف الكثير على وسيلة العبادة، وهو الذهاب إلى الميقات.
إضافة إلى أن ثمة آثار أخرى عن طاووس وعطاء، تفيد مشروعية عمرة المكي، وهما من أشهر من حكي عنهم المنع:
فعن جعفر بن نجيح قال: (سأل رجل طاوسًا فقال إني تعجلت في يومين فأعتمر، قال: نعم)([51]).
وعن طاووس أنه سئل عن العمرة فقال: (إذا مضت أيام التشريق فاعتمر متى شئت إلى قابل)([52]).
وعن عطاء قال: (من أراد العمرة ممن هو من أهلها أو غيره فليخرج إلى التنعيم أو إلى الجعرانة فليحرم منها، وأفضل ذلك أن يأتي وقتا)([53]).




المجموعة الثانية: الأدلة التي تفيد تفضيل الطواف للمكي على العمرة:
وتحتها دليلان:
الدليل الأول: أنه من المعلوم لجميع العلماء الذين يعلمون سنته وشريعته:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر وهو بمكة قط لا من الحديبية ولا من الجعرانة ولا غيرهما بل قد اعتمر أربع عمر: ثلاث منفردة وواحدة مع حجته. وجميع عمره كان يكون فيها قادما إلى مكة لا خارجا منها إلى الحل([54]).
- وكذا أصحابه إذا كانوا بمكة لم يعتمروا منها قط، لا في حجة الوداع ولا في غيرها.
- وكذلك أهل مكة المستوطنين لم يخرج أحد منهم إلى الحل لعمرة.
وإذا كان المسلمون من حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن توفي إذا كانوا بمكة لم يكونوا يعتمرون من مكة بل كانوا يطوفون ويحجون من العام إلى العام: كان هذا مما يوجب العلم الضروري أن المشروع لأهل مكة إنما هو الطواف وأن ذلك هو الأفضل لهم من الخروج للعمرة إذ من الممتنع أن يتفق النبي صلى الله عليه وسلم وجميع أصحابه على عهده على المداومة على المفضول وترك الأفضل فلا يفعل أحد منهم الأفضل ولا يرغبهم فيه النبي صلى الله عليه وسلم فهذا لا يقوله أحد من أهل الإيمان([55]).
قلت: هذا تقرير قوي جدا، ولكن ثمة ملاحظتان:
الملاحظة الأولى
: أن هذا ليس فيه عدم المشروعية، وإنما غايته إفادة الأفضلية، وهذا أيضا استنتاج ابن تيمية نفسه!
الملاحظة الثانية: أن التفضيل له سبب معلل، وهو ما فيه من كلفة كبيرة على أهل مكة، من تحقيق وسيلة العمرة، وهو الخروج عدة أميال إلى الحل، ثم الرجوع مرة أخرى إلى البيت الحرام، وأن في هذه المدة يمكن عمل طوافات كثيرة جدا، فهو من باب تفضيل العبادة المحضة على وسيلتها، ولذا كان من المعتاد أن يحرم بالعمرة القادم إلى مكة، فيحرم من ميقات أو من محله إذا كان موضعه دون المواقيت.
الدليل الثاني: أن معنى العمرة في اللغة: الزيارة، وهي تكون في حق الأجنبي البعيد عن مكة، أما أهل مكة، فالأفضل لهم عمارة الحرم بالطواف والصلاة والاعتكاف، ولفظ عمارة أحسن من لفظ عمرة، وزيادة اللفظ يكون لزيادة المعنى... وإذا كان كذلك فالمقيم في البيت طائفا فيه وعامرا له بالعبادة قد أتى بما هو أكمل من معنى المعتمر وأتى بالمقصود بالعمرة فلا يستحب له ترك ذلك بخروجه عن عمارة المسجد ليصير بعد ذلك عامرا له؛ لأنه استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير([56]).
قلت: هذا استدلال لطيف، ولا منافاة بين الاعتمار والعمارة، وغايته المفاضلة، أما التفسير اللغوي للعمرة، فهو كذلك، ووسع فضله عز وجل لأهل مكة، بنص حديث عائشة رضي الله عنها، ولا معارض له.

قلت: كلام ابن تيمية في المسألة طويل جدا، وفيه إشارات كثيرة منها ما يلي:
- أن المسلمين قد تنازعوا في وجوب العمرة لوجوب الحج على قولين مشهورين ... ومع هذا فالمنقول الصريح عمن أوجب العمرة من الصحابة والتابعين لم يوجبها على أهل مكة([57]).
- أن المقصود الأكبر من العمرة هو الطواف، وذلك يمكن أهل مكة بلا خروج من الحرم فلا حاجة إلى الخروج منه.
- أن الطواف والعكوف هو المقصود بالقادم إلى مكة، وأهل مكة متمكنون من ذلك ومن كان متمكنا من المقصود بلا وسيلة لم يؤمر أن يترك المقصود ويشتغل بالوسيلة.
- أن من المعلوم أن مشي الماشي حول البيت طائفا هو العبادة المقصودة وأن مشيه من الحل هو وسيلة إلى ذلك وطريق فمن ترك المشي من هذا المقصود الذي هو العبادة واشتغل بالوسيلة فهو ضال جاهل بحقيقة الدين وهو أشر من جهل من كان مجاورا للمسجد يوم الجمعة يمكنه التبكير إلى المسجد والصلاة فيه فذهب إلى مكان بعيد ليقصد المسجد منه وفوت على نفسه ما يمكن فعله في المسجد من الصلاة المقصودة.
قلت: غاية هذا التفضيل، علما بأن ثمة فرق كبير، فالمقارنة المعقودة، ليس بين الطواف، وبين الخروج إلى الحل والطواف، حتى تستقيم هذه المقارنة، بل بين الطواف، وبين الخروج إلى الحل والاعتمار، والعمرة أكمل من الطواف.



§ الخلاصة:
القول بمشروعية العمرة للمكي
: ثابت بالنص، وعمل الصحابة رضي الله عنهم، وعلى ذلك تضافرت فتاوى السلف، وإطباق المذاهب الفقهية بلا استثناء، على هذا كتب الفقهاء.
وقد نقل جماعاتٌ من أهل العلم: إجماعَ العلماء على أن ميقات المكيين من الحل ثم حدث القول ببدعية العمرة للمكي من زمن ابن تيمية، وهو يخالف الإجماع القديم، وممن حكى الإجماع ابن تيمية نفسه([58]).
أما حديث عائشة رضي الله عنها: في إذن النبي صلى الله عليه وسلم لها بالعمرة من التنعيم، فهو نص في موضع النزاع، وما جاء من الأجوبة عنه فهو ركيك لا يقف على ساق.
وأما ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنه وبعض تلامذته: فإنما فيه أن أهل مكة لا يضرهم ألا يعتمرون، وإن أرادوا ذلك فعليهم الخروج للإحرام من الحل، وهذا غاية ما فيه عدم وجوب العمرة على المكيين، وأن الطواف لهم أفضل، لما في الخروج من الإحرام من الحل من كلفة في الزمن والجهد يمكنه أن يؤدي في زمنها: الطواف عشرات المرات، أو أن مراده أن المتعة ليست على أهل مكة، ومن أبى إلا أن يتمتع منهم فعليه بالخروج إلى الحل للإحرام، لأن إحرام المكي للعمرة من الحل.

وقد ناقش شيخ الإسلام ابن تيمية في قوله في العمرة المكية: جماعة من المعاصرين:
- الدكتور/ إبراهيم الصبيحي: في كتابه (المسائل المشكلة من مناسك الحج والعمرة)، وقال في نهاية بحثه: ( من خلال هذه النقول عن هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم ثبت أن خروج أهل مكة للاعتمار هو من عمل السلف ! ، وليس من البدع المحدثة .. فيه معارضة للسنة الدالة على استحباب العمرة مطلقاً بالقياس ، كما أن فيه معارضة لما روي عن خمسة من الصحابة وهم : علي وعائشة وابن عمر وابن الزبير وأنس رضي الله عنهم ، فقد روي عنهم مشروعية الخروج إلى الميقات والإحرام منه).
- الدكتور سعود الفنيسان: وعنوان بحثه: "الآثار الواردة في العمرة المكية ... رواية.. ودراية"/ موقع الإسلام اليوم.
- الدكتور / عبدالله الغطميل: وعنوان بحثه: "تكرار العمرة والإكثار منها دراسة فقهية مقارنة" ([59]).
- الدكتور/ أحمد الحبيب: وعنوان بحثه: "عمرة المكي, دراسة فقهية مقارنة"([60]).




([1]) المكي: من كان بمكة وقت عزمه أداء النسك.

([2]) المحلى (رقم 822، 832).

([3]) اللباب في الجمع بين السنة والكتاب (1/ 451)، حاشية ابن عابدين (2/ 472)، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (2/ 467)، نهاية المطلب في دراية المذهب (4/ 167)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (4/ 11)، المغني لابن قدامة (3/ 219)، شرح العمدة في الفقه لابن تيمية (الحج والعمرة 2/ 104)، الفروع (5/201).

([4]) هل يكرر إذا اعتمر مطلقا: أو إذا حمم رأسه؟ أو إذا أمكنه الموسى؟ أو في كل شهر؟

([5]) قال الشافعي: (العمرة في السنة كلها فلا بأس بأن يعتمر الرجل في السنة مرارا، وهذا قول العامة من المكيين وأهل البلدان، غير أن قائلا من الحجازيين كره العمرة في السنة إلا مرة واحدة، وإذا كانت العمرة تصلح في كل شهر فلا تشبه الحج الذي لا يصلح إلا في يوم من شهر بعينه إن لم يدرك فيه الحج فات إلى قابل فلا يجوز أن تقاس عليه وهي تخالفه في هذا كله) الأم للشافعي (2/ 147).
وهو قول: علي وابن عمر وابن عباس وعائشة من الصحابة، ومن التابعين: عطاء وطاووس وعكرمة.
ووافق الإمام مالك على كراهة تكرار العمرة في العام مرتين فأكثر: الحسن البصري وابن سيرين وإبراهيم النخعي.
والمراد بالعام: السنة الهجرية، فلو اعتمر في ذي القعدة ثم في محرم فلا تكره لأنه اعتمر في السنة الأخرى.
ينظر: المحلى، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (2/ 468) شرح السنة للبغوي (7/ 34)، المغني لابن قدامة (3/ 220)، مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (8/ 308)، الموسوعة الفقهية (30/ 325).

([6]) شرح الزركشي على مختصر الخرقي (3/ 59).

([7]) ما جاء عن الإمام أحمد رحمه الله: من روايات، فقد اختلف أصحابه في توجيهها، لكن مجموعها يدل على أن العمرة لغير أهل مكة، ولا تجب على المكيين لأنهم يعتمرون في كل يوم يطوفون بالبيت، وكذلك لا يجب عليهم التمتع، ومن أراد العمرة أو أن يتمتع، فليخرج إلى الحل، وليس عليهم دم متعة، وليس في شيء من الروايات عنه أنها بدعة.
قال المردواي: (المتعة تصح من المكي كغيره على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب...وما نقل عن أحمد معناه: ليس عليهم دم متعة). الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (3/ 443)، وينظر: شرح العمدة في الفقه (2/ 104- 108).

([8]) قال محمد بن إبراهيم: (لا عمرة على المكي، وليس في المسألة إلا اعتمار عائشة من التنعيم وهي قضية عين. واعتمار ابن الزبير ومن معه. لعله أراد أنها تحية الكعبة بعد تجديد عمارتها وهو اجتهاد منه. وفرق بين شيء يفعل لعارض وبين شيء يجعل سنة لكل حاج فلا تجعل المرة دليلا لكل شخص في كل حين). (فتاوى محمد بن إبراهيم 5/215).

([9]) سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (6/ 261).

([10]) قال ابن القيم: (وكان يدور بيني وبين المكيين كلام في الاعتمار من مكة في رمضان وغيره فأقول لهم: كثرة الطواف أفضل منها، فيذكرون قوله صلى الله عليه وسلم:( عمرة في رمضان تعدل حجة) فقلت لهم في أثناء ذلك: محال أن يكون مراد صاحب الشرع العمرة التي يُخرج إليها من مكة إلى أدنى الحل وأنها تعدل حجة ثم لا يفعلها هو مدة مقامه بمكة أصلا لا قبل الفتح ولا بعده، ولا أحد من أصحابة مع أنهم كانوا أحرص الأمة على الخير، وأعلمهم بمراد الرسول وأقدرهم على العمل به، ثم مع ذلك يرغبون عن هذا العمل اليسير والأجر العظيم؟ إن أحدهم يقدر أن يحج في رمضان ثلاثين حجة أو أكثر ثم يأتي منها بحجة واحدة وتختصون أنتم عنهم بهذا الفضل والثواب حتى يحصل لأحدكم ستون حجة أو أكثر؟ هذا ما لا يظنه من له مسكة عقل، وإنما يُخرّج كلام النبي صلى الله عليه وسلم على العمرة المعتادة التي فعلها هو وأصحابه وهي التي أنشأوا السفر لها من أوطانهم وبها أمر أم معقل وقال لها ( عمرة في رمضان تعدل حجة) ولم يقل لأهل مكة: اخرجوا إلى أدنى الحل فأكثروا من الاعتمار فإن عمرة في رمضان تعدل حجة، ولا فهم هذا أحد منهم وبالله التوفيق) حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (7/ 36).

([11]) مجموع الفتاوى (26/ 264).

([12]) مجموع الفتاوى (26/ 264).

([13]) أخرجه البخاري (2/ 134رقم 1524)، ومسلم (2/ 838 رقم 1181).

([14]) أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 692 رقم 14273).

([15]) أخبار مكة للفاكهي (5/ 27 رقم 2825).

([16]) قال الألباني: (إذا عرفت هذا، ظهر لك جليا أن هذه العمرة خاصة بالحائض التي لم تتمكن من إتمام عمرة الحج، فلا تشرع لغيرها من النساء الطاهرات، فضلا عن الرجال. ومن هنا يظهر السر في إعراض السلف عنها) سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (6/ 257).

([17]) فتح الباري لابن حجر (3/ 424).

([18]) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (4/ 491).

([19]) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (8/ 219).

([20]) فتح الباري لابن حجر (3/ 606).

([21]) مجموع الفتاوى (26/ 264).

([22]) «القِرى لقاصد أم القرى» للطبري ص99، «فتح الباري» (3/387).

([23]) أحكام القرآن للطحاوي (2/ 220).

([24]) مجموع الفتاوى (26/ 269).

([25]) «تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق» (2/8).

([26]) المبدع شرح المقنع (3/ 185).

([27]) «شرح البخاري» لابن بطال (4/195)، «الاستذكار» (4/115)، «المغني» (5/59)، «مرعاة المفاتيح» (8/357).

([28]) أخرجه ابن أبي شيبة (رقم 13179).

([29]) أخرجه سعيد بن منصور عن سفيان عن ابن أبي حسين عن بعض ولد أنس، وأخرجه الشافعي الأم (2/ 147)، وابن أبي شيبة في المصنف (السلفية 3/ 486 رقم 12874)، والفاكهي في أخبار مكة (5/ 57)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 344)، وأورده ابن تيمية في مجموع الفتاوى (26/ 270).

([30]) عن هشام بن عروة عن أبيه: (أنه رأى عبد الله بن الزبير أحرم بعمرة من التنعيم قال ثم رأيته يسعى حول البيت الأشواط الثلاثة) أخرجه مالك في الموطأ، وينظر: الاستذكار (4/190).

([31]) أخرجه عبد الرزاق (5/ 127 رقم 9147).

([32]) أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 527 رقم 13178).

([33]) أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 157 رقم 13017).

([34]) أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 528 رقم 13182).

([35]) أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 529 رقم 13191).

([36]) أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 529 رقم 13192).

([37]) أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 516 رقم 13104).

([38]) أخرجه ابن أبي شيبة رقم (12873).

([39]) أخرجه ابن أبي شيبة (4/ 87 رقم 15933).

([40]) أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 527رقم 13180).

([41]) مجموع الفتاوى (26/ 264).

([42]) أخرجه ابن أبي شيبة (4/ 87 رقم 15932)، والفاكهي في أخبار مكة (3/ 56 رقم 1820).

([43]) علقه عنه البخاري في صحيحه (باب وجوب العمرة وفضلها 3/ 2 ).

([44]) شرح العمدة في الفقه (2/ 107).

([45]) قال ابن تيمية: (رواه سعيد بن أبي عروبة في المناسك عنه، وروى مالك عن ثور بن زيد الديلي، عن عكرمة - قال: لا أظنه إلا عن ابن عباس - قال: " الذي يصيب أهله قبل أن يفيض: يتعمر ويهدي" ورواه النجاد، عن عكرمة عن ابن عباس من غير شك. شرح عمدة الفقه لابن تيمية (كتاب الحج 3/ 240).

([46]) أورده ابن تيمية في مجموع الفتاوى، ولم أقف عليه في كتب التخريج، ولعله من القطعة الكبيرة المفقودة من سنن سعيد بن منصور.

([47]) أخرجه ابن أبي شيبة (رقم 15937).

([48]) أخرجه ابن أبي شيبة (رقم 15937).
([48]) أخرجه ابن أبي شيبة (4/ 88 رقم 15935).

([49]) أخرجه ابن أبي شيبة (رقم 15936).

([50]) أخرجه ابن أبي شيبة (4/ 87 رقم 15934).

([51]) أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 157 رقم 13021).

([52]) أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 485 رقم 12871).

([53]) أخبار مكة للفاكهي (5/ 32 رقم 2839).

([54]) مجموع الفتاوى (26/ 252، 253)

([55]) مجموع الفتاوى (26/ 256)

([56]) مجموع الفتاوى (26/ 263)، شرح العمدة في الفقه (2/ 108).

([57]) مجموع الفتاوى (26/ 258)

([58]) قال ابن تيمية: (العمرة من مكة مشروعة في الجملة، وهذا مما لا نزاع فيه، والأئمة متفقون على جواز ذلك) مجموع الفتاوى (26/ 269).

([59]) مجلة المجمع الفقهي الإسلامي( العدد 13/ص 267 – 314( .

([60]) منشور في موقع/ الشبكة الفقهية.


 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: "ابنُ تيمية" والعمرة المكية

للمناقشة:)
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: "ابنُ تيمية" والعمرة المكية

شكر الله لكم شيخ فؤاد

ولعل من المناسب هنا أن أنبه إلى خطأ من ادعى أن شيخ الإسلام يقول بأن عمرة رمضان إنما تعدل حجة لمن كان في مثل حال تلكم المرأة -أم معقل- التي قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "فإن عمرة في رمضان تعدل حجة"، وأن عمرة رمضان ليس لها فضل إلا لمن كان يريد الحج فعجز عنه!

والذي في "مجموع الفتاوى" إنما هو في مقام الاستدلال على أن عمرة المكي في رمضان لا تعدل حجة، وأنها ليست كعمرة غيرهم ممن أحرموا من الميقات في رمضان.. ولعل من نسب ذلك لشيخ الإسلام ابن تيمية قد وهم، أو لم يفهم ما قاله، فلم يعترض ابنُ تيمية على أن عمرة رمضان من الميقات تعدل حجة البتة، وغاية ما ذكره قوله: "وقد يقال: هذا لمن كان أراد الحج فعجز عنه"، وليس بجزم منه بل هو مجرد احتمال صدره بـ"قد"، وجعله مؤخراً، وجاء فيه بالمبني للمجهول "يقال"، وما قدمه قبله مجزوم به وهو الذي ينبغي أن ينسَب إليه. والله أعلم.
 
إنضم
28 نوفمبر 2008
المشاركات
62
الإقامة
مكة المكرمة
الجنس
ذكر
التخصص
كيمياء
الدولة
السعودية
المدينة
مكة
المذهب الفقهي
شافعي
موضوع مثير للجدل ولكن
1- ان عائشة رضي الله عنها مختلف في وجودها في مكة اقصد هل كانت في مكة بنية العمرة او بنية الحج
والدليل على انها كانت بنية العمرة حين احرمت من الميقات ما ورد


أحدهما: أنه عمرة مفردة وهذا هو الصواب، وفي الصحيح عنها قالت: خرجنا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في حجة الوداع موافين لهلال ذي الحجة، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((من أراد منكم أن يهل بعمرة فليهل، فلولا أني أهديت لأهللت بعمرة))1 قالت: "وكان من القوم من أهل بعمرة، ومنهم من أهل بالحج، قالت: "فكنت أنا ممن أهل بعمرة" وذكرت الحديث، وقوله – صلى الله عليه وسلم – في الحديث: ((دعي العمرة، وأهلي بالحج))2 قاله لها بسرف قريباً من مكة، وهو صريح في أن إحرامها كان بعمرة.
--------------
2- ان منزلة ام المؤمنين تنصيب الهي وما أقوله هنا لا علاقة له بهذا ولا يأتي احد ويقول انت تقول فيها ، لكن ان كانت عائشة من أصول قرشية والرسول معها وسكنت المدينة لكنها لا تعتبر مكية ولو كانت مكية لما احرمت مع رسول الله من حيث احرم

أحرم النبي صلى الله عليه وسلم من ذي الحليفة ( وتسمى الآن أبيار علي ) ، أي : أهلَّ بالنسك ولبَّى به منها لا من المدينة ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت المكانية لنسك الحج والعمرة ، فجعل ذا الحليفة ميقاتاً لأهل المدينة ، وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بشيء ويخالفه ، وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : ( وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن يلملم ، هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ ، حتى أهل مكة من مكة ) رواه البخاري (1524) ومسلم (1181)

وثبت عن سالم بن عبدالله بن عمر رضي الله عنهم أنه سمع أباه يقول : ( ما أهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد ، يعني : مسجد ذي الحليفة ) رواه البخاري (1541) ومسلم (1186) ، واغتسل بذي الحليفة أيضاً ؛ لما روي عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل . رواه الترمذي وحسنه ( وصححه الألباني في المشكاة 2547 )

النص منقول

والمقصد انها فاتت عمرها وحزنت على هذا وقالت للرسول يرجع زوجاتك بحج وعمرة وارجع بحج فأخرجها الى التنعيم لتعتمر عمرة بدل عمرتها الفائتة
--------
الرابط أعلاه يحوي فوائد حول عمرة عائشة وغيرها
 
إنضم
28 نوفمبر 2008
المشاركات
62
الإقامة
مكة المكرمة
الجنس
ذكر
التخصص
كيمياء
الدولة
السعودية
المدينة
مكة
المذهب الفقهي
شافعي

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,134
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
أعلى