العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

بين الاختيار والترجيح

د.محمود محمود النجيري

:: مشرف سابق ::
إنضم
19 مارس 2008
المشاركات
1,171
الكنية
أبو مازن
التخصص
الفقه الإسلامي
المدينة
مصر
المذهب الفقهي
الحنبلي
بين الاختيار والترجيح​

الاختيار هو إلحاق المجتهد- الموافق لمذهب من المذاهب الفقهية المستقرة- حكمًا بمسألة يتجاذبها حكمان أو أكثر في هذه المذاهب.
إذن، الاختيار نوع اجتهاد، وليس مجرد انتقاء بالذوق، ويتأكد هذا بكون الاختيار وقوفًا على الأقوال المتنازعة في المسألة، وإدراكًا لأوجه الخلاف بينها، واستيعابًا لأدلة كل قول منها، وتقديم ما حقه التقديم، وتأخير ما مكانه المؤخرة، والأخذ بالصحيح من بينها؛ فهو اختيار صادر عن عمق في الإدراك، وقوة في النقد والتمحيص، وقدرة على التمييز والترجيح، وإحاطة بالأدلة والمذاهب. ولا يختار من لا يعرف الأقوى، والأنسب، والأصلح.
والخلاصة: أن الاختيار هو اجتهاد لمعرفة الصواب، أو الأقرب إليه.
أما الترجيح، فهو أن يكون لأحد الدليلين زيادة قوة مع قيام التعارض ظاهرًا. فالجمهور-مثلا- يُقوِّي أحدَ الدليلين. ويُعمل به، ويُطرح الآخر .
فإن كان أحدهما مرجوحًا بحيث لا يكون حجة في مقابلة الآخر، فلا يقال ترجح أحد الدليلين، وذلك مثل الكتاب والحديث المتواتر، مع خبر الواحد والقياس . فلا شك أن الكتاب والحديث المتواتر يُقدَّم على خبر الواحد والقياس، ولا يجري التعارض هنا، ولا يقال إن الكتاب يرجح خبر الواحد بهذا المعنى، كما لا يقال: إن الحديث المتواتر يرجح على القياس بهذا المعنى... وإن كان بعض الفقهاء يستعملون ذلك تجوزًا إذا تعارضت ظواهر النصوص.
وعلى هذا، يمكن أن نقول: إن الترجيح مقدمة للاختيار؛ لأن الترجيح معناه الاجتهاد حتى يصل إلى الراجح، وإذا كانت الأدلة لا يمكن أن تستوي من كل وجه، فلابد من مرجِّح يُعتمد عليه. ويوضح هذا ابن القيم في مناقشة مسألة: هل يجب على الزوج مجامعة زوجته، واختلاف الفقهاء فيها، فقد اختار أنه: يجب عليه أن يطأها بالمعروف، كما ينفق عليها ويكسوها ويعاشرها بالمعروف.
ثم قال:
"وكان شيخنا- رحمه الله تعالى- يرجح هذا القول، ويختاره" .
ومن هنا، فإن أهل الاختيار أعلى من أهل الترجيح، لأن الترجيح قد يكون بين أقوال الإمام، ويختص به مجتهد المذهب، فإن اختار القول المرجوح من القولين اللذين رجح الإمام أحدهما، رفعه هذا ليصير من أهل الاختيار. وليس ذلك في كل أنواع الترجيح، وإنما في هذه الحالة فقط.
والطريف: أن فقهاء المذاهب اعتمدوا الترجيح بما اختاره شيوخ المذهب، باعتباره إحدى طرق الترجيح في المذهب. فقد رجَّح الحنابلة مثلا بما يلي:
1. الترجيح باختيار جمهور الأصحاب.
2. الترجيح بما اختاره القاضي أبو يعلى، والشريفان، والسراج، وأبو الخطاب، وأبو الوفاء ابن عقيل، وكبار أقرانهم وتلامذتهم ممن اشتهروا بتنقيح المذهب وتحقيقه.
3. الترجيح بما اختاره الموفق، والمجد، والشمس ابن أبي عمر، والشمس ابن مفلح ، وابن رجب، والدجيلي، وابن حمدان، وابن عبد القوي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن عبدوس في تذكرته.
4. الترجيح إن اختلف هؤلاء فيما قدمه صاحب الفروع الشمس ابن مفلح، فإن لم يرجِّح فما اتفق عليه الشيخان: الموفق، والمجد. فإن اختلف الشيخان فالراجح ما وافق فيه ابن رجب، أو شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية، أو الموفق في كتابيه "الكافي"، و"المغني" .

_______________________________________
  1. المحصول في علم الأصول: فخر الدين الرازي، 5/397.
  2. ميزان الأصول في نتائج العقول: علاء الدين السمرقندي، ص730. روضة المحبين ونزهة المشتاقين: ابن القيم، ص194.
  3. روضة المحبين، ص194.
  4. المدخل المفصل: بكر أبو زيد، ص294-295.
 
التعديل الأخير:

سمية

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
22 سبتمبر 2008
المشاركات
508
التخصص
فقه وأصوله
المدينة
00000
المذهب الفقهي
00000
بارك الله فيكم أستاذنا الكريم على هذا البحث القيم، فكثيراً ما نورد المصطلحين معاً دون أن نقف على حد كل مصطلح منهما على حدة، ولا على الفرق بينهما.
 
إنضم
12 أكتوبر 2008
المشاركات
35
التخصص
فقه
المدينة
المنصورة
المذهب الفقهي
شافعي
بارك الله فيكم أستاذنا الكريم على هذا البحث القيم

وأقول :

الذي تعلمته من كتب الشافعية أن الترجيح والاختيار هما من وظيفة المجتهد المطلق المنتسب وهذا اللفظ يسمي به من سلك طريق الشافعي أصولا و فروعا لكنه لتضلعه من علوم الشريعة صارت له ملكة الاجتهاد فأداه اجتهاده إلي ترجيح قول علي قول داخل المذهب أو إلي اختيار رأي مخالف للمذهب كلية في مسألة ما
فالترجيح يكون داخل المذهب يعني ترجيح قول علي قول أو وجه علي وجه

أما الاختيار فهو ترجيح قول من خارج المذهب

وقد وصل إلي هذه المرتبة عندنا كثيرون منهم الإمامان تقي الدين السبكي و سراج الدين البلقيني

وقد لا يراعي بعض المصنفين من أصحابنا الفرق بين المصطلحين فيستعمل كلمة رجح بمعناها العام أي مطلق الذهاب سواء داخل المذهب أم خارجه و التحقيق ما ذكرته من الفرق بينهما

وقد يستعمل بعض المصنفين الاختيار علي مطلق الرأي (مذهبا و ترجيحا واختيارا) كالبعلي في كتابه في اختيارات الإمام ابن تيمية فهو يذكر منها ما هو أصلا مذهب الإمام أحمد وذهب إليه ابن تيمية يعني لم يخالف مذهبه فيه فلا هو ترجيح ولا هو اختيار بالمعني المصطلحي بخلاف اختيارات ابن تيمية المشهورة التي ذكرها البعلي ووسمها بالاختيار أيضا فعلمنا أن البعلي يعني مطلق آراء ابن تيمية لا المعني المصطلحي

وحتي أكون واقعيا أضرب مثالا : الشيخ الإمام تقي الدين السبكي الذي شهد باجتهاده الأئمة البرزالي و الأذرعي والصفدي و ابن النقيب وسلم بذلك السيوطي والسخاوي و الرملي و ابن حجر الهيتمي

أقول السبكي في ترجمته في الطبقات الكبري ذكر ولده شيئين :

1- الأول : ما اختاره لنفسه مذهبا مع اعترافه بخروجه عن مذهب الشافعي
2- الثاني : ما رجحه داخل المذهب و خالف فيه النووي

وبهذا يتضح الفرق بين المصطلحين

وبارك الله فيكم
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
بارك الله فيكم أستاذنا الكريم على هذا البحث القيم

وأقول :

الذي تعلمته من كتب الشافعية أن الترجيح والاختيار هما من وظيفة المجتهد المطلق المنتسب وهذا اللفظ يسمي به من سلك طريق الشافعي أصولا و فروعا لكنه لتضلعه من علوم الشريعة صارت له ملكة الاجتهاد فأداه اجتهاده إلي ترجيح قول علي قول داخل المذهب أو إلي اختيار رأي مخالف للمذهب كلية في مسألة ما
فالترجيح يكون داخل المذهب يعني ترجيح قول علي قول أو وجه علي وجه

أما الاختيار فهو ترجيح قول من خارج المذهب

وقد وصل إلي هذه المرتبة عندنا كثيرون منهم الإمامان تقي الدين السبكي و سراج الدين البلقيني

وقد لا يراعي بعض المصنفين من أصحابنا الفرق بين المصطلحين فيستعمل كلمة رجح بمعناها العام أي مطلق الذهاب سواء داخل المذهب أم خارجه و التحقيق ما ذكرته من الفرق بينهما

وقد يستعمل بعض المصنفين الاختيار علي مطلق الرأي (مذهبا و ترجيحا واختيارا) كالبعلي في كتابه في اختيارات الإمام ابن تيمية فهو يذكر منها ما هو أصلا مذهب الإمام أحمد وذهب إليه ابن تيمية يعني لم يخالف مذهبه فيه فلا هو ترجيح ولا هو اختيار بالمعني المصطلحي بخلاف اختيارات ابن تيمية المشهورة التي ذكرها البعلي ووسمها بالاختيار أيضا فعلمنا أن البعلي يعني مطلق آراء ابن تيمية لا المعني المصطلحي

وحتي أكون واقعيا أضرب مثالا : الشيخ الإمام تقي الدين السبكي الذي شهد باجتهاده الأئمة البرزالي و الأذرعي والصفدي و ابن النقيب وسلم بذلك السيوطي والسخاوي و الرملي و ابن حجر الهيتمي

أقول السبكي في ترجمته في الطبقات الكبري ذكر ولده شيئين :

1- الأول : ما اختاره لنفسه مذهبا مع اعترافه بخروجه عن مذهب الشافعي
2- الثاني : ما رجحه داخل المذهب و خالف فيه النووي

وبهذا يتضح الفرق بين المصطلحين

وبارك الله فيكم
بارك الله فيكم إضافة طيبة للموضوع ولفتة مهمة.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
جاءتني خاطرة قبل النوم تفيد ما يلي:
الاختيار: هو بيانٌ للقول الذي تخيره الفقيه من بين جملة أقوال في المسألة، قد يحدده الاصطلاح بمجال معين كأن يكون من خارج المذهب الذي ينتسب إليه صاحب الاختيار، وقد لا يحدد بذلك.
الأول: كما ذكر أخونا سامح عن الشافعية.
والثاني: كما هي طريقة البعلي صاحب اختيارات ابن تيمية فإنه لم يتلزم ذكر اختيارات ابن تيمية الخارجة عن المذهب، بل ذكر فيها ما هو من مفردات الحنابلة.


الترجيح: هو اختيار أحد الأقوال في المسألة مع ذكر سبب اختياره حتى صار راجحاً.

وهذا بالنظر إلى: المعنى الذي يحمله حرف "الاختيار"، والمعنى الذي يحمله حرف "الترجيح".


ما رأيكم؟
 
التعديل الأخير:

أم يوسف السلفية

:: متابع ::
إنضم
27 يوليو 2015
المشاركات
14
الكنية
أم يوسف
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
دبي
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: بين الاختيار والترجيح

بسم الله الرحمن الرحيم

أضيف -متطفلةً- إلى كلام الجهابذة ما توصلت إليه من خلال بحثي المتواضع فيما يخص هذا الموضوع ما يلي:

الفرق بين الاختيار والترجيح:

لم أقف على شيء يدل على تفريق المتقدمين بين المصطلحين الاختيار والترجيح، بل كان استخدامهم للمصطلحين من قبيل المترادفات، فكل ترجيح اختيار وكل اختيار ترجيح. ولكن اختلف جماعة من المتأخرين في مسألة الفرق بين الاختيار والترجيح على قولين لا ثالث لهما على حد بحثي؛ وهما:

القول الأول: مصطلح الاختيار يختلف عن مصطلح الترجيح؛ أي أنهما ليسا بمعنى واحد؛ واستدلوا بأدلة منها:
1. أن الترادف المحض بين الألفاظ في الذات والصفات غير موجود، وهذا دليل على الاختلاف بين اللفظين لاشتمال كل واحد منهما على صفات مختلفة عن الآخر.
2. ذهب الأصوليون في مسائل الترجيح إلى أنه إذا تحقق الترجيح وجب العمل بالراجح، وإهمال الآخر، ولا يلزم ذلك في الاختيار. كما في قوله تعالى: "وَاخْتَارَ مُوسَىظ° قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِّمِيقَاتِنَا" (الأعراف/ 155)، وقوله تعالى: " وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ " (الواقعة/ 20).
3. اتفق معظم أهل الأصول على كون الجمع بين الأدلة أولى من الترجيح؛ لأن الترجيح إسقاط لباقي الأدلة، ولا يلزم ذلك في الاختيار؛ حيث نص الأصوليون على أن من أنكر الترجيح بين الأدلة قال بلزوم التخيير أو الوقف عند التعارض. فيدل ذلك على أن التخيير إعمال لدليل أو قول دون إسقاط الباقي. فإذا وقع التعارض بين مدلولي دليلين لا يمكن الجمع بينهما، فإن طريق المجتهد الترجيح.
4. الترجيح يكون سابقاً للاختيار، أي مقدمة للاختيار؛ والدليل قول ابن القيم: (وكان شيخنا رحمه الله تعالى يرجح هذا القول ويختاره) ، وقال صاحب كتاب التخريج عند الأصوليين والفقهاء: (إن كشف هذا العلم عن قواعد الأئمة يمكّن العالم من ترجيح الأقوال واختيار أقواها عن طريق قوة القاعدة ومتانتها). فتقديم الترجيح على الاختيار في العبارتين يدل على ذلك.
5. إذا كان الترجيح يشترط فيه أن يكون بدليل والاختيار لا يشترط فيه ذلك. بل يمكن أن يكون بدليل أو بغير دليل، وهذا يدل على أن الاختيار أعم من الترجيح دون العكس.

ووضع بعض الباحثين فروقات بين الاختيار والترجيح، لخصتها في الجدول التالي بالإضافة إلى ما توصلت إليه خلال بحثي:

الاختيار

الترجيح
1. يكون بين أقوال كلها تتساوى في الصحة أو قريبة من الصحة.
1. يكون بين الأقوال المقبولة وغير المقبولة، وبين الصحيحة والضعيفة.
2. يكون إعمالاً للمختار دون طرح الآخر.
2. يكون إعمال الراجح وإهمال الآخر.
3. يكون الاختلاف اختلاف تنوع.
3. يكون الاختلاف بين الأقوال اختلاف تضاد.
4. يكون في أغلبه ناتجاً عن رأي وميل قلبي.
4. يكون مستنداً إلى أدلة، بدراستها ومن ثم الترجيح حتى يصير الاختيار راجحاً.
5. يكون ترجيحاً بين أقوال الإمام وبين أقوال غيره من أصحاب المذاهب الأخرى. أي خارج المذهب.
5. يكون ترجيحاً بين أقوال إمام مذهب او بين قوله وقول تلاميذه في المسالة. فيكون ترجيح داخل المذهب.
6. الاختيار يكون في الأقوال فقط.
6. الترجيح يكون بين الأدلة سواء كانت عقلية أو نقلية أو عقلية ونقلية؛ ويكون بين الأقوال.

القول الثاني: الاختيار والترجيح بمعنى واحد؛ واستدلوا بأدلة منها:
1. أن العرب المتقدمين لم يفرقوا بينهما، وهم أقرب زمناً لوضع اللغة ونزول الوحي وهم أدرى بلغة العرب ومدلولاتها. فالمتقدمون يوقعون أحدهما بمعنى الآخر، ويعبرون بهما معاً في جل المواضع.
2. المعنى اللغوي دالٌ على أنهما بمعنى واحد، كما بينّا ذلك آنفاً. فكلاهما فيه تقوية جانب على جانب، بغض النظر عن درجة ضعف ما هو في مقابله.
3. لم يفرق الفقهاء والنحويون ولا المفسرون المتقدمون بينهما.
4. دراستهما تتم بالطريقة نفسها، أي أن آلية التوصل إليهما واحدة؛ فتكون دراسة المادة من حيث أدلتها إن كانت فقهاً، أو طرقها إن كانت حديثاً؛ ثم الترجيح بينها بوجه من أوجه الترجيح المتعددة.
5. قد يذكر صاحب الصنعة مستنده في الترجيح أو الاختيار وقد لا يذكر.
6. كلا اللفظين يستلزم وجود متعدد يتم الاختيار والترجيح من ضمنه.

الراجح: هو أن الاختيار والترجيح ليسا بمعنى واحد؛ لرجوح أدلة أصحاب القول الأول لدي بالإضافة إلى:
1. أنه لا يلزم من عدم تصريح المتقدمين بالفرق بينهما أنهما بمعنى واحد، والقول بأن المتقدمين يوقعون أحدهما بمعنى الآخر غير صحيح، والدليل ما قاله:

الْأَعْشَى:
وهِرَقْلاً يومَ ذِي سَا آتِيدَمَي ... من بني بُرْجانَ فِي البَأْسِ رَجَحْ
وقول بشار:
خُلِقْتُ على ما فيّ غيرَ مخيّرٍ ... هواي ولو خيِّرتُ كنتُ المهذّبا
فكلاهما أراد باللفظ معنى آخر، أراد الأعشى بقوله هم رُجُحٌ على بني برجان أي هرقل أرجح في القتال وشدة البأس منهم. أما بشار فقصد فعل الاختيار الذي هو اصطفاء وتفضيل ما يميل إليه هواه.
2. أما إنهما يتفقان في المعنى اللغوي، فغير صحيح لما سبق وأن أشرنا إليه أن لكل لفظ وضعاً ومدلولاً لا يشاركه فيه لفظ وإن كان من قبيل المشترك؛ لاختلافهما في الذات والصفات.
3. أما أدلة أصحاب القول الأول الباقية (4 - 5 - 6)، فيُرد عليها بأنه لا يلزم من وقوع التشابه بين لفظين في أوجه؛ أنها غير مفترقة معنىً ومدلولاً.

الخلاصة: فيكون ما توصلنا إليه هو:

تعريف الاختيار: هو تقديم قول على قول سواء خارج المذهب أو داخله لقوة أدلته، دون طرح القول الآخر.
تعريف الترجيح: هو تقديم دليل على دليل داخل المذهب بوجه معتبر حتى يصير راجحاً والآخر مرجوحاً.


ملاحظة: لم أراد الوقوف على المراجع والمصادر أرجو فتح الملف المرفق؛ كما أرجو التصويب في حال وجود خطأ أو سوء فهم من الباحثة.
هذا والله تعالى أعلى وأعلم
 

المرفقات

  • الفرق بين لفظي ا&#.pdf
    551.7 KB · المشاهدات: 25
إنضم
21 نوفمبر 2010
المشاركات
298
التخصص
الفقه المالكي وأصوله
المدينة
وهران
المذهب الفقهي
المالكي
رد: بين الاختيار والترجيح

حياك الله الأخت أم يوسف جزاك الله خيرا على المجهود
ووضع بعض الباحثين فروقات بين الاختيار والترجيح، لخصتها في الجدول التالي بالإضافة إلى ما توصلت إليه خلال بحثي:
أرجو منكم أن تحيلوني على المرجع، بورك فيكم
 
إنضم
1 نوفمبر 2021
المشاركات
1
الجنس
أنثى
الكنية
أم عبدالرحمن
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
رد: بين الاختيار والترجيح

بسم الله الرحمن الرحيم

أضيف -متطفلةً- إلى كلام الجهابذة ما توصلت إليه من خلال بحثي المتواضع فيما يخص هذا الموضوع ما يلي:

الفرق بين الاختيار والترجيح:

لم أقف على شيء يدل على تفريق المتقدمين بين المصطلحين الاختيار والترجيح، بل كان استخدامهم للمصطلحين من قبيل المترادفات، فكل ترجيح اختيار وكل اختيار ترجيح. ولكن اختلف جماعة من المتأخرين في مسألة الفرق بين الاختيار والترجيح على قولين لا ثالث لهما على حد بحثي؛ وهما:


القول الأول: مصطلح الاختيار يختلف عن مصطلح الترجيح؛ أي أنهما ليسا بمعنى واحد؛ واستدلوا بأدلة منها:
1. أن الترادف المحض بين الألفاظ في الذات والصفات غير موجود، وهذا دليل على الاختلاف بين اللفظين لاشتمال كل واحد منهما على صفات مختلفة عن الآخر.
2. ذهب الأصوليون في مسائل الترجيح إلى أنه إذا تحقق الترجيح وجب العمل بالراجح، وإهمال الآخر، ولا يلزم ذلك في الاختيار. كما في قوله تعالى: "
وَاخْتَارَ مُوسَىظ° قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِّمِيقَاتِنَا" (الأعراف/ 155)، وقوله تعالى: " وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ " (الواقعة/ 20).
3. اتفق معظم أهل الأصول على كون الجمع بين الأدلة أولى من الترجيح؛ لأن الترجيح إسقاط لباقي الأدلة، ولا يلزم ذلك في الاختيار؛ حيث نص الأصوليون على أن من أنكر الترجيح بين الأدلة قال بلزوم التخيير أو الوقف عند التعارض. فيدل ذلك على أن التخيير إعمال لدليل أو قول دون إسقاط الباقي. فإذا وقع التعارض بين مدلولي دليلين لا يمكن الجمع بينهما، فإن طريق المجتهد الترجيح.
4. الترجيح يكون سابقاً للاختيار، أي مقدمة للاختيار؛ والدليل قول ابن القيم: (وكان شيخنا رحمه الله تعالى يرجح هذا القول ويختاره) ، وقال صاحب كتاب التخريج عند الأصوليين والفقهاء: (إن كشف هذا العلم عن قواعد الأئمة يمكّن العالم من ترجيح الأقوال واختيار أقواها عن طريق قوة القاعدة ومتانتها). فتقديم الترجيح على الاختيار في العبارتين يدل على ذلك.
5. إذا كان الترجيح يشترط فيه أن يكون بدليل والاختيار لا يشترط فيه ذلك. بل يمكن أن يكون بدليل أو بغير دليل، وهذا يدل على أن الاختيار أعم من الترجيح دون العكس.

ووضع بعض الباحثين فروقات بين الاختيار والترجيح، لخصتها في الجدول التالي بالإضافة إلى ما توصلت إليه خلال بحثي:



الاختيار


الترجيح
1. يكون بين أقوال كلها تتساوى في الصحة أو قريبة من الصحة.1. يكون بين الأقوال المقبولة وغير المقبولة، وبين الصحيحة والضعيفة.
2. يكون إعمالاً للمختار دون طرح الآخر.2. يكون إعمال الراجح وإهمال الآخر.
3. يكون الاختلاف اختلاف تنوع.3. يكون الاختلاف بين الأقوال اختلاف تضاد.
4. يكون في أغلبه ناتجاً عن رأي وميل قلبي.4. يكون مستنداً إلى أدلة، بدراستها ومن ثم الترجيح حتى يصير الاختيار راجحاً.
5. يكون ترجيحاً بين أقوال الإمام وبين أقوال غيره من أصحاب المذاهب الأخرى. أي خارج المذهب.5. يكون ترجيحاً بين أقوال إمام مذهب او بين قوله وقول تلاميذه في المسالة. فيكون ترجيح داخل المذهب.
6. الاختيار يكون في الأقوال فقط. 6. الترجيح يكون بين الأدلة سواء كانت عقلية أو نقلية أو عقلية ونقلية؛ ويكون بين الأقوال.


القول الثاني: الاختيار والترجيح بمعنى واحد؛ واستدلوا بأدلة منها:
1. أن العرب المتقدمين لم يفرقوا بينهما، وهم أقرب زمناً لوضع اللغة ونزول الوحي وهم أدرى بلغة العرب ومدلولاتها. فالمتقدمون يوقعون أحدهما بمعنى الآخر، ويعبرون بهما معاً في جل المواضع.
2. المعنى اللغوي دالٌ على أنهما بمعنى واحد، كما بينّا ذلك آنفاً. فكلاهما فيه تقوية جانب على جانب، بغض النظر عن درجة ضعف ما هو في مقابله.
3. لم يفرق الفقهاء والنحويون ولا المفسرون المتقدمون بينهما.
4. دراستهما تتم بالطريقة نفسها، أي أن آلية التوصل إليهما واحدة؛ فتكون دراسة المادة من حيث أدلتها إن كانت فقهاً، أو طرقها إن كانت حديثاً؛ ثم الترجيح بينها بوجه من أوجه الترجيح المتعددة.
5. قد يذكر صاحب الصنعة مستنده في الترجيح أو الاختيار وقد لا يذكر.
6. كلا اللفظين يستلزم وجود متعدد يتم الاختيار والترجيح من ضمنه.


الراجح: هو أن الاختيار والترجيح ليسا بمعنى واحد؛ لرجوح أدلة أصحاب القول الأول لدي بالإضافة إلى:
1. أنه لا يلزم من عدم تصريح المتقدمين بالفرق بينهما أنهما بمعنى واحد، والقول بأن المتقدمين يوقعون أحدهما بمعنى الآخر غير صحيح، والدليل ما قاله:

الْأَعْشَى:


وهِرَقْلاً يومَ ذِي سَا آتِيدَمَي ... من بني بُرْجانَ فِي البَأْسِ رَجَحْ

وقول بشار:

خُلِقْتُ على ما فيّ غيرَ مخيّرٍ ... هواي ولو خيِّرتُ كنتُ المهذّبا

فكلاهما أراد باللفظ معنى آخر، أراد الأعشى بقوله هم رُجُحٌ على بني برجان أي هرقل أرجح في القتال وشدة البأس منهم. أما بشار فقصد فعل الاختيار الذي هو اصطفاء وتفضيل ما يميل إليه هواه.
2. أما إنهما يتفقان في المعنى اللغوي، فغير صحيح لما سبق وأن أشرنا إليه أن لكل لفظ وضعاً ومدلولاً لا يشاركه فيه لفظ وإن كان من قبيل المشترك؛ لاختلافهما في الذات والصفات.
3. أما أدلة أصحاب القول الأول الباقية (4 - 5 - 6)، فيُرد عليها بأنه لا يلزم من وقوع التشابه بين لفظين في أوجه؛ أنها غير مفترقة معنىً ومدلولاً.

الخلاصة: فيكون ما توصلنا إليه هو:

تعريف الاختيار: هو تقديم قول على قول سواء خارج المذهب أو داخله لقوة أدلته، دون طرح القول الآخر.
تعريف الترجيح: هو تقديم دليل على دليل داخل المذهب بوجه معتبر حتى يصير راجحاً والآخر مرجوحاً.


ملاحظة: لم أراد الوقوف على المراجع والمصادر أرجو فتح الملف المرفق؛ كما أرجو التصويب في حال وجود خطأ أو سوء فهم من الباحثة.
هذا والله تعالى أعلى وأعلم
بوركت الجهود لكن ملف المرفقات لايفتح بحاجة جدا للمراجع في هذا الموضوع
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,134
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
أعلى