العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

المفطرات المتعلقة بالمنافذ غير الطبيعية[الإبر، الجراح، المناظير، غسيل الكلى...]

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
المفطرات المتعلقة بالمنافذ غير الطبيعية:

[أو بتعبير الحنفية: "المخارق غير الأصلية"]

· الجراح [الجائفة - المأمومة].


· الإبر.


· غسيل الكلى.


· بعض أجهزة المنظار.

 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
أولاً: مداواة الجراح:
الجراح على قسمين:
القسم الأول: أن تكون غير جائفة ولا آمة فهذا لا يقع الفطر بمداواتها بإجماع المذاهب الفقهية بحسب اطلاعي.
القسم الثاني: أن تكون جائفة أو آمة:
فاختلف فيها أهل العلم على قولين:
الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة: أنها مفطرة.
لكن قيدها الحنفية: بالدواء الرطب، أما اليابس فلا يفطر إلا إن علم وصوله.
وذهب المالكية وأبو ثور ويعقوب ومحمد: إلى عدم الفطر.
وهذه طريقة أهل الظاهر: في الاقتصار في المفطرات على ما تحقق فيه صورة الأكل، والشرب.
وهي أيضاً طريقةجماعة من مضيقي دائرة الإفطار: كابن تيمية والقرضاوي.
فالمسألة فيها قولان عند الإجمال:
1- الإفطار.
2- عدم الإفطار.
وثلاثة أقوال عند التفصيل: بتمييز تفريق الحنفية بالفطر بالرطب دون اليابس.


الأدلة:
مستند القول بالفطر [الجمهور]:
أنه واصلٌ إلى الجوف الأصلي، وهو محل الطعام والشراب، أو الفرعي، وهو الدماغ، فيقع الإفطار به، ولا يمنع من ذلك كون الداخل من غير المخارق الأصلية، فحديث لقيط بن صبرة دالٌ على إلغاء النظر إلى المنفذ إذا تحقق الدخول إلى الجوف.



مستند القول بعدم الفطر [المالكية]:
  • أن الجرح ليس بمنفذ، فهو مخرق غير طبيعي، فالوصول عن طريقه مشكوك فيه فلا نحكم بالفساد مع الشك، أما الواصل إلى الجوف من المخارق الأصلية فمتيقن به.
  • أنها لا تصل إلى مدخل الطعام والشراب، ولو وصلت إليه لمات من ساعته.
  • أن رطوبة الدواء مع رطوبة الجراحة إذا التقتا تسقط قوة الدواء، ولا يصل إلى الجوف ما هو مصلح للبدن.
  • أن الإفطار بمداواة الجائفة والمأمومة من دين الله الذي يجب على النبي صلى الله عليه وسلم بيانه وأنه مما تعم به البلوى فتتوفر الدواعي على نقله، وأنه لم ينقل فلا يقبل القول به [هذه طريقة ابن تيمية في الاستدلال].
مستند الحنفية في التفريق بين الدواء الرطب واليابس:
§ أن مناط المسألة في الوصول، والعادة أن الطري هو الواصل ما دام ثمة منفذ إلى الأسفل.
§ أن اليابس يستمسك على رأس الجرح، وينشف رطوبات الجرح، فلا يسيل ما بقي قوة الدواء معه، وبعد سقوط القوة لا يبقى مصلحاً


اتجاهات المعاصرين المضافة في هذه المسألة:
الاتجاه الأول:رفض بت الحكم فيها: لأن المصاب بهذه الجراح مشرف على الموت أو يكاد، والعادة الغالب ألا يكون صائماً أصلاً.
الاتجاه الثاني: تقييد الدواء الذي يحصل به الإفطار بقيدين:
1- أن يكون مغذياً.
2- أن يصل إلى الجهاز الهضمي.
الاتجاه الثالث:التفريق بين مداواة الآمة والجائفة:
فيمنع الإفطار بمداواة الآمة: لأنه ليس لبطون الدماغ ولا لسائل المخ الشوكي أي علاقة بالجهاز الهضمي، فليس بينهما منفذ، ما دام الحاوي سليما، أما إذا انكسر فالوضع أخطر من الصيام والفطر؛ لأن المصاب يكون في وضع يستدعي العلاج المكثف، وإجراء عمليات دقيقة وبقاءه مدة في المراقبة المستمرة وفي بيت الإنعاش إن كتبت له الحياة، وقلما يقع إذا ما انهدم بناء الجمجمة فالصورة كلها افتراضية.
وبالتالي فإن كل ما ذكره الفقهاء من أن ذلك سبب للإفطار لا أساس له من الصحة، فالمأمومة ومداواتها وبطون الدماغ كلها بعيدة كل البعد عن الجوف المقصود في الصيام.
ويحكم بفطر مداواة الجائفة: إذا علم وصول الدواء إلى الأجهزة القابلة ثم المحيلة.

وهذا الاتجاه هو الراجح:

فإن قيل: لكن الجمهور على اعتبار الدماغ جوفاً.
أجيب: بأن مستندهم في ذلك أن ما يصل إلى الدماغ يصل إلى الجوف الأصلي، وقد ثبت وهاء هذا التصور، فينبغي أن تعاد صيغة المسألة عندهم حسب هذا المستجد، وقد نصوا أن سبب اعتباره جوفاً، هو نفوذه إلى الجوف الأصلي، ووقع للفقهاء جملة مسائل أناطوها بقضية الوصول فالحنفية في هذه المسألة فرقوا بين الرطب واليابس التفاتاً إلى قضية الوصول، ونصوا في بعض مسائل المفطرات أن تحرير مناطها يعود إلى الطب لا إلى الفقه، كما في بعض أقوالهم في مسائل المنافذ السفلى في المفطرات.
فحق المسألة مع المستجدات الطبية الحديثة:أن تنتقل إلى حيث ما استجد، وعدم اعتبار الدماغ جوفاً هو قول المالكية وهو مذهبٌ قائمٌ برأسه، وهو يلتقي مع طريقة مضيقي دائرة المفطرات، وقد قطع بصحتها الأطباء الثقات.

ولا يقال: إن التفريق بين الجائفة والآمة ليس في كلام الفقهاء، فأقوالهم دائرة بين الفطر بهما وبين عدم الفطر بهما، والخروج عن هذين القول خرقٌ للإجماع.
وذلك: لأنهما مسألتان منفصلتان:
فقول المعاصرين: بعدم الفطر بالآمة: هو قول المالكية.
وقولهم بالفطر بالجائفة: هو قول الجمهور، فقولهم بطرفيه مسبوق، وإنما حصلت الإضافة لديهم من حيث الصياغة والشكل بالنظر إلى حكم المسألتين معاً، ومعلوم أن صياغة المسائل متأخرة.
فلو قيل: ما حكم دواء الآمة:
لقلنا: الجمهور على الفطر به دون المالكية، والصواب قول الماليكة، وقد قطع الأطباء بعدم الوصول إلى الجوف.
ولو قيل: ما حكم دواء الجائفة:
لقلنا: الجمهور على الفطر به دون المالكية، والصواب قول الجمهور إذا تحقق الوصول إلى الجوف المعتبر شرعاً.
أما التفريق بين الدواء والغذاء: فضعيف، فلا فرق في الداخل إلى الجوف بين الغذاء والدواء؛ بل إن وصف التغذي لاغٍ عند أكثر أهل العلم، وإنما شاع بين المعاصرين، ولم يحققوه، فاشترطوه في الداخل من المنفذ غير المعتاد دون الداخل من المنفذ المعتاد.
أما قول ابن تيمية رحمه الله: إن مداوة الجائفة والمأمومة مما تعم بها البلوى، فلو كان يقع الإفطار به لنقل لتوافر الدواعي على نقله.
فقد تعقبه السلامي: بأن هذا البناء وإن كان محكما قويا في ظاهره إلا أن التأمل فيه يكشف ثغرات فيه، ذلك أن عوارض التشريع الأصلي مما أوكله الله لمن أوتي فهما في القرآن وفي السنة، وأنه لا يجب على النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعرض لكل جزئية يمكن أن تحدث بالبيان، وليست المأمومة ولا الجائفة مما تعم به البلوى، فمن أين له أن المجروحين في عهد النبوة بجائفة أو مأمومة كانوا من الكثرة حتى إن البلوى عمت، والمتتبع للفقه وقضايا الطهارة والصلاة يجد عددا كثيرا من المسائل وكثارا من القضايا التي وصل إليها الفقهاء بالاستنباط من النصوص الواردة إما فهما نافذا وإما قياسا.
قلت: يبدو أن محل الخلاف بين ابن تيمية وبين السلامي هو في اعتبار قضية المأمومة والجائفة مما تعم به البلوى أو مما لا تعم ، فطريقة ابن تيمية تنص على أن هذه القضية مما تعم بها البلوى، بينما الشيخ السلامي يبت نافيا أن تكون الجائفة أو المأمومة مما تعم بها البلوى.
وطريقة السلامي أظهر إن شاء الله تعالى، وبنظري أن مسائل المفطرات من الظهور بمكان لوضوح ا لعلل الشرعية فيها، فحقها قصر النظر فيها إلى تحقق الوصف الشرعي أو عدم تحققه، أما طريقة ابن تيمية رحمه الله فتصلح أن تكون دليلاً مضافاً إذا تحقق لديه عدم توفر الوصف الشرعي في الإفطار بها.
وبما سبق:
يتبين لنا أن اتجاه المعاصرين بالإفطار بدواء الجائفة إذا تحقق وصوله دون دواء الآمة: صحيح إن شاء الله من حيث الدليل والمعنى، وقد عضده علم التشريح الحديث، وليس هو ببدع من القول إنما هو في طرفيه امتداد لأقوال الفقهاء القدامى.
يبقى أن يقال:
هناك حالات مرضية بالغة الخطورة لا مجال فيها للحديث عن صحة الصوم فيها فهو إما مشرف الموت أو يكاد، والغالب والعادة أن يكون مفطرا بل قد يكون ممنوعا من الصوم، وهذه ملاحظة مهمة تفيد ندرة وقوع السؤال عن أحكام هذه الصور، ولكن على الفقيه أن يكون ملما بحكم الصورة لو حصلت حتى لو كان وقوعها على سبيل الندور، على طريقة الفقهاء القدامى في فرض المسائل المقدرة، فما بالك بما يمكن أن يقع.
فمثلاً: مداواة المأمومة قد تستمر أياما ويحتاج إلى مداواتها وهو يقدر على الصيام.
ويمكن أن نقسم أحوال المرض على ثلاثة أحوال:
o أن يكون الإفطار لازما له [فهنا لا مجال لمناقشة فساد صومه].
o أن يكون الإفطار لازما له في الغالب [فهنا لا بد من معرفة الحكم لو وقع مع التنبه لغلبة حصول الإفطار].
o ألا يكون الإفطار لازما له [فهنا تشتد الحاجة إلى إدراك الحكم الشرعي].
 
التعديل الأخير:
إنضم
22 مارس 2008
المشاركات
392
الكنية
أبو صهيب
التخصص
الفقه
المدينة
طيبة
المذهب الفقهي
حنبلي
لدي عدة إشكالات:
1- لزوم الفطر في حق المريض لا يعني عدم صحة صومه وعليه فلابد من البحث في مسألة الفطر بالمداواة.
2-لزوم الفطر للمريض مبني على وجوب التداوي وهو محل نزاع أصلا ولا يخفاك أن الحنابلة لايوجبون التداوي ولا الفطر على من يضره الصوم
3-ظاهر كلام بعض الفقهاء أن الدماغ جوف مستقل فأرجو توثيق قولك(وقد نصوا أن سبب اعتباره جوفاً، هو نفوذه إلى الجوف الأصلي
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ما معنى الجائفة والآمة ؟

جزاك الله خيراً على التنبيه، كان من الضروري الإشارة إليها أولأً:
الجائفة باختصار: هي جراح البطن التي تنفذ إلى جوفه.
والآمة:
هي الشجة التي تبلغ أم الرأس.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
لدي عدة إشكالات:
1- لزوم الفطر في حق المريض لا يعني عدم صحة صومه وعليه فلابد من البحث في مسألة الفطر بالمداواة.
Font][/b][/size][/font]


نعم لزوم الفطر في حق المريض لا يعني عدم صحة صومه، ولكن من باب الفقه قسمنا تعلق المريض بالدواء إلى مراتب:

فمرتبة لا مجال فيها للكلام هل يفطر أو لا لأنه في غرفة الإنعاش، ويتداوى، وإن كان الفطر لا يقع إلا بالتداوي فلو أنه مات قبل أن يتداوى لمات صائما، وهذه تشبه قضية الوجور، والخلاف بين الجمهور والشافعية، فالجمهور على الفطر، والشافعية على الوجه المصحح عندهم لا يفطر لفوات القصد.

ومرتبة أخرى الغالب فيها استعمال الدواء ويندر عدم استعماله

والمرتبة الأخيرة ما تعم به البلوى بكثرة استعمال المريض.

فاستحضار الفقيه لهذه الصور يجعله أكثر دقة في إعطاء الحكم.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
لدي عدة إشكالات:
3-ظاهر كلام بعض الفقهاء أن الدماغ جوف مستقل فأرجو توثيق قولك(وقد نصوا أن سبب اعتباره جوفاً، هو نفوذه إلى الجوف الأصلي

نعم، عند تفسير كون الدماغ جوفاً، يذكرون أنه طريق إلى الجوف الأصلي، تجد هذا في معرض تعليلاتهم، لسبب كونه جوفاً.
أما كونهم يطلقون في مواضع كثيرة أن الدماغ جوف، فنعم، وليسوا هم بحاجة في كل موضع أن يقولوا هو جوفٌ لأنه ينفذ إلى الجوف الأصلي، لأن هذا إنما يكون في موضوع الاستدلال على كونه جوفاً لا في موضع التقرير.
وينبغي أن تحمل إطلاقاتهم المجملة على كلامهم المفصل.
ويبدو لي أن سبب اكتفائهم بذلك أنه قد ثبت ذلك لديهم بالنص، وهو حديث لقيط بن صبرة، فكانوا يرونه كافياً في الدلالة على أن الدماغ جوف، لظنهم أن الماء ينفذ إلى الدماغ أولاً، فكانوا بذلك يعدون الدماغ مناطاً للجوف الأصلي، كما كان الحلق مناطاً أيضاً عند جميعهم إما بالوصول إليه أو بمجاوزته.
فالدماغ والحلق مناطان في اعتبار الوصول إلى الجوف الأصلي عند أكثر الفقهاء.
ويدلك على أن هذا أن بعضهم اعتبر الحلق جوفاً، وبعضهم اعتبر المثانة والدبر جوفاً، مع تنصيص جميعهم أنه واصل إلى الجوف الأصلي

ولا أستبعد - التفاتاً إلى تنبيهكم- أن يكون بعض الفقهاء اعتبر الدماغ جوفاً مستقلاً بنفسه بناء على حديث لقيط بن صبرة، أخذا من جملة من إطلاقاتهم، وبحسب فهم بعضهم للحديث، وبحسب إجماع الفقهاء الأربعة على التفطير بالتقطير في الأذن


بالنسبة للتوثيق فالبحث جاري الآن إن شاء الله، ولم أكن موفقاً حين أهملت توثيق ذلك، وهو من الأهمية بمكان، وقد تأكد ذلك لي من خلال استشكال أمثالكم.

وأشكر جميع الإخوة استشكالاتهم العلمية المحكمة، والتي بنظري تفوق كثيراً من ملاحظات المحكمين، بحسب ناتج الأبحاث المحكمة.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
كنتيجة أولية يبدو أن في اعتبار الفقهاء لجوف الرأس، وهو الدماغ مسلكان:
المسلك الأول:
أنه جوف مستقل بنفسه، يدل على ذلك بعض إطلاقاتهم:
يقول الخطابي في معالم السنن في فوائد حديث لقيط بن صبرة:
وفي الحديث دليل على ان ما وصل إلى الدماغ من سعوط ونحوه فإنه يفطر الصائم، كما يفطره ما يصل إلى معدته...وفيه دليل على أنه بالغ في الاستنشاق ذاكرا لصومه، فوصل الماء إلى دماغه فقد أفسد صومه.
ونقل هذه الفائدة عنه العيني في شرح أبي داود.
ويقول الجصاص:
حديث لقيط بن صبرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (وبالغ في الإستنشاق إلا أن تكون صائما) فأمره بالمبالغة في الإستنشاق ونهاه عنها لأجل الصوم فدل ذلك على أن ما وصل بالإستنشاق إلى الحلق أو إلى الدماغ أنه يفطر لولا ذلك لما كان لنهيه عنها لأجل الصوم معنى مع أمره بها في غير الصوم وصار ذلك أصلا عند أبي حنيفة في إيجاب القضاء في كل ما وصل إلى الجوف واستقر فيه مما يستطاع الإمتناع منه سواء كان وصوله من مجرى الطعام والشراب أو من مخارق البدن التي هي خلقة في بنية الإنسان أو من غيرها لأن المعنى في الجميع وصوله إلى الجوف واستقراره فيه مع إمكان الإمتناع منه في العادة.

المسلك الثاني: اعتباره جوفاً فرعياً لكونه مسلكاً إلى الجوف الأصلي:

يقول ابن عابدين في حاشيته (2 / 403):
قال في البحر والتحقيق أن بين جوف الرأس وجوف المعدة منفذا أصليا ، فما وصل إلى جوف الرأس يصل إلى جوف البطن اه ط
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
قال الشيرازي في "المهذب": (ولأن الدماغ أحد الجوفين، فبطل الصوم بالواصل إليه كالبطن).

وذكر النووي في "شرح المهذب" الوجهين عندهم في تحديد الجوف (أو الباطن الذي يحصل الفطر بوصول العين إليه)..
(أحدهما) ما يقع عليه اسم الجوف
(والثاني) أن يكون فيه قوة تحيل الواصل إليه من غذاء أو دواء
قال: (وعلى الوجهين جميعاً باطن الدماغ والبطن والأمعاء والمثانة مما يفطر الوصول إليه بلا خلاف، حتى لو كان ببطنه أو برأسه مأمومة .....)
تنبيه: "بلا خلاف" هنا، يعني: عند الشافعية.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
جزاك الله خيراً يا أبا بكر
نعم، الشافعية رحمهم الله ينصون على أن الدماغ جوف، ويكفي في الفطر الوصول إليه، وقد نص إمامهم في الأم أن الرأس جوف، ولعل هذا ما يفسر جزمهم بذلك.
لكن مع ذلك فقد نص إمامهم أيضاً في الأم:
أن ما يصل إلى الدماغ فهو كما يصل إلى المعدة لأنه يغتذي من المعدة.
وسأعد موضوعاً خاصاً بإذن الله بعد الانتهاء من هذا الدرس.
في المحددات الثلاثة عند الفقهاء:1-
1- الجوف.
2- المنفذ.
3- العين المفطرة.

وإن كان قد سبقت الإشارة إليها في فقه حديث لقيط بن صبرة.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يبقى أن يقال هنا:
الصحيح إن شاء الله تعالى أن الدماغ ليس بجوف لأن المقدمتين اللتين اعتمد عليهما أو على إحداهما من اعتبره جوفاً ظهر ظعفهما لاسيما مع ما استجد من علم التشريح:

وهاتان المقدمتان هما:1- أن المخوف في حديث لقيط بن صبرة وصول الماء إلى الدماغ، وأن ذلك غير صحيح، وإنما الوصول إلى الحلق، كما جزم جماعة من الفقهاء، وقطع به الأطباء.
2- أن ما يصل إلى الدماغ يصل إلى الجوف.
وأثبت علم التشريح عدم صحة ذلك.
وسبق كذلك أن عدم اعتبار الدماغ جوفاً هو قول جماعة من الفقهاء القدامى والمعاصرين، وهو وجهٌ مصحح لدى المالكية.
 
إنضم
22 مارس 2008
المشاركات
392
الكنية
أبو صهيب
التخصص
الفقه
المدينة
طيبة
المذهب الفقهي
حنبلي
دورة ماتعة نافعة
أجمل ما فيها سعة صدر الشيخ فؤاد للاعتراض
واستمراره في البحث والتحرير
فلله درك يا شيخنا
ــ
لدي إشكال وهو:
هل يمكن معرفة أحكام المفطرات معرفة صحيحة 100% دون معرفة بعلم التشريح الحديث؟
إذا كان الجواب: لا فهل كان الصحابة يعرفونها؟
وإذا كان الجواب: نعم فكيف؟
هذا إشكال يرد علي كثيرا في جملة من المسائل التي تؤثر فيها المعرفة بالعلوم الحديثة عندما أتذكر كلام الشاطبي في الموافقات حول كون الشريعة أمية:
( ومنها أن تكون التكاليف الاعتقادية والعملية مما يسع الأمى تعقلها ليسعه الدخول تحت حكمها .... وأما العمليات فمن مراعاة الأمية فيها أن وقع تكليفهم بالجلائل فى الأعمال والتقريبات فى الأمور بحيث يدركها الجمهور كما عرف أوقات الصلوات بالأمور المشاهدة لهم كتعريفها بالظلال وطلوع الفجر والشمس وغروبها وغروب الشفق وكذلك فى الصيام فى قوله تعالى حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ولما كان فيهم من حمل العبارة على حقيقتها نزل من الفجر وفى الحديث
إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم وقال نحن أمة أمية لا نحسب ولا نكتب الشهر هكذا وهكذا وقال
لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ولم يطالبنا بحساب مسير الشمس مع القمر فى المنازل لأن ذلك لم يكن من معهود العرب ولا من علومها ولدقة الأمر فيه وصعوبة الطريق إليه وأجرى لنا غلبة الظن فى الأحكام مجرى اليقين وعذر الجاهل فرفع عنه الإثم وعفا عن الخطأ إلى غير ذلك من الأمور المشتركة للجمهور فلا يصح الخروج عما حد فى الشريعة ولا تطلب ما وراء هذه الغاية فإنها مظنة الضلال ومزلة الأقدام )
 
إنضم
22 مارس 2008
المشاركات
392
الكنية
أبو صهيب
التخصص
الفقه
المدينة
طيبة
المذهب الفقهي
حنبلي
دورة ماتعة نافعة
أجمل ما فيها سعة صدر الشيخ فؤاد للاعتراض
واستمراره في البحث والتحرير
فلله درك يا شيخنا
ــ
لدي إشكال وهو:
هل يمكن معرفة أحكام المفطرات معرفة صحيحة 100% دون معرفة بعلم التشريح الحديث؟
إذا كان الجواب: لا فهل كان الصحابة يعرفونها؟
وإذا كان الجواب: نعم فكيف؟
هذا إشكال يرد علي كثيرا في جملة من المسائل التي تؤثر فيها المعرفة بالعلوم الحديثة عندما أتذكر كلام الشاطبي في الموافقات حول كون الشريعة أمية:
( ومنها أن تكون التكاليف الاعتقادية والعملية مما يسع الأمى تعقلها ليسعه الدخول تحت حكمها .... وأما العمليات فمن مراعاة الأمية فيها أن وقع تكليفهم بالجلائل فى الأعمال والتقريبات فى الأمور بحيث يدركها الجمهور كما عرف أوقات الصلوات بالأمور المشاهدة لهم كتعريفها بالظلال وطلوع الفجر والشمس وغروبها وغروب الشفق وكذلك فى الصيام فى قوله تعالى حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ولما كان فيهم من حمل العبارة على حقيقتها نزل من الفجر وفى الحديث
إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم وقال نحن أمة أمية لا نحسب ولا نكتب الشهر هكذا وهكذا وقال
لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ولم يطالبنا بحساب مسير الشمس مع القمر فى المنازل لأن ذلك لم يكن من معهود العرب ولا من علومها ولدقة الأمر فيه وصعوبة الطريق إليه وأجرى لنا غلبة الظن فى الأحكام مجرى اليقين وعذر الجاهل فرفع عنه الإثم وعفا عن الخطأ إلى غير ذلك من الأمور المشتركة للجمهور فلا يصح الخروج عما حد فى الشريعة ولا تطلب ما وراء هذه الغاية فإنها مظنة الضلال ومزلة الأقدام )
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
أبا فراس.. جزاك الله خيرا
كنت أريد نقل بعض ما عند الشافعية في شروح مختصراتهم مما يفيد أنهم يرون أن الداخل للدماغ أو الأذن قد يصل للجوف..
وقد داهمني الوقت فلم أتمه
ويكفي ما نسبتَه لكتاب لإمام الشافعي.. وبارك الله فيك
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
لدي إشكال وهو:
هل يمكن معرفة أحكام المفطرات معرفة صحيحة 100% دون معرفة بعلم التشريح الحديث؟
إذا كان الجواب: لا فهل كان الصحابة يعرفونها؟
وإذا كان الجواب: نعم فكيف؟
هذا إشكال يرد علي كثيرا في جملة من المسائل التي تؤثر فيها المعرفة بالعلوم الحديثة عندما أتذكر كلام الشاطبي في الموافقات حول كون الشريعة أمية:
( ومنها أن تكون التكاليف الاعتقادية والعملية مما يسع الأمى تعقلها ليسعه الدخول تحت حكمها .... وأما العمليات فمن مراعاة الأمية فيها أن وقع تكليفهم بالجلائل فى الأعمال والتقريبات فى الأمور بحيث يدركها الجمهور كما عرف أوقات الصلوات بالأمور المشاهدة لهم كتعريفها بالظلال وطلوع الفجر والشمس وغروبها وغروب الشفق وكذلك فى الصيام فى قوله تعالى حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ولما كان فيهم من حمل العبارة على حقيقتها نزل من الفجر وفى الحديث
إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم وقال نحن أمة أمية لا نحسب ولا نكتب الشهر هكذا وهكذا وقال
لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ولم يطالبنا بحساب مسير الشمس مع القمر فى المنازل لأن ذلك لم يكن من معهود العرب ولا من علومها ولدقة الأمر فيه وصعوبة الطريق إليه وأجرى لنا غلبة الظن فى الأحكام مجرى اليقين وعذر الجاهل فرفع عنه الإثم وعفا عن الخطأ إلى غير ذلك من الأمور المشتركة للجمهور فلا يصح الخروج عما حد فى الشريعة ولا تطلب ما وراء هذه الغاية فإنها مظنة الضلال ومزلة الأقدام )

100% هذه لا تصح في غالب التفاريع الفقهية، وإنما محلها قطعيات الشريعة
وهذا لا يخفى عليكم، وواضح أن مرادكم أنه هل يمكن تحصيل الحكم الشرعي اليوم دون الالتفات إلى علم الشريح الحديث؟
بوجهة نظري: نعم.
ومن خلال دراسة مفصلة في قواعد الفقهاء مذهبا مذهبا، ومن خلال النظر في اتجاه تضييق دائرة المفطرات من أهل الظاهر وغيرهم كالحسن بن صالح وابن تيمية والقرضاوي وغيرهم.
ومن خلال النظر في أبحاث الفقهاء المعاصرة.
ومن خلال النظر في أبحاث الأطباء المعاصرة
يبدو لي بشكل واضح أنه لا حاجة ماسة إلى معرفة علم التشريح الحديث.
وكل مسائل المفطرات يمكن تحصيلها من حيث النظر في الحكم الشرعي، ومن حيث معرفة المبادئ الصحيحة المعروفة قديماً في علم التشريح.
لكن تبقى فائدة علم التشريح اليوم أنها رفعت بعض الأقوال من مرتبة الراجح المظنون إلى مرتبة المقطوع به، وأنزلت بعض الأقوال من مرتبة المرجوح المظنون إلى مرتبة الخطأ المحض.
فكل المسائل التي عضدها علم التشريح اليوم هي أقوال جماعة من الفقهاء القدامى وذكروا وجهة نظرهم مفصلة في باب المفطرات، وقد تبين هذا في موضوع فقه حديث لقيط بن صبرة.
فمثلاً التحاميل حكمها حكم المسام بكل وضوح، فالصورة واحدة، وأخذ الدواء والغذاء عن طريق الإبر ثم إيصالها إلى الجوف المعتبر حكمها حكم الأكل والشرب.
يبقى أن يقال ثمة مستجدات طبية أضافت جملة من المسائل التي لم تكن فيما قبل
فتناول الطعام والشراب والدواء لم يكن في السابق عن طريق الحقن، واليوم هو كذلك.
وهذا معنى ما ذكرته في بعض الموضوعات أن الجوف اتسع، ولا أقصد به معنىً مجازياً بل معنىً حقيقياً.
فالدورة الدموية التي تستفيد اليوم من الغذاء والدواء لم تكن في السابق كذلك.
فاتسع الجوف من هذه الناحية، فكان ينبغي للقياسيين بناء على هذه السعة أن يتسعوا بمقدارها في المفطرات التي تتناولها.
-----------
ولا أخفيكم أني مسرور جداً بمناقشتكم ومناقشة الإخوة وأشعر أن الدورة أخذت لها بعداً آخر بمشاركاتكم الجادة.
بل إذا لم يعترض على الموضوع أشعر بخيبة أمل جراء ضعف التفاعل معه.
والدورة سترحل وتبقى ذكراكم العبقة.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
أبا فراس.. جزاك الله خيرا
كنت أريد نقل بعض ما عند الشافعية في شروح مختصراتهم مما يفيد أنهم يرون أن الداخل للدماغ أو الأذن قد يصل للجوف..
وقد داهمني الوقت فلم أتمه
ويكفي ما نسبتَه لكتاب لإمام الشافعي.. وبارك الله فيك

الحمد لله على اجتماع قلوب المؤمنين، وإن الإنسان ليفرح بموافقة أخيه
قضية الجوف والمنفذ والعين المفطرة ستفرد إن شاء الله قريبا من حيث النظر إلى مأخذ كل مذهب من المذاهب الأربعة ومن حيث النظر إلى اتجاه مضيقي دائرة المفطرات.
 
إنضم
22 مارس 2008
المشاركات
392
الكنية
أبو صهيب
التخصص
الفقه
المدينة
طيبة
المذهب الفقهي
حنبلي
100% هذه لا تصح في غالب التفاريع الفقهية، وإنما محلها قطعيات الشريعة
وهذا لا يخفى عليكم، وواضح أن مرادكم أنه هل يمكن تحصيل الحكم الشرعي اليوم دون الالتفات إلى علم الشريح الحديث؟
بوجهة نظري: نعم.
ومن خلال دراسة مفصلة في قواعد الفقهاء مذهبا مذهبا، ومن خلال النظر في اتجاه تضييق دائرة المفطرات من أهل الظاهر وغيرهم كالحسن بن صالح وابن تيمية والقرضاوي وغيرهم.
ومن خلال النظر في أبحاث الفقهاء المعاصرة.
ومن خلال النظر في أبحاث الأطباء المعاصرة
يبدو لي بشكل واضح أنه لا حاجة ماسة إلى معرفة علم التشريح الحديث.
وكل مسائل المفطرات يمكن تحصيلها من حيث النظر في الحكم الشرعي، ومن حيث معرفة المبادئ الصحيحة المعروفة قديماً في علم التشريح.
لكن تبقى فائدة علم التشريح اليوم أنها رفعت بعض الأقوال من مرتبة الراجح المظنون إلى مرتبة المقطوع به، وأنزلت بعض الأقوال من مرتبة المرجوح المظنون إلى مرتبة الخطأ المحض.
فكل المسائل التي عضدها علم التشريح اليوم هي أقوال جماعة من الفقهاء القدامى وذكروا وجهة نظرهم مفصلة في باب المفطرات، وقد تبين هذا في موضوع فقه حديث لقيط بن صبرة.
فمثلاً التحاميل حكمها حكم المسام بكل وضوح، فالصورة واحدة، وأخذ الدواء والغذاء عن طريق الإبر ثم إيصالها إلى الجوف المعتبر حكمها حكم الأكل والشرب.
يبقى أن يقال ثمة مستجدات طبية أضافت جملة من المسائل التي لم تكن فيما قبل
فتناول الطعام والشراب والدواء لم يكن في السابق عن طريق الحقن، واليوم هو كذلك.
وهذا معنى ما ذكرته في بعض الموضوعات أن الجوف اتسع، ولا أقصد به معنىً مجازياً بل معنىً حقيقياً.
فالدورة الدموية التي تستفيد اليوم من الغذاء والدواء لم تكن في السابق كذلك.
فاتسع الجوف من هذه الناحية، فكان ينبغي للقياسيين بناء على هذه السعة أن يتسعوا بمقدارها في المفطرات التي تتناولها.
-----------
ولا أخفيكم أني مسرور جداً بمناقشتكم ومناقشة الإخوة وأشعر أن الدورة أخذت لها بعداً آخر بمشاركاتكم الجادة.
بل إذا لم يعترض على الموضوع أشعر بخيبة أمل جراء ضعف التفاعل معه.
والدورة سترحل وتبقى ذكراكم العبقة.
شكر الله لك
أفدتني أثابك الله
ويعجبني فيك مزج الكتابة الفقهية بالعبارات الأدبية
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ثانياً: إدخال المناظير:
المناظير على أقسام:
القسم الأول: مناظير نافذة من الحلق عبر الفم أو الأنف:
إن كانت عبر الأنف فلا تفطر عند أهل الظاهر لاشتراطهم المنفذ المعتاد.
ولا أثر للمنفذ المعتاد عند الجمهور:
فإن كانت مطلية: أفطرت.
وإن لم تكن مطلية: فهذه سبق حكاية الخلاف الواقع فيها بين الجمهور والحنفية بالنظر إلى اشتراط استقرار ما لا يصلح البدن، وأشرنا إلى قوة مذهب الحنفية في اشتراط الاستقرار، لكن إن كانت تستفرغ ما في المعدة، فيكون حكمها حينئذ حكم الاستقاءة.

القسم الثاني: مناظير نافذة عن طريق الدبر أو الفرج أو الإحليل:
والحكم فيها واضح إن شاء الله بحسب قواعد الفقهاء المذكورة في موضوع "فرز خلاف الفقهاء في المفطرات التي بابها المنافذ السفلى"، ورجحنا هناك عدم الفطر بها مطلقاً.
وأن الخلاف في الإحليل:
واقعٌ بين الجمهور والشافعية.
وأن الخلاف في الفرج والدبر واقع :
بين فريق الشافعية والحنابلة باعتبار الإفطار بالداخل مطلقاً
وبين المالكية باعتبار الإفطار بالمائع فقط.
وبين الحنفية بالإفطار بالمائع والجامد المستقر.
وبالتالي تكون المناظير الداخلة:
عن طريق الإحليل مفطرة عند الشافعية خلافاً للجمهور.
وعن طريق الدبر والفرج:
1- إن لم تكن بطلاء لم تفطر عند الحنفية والمالكية، وأفطرت عند الشافعية والحنابلة.
2- وإن كانت بطلاء أفطرت عند الأربعة، إلا أن يكون يسيرا فلا يفطر عند المالكية قياساً على الدهن اليسير على الحقنة.

القسم الثالث: مناظير واصلة إلى البطن من منفذ غير طبيعي كالجراحة مثلاً، فهي على صورتين:

الصورة الأولى: ألا تنفذ إلى محل الطعام والشراب:
كمناظير البطن لأخذ عينات مما تحويه، كالكبد والطحال ومحيط البطن الداخلي.
فجميع هذه الأنواع لا تفطر إن شاء الله لأنها لم تصل إلى محل الجوف الشرعي وهو محل الطعام والشراب.
وهذا منسجمٌ مع مذهب المالكية باشتراط الوصول إلى محل الطعام والشراب لذا لم يوقعوا الإفطار بمداواة الجائفة.
وقد نص ابن قدامة في المغني على أن الوصول بالجوف معتبر بما ينفذ إلى معدته.
وهو يلتقي مع مذهب الحنفية في كثير من تفاريعهم لاسيما استثناءهم اليابس من الإفطار بمداوة الجائفة والمأمومة لأنه لا يصل إلى محل الجوف.

الصورة الثانية: أن تنفذ إلى محل الطعام والشراب:
المناظير الواصلة إلى محل الطعام والشراب [المعدة والأمعاء وطريقهما، فمحل الطعام والشراب هو أنبوب يضيق ويتسع يبدأ من وراء الحلق وينتهي بالأمعاء].
كالمسبار الكاشف لصورة المعدة، أو لأخذ عينات مما تحويه.
التقعيد الفقهي للمسألة:
المذاهب الفقهية الأربعة، ومعهم أهل الظاهر: لا يشترطون أن يكون الداخل مغذيا، فوصف التغذية لا أثر له في الفطر، ولذا فلم يصب من علَّق المسألة على قضية التغذية.
وإنما الكلام في الاستقرار وعدمه: فالحنفية على اشتراطه خلافاً للجمهور.
وبما أن المنظار لا يستقر فإنه يمكننا القول بأنه مفطر عند المالكية والشافعية والحنابلة دون الحنفية.
وسبقت الإشارة: إلى قوة مذهب الحنفية في اشتراط استقرار ما لا يستصلح البدن كهذه المناظير الطبية لعدم تحقق وصف الأكل والشرب فيها: لا من حيث الصورة ولا من حيث المعنى.
لكن إذا دخلت المناظير بطلائها: كما هو الأمر المعتاد؛ فإنه يقتضي الإفطار بها حسب قواعد الفقهاء الأربعة، وعلى وفقه خرج قرار المجمع الفقهي.
وظاهرٌ: أنه ليس بمفطر على قواعد أهل الظاهر، الذين قصروا المفطرات على حصول صورة الأكل والشرب، من البلع عن طريق الحلق من منفذ الفم.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
إضافة واستدراك:
لبعض المعاصرين اتجاه آخر في تناول المسألة، فقد ذهب الطبيب الدكتور وسيم فتح الله: إلى حصول الفطر بالمناظير كلها لأنها إن لم تدخل في حكم الداخل إلى الجوف – تنزلا - فإنها تأخذ حكم الخارج من البطن فيكون حكمها حكم الاستقاءة لاشتراكهما في تعمد إخراج ما في البطن.

يقول حفظه الله: لعل مما يلحق بصورة الإستقاءة قيام الطبيب بإخراج الأنبوب المعدي أو المنظار الموضوع سابقاً إما عن طريق الأنف أو الفم؛ لأن حقيقة الاستقاءة استدعاء خروج ما في المعدة، وعليه فإن إخراج هذا الأنبوب أثناء فترة الصوم يؤدي إلى الفطر.
وذكر أيضاً: أنه يمكن تخريجها على مسألة الخيط التي ذكرها النووي في المجموع.

وهذا فيه ضعف لأمور:
1- أن المناظير لم تدخل حتى يكون خروجها في حكم الاستقاءة، وإنما وصلت فقط إلى الداخل، ولم تتغيب فيه، وهي لا تزال متصلة بالخارج.

2- أن مسألة الخيط هي لدخول الريق إلى الجوف بعد انفصاله عنه، ولا تعلق لها بمسألة الاستقاءة.

3- أن الاستقاءة عند أكثر من قال بالفطر بها معللة بأنها لا تسلم من ترجيع بعض الطعام إلى الداخل، وهذا لا يتحقق في إخراج المناظير، وإنما قد يصح هذا القول بناء على أن الاستقاءة مفطرٌ مستقلٌ بنفسه، ويشكل عليه ما سبق أن الاستقاءة هي خروج الطعام والشراب الذي دخل إلى الجوف، والمناظير ليست هي كذلك.


لكن إن كان من غرض المناظير إخراج بعض ما في محل الطعام والشراب:
فنقول: لها نظران؛ فبحسب الجمهور فإنها لا ترد أصلاً؛ لأنه بمجرد الوصول يحصل الإفطار، وإنما ترد عند الحنفية لأن الإفطار لا يقع عندهم إلا بالاستقرار، فإذا خرج مع المنظار شيء ألحق بالاستقاءة.
لكن إن كانت المناظير تدخل من من غير الحلق، كالواقع في الجراحة، فإنه يحتمل حينئذ عدم الإلحاق بالاستقاءة فإن أكثر من أفطر بالاستقاءة عللها باحتمال ترجيح بعض الطعام، وهو غير وارد هنا.
وبحسب النتيجة التي خرجنا بها من عدم وقوع الفطر بالاستقاءة، فإن ما تخرجه هذه المناظير لا حكم له من حيث الأصل فضلاً عن المناظير نفسها.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الخلاصة: أن الفطر بالمناظير لا يقع إلا إن دخلت إلى محل الطعام والشراب بطلائها.

فالمناظير لها أحوال:
§ إن لم تدخل إلى محل الطعام والشراب فلا حكم لها، وهذا ظاهرٌ عند المالكية لنصهم على محل الطعام والشراب، ولذا لم يفسدوا الصوم بدواء الجائفة، كما نص الحنفية والحنابلة على أن الجوف هو ما كان ينفذ إلى المعدة.

§ إن دخلت إلى محل الطعام والشراب بطلائها، يفطر حسب قواعد الفقهاء الأربعة.

§ إن دخلت إلى محل الطعام والشراب بغير طلاء فلا يفطر عند الحنفية لاشتراطهم الاستقرار فيما لا يصلح البدن، وهو الراجح خلافاً للجمهور.

§ إن استخرجت المناظير شيئا من الطعام أو الشراب وكان دخولها عن طريق الحلق ألحقت بمسألة الاستقاءة.

§ إن استخرجت المناظير شيئا من الطعام أو الشراب من غير الحلق احتمل إلحاقها بالاستقاءة، واحتمل عدم إلحاقها لأن أكثر من أفطر بالاستقاءة عللها بخوف ترجيع بعض الطعام، وهو لا يرد هنا.

§ لا يقع الإفطار بالمناظير عند أهل الظاهر مطلقاً لأنها ليست على صورة الأكل والشرب، ألا أن تطلى وتدخل من منفذ الفم وتعبر إلى ما وراء الحلق.
 
أعلى