رد: المفطرات المتعلقة بالمنافذ غير الطبيعية[الإبر، الجراح، المناظير، غسيل الكلى...]
الشيخ الكريم أبو فراس.. نفع الله بجهوده وبارك له
1- أرى أنك تحاملتَ كثيراً على القائلين بأن الحكم في المفطرات تعبدي، وأنه قول لم يُسبَق إليه، وإنما جاء به بعض المعاصرين..
وهذا نص كلام ابن رشد في "بداية المجتهد" (2/60) : ( فمن رأى أن المقصود بالصوم معنى معقول ، لم يلحق المغذي بغير المغذي. ومن رأى أنها عبادة غير معقولة ، وأن المقصود منها إنما هو الإمساك فقط عما يرد الجوف سوّى بين المغذي ، وغير المغذي )..
لا أختلف معك في أن الجماهير على خلافه، ولكنَّ القول بأنه ما جاء به إلا بعضُ المعاصرين بعيد في نظري.
؟
1- لاحظ أن ابن رشد الحفيد رحمه الله جعل قول الجماهير أنه "تعبدي"، والقول الذي لم يفطر بالحصاة أو الثلج ونحو ذلك أنه معلل.
ولا يخفى عليك أن قول الفقهاء في المذاهب الأربعة أنه معقول المعنى.
2- قول المعاصرين في كونه "تعبدياً" من خلال الأقوال التي اطلعت عليها، والندوات التي تابعتها، ونقاشات المجامع الفقهية: نابع عن عدم دراية بتفاصيل أقوال الفقهاء، وإنما أشكلت عليهم المسائل القديمة بالمعاصرة فادعوا التعبد، فهو قول سببه عدم ضبط الفقه القديم، وعدم القدرة على استيعاب المستجدات المعاصرة في أبواب المفطرات.
2- ابن رشد رحمه الله له شخصية مستقلة، وليس له هو فقيه بالدرجة الأولى كجده الذي مات في الشهر الذي ولد فيه.
وإنما هو فيلسوف، ولكن لشدة ذكائه، وحذقه استطاع أن يستوعب مآخذ الفقهاء في الجملة، وموارده في ذلك "الفقه المالكي" + كتب ابن عبد البر (لاسيما الاستذكار).
وهو في كل مسألة يجتهد في تحصيل مآخذ الفقهاء ويحاول تخليصها ومعرفة مآخذها، فهو يصيب كثيرا، ويخطئ أيضاً كثيرا، ولدى شواهد في ذلك، وأحياناً يربط المسألة الفقهية بالقاعدة الأصولية، ويكون الربط معكوساً.
وأكثر ما اشتهر به هو تسجيله لمآخذ الفقهاء، وهو في ذلك أستاذ لوذعي، لكن له فيه أخطاء بالجملة، فهو يعتمد على قدراته العقلية، أكثر من اعتماده على المستندات الفقهية.
وهو هنا مثلاً جعل قول الجماهير أنه تعبدي، والأمر ليس كذلك.
القول التعبدي إن صح أن يكون قولاً فهو مذهب أهل الظاهر الذين ضيقوا باب المفطرات، وحصروه في صورة واحدة لا تتعداها وهو الأكل والشرب عن طريق الفم.
عندك ابن تيمية رحمه الله الذي ضيق باب المفطرات، لكنه بقي في دائرة التعليل، فهو تضييق قياسي.
وحفظك الله يا أبا مؤيد؛ فاستشكالاتك فوائد ودرر.