العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

لله در مالك

إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
تدبرت مذهب المالكية وطالعت في مؤلفاتهم كثيراً فرأيته مذهباً عجيباً أصولاً وفروعاً نقلاً وعقلاً ويكاد يكون هو أسبق المذاهب أثراً ورأياً فمما يدل على قوة هذا المذهب ما يلي :
1 - متانة أصوله التي يعتمد عليها نقلاً وعقلاً فقد جمع بين النقل الصحيح وهو العمدة الأولى في مذهب مالك والعقل السليم في النظر إلى القياس والمقاصد والمصالح وسد الذرائع والاستحسان والعرف والاستقراء .
2 - بالنظر إلى مذهب مالك نجد أنه يوسع العمل بالقياس في باب المعاملات والعادات ونحوها وربما خصص النصوص به في هذه الأبواب وهذا نظر مقاصدي ثاقب إذ باب التعليل والنظر المقاصدي في أبواب العادات والمعاملات هو الأصل وهو العمدة وجانب التعبد فيها غير ظاهر إلا من حيث التزام الأوامر والنواهي ولذا كان الأصل فيها الإباحة حتى يرد المنع وقد علم أن اصح المذاهب في باب المعاملات هو المذهب المالكي كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
3 - كان يعلل مالك كثيراً بالحكمة لا بالعلة القياسية وهذا النظر المقاصدي يخالف فيه مالك قول الجمهور .
4 - محاربة مالك للبدع وتشديده في ردها وذمها وبذلك تحفظ مصالح الدين ، وقد مضت بعض أقواله قاعدة معتمدة عند أهل السنة والجماعة كقوله في مسألة الاستواء المشهور والذي أصبح أصلا وقاعدة لأبواب الأسماء والصفات عند أهل السنة والجماعة .
وقد رأينا المالكية من أشد المذاهب في ذم البدع بل إنهم قد أفردوا مصنفات في ذلك منذ العصور المتقدمة إلى هذا العصر ومن ذلك :
أ - البدع والنهي عنها لمحمد بن وضاح القرطبي المالكي ( المتوفى سنة287هـ )
ب - والحوادث والبدع لأبي بكر الطرطوشي المالكي ( المتوفى سنة 520هـ )
ج - وكذلك ما كتبه الشاطبي في الاعتصام .
وتعتبر هذه الكتب الثلاثة من أشهر المؤلفات في البدع وأقواها فالأول عني بالجانب الحديثي كثيراً والثاني عني بالجانب الفقهي لا سيما المالكي والثالث عني بجانب التأصيل والتقعيد والتقسيم .
5 - قد انفرد المالكية بذكر باب في خاتمة كتبهم الفقهية وهو كتاب الجامع ذكروا فيه مسائل عقدية وسلوكية وغير ذلك مما لا يندرج تحت باب من أبواب الفقه وهو من مهمات الدين ، وهذا من أعظم الفقه إذ استطاع المالكية ربط علوم الشريعة ومسائلها ، فمسائل العقيدة والفقه والسلوك لا تنفك عن بعضها ، وهذا الأمر يظهر من كتاب الموطأ العمدة الأولى ثم الرسالة ( باكورة السعد ) لابن أبي زيد ثم اتبعه كثير من المالكية كالدردير والقرافي في الذخيرة وابن جزي في القوانين الفقهية وغيرهم .
6 - اهتم المالكية بباب مهم في القضاء وهو الوثائق فأفردوا فيها مصنفات تضبط فيها مصالح الدنيا في المعاملات والشهادات والقضاء .
7 - يعتبر مذهب مالك حقيقة هو الأساس لمذهب فقهاء أهل الحديث الموروث عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجل مذهب مالك يعود إلى فقه عمر وابنه وابن عباس رضي الله عنهم ومن ثم فقهاء أهل المدينة ، وحقيقة يعود مذهب الشافعي وأحمد في الجملة إلى مذهب مالك وهم جميعاً يمثلون مذهب فقهاء أهل الحديث .
8 - لم يكن مالك يخرج برأي له منفرد ولذلك قال عن الموطأ : " أما أكثر ما في الكتاب برأيي فلعمري ما هو برأيي ولكن سماع من غير واحد من أهل العلم والفضل والأئمة المقتدى بهم الذين أخذت عنهم وهو الذين كانوا يتقون الله فكثر علي ذلك فقلت رأيي وذلك رأيي إذا كان مثل رأيهم مثل رأي الصحابة أدركوهم عليه وأدركتهم أنا على ذلك فهو وراثة توارثوها قرناً عن قرن إلى زماننا " ترتيب المدارك ( 2 / 74 )
ويقول حينما سئل عن مسألة أمام الرشيد : " نظرت مسألته في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقول الصحابة والتابعين فلم أجد أصل مسألته فيها ولا خير في علم لا يكون فيما ذكرته " ترتيب المدارك ( 2 / 123 )
علماً أن مالك من أعلم الناس بالحديث وعنه أخذ كبار المحدثين كالشافعي وابن مهدي وغيرهما بل إن الموطأ هو أصل للكتب الستة ومسند أحمد وقد اختار أحمد في مسنده رواية عبد الرحمن بن مهدي عن مالك واختار البخاري رواية عبد الله بن يوسف التنيسي عن مالك واختار مسلم رواية يحيى بن يحيى التميمي النيسابوري عن مالك واختار أبو داود رواية القعنبي عن مالك واختار النسائي رواية قتيبة بن سعيد .
ويعتبر موطأ مالك أصح الكتب في الحديث قبل ظهور الصحيحين .
وكان مالك من أعلم الناس بصحيح الحديث من سقيمه وأعرفهم بالرجال .
وهو مع هذا كان تام العقل والرأي قوي النظر ومع ذلك لم يكن يصدر عن اقوال من سبقه .
9 - كان نظر مالك إلى أحكام الشريعة نظراً كلياً يجمع بين نصوص الشريعة وقواعدها وكلياتها ويقضي بها على ما شذ من جزئيات .
10 - أن مالكاً كان من أعلم الناس بالتفسير كما أنه أول من تكلم في غريب الحديث وفي الموطأ كثير من ذلك
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


جزيتم على ذلك خيراً
لكن فضلاً لا أمرا أريد درء الإشكال عندي
أليست الحكمة جزء لايتجزء من العلة القياسية بل هي فردُ من أفرادها
وإن اختلف أرباب الأصول في مدى قوتها وضعفها
كما أرجوا منكم , الإيضاح وذلك بإعطائي فرعاً فقهياً لمسائلة ما
يظهر فيه هذا التوجيه للإمام مالك رحمه الله تعالى

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

بارك الله فيكم ومعذرة عن التأخر في الرد فقد كنت مسافراً هذه الأيام مع ضيق الوقت .
الحكمة من المصطلحات التي لها عدة إطلاقات :
فتارة تطلق ويراد بها المصلحة نفسها سواء كان جلب نفع أو دفع ضر أي جلب مصلحة أو درء مفسدة لأن درء المفسدة مصلحة فالتخفيف والتيسير هو المصلحة ( الحكمة ) من مشروعية القصر والفطر في السفر ، وحفظ النسب هو المصلحة ( الحكمة ) من مشروعية تحريم الزنى وإيجاب الحد فيه ، وحفظ العقل هو المصلحة ( الحكمة ) من تحريم شرب الخمر ، وحفظ المال هو المصلحة ( الحكمة ) من مشروعية تحريم السرقة وإيجاب الحد فيها وهكذا .
وتطلق الحكمة ويراد به السبب الباعث للتشريع أو المعنى المناسب لتشريع الحكم وهو المصلحة التي يراد جلبها او المفسدة التي يراد دفعها فالمشقة مثلا هي الحكمة من مشروعية القصر والفطر في السفر ، واختلاط الأنساب هو الحكمة من تحريم الزنى ، وضياع العقل هو الحكمة من تحريم شرب الخمر ، وضياع المال هو الحكمة من تحريم السرقة وهكذا .
والأكثر لا يرى جواز التعليل بالحكمة لكونها خفية وغير منضبطة فلا يمكن إناطة الحكم بها لأنه يحصل بسبب ذلك حرج ومشقة فمثلا تحديد المشقة أمر غير منضبط ويختلف باختلاف الأحوال والأزمان والأشخاص والتعليل بما لا ينضبط يمنع من تعدية الحكم من المحل المنصوص عليه وهو الأصل إلى الفرع ، وإذا امتنع ذلك لم يحصل القياس .
ولذلك رأى بعض الأصوليين أنها إذا انضبطت جاز التعليل بها لأنها هي السبب الحقيقي من التشريع وأما العلة القياسية فهي مظنة السبب الحقيقي لكن العلة وصف ظاهر منضبط يكون مظنة وجود الحكمة التي هي المعنى المناسب لتشريع الحكم .
وإذا كان مظنة الشي يجوز التعليل به لانضباطه فالأصل وهو الحكمة من باب أولى .
العلة عند العلماء تطلق ويراد بها ثلاث إطلاقات : اثنان منهما ما سبق في الحكمة والثالث من إطلاقات العلة الوصف الظاهر المنضبط الذي يكون مظنة وجود المعنى المناسب لتشريع الحكم وهو مثلاً السفر بالنسبة للقصر والفطر فهو مظنة وجود المشقة ، والزنى الذي هو الإيلاج هو مظنة اختلاط الأنساب وهكذا بقية الأمثلة .
الشاطبي - رحمه الله - يرى أن العلة التي يقاس عليها هي الحكمة بمعنى ( المناسب لتشريع الحكم ) كالمشقة فيعلل بها وهو اختيار الرازي والبيضاوي .
إذا العلة القياسية تسبق الحكم فهي التي توجبه وأما الحكمة فتكون في الذهن قبل الحكم لكن في الوجود في الخارج تكون بعد الحكم .

نأتي الآن للإمام مالك رحمه الله :
أولاً : مما يدل على تعليل مالك بالحكمة قوله أساساً بحجية المصالح المرسلة فإن المصالح المرسلة هي في الحقيقة عمل بالحكم والمصالح وتعليل الأحكام بها فهي علل مصلحية لا قياسية وإن كان بعض المذاهب يدرجون المصلحة المرسلة ضمن القياس أو ضمن الاستحسان إلا أن مالكاً يرى أنها دليل مستقل .
ثانياً : ثمة فروع كثيرة علل فيها مالك بالحكمة وهي مبثوثة في الموطأ والمدونة والعتبية وغيرها فمن أمثلة ذلك :
1 - تعليله نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو . الموطأ ( 2 / 446 )
2 - تعليله جواز الجهاد مع أمراء الجور بأن في تركه ضرراً على أهل الإسلام . المدونة ( 2 / 5 ) .
3 - عند حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه "
قال مالك : " وتفسير قول رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما نرى - والله أعلم - لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه أن يخطب الرجل المرأة فتركن إليه ويتفقان على صداق واحد معلوم وقد تراضيا فهي تشترط عليه لنفسها فتلك التي نهى أن يخطبها الرجل على خطبة أخيه ولم يعن بذلك إذا خطب الرجل المرأة فلم يوافقها أمره ولم تركن إليه أن لا يخطبها أحد فهذا باب فساد يدخل على الناس " الموطأ ( 2 / 523 )
4 - جاء في العتبية من سماع ابن القاسم أن مالكاً سئل عن الطحانين يشترون الطعام فيغلون بذلك أسعار الناس قال : أرى أن كلَّ ما أضر بالناس في أسعارهم أن يمنعه الناس فإن أضر ذلك بالناس منعوا منه " العتبية مع البيان والتحصيل ( 9 / 322 )
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
وما رأي شيخِنا أبي حازم -سدده الله وأعانه- في التعليل بالحكمة؟
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
وما رأي شيخِنا أبي حازم -سدده الله وأعانه- في التعليل بالحكمة؟
الشيخ أبو بكر بارك الله فيكم ووفقكم منذ متى صار لنا رأي ؟
إنما نتبع أقوال علمائنا أهل التحقيق والتحرير وفي القول بالتعليل بالحكمة عند انضباطها قوة بلا شك ؛ لأنها الأصل وهي مقصد الشارع ، وقد اتفق العلماء على أن الأحكام بنيت على المصالح لا ينازع في ذلك أحد لا أهل القياس ولا نفاة القياس لكن الأصل في الحكمة غالباً هو عدم انضباطها فالمعول عندئذ هو العلة القياسية ليصح القياس .
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
لعلنا نجد رسالة أصول فقه الإمام مالك ، أدلته العقلية ل د. فاديغا موسى عند أحد الإخوة ففيها مبحث في التعليل بالحكمة عند الإمام مالك .

من يتكرم برفعها و جازاه الله كل خير
 
إنضم
21 فبراير 2010
المشاركات
456
الإقامة
الإمارات العربية المتحدة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو حاتم
التخصص
أصول الفقه ومقاصد الشريعة
الدولة
الإمارات العربية المتحدة
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
المذهب المالكي
لعلنا نجد رسالة أصول فقه الإمام مالك ، أدلته العقلية ل د. فاديغا موسى عند أحد الإخوة ففيها مبحث في التعليل بالحكمة عند الإمام مالك .

من يتكرم برفعها و جازاه الله كل خير
هي عندي ويمكن أن أنقل ما في هذا المبحث وغيره إن شاء الله ، غير أني لا أملك جهاز سكانير محترف ولكن مع ذلك سأكتب على الأقل خلاصة المبحث بعد العودة إلى البيت إن شاء الله
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
هي عندي ويمكن أن أنقل ما في هذا المبحث وغيره إن شاء الله ، غير أني لا أملك جهاز سكانير محترف ولكن مع ذلك سأكتب على الأقل خلاصة المبحث بعد العودة إلى البيت إن شاء الله


بارك الله فيكم و جازاكم كل خير
 
إنضم
21 فبراير 2010
المشاركات
456
الإقامة
الإمارات العربية المتحدة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو حاتم
التخصص
أصول الفقه ومقاصد الشريعة
الدولة
الإمارات العربية المتحدة
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
المذهب المالكي
[font=&quot]التعليل بالحكمة عند الإمام مالك[/font]
[font=&quot]هذا بعض ما ورد في المبحث الثالث ( مع تدخل يسير باللون الأحمر) من فصل حجية القياس من كتاب أصول فقه الإمام مالك أدلته العقلية للدكتور فاديغا موسى 1/326-333.[/font]
[font=&quot]مع العلم أن هذا المبحث نقول من الموطأ ومن العتبية .[/font]
[font=&quot]التعليل بالحكمة عند مالك تجسيد لواقعية فقه الإمام رحمه الله، وهذا المبحث محاولة من المؤلف التمثيل لمسلك مالك رحمه الله في التعليل بالحكمة ضمن الفصل الرابع من القياس الذي عالج فيه موضوع أحكام العلة، وجعله على مباحث ثلاثة، الأول عن الأحكام الشرعية باعتبار التعليل وعدمه، والثاني عن فائدة القول بالتعليل وأمثلته في فقه الإمام، ثم الثالث، عن التعليل بالحكمة عند الإمام.[/font][font=&quot][/font]

[font=&quot]سأتجاوز هنا تعريف الحكمة وإطلاقاتها وأدخل في صميم الموضوع مباشرة [/font]
[font=&quot]بما أن مالكا رحمه الله عرف عنه حرصه الشديد على اتباع منهج السلف في فقهه واستنباطه، فقد كان يعلل بالحكمة المبنية على رعاية المصالح كما كانوا يعللون بها، ولم يتقيد بالوصف الظاهر المنضبط فقط ، وهذا إذا لم يجد في المسألة نصا قطعيا في دلالته، ولذلك يترك طرد عموم النص أو القياس إذا رأى[/font] [font=&quot]أن ذلك يؤدي إلى منع مصلحة أو جلب مضرة، ويخصصه بالمصلحة الجزئية، وهذا من باب الاستحسان بالمصلحة كما قررالشاطبي رحمه الله[/font] [font=&quot].[/font]
[font=&quot]ومن شواهد هذا في فقه الإمام رحمه الله[/font][font=&quot]: ( وسأقتصر على نموذجين فقط)[/font]
- 1 [font=&quot]تفريق مالك رحمه الله بين من خطب المرأة ووافقها أمره واشترطت لنفسها عليه، وبين من خطبها ولم تركن إليه، وذلك حين تفسيره لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه السلام قال:[/font][font=&quot])[/font][font=&quot] لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه [/font][font=&quot]([/font][font=&quot] ( الموطأ[/font][font=&quot] كتاب النكاح باب ما جاء في الخطبة، والبخاري كتاب النكاح، باب لا يخطب على خطبة أخيه). [/font]
[font=&quot] والتعليل هنا بالحكمة المقصودة في تقييد النهي عن خطبة الأخ على خطبة أخيه منعا للمضرة اللاحقة بالمرأة التي توافقت ومن خطبها، وذلك اعتبارا للمآل وهذه المضرة متمثلة في أنه يدخل فساد على الناس كما قال مالك رحمه الله في الموطأ ، في كل خطبة لم يتم فيها التوافق بحيث لا يستطيع إنسان أن يخطب كل من خطبت ولو لم يحصل التراضي، وهذا معارض لأصل رفع الحرج المقرر في اصول الشريعة وفروعها، فالتفسير المصلحي للنص إذن أن يجمع بين الجزئي وكليه بإباحة خطبة التي لم تركن إلى من خطبها . ولينظر: الفكر المقاصدي عند الإمام مالك، ص: 200.[/font]
[font=&quot]قال ابن عبد البر رحمه الله[/font][font=&quot] : " والمعنى فيه عند أهل العلم بالحديث أن الخاطب إذا ركن إليه وقرب أمره ومالت النفوس بعضها إلى بعض في ذلك وذكر الصداق ونحو ذلك لم يجز لأحد حينئذ الخطبة على رجل قد تناهت حاله وبلغت ما وصفنا،والدليل على ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خطب لأسامة بن زيد فاطمة بنت قيس إذ أخبرته أن معاوية وأبا جهم خطباها ولم ينكر أيضا خطبة واحد منهما وخطبها على خطبتهما إذ لم يكن من فاطمة ركون وميل والله أعلم.[/font]
[font=&quot]وهذا الباب يجري مجرى قوله صلى الله عليه وسلم "لا يبع بعضكم على بيع بعض ولا يسوم أحدكم على سوم أخيه الا ترى أنه لو ترك البائع مع أول مساوم لأخذ السلعة بما شاء ولكان في ذلك ضرر بين داخل على الناس.[/font]
[font=&quot]وقد فسر مالك والشافعي وأبو عبيد هذا الحديث بمعنى ما ذكرناه ومعلوم أن الحال التي أجاز فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الخطبة لأسامة في الحديث المذكور غير الحال التي نهى ان يخطب فيها الرجل على خطبة أخيه وإذا كان ذلك كذلك فالوجه فيه ما وصفنا إن شاء الله تعالى. ". " التمهيد، 13/19..[/font]
[font=&quot]وقال أبو الوليد الباجي :[/font][font=&quot] " قوله صلى الله عليه وسلم لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه نهى أن يخطب امرأة قد خطبها أخوه المسلم ورضيت به ووافقته على صداق معلوم وكذلك روي عن ابن نافع أن له أن يخطب ما لم يتفقا على صداق معلوم على رواية الموطإ وروى ابن حبيب عن ابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم ومطرف وابن الماجشون أن المرأة إذا أظهرت الرضا بالرجل فقد نهي غيره عن أن يخطب تلك المرأة وإن لم يتفقا على صداق . وجه قول ابن نافع أن الموافقة لم تكمل بعد وإنما تكمل بالتفويض أو بفرض الصداق وذلك أن كثرة الصداق قد ترغبها فيمن تزهد فيه كما أن قلته قد تزهدها فيمن ترغب فيه وهو عوض بضعها ومعظم ما يبذله زوجها ووجه قول ابن القاسم ما احتج به ابن حبيب من أن ذكر الصداق ليس بشرط في صحة النكاح لأنه قد ينعقد من غير تسميته في نكاح التفويض" المنتقى ، 5/5.[/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot]2- جاء في العتبية : " وسئل مالك عما يشتري أهل السوق من الرطب من أهل الجفان من النخل أترى به باسا؟ وعن العنب الحصرم وعن الرمان الأخضر والتفاح، وكل ذلك لم يطب باع على أن يقطع؟ قال : لا بأس بذلك، وإنما كرهت النقش ( جرح الثمرة ليسرع إليه الترطيب )هاهنا، لأن ذلك مضر بالناس، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد لضرر ذلك على الناس، وأن يتلقوا السلع، فكل ما اضر بالناس مثل هذا فأرى أن يمنعوا إلا الأمصار فإن فاكهتهم كثيرة ولا أرى به بأسا" . البيان والتحصيل، 7/275.[/font]
[font=&quot]أجرى مالك القياس في هذه المسألة على منع الحاضر للباد، رأفة بأهل الحواضر القليلة الثمارونظرا لعامة أهلها، ومن ثم منع وكره نقش الثمرة اعتبارا للحكمة المقصودة وهي منع المضرة بالناس، فمالك رحمه الله لم يلتفت إلى الوصف الظاهر المنضبط بل الحكمة عنده أساس التعليل .[/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot] [/font]
[font=&quot] [/font]
 
إنضم
10 يونيو 2009
المشاركات
395
التخصص
فقه واصوله
المدينة
قرطبة الغراء
المذهب الفقهي
المالكي -اهل المدينة-
بالمناسبة : الإخوة المالكية يفخرون باتباع الإمام مالك للسنة -فيما يفخرون به- ، ما بالهم مالوا إلى الأشعري وتركوا مذهب الإمام العقدي والأصولي؟ أم تراهم يقولون لقد كان معتقد الأشعري كمعتقد مالك...
جوابك في سؤالي هذا ما الذي جعل ابنا رشد الجد والحفيد يحذرون من المبالغة في اتباع الاشعرية؟
 
إنضم
16 ديسمبر 2007
المشاركات
238
التخصص
مهندس حاسب
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
حنبلي
موضوع رائع من شيخ جليل

قال في المراقي:
إذا سمعت فالإمام مالك ............ صح له الشأو الذي لا يدرك
للأثر الصحيح مع حسن النظر ........... في كل فن كالكتاب والأثر
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يقول ابن العربي في القبس في شرح الموطأص320:
.... مالك، رضي الله عنه، ولله دره، فما كان أرحب ذراعه في النظر، وأوسع حوصلته في الوعي.
 

سيدي محمد ولد محمد المصطفى ولد أحمد

:: قيم الملتقى المالكي ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
2,243
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
كرو
المذهب الفقهي
مالكي
رد: لله در مالك

هل ينشط احد الاخوة ويرفع لنا كتاب الشيخ الامام الزواوي المعروف بمالك الصغير في مناقب الامام مالك ، فهو كتاب قيم جدا

لعلنا نجد رسالة أصول فقه الإمام مالك ، أدلته العقلية ل د. فاديغا موسى عند أحد الإخوة ففيها مبحث في التعليل بالحكمة عند الإمام مالك .

من يتكرم برفعها و جازاه الله كل خير

وددنا ذلك ؟؟
 
أعلى