السلسلة الأولى (5 مجالس): تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام لابن دقيق العيد

[منيب العباسي]

الحمد لله الذي لا يؤدى شكرُ نعمة من نعمه إلا بنعمة منه , توجِبُ على مؤدِّى ماضي نعمه بأدائها :نعمةً حادثة يجب عليه شكره بها..ولا يبلغ الواصفون كنه عظمته الذي هو كما وصف نفسه وفوق ما يصفه به خلقه..*

أما بعد فهذه شذرات أتناول فيها بالتعقيب..على شرح للإمام ابن دقيق العيد في إحكامه ..
(التي تشبه تفريغ الأشرطة في عصرنا فقد كان يملي وابن الأثير يدون حتى استخرج لنا من درره هذا المجلد القيم )وفك ما يتصور استغلاقه من عباراته..كل ذلك على سبيل الوجازة ..

ولا أعد بالوفاء حتى نهاية الكتاب ..ولكن حسبي أني فتحت الباب ولعله أن يتعاقب عليه بالتعليق من بعدي إذا اخترمتني المنية..أو طرأ على عليّ طاريء..
ولا أزعم خلوص النية في ذلك..حيث لم أقصد الإفادة ابتداء..
بل قصدت التعلّم بالتعليم وترسيخ الفهم بالتفهيم..وأرحب بالاعتراضات من أي جهة جاءت..
أما الإفادات المكمّلة فأنعم بها وأكرم..
وأول من أثارني لدراسة الكتاب الشيخ الشنقيطي حيث قال:هذا الكتاب لا يفهم إلا على يد شيخ ..

والله المستعان وعليه التكلان
--------
*من مقدمة الإمام الشافعي في "الرسالة"..وهي عبارة بليغة فيها إدهاش
تدل على رشاقة قلم الإمام وتضلعه من اللغة كما تدل على زكاة نفسه
وعلو كعبه في مقام خفض الجناح والتواضع لله عز وجل

 

[محمد بن فائد السعيدي]

رد: السلسلة الأولى (5 مجالس): تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام لابن دقيق العيد

عدلت الذي طلبت تعديله بتصرف يسير اقتضاه السياق...

 

[منيب العباسي]

رد: السلسلة الأولى (5 مجالس): تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام لابن دقيق العيد

شكر الله لكم فضيلة الشيخ محمد وبارك فيكم وفي زمانكم..وبخصوص الحديث,لم أشترط الصحة ,فلهذا شكرت أختي أم طارق
ثم ذكرت حديث النسائي الصحيح

 

[محمد بن فائد السعيدي]

رد: السلسلة الأولى (5 مجالس): تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام لابن دقيق العيد

شكر الله لكم فضيلة الشيخ محمد وبارك فيكم وفي زمانكم..وبخصوص الحديث,لم أشترط الصحة ,فلهذا شكرت أختي أم طارق
ثم ذكرت حديث النسائي الصحيح

أهلا بك يا شيخ منيب
حديث النسائي لعلك تعني حديث أبي أمامة الباهلي في اسناده محمد بن حمير ، وقد استنكر جملة من الأئمة على محمد بن حمير أحاديث، بل قال عنه الفسوي ليس بالقوي، وبما أنه ثقة عند جماعة من الأئمة فقد جود إسناده بعض الأئمة كابن رجب الحنبلي مثلاً كما في " جامع العلوم والحكم" .
والصحيح أن يقال أن الحديث جيد الاسناد، ولا يقال أنه من الأحاديث الصحيحه، ومصطلح جيد مصطلح يستعمله حتى الإمام النسائي في سننه لما هو دون الصحيح...، وبعض الحالات يقول"جيد جيد".
والله أعلم.

 

[منيب العباسي]

رد: السلسلة الأولى (5 مجالس): تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام لابن دقيق العيد

أردت بالصحيح بارك الله فيك ما يقابل المردود, أعني أنه مقبول
وهو كذلك إن شاء الله تعالى كما تفضلتم

 

[منيب العباسي]

رد: السلسلة الأولى (5 مجالس): تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام لابن دقيق العيد

المجلس الرابع:-
قال محمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري :
وَرَأَيْتُ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْخِلَافِ خَصَّصَ الْأَعْمَالَ بِمَا لَا يَكُونُ قَوْلًا . وَأَخْرَجَ الْأَقْوَالَ مِنْ ذَلِكَ وَفِي هَذَا عِنْدِي بُعْدٌ
وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَفْظُ " الْعَمَلِ " يَعُمُّ جَمِيعَ أَفْعَالِ الْجَوَارِحِ . نَعَمْ لَوْ كَانَ خُصِّصَ بِذَلِكَ لَفْظُ " الْفِعْلِ " لَكَانَ أَقْرَبَ . فَإِنَّهُمْ اسْتَعْمَلُوهُمَا مُتَقَابِلَيْنِ ، فَقَالُوا : الْأَفْعَالُ ، وَالْأَقْوَالُ . وَلَا تَرَدُّدَ عِنْدِي فِي أَنَّ الْحَدِيثَ يَتَنَاوَلُ الْأَقْوَالَ أَيْضًا . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
--
لم يبين هذا المتأخر,ومن يقول :القول لا يسمى عملا يحتمل أمرين
قد يكون حمله على ذلك اعتقاده في الإيمان,وقد يكون بناه على مسألة لغوية صرفة
وعلى الأول يحتمل أنه أراد معنى صحيحاً ,بمعنى أنه أخرج القول من العمل لأنه يشترطه كما يشترط العمل على حد قول البخاري في صحيحه عن الإيمان: وهو قول وفعل يزيد وينقص، كما هو قول عامة أهل السنة,كما يحتمل أنه أراد معنى فاسداً مفضيا لقول الكرامية الذين اختزلوا الإيمان في القول وحده,وقد احتال بعض غلاة المرجئة فقال:نعم الإيمان قول وعمل ولكن القول نفسَه عملٌ, يريد بذلك أن القول يكفي في النجاة ولو لم يعمل شيئا قط وقد ذكره الإمام أحمد عن شبابة بن سوار، وقال: إنه قول خبيث ما بلغه عن غيره،
أما من جهة اللغة :فقد عبرت العرب عن الفعل أحيانا بالقول ,تأمل مثلا قولهم:قال بيده هكذا ,
ويبدو في كلام القشيري التفريق بين الفعل والعمل,فعنده دخول القول في العمل بخلاف الفعل ,بدليل التقابل بين الأقوال والأعمال
والصواب والله أعلم,أن القول فعلٌ من جهة إخراجه من حيز العدم إلى الوجود
وكذلك يكون القول فعلا من جهة تعلقه ,فحين يقضي القاضي بين اثنين ,فهو قول من جهة أنه قال"حكمت بكذا" ونحوه
وهو فعل من جهة ما حكم به ,فإنك تقول :بم حكم القاضي ؟ والجواب مثلا: الحكم نفسه بتجريم هذا وتبرئة هذا والفصل بينهما وهذا فعل وحيثما صاحب القول المجرد شيء زائد كرفع صوت أو توقيته بزمان..إلخ فهو وجه فعلي للقول(انظر أفعال الرسول للأشقر-رحمه الله تعالى- لمزيد بيان)
وأما قول الإمام ابن دقيق العيد استعملوها متقابلين, فكذلك استعملوا الأعمال والأقوال , ثم هذا لا ينفي كون القول فعلا
فالفعل والعمل إذا أطلق يدخل فيه القول
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى } يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ نَوَى شَيْئًا يَحْصُلُ لَهُ ، وَكُلُّ مَا لَمْ يَنْوِهِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ
--
فجملة (إنما الأعمال بالنيات)=صحة الأعمال أو قبولها أو اعتبارها بالنيات..وجملة(وإنما لكل امريء مانوى)=أن العبد نفسه لا يحصل له من هذا الذي فعله إلا ما نواه
نظير قوله تعالى"وأن ليس للإنسان إلا ما سعى"
واستنبط الصنعاني من الجملة الثانية أن العبد يحصل له ثواب النية وإن لم يعمل بالمنوي
ويشهد له ما أخرجه البخاري عن أنس رضي الله عنه قال : رجعنا من غزوة تبوك مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن أقواما خلفنا بالمدينة ما سلكنا شعبا ولا واديا إلا وهم معنا حبسهم العذر "
ولكن لابد في ثبوت الأجر الكامل بالنية أن يكون ثم عزم حقيقي تام
--
وَهَذَا الْحَدِيثُ - عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ الْحِكَايَةِ عَنْ مُهَاجِرِ أُمِّ قَيْسٍ - وَاقِعٌ عَلَى سَبَبٍ يُدْخِلُهُ فِي هَذَا الْقَبِيلِ . وَتَنْضَمُّ إلَيْهِ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ لِمَنْ قَصَدَ تَتَبُّعَهُ . الْعَاشِرُ : فَرْقٌ بَيْنَ قَوْلِنَا " مَنْ نَوَى شَيْئًا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ غَيْرُهُ " وَبَيْنَ قَوْلِنَا " مَنْ لَمْ يَنْوِ الشَّيْءَ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ " وَالْحَدِيثُ مُحْتَمِلٌ لِلْأَمْرَيْنِ
--
قصة مهاجر أم قيس رواها صحيحة السند,سعيد من منصور من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله - يعني ابن مسعود - قال : من هاجر يبتغي شيئا فإنما له ذلك , هاجر رجل ليتزوج امرأة يقال لها أم قيس فكان يقال له مهاجر أم قيس
لكن ربطها سببا لورود الحديث لا يصح
قوله:فرق بين قولنا..إلخ ,إليك بيانه:
مَنْ نَوَى شَيْئًا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ غَيْرُهُ =شخص ذبح ذبيحة فنوى نصفها لله وأكل نصفها,فلا يكون له إلا نصفها
مَنْ لَمْ يَنْوِ الشَّيْءَ لَم يَحْصُلْ لَهُ = شخص مجنب اغتسل بقصد التبرد فلا يعتد باغتساله شرعاً ولو بقي مغمورا في الماء شهرا,ولا تجزئه صلاته حتى ينوي بالغسل رفع الحدث الأكبر

 

[منيب العباسي]

رد: السلسلة الأولى (5 مجالس): تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام لابن دقيق العيد

ويبدو في كلام القشيري التفريق بين القول والعمل

عذرا,قصدي :بين الفعل والعمل
وأيضا:

صحة أو اعتبارها أو قبولها الأعمال

قصدت:صحة الأعمال أو قبولها أو اعتبارها
ولكن بسبب العجلة

 

[انبثاق]

رد: السلسلة الأولى (5 مجالس): تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام لابن دقيق العيد

متابِعةٌ بشغف..
جزاكم الله خيرا

 

[منيب العباسي]

رد: السلسلة الأولى (5 مجالس): تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام لابن دقيق العيد

حياكم أختي المكرمة انبثاق ,متابعتكم تشرفني صدقاً
---
المجلس الخامس
2 - الْحَدِيثُ الثَّانِي : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ } .
--
أذكر بضرورة استصحاب الكتاب أثناء القراءة

قال ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى:
قَدْ اسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ بِانْتِفَاءِ الْقَبُولِ عَلَى انْتِفَاءِ الصِّحَّةِ ، كَمَا قَالُوا فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ } أَيْ مَنْ بَلَغَتْ سِنَّ الْمَحِيضِ . وَالْمَقْصُودُ بِهَذَا الْحَدِيثِ : الِاسْتِدْلَال عَلَى اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ مِنْ الْحَدَثِ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ . وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ إلَّا بِأَنْ يَكُونَ انْتِفَاءُ الْقَبُولِ دَلِيلًا عَلَى انْتِفَاءِ الصِّحَّةِ . وَقَدْ حَرَّرَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي هَذَا بَحْثًا . ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْقَبُولِ قَدْ وَرَدَ فِي مَوَاضِعَ مَعَ ثُبُوتِ الصِّحَّةِ
---
سيكون التعليق إن شاء الله على ما تحته خط
---
يقول رحمه الله تعالى إن جماعة استدلوا على نفي صحة العمل بمعنى كونه مجزئاً لا تلزم صاحبه الإعادة بنفي القبول,يعني أن الشارع لما عبر بنفي قبول الشيء كان ذلك دليلا عندهم على نفي الصحة ,ومثّل لفهمهم هذا, بالحديث الذي أخرجه أحمد وأبوداود والترمذي وغيرهم,وصححه ابن خزيمة* ,والراجح أنه مُعلّ ,اختلف فيه على قتادة بين الوقف والرفع ورجح الإمام الدارقطني الوقف وقال إنه أشبه,أما ابن خزيمة فمعلوم تساهله فكثيرا ما يصحح الأحاديث بالنظر للشروط الثلاثة من عدالة الرواة وضبطهم واتصال السند ,مهملا شرط انتفاء العلة(والشذوذ من جملة العلل) .ولكن الإشكال ليس صحته من عدمها فقد وردت أحاديث صحيحة مثل ما أخرجه مسلم عن جرير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة" (وأشباهه كحديث "من أتى عرافا") وقد اتفقوا على أنه لا يلزمه أن يقضي تلك الصلاة , ولكنهم في المقابل أجمعوا على أن من يصلي بغير وضوء فلا تصح صلاته (بل عده بعض الحنفية كفراً لكونه أمارة على الاستهزاء)وحينئذ ( فَلَا بُدَّ مِنْ تَفْسِيرِ مَعْنَى الْقَبُولِ ، وَقَدْ فُسِّرَ بِأَنَّهُ تَرَتُّبُ الْغَرَضِ الْمَطْلُوبِ مِنْ الشَّيْءِ عَلَى الشَّيْءِ . يُقَالُ : قَبِلَ فُلَانٌ عُذْرَ فُلَانٍ : إذَا رَتَّبَ عَلَى عُذْرِهِ الْغَرَضَ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ . وَهُوَ مَحْوُ الْجِنَايَةِ وَالذَّنْبِ . فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَيُقَالُ ، مَثَلًا فِي هَذَا الْمَكَانِ : الْغَرَضُ مِنْ الصَّلَاةِ : وُقُوعُهَا مُجْزِئَةً بِمُطَابَقَتِهَا لِلْأَمْرِ . فَإِذَا حَصَلَ هَذَا الْغَرَضُ : ثَبَتَ الْقَبُولُ ، عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْسِيرِ . وَإِذَا ثَبَتَ الْقَبُولُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ : ثَبَتَتْ الصِّحَّةُ . وَإِذَا انْتَفَى الْقَبُولُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ : انْتَفَتْ الصِّحَّةُ ) ,ولمزيد إيضاح استمع لقول ابن حجر : (المراد بالقبول هنا ما يرادف الصحة وهو الإجزاء وحقيقة القبول ثمرة وقوع الطاعة مجزئة رافعة لما في الذمة ولما كان الإتيان بشروطها مظنة الإجزاء الذي القبول ثمرته عبر عنه بالقبول* مجازاً)
ولكن هذا هو الشأن في حديث أبي هريرة فكيف تخريج الأمر في حديث جرير المتقدم ونحوه كحديث"من أتى عرافا لم تقبل له صلاة أربعين يوماً" مع ما تقدم من حكاية الاتفاق أنه لا تلزمه إعادة الصلاة هاهنا؟
الجواب:لابد فيه من تأويل معنى القبول بالثواب التام,والتقدير:لايقبل الله قبولا كاملا صلاة من يأتي العراف بل ينقص أجره , أو أنه لايؤجر مطلقا وإن أجزأته صلاته من جهة أنها مرفوعة عنه فلا يطالب بإعادتها,وفرق بين الإجزاء والثواب المترتب على العمل ,فقد يشرد ذهن المصلي وليس له من صلاته إلا ما عقل منها
على حد ما قال الثوري رحمه الله ويظنه الناس حديثا مرفوعاً للنبي صلى الله عليه وسلم وهو أيضا ما يدل عليه"وإنما لكل امريء مانوى" كما سلف بيانه
ويستفاد من هذا الدرس أن التقصير في فقه ألفاظ الشرع يفضي إلى سوء استنباط

ثم يقول رحمه الله:وَرُبَّمَا قِيلَ مِنْ جِهَةِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ : إنَّ " الْقَبُولَ " كَوْنُ الْعِبَادَةِ بِحَيْثُ يَتَرَتَّبُ الثَّوَابُ وَالدَّرَجَاتُ عَلَيْهَا . وَ " الْإِجْزَاءُ " كَوْنُهَا مُطَابِقَةً لِلْأَمْرِ وَالْمَعْنَيَانِ إذَا تَغَايَرَا ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا أَخَصُّ مِنْ الْآخَرِ : لَمْ يَلْزَمْ مِنْ نَفْيِ الْأَخَصِّ نَفْيِ الْأَعَمِّ . و " الْقَبُولُ " عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ : أَخَصُّ مِنْ الصِّحَّةِ ، فَإِنَّ كُلَّ مَقْبُولٍ صَحِيحٌ ، وَلَيْسَ كُلُّ صَحِيحٍ مَقْبُولًا
--
يريد أن بعض المتأخرين قد يخرجون الأمر بأن القبول أخص من الإجزاء
لأن ما يقبله الله فيثيب صاحبه عليه لابد أن يكون مجزئاً ,ونفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم, كنفي منزلة الإيمان مثلا لا تستلزم نفي رتبة الإسلام"قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا"..لكن هل سلم لهم هذا التخريج من معارض؟
استمع:
وَهَذَا - إنْ نَفَعَ فِي تِلْكَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي نُفِيَ عَنْهَا الْقَبُولُ مَعَ بَقَاءِ الصِّحَّةِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِنَفْيِ الْقَبُولِ عَلَى نَفْيِ الصِّحَّةِ ، كَمَا حَكَيْنَا عَنْ الْأَقْدَمِينَ
--
يعني إن كان ينفع هذا التأويل في مثل حديث "من أتى عرافا" فإنه لا يصلح في مثل حديث"لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" لأن المنفي هنا صحة الصلاة
ولم يقل أحد إن المقصود به نفي الثواب(الأخص) مع ثبوت الإجزاء(الأعم) .
وعاد يستدرك الإمام من جديد:
اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ : دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى كَوْنِ الْقَبُولِ مِنْ لَوَازِمِ الصِّحَّةِ . فَإِذَا انْتَفَى انْتَفَتْ ، فَيَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِنَفْيِ الْقَبُولِ عَلَى نَفْيِ الصِّحَّةِ حِينَئِذٍ .
يريد:لو سلمنا بمقدمة مفادها:إذا كان العمل صحيحا فلابد أن يكون مقبولا ,فساعتها يكون سائغا أن يقال:نفي القبول يدل على نفي صحة العمل,ثم يقول وهنا المحك:
وَيُحْتَاجُ فِي تِلْكَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي نُفِيَ عَنْهَا الْقَبُولُ مَعَ بَقَاءِ الصِّحَّةِ إلَى تَأْوِيلٍ ، أَوْ تَخْرِيجِ جَوَابٍ
قلت:قد تقدم ذكر هذا التاويل (ارجع لكلمة "تأويل" المعلم عليها بالأحمر قبل هذه الأخيرة)
وصل اللهم على سيدنا محمد وأتباعه
--
*نزلت نسخة صحيح ابن خزيمة بتحقيق الشيخ الدكتور المحقق ماهر الفحل حفظه الله تعالى
وهي تفوق طبعة الأعظمي بمفاوز
*في حاشية الصنعاني المطبوعة حين نقل عن ابن حجر كتب :الإجزاء ,والصواب ما أثبت وهو القبول

 

[منيب العباسي]

رد: السلسلة الأولى (5 مجالس): تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام لابن دقيق العيد

إلى أن نلتقي في جلسات قادمة إن شاء الله تعالى
أرحب بأي سؤال يتعلق بما مضى
والحمد لله من قبل ومن بعد
---
ملاحظة:تعنيت في الألوان فلعل الإخوة في القسم الفني يعالجون الأمر
حيث كنت أعلم على الكلمة ولا تتلون ,أعاذنا الله وإياكم من المتلونين

 

[د. فؤاد بن يحيى الهاشمي]

رد: السلسلة الأولى (5 مجالس): تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام لابن دقيق العيد

ما شاء الله تبارك الله يا أبا القاسم المقدسي، إنجاز يدعو إلى الدهشة!
ولعل سبب ذلك هو تحديدها بخمسة مجالس فكان ذلك محفزا للفراغ منها.
وهذا من فوائد التبويب التي ذكرها أهل العلم، وهو أن الفقيه والمتفقه يرى أمدا قريبا لانقضاء غرضه، فيشتغل للوصول إليه، فإذا وصل شعر بأنه أصاب هدفه، فيستشرف إلى ما بعده.

 

[انبثاق]

رد: السلسلة الأولى (5 مجالس): تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام لابن دقيق العيد

جزاكم الله خير الجزآء..ورفع قدركم في الدارين..

إلى أن نلتقي في جلسات قادمة إن شاء الله تعالى
أرحب بأي سؤال يتعلق بما مضى
والحمد لله من قبل ومن بعد
---

أنتظر الجلسات القادمة وأرجو ألا يطول العهد..فالطريقة والتوضيح رائعين.
أما الأسئلة،فهل يمكن أن أعود عليكم بسؤالكم حفظكم الله تعالى؟

سؤال الدرس:لماذا عد الحافظ ابن حجر مثال "إنما الماء من الماء" أوضح مع كون ما ذكره من انتفاء المعارضة في فهم دلالة الحصر متحقق في حديث "إنما الربا في النسيئة"؟

وهو سؤال بعد محاولة في البحث ومحاولة في الاستنباط..لكن لاشيء لدي يستحق رقمه..
نفع الله بكم،وأقر عينكم (بالقبول).

 

[منيب العباسي]

رد: السلسلة الأولى (5 مجالس): تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام لابن دقيق العيد

شكرالله لكم الدعاء الحسن,ولك بمثل..والله أسأل أن يبارك في أوقاتنا أجمعين
--
يظهر لي والله أعلم في سبب كونه عده أوضح
ما ورد في الصحيح عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجل من الأنصار فأرسل إليه فخرج ورأسه يقطر فقال لعلنا أعجلناك قال نعم يا رسول الله قال إذا أعجلت أو أقحطت فلا غسل عليك وعليك الوضوء ,(اقرئي شرح الحديث)فهذا يستدل به على أن التقاء الختانين لم يكن في أول الأمر من موجبات الغسل
لاسيما وقد خفي حكم وجوب الغسل بالتقاء الختانين من غير إنزال على جملة من الصحابة ,بخلاف قضية الربا فكان رأيا لابن عباس ثم رجع عن قوله وارتفع خلافه بعدما بلغه خبر أسامة
قال الإمام النووي: (وقد أُجمع على وجوب الغسل متى غابت الحشفة في الفرج، وإنما كان الخلاف فيه لبعض الصحابة ومن بعدهم، ثم انعقد الإجماع على ما ذكرنا)
والله أعلم
----
شيخنا أبا فراس طبت وطاب سعيك في الخير ,شاكرا لك حسن ظنك (وإن كان زائدا)

 

[منيب العباسي]

رد: السلسلة الأولى (5 مجالس): تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام لابن دقيق العيد

وهذا من بركات اقتراحك يا أبا فراس الخير
والحمدلله من قبل ومن بعد

 

[منيب العباسي]

رد: السلسلة الأولى (5 مجالس): تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام لابن دقيق العيد

قريبا إن شاء الله أستأنف سلسة جديدة من الإحكام في خلال أسبوع بإذن الله, ولكن سامح الله الضيوف ما أكثرهم!
يعودونني لأجل المرض فيأكلون كثيرا من الأزمان, وجزاهم الله خيرا على كل حال فإنهم ما قصدوا إلا الخير
وأتقدم بالشكر لإدارة الموقع على حسن ظنهم البالغ بعمر دعاية "بنر" وإن كنت والله أرى في نفسي أحقر من ذلك
ولله الأمر من قبل ومن بعد

 

[انبثاق]

رد: السلسلة الأولى (5 مجالس): تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام لابن دقيق العيد

بارك الله فيكم
وكتب لكم الشفاء..
وجزاكم خير الجزاء..

 

[انبثاق]

رد: السلسلة الأولى (5 مجالس): تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام لابن دقيق العيد

عذرا حفظكم الله تعالى..
هناك نقطة ترددت فيها..لكن علكم توجهونني حيالها..
هل يمكن أن يكون معنى الحصر أنقص في حديث (إنما الربا في النسيئة)
لما ذكروه في الشروح من كون هذا يحتمل معنى: (إنما الربا الأغلظ تحريمه،والأشد عقابه هو ربا النسيئة)..لكن يشكل عليه كونه ذكر أن الصحابة لم يعارضوا فهم الحصر منه..
جزاكم الله خيرا.

 

[منيب العباسي]

رد: السلسلة الأولى (5 مجالس): تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام لابن دقيق العيد

هذا الفهم حفظك الله محتمل من جهة دلالة اللغة,وقد أوردتم الإشكال ورددتم عليه
وليعلم أن الحصر يتفاوت في دلالته وقوته بحسب السياق والقرائن وألفاظه

 

[منيب العباسي]

رد: السلسلة الأولى (5 مجالس): تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام لابن دقيق العيد

السلسلة الثانية
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?p=49356#post49356

 

[عبدالله بن عبيد الحربي]

رد: السلسلة الأولى (5 مجالس): تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام لابن دقيق العيد

لأنه نفى جنس الآلهة كلها..ثم أثبت إلهاً واحداً وهو الله تعالى..
هذا العبارة بذاتها ليست طيبة , بل هي خطأ فادح , ولهذاقال بعضهم يجب ان تنوي الاستثناء قبل تمام الكلام حتى لو مت قبل نطقك به لم تمت كافرا ,
وكل هذا ناتج عن مثل هذه العبارة .
والصواب أن عبودية الله لم تدخل في النفي أصلا حتى تقول : ثم أثبت الها واحدا .
فمعنى لا اله الا الله : نفي العبودية عن غير الله مع اعتقاد ثبوتها لله وحده .
بارك الله فيك ونفع بك .

 

[منيب العباسي]

رد: السلسلة الأولى (5 مجالس): تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام لابن دقيق العيد

شكر الله لك..
هذا يعتمد على فهمك للمراد..والخلاف في إعراب كلمة التوحيد واقع
وأحسن ما قيل فيه :إما ألا يقدر خبر لـ"لا" النافية للجنس..(وهذا يختلف عن تقدير الخبر بأنه موجود)
وإما أن يقدر الخبر أنه "حق" ..
انظر إعراب كلمة التوحيد للشيخ سفر الحوالي في شرحه على الطحاوية