العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

خواطر سائح في أصول الفقه

إنضم
10 مايو 2015
المشاركات
219
الجنس
ذكر
الكنية
د. كامل محمد
التخصص
دراسات طبية "علاج الاضطرابات السلوكية"
الدولة
مصر
المدينة
الالف مسكن عين شمس
المذهب الفقهي
ظاهري

خواطر سائح في أصول الفقه

تأليف
دكتور كامل محمد محمد عامر
الطبعة الأولى
1435 ه ــــــ 2014 م
بسم الله الرحمن الرحيم


لا شك أن العلومَ أشبهُ ما تكون بالكائنِ الحى تبدأ نبتةٌ صغيرةٌ و ضعيفةٌ ثم تنموا رويدًا رويدًا حتى تشتدَّ و تكتمل على أيدى العلماء الصادقين الجادِّين و هذا مشاهدٌ ملموسٌ نشاهده فى بداية علم الحديث و علم النحو و حتى في العلوم الإجتماعية و الإنسانية كعلم النفس و علم الإجتماع و علوم الطب وغير ذلك من العلوم المختلفة.
العلومُ إذاً تبدأُ بدايةٌ متواضعةٌ بِدُونَما معايير أو أسس واضحة المعالم وبعد فترة طالت أو قصرت ينهض المتخصصين بوضع القوانين و الأُصُولِ
التى تَحُكم هذا العلم فعلم أُصُول الحديث لم ينشأ إلا بعد علم الحديث بفترة طويلة وكذلك علم أُصُول الفقه بيد أن علماء الحديث طبَّقُوا علمهم بأثرٍ رَجْعِىّ - على حد تعبير العلوم الحديثة – على علم الحديث و جزى الله سبحانه علماء الحديث خير جزاء فوجدناهم قد مَحَّصُوا جميع الأحاديث ولم نجد بينهم الإختلافات الموجودة فى معظم العلوم الأُخرى. قَصَدتُ من ذلك أن أقولَ إنه كان يجب أن يتفق العلماء على المنهج أو الأُصُولِ أو البرامج التي يمكن بواسطتها استخراج الأحكام من النصوص التى ضَمِنِ اللهُ جلَّ و علا أن تكون كافية لِمَا بيننا من أحداث وِلَما يُسْتَجَدُ أيضاً فلا شك أن أسباب الإختلاف كثيرة و قد تكلم عليها الكثير من العلماء الأفاضل رحمهم الله وجزاهم خير جزاء مثل ابن تيمية و ابن السيد والشاطبى فإذا كان ذلك و قد نُهِينا عن الإختلاف فيجب أن يُكَرَّسَ الجهدُ من العلماء للاتفاق على منهج قويم ونطبقه على الأحكام الفقهية كما فعل علماء الحديث وهذا ليس بعسير فالمناهج بحمد الله كثيرة فقد بدأت منذ قام الإمام الشافعى رحمه الله بوضع كتابه الرسالة فى أُصُول الفقه فإذا ما اتفق على معايير للعلم الصادق كما تحدث عنه الإمام الشاطبى رحمه الله و على معايير المنطق السوى و التفكير العقلى السليم كما تحدث عنه الإمام ابن حزم رحمه الله نكون قد أعذرنا إلى ربنا جلَّ وعلا ووقفنا على قدم راسخة.
علينا إذًا أن ننظر إلى التراث الضخم الذى حَبَانَا اللهُ به من خلف المناهج و الأُصُول التي وضعها العلماء لنا و التى تتفق مع المقومات التى أُتُفِقَ عليها ، إنْ يَفْعلْ العلماء ذلك فنكون قد أَرْضَيْنا ربَنا جل وعلا وبَعدنا عن التعصب و عن أهواء النفس ولم ندع الفرصة لضعيفِ قلبٍ أراد أن يصانع قريب أو يداهن غريب.
إذا ما نظرنا إلي الماضى بمنظور الحق ، فقد تُقابلنا صعاب فقد نجد أشياء ألفناها وقد أصبحت بهذا المنظور من المحرمات فتقوم الدنيا ولا
تقعد كما فعل أهل مكة و قد كانوا على ملة أبِينا إبراهيم عليه السلام فيقول قائلهم كما قال الله تعالى { أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ }[ص – 5] فطيب النفس هذا كما يسميه ابن حزم رحمه الله يجب أن لا نلقى له بالاً فالحق أَحَقُ أن يٌتَبع.
إنّ المسلمات التى يوافق عليها كل مسلم أن كل إنسان يُؤخَذُ منه ويردّ إلا من شهد الله له بالعصمة علية الصلاة والسلام ومن لا ينطق عن الهوي و حتى لا ينطبق علينا قول الله سبحانه وتعالى { اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ }[التوبة 31] فالمخرج إذاً أنْ نُراجعَ أقوال العلماء من وراء ما اتُفِقَ عليه من أُصُولٍ ، فَهُمْ رضوان الله عليهم قد اجتهدوا فلهم أَجرٌ أو أجرين و أما نحن فليس لنا عذر و قد تكلم الكثير من العلماء الأفاضل فى التقليد ووجوب الإجتهاد بحسب الوسع حتى مع العامىّ و إلا فأينَ نحنُ من هذه الآية.
الخلافُ إذاً بين الأَئِمة الكبار رحمهم الله إنما يكمن فى الأُصٌول التى تَبَنَّاها كلٌّ منهم فيجب على علمائنا الأفاضل أن لا يناقشوا الفروع المختلف فيها فما ذنب العالم أنْ نُشَنِّعَ عليه أنْ كان أَصْلهُ الذي بنى عليه مسألته صحيحاً ، والحكم الناتجُ من تلك القاعدة ليس مألوفاً ؛ و يذكرني هنا التشنيع على ابن حزم رحمه الله في قضية التبول في الماء الراكد فالحديث لم يذكرالعلة من هذا وقد افترض العلماء من عند أنفسهم أنْ العلة هى النجاسة وبنوا على ذلك أحكاما كثيرة ورموا الإمام داوود وابن حزم رحمهم الله بالجمود و ها نحن نُعاقَبُ بأشَدِ العقاب جَرَاء عدم تنفيذ هذا الحديث بنصه ، فننهى الناس عن التبول فى الماء الراكد كأمر واجب التنفيذ كما أخبر ربنا جلَّ وعلا بذلك فى قوله تعالى :{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْيُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور-63] فا هو مرض البلهارسيا يُكَلِّفنا الكثير من الجهد والمال و يُقَدِّرُ
ربى سبحانه أن يكون درساً للبشرية و تكون سنن ربى الكونية أن التبول فى الماءالراكد يسبب البلهارسيا بينما لو تبول الانسان فى اناء ثم صبه فى الماء الراكد تنقطع دورة حياة البلهارسيا ولا تصيب الانسان.
فالدعوة إذاً أن يتبنى فقهاءُ المذاهب فكرة تأصِيل المذهب وإثبات صحتها واعتبارها ميزان يوزن بها الأحكام التى تبناها المذهب هذا وبالله التوفيق ومنه السداد .


دكتور كامل محمد عامر
القاهرة–الالف مسكن
الثالث من ذى الحجة 1433
 
أعلى