العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

في تعريف النظر وحكمه

إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
اختلف أهل العلم من المتكلمين وغيرهم في حكم النظر على أقوال عديدة، أبدأ ههنا بذكر تعريف النظر، متبعاً ذلك باختلاف العلماء، ثم أسجل تعقيبي على ذلك، راجيا من الإخوة الكرام مشاركتي .


أولا : تعريف النظر :

النظر هو : ترتيب أمور معلومة على وجهٍ يؤدّي إلى استعلام ما ليس بمعلوم . (متن السلم في المنطق، بشرح الأخضري، 49)

والنظر الذي هو محل البحث في كلامهم هو ترتيب الأمور في الذهن على وجهٍ يؤدي إلى معرفة الله والإيمان به استدلالاً لا تقليداً .


ثانياً : بيان الخلاف فيه :

ويبان الاختلاف في حكم النظر بهذا المعنى كما يأتي :

- ذهب فريق من أهل العلم إلى أنه واجب شرعاً، بل عدّه بعضهم أول الواجبات على العبد، وادُّعي فيه الإجماع، وليس كذلك كما سيتضح .

قالوا :
لأن الإجماع قام على وجوب معرفة الله، ولا تحصل إلا بالنظر .


- ذهب آخرون - منهم الشيخ عز الدين بن عبد السلام - إلى غيره، فقال :
الأصحّ أن النظر لا يجب على المكلفين إلا أن يكونوا شاكّين فيما يجب اعتقاده، فيلزمهم البحث عنه والنظر فيه إلى أن يعتقدوه أو يعرفوه .

قال بعضهم في نصرة هذا القول :
هذا الذي قالوه - يقصد أصحاب الرأي الأول - من وجوب النظر مبنيٌّ على أن كلَّ إنسان ابتداءً غير عارف بالله حتى ينظر ويستدلّ، فيكون النظر أول الطاعات، وهذا خلاف ما عليه السلف وجمهور أهل العلم، بل الأمر بالعكس، فإنه لا يوجد قط إنسان إلا وهو يعرف ربه عز وجلّ، إلا من عرض له ما أفسد فطرته ابتداء .

وقالوا :
نعم النظر الصحيح يقوّي المعرفة، وليس هذا بمحل النزاع، وإنما في إيجابه على كل أحد .



قلت : وقد نصر الزركشي رحمه الله - في البحر المحيط (1/37) - قول المتكلمين من وجوب النظر، وعلله بأن المعرفة على رأي أصحاب القول الثاني ضرورية، ولو كانت كذلك لما جاز التكليف بها، وقد قال تعالى : (فاعلم أنه لا إله إلا الله) .


ثالثا : ما أتعقب به :

قلت : كلامه رحمه الله تعالى في نصرته قول المتكلمين ضعيف، وبيانه :

-أننا لا نسلّم بأن هذه المعرفة ضرورية بالمعنى المتداول بين المتكلمين، وإنما المقصد أنها قريبة إلى القلب والعقل، لا تحتاج في الغالب إلى النظر، إلا في حال وجود الشبهات .

- أنه لا يبعدُ أن نقول : إن التكليف في هذه الآية تعلّق بالمحافظة على فطرة الله التي خلق الناس عليها، وهي التوحيد، كما أُخبر بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، من حديث (كل مولود يولد على الفطرة..) .
وعلى ذلك لا يكون هذا الأمر بتحصيل العلم الضروري الممنوع منه .

- أننا لم نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم يوما ردّ إنسان عن الإسلام وأمره بالنظر، أو أنه سأله إن كان قد نظر أو لم ينظر، فإن لم يفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك؛ علمنا أنه لا يجب .

أما ما أمر الله تعالى به في كتابه منه؛ فإنما هو لمن ارتاب أو شك، فيجب عليه النظر ههنا حتى يستقر إيمانه، وليس هذا بمحل خلاف، والله أعلم .
 

أبو محمد المهداوي

بانتظار تفعيل البريد الإلكتروني
إنضم
14 مايو 2009
المشاركات
35
التخصص
علوم شرعية
المدينة
---
المذهب الفقهي
أهل الحديث
بارك الله فيك ، وابن الوزير اليماني يذهب إلى أن حقيقة النظر : تجريد القلب من الغفلات.
=======
تساؤل :
يقولون العرب لا تعرف هذه الحدود الدقيقة وليست في أصل لسانها ، إنما وفدت مع اليونان ...

على فرض صحة هذا الطرح هل أخذ هذه الدقة المنطقية من قوم آخرين حرام؟!​
 
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
جزاك الله خيرا على الفائدة، وعلى إثارة هذا السؤال، وبعد :

فإن هذه الألفاظ المنطقية وعموم علم المنطق لا أشك أنه من غير مصدر إسلاميّ، إلّا أنها علوم في أصلها عقلية عامة، إذ لا تختص بديانة أو تنبع من ديانة، وإنما هو الفكر الإنساني، والله أعلم .

وقد قرأت تفصيلا طيّبا في بعض شروح متن السلم يتناول حكم المنطق بالإجمال، وحاصله :

أن عمومات هذه العلوم ومبادئها مباحات لا بأس بها، ومن ذلك : ترتيب المقدمات وبناء النتائج عليها، ترتيب الأفكار، وأساليب النقض على الخصم وأمثاله .

فإن مثل هذا مما يجدر بطالب العلم التنبه إليه، فإنه الآلة لضبط الفكر، وإقامة الميزان العلمي .


أما ما يتعمّق فيه المتعمقون من هذه العلوم، فإن تحريمها هو الوجه لما يترتّبُ عليها من المفاسد العقدية والفكرية، وما أمر المعتزلة منا ببعيد .

وإذا لم أخطئ فإن هذا التفصيل هو من كلام الإمام النووي رحمه الله، وسأرجع إلى الأصل لأوثّق هذا العزو؛ فإنه ليس بين يدي، والله أعلم .
 
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :


فقد اختلفوا في حكم المنطق على ثلاثة أقوال :


الأول : المنع مطلقاً، وهو قول الإمام النووي - وقد أخطأت في العزو إليه في المشاركة الأخيرة -، وذهب إليه ابن الصلاح كذلك .


الثاني : استحبابه، وهو قول الغزالي ومن تابعه، قال رحمه الله : "من لا يعرفه لا يوثَق بعلمه" .


الثالث : قال الأخضري صاحب "السلم" :

"والمختار الصحيح : جوازه لذكيّ القريحة، صحيح الذهن، ممارس للكتاب والسنة" .


فاشترط رحمه الله هذه الشروط، وأهمها : ممارسة الكتاب والسنة، لئلا يقع في مطبات مخالفتهما جرياً على سنن هذه العلوم العقلية .


قال :
لئلا يؤول به إلى اتباع بعض الطرق الوهمية، فيفسد المقدّمات والأقيسة النظرية؛ فتزلّ قدمه في بعض الدركات السفلية .

قال :
ومنه ضلّت المعتزلة والقدرية وغيرهم من الطوائف البدعية، فخاضوا في ذلك حتى بدّلوا وغيّروا في السنة الشرعية، والملّة المحمدية، فباؤوا بضلالة جلية، وجهالة غبيّة . اهـ .



قلت : وتحصّل من المشاركة الأخيرة قول رابع - قرأته لبعض شراح السلم - : وهو التفريق بين عمومات هذا العلم ومبادئه؛ فتباح، والتعمّق فيه الولوج في لجته ودقائقه؛ فيمنع .


قلت : وهو الذي أراه أقرب من غيره، فما في مقدماته وعموماته إلا ضبط الميزان الفكري، وتسوية الصراط العلمي، فلا يسوغ منعه، وما في الاستكثار منه من خوف الضلال كفاية في سدّ ذريعة مفاسده، والله أعلم .
 
إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
بارك الله فيك!
ما القول في أمر العناية بالحدود : وضبطها أهو أمر محمود أم لا؟
 
أعلى