العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

قواعد التعامل مع البر الرحيم

إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فابتداءاً ينبغي أن ندرك أن التعامل مع الخالق له شأن آخر فهو ليس كأي تعامل إنه تعامل بين عبد ومعبود تعامل بين فقير وغني تعامل بين ضعيف وقوي تعامل بين ناقص وكامل إنه التعامل مع الله ذي الصفات العلى العالم الذي لا تخفى عليه خافية القادر ذي القدرة التامة لا يخرج أحد عن سطوته وقدرته ولا يعجزه أحد كائنا من كان وهو الرحمن الرحيم الشكور ذو الفضل والإحسان يدور حكمه وأمره بين العدل والفضل وقد دلت سنن الله الشرعية على ترتيب السنن القدرية على أفعال العباد وفق قواعد أهمها ما يلي :

القاعدة الأولى : نية العبد مؤثرة في عمله صحةً وفساداً ثواباً وعقاباً وهي تُعَظِّم العمل أجراً وإثماً وبها ينقلب المباح قربة وعبادة ، فالأكل والشرب واللبس والنوم والنكاح تصبح عبادات بالنية الحسنة ، ومن قصد ما حرَّم الله عامله الله بنقيض قصده فلم يحصل له ما أراده .

القاعدة الثانية : لا يقبل الله من الأعمال إلا ما كان على وفق الأمر الشرعي الوارد في الكتاب والسنة ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) .

القاعدة الثالثة : خلق الله الخلق لعبادته وعبادته أوامر يجب القيام بها ونواهٍ يجب اجتنابها ، وجنس المأمورات أعظم عند الله من جنس المنهيات .

القاعدة الرابعة : أوامر الله ونواهيه درجات ومراتب فمنها في ( الأوامر ) الأركان والأصول التي ينبني الإسلام عليها ومنها الواجبات ومنها المندوبات ومنها في ( النواهي ) النواقض المخرجة عن الإسلام ومنها الكبائر الموبقات ومنها الصغائر ، وعلى هذه المراتب ينبني عظم الأجر والذنب والثواب والعقاب وفي البخاري ( ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه )

القاعدة الخامسة : كل ما يصيب العبد في حياته من مصائب فهي بسبب ذنوبه قال تعالى : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) .

القاعدة السادسة : حقوق الله مبنية على المسامحة وحقوق العباد مبنية على المشاحة فحق الله تحت مشيئته يغفر لمن يشاء وأما حقوق العباد فلا تسقط إلا بعفو من صاحبها وهذه الحقوق تشمل حقوق النفس والمال والعرض وغيرها وأول ما يفصل به بين العباد يوم القيامة في الدماء وفي الصحيح : ( من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها فإنه ليس ثم دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه) وليس أسرع عقوبة من ذنب البغي والظلم وقطيعة الرحم .

القاعدة السابعة : من تقرب إلى الله تقرب الله إليه أكثر ومن ابتعد عنه أبعده الله فبقدر قربك يتقرب الله إليك وأكثر وبقدر بعدك يبتعد عنك ففي الصحيحين : ( يقول الله تعالى : أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعاً وإن أتاني يمشي أتيته هرولة )

القاعدة الثامنة : الحسنات تجر إلى الحسنات والأعمال الصالحة والسيئات تجر إلى السيئات فمن طلب الهداية زاد هدى ومن طلب الزيغ زاد زيغاً قال تعالى ( والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم ) وقال : ( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ) وفي الحديث ( ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ) .

القاعدة التاسعة : ذنوب العبد منها ما لا يغفر وهو الشرك ومنها ما هو تحت المشيئة إن شاء الله غفر لصاحبه وإن شاء عذبه وهي الكبائر كالزنى والسرقة وعقوق الوالدين والربا ومنها ما تكفره الأعمال الصالحة من وضوء وصلاة وصدقة وصوم وحج ونحوها .

القاعدة العاشرة : التوبة واجبة على العبد من جميع الذنوب من فعلِ محرم أو ترك واجب وإذا تاب العبد توبة صادقة تاب الله عليه وأبدل سيئاته حسنات قال تعالى : ( إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ) .

القاعدة الحادية عشرة : العبد في حياته بين سراء توجب الشكر وضراء توجب الصبر .

القاعدة الثانية عشرة : لله على العبد في كل جزء منه عبادة قلبه وسمعه وبصره ولسانه ويديه وقدميه وبطنه وفرجه يجب عليه أداؤها .

القاعدة الثالثة عشرة : قد تجاوز الله عن العبد ما يفعله ناسياً أو مكرهاً أو جاهلاً أو مخطئاً وأسقط عنه الواجب عند العجز وأباح له المحرم عند الضرورة .

القاعدة الرابعة عشرة : قد راعى الله حال العبد في الأمر والنهي وتقلبه في الحضر والسفر والصحة والمرض ، فأباح للعبد الترخص في مثل هذه الحالات بما ورد به النص .

القاعدة الخامسة عشرة : اختار الله بعض الأزمنة وبعض الأمكنة فعظمها وعظم الأجر والإثم فيها كالحرمين ورمضان وعشر ذي الحجة ومنها يوم عرفة وشهر الله المحرم ومنه عاشوراء فما يفعله العبد في هذه الأزمنة أو الأمكنة له حكم خاص يفوق غيرها من الأزمنة والأمكنة .

القاعدة السادسة عشرة : لم يجعل الله بينه وبين العباد واسطة في العبادة لا نبي مرسل ولا ملك مقرب ولا ولي صالح فالعبد يعبد ربه مباشرة بجميع أنواع العبادة ولا يحتاج لشفيع يوصل ذلك العمل .

القاعدة السابعة عشرة : من أطاع الله أسعده في حياته الدنيوية والأخروية ومن عصاه شقي في الدنيا والآخرة ومن ترك شيئاً لله عوضه الله بلذة تفوقها ومن فعل معصية لقي حسرتها وألمها أكثر مما أصاب من لذتها قال تعالى : ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) وقال : (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى )

القاعدة الثامنة عشرة : المرجع الذي يستند إليه في عبادة الله هو كتاب الله وما صح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبهما تقوم الحجة على العبد وعلى وفقهما يحاسب يوم القيامة .

القاعدة التاسعة عشرة : على قدر تعامل العبد مع العباد يكون تعامل الله معه فالإحسان بالإحسان والرحمة بالرحمة والعفو بالعفو وهكذا قال تعالى ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) ( من لا يرحم لا يرحم ) ( لا يشكر الله من لا يشكر الناس ) قال ابن القيم : ( وقد دل العقل والنقل والفطرة وتجارب الأمم على اختلاف أجناسها ومللها ونحلها على أن التقرب إلى رب العالمين وطلب مرضاته والبر والإحسان إلى خلقه من أعظم الأسباب الجالبة لكل خير وأضدادها من أكبر الأسباب الجالبة لكل شر فما استجلبت نعم الله واستدفعت نقمة الله بمثل طاعته والتقرب إليه والإحسان إلى خلقه )

القاعدة العشرون : العباد كلهم تحت الأمر والنهي سواء الملك والمملوك الغني والفقير الرجل والمرأة العربي والأعجمي الأسود والأبيض وليس بين الله وبين أحد نسباً وليس أحد من العباد مستثنى من أمره ونهيه فلا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى والعمل الصالح .
 
التعديل الأخير:
إنضم
4 نوفمبر 2012
المشاركات
17
الكنية
أم عبد الله
التخصص
فئات خاصة
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الحنبلى
رد: قواعد التعامل مع البر الرحيم

جزاكم الله خيرا على هذه الموضوع النافع الماتع
 
إنضم
15 أكتوبر 2011
المشاركات
28
الكنية
أبو أسامة
التخصص
تفسير وعلوم القرآن
المدينة
أم البواقي
المذهب الفقهي
مالكي يميل مع الحق على لسان من ظهر
رد: قواعد التعامل مع البر الرحيم

جزى الله فضيلة الدكتور بدر خير الجزاء و أوفاه ، والحق أنّ له شرف التنبيه و الابتداء ، مع أنّ الموضوع فسيحٌ يحتاج إلى سبرٍ أعمق و مراجعة أدق ، وقد أفادنا حفظه الله بأمّهاتٍٍ من قواعد التعامل مع الرحيم جلّ جلاله ، وفي بعضها إطلاقاتٌ تحتاج إلى مراجعة و تدقيق ، و ليت أستاذنا الفاضل أشار كذلك إلى شيءٍ من قواعد تعامل غير المسلم مع الله ، فإنّ الرحمن سبحانه ربّ كل شيءٍ و مليكه . ومع هذا فالموضوع بحق يستحق الشكر و التميّز .
 

الدرَة

:: نشيط ::
إنضم
26 أكتوبر 2010
المشاركات
653
التخصص
الفقه
المدينة
..
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: قواعد التعامل مع البر الرحيم

القاعدة الخامسة : كل ما يصيب العبد في حياته من مصائب فهي بسبب ذنوبه قال تعالى : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) .
هل هذا الأمر على الإطلاق ؟
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: قواعد التعامل مع البر الرحيم

هل هذا الأمر على الإطلاق ؟
هذا هو الأصل - بارك الله فيكم - لأن الأصل أنه لا يسلم من الذنب أحد وقد يرد في ذهنك قضية المصيبة والابتلاء فهنا جواب ما قد يتبادر في هذا ومشاركتي فيها رقم ( 29 ) :
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=122317
 

علاء سعيد محمد

:: متابع ::
إنضم
4 أكتوبر 2013
المشاركات
49
الكنية
أبو معاذ
التخصص
نشر دين
المدينة
قنا
المذهب الفقهي
سنى
رد: قواعد التعامل مع البر الرحيم

جزاك الله خيراً
 
أعلى