العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مدارسة لقاعدة: ما تركه صلى الله عليه وسلم مع قيام المقتضي له ولا مانع منه ففعله بدعة

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمين.
في هذا الموضوع نتدارس إن شاء الله كلام أهل العلم في قاعدة:
ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم في زمانه مع قيام المقتضي له وعدم وجود المانع ففعله بعده بدعة.
نسأل الله عز وجل أن يعيننا وأن يلهمنا الصواب ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ـــــــــــــــــــــــــ
نبدأ بنقل كلام الإمامين ابن تيمية وأبي إسحاق الشاطبي:

أولاً:ابن تيمية رحمه الله:
يقول ابن تيمية رحمه الله في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم:
"والضابط في هذا والله أعلم أن يقال:
"إن الناس لا يحدثون شيئا إلا لأنهم يرونه مصلحة ... فما رآه الناس مصلحة نظر في السبب المحوج إليه :
فإن كان السبب المحوج إليه أمرا حدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم من غير تفريط منا، فهنا قد يجوز إحداث ما تدعو الحاجة إليه.
وكذلك:
إن "كان المقتضي لفعله قائما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكن تركه النبي صلى الله عليه وسلم لمعارض زال بموته.
وأما:
ما لم يحدث سبب يحوج إليه.
أو كان السبب المحوج إليه بعض ذنوب العباد.
فهنا لا يجوز الإحداث ، فكل أمر يكون المقتضي لفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم موجودا ، لو كان مصلحة ولم يفعل ، يعلم أنه ليس بمصلحة .
وأما ما حدث المقتضي له بعد موته من غير معصية الخالق فقد يكون مصلحة .
ثم هنا للفقهاء طريقان :
أحدهما : أن ذلك يفعل ما لم ينه عنه، وهذا قول القائلين بالمصالح المرسلة.
والثاني : أن ذلك لا يفعل إن لم يؤمر به : وهو قول من لا يرى إثبات الأحكام بالمصالح المرسلة ، وهؤلاء ضربان :
منهم من لا يثبت الحكم ، إن لم يدخل في لفظ كلام الشارع ، أو فعله ، أو إقراره ، وهم نفاة القياس .
ومنهم من يثبته بلفظ الشارع أو بمعناه وهم القياسيون.
فأما ما كان المقتضي لفعله موجودا لو كان مصلحة ، وهو مع هذا لم يشرعه ، فوضعه تغيير لدين الله ، وإنما دخل فيه من نسب إلى تغيير الدين ، من الملوك والعلماء والعباد ، أو من زل منهم باجتهاد....
فمثال هذا القسم : الأذان في العيدين ، فإن هذا لما أحدثه بعض الأمراء ، أنكره المسلمون لأنه بدع...ونحن نعلم أن هذا ضلالة قبل أن نعلم نهيا خاصا عنها ، أو نعلم ما فيها من المفسدة . فهذا مثال لما حدث ، مع قيام المقتضي له ، وزوال المانع لو كان خيرا .
فإن كل ما يبديه المحدث لهذا من المصلحة ، أو يستدل به من الأدلة ، قد كان ثابتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومع هذا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهذا الترك سنة خاصة ، مقدمة على كل عموم وكل قياس .
ومثال ما حدثت الحاجة إليه من البدع بتفريط من الناس : تقديم الخطبة على الصلاة في العيدين ، فإنه لما فعله بعض الأمراء أنكره المسلمون لأنه بدعة ، واعتذر من أحدثه بأن الناس قد صاروا ينفضون قبل سماع الخطبة ، وكانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفضون حتى يسمعوا ، أو أكثرهم .
فيقال له : سبب هذا تفريطك ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطبهم خطبة يقصد بها نفعهم وتبليغهم وهدايتهم ، وأنت قصدك إقامة رياستك ، أو إن قصدت صلاح دينهم ، فلا تعلمهم ما ينفعهم ، فهذه المعصية منك لا تبيح لك إحداث معصية أخرى ، بل الطريق في ذلك أن تتوب إلى الله ، وتتبع سنة نبيه ، وقد استقام الأمر ، وإن لم يستقم فلا يسألك الله إلا عن عملك ، لا عن عملهم .
وهذان المعنيان من فهمهما انحل عنه كثير من شبه البدع الحادثة ...وعامة الأمراء إنما أحدثوا أنواعا من السياسات الجائرة من أخذ أموال لا يجوز أخذها ، وعقوبات على الجرائم لا تجوز لأنهم فرطوا في المشروع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإلا فلو قبضوا ما يسوغ قبضه ، ووضعوه حيث يسوغ وضعه ، طالبين بذلك إقامة دين الله ، لا رياسة نفوسهم ، وأقاموا الحدود المشروعة على الشريف والوضيع ، والقريب والبعيد ، متحرين في ترغيبهم وترهيبهم للعدل الذي شرعه الله -لما احتاجوا إلى المكوس الموضوعة ، ولا إلى العقوبات الجائرة ، ولا إلى من يحفظهم من العبيد والمستعبدين ، كما كان الخلفاء الراشدون ، وعمر بن عبد العزيز وغيرهم من أمراء بعض الأقاليم ."
-----------------------------
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بيان هذه القاعدة أيضا([1]):
"بخلاف ما كان تركه لعدم مقتض أو فوات شرط أو وجود مانع وحدث بعده من المقتضيات والشروط وزوال المانع ما دلت الشريعة على فعله حينئذ كجمع القرآن في المصحف وجمع الناس في التراويح على إمام واحد وتعلم العربية وأسماء النقلة للعلم وغير ذلك ما يحتاج إليه في الدين بحيث لا تتم الواجبات أو المستحبات الشرعية إلا به وإنما تركه صلى الله عليه و سلم لفوات شرطه أو وجود مانع.
فأما ما تركه من جنس العبادات مع انه لو كان مشروعا لفعله أو أذن فيه ولفعله الخلفاء بعده والصحابة فيجب القطع بأن فعله بدعة وضلالة ويمتنع القياس في مثله وإن جاز القياس في النوع الأول وهو مثل قياس صلاة العيدين والاستسقاء والكسوف على الصلوات الخمس في أن يجعل لها أذانا وإقامة كما فعله بعض المراونية في العيدين وقياس حجرته ونحوها من مقابر الأنبياء على بيت الله في الاستلام والتقبيل ونحو ذلك من الأقيسة التي تشبه قياس الذين حكى الله عنهم أنهم قالوا إنما البيع مثل الربا."

([1]) مجموع الفتاوى - (ج 26 / ص 172)
 
التعديل الأخير:
إنضم
14 فبراير 2010
المشاركات
6
التخصص
الفقه
المدينة
ماكسر
المذهب الفقهي
الشافعي الحنبلي
رد: مدارسة لقاعدة: ما تركه صلى الله عليه وسلم مع قيام المقتضي له ولا مانع منه ففعله بدعة

بارك الله فيكم
 
أعلى