س" هل يشترط أن يكون التراب مباحاً؟
وهذه المسألة خِلافيَّة, انظر: «الإنصاف» (1/47، 311) (2/222).)]، والخِلاف فيها كالخِلاف في اشتراط إِباحة الماء للوُضُوء والغُسْل.
أما لو كان التُّراب ترابَ أرضٍ مغصوبة، فإِنَّه يصحُّ التَّيمُّم منه، كما لو غَصب بئراً فإِنه يصحُّ الوُضُوء من مائها، ولكن قال الفقهاء ـ رحمهم الله ـ: يُكرَه الوُضُوء من ماء بئر في أرض مغصوبة.
وفُرُوضُه: مَسْحُ وَجْههِ، ويَديْه إِلى كُوعَيْه، ..........
س" ماهي فروض التيمم ومالدليل؟
1-فُرُوضُه: مَسْحُ وَجْهِه ويَديْه إِلى كُوْعَيْه» .
الدَّليل" على ذلك قوله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] ، وهو كقوله تعالى في الوُضُوء: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} الآية [المائدة: 6] .
س: مالمراد بالكوع ؟
الكُوع: هو العَظم الذي يلي الإِبهام.
س: إلي أين يكون التيمم مع الدليل؟
القول الأول: قيل إلي الكوعين أدلتهم :
1-قوله تعالى: {وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] ، واليَدُ إِذا أُطلقت فالمراد بها الكَفُّ بدليل قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا} [المائدة: 38] ، والقَطْع إِنما يكون من مِفْصَل الكَفِّ.
2- حديث عمار بن ياسر وفيه أن النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «إِنما يكفيك أن تقول بيَدَيْك هكذا، ثم ضَرَب بِيَدَيْه الأرض ضربة واحدة، ثم مَسَح الشِّمال على اليمين، وظاهرَ كفَّيه ووجهه»[( متفق عليه)]، ولم يَمسَحِ الذِّراع.
القول الثاني: قيل إِن التَّيمُّم إِلى المرفقين,.
واستدلُّوا بما يلي:
1-ما رُويَ عنه صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «التَّيمُّم ضربتان، ضربةٌ للوَجْه، وضربةٌ لليدين إِلى المرفقين»ورُدَّ هذا بأن الحديث ضعيف شاذٌ مخالف للأحاديث الصَّحيحة في صفة التَّيمُّم؛ وأنه ضربة واحدة، والمسْحُ إِلى الكُوع فقط.
2- قياس التَّيمُّم على الوُضُوء.
س:بما رد به الشيخ ابن عثيمين علي القول بأن المسح إلي المرفقين؟
ورُدَّ هذا القياس بأمرين:
الأول: أنه مقابل للنَّصِّ، والقِياس المقابل للنَّصِّ يُسمَّى عند الأصوليِّين فاسد الاعتبار.
الثاني: أنه قياس مع الفارق، والفرق من وجوه:
الوجه الأول: أن طهارة التَّيمُّم مختصَّة بعضوَين، وطهارة الماء مختصَّة بأربعة في الوُضُوء، وبالبَدَنِ كُلِّه في الغُسْل.
الوجه الثَّاني: أنَّ طهارة الماء تختلف فيها الطَّهارتان، وطهارة التَّيمُّم لا تختلف.
الوجه الثَّالث: أنَّ طهارة الماء تنظيف حِسِّي، كما أن فيها تطهيراً معنويًّا، وطهارة التَّيمُّم لا تنظيف فيها.
الثالث ـ أن اليدَين في التَّيمُّم جاءت بلفظ مطلَق، فتُحمل على المُقيَّد في آية الوُضُوء. ورُدَّ هذا بأنَّه لا يُحْمَل المطلَق على المقيَّد إِلا إِذا اتَّفقا في الحُكْم، أمَّا مع الاختلاف فلا يُحْمَل المطلَق على المقيَّد.
وكذا التَّرتيبُ والمُوالاةُ في حَدَثٍ أصْغَر.
س: مالمراد بالترتيب والمولاة ومالدليل علي كل منهما؟
التَّرتيب: أن يبدأ بالوَجْه قَبْل اليَدَين.
ودليله قوله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [المائدة: 6] ، فبدأ بالوجه قبل اليدين. وقد قال النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «ابدؤوا بما بَدَأ الله به»[( انظر: «التلخيص الحبير» رقم (1036).)].
المولاة: ألاّ يُؤخِّر مسْحَ اليدين زمناً لو كانت الطَّهارة بالماء لَجَفَّ الوَجْه، قبل أن يطهِّر اليدين.
س:ماحكم الترتيب والموالاة في الحدث الأصغر والأكبر؟
1-المذهب:أن التَّيمُّم بَدل عن طهارة الماء، والبَدَل له حُكْمُ المبدَل، فلما كانا واجبَين في الوُضوء، وَجَبَا في التَّيمُّم عن الحَدَثِ الأصغر. وأما بالنسبة للأكبر كالجنابة فلا يُشْتَرط التَّرتيب، ولا الموالاة، لِعَدم وجوبهما في طَهارة الجَنابة، .
2-قال بعض العلماء: إِن التَّرتيب والموالاة فَرْضٌ فيهما جميعاً.
واستدلُّوا بِقَوله _صلّى الله عليه وسلّم _في حديث عَمَّار وهو جُنُب: «إِنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا»، ففعل التَّيمُّم مرتَّباً، متوالياً.
قالوا: وقياس التَّيمُّم على طهارة الحَدَثِ الأكبر في عَدَم وُجوب التَّرتيب والموالاة قياس مع الفارق؛ لأن البَدَنَ كلَّه عُضْوٌ واحد في طهارة الحدث الأكبر بالماء وفي التَّيمُّم عُضْوان.
3-وقال بعض العلماء: إِنهما لَيْسا فرضاً في الطَّهارتين جميعاً.
س: مالذي يظهر للشيخ ابن عثيمين_ رحمه الله تعالي_ في الترتيب والموالاة في الطهارتين جميعاً؟
الذي يظهر أن يقال: إِن التَّرتيب :واجب في الطَّهارتين جميعاً، أو غير واجب فيهما جميعاً؛ لأن الله تعالى جعل التَّيمُّم بدلاً عن الطَّهارتين جميعاً، والعضوان للطهارتين جميعاً.
وبالنِّسبة للموالاة الأوْلَى أن يُقال: إِنها واجبة في الطَّهارتين جميعاً، إِذ يبعد أن نقول لمن مَسَح وَجْهَه أوَّل الصُّبْح، ويدَيْه عند الظُّهر: إِن هذه صورة التَّيمُّم المشروعة!.
وتُشْتَرطُ النيةُ لما يَتَيَمَّمُ له مِنْ حَدَثٍ، أو غَيْرِه.
س: عرف الشرط لغةً واصطلاحاً؟
الشَّرط في اللُّغة: العلامة، ومنه قوله تعالى: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} [محمد: 18] ، أي: علاماتها.
في اصطلاح الأصوليين: ما يَلزَمُ من عَدَمِه العَدَم، ولا يَلْزَم من وجوده الوُجود.
مثاله: الوُضُوء شرط لصحَّة الصَّلاة، يلزم مِن عَدَمِه عَدَمُ الصِّحة، ولا يلزم من وجوده وجود الصَّلاة؛ لأنه قد يتوضَّأ ولا يُصلِّي.
س: عرف السبب والمانع؟
السَّبب: ما يَلزَم من وجوده الوُجود، ويَلزَم من عَدَمِه العَدَم. فالفرق بينه وبين الشَّرط: أن السبب يَلزَم من وجوده الوُجود بخِلاف الشَّرط.
المانع: ما يَلزَم من وُجوده العَدَم، ولا يَلزَم من عَدَمِه الوُجود، عكس الشَّرط.
هل تشترط النية لما يتيمم له من حدث أو غيره؟
قوله: «لما يَتَيَمَّم له من حَدَثٍ، أو غيره» ، «من حَدَثِ»: متعلِّق بـ«يَتَيَمَّم»، وليست بياناً للضَّمير في «له»، وذلك أن عندنا شيئين مُتَيَمَّماً له، ومُتَيَمَّماً عنه، والمؤلِّف جمَع بينهما.
نعم فلا بُدَّ أن ينويَ نِيَّتَيْن:
الأولى: نِيَّة ما يتيمَّم له: لنعرف ما يستبيحه بهذا التَّيمُّم، وتعليل ذلك: أن التَّيمُّم مبيح لا رافع على المذهب ولا يُستباح الأعلى بنيَّة الأدنى، فلو نَوَى بِتَيَمُّمِهِ صلاة نافلة الفَجْر لم يُصَلِّ به الفريضة، ولو نوى الفريضة صلَّى به النافلة؛ لأنَّ النَّافلة أدنى والأدنى يُستباح بنيَّة الأعلى.
الثَّانية: نيَّة ما يتيمَّم عنه: من الحَدَثِ الأصغر أو الأكبر.
س: مالذي رجحه الشيخ رحمه الله؟
وإِذا قلنا بالقول الرَّاجح: إِن التَّيمُّم مُطَهِّر ورافع؛ فنجعل نيَّته حينئذٍ كنيَّة الوُضُوء.فإِذا نوى رفع الحَدَث صَحَّ، وإِذا نوى الصَّلاة ـ ولو نافلة ـ صَحَّ وارتفع حَدَثُه وصلَّى به الفريضة.
فإِن نَوَى أحدَها لم يُجْزئه عَنْ الآخر،...........
س:إذا نوي رفع أحد الحدثين فهل يجزئه عن الآخر؟
قوله: «فإِن نَوَى أحدَها لم يُجْزئه عَن الآخر» ، أي: إِن نَوَى أحدَ ما يتيمَّم عنه، فإِذا نَوى الأصغر لم يرتفع الأكبر، وإِذا نَوى الأكبر لم يرتفع الأصغر، وإِن نَوى عن نجاسة بَدَنِه لم يُجْزِئه عن الحَدَث، وإِن نوى الجميع الأصغر والأكبر والنَّجاسة فإِنه يُجْزِئه لِعُموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إِنَّما الأعمال بالنِّيَّات»
وإِن نَوى نَفْلاً، أو أطلقَ لم يُصَلِّ به فَرْضاً، ,...................
س: إذا نوي بتيممه نفلاً أو أطلق نيته مع التمثيل؟
قوله: «وإِن نَوى نَفْلاً، أو أطلقَ لم يُصَلِّ به فَرْضاً»
مثاله: تيمَّم للرَّاتبة القبلية، فلا يُصلِّي به الفريضة، لأنه نَوى نَفْلاً والتَّيمُّم على المذهب استباحة، ولا يستبيح الأعلى بنيَّة الأدنى.
وقوله: «أو أطلقَ»، أي: نَوى التَّيمُّم للصَّلاة، وأطلق فلم يَنْوِ فرضاً ولا نَفْلاً، لم يُصَلِّ به فرضاً، وهذا من باب الاحتياط.
وإِن نواه صلَّى كُلَّ وقتِهِ فُرُوضاً .............
س:إذا نوي بتيممه الفرض؟
قوله: «وإِن نواه صَلَّى كُلَّ وقتِهِ فُروضاً ونَوافِلَ» ، أي: إِذا نَوى التَّيمُّم لصلاة الفريضة، صلَّى كلَّ وقت الصَّلاة فَرائِض ونَوَافل.
فَلَه الجمع في هذا الوقت وقضاء الفَوائِت.
والصَّواب ما قاله المؤلِّف.