محمد بن فائد السعيدي
:: متخصص ::
- إنضم
- 23 مارس 2008
- المشاركات
- 677
- التخصص
- الحديث وعلومه
- المدينة
- برمنجهام
- المذهب الفقهي
- شافعي
هل المتأول مكلف؟:
والمقصود بالمتأول هنا هو الذي يفهم الأمر الشرعي على غير وجهه وهو نوع من الجهل كمن فهم من قول الله تبارك وتعالى: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين} (المائدة:93) ظن أن هـذه الآية تبيح له ولأمثاله أن يشرب الخمر، وهذا الاستدلال خاطيء لأن الآية نزلت فيمن ماتوا قبل تحريم الخمر فأخبر الله عنهم أنه لم يكن عليهم جناح فيما طعموا قبل التحريم ولأن من اتقى وعمل الصالحات وأحسن لا يمكن أن يشرب الخمر بعد العلم بتحريمها، وكل من تأول تأولاً خاطئاً لا يحاسب إلا بعد البيان كما قال صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم الطائي الذي وضع عقالاً أبيض وعقالاً أسود وظل يأكل حتى تبين له الفرق بينهما متأولاً قول الله تعالى: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} (البقرة:187) قال له صلى الله عليه وسلم: [إنما ذلك بياض النهار وسواد الليل] (رواه البخاري (1916) ومسلم (1090))
وجاء في الصحيحين أيضاً من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: (أنزلت وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود. ولم يزل يأكل حتى يتبين له رؤيتهما فأنزل الله بعد (من الفجر) فعلموا إنما يعني الليل والنهار) (رواه البخاري 1917، 4511 ومسلم (1091)).
ومثل هذا قد يحصل كثيراً في الدين فكم من استفتى بعض العلماء فأفتاه بما يعد خطأً في الشريعة، وكم من مسلم فهـم بعض آيات الله أو أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم على غير وجهها ومثل هـذا إذا كان مجتهداً مريداً للحق غير متبع لهواه فهو معذور إن شاء الله ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، والمهم هنا هو التقرير أن المتأول المخطيء غير مكلف حتى يظهر له الحق ويتبين له خلاف ما ظنه حقاً.
المصدر من كتاب الشيخ" البيان المأمول في علم الأصول
"