العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حكم اعتبار القتيل في المظاهرات شهيدا

رابح العربي صرموم

بانتظار تفعيل البريد الإلكتروني
إنضم
13 سبتمبر 2009
المشاركات
53
التخصص
أصول الفقه
المدينة
ثنية الحد
المذهب الفقهي
مالكي
[FONT=&quot]في حكم اعتبار القتيل في المظاهرات من الشهداء[/FONT]
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فالمظاهرات والمسيرات والاعتصامات بالساحات -بغضّ النظر عن صفتها عنفيّةً كانت أو سلميّةً- فليست من عملنا -نحن المسلمين- ولا من دعوتنا، ولا هي من وسائل النهي عن المنكر، بل هي من أساليب النظام الديمقراطي الذي يُسند الحكمَ للشعب، فمنه وإليه.
فضلاً عن أنّ عامّة المظاهر الثوريّة والاحتجاجيّة في العالَم الإسلاميّ متولّدةٌ من الثورة الفرنسيّة وما تلاها من ثوراتٍ وانقلاباتٍ في أوربا في العصر الحديث، فأمّتنا بهذا النمط من التقليد والاتّباع تدعّم التغريب وتفتح باب الغزو الفكري، باتّخاذ الأساليب الثوريّة وأشكال الانتفاضات أنموذجًا غربيًّا وغريبًا عن الإسلام، يحمل في طيّاته الفتن والمضارّ النفسيّة والماليّة والخُلُقيّة، قال ابن القيّم -رحمه الله-: «وهذا كالإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم؛ فإنه أساس كلّ شرٍّ وفتنةٍ إلى آخر الدهر»(١).
والحقوق إنّما يُتوصّل إليها بالوسائل المشروعة والبدائل الصحيحة.
أمّا الشهداء فهُمْ على ثلاثة أقسامٍ(٢):
الأوّل: شهيدٌ في الدنيا والآخرة[FONT=&quot]، وهو: من يُقتل بسببٍ من أسباب قتال الكفّار مخلصًا صابرًا محتسبًا مقبلاً غير مدبرٍ، وذلك قبل انقضاء الحرب، فإنه تجري عليه أحكام الشهيد في الدنيا، فلا يُغسَّل الشهيدُ قتيلُ المعركة ولو اتّفق أنه كان جُنُبًا؛ لقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «ادْفِنُوهُمْ فِي دِمَائِهِمْ» -يَعْنِي يَوْمَ أُحُدٍ- وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ[/FONT](٣)[FONT=&quot].[/FONT]
[FONT=&quot] وفي استشهاد حنظلة بن أبي عامرٍ رضي الله عنه قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «إِنَّ صَاحِبَكُمْ تُغَسِّلُهُ الْمَلاَئِكَةُ»، فَسَأَلُوا صَاحِبَتَهُ فَقَالَتْ: إِنَّهُ خَرَجَ لَمَّا سَمِعَ الهَائِعَةَ[/FONT](٤)[FONT=&quot] وَهُوَ جُنُبٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِذَلِكَ غَسَّلَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ»[/FONT](٥)[FONT=&quot]، ولا يجوز نزعُ ثياب الشهيد التي قُتل فيها؛ لقوله صلّى الله عليه وسلّم في قتلى أحدٍ: «زَمِّلُوهُمْ فِي ثِيَابِهِمْ»[/FONT](٦)[FONT=&quot]، ولا يُصلَّى عليه لقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لاَ تُغَسِّلُوهُمْ، فَإِنَّ كُلَّ جُرْحٍ -أَوْ كُلَّ دَمٍ- يَفُوحُ مِسْكًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ[/FONT](٧)[FONT=&quot]، ولحديث [/FONT] جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَقُولُ: «أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ»، فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، وَقَالَ: «أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاَءِ يَوْمَ القِيَامَةِ»، وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا، وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ(٨).
مع جواز الصلاة عليهم من غير وجوب؛ لحديث أنسٍ: «أَنَّ شُهَدَاءَ أُحُدٍ لَمْ يُغَسَّلُوا، وَدُفِنُوا بِدِمَائِهِمْ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ»(٩) غير حمزة(١٠)، ويُدفن الشهداء في مواطن استشهادهم ولا يُنقلون إلى المقابر؛ لحديث جابرٍ رضي الله عنه وفيه: «أَلاَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَرْجِعُوا بِالْقَتْلَى، فَتَدْفِنُوهَا فِي مَصَارِعِهَا حَيْثُ قُتِلَتْ»، قَالَ: «فَرَجَعْنَاهُمَا مَعَ الْقَتْلَى حَيْثُ قُتِلَتْ»(١١) -يعني جابرٌ أباه وخاله-.
[FONT=&quot] كما يجري على الشهيد حكمُ الشهادة في الآخرة من نيل الثواب الخاصّ به في قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ. يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 169-171]، وله خصالٌ أخرى ثابتةٌ في السنّة الصحيحة في قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللهِ سِتُّ خِصَالٍ: يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ، وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَيَأْمَنُ مِنَ الفَزَعِ الأَكْبَرِ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الوَقَارِ: اليَاقُوتَةُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الحُورِ العِينِ، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ»[/FONT](١٢)[FONT=&quot].[/FONT]
قلت: ويُستثنى من عموم ما يُكفَّر عن الشهيد من خطيئاته وسيّئاته الدَّيْنُ؛ فإنه لا يَسْقُطُ بالشهادة(١٣)؛ لأنه حقٌّ آدميٌّ لا يسقط إلا بالوفاء أو الإبراء.
[FONT=&quot] ويُعَدّ شهيدًا من هذا القسم -أيضًا- المقتولُ من الطائفة العادلة القائمة بالحقّ والمحكِّمة للشرع في قتالها الطائفةَ الباغيةَ، فإنّ المقتول منها لا يُغسَّل ولا يُصلّى عليه؛ لأنه في قتالٍ أَمَر اللهُ به، فهو مثلُ الشهيد في قتاله للكفّار؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الحجرات: 9].[/FONT]
الثاني: شهيدٌ في الآخرة دون أحكام الدنيا[FONT=&quot]، وهو: المبطون، والمطعون، والغريق، وموت المرأة في نفاسها بسبب ولدها وأشباهم؛ لقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «الشُّهَدَاءُ سَبْعَةٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللهِ: الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَالْحَرَقُ شَهِيدٌ، وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ[/FONT](١٤)[FONT=&quot] شَهِيدٌ»[/FONT](١٥)[FONT=&quot].[/FONT]
[FONT=&quot] ويدخل في هذا القسم -أيضًا- من قُتل في سبيل الدفاع عن دينه، ونفسه، وأهله، وماله؛ لقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ»[/FONT](١٦)[FONT=&quot].[/FONT]
وحقيقٌ بالتنبيه أنّ الشهيد من القسم الأوّل الذي يجاهد الكفّار في سبيل الله، وقصدُه نصرُ دين الله تعالى لتكونَ كلمة الله هي العليا، إعزازًا للإسلام والمسلمين وإذلالاً للشرك والمشركين، فهو شهيدٌ حقيقةً، بينما الشهيد في القسم الثاني جعله الله في حكم القسم الأوّل فضلاً من الله ومنّةً: يُعطى من جنس أجر الشهيد، ولا تجري عليه أحكامُ الدنيا، قال العيني -رحمه الله-: «وأمّا ما عدا ما ذكرْناهم الآن فهُم شهداءُ حكمًا لا حقيقةً، وَهَذَا فضلٌ من الله تعالى لهذه الأمّة، بأَنْ جعل ما جرى عليهم تمحيصًا لذنوبهم وزيادةً في أجرهم، بلّغهم بها درجاتِ الشهداء الحقيقيّةَ ومراتبَهم، فلهذا يُغسَّلون ويُعْمَل بهم ما يُعْمَل بسائر أموات المسلمين»(١٧).
الثالث: شهيدٌ في الدنيا دون الآخرة، وهو: المقتول في حرب الكفّار، وقد قاتل رياءً أو سُمعةً أو نفاقًا أو ليُرى مكانُه، أو قاتل حميّةً أو لغيرها من النيّات، ولمّا كانت النيّات خفيّةً لا يعلمها إلاّ الله فقد أُعطوا حُكْمَ الشهداء في الدنيا دون الآخرة.
[FONT=&quot] فإذا تقرّر حصرُ الشهداء في الأقسام الثلاثة المتقدِّمة بحسب أحكامهم في الدنيا والآخرة؛ فإنّ من عداهم ليسوا من الشهداء مطلقًا: لا في أحكام الدنيا ولا في الآخرة، بل قد يكون قتالُهم جاهليًّا كالموت من أجل القوميّة العربيّة أو غيرها من القوميّات، أو عصبيّةً لدولةٍ على أخرى، أو حميّةً لقبيلةٍ على أختها، أو يموت في سبيل المطالبة بتحكيم النُّظُم والتشريعات الوضعيّة أو ترسيخها كالنظام الديمقراطيّ أو الاشتراكيّ أو اللبيراليّ وغيرها من الأنظمة المستوردة، أو يُقتل من أجل تحقيق المبادئ والإيديولوجيّات الفلسفيّة: شرقيّةً كانت أم غربيّة، ونحوها من الأنواع المعدودة من القتال الجاهليّ الذي لا صلةَ له البتّةَ بالجهاد في سبيل الله، الذي يكون المقصودُ منه إعلاءَ كلمة الله ونصْرَ الإسلام والتمكينَ للمسلمين لإقامة الدين وإظهار شعائره، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ. الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ﴾ [الحج: 40-41]، وقوله تعالى: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد: 7]، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ»[/FONT](١٨)[FONT=&quot].[/FONT]
هذا، وكلّ دعوةٍ إلى الروابط النَّسَبِيّة والمذهبيّة والطائفيّة والعصبيّة مهما كانت صفتُها وتنوّعت، فهي -في ميزان الشرع- من عزاء الجاهليّة، وفي هذا المعنى يقول ابن تيمية -رحمه الله-: «وكلُّ ما خرج عن دعوة الإسلام والقرآن: من نسبٍ أو بلدٍ أو جنسٍ أو مذهبٍ أو طريقةٍ: فهو من عزاء الجاهلية، بل لمّا اختصم رجلان من المهاجرين والأنصار، فقال المهاجريّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، وقال الأنصاريّ: يَا لَلأَنْصَارِ، قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أَبِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ» وغضب لذلك غضبًا شديدًا(١٩)»(٢٠).
وحاصلُه: أنّ الإسلام إذا كان ينهى أشدّ النهي عن دعوة الجاهليّة، ويحذّر منها لأنّها تشكّل خطرًا عظيمًا على عقيدة المسلم ودينه؛ فإنّ الموت في سبيلها أعظمُ خطرًا وأكبرُ جُرْمًا وأسوأُ مصيرًا، نسأل اللهَ السلامةَ والعافيةَ وحُسْنَ الخاتمة.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدّين وسلّم تسليمًا.
الجزائر في: 24 جمادى الأولى 1432ﻫ
المـوافق ﻟ: 28 أبـريــل 2011م
١- «إعلام الموقّعين» لابن القيّم (3/ 4).

٢- انظر: «المجموع» للنووي (5/ 225)، «عمدة القاري» للعيني (11/ 371)، «فتح الباري» لابن حجر (6/ 44).

٣- أخرجه البخاري في «الجنائز» باب من لم يَرَ غَسْلَ الشهداء (1346)، من حديث جابر رضي الله عنه.

٤- الهَيْعَة: هي الصوت الذي تفزع منه وتخافه من عدوّ [«النهاية» لابن الأثير (5/ 288)].

٥- أخرجه ابن حبّان في «صحيحه» (7025)، والحاكم في «مستدركه» (4917) واللفظ له وقال: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه»، والبيهقي في «السنن الكبرى» (6814)، من حديث عبد الله بن الزبير عن أبيه رضي الله عنهما، وصحّحه الألباني في «الإرواء» (713)، و«السلسلة الصحيحة» (326).

٦- أخرجه أحمد (23657)، من حديث عبد الله بن ثعلبة بن صُعَيْر، وانظر: «أحكام الجنائز» للألباني (60).

٧- أخرجه أحمد (14189)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وانظر: «أحكام الجنائز» للألباني (54).

٨- أخرجه البخاري في «الجنائز» باب الصلاة على الشهيد (1343)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

٩- أخرجه أبو داود في «الجنائز» باب في الشهيد يُغَسَّل (3135)، والدارقطني في «سننه» (4207)، والحاكم في «مستدركه» (1352) وقال: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه»، انظر: «أحكام الجنائز» للألباني (55).

١٠- لحديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ مَرَّ بِحَمْزَةَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَقَدْ جُدِعَ وَمُثِّلَ بِهِ، فَقَالَ: «لَوْلا أَنْ تَجْزَعَ صَفِيَّةُ، لَتَرَكْتُهُ حَتَّى يَحْشُرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ بُطُونِ الطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ»، فَكَفَّنَهُ فِي نَمِرَةٍ، إِذَا خَمَّرَ رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلاهُ، وَإِذَا خَمَّرَ رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ، فَخَمَّرَ رَأْسَهُ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الشُّهَدَاءِ غَيْرَهُ، وَقَالَ: «أَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ» [أخرجه ابن أبي شيبة (4913)، وانظر: «أحكام الجنائز» للألباني (55)].

١١- أخرجه ابن حبّان في «صحيحه» (3184)، من حديث جابر رضي الله عنه، انظر: «أحكام الجنائز» للألباني (138).

١٢- أخرجه الترمذي في «فضائل الجهاد» باب في ثواب الشهيد (1663)، وابن ماجه في «الجهاد» باب فضل الشهادة في سبيل الله (2799)، وأحمد (17182)، وصحّحه الألباني في «المشكاة» (3834)، و«صحيح الترغيب والترهيب» (1375).

١٣-[FONT=&quot] لقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلاَّ الدَّيْنَ» [أخرجه مسلم في «الإمارة» (1/ 912) رقم (1886) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما].[/FONT]

١٤- جُمع: أي تموت وفي بطنها ولد [«النهاية» لابن الأثير (1/ 296)].

١٥- أخرجه مالك -واللفظ له- في «الموطأ» (36)، وأبو داود في «الجنائز» باب في فضل من مات في الطاعون (3111 ) والنسائي في «الجنائز» باب النهي عن البكاء على الميّت (1846)، وابن حبّان في «صحيحه» (3189)، من حديث جابر بن عتيك رضي الله عنه، وصحّحه الألباني في «مشكاة المصابيح» (1561).

١٦- أخرجه الترمذي في «الديات» باب ما جاء فيمن قتل دون ماله فهو شهيد (1421)، والنسائي -واللفظ له- في «تحريم الدم» باب من قاتل دون دينه (4095)، من حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه، وأخرج الفقرةَ الأولى منه البخاريُّ في «المظالم والغصب» باب من قاتل دون ماله (2480)، ومسلم في «الإيمان» (1/ 75) رقم (141)، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، والحديث بتمامه صحّحه الألباني في «الإرواء» (708)، و«صحيح الترغيب والترهيب» (1411).

١٧- «عمدة القاري» للعيني (11/ 371).

١٨- أخرجه البخاري في «العلم» باب من سأل وهو قائمٌ عالمًا جالسًا (123)، ومسلم -واللفظ له- في «الإمارة» (2/ 919) رقم (1904)، من حديث أبي موسى رضي الله عنه.

١٩-[FONT=&quot] أخرجه البخاري في «المناقب» باب ما يُنهى من دعوى الجاهلية (2/ 224) رقم (3518)، ومسلم في «البرّ والصلة والآداب» (2/ 1200) رقم (2584) من حديث جابر رضي الله عنه. ولفظ البخاري: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ثَابَ مَعَهُ نَاسٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ حَتَّى كَثُرُوا، وَكَانَ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلٌ لَعَّابٌ فَكَسَعَ أَنْصَارِيًّا، فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى تَدَاعَوْا وَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلأَنْصَارِ، وَقَالَ المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الجَاهِلِيَّةِ؟»، ثُمَّ قَالَ: «مَا شَأْنُهُمْ»، فَأُخْبِرَ بِكَسْعَةِ المُهَاجِرِيِّ الأَنْصَارِيَّ، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعُوهَا، فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ». [/FONT]

٢٠- «السياسة الشرعيّة» لابن تيميّة (84).
 

أحمد بن فخري الرفاعي

:: مشرف سابق ::
إنضم
12 يناير 2008
المشاركات
1,432
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
باحث اسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
رد: حكم اعتبار القتيل في المظاهرات شهيدا

حجرت واسعا بارك الله فيك.
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,140
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
رد: حكم اعتبار القتيل في المظاهرات شهيدا

أخي الفاضل/ رابح -حفظه الله ورعاه-
جعلني الله وإياك ممن له تجارة عند ربه لا تبور!

حقيقة هبت التعليق على هذه المشاركة حال تصفحها سريعاً؛ إذ حسبتها للشيخ الجليل فركوس -رعاه الله-.
لا أخفيك -والجميع- أني خرجت لبعض أغراض بيتي أفكر في هذه الفتوى التي حسبتها للشيخ فركوس!
لا لذاتها!!
وإنما قلت في نفسي هل يصلح أن نجعل فتاوى المعاصرين محطاً للمدارسة؟!
بحيث يعود التعقب فيها على صاحبها؛ وقد توظف في غير موقعها!! لاسيما مع غليان الواقع!!
ثم تبين لي بعد رجوعي وتصفحها ثانية بتعليق شيخنا الرفاعي أنها من بحثكم.
ولذا وجب علي بعدها أن أضيف ما دار بخلدي وأنا أتسوق في بعض شأن أهلي عن مثل هذه الموضوعات في مثل هذه الظروف!!
والتي نجدها بتكرار موضوعات تدندن حول هذه الأحداث بوجهات نظر متخالفة!!
ومن مسار الملتقى الفقهي أن نمسك في المسائل الشائكة عموماً!! كيف إذا كانت حديث الساعة مما يزيد الأمر اشتداداً واحتداماً!!
طالع:
السياسات العلمية
و المسائل الشائكة


وأنا أُكِنُّ لإخواننا في الجزائر التقدير الخاص! ولهم الاحترام والإجلال! والكلام في هذا يطول!
وقد قرأت طي المشاركات -في هذا الملتقى- كلمة عابرة للدكتور الجليل الأخضري يصف بعض التراجعات الباردة من فتاوى صُدِّرت للجزائر في مرحلة مضت!
فقلت له في نفسي وأسررتها!! ولم أبدها غير الآن: "صدقت وبررت"!!
وها هي الآن أمامك وأمام ناظريه!!
أسعى من خلالها إلى الاقتصاد في توصيف الأحداث الثائرة اليوم!!
وإحالة ذلك إلى علماء كل بلد!! فهم أقدر على ما أهمهم من غيرهم!!
فنرتاح ونريح!!
لا بأس بوجهات النظر الشخصية!
ولا تُمنع لكن لا أن تكون موجهة من خلال ملتقىً علمي له رواده ولهم مشارب ومذاهب!
وكل اجتهاد له مورده ونقدِّره.

فبالله عليكم أعينونا في التوازن الذي نبتغيه، وقد نعجز عن دركه ولكل طائفة ما تنتحيه!
ولأجل ما ذكرت فربما نسعى في إغلاق بعض الموضوعات ذات الصلة طيلة هذه الأزمة مما قد يخشى من ورائها التمادي والزلل!
وقد بدأت الهيئة الإشرافية -مشكورةً- في غلق بعض هذه الموضوعات من هذا القبيل!
وللتنبيه جرى التذكير.

[line]-[/line]
ولعل أخانا الكريم الرابح بحب إخوانه وسعيهم للتكامل في هذا الملتقى أن يأذن لأخيه في طرح نقد متناثر حول مقالكم هذا، بغض النظر –كما ذكرتم- عن هل يمثل وجهة نظري أو لا؟
لكن لأجل طرح وجهة النظر الأخرى والتوازن، فأجدني مضطراً لهذا الطرح من خلال تسليط النقد فقط من خلال الآتي:
- عنوان موضوعكم: (حكم اعتبار القتيل في المظاهرات شهيدا) يخالف مضمون البحث! فالأشبه بموضوع بحثكم: (أنواع الشهداء) أو نحواً من هذا.
- تكلفت كثيراً في بيان التقسيم للشهداء وهي كالتمهيد فقط لتدلف لدراسة موضوعك، ولم تناقش قضيتك التي سقت الموضوع من أجلها أصلاً؛ مما يوحي بتقرر ذلك لديكم مسبقاً، فوضَّفتم التقسيم بأدلته لما ذهبتم إليه بلا ربط وثيق!
- استفتحت البحث بإهمالك النظر في المظاهرات سلمية كانت أو عنفيَّة وهذا خلل تقدَّمت به! ليعذرك المخالف وليس بعاذرك! فهذا مفصل كبير في المسألة يتنازعه الطرفان!! فكيف تضرب به عرض الحائط!! وتزعم -جدلاً- أنه غير مؤثر!!
- ثمة نقولات من غير دراسة! فمعنى الخروج لم يعط حقاً في تمييزه وتبيينه!!
- الموضوع له تعلقات كبيرة وخطيرة، وهو متشابك الأطراف! ولذا جئت بالمقدمات الفكرية لتسد بها عوز هذه الثغرة!
- أرجعت شرعية هذه المظاهرات للنظام الديموقراطي! ثم أسقطت شرعيتها بإسقاط شرعية هذه النظم!! وهذا الذي دونه المهج!! فأين الحديث عن المتلازمات!! أين موقع الحكام من السقوط من عدمه!! وأين شرعية الأنظمة من عدمها!! وبالتالي حكم الخروج من عدمه!!
- الأخذ بطرف والغض عن طرف يحدث خللاً في النتيجة! ويغيب التصور المترابط المتشابك الذي يعسر معه البحث ويجهد فيه الناظر!!
- هذه الوسائل مشروعة في النظام الديموقراطي التي يحكم بها هؤلاء الحكام! فلم إهمالها؟ وإسقاط شرعية الوسيلة دون النظام، ولم إعمال الحكم على المتظاهِر وإغفال الحكم على المتُتَظَاهر عليه!!
- في موضوعك سقطة كبيرة وخلط فضيع!! وهو جعل الثورات الشعبية هي ثورات حزبية!! وهذا ما لا يُسلَّم لك به! أنا بحكم عملي في اليمن أدرك ذلك تماماً بخصوص ثورة اليمن! أناس يطالبون بحقوقهم طيلة سنين ولم يلتفت لهم! فلما رأوا الأحداث فزعوا للعمل بنظام هذا الحاكم في فسحة المظاهرات التي يكفلها لهم نظام حاكمهم!!
ثم تصنف على أنها حزبية!! وجاهلية!!
ليس بودي أن أخوض في هذه النقطة بالذات؛ لأن الأمثلة هي الكفيلة بإزاحة الغبش عما أريده! وليس لذكرها سبيل في هذا الملتقى العلمي البحثي!!
- المطالبة بالعدل وإزاحة الظلم في موضوعك= مذهبيّة وطائفيّة وعصبيّة وجاهليّة وصُفَّ ما شئتَ من مصطلحات!! والحقيقة لا تقرر بحشد المصطلحات دون تحريرها.
- غيرتك على مذهب السلف محمودة بلا شك! لكن قد أفرطت فوقعت حيث لم تتنبه إلى نقطة هي من صميم عقائد السلف الإيمان بسعة مغفرة الله ورحمته وقد حجبتها عنهم بتأويل يسوغ فيه أن تنأى عن الحد بمثل هذا!!
- قولك في القسم الثاني: ويدخل في هذا القسم -أيضًا- من قُتل في سبيل الدفاع عن دينه، ونفسه، وأهله، وماله؛ لقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» يلحظ منه تقسيمك لهذا النوع إلى درجتين!! مما قد يصدر المخالف لك وصفاً بإصدارك أحكاماً مسبقةً لهذه القضية؛ كونك فرَّقت بين متماثلين!
- ثم إن مخالفك يرى في هذا الحديث الذي جئت به طرفاً يراه أصلاً فيما يأوي إليه من أن من قتل في الثورة شهيد! إذ إنه يطالب بحقه المسلوب! والنص النبوي صريح في إكرامه بالشهادة: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ».
- هؤلاء المتظاهرون يطالبون بالعدل وإقامته! وعليه أقيمت السماوات والأرض! أليس في الحديث: (خير الشهداء حمزه بن عبد المطلب، ورجل قام في وجه سلطان جائر، فأمره ونهاه فقتله)، و (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر).
فهولاء رجال قاموا بالكلمة في وجوه -من يرونهم ظلمة- فقتلوا بغياً وعدواً!
وإننا لنرى على وجوههم نضرة الرضى والنعيم.
وكم من مشهد ترى فيها مبتسماً!
في مصر
Thumbmail2011-04-09+10 23 41.398X.jpg
وفي اليمن
12984631711.jpg
d985d8a7d8b2d986-d981d8a4d8a7d8af-d8a7d984d8afd8a8d8b9d98a.jpg
226858_204520879588470_200202923353599_581380_7726756_n.jpg
وفي غيرهما بدون تقصٍ، والصور الكثيرة شاهدة بذلك!!
- ولمخالفك أن يحتج بهيئة القتلى في المظاهرات أنهم شهداء! رجوعاً إلى مذهب أهل السنة والجماعة في إثبات كرامات الأولياء! والشهداء أحق الأولياء!
أهذه من الكرامات التي أكرمهم الله بها؛ فنسأل الله أن يتقبلهم في الشهداء!
أم هي مصطنعة! ومزيفة! أم أن مذهب الكرامات التي قررها السلف فقط حبر على ورق! وتنظير بلا شواهد؟!!
أسئلة عريضة بالصورة الماثلة تبغي إجابة شافية! وهذه جزئية وراءها مباحث كثيرة.
والعلماء الراسخون في العقيدة يقررون بأنه: ليس من شرط الشهادة رفع راية الإسلام!!
(استمعت إلى أخي الدكتور عثمان الخميس عن شهداء الثورة المصرية وحكمه بأنهم ليسوا شهداء. ولاشك أن هذا حكم صدر بدون روية وتأمل وليته لم يتعجل إذ هذه المواقف التي تتعلق بمثل هؤلاء الأبطال تحتاج إلى مزيد من التأمل قبل إصدار الفتاوى.
وكان ينبغي أن يقول: من قتل في هذه الثورة ليرفع الظلم ولتعود العدالة وليرتفع الحق فلا شك أنه شهيد وأما من قتل عصبية أو ليقال أونحو ذلك فليس شهيداً. فإنه ليس من شرط الشهادة رفع راية الإسلام فمن قتل دون ماله وعرضه وأرضه فهو شهيد؛ ففي الصحيحين: النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من قتل دون ماله فهو شهيد» وهؤلاء قتلوا ليرفعوا عنهم ظلماً على دينهم وأعراضهم وأموالهم غفر الله لهم والله إني أحتسب عند الله عز وجل أن يجعلهم من أعظم الشهداء حيث أحيوا أمة. ولعل الشيخ يعيد النظر في هذه الفتوى بارك الله فيه).
أ.د. أحمد سعد الحمدان الغامدي
[العالم المحقق لكتاب شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لأبي القاسم اللالكائي/الأستاذ [المتقاعد] للدراسات العليا بقسم العقيدة بجامعة أم القرى – مكة المكرمة]
وهذه صفحته في الفيس بوك:
http://www.facebook.com/profile.php?id=100000541986123&sk=notes&s=10
كما أن لمخالف موضوعك أن يهتدي بأنوار التنزيل في قول الله جل شأنه: (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) [البقرة: 191]
وقوله تعالى: (وَالْفِتْنَةُ اَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) [البقرة: 217]
قال ابن كثير: "والفتنة أكبر من القتل أي قد كانوا يفتنون المسلم في دينه حتى يردوه إلى الكفر بعد إيمانه فذلك أكبر عند الله من القتل"
ويذهب به حيث يخالف مقالك.
[line]-[/line]
وبهذا يتبين لي أن فقه هذا المسألة بعيدُ الغَوْر! شديدٌ فيه الـمَوْر!
وما أردت بتعليقي هذا إلا خيراً ...
والله الموفق، والهادي لرضاه.
والسلام عليكم أحبتي ورحمة الله وبركاته.

 
إنضم
14 يناير 2010
المشاركات
545
الجنس
أنثى
التخصص
دراسات
الدولة
بريطانيا
المدينة
لندن
رد: حكم اعتبار القتيل في المظاهرات شهيدا

الحمد لله
بارك الله فيكم شيخنا عبد الحيمد على هذه التعليقات المنيفة
و كل نقطة منها تحتاج إلى مؤلف كامل لتوضيحها و تجليتها و من ثم التنسيق بينها لتظهر الصورة واضحة عن هذه الأحداث
و الله الموفق
و صلى الله و سلم على سيدنا محمد و آله الطيبين
 

رابح العربي صرموم

بانتظار تفعيل البريد الإلكتروني
إنضم
13 سبتمبر 2009
المشاركات
53
التخصص
أصول الفقه
المدينة
ثنية الحد
المذهب الفقهي
مالكي
رد: حكم اعتبار القتيل في المظاهرات شهيدا

للتوضيح فقط فان البحث هو لشيخنا أبي عبد المعز محمد علي فركوس وليس لي ، والله يعلم ان قصدنا هو النصح لاخواننا في العالم العربي باسره و نحن نشاركهم ظلم الحكام و فساد انظمتهم ، لكن كانت لنا تجربة قاسية في الثورة ضد النظام راينا نتائجها السيئة و لا نرغب -حبا لاخواننا- الوقوع في مثلها ، و السعيد من وعظ بغيره لا من كان عبرة لغيره
 

أم محمد

:: متابع ::
إنضم
14 أبريل 2011
المشاركات
41
التخصص
أصول فقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
لا أتقيد بمذهب
رد: حكم اعتبار القتيل في المظاهرات شهيدا

أشعر أن هذا الملتقى يتجه بمواضيعه وبعض أشخاصه لخدمة الطواغيت والكفرة المتسلطين على رقاب الشعوب البائسة والدليل أن موضوع ولتستبين سبيل المجرمين أغلق لأنه يتكلم عن طائفة كافرة مرتدة وطاغوت نجس والمبررون للطواغيت والفقه المدخلي المخابراتي يسرحون ويمرحون ويحجبون ما لايعجبهم ويقصون ويهجمون ويستفزون فهنيئاً لكم العيش في ظل الطواغيت وهنيئاً لكم مصادرة الحق ومقاومته وتشجيع الباطل ومناصرته . والمرؤ يحشر مع من يحب
 

رابح العربي صرموم

بانتظار تفعيل البريد الإلكتروني
إنضم
13 سبتمبر 2009
المشاركات
53
التخصص
أصول الفقه
المدينة
ثنية الحد
المذهب الفقهي
مالكي
رد: حكم اعتبار القتيل في المظاهرات شهيدا

هداك الله يا ام محمد ووفقك للخير
فالملتقى صرح علمي تناقش فيه القضايا باسلوب علمي بعيد عن اللمز و التجريح و الرمي بالبهتان و الباطل ، وليس هو بمنبر سياسي ، نرجو اضافة تكون فيها فائدة علمية ، اقدر غيرتك و غيرة جميع الاخوة على الامة و اوضاعها ونحن جميعا نشترك في هذا الهم و كيف نساعد امتنا على الخروج منه ، لكن الغيرة و الحمية يضبطها الشرع ، و ليس احد اغير من الله على دينه و شرعه و عباده المؤمنين ، الم تري إلى سعد لما نزلت اية القذف يقول للنبي -صلى الله عليه و سلم-" اذا لضربته بسيف غير مسطح ، فقال-صلى الله عليه و سلم- تعجبون لغيرة سعد ، فانا اغير من سعد و الله اغير مني"، وهذا عمر في صلح الحديبية يقول:يا رسول الله انعطي الدنية في ديننا" فيوجهه النبي-صلى الله عليه و سلم- ان هذا امر الله وهو اعلم بما يشرع ، فنحن ندين الله بما شرعه لنا ، لسنا نجزم باننا على صواب قطعا ، لكن هذا اجتهاد العلماء و نحن تبع لهم ، -لا داعي للمزايدة و رمي الاخرين بالعمالة و الخضوع و الخنوع ، ان لم يكن تادبا معهم ، فتأدبا مع نصوص الوحي التي يتكلمون بها ، و الله الهادي إلى سواء السبيل.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: حكم اعتبار القتيل في المظاهرات شهيدا

الملتقى علمي، ومن تابعه وجد أنه لا ينحاز -من جهة قبول الموضوعات أو رفضها- لأحد الرأيين في مثل هذه المسائل، والمشار إليهما في كلام الأخت الفاضلة أم محمد وفقها الله، وأعجب من كونها تحكم بناء على غلق موضوع أو موضوعين، وليتها سألت قبل إصدار الحكم.
 

الدرَة

:: نشيط ::
إنضم
26 أكتوبر 2010
المشاركات
653
التخصص
الفقه
المدينة
..
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: حكم اعتبار القتيل في المظاهرات شهيدا

هداك الله أخيتي الفاضلة
هل لديك دليل على ماتقولين ؟ ( فأتوا به إن كنتم صادقين ) هذا المنهج الشرعي الذي لا يخفى على ذوي الألباب
أما إغلاق موضوع ولتستبن سبيل المجرمين لوكان على ماقلتِ لأغلق من أول مرة أليس كذلك ؟ وأسالي المشرفين لتعرفي اليقين بدل الظن ( إن الظن لا يغني من الحق شيئا )
يا أخيتي الملتقى ملتقى فقهي علمي يدعوا إلى المناقشات والإظافات العلمية المفيدة للجميع وليس فيه ما يدل على التحيز أو انتهاج منهجية فكر معين
أسال الله لك فهم الصواب والتوفيق في الدارين
 

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
رد: حكم اعتبار القتيل في المظاهرات شهيدا

هذا المقال مثال لأثر المنهجية أو النمط الفكري أو النفسية ,يدخل بها الباحث فتأطره عن النظر الصحيح العادل المتكامل,وإنما هو كالمرآة يعكس بها منهجه المؤسس على الغلو في إعمال مفهوم "ولي الأمر" على حساب الدين نفسه! وغير ذلك من المفاهيم الفكرية المتعلقة بهذا النمط ,ولهذا تجد المغالطات والاجتزاء لكلام الأيمة وتخريق المناط لا تحقيقه, ومن يقفُ هذا المنهج يصدق أن يقال فيه لا للإسلام نصر ولا للعدو كسر..فوا حسرتي مثلاً على شباب غض خرجوا لاسستنقاذ كاميليا من كلاب النصارى ثم قضوا نحبهم في مواجهة ذكور مكافحة العزة والإيمان(وقس عليهم كل من خرج يبتغي رفع الظلم ونحوه كما في رد الشيخ المشرف العام سدده الله تعالى).أقول وا حسرتي عليهم لقد ماتوا ميتة جاهلية !!والله المستعان,وهو حسبنا ونعم الوكيل
 

أسامه يحيى هاشم

:: متخصص ::
إنضم
13 مارس 2009
المشاركات
99
التخصص
اقتصاد إسلامي
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي العبادات حنبلي المعاملات
رد: حكم اعتبار القتيل في المظاهرات شهيدا

جزى الله خيراً كل من أدلى بدلوه في هذا الموضوع وكل موضوع يتعلق بفقه الواقع .
وأشكر أخي عبد الحميد على تقييمه وتأصيله لهذا الحكم ، وخرج بنفس النتيجة التي تراودني.
يا إخواني .. أنتم موقعون عن رب العزة جل وعز ، فلا تكتبوا شيئاً يكون شاهداً عليكم يوم القيامة .
نعم .. الكثير منا أورد نصوصاً صحيحة وصريحة في منهم الشهداء ؟ ومن ينبغي أن نطلق عليهم شهداء . كما أورد البعض أقوالاً لفقاء أجلاء عن قولهم في الشهداء .
ومن المؤكد أن أوضاعهم وأزمنتهم وظروفهم والدول التي يعيشون فيها مختلفة تمام الاختلاف عن الأوضاع والدول والأزمنة التي نعيشها نحن .
قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر..) هل تقتصر على الدخول على الظالم وتقول له مشافهة أنت ظالم ؟؟ أم يكتفي بأن تكتب مقالاً في جريدة وتقول له أنت ظالم ؟؟ هل يكفي هذا ؟؟
ألا ترى فيمن يخرج إلى الساحات وإلى المدن وإلى الضواحي بل وعلى رؤوس العالم ويقول: فلان بن فلان ظالم وقاتل ولص وفاسق واتخذ من شعبة عبيداً له يقتل من يريد ويعذب من يريد يقتل الشريف وينصب الفاسق والقاتل .. !!!
وفي النهاية يكون مصير هذا الذي بين للعالم ظلم هذا الشخص يكون مصيره القتل .. ألا ترى أن ذلك كله لا يعتبر كلمة حق عند سلطان جائر؟!! ، ثم نبخل عليه بكلمة (شهيد) التي تغيض الحاكم الظالم ؟؟
يا إخواني .. يكفيكم أن جل من سقط في هذه الاعتصامات والمظاهرات جلهم من المستقيمين على منهج الله والمواظبين على الصلوات في أوقاتها والبارين بوالديهم والمجتمع يشهد لهم وأن هناك 30 حافظاً من حفاظ كتاب الله عزوجل ممن استشهد في جمعة الكرامة ومنهم حافظ يحمل الإجازات في القراءات العشر .
وبالمناسبة : أنا أحدثكم على ما يجري عندما في اليمن فقط ..
 

الدرَة

:: نشيط ::
إنضم
26 أكتوبر 2010
المشاركات
653
التخصص
الفقه
المدينة
..
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: حكم اعتبار القتيل في المظاهرات شهيدا

أسال الله أن ينصر أخواننا المسلمين في كل مكان نصر عزيز مقتدر إنه ولي ذلك والقادر عليه
 
إنضم
14 يناير 2010
المشاركات
545
الجنس
أنثى
التخصص
دراسات
الدولة
بريطانيا
المدينة
لندن
رد: حكم اعتبار القتيل في المظاهرات شهيدا

أخي الحبيب، كلامكم عن مآلات الخروج على الحكام،يعتبر و يناقش لا إشكال في ذلك،لكن الذي لا يعتبر و لا يناقش هو جعل الكلام في هؤلاء الشرذمة من الظلمة كلاما في (السياسة) و كأني بك قد فرقت بينها و بين الأحكام الشرعية دون أن تقصد ذلك سيدي الكريم،فالسياسية الصحيحة من ديننا. و قد ألف علماء كثر كتبا في السياسة الشرعية و من أجلها عندي كتاب الإمام أبي العباس أحمد بن تيمية الحنبلي رحمه الله تعالى (السياسة الشرعية في إصلاح الراعي و الرعية).
و ننبه الأخت الفاضلة (أم محمد اليمنية) على أن النصيحة يجب أن تكون بالطريقة التي تكون أقرب إلى القبول،فليس هناك و لله الحمد تلك الطائفة التي ذكرت،بل هنا في هذا الملتقى أناس اجتمعوا رغبة الفائدة و العلم، و لعل الكثير منا يختلف مع الآخر في الرؤية و التوجه بل حتى في مسائل الاعتقاد،لكن هذا لا يمنع من أن نحترم بعضنا بعضا و نستفيد من بعضنا البعض، و لا أظن أن هناك من يزين للظالم ظلمه بل الإخوة الأفاضل يتكلمون حول مآلات المظاهرات، و هل مصلحتها أكثر من مفسدتها.
و إن كنت أرى و الله أعلم أن التأصيلات الشرعية الآن عن هذه الأحداث يجب أن يكون فيها تثبت و تأنّ كبير،خصوصا و أن الشعوب الآن قد قامت تلفظ الظلم و تسعى للعدل،فأي تأصيل غير رصين يحيط بالجوانب كلها ستكون له عواقب غير حميدة. و التجربة المصرية غير بعيدة عنا.
و صلى الله و سلم على سيدنا محمد و آله الطيبين
 

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
رد: حكم اعتبار القتيل في المظاهرات شهيدا

قال الإمام المجتهد المطلق شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه : (كم ممن يريد العلو ولا يزيده ذلك إلا سفولا، وكم ممن جعل من الأعلين وهو لا يريد العلو ولا الفساد، وذلك لأن إرادة العلو على الخلق ظلم، لأن الناس من جنس واحد، فإرادة الإنسان أن يكون هو الأعلى ونظيره تحته، ظلم، ومع أنه ظلم، فالناس يبغضون من يكون كذلك ويعادونه، لأن العادل منهم لا يحب أن يكون مقهورا لنظيره، وغير العادل منهم يؤثر أن يكون هو القاهر، ثم إنه مع هذا لا بد له - في العقل والدين من أن يكون بعضهم فوق بعض كما قدمناه، كما أن الجسد لا يصلح إلا برأس. قال تعالى: ﴿وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم﴾. وقال تعالى: ﴿نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا﴾فجاءت الشريعة بصرف السلطان والمال في سبيل الله، فإذا كان المقصود بالسلطان والمال هو التقرب إلى الله وإنفاق ذلك في سبيله، كان ذلك صلاح الدين والدنيا. وإن انفرد السلطان عن الدين، أو الدين عن السلطان فسدت أحوال الناس..)

 
إنضم
5 أغسطس 2010
المشاركات
837
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
أصول الفقه
المدينة
عين تموشنت
المذهب الفقهي
مالكي
رد: حكم اعتبار القتيل في المظاهرات شهيدا

فقلت له في نفسي وأسررتها!! ولم أبدها غير الآن: "صدقت وبررت"
ليتك قلتها ،... لو قلتها لكانت أحب إلي من حمر النعم...
 
إنضم
19 فبراير 2011
المشاركات
63
الكنية
ابو محمد الأزهري
التخصص
التفسير وعلوم القرءان
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنبلي - واحب المقارن
رد: حكم اعتبار القتيل في المظاهرات شهيدا

الاخ صاحب المشاركة ،، كفاك ما قاله شيخنا المشرف ، ولا حاجة في كلامك داعية للرد عليه لبيان نقصه وعواره ،،
نقطة ثانية : لماذا لم تتحفنا بعزو الكلام ابتداءً لقائله ، أم ليس هذا ذا أهمية ؟ وإن كان كذلك فلم صرحت به بعد ؟؟
ثالثا وأخيراً : لقد نقلت لك مقالاً ، كنت قد كتبته ونشرته أيام الثورة المصرية ربما يفيدك الاطلاع عليه ، وهو ليس يعالج القضية من المنحى الفقهي ، ولكنه ينبه على نقاط فكرية ينبغي ألا تغيب عن كل من يتصدر للتفاعل مع الحدث ،، خاصة طلاب العلم ،، إذ اني أراها ( أزمة فكرية ) ، قبل أن تكون شرعية ،، واليك المقال :
معايشة الحدث ومنهجية الاعتبار

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ..
جدير بالمؤمن ألا تمر عليه الأحداث وهو عنها غافل ، ومنها غير مستفيد
فمعايشة الانسان للأحداث واكتسابه العبر منها تزيده اعماراً إلى عمره ، كما أن تأمله للوقائع والتجارب يضيف عقولاً إلى عقله .

لذلك يظهر الفرق واضحاً - أيما وضوح - بين رجلين : رجل عاصر الأحداث فتأملها ونظر فيها وحللها واعتبر بها ، وآخر تمر الدهور عليه وهو عنها غافل ، وإن أعارها من الاهتمام شيئاً كان سطحياً في نظرته ، ظاهرياً في فكره .

وجل الناس حين ينظرون الى حدثٍ ما إنما يتأثر نظرهم إليه بما لديهم من معتقدات ، وما يحملون في رؤوسهم من أفكار ، وبناء على ذلك تتعدد النتائج ، وتختلف العبر ، بناءً على اختلاف وجهات النظر..

فتجد بعض الناس يحلل الحدث تحليلاً مادياً بحتاً ، يحسن حساب أسبابه الظاهرية الملموسة غير ملتفت لأي مؤثرٍ آخر .. ومشكلته أنه لا يعرف غير عالم المادة ولا يدرك أبعد من دنيا الحس ، ثم هو يجهل - أو ينسى- أن من سبَّبَ هذه الأسباب وجعلها تؤتي ثمارها وتؤثر في الأحداث تأثيرها إنما هو الله الذي له ( الخلق والأمر ) .و (له مقاليد السموات والأرض( .

بينما تجد ثانياً يسرح في عالم الخيال .. ليجعل الأمور منشأها ومبدأها ومنتهاها ومآلها إلى ( القوى الغيبية ) التي لا دخل لنا فيها ، وبلية (صاحب الصومعة ) هذا أنه دفن (حقائق الحياة) تحت جنادل خلوته ، ووارى (سنن الكون) بين طيات عزلته ، فكان أن صار كل شئ في نظره مسيراً ، كالريشة في مهب الريح ، فلا ينبغي - عنده - أن ( نقلَّ الأدب مع القدر) بمدافعة باطل ، ولا أن(نلقي بأيدينا إلى التهلكة) بمجاهدة ظالم ، فإن من (ولاه) هو( الله ) ومن يقدر على عزله إنما هو (الله) ، فما دخلنا بشأن ليس له إلا (الله) ؟!!

والحق - من وجهة نظري - إنما يتمثل في أن يبنى تعاملنا مع الحدث على منهج فكري متزن متمثل في القواعد الآتية :


1- أولها الوسطية ومجافاة الشطط :
فالحق دائما وسط بين باطلين هما الإفراط والتفريط . ونحن نعيش هذه الحياة نؤثر فيها كما نتأثر ، فكما أننا نقع تحت سطوة القدر فإنما نجني ما كسبته أيدينا .
وعالم الاسباب ليس (عالماً وهمياً ) كلا ، بل إن سنة الله مضت أن الحياة أسباب ومسببات ، فمن أهمل أسباب النصر لم ينتصر ، كما أن من قعد عن طلب اللقمة مات جوعاً .. وكما قال الفاروق : (إن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة ) .
هكذا ينبغي أن ينظر المؤمن للحدث : يدرس أسبابه بواقعية شفافة ، متذكراً أنه ما من حدث إلا وله سبب ، واضعاً نصب عينيه أنه سائر تحت ظلال القدر الإلهي غير خارج عنه

2- ثانياً : الاستيثاق والتبين
معلوم للجميع أن ما بني على باطل كان لا محالة باطلاً ،وبضاعة المرء حين يتعامل مع حدثٍ ما ليست إلا معلوماته ، فهي التي يبني عليها نظره ،، وتكون مقدمات لأحكامه .
وحتي يسلم نظره من الطعن وتبرأ أحكامه من الخلل لابد له أن يتلقى تلك المعلومات من مصادرها الصحيحة الموثوقة .
إذن فقضية تأصيل المصدر ( أي مصدر التلقي ) أمر له خطورته في بناء الاحكام وضمان صحتها . لذلك كانت القاعدة الشهيرة ( إن كنت ناقلاً فالصحة ، أو مدعياً فالدليل(
فليس من العقل مثلاً أن يتوجه المسلم الذي يريد فهم دينه إلى كتب العلمانيين والمستشرقين الذين كتبوا عن الاسلام ، إذ ليس هذا من مصادر تلقي الاسلام أصلاً ، فضلاً عما فيه من سموم وأكاذيب ودسائس ، ومن الطبيعي بلا شك أن يخرج علينا من هذه مصادره لمعرفة الاسلام بالعجائب والغرائب والأحكام العوراء المبتورة حول الدين وفهمه .

3- ثالثاً : التجرد قبل النظر والتأمل
حينما تعالج الشيء ولك فيه رأي مسبق ، فمن الطبيعي أن يخرج حكمك عليه غير متزن ولا منصف ، بعيدا عن الواقع مجافياً الحق ، خاصة حينما تكون معلوماتك عنه مبتورة جزئية ، أو مشوبة بشيء من (اللا مصداقية )، وهذا من أبشع آفات النظر وأطغى علل الفكر، وهو للأسف من أشدها انتشاراً .

ولقد علمنا الإسلام أن ننظر للأمور بعين التجرد ، وبين لنا أن غلبة الهوى تصم الأذن عن سمع الحق ، وتعمي البصيرة عن إدراكه ، قال الله تعالى ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلاً، أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون ، إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً ) الفرقان( 43- 44)،
بل وأمرنا أن نعدل - فكراً وحكماً - حتى في معاملة الاعداء ، ولو خرجت النتيجة في غير صالحنا ، قال الله تعالى) يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنئان قوم على إلا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى .(المائدة ( 8 )
والحريص على الحق الباحث عنه انما يتجرد لمعرفته ، فيكون في حكمه منصفاً ، وينهض لاتَّباع الحق ونصرته بغض النظر عن تابعيه قلة كانوا أو كثرة ، بارزين كانوا أو مغمورين ، أقوياء كانوا أو ضعفاء ، أغنياء كانوا أو فقراء ، فالحق يعرف بذاته لا بأهله ، وهو أيضا أبلج واضح بأدلته وبراهينه لمن بحث عنه وتأمله ، غائب متوارٍ عن كل من غطت عينيه غشاوات الهوى.

4- رابعاً التأني وعدم التسرع في الحكم
كلما استطاع الإنسان أن يتأني ويعطي العقل فرصته الكاملة للتأمل : تجلت له الأمور ، وازدادت أمامه الصورة وضوحاً ، فتكون نظرته أثقب ، وحكمه إلى الصواب أقرب.
وليس من الواجب عليه أن يصدر الإحكام دائما في كل ما ينظر فيه ، فما لم تتوفر لديه دواعي إصدار الحكم - من حاجة ماسة ، وأدلة كافية ، وفائدة مرتجاة - فليترك إصدار الأحكام أصلاً ، فهو خير له .وهنا ينبغي أن نفرق بين إصدار الاحكام وبين نشرها والدعوة لها ، فليس كل ما يتوصل إليه فكر المرء ينبغي له إذاعته ، فإن لكل مقام مقال ، وكفى بالمرء سفها أن يحدث بكل ما عنده .

5- خامساً عدم التعميم في الأحكام
وتلك بلية كبرى ، بل من أكبر ما أصاب الكثير من الناس الآن ، حتى بعض المنتسبين للعلم والفكر.
وليس تعميم الأحكام على صورة واحدة ، فالحكم على شخصٍ ما - بغض النظر عن طبيعة هذا الحكم - بمجرد موقف أو حادثة أو حتى فترة زمنية من فترات حياته ليس من الانصاف ، كذلك الأمر بالنسبة لجماعة ما ، أو فئة أو فصيل من المجتمع ، أو ربما أهل بلدة بجملتها .

كانت هذه أهم الضوابط التي ينبغي أن يراعيها الإنسان إن أراد أن يسلم من الخطأ فكره ، وتتزن على الطريق خطاه ، وتثبت على الصراط قدمه ، ويجني من كل حدث يعايشه في دنيا الناس الفوائد والعبر. والله الموفق والهادي اليه سبيلاً .
 

رابح العربي صرموم

بانتظار تفعيل البريد الإلكتروني
إنضم
13 سبتمبر 2009
المشاركات
53
التخصص
أصول الفقه
المدينة
ثنية الحد
المذهب الفقهي
مالكي
رد: حكم اعتبار القتيل في المظاهرات شهيدا

بارك الله فيك اخي :
اولا:عدم عزو البحث الى صاحبه كان سهوا فقط ثم تداركت الامر
ثانيا: ما ذكرته في بحثك هي قواعد للبحث العلمي متعارف عليها و مسلم بها
ثالثا: لي ملاحظة على الاخوة في الملتقى انني الحظ نوعا من القسوة و الجفاء في التخاطب مع اخوانهم ، فما من رد الا وفيه شدة و اتهام ورمي بالباطل ، وللاسف يصدر ذلك من طلبة للعلم و منتسبين اليه ، العلم رحم بين اهله فصلوا هذه الرحم و احسنوا اليها ، واتقوا الله في عرض اخوانكم و لا تسيئوا اليهم، اسال الله ان يهدي الجميع و يوفقهم
 
إنضم
2 أكتوبر 2011
المشاركات
1
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: حكم اعتبار القتيل في المظاهرات شهيدا

شكرا لك شيخنا عبد الحميد على قراءتك الواعية وتمحيصك لمدخلات الموضوع ومخارجه ونتمنى عليك أن لو أسهمت بمؤلف علمي مؤصل في هذا الشأن فالحاجة ماسة إليه كما ترى ، نسأل الله أن ينفع بك وبعلمك، وشكر الله لك
 
إنضم
16 أبريل 2010
المشاركات
187
التخصص
إنجليزية
المدينة
تلمسان
المذهب الفقهي
مالكي
رد: حكم اعتبار القتيل في المظاهرات شهيدا

الفتاوى التي لا تراعي مقاصد الشرع ولا مصالح الأنام ليست الأمة بحاجة إليها
هل نترك الغالبية العظمى من علمائنا ممن أيدوا هاته الثورات ونصغي لكلمة هنا وهناك لم يعد لها صدى
والدليل آت بإذن الله مع الأيام القادمة بحول الله وقوته
الفتوى من حيث التعليل الأصولي تبدوا بحاجة إلى تنقيح
أما عرض المسائل بهاته البساطة من خلال النصوص فأظنه مستيسر لكثير من الناس والله أعلم
 
أعلى