رد: من مشكلات العلم عند الشافعية
مما يشكل ـ على معتمد المذهب عند المتأخرين ـ أنهم قالوا في بيع الدار بها بئر فيه ماء بأخرى مثلها أنه صحيح، مع مخالفته لمد عجوة ودرهم.
واعتذروا بأن الماء تابع غير مقصود للمشتري حال العقد غالباً، فيغتفر.
وفيه نظر من حيث إقرارهم بأنه لو اشترى رجل داراً بها بئر بلفظ مطلق لم يدخل فيها ماء البئر بغير تنصيص، إذ ليس تابعاً.
والماء مقصود لذاته، وهو شرط القاعدة، وقصد الربوي حال العقد ليس بشرط لثبوت حكم الربا، فلو اشترى رجل سمسماً بدهن سمسم فإنه لا يقصد الدهن، وإلا لما باعه ابتداءً، ومع ذلك فهو حرام.
ثم إن قولهم أن الغالب أن مشتري الدار لا يقصد الماء أصلاً في جملة البيع يفيد أنه قد يقصده نادراً، ونصوص النهي عن الربا عامة، والعام يشمل عندنا النادر وما لا يقصد.
فإن قيل: إن الصورة غير داخلة في الربا للعلة التي ذكروها، فلا تدخل في عموم النهي.
قلنا: هذا مردود من وجهين: الأول أنه بيع ربوي وشيء معه بربوي وشيء معه، فتحققت ماهية الربا، والعذر المذكور لا يغير الحقائق بل أحكامها، فإذا ثبت أن حقيقته ربا دخل في عموم النهي المشار إليه.
والثاني: أنهم عبروا بالاغتفار، فقالوا (يغتفر) وهو يفيد أنه ربا، وإلا فما الذي يغتفر؟
وقد استشكل هذا غير واحد من أئمة المذهب كابن المقري في (التمشية) 1/ 481 ولم نرَ جواباً سوى ما تقدم وظهر لك ما فيه.
والله أعلم