العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

تحقيق معنى العلة: دراسة تحليلية نقدية - بحث محكم موافق للمطبوع

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه، وبعد:
فهذا بحث هدف إلى تحرير مصطلح العلة وتحقيقه وضبطه في اللغة الأصولية، وهو على جانب من الابتكار في هذا المقام على نحو لعلك، عزيزي القارئ، لم تره من قبل.
كُتب البحث منذ زمن وقد نشر العام الماضي في مجلة الأحمدية بدبي العدد الخامس والعشرون/ ذو القعدة 1431هـ/أكتوبر 2010م.
أضعه بين أيدي الإخوة في هذا الملتقى المبارك بقصد المباحثة والمدارسة، فأرجو أن لا تبخلوا علي بملاحظاتكم ومناقشاتكم مهما كانت.
لم أفلح بإرفاق البحث في الملتقى فوضعته على موقع الميديافير ـ كما تجده في أسفل المشاركة ـ بصيغ ثلاثة: وورد وبدف والشاملة، وهو في كلها موافق للمطبوع، ولكن نسخة الشاملة لا تظهر فيها الرسوم التوضيحية.
وفيما يلي مقدمة البحث وخاتمته:
مقدِّمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
فمنذ كتابتي رسالة الماجستير (( أثر تعليل النص في دلالته )) ـ وذلك قبل نحو عشر سنوات خلت ـ ومعنى العلة الأصولية مضطَّرب ينتابه الغموض في ذهني. نعم وقفت على إبداعات الإمام الغزالي في الكشف عن معاني العلة في (( شفاء الغليل )) و(( المستصفى ))، وكذا وقفت على ما سكبه الأستاذ شلبي من عصارة ذهنه على واسع جهده واستقرائه، مسطِّرا ذلك كله في كتابه (( تعليل الأحكام )) الذي يستحق بجدارة لقب (( الفتح الأصولي المعاصر )). لكنَّ هذا كلَّه لم يكن ليقشع كلَّ غيوم الغموض الملتفة حول معنى العلة لدي، ولذلك قمت في (( أثر تعليل النص في دلالته )) بعرض جانبٍ من التعريفات الأصولية للعلة، منتقدا ما أثاره الأصوليون من جدل متكلَّفٍ حول هذه التعريفات، ومبيِّنا أسباب ذلك على نحو مقتضب.
ولأن هذا لم يكن ليقنعَني ويثلج صدري، فقد شرعت بعدئذٍ في بحثٍ لتحقيق معنى العلة. وبمضي الوقت انتابني الكسل والانشغال إلى أن استجمعت طاقتي البحثية مرة أخرى أثناء كتابتي بحث الدكتوراه الذي عنونته بـ (( القرائن المحتفة بالنص وأثرها في دلالته )) ([1]) حيث احتجت إلى أن أعرِّف العلة، لأنها من أهم القرائن المؤثرة في دلالة النص. وإني وإن ارتقيت في هذه المرحلة عن درجة التقليد، إلا أني أعترف بأن دراستي لمعنى العلة إذ ذاك لم تكن ناضجةً تماما، ربما لأن العلة لم تكن موضوعا جوهريا في البحث؛ إذ كانت الرسالة مُكرَّسةً لوضعِ إطارِ نظريَّةٍ عامة في القرائن الأصولية أكثر من الانشغال بتحقيق معاني القرائن الجزئية كالعلة وغيرها.
ومنذ بداية العام (2006م)، وتفاعلاً مع الصَّخَب العلمي القائم حول علاقة المصالح بالنصوص، والاجتهاد المقاصدي، رأيت أن أشرع بتأليف كتاب أضمِّنه حصيلة أفكاري الأصولية في هذا الشأن. وحينئذٍ وجدتُّ نفسي مضطَّرا من جديد إلى أن أعود إلى خوض غمار البحث في العلة، فنظرت في مسوَّداتي مرة أخرى ولملمت أفكاري قديمها وجديدها فكان هذا البحث الذي يُعَدُّ المحاولة الثالثة لي للكلام حول معنى العلة، والتي آمُل أن تكون المحاولة النِّهائية.
لماذا العلة؟... أَوَيَحْتاج هذا المصطلح الشائع الدارج إلى تحقيق؟!
الجواب ـ بكل بساطة ـ نعم؛ وذلك لسببين:
أحدهما: الأهمية البالغة لهذا المصطلح. فأصول الفقه شطران أساسان: النص والعلة، أو قل: نظرية النص، ونظرية العلة. في نظرية النص تندرج كل مباحث الأدلة النصية كالكتاب والسنة والإجماع، مع ما يتبع ذلك من دلالات الألفاظ وأقسامها، وفي نظرية العلة تندرج كل الأدلة الاجتهادية كالقياس والاستحسان والذرائع والمصالح وغير ذلك من أنماط الاجتهاد بالرأي. وعلى هذا فتحقيق مصطلح العلة ضروريٌّ جدا لأنها الأساس الذي تُبنى عليه جُلَّ مسائل الاجتهاد بالرأي. وفي العصر الحالي اكتسبت العلةُ مزيدَ أهمية على أهميتها، وذلك بسبب شيوع البحث في المقاصد والمصالح، والنظر إلى هذا الميدان الأصولي على أنه الحل السحري الذي سَيُمكِّن حملة الشريعة من مواجهة التحدِّيات الاجتهادية والتشريعية الراهنة.
والسبب الثاني: أنَّ العلة مصطلحٌ أصولي شائك مثيرٌ للبلابل والقلاقل، بل يمكنني الزَّعم بأنه ليس ثمة مصطلحٌ أصولي أثار بسبب اضطرابه واشتراكه من المسائل الوهمية والنِّزاعات اللفظية أكثرَ مما فعله مصطلح العلة.
وفيما يلي بعض شواهد هذه الدعوى من كلام الأصوليين:
قال الغزالي بعد الكشف عن سبب الخلاف في العلة القاصرة:
(( وتبين أن منشأ هذا الخصام العظيم أنهم لم يتفقوا على حدٍّ واحدٍ للعلة معلوم، ولو وقع الاتفاق عليه لهان عرض الوصف المذكور في محل النزاع على ذلك المحك ))([2]).
وقال في مسألة تعليل الحكم الواحد بعلتين:
(( جواز إضافة الحكم الواحد عقلا إلى علتين، ينبني على درك حد العلة وحقيقتها، وما هو المراد من إطلاقها في لسان الفقهاء، فقد أطلق الفقهاء اسم العلة على ثلاثة معان متباينة، من لم يعرف تباينها اشتبه عليه معظم أحكام العلل ))([3]).
وقال في مسألة تخصيص العلة:
(( منشأ تخبُّط الناس في هذه المسألة وسَبَبُ غموضها أنهم تكلموا في تسمية مطلق التماثل علة قبل معرفة حد العلة، وأن العلة الشرعية تُسمَّى علة بأيِّ اعتبار، وقد أطلق الناس اسم العلة باعتباراتٍ مختلفة ولم يشعروا بها ثم تنازعوا... ))([4]).
وقال في نهاية تحقيقه للفرق بين العلة والشرط:
(( إنما منشأ الإشكال التَّخَاوضُ في الأمور دون التوافق على حدودٍ معلومة لمقاصد العبارات، فيُطلق المُطلِق عبارة على معنىً يقصده، والخصم يفهم منه معنى آخر يستبِدُّ هو بالتعبير عنه، فيصير به النزاع ناشباً قائماً لا ينفصل أبد الدهر ))([5]).
وقال ابن السبكي معلِّلا إفراد صاحب المنهاج العلة بفصْل مُقَدَّمٍ على باقي أركان القياس:
(( إنما أفرد بيان العلة بفصل مقدم على بيان الأصل والفرع ومتعلقاتهما:

  • لكثرة تشعُّب الآراء عندها،
  • وعِظَم موقعها،
  • وتشتُّت المباحث فيها ))([6]).​
وقال ابن حزم عندما تكلم عن مفهوم العلة مفرِّقا بينه وبين أربعة مفاهيم تختلط به في لغة الفقهاء :
(( فلمَّا كانت هذه المعاني المسمَّاة الخمسة[SUP]([SUP][7][/SUP])[/SUP] التي ذكرنا مختلفة متغايرة، كل واحد منها غير الآخر، وكانت كلها مختلفة الحدود والمراتب، وجب أن يُطلق على كل واحد منها اسمٌ غير الاسم الذي لغيره منها؛ ليقع الفهم واضحا؛ ولئلا تختلط فيُسمَّى بعضُها باسم آخر منها، فيوجِب ذلك وضعَ معنى في غير موضعه فَتَبْطُلُ الحقائق. والأصل في كل بلاءٍ وعماءٍ وتخليطٍ وفسادٍ اختلاطُ أسماء، ووقوعُ اسم واحد على معاني كثيرة؛ فيخبر المخبر بذلك الاسم، وهو يريد أحد المعاني التي تحته، فيحمله السامع على غير ذلك المعنى الذي أراد المخبر، فيقع البَلاء والإشكال. وهذا في الشريعة أضرُّ شيء وأشدُّه هلاكا لمن اعتقد الباطل إلا من وفَّقهُ الله تعالى ))([8]).
وما رمينا إليه في هذا البحث أمران:
الأول: الكشف المُسْهب عن المعاني التي ينطلق عليها لفظ العلة في البحث الفقهي والأصولي، بحيث ينجلي أمر هذا المصطلح تماما. وهذا اقتضى منا تعريف العلة بإطلاقاتها المختلفة، ثم شرح هذه التعريفات بما يُظهر خصائص كل شكل من أشكالها، ثم التعرض لجوانب هامَّة في كل شكل من الأشكال لم يفصح عنها التعريف، وأخيرا توضيح وجه الشبه والفرق بين أشكال العلة المختلفة. وهذا المقصد هو لُبُّ البحث ومعظمُه، وقد عالجناه في المبحث الأول.
والأمر الثاني: التعرُّض لمناهج الأصوليين في تعريف العلة. وهذا التعرض، وإن كان مبتكرا في طريقة عرضه إلى حدٍّ ما، إلا أنه كان موجزا بسبب وفْرة الدراسات الأصولية التي تناولت تعريف العلة بإسهاب، وقد عقدنا المبحث الثاني للوفاء بهذا المقصد.
وتأسيسا على هذين المقصدين خرجنا ببعض التوصيات الهامة للباحثين فيما يتعلق بشأن العلة. وقد خصصنا خاتمة البحث لعرض هذه التوصيات.
وعليه فقد كان هذا البحث في مقدِّمة ومبحثين وخاتمة.
المبحث الأول: تحقيق معنى العلة.
المبحث الثاني: مناهج الأصوليين في تعريف العلة.
والخاتمة: في أهمِّ نتائج البحث وتوصياته.

الدِّراسات السابقة:

لم أظفر بدراساتٍ سابقة قديمة أو حديثة كُرِّست للكشف عن معاني العلة على وجه الخصوص. وما وجدته هو فصولٌ أو مباحثُ من كتُبٍ تعرضت لقضية التعليل أو القياس بوجه عام. وخيرُ ما كُتب عن العلة الأصولية في هذا المقام كان في كتابين شهيرين: أحدهما قديم والآخر معاصر:
أمَّا القديم فكتاب (( شفاء الغليل في بيان الشَّبَه والمُخِيل ومسالك التعليل ))، للإمام الغزالي، وهو من أعمق وأدق وأوفى وأبدع ما كتبه المتقدِّمون في قضايا التعليل الأصولي.
وأما المعاصر فكتاب (( تعليل الأحكام ))، للدكتور مصطفى شلبي، وهي رسالة دكتوراه نال بها درجة الأستاذية من الأزهر الشريف في العام 1945م.
وما خلا هذين الكتابين يوجد عدد هائل من الكتب والرسائل التي تناولت مفهوم العلة الأصولية بشكل أو بآخر. وكل ما اطلعت عليه من هذه الكتب كان: إما تقليديَّاً في التعرض لمفهوم العلة بحيث يعرض تعريفات الأصوليين للعلة وما أثاروه حولها من جدل مرجِّحا في نهاية المطاف واحداً من هذه التعريفات، وإما متَّكِئاً ـ إنْ بشكلٍ مباشر أو غير مباشر ـ على استقرائَيِ الغزالي وشلبي في سبر مفاهيم العلة عند الأصوليين.
وفي بحثي هذا لا أدَّعي سَبْقا علمياً ولا فتحاً أصولياً. نعم أضفت قليلا إلى ما قاله الغزالي وشلبي كما ستراه خلال البحث، لكنَّ هذا لم يكن هدفي، إنما كان هدفي الإمعان في الكشف والبيان، لأني أعتقد بأن ما قاله الغزالي وشلبي كلاهما عن تعدُّدِ مفاهيم العلة لم يلقَ صدى كافياً عند الأقدمين والمعاصرين من الأصوليين على حدٍّ سواء، وما هذا في رأيي إلا لأنهما لم يجلِّيا الأمر جلاء تامَّاً، ولم يستثمِرا ما توصَّلا إليه بالدَّعوة إلى بناءٍ أصولي جديد في قضايا العلة والتعليل.


([1]) بعد اجتيازه مرحلة التحكيم، فإن الكتاب الآن تحت الطبع ضمن منشورات المعهد العالمي للفكر الإسلامي.

([2]) شفاء الغليل، الغزالي، ص486.

([3]) المرجع السابق، ص515.

([4]) المستصفى، الغزالي، ص335.

([5]) شفاء الغليل، الغزالي، ص588 .

([6]) الإبهاج في شرح المنهاج، السبكي، ج3، ص39.

([7]) سوف نتكلم عن هذه المعاني لاحقا إن شاء الله تعالى.

([8]) الإحكام في أصول الأحكام، ابن حزم، ج8، ص564.



الخاتمة

نرجو بهذا البحث أن نكون قد وضعنا حدَّاً للجدل الذي دار ويدور في شأن تعريف العلة الشرعية، ونرجو كذلك أن نكون قد جلَّينا غاية الجلاء، وكشفنا تمام الكشف، عن المعاني التي يتقمَّصُها لفظ العلة في لسان الفقهاء والأصوليين، وهي ثلاثة معان:

  • أولا: السَّبَب الذي يترتَّب عليه الحكمُ في حقِّ المكلَّف. كشرب الخمر الذي يَتَرتَّب عليه حكم وجوب جلد الشارب علينا، والسَّفر في رمضان الذي يَتَرتَّب عليه حكم إباحة الفطر لنا. وقد عرَّفنا السبب بأنه: وصْفٌ يُرتِّبَ الشَّارعُ عليه حُكْماً في حقِّ المكلف.​
  • ثانيا: الغَرَض الذي استهدفه الشارع من تشريع الحكم. كحفظ العقل ودفع السُّكْر المستهدف من تحريم الخمر، وتحصيل الزجر المستهدف من إيجاب الحدود، ودفع المشقة المستهدف من إباحة الفطر في السفر. وقد عرَّفنا الغرض بأنه: جلبُ المصلحة أو دفعُ المفسدة المقصودُ من تشريع الحكم.​
  • ثالثا: الوصف الذي يشتَمِل عليه مُتَعَلَّق الحكم، بحيث يترتب على ربط الحكم به تحقيق غرض الشارع من الحكم. كالشِّدة التي يُعلَّل بها تحريم شرب الخمر، والمشقَّة التي يُعلَّل بها جعل السفر مبيحا للفطر، والثمنية التي يُعلَّل به تحريم بيع الذهب بالذهب متفاضلا. وقد عرَّفنا الوصف المتضمَّن بأنه: وَصْفٌ يشْتَمِلُ عليه مُتَعلَّقُ الحُكْم، بحيث يَتَرتَّبُ على ربط الحكم به تحقيقُ غرض الشارع من الحكم.​
وفيما يلي عددٌ من التوصيات أحبُّ أن أسجِّلَها وأدعو إليها في ختام هذا البحث:​

  • أولا: إني وإن لم آل جهدا ولم أدَّخر سبرا وتنقيبا، وقد اشتغلت في هذا البحث على مدى سنين متطاولة إلا أن عملي هذا يظل جهدا بشريا يعتريه ما يعتري البشر من القصور والغفلة والعجلة وسوء الفهم والتقدير، ولذلك فإني أدعو الباحثين ـ لا سيَّما المختصين في أصول الفقه ـ إلى إنعام النظر في هذا البحث وسبره حقَّ السبر ثم تسديد سهام النقد والتصويب والتكميل إليه، بغية الإنهاء والانتهاء من الجدل الدائر حول مفهوم العلة الشرعية.​
  • ثانيا: أدعو، بأقوى ألفاظ الدعاء والاستجداء، جميع المشتغلين بتدريس أصول الفقه أو كتابة مناهجه للمتعلمين إلى ضبط اصطلاح العلة، وذلك بقصره على معنى الغرض والوصف المتضمَّن([1])، وعدم إطلاقه على السبب بتاتا، والتنبيه على هذا الأمر في موضعين: عند ابتداء الكلام في الأحكام الوضعية، وعند ابتدائه في العلة بوصفها ركنا من أركان القياس. ويلزم تبعا لهذا تشذيب كتاب القياس في أصول الفقه من كل ما يؤدي إلى الخلط بين العلة بمعنى السبب والعلة بمعنى الغرض والوصف المتضمن، لا سيَّما التمثيل بالسبب على العلة الغرضية أو الوصف المتضمن. ومن ذلك: التمثيل بالسرقة والقتل على العلة المنصوصة أو المومى إليها، والتمثيل للعلة القاصرة بالسفر والمرض المبيحين للفطر، والتمثيل للعلة المنضبطة والظاهرة بالسفر والقتل والسرقة، والتمثيل لمسألة تعليل الحكم بعلتين بنواقض الوضوء المتزامنة كقولهم: من مس وبال في وقت واحد، أو كالذي قتل وارتد، والتمثيل للعلة المركبة بالقتل العمد العدوان الموجب للقصاص، والتمثيل به كذلك للعلة المخصَّصة بمانع الأبوة.​
  • ثالثا: تشذيب كتاب القياس من المسائل الخلافية اللفظية التي انبنت على الخلاف في معنى العلة، كمسألة تعليل الحكم الواحد بعلتين، ومسألة العلة القاصرة، ومسألة ثبوت حكم الأصل هل هو بالعلة أو النص، وكثير من جوانب مسألة النقض أو تخصيص العلة، ومسألة التعليل بالحكمة، ومسألة القياس في الأسباب وغير ذلك من المسائل.​
  • رابعا: أدعو إلى ضمِّ العلة بمعنى الغرض والوصف المتضمن إلى الأحكام الوضعية لأنها حكمٌ شرعي جعلي كغيره من الأحكام، وتجنُّب ما يفعله كثير من الكاتبين من قصر الأحكام الوضعية على ثلاثة: السبب والشرط والمانع فحسب.​
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين​

([1]) أشرنا في صلب البحث إلى أن العلة بمعنى الغرض قريبة جدا من العلة بمعنى الوصف المتضمن ولا يترتب على الخلط بينهما شيء من الضرر المنهجي، وأن هاتين العلتين فقط هما اللتان يمكن القياس بهما، بخلاف السبب الذي يكون منصوصا أو مقيسا على المنصوص.


الروابط
أولا: تحقيق معنى العلة بتنسيق مايكروسوفت وورد
ثانيا: تحقيق معنى العلة بتنسيق بي دي إف
ثالثا: تحقيق معنى العلة بتنسيق بوك للمكتبة الشاملة

بانتظار إفاداتكم بارك الله فيكم
د. أيمن صالح
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
رد: تحقيق معنى العلة: دراسة تحليلية نقدية - بحث محكم موافق للمطبوع

جاري استكشافه :)
 
إنضم
20 مارس 2010
المشاركات
12
التخصص
شريعة
المدينة
---
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: تحقيق معنى العلة: دراسة تحليلية نقدية - بحث محكم موافق للمطبوع

بارك الله فيكم ونفع بكم ...ودمتم بخير وعافية
 
إنضم
3 سبتمبر 2008
المشاركات
43
التخصص
أداب
المدينة
مراكش
المذهب الفقهي
المالكي
رد: تحقيق معنى العلة: دراسة تحليلية نقدية - بحث محكم موافق للمطبوع

بارك الله في جهودكم ووفقكم لما فيه خير البحت في غاية الأهمية.
 
إنضم
1 أبريل 2011
المشاركات
11
الكنية
أبو شافي
التخصص
الفقه وأصول فقه
المدينة
الأحمدي
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: تحقيق معنى العلة: دراسة تحليلية نقدية - بحث محكم موافق للمطبوع

بارك الله في جهودكم
 
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
2
التخصص
دراسات إسلامية-شريعة
المدينة
الوكرة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: تحقيق معنى العلة: دراسة تحليلية نقدية - بحث محكم موافق للمطبوع

جزاكم الله تعالى خيراً كثيراً يا دكتور , انتفعنا بشرحكم وبما كتبتم , وحللْتم عندنا مشكلة تداخل الأمور , ويسّرتم ما اشتبه علينا .
زادنا الله تعالى وإياكم من فضله , ومن العلم النافع , والعمل الصالح .
 
إنضم
29 ديسمبر 2011
المشاركات
22
التخصص
أصول الفقه
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدليل
رد: تحقيق معنى العلة: دراسة تحليلية نقدية - بحث محكم موافق للمطبوع

د.أيمن
برأيكم من أي أنواع العلة يقصد الإمام الشافعي بكلامه هذا في الأم - العلة السببية أو المتضمنة ؟؟ : قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى فَلَمَّا أَمَّ جِبْرِيلُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْحَضَرِ لاَ فِي مَطَرٍ وَقَالَ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَعْمِدَ أَنْ يُصَلِّيَ الصَّلاَةَ فِي حَضَرٍ وَلاَ فِي مَطَرٍ إلَّا فِي هَذَا الْوَقْتِ وَلاَ صَلاَةَ إلَّا مُنْفَرِدَةٌ كَمَا صَلَّى جِبْرِيلُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَصَلَّى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدُ مُقِيمًا فِي عُمْرِهِ وَلَمَّا جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ آمِنًا مُقِيمًا لَمْ يَحْتَمِلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا لِهَذَا الْحَدِيثِ , أَوْ يَكُونَ الْحَالُ الَّتِي جَمَعَ فِيهَا حَالاً غَيْرَ الْحَالِ الَّتِي فَرَّقَ فِيهَا فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ : جَمْعُهُ فِي الْحَضَرِ مُخَالِفٌ لِإِفْرَادِهِ فِي الْحَضَرِ مِنْ : وَجْهَيْنِ - أَنَّهُ يُوجَدُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَجْهٌ وَأَنَّ الَّذِي رَوَاهُ مِنْهُمَا مَعًا وَاحِدٌ وَهُوَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَعَلِمْنَا أَنَّ لِجَمْعِهِ فِي الْحَضَرِ عِلَّةٌ فَرَّقَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إفْرَادِهِ فَلَمْ يَكُنْ إلَّا الْمَطَرُ - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - إذَا لَمْ يَكُنْ خَوْفٌ وَوَجَدْنَا فِي الْمَطَرِ عِلَّةَ الْمَشَقَّةِ كَمَا كَانَ فِي الْجَمْعِ فِي السَّفَرِ عِلَّةُ الْمَشَقَّةِ الْعَامَّةِ فَقُلْنَا إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ مِنْ مَطَرٍ فِي حَضَرٍ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: تحقيق معنى العلة: دراسة تحليلية نقدية - بحث محكم موافق للمطبوع

د.أيمن
برأيكم من أي أنواع العلة يقصد الإمام الشافعي بكلامه هذا في الأم - العلة السببية أو المتضمنة ؟؟ : قَالَ الشَّافِعِيُّ : رحمه الله تعالى فَلَمَّا أَمَّ جِبْرِيلُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْحَضَرِ لاَ فِي مَطَرٍ وَقَالَ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَعْمِدَ أَنْ يُصَلِّيَ الصَّلاَةَ فِي حَضَرٍ وَلاَ فِي مَطَرٍ إلَّا فِي هَذَا الْوَقْتِ وَلاَ صَلاَةَ إلَّا مُنْفَرِدَةٌ كَمَا صَلَّى جِبْرِيلُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَصَلَّى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدُ مُقِيمًا فِي عُمْرِهِ وَلَمَّا جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ آمِنًا مُقِيمًا لَمْ يَحْتَمِلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا لِهَذَا الْحَدِيثِ , أَوْ يَكُونَ الْحَالُ الَّتِي جَمَعَ فِيهَا حَالاً غَيْرَ الْحَالِ الَّتِي فَرَّقَ فِيهَا فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ : جَمْعُهُ فِي الْحَضَرِ مُخَالِفٌ لِإِفْرَادِهِ فِي الْحَضَرِ مِنْ : وَجْهَيْنِ - أَنَّهُ يُوجَدُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَجْهٌ وَأَنَّ الَّذِي رَوَاهُ مِنْهُمَا مَعًا وَاحِدٌ وَهُوَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَعَلِمْنَا أَنَّ لِجَمْعِهِ فِي الْحَضَرِ عِلَّةٌ فَرَّقَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إفْرَادِهِ فَلَمْ يَكُنْ إلَّا الْمَطَرُ - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - إذَا لَمْ يَكُنْ خَوْفٌ وَوَجَدْنَا فِي الْمَطَرِ عِلَّةَ الْمَشَقَّةِ كَمَا كَانَ فِي الْجَمْعِ فِي السَّفَرِ عِلَّةُ الْمَشَقَّةِ الْعَامَّةِ فَقُلْنَا إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ مِنْ مَطَرٍ فِي حَضَرٍ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.
حياكم الله أخي عبد الله، وعذرا على تأخر الرد فقد غفلت عنه لحين.
وفيما يتعلق بسؤالكم فإنه بداية ينبغي أن نلاحظ أن الشافعي لم يستعمل لفظ "العلة" في كتبه إلا نادرا، وإنما كان يستعمل لفظ "المعنى". وهذا الاستعمال للفظ "العلة" كما في النص المنقول أخص من العلة الأصولية التي هي بمعنى السبب، لأنه يقصد بها "العذر" أو "السبب الذي يكون عذرا"، وهذا أصلا استعمال لغوي للفظ "العلة" قبل أن يتوسع مفهومها في الاصطلاح الأصولي والفقهي ليشمل كل سبب.
أما معناها في كلام الإمام بالنسبة إلى أنواع العلة، فهي وردت في كلامه المنقول بمعنيين:
أحدهما: السبب وهذا حين أضافها إلى المطر "علة المطر".
والثاني: المعنى المتضمن في السبب، والذي يُعبر عنه كثيرا بالحكمة، وذلك حين أضافها إلى المشقة "علة المشقة".
والله أعلم.
 
إنضم
29 ديسمبر 2011
المشاركات
22
التخصص
أصول الفقه
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدليل
رد: تحقيق معنى العلة: دراسة تحليلية نقدية - بحث محكم موافق للمطبوع

جزاكم الله خيرا د.أيمن
وأرجو التكرم ببيان وجه بناء مسألة ثبوت حكم الأصل هل هو بالعلة أو النص على معنى العلة .
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: تحقيق معنى العلة: دراسة تحليلية نقدية - بحث محكم موافق للمطبوع

جزاكم الله خيرا د.أيمن
وأرجو التكرم ببيان وجه بناء مسألة ثبوت حكم الأصل هل هو بالعلة أو النص على معنى العلة .
حياكم الله
الخلاف في هذه المسألة لفظي عند الغزالي والآمدي وكثيرين انبنى على تعريف العلة:
فمن عرفها بأنها: المعرف للحكم، قال إن الحكم يثبت بالنص لا بالعلة لأن الحكم في محل الأصل يُعرف بالنص أصلا بالاتفاق.
ومن عرفها بالباعث قال: إن الحكم يثبت بالعلة لأن العلة هي علة النص نفسه الذي اشتمل على الحكم فلولا العلة لم يكن هناك نص ولا حكم، فهذا هو معنى ثبوت الحكم بها.
ومع هذا فقد ذكر بعض الأصوليين كالإسنوي والزركشي والتلمساني ثمارا أصولية تولدت عن الخلاف في هذه المسألة بين الحنفية والشافعية. وما أميل إليه هو أن الخلاف في الفروع التي ذكروها وإن كان خلافا حقيقيا إلا أن مرده ليس إلى هذه المسألة بل إلى أمور أخرى وراءها. كما أميل إلى رأي العلامة مصطفى شلبي بأن الخلاف في هذه المسألة بين الحنفية والشافعية إنما تولد عن الخلاف في العلة القاصرة، حيث ذكر الشافعية في ردهم على الحنفية الذين قالوا بأن التعليل بالقاصرة لا يفيد -- ذكروا بأنه يفيد ثبوت الحكم في محل الأصل فرد عليهم الحنفية بأن الحكم في محل الأصل ثابت بالنص لا بالعلة، ومن هنا نشأت هذه المسألة وبدأ الجدال حولها واختراع ثمار فقهية لها. والصواب أن الخلاف في المسألة الأصل: العلة القاصرة، والمسألة الفرع: ثبوت العلة في محل الأصل هل هو بالنص أو العلة كلاهما خلاف وهمي مخترع ناجم بدوره عن جدل الأصوليين في خلافهم حول علة الربا في النقدين هل هي الوزن مع اتحاد الجنس كما هو رأي الحنفية أو هي الثمنية كما هو رأي الشافعية، فرد الحنفية على علة الشافعية بأنها قاصرة على النقدين، فلا فائدة لها وبالتالي لا يصح التعليل بها، ورد عليهم الشافعية بأنها وإن كانت قاصرة فلها فوائد أخرى كثيرة ذكروها، وذكروا من بينها ثبوت الحكم في محل الأصل. والحق مع الشافعية في مسألة العلة القاصرة بلا ريب، وجدل الحنفية فيها جدل بيزنطي ينبني على المقصود بالتعليل هل هو معرفة الباعث على الحكم أو إلحاق فروع بالقياس على الحكم.
والحقيقة أنّ هذه المسائل وغيرها مما اخترعه الأصوليون لا سيما في باب التعليل أعاقت تقدم علم الأصول وجعلته وعر المسلك كثير الجدل من غير طائل ولا ثمرة، والمرجو الآن تخليص علم الأصول من هذه المسائل التي لا تقدم ولا تؤخر، ومردها في كثير من الأحيان نصرة المذهب بأي شيء اتفق.
 
إنضم
29 ديسمبر 2011
المشاركات
22
التخصص
أصول الفقه
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدليل
رد: تحقيق معنى العلة: دراسة تحليلية نقدية - بحث محكم موافق للمطبوع

بارك الله في علمكم د. أيمن .
 
إنضم
17 نوفمبر 2013
المشاركات
21
التخصص
الدراسات الفقهية
المدينة
مكناس
المذهب الفقهي
مالكي
رد: تحقيق معنى العلة: دراسة تحليلية نقدية - بحث محكم موافق للمطبوع

بارك الله فيكم وزاد في علمكم
 
إنضم
27 يناير 2012
المشاركات
16
الكنية
أبو عبدالعزيز
التخصص
أصول فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: تحقيق معنى العلة: دراسة تحليلية نقدية - بحث محكم موافق للمطبوع

بارك الله فيك شيخنا الكريم

من خلال نظرة سريعة للبحث

توجد قضايا وتقسيمات وأمثلة ورسومات قد تجلي العلة للمبتدئ في أصول الفقه من خلال هذا البحث الرائع مع مافيها من عمق وأصالة


بقي لو كان هناك اختصار لها لأن البحث طويل جداً على المبتدئ​
 
إنضم
3 ديسمبر 2015
المشاركات
1
الكنية
أبوحسن
التخصص
أصول فقه
المدينة
أبها
المذهب الفقهي
لايوجد
رد: تحقيق معنى العلة: دراسة تحليلية نقدية - بحث محكم موافق للمطبوع

السلام علكيم ورحمة اللهفي البداية أحب أشكر لكم جهودكم في العلوم الشرعية عموما والأصول خصوصا
وقد قرأت كتابكم: العلة والنص. ثم قرأت معنى العلة.
وعندي أسئلة لفضيلتكم عن بحث العلة
0




أولا هل وفقتُ في هذه الجداول لإصابة معنى ما ذكرتم في البحث؟
ثانيا هل كل الأحكام الشرعية بأنواعها التكليفية والوضعية لها: أسباب وأغراض وأوصاف؟
ثالثا عرفتم العلة السببية: بالوصف الذي رتب الشارع عليه حكما في حق المكلف.. بناء عليه لو قلنا أن الشارع رتب على تكامل العقل وجوب الصلاة. ألا ينطق التعريف هنا على الشرط أيضا وكذا في باقي الأحكام؟
الذي أقصده أن كل الأوصاف المتضمنة رتب عليها الشارع حكما فبهذا يختلط الوصف المتضمن مع السبب!



مع الشكر والتقدير والدعاء
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: تحقيق معنى العلة: دراسة تحليلية نقدية - بحث محكم موافق للمطبوع

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الجواب عن أولا: صورة الجدول غير ظاهرة عندي، أرجو إعادة تحميل الصورة بالشكل الصحيح.
الجواب عن ثانيا: "لا بد لكل حكم من علة" كما قال الزركشي والغزالي وغيرهم. وهذا عند القائلين بتعليل الأحكام. والعلة المقصودة هنا ما كان بمعنى الغرض والحكمة. لكن قد يوقف على الحكمة أحيانا وقد لا يوقف عليها أحيانا أخرى مع أنها موجودة؛ لأن الله تعالى حكيم، والحكيم لا يشرع شيئًا إلا لمقصد.
وأما العلة بمعنى السبب فليست بلازمة لكل حكم إذ الأحكام نوعان مبتدأة كتحريم السرقة وشرب الخمر وندب قراءة القرآن...الخ، ومتوقفة على سبب، كالصلوات المفروضة والكفارات والحدود ونحو ذلك، وقد ذكرت ذلك في البحث عند تعريف السبب.
وأما العلة بمعنى الوصف المتضمن في محل الحكم فليس بشرط وجودها في كل الأحكام أيضا، فعدم وجودها مُتَصوّرٌ، مثلا، في الأسباب القاصرة والتعبدية كدلوك الشمس ونحو ذلك.
الجواب عن ثالثا: اعتراضكم على التعريف سليم إذا كان المقصود بالسبب "السبب الناقص" أي الوصف الرئيس الذي يترتب على حصوله حصول الحكم، وهو اصطلاح الفقهاء، وليس سليما إذا كان المقصود بالسبب "السبب الكامل"، أي مجموع الأوصاف التي ترتب عليها حصول الحكم بما يشمل الوصف الرئيس (المقتضي) والأوصاف الأخرى كالشروط، وانتفاء الموانع، وهو اصطلاح المتكلمين. مثال ذلك "الأخذ خفية" هو السبب الناقص في وجوب قطع اليد في السرقة (المقتضي)، والسبب الكامل هو: "أخذ مكلف نصابا من حرز خفية دون شبهة". وقد يُقال: حتى على طريقة الفقهاء الحكم التكليفي إنما يترتب على السبب لا على الشرط أو انتفاء المانع، لأن الترتب معناه الحصول وليس مجرّد التوقف، والحصول يُنسب إلى الوصف المقتضي للحكم، وهو الوصف الرئيس الذي اقتضاه لا إلى الأوصاف الفرعية التي لا تقتضيه بمجرد حصولها (كالشروط) أو انتفائها (كالموانع). فدلوك الشمس مثلا هو الوصف الأساس الذي ترتب عليه وجوب صلاة الظهر مثلا لا البلوغ ولا انتفاء الحيض، وإن كان الحكم متوقفا على الجميع. وعلى أية حال الحدود غالبا ما تتوجه عليها الاعتراضات، والمقصود منها التعريف بالمصطلح بعبارة سهلة تكشف عن معناه وإن لم تجر على رسم المنطقيين في الجمع والمنع وغير ذلك مما اشترطوه. والله أعلم.
سعدت بمناقشتكم، وفقكم الله لكل خير
 
التعديل الأخير:
أعلى