العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الندوة (22): حكم إجبار البنت على الزواج: دراسة فقهية واقعية.

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه. أما بعد:

"لا نزاع بين أهل العلم فيما نعلمه في أن للأب تزويج ابنته البكر التي لم تستكمل تسع سنين وإن كرهت، بشرط أن يضعها في كفاية، وقد حكاه ابن المنذر إجماعاً"
هكذا قال الزركشي في شرحه على مختصر الخِرَقي من مختصرات الحنابلة

وفي هذا النص أمور نود أن تطرح للنقاش الفقهي، وهي:
أولاً: ما أقوال الفقهاء في حكم الإجبار على النكاح؟ (أن تزوَّج البنت وإن كرهت، سواء كانت صغيرة أم كبيرة)
ثانياً: هل هذا الإجبار -عند من قال به- حق للأب، أم للأب والجد، أم لكل ولي؟ وهل من شروط وُضِعَت له؟
ثالثاً: ما الأدلة في كل ذلك؟ ومناقشتها.
رابعاً: هل هناك فرق بين الابن والبنت في هذه المسألة؟
خامساً: نتيجة الحوار والبحث.

راجين من جميع الإخوة والأخوات التفضل بإثراء الموضوع وإحياء الحوار فيه، مبتدئين بتحرير أقوال الفقهاء في حكم إجبار البنت على النكاح.
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الندوة (22): حكم إجبار البنت على الزواج: دراسة فقهية واقعية.

فمن المعلوم أن المسائل المتعلقة بحقوق البشر يمكننا السؤال عن معانيها والبحث في حِكَمها والهدف منها :
1- فما الحكمة في السماح للأب بتزويج ابنته البكر غير البالغة (وهي في الغالب غير قادرة على الزواج وغير فاهمة لمعناه) دون إذنها (وربما دون علمها) لأن العلم هنا لن يغير في النتائج شيئاً؟
هناك أحوال قد تستدعي المصلحة فيها مثل هذا التزويج (العقد)، كأن يخشى الأب على ابنته الضيعة إذ لا يجد من يكفلها وهو لا يقدر على رعايتها لكِبَر أو مرض أو فقر ويخاف مداهمة الموت، فكونه يزوجها -والحال هذه- قد يكون خيراً من أن يدع ذلك لغيره من بعده ممن ليس يشبه أباها في كمال شفقته عليها، أو أن يخاف تفويت كفء صالح مأمون يرجو بتزويج ابنته منه خيراً كثيراً لها في المآل، وذات الأمر يقال في تزويج الصغير من الذكور في المذاهب الأربعة خلافاً لابن حزم إذ جعل الإجبار خاصاً بالصغيرة البكر دون الصغير. والله أعلم
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الندوة (22): حكم إجبار البنت على الزواج: دراسة فقهية واقعية.

2- ما الضابط للكفاءة التي ذكرها الفقهاء؟ ومن الذي يحددها؟ فالكفء في نظر الأب ربما يكون ليس كفئا عن آخرين؟
يشترط في النكاح عند الأئمة أن يكون الرجل كفئاً للمرأة لا أن تكون المرأة كفئاً للرجل، والحكمة في اشتراط ذلك: تحقيق المقصود من النكاح من سكنى وازدواج، إذ المرأة تتعير باستفراش من لا يكافئها.

لكنَّ أبا حنيفة لا يشترط الكفاءة فيما إذا زوج الأب خاصة ابنته الصغيرة أو ابنه الصغير، وخالفه في ذلك صاحباه. بخلاف ما إذا زوجهما غير الأب والجد فلا بد من التزويج من كفء عند جميعهم.

واتفق القائلون باعتبار الكفاءة على اعتبارها في الدين؛ والمراد أن لا يزوَّج فاجرٌ عفيفةً.
قال ابن المنذر: ذهب عمر بن عبد العزيز، وحماد بن أبي سليمان، وعبيد بن عمير، وابن سيرين، وابن عون، ومالك: أن الكفاءة غير معتبرة إلا في الدين. أهـ
وأما كون المسلمة لا تحل لكافر فمحل إجماع؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (واعتبار الكفاءة في الدين متفق عليه، فلا تحل المسلمة لكافر أصلًا).
ويدخل في انتفاء الكفاءة الدينية -على الصحيح- أنواع الفسق الظاهر؛ كترك الصلاة وشرب الخمر وسوء الخُلُق.

والكفاءة عند الحنفية تكون في الدين، والنسب، والحرية فلا يزوجها عبداً إن كانت حرة، والمال بأن يكون مالكاً للمهر والنفقة الواجبة (وإذا كانت صغيرة لا تصلح للجماع فلا تعتبر القدرة على النفقة؛ لأنه لا نفقة لها في هذه الصورة، ويكتفى بالقدرة على المهر)،
والعقل، والحِرْفة فليس له أن يزوجها صاحب حرفةٍ مُزْرِيَة دنيئة كالحجام والدباغ والكناس.

وعند المالكية في أمرين: الدين، والسلامة من العيوب كالجنون والبرص والعنَّة.

وعند الشافعية اعتبار الدِّين، والنسب، والحرية، والحِرفَة، والسلامة من العيوب.

واعتبر الحنابلة الدين، والنسب (المنصب)، والحرية، والحِرفَة، واليَسَار فلا يكون المعسر كفئاً للموسرة.

والراجح -والله أعلم- قول الإمام مالك.
قال ابن القيم في "الهدي": والذي يقتضيه الحكم اعتبار الدين في الكفاءة أصلًا وكمالا، فلا تزوج مسلمة بكافر، ولا عفيفة بفاجر، ولم يعتبر القرآن والسنة في الكفاءة أمراً وراء ذلك. أهـ

وفي حكم الكفاءة على وجه العموم ثلاثة أقوال:
القول الأول:
أنها شرط للزوم النكاح، لا لصحته. وهو قول أكثر أهل العلم. فيحرم تزويجها لغير الكفء إلا برضاها, ويصح النكاح مع فقد الكفاءة.
والقول الثاني: أنها شرط للصحة, وعليه فتكون حقاً لله تعالى ولها ولأوليائها فلو رضيت مع أوليائها بغير كفء لم يصح النكاح.
والقول الثالث: عدم اشتراط الكفاءة مطلقاً. وهو إحدى الروايتين عند الإمام أحمد، وقال به بعض التابعين كالثوري والحسن البصري، وقول الكرخي من الحنفية.

والراجح -والله أعلم- الأول؛ لأنه حق لها في ذلك.
. وحيث ثبت الخيار بفقد الكفاءة فللمرأة أو لوليها الفسخ.

قال الشافعية:
لو زوجها غيرَ كُفْء وهي بكرٌ صغيرة أو بالغةٌ بغير رضاها ففي أظهر القولين عندهم: أن النكاح باطل، وفي القول الآخر: يصح.. وللبالغة الخيار في الحال، وللصغيرة الخيار إذا بلغت.
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: الندوة (22): حكم إجبار البنت على الزواج: دراسة فقهية واقعية.

جزاك الله خيرا على هذا التوضيح
وأعتذر عن كثرة الاستفسارات،، ولكننا نتعرض كثيرا لمثل هذه المناقشات والأسئلة خاصة هذه الفترة التي نلحظ فيها هجمة شرسة على الإسلام وأحكامه وتشريعاته
وقد خطر لي للتو سؤال لعلي أضيفه إلى قائمة الاستفسارات السابقة:
فلو تزوجت الصغيرة وكان الزوج كفئاً لها ولكنها لم تحبه أو توده وحاولت العيش معه فلم تستطع ، فهل لها المخالعة؟ خاصة وأنها قد تزوجته في الأصل دون استئذان كما نعلم.
وما أصغر سن يسمح لها أن تخالع فيه؟
وماذا لو لم يكن عندها مال، هل تلجأ للقاضي أم من الذي سيدفع مقابل الخلع؟
 
إنضم
30 أبريل 2010
المشاركات
20
التخصص
فقه
المدينة
الطائف
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: الندوة (22): حكم إجبار البنت على الزواج: دراسة فقهية واقعية.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه المسألة داخلة ضمن رسالتي للماجستير وهي بعنوان "زواج القاصر وتطبيقاته المعاصرة", وقد تناولت المسألة بالتفصيل, وقريبًا إن شاء الله مناقشتي.. دعواتكم.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: الندوة (22): حكم إجبار البنت على الزواج: دراسة فقهية واقعية.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه المسألة داخلة ضمن رسالتي للماجستير وهي بعنوان "زواج القاصر وتطبيقاته المعاصرة", وقد تناولت المسألة بالتفصيل, وقريبًا إن شاء الله مناقشتي.. دعواتكم.
نسأل الله لك التوفيق والسداد
وبانتظار أن تضعي لنا ملخص رسالتك ونتائجها بعد المناقشة بعون الله

 

رشيد لزهاري حفوضة

:: مطـًـلع ::
إنضم
8 يناير 2012
المشاركات
103
الإقامة
الوادي/ الجزائر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد البر
التخصص
ماستر دراسات قرآنية و آداب إسلامية
الدولة
الجزائر
المدينة
الوادي
المذهب الفقهي
مالكي
رد: الندوة (22): حكم إجبار البنت على الزواج: دراسة فقهية واقعية.

الصغيرة البكر يزوجها أبوهاولا إذن لها.
السأسئلة الواردة هنا :
1-ما هو الدليل الذي خصص الحديث الذي يوجب استئذان البكر؟
2-و هل ورد عن الصحابة ما يؤيد ذلك؟
3-و لو سلمنا بجواز إجبار الصغيرة ربما دون تسع سنين ,كيف يتصور هذا الزواج واقعياً ؟
4-و هل لا يزال في الناس من يزوج الصغيرة؟ فكثير من البلاد تحدد سن الزواج بعمر معين مثل 18 أو 19 سنة؟
أفيدونا بارك الله فيكم.




 
إنضم
4 ديسمبر 2011
المشاركات
2
التخصص
شريعة
المدينة
المدينة النبوية
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: الندوة (22): حكم إجبار البنت على الزواج: دراسة فقهية واقعية.

كنتُ قد كتبتُ رسالة لعلَّها أن تُفيد في هذا الموضوع بعنوان ( حكم تقنين منع تزويج الفتيات أقل من 18 سنة وتحديد سن الزواج ) وقد راجعها وصحَّحها شيخنا العلامة عبد الرحمن بن ناصر البراك حفظه الله .
وطبعت الطبعة الأولى ملحقة برسالتي ( حكم تقنين الشريعة الإسلامية ) على نفقة شيخنا سعد الحصين أعظم الله له الأجر والمثوبة .
ثم طُبعت مفردة على نفقة شيخنا المحدث العلامة عبد المحسن العباد شفاه الله وأعظم له الأجر والمثوبة .
ثمَّ طُبعت طبعة ثالثة ومزيدة على نفقة سماحة شيخنا العلامة صالح اللحيدان حفظه الله وأعظم له الأجر والمثوبة .
وهي موجودة في شبكة نور الإسلام ومكتبة صيد الفوائد وغيرهما .
والله ولي التوفيق .
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: الندوة (22): حكم إجبار البنت على الزواج: دراسة فقهية واقعية.

جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل
يقول الكاتب في مقاله

النصوص أباحت زواج الصغيرة، وجعلت لها عدة إذا طلقت، فقال تعالى: (فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن). نعم، المباح إذا أفضى إلى محرم، جاز المنع منه بما لا يفضي إلى محرم لا مطلقًا، وفي تحديد سن الزواج بقانون عام، تحريمٌ مطلقٌ لمباح بغير موجب؛ أن يكون ظاهرة. وهذا لم يثبت بيقين، فالمنع منه مطلقًا حينئذٍ تشريع للتحريم بما لم يأذن به الله، إنما المناسب لأحكام وقواعد الشريعة، منع الولي من تزويج ابنته الصغيرة، في حال عدم تحمّلها النكاح وأعباء الزوجية، أو عدم رضاها، فيكون حكمًا خاصًّا لا عامًّا، هكذا يعالج موضع الداء، أمّا تعميم الدواء على الأجزاء السليمة فموجب لفسادها؛ فطائفة من الفتيات دون 15 أو 18 صالحات بدنًا وعقلاً، ولهن في الزواج رغبة، أليس من الظلم منعهن حقهن؟
فهل صحيح انه يمكن منع الولي من تزويج ابنته إن كانت غير قادرة
ومن الذي يمنعه لو جاء الخاطب وقال له زوجتك بنتي ورد الثاني قبلت وسكتت البنت؟
سؤالي لأني لم أسمع بحدوثه في وقتنا المعاصر بل إن أساس المشاكل هو من تزويجهن بدون موافقتهن

أرجو توضيح هذه النقطة وجزاك الله خيرا
 
أعلى