العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

ورقة إصلاح الشِّقاق بين الزَّوجين

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,134
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
بسم الله الرحمن الرحيم


ورقة إصلاح الشِّقاق بين الزَّوجين


وهي ورقة أعرضها هنا؛ فقد ينفع الله بها كل من له علاقة بالإصلاح الأسري

قال الله تعالى: { فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } [الأنفال:1].

وقال تعالى: {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } [النساء:114].

وقال تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } [النساء:128].

وقال تعالى: { وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ } [البقرة:228].

وقال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً } [النساء:35].


الشقاق والنزاع إذا دبَّ في الحياة الزوجية واستمرَّ حتى يصل إلى حدٍّ تعسر معه الحياة؛ وتضيق منه النفس؛ فلا مناص من العلاج الشرعيِّ؛ وهو أحد طريقين:
الطريق الأول: الإصلاح بينهما.
والطريق الآخر: القضاء بينهما.

أمَّا الطَّريق الأول، وهو: الإصلاح بين الزوجين.
· فمن إيجابياته:
1.حصر المشكلة في نطاق ضيِّق.

2.ستر الأسرار من الانتشار؛ والبعد عن التقوُّل حين تطاير الأخبار.

3.بالصلح يتراضى الطرفان على حلٍّ وسطٍ؛ يكيِّفانه المصلحان الخبيران المؤتمنان؛ بما يضمن استدامة العشرة، وبقاء المودة.

أما الطريق الآخر: القضاء بين الزوجين.
· فله سلبياته، ومنها:
1.خروج المشكلة إلى خارج أسوار العائلة؛ ليكون أمام الملأ.

2.شيوع الأسرار، والبيوت تبنى على الستر؛ وقد يستغلُّ ضعاف النفوس من بعض أهل الزوجين ذلك؛ فيطير بها؛ وينفخ فيها ما يشاء.

3.القضاء فيه إلزامٌ وفصلٌ وقطعٌ وحزٌّ بين الزوجين؛ وهذه معانٍ تؤدي إلى الألم؛ وخروج الزوجين بعدم تراضٍ متوقَّع.

----------------------------------



خارطة للإصلاح بين الزَّوجين:


والأصل فيه قول الحق تبارك وتعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً } [النساء:35].

1.الآية تشير إلى ضرورة وجود طرفان في الإصلاح؛ لأن الواحد لا يكفي؛ فهو لا محالة سيميل مع الأقوى تأثيراً من الزوجين؛ ولذا نصب الشارع الاثنان؛ ليرعى كل واحد منهما مصالح أحد الزوجين ويغلِّبها؛ فإذا اجتمعت لدى المصلحَان مصالح الزوجين؛ قارنا بين المصالح المشتركة للإبقاء على الحياة الزوجية؛ أو المفاسد المحتملة لفساد الحياة بينهما، فيجريان –فيما بينهما- بعد ذلك موازنة بين الأمور؛ ليخرجا بما يلي:
أ‌- حصر المفاسد التي تلحق الضرر بالزوجين وإمكانية تقليلها أو اضمحلالها.
ب‌- جمع المصالح التي معها استدامة الحياة بينهما ومدى تكثيرها وانتشارها.

2.يجتمعا المصلحَان مع الزوجين في جلسة مغلقة ليس فيها من الصوارف أو الشواغل أو ما يقطعها؛ ليذكرانهما بالله تعالى في لزوم أداء الحقوق، والقيام بالواجبات، ويستمعا منهما؛ ويطلبا ألا يقاطع أحدهما الآخر حتى يفرغ الآخر من شكواه؛ ويحسن أن يكون مع كل من الزوجين والمصلحَين قلم وأوراق؛ لأجل أن يكتب أحد الزوجين تعليقه الذي يريده على الآخر بدون مقاطعة؛ ليذكره في حينه، وكذا المصلحَان.

3.قد لا تفي جلسة واحدة؛ فلا مانع من تعدد الجلسات للخروج بتصورٍ شامل للمشكلة بأبعادها وأطرافها.

4.يتبين للمصلحَين بعد هذه الموازنة؛ الطبيعة التي يشيران بها على الزوجين لاستدامة الحياة، ليتعاهدا على القيام بها؛ وعدم التفريط فيها.

5.إن وجدا -المصلحَان- أن ثمة ثغراتٍ لا بد أن يُشار بها لأحد الزوجين أو كلاهما على حدة؛ لأجل أن يقوى جانب الصلح فهو حسنٌ.

6.على المصلحَين أن يتكفَّلا بوضع شروط أو ضوابط تكفل البعد عن الانتكاسة؛ لأن الصلح إذا لم يفد؛ فستؤول الأمور إلى تدهورٍ أسوأ حالاً، وأصعب مآلاً.

7.مراقبة الوضع عن بعد؛ وسرعة التدخل للعلاج الطارئ فيما لو اعوجَّ المسار وفي الإمكان تدارك الأمر قبل انهياره.

----------------------------------



خارطة القضاء بين الزَّوجين:


1.الذهاب للمحاكم ومجالس القضاء؛ بمرأى من الناس مما قد تذاع المشكلة، فضلاً عن خروج الأمر عن مراد الزوجين واختيارهما؛ وكذا المصلحَان.

2.قد يتوارد من استجواب الزوجين ما يجعل المشكلة ذات أبعاد مختلفة؛ ممَّا قد يوسِّع محيطها؛ وتولِّد القضية عدَّة قضايا؛ ولا بد من الحسم في جميعها.

3.عند الاختلاف في حق الحضانة إن وجد بينهما أطفالاً؛ فقد يسعى الزَّوج لإسقاط حضانة الزَّوجة بكل المثالب التي يعلمها عن الزَّوجة؛ وكذلك قد تفعل الزوجة جاهدة مثله، وحينها تتبدَّى عوراتهما.

----------------------------------



ما بعد الطلاق


حصول صك الحضانة لأحد الزوجين



فإن وقع الطلاق؛ وخرج صك الحضانة لأحدهما؛ فيجب عليهما السعي في صلاح أبنائهما دون إيغار بينهما؛ وتعليمهما البر لوالديهما؛ وغض الطرف عمَّا جرى بينهما؛ وعدُّه ممَّا دفن بباطن الأرض؛ والله يقول: { وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } [البقرة:237].
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً.
أحسب أن هذه الورقة من العلم النافع، الذي يرجى من ورائه الإصلاح.
وليتنا نلتفت في كتاباتنا إلى ما وراءه طائلٌ وعمل وإصلاح، لاسيما ما استدعاه ظرف الزمان، وأحوجته ملمات النوازل.
 

عواطف بنت خليل

:: متابع ::
إنضم
11 يونيو 2009
المشاركات
2
التخصص
أصول فقه
المدينة
مكة
المذهب الفقهي
حنبلي
جزاك الله خيرا وبارك فيك

طرق ونصائح مفيدة
 
إنضم
17 يناير 2008
المشاركات
34
الكنية
أبو بشير، وأبو عائشة
التخصص
الفقه/ المذهب المالكي المقارن
المدينة
طوبى
المذهب الفقهي
باحث في المذهب المالكي المقارن
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزى الله أخانا خير الجزاء على هذا الموضوع النافع، ومن باب التكامل فهناك بعض الملاحظات النحوية، ولا يقال: إنها أخطاء (بمعنى الكلمة)! لكنها تخالف ما عليه الجمهور من حيث التعبير الشائع والمشهور، والصواب فيها ما يأتي:
(وجود طرفين)، (نصب الشارع الاثنين)، (لدى المصلحين)، (واختيارهما، وكذا المصلحين).
تنبيه:
ينبغي للزوجين أن يجتهدا في تحقيق حسن المعاشرة بينهما، بحيث لا يصل الأمر بينهما إلى استدعاء أطراف خارجية؛ ففي ذلك من السلبيات ما أشار إليه أخونا فيما أتحفنا به هنا، وغير ذلك مما قد يسبب أضرارا فادحة في المستقبل.
شاكرا ومقدرا لهذه الجهود النافعة، سائلا المولى عز وجل أن يرزقنا الإخلاص والمتابعة في القول والعمل.
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,134
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
جزاك الله خيرا وبارك فيك
طرق ونصائح مفيدة
وبارك الله فيك أختي الكريمة ...
وأشكرك على مشاركتك الأولى في هذا الملتقى بهذا الموضوع ...

كما أن هذه الطريقة المدونة في هذه الورقة قد تصلح لأحوال دون أخرى ...
والذي يقدر الأمر من يتأهل للقيام بمهمة الإصلاح ...
فلكل قضية ظروفها، وأحوالها، وملابساتها ...
إنما هي محاولة للسعي في تلمُّس طرائق الإصلاح ...
ونأياً عن المثبطات أمام بوادر الصلح؛ والصلح خير؛ غير أن الأنفس تشح به ...
والله المستعان.

كما أشكر أخي وزميلي -الدكتور قريباً- محمد عبدالله صل على مشاركاته النفيسة التي ملأت جوانب الملتقى ...
ومنها؛ هذه اللفتة الطيبة التي أفرح بها ...
وأستحثه على مواصلة المسير في إضاءاته المسددة ...
وأنا سعيدٌ جدُّ بالتحاقك معنا؛ ولربما نلتقى قريباً إن شاء الله ...
وقد تجمعنا موضوعات رسائلنا المتقاربة في الدكتوراه:)!.
وقد -كنت- اطلعت على خطة رسالتكم الموفقة.
ولما رأيت معرفكم أول ما رأيته توقعته أنتم؛ فالحمد لله على تشريفكم هذا الصرح الشامخ بأعضائه الكرام.
 
التعديل الأخير:

سعيد عمر مخزوم

بانتظار تفعيل البريد الإلكتروني
إنضم
5 أكتوبر 2009
المشاركات
1
التخصص
الحقوق
المدينة
العقبة
المذهب الفقهي
حنفي
شروط المحكمين

شروط المحكمين

بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله كل خير
ولكن من الناحية العملية والتي نشاهدها في المحاكم الشرعية بالنسبة الى شروط المحكمين فهنا الأخ لم يتطرق الى شروط المحكمين اللذين يجب اختيارهما من أهل
الصلاح والتقوى وممن يخافون الله في تحكيمهم وليس ترجيح مصلحة طرف على طرف آخر لغاية أو لسبب ما والنظرالى المسألة من حيث النتائج وتقدير المصلحة في ذلك وخاصة لأمور المحضون وما ينتج عن امر الطلاق بين الزوجين
والملاحظ أيضا أنه عندما تصل المسألة الى المحاكم يبدأ كل طرف بفضح الأخر وهنا يجب على المحكمين تفهيم أمر الستر للزوجين ما أمكن وعلى سبيل اتخاذ الحكمة من قصة وقعت مع أحد الأفاضل اراد ان يطلق زوجته سأولوه أصدقاؤه ما السبب أخبرهم كيف اخبركم وهي زوجتي وعندما طلقها طلبوا منه ان يخبرهم قال كيف أخبركم عن امرأة وهي أصبحت أجنبية عني في الحالتين لم يخبرهم على سبيل الستر المأمور به شرعا
 
إنضم
3 سبتمبر 2008
المشاركات
43
التخصص
أداب
المدينة
مراكش
المذهب الفقهي
المالكي
بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
جزاك الله يا شيخنا وجعل ماتقدمه لنا في ميزان حسناتك.
 

أبو عبيدة الغامدي

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
6 فبراير 2009
المشاركات
46
التخصص
إسلامية
المدينة
بيشة
المذهب الفقهي
حنبلي
جزاك الله ألف خير شيخنا المبارك ، نعم القرآن الكريم هو الحل لكثير من المشاكل الأسرية ، من تركه من جبار قصمه الله ومن آبتغى الهدى في غيره أضله الله ، والرجوع إليه والتأمل في آياته هو ساحل الأمان ، إنه صمام الأمان للأمة عن الإختلاف والتنازع إذا عظت عليه بالنواذج وجعلته أمامها ، قال الله تعالى :
{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }آل عمران103
فجزالك الله بمقعد صدق عنده تبارك وتعالى على ما قدمت من حلول وإرشاد لكلا الطرفين من الزوجين .
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,134
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
أعلى