د.محمود محمود النجيري
:: مشرف سابق ::
- انضم
- 19 مارس 2008
- المشاركات
- 1,064
- الكنية
- أبو مازن
- التخصص
- الفقه الإسلامي
- المدينة
- مصر
- المذهب الفقهي
- الحنبلي
صححْ نسختك
بعض كتب التراث، يقع فيها تصحيف أو تحريف، وسنفتح بابًا في ملتقانا العلمي لكل من يقف على شيء من ذلك؛ لينفع به غيره.
والله الموفق،،،
صححْ نسختك
من إغاثة اللهفان
هل يجوز أن يسقط الرجل الرجعة، فيطلق امرأته طلقة واحدة بائنة، بأن يقول لها: طلقتك طلقة بائنة، أو: أبنتك بطلقة. أو نحو ذلك؟من إغاثة اللهفان
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على أربعة أقوال:
القول الأول: يملك الرجل إبانة زوجته بطلقة، فإذا طلقها واحدة بائنة- وقعت بها.
وهذا مذهب أبي حنيفة، وإحدى الروايتين عن أحمد.
القول الثاني: إنْ قال لزوجته: أنت طالق واحدة بائنًا، فهي ثلاث.
وهذا قول لمالك، وأحمد.
القول الثالث: إن قال لزوجته: أنت طالق طلقة بائنة، أو قال: أنت طالق طلقة لا رجعة فيها، فهي واحدة رجعية.
وهذا مذهب الجمهور: المالكية، والشافعية، والحنابلة، وإسحق، وأبي ثور، وداود.
القول الرابع: إذا قال رجل لامرأته: أنت طالق طلقة لا رجعة لي فيها عليك، بل تملكين بها نفسك، فإن كلامه فاسد، لا يقع به طلاق أصلاً.
وهذا قول ابن حزم.
وقد اختار ابن القيم القول الثالث، قال:
"والصواب: أن الرجعة حق لله تعالى ليس لهما أن يتفقا على إسقاطها، وليس له أن يطلقها طلقة بائنة، ولو رضيت الزوجة، كما أنه ليس لهما أن يتراضيا بفسخ النكاح بلا عوض بالاتفاق" .
واستدلَّ ابن القيم لاختياره بأدلة كثيرة. ثم ردَّ على المخالف. قال:
"أما قول أبي حنيفة: إنها تبين بذلك؛ لأن الرجعة حق له وقد أسقطها، فيرد عليه بأن ثبوت الرجعة وإن كان حقًا له، فلها عليه حقوق الزوجية، فلا يملك إسقاطها إلا بمخالعة، أو باستيفاء العَدَد كما دلَّ عليه القرآن بقوله تعالى: الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ- إلى قوله سبحانه- فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَه ُ [البقرة:229-230] .
ووردَ في إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان:
"قال الجمهور: إنه لا يشرع له، ولا يملك إبانتها بطلقة واحدة بدون العوض. وأبو حنيفة قال: لا يملك ذلك؛ لأن الرجعة حقه، وقد أسقطها" .
وواضح أن لفظ "لا" في العبارة الأخيرة زائد، وقلب المعنى. وهو خطأ من النساخ- فيما أرى، لا من ابن القيم؛ لأن ابن القيم ذكرَ مذهب أبي حنيفة على الوجه الصحيح في عدة مواضع، منها قوله:
"وأما أبو حنيفة فقال: تبين بذلك..." .
والعجيب أن كتاب "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان" طُبع طبعات كثيرة محققة بعد طبعة الشيخ محمد حامد الفقي، وكلها وردَ فيها هذا الخطأ، ولم يلتفت أحدٌ من المحققين لتصويبه. انظر مثلا: طبعة مكتبة الإيمان بالمنصورة، بتحقيق: محمود بيومي. وطبعة مؤسسة الرسالة، بيروت. وطبعة دار الحديث، بالقاهرة، 1423هـ/2002م، بتحقيق: مجدي فتحي السيد، مج2، ص261. وطبعة دار المنار، القاهرة، 1417هـ/1997م، 1/255. وطبعة دار المعرفة، بيروت، ط2، 1395هـ/1975م، 1/304.
ولم أقف على نسخة واحدة مطبوعة فيها تصحيح لهذا التحريف!
____________________________________________
- زاد المعاد، مؤسسة الرسالة، بتحقيق الأرناؤوط، 5/599.
- الإغاثة الصغرى، ص12. زاد المعاد 5/225-226، 563، 599-601.
- الإغاثة الكبرى، بتحقيق: محمد حامد الفقي، 1/304.
- زاد المعاد 5/225. وانظر أيضًا 5/563، 599.
التعديل الأخير: