رد: الفتاوى والمقاصد أية علاقة بينهما ؟؟
الحضور المقاصدي في الفتاوى ووقائع الأعيان هو أظهر منه كثيرا في الخطاب العام غير المنزل على واقعة أو حادثة مشخصة في الزمان والمكان، وذلك لأن على المفتي أن يراعي حال السائل وظروف الواقعة، وينظر في مآل الفتوى.
ومما يحضرني من أمثلة على ذلك.
أولا: تعدد إجابات النبي صلى الله عليه وسلم للسائلين مع أنهم سألوا نفس السؤال. كما في "أي الأعمال أفضل" وكما في يا رسول الله أوصني وغير ذلك مما اختلفت فيه أجوبة النبي صلى الله عليه وسلم. وللشاطبي كلام طيب حول هذا في كتاب الاجتهاد على ما أذكر.
ثانيا: فتوى ابن عباس، رضي الله عنهما، من جاءه سائلا عن التوبة وأنها هل تكفِّر ذنب القتل فأجابه بأنها لا تكفره لأنه رأى الشر في عينيه كأنه يريد القتل.
ثالثا: فتوى الإمام مالك الخليفة المنصور بعدم إعادة بناء الكعبة كما فعل ابن الزبير، وذلك حتى لا تتخذ الكعبة لعبة بيد الملوك فتسقط هيبتها من أعين الناس.
رابعا: فتوى أحد علماء المالكية أحد الأمراء بوجوب صيام شهرين متتابعين كفارة للفطر في رمضان مع قدرته على العتق. وهذه الفتوى ليست بخطأ بإطلاق كما تتابع الأصوليون على التمثيل لها بالمصلحة غير المعتبرة. ولها تخريجات متعددة ذكرها بعض الأصوليين.
خامسا: فتوى الإمام أحمد لمن كان يأمره أبوه بطلاق امرأته بعدم طاعته. ولما احتُج عليه بقول النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر لما أمره بطلاق زوجه "أطع أباك". فقال وهل أبوك مثل عمر.
سادسا فتوى الإمام أحمد بكتابة القرآن بالذهب وفتوى بعض العلماء بجواز تحلية الكعبة بالذهب من باب أن هذا أفضل من أن ينفق الأمراء المال في أبواب الباطل. وتجد تفصيلا لهذه المسألة فيما كتبناه على هذا الرابط:
http://www.feqhweb.com/vb/t11900.html
سابعا: إتمام سيدنا عثمان، رضي الله عنه، بمنى خلاف فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل أنه خشي أن يظن الأعراب أن الصلاة ركعتين.
هذا هو ما في ذاكرتي من أمثلة على مراعاة المقصد والمآل في الفتوى وإن خالف ذلك ظاهر النص. ولعل الإخوة يتحفونا بالمزيد.