العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

النَّقائِصُ العِلْميَّةُ لـ عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
النَّقائِصُ العِلْميَّةُ
عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق

الحمدُ للهِ المُتَفَرِّدِ بالكمال ، المُتَنَزِّهِ عن النقائصِ مع كمال الجمال و الجلال ، و الصلاة و السلام على السيِّد الكريم ، ذي المحتد الفخيم ، سيدنا و حبيبنا محمد ، و على آله و صحبه و مَن تعبَّد .
أما بعد :
فإنَّ غايات الكمال مَطْلَبٌ نفيس لدى العقلاء ، و مرمىً عالٍ في سيرة الحكماء ، و لا يعتري ذلك أدنى شكٍّ ، و لا قيدٌ من ريب ، و لكن أبى الله الكمال إلا لكتابه ، و اعترى الخلل كل مخلوقاته ، و تسلط النقص على كيانات الكمالات .
و من تلك الغايات المحمودة ، و المرامي المقصودة ( العلم ) الشريف ، و ما حواه من فخر لطيف ، فقد اعترته شوائب النقص ، و خالجته آفات الكمال .
و ليس ذاك النَّقْصُ من ذات العلم ، بل هو من سالكيه ، و طارقي أبوابه .
و لأهمية العلم ، و سُمُوِّ غايته جرى اليراع مقيِّداً آفاتٍ تختلج كيانه ، و سطر الحبر ذلك مظهراً بيانه .
و لقد كشف عن ذلك مُبَيِّنَاً آفات العلم و نقائصه العلامة محمد البشير الإبراهيمي _ رحمه الله تعالى _ حيث قال " آثاره"( 1/154 ) :
و إن من نقائصنا المتصلة بحالتنا العلمية الحاضرة ثلاثاً لا كمال معها ، و من المؤسف أن ناشئتنا العلمية المستشرفة إلى الكمال لا تفكر في السلبي منها و لا الإيجابي .

هذه النقائصُ الثلاث هي :
- ضعف الميل إلى التَّخَصُّص .
- ضعف الميل إلى الابتكار .
- الكسلُ عن المُطَالَعَة .
و إذا كانت الأوليان مُتعسرتين لفقد دواعيهما ؛ فإن الثالثة أقرب إلى الإمكان . أ.هـ
و كما ترى أن هذه النقائص هي ركائزُ في العلم ، و أصول في الثقافة ، و تخلُّفُها يعني الإخلال الكبير في ديمومة الإنتاج الثقافي العلمي .
و إلى بيانٍ شافٍ كافٍ لهذه النقائص .

النَّقِيصَةُ الأُولى
ضَعْفُ الميلِ إلى التخصُّص

ضَعْفُ الميل إلى التَّخَصُّص آفةٌ أدركت فئاماً من طُّلاّب العلوم ، و لابد من النظر إلى هذه النقيصة من خلال خمسة محاور :

الأول : في معنى ( التَّخصُّص ) .
يُعْرَفُ ( التَّخصُّصُ ) عند أهله بأنه : اشتغالُ رَجلٍ بعلمٍ من العلوم ، و معرفته بدقائقهِ ، و إلمامه بمباحثه .
و كما ترى أن هذا التعريف لـ ( التَّخصُّص ) في أرض العمل مُغْفَلٌ مُهْمَلٌ .

الثاني : أقسام الناس بالنسبةِ لـ ( التَّخصُّص ) .
طُلاَّبُ العلوم كثيرون ، و أهل ( التَّخصُّص ) قليلون ، و هم فيما بينهما في تفاوتٍ كبير .
فأقسامُ الطلاَّبِ بالنسبة لـ ( التَّخصُّص ) ثلاثةٌ :
أولها : مِنْ لم يرمِ إلى تخصُّصٍ في علمٍ من العلوم ، بل هو مشتغلٌ في كل علم مُحصِّلاً له ، و لكن دون إتقانٍ و إحكامٍ .
و أُسميهم بـ ( المُثقفين ) أو ( الجمَّاعين ) .
ثانيها : مَنْ تخصَّصَ في علمٍ و جَهِلَ علوماً ، و هذه حالُ أكثرِ مُتخصِّصِي زماننا .
ثالثها : مَنْ تخصَّصَ في علمٍ و ألمَّ بالكفايةِ من العلومِ الأخرى ، و هؤلاء أقلُّ من راحلةٍ في إبلٍ ألفٍ .

الثالث : زَمَنُ ( التَّخصُّص ) .
يظن _ غلطاً _ كثيرٌ من طلاب العلوم أن التَّخصُّصَ يكون حين ميلةِ الطالب لعلمٍ من العلوم ، و هذه نظرةٌ خاطئة .
إن ( التَّخصُّصَ ) نهايةٌ بعد بداية ، و آخرةٌ بعد أولى ، فزمنُ اشتغال الطالب به إنما يكون بعد إلمامه بجملةٍ من العلوم ، و المشاركة بأصولها و رؤوسها .
( و بعدَ المُطالَعَةِ في الجميع _ أي جميع الفنون _ أو الأكثر إجمالاً إن مالَ طبعه إلى فنٍّ عليه أن يقصدَه و لا يَتكلَّف غيره ، فليس كل الناس يصلحون للتَّعلُّم ، و لا كل مَنْ يصلُح للتَّعلُّم يصلح لسائر العلوم ، بل كل مُيَسَّرٌ لما خلقَ له .
و إن كان مَيْلُهُ إلى الفنون على السواء مع موافقة الأسباب ، و مساعدة الأيام ، طَلَبَ التَّبَحُّرَ فيها ) (1).
و أما سلوك ( التَّخصُّص ) قبل تحصيل أصول العلم فهو خلَلٌ و غلطٌ ، إذ غالبُ ذلك انتقاءُ ما تميل إليه النَّفْسُ في حال اشتعال فتيلة همتها .
و لذا كانت سيرة العلماءِ الأقدمين على هذا المنوال ، و على هذا الدرب و الطريق .
فلابدَّ من الإلمام بالفنون الأخرى ، و هو المُسَمَّى بـ ( التَّفَنُّن ) أو ( المُشَارَكة ) .
و بيانُ ذلك في الآتي :

الرابع : معنى التفنُّن في العلوم .
كثيراً ما تستوقفنا كلمة ( المُتَفَنِّنْ ) في كتب التراجم و السِّيَر ، و يخالجنا فيها معانٍ لها كِثار ، منها الصائب و أكثره بعيد النَّجْعَةِ .
و أصلُ المعاني التي تخالجنا صحيح ، لكن الحقيقة هي الغائبة .
فحقيقةُ ( التَّفنُّن ) في العلم هي : ( الوقوفُ على كُلِّياتِه التي تشتملُ على جميع أجزائه بالقـوة ) (2).

الخامس : القَدْرُ المطلوب في ( التفنُّن ) .
ليس المرادُ بـ ( التَّفَنُّن ) إلا ما بينه ( مسكويه ) في كلامه الآنف ، و لكن ما القدرُ الذي به يكون تحصيلُ ( التَّفَنُّن ) في تلك العلوم .
أبانَ عنه ( حاجِّي خليفة ) فقال _ لما عَدَّدَ شرائط التَّحْصِيْل _ : ( و منها : أن لا يَدَعَ فناً من فنون العلم إلا و نظرَ فيه نظرَاً يَطَّلِعُ به على غايته و مقصده و طريقته ) (3).

و خلاصةُ التفنُّن في أمرين :
الأول : معرفةُ مفتاحِ الفن ، و ذلك من خلال :
1. المباديءِ العشرة .
2. مدارسه .
3. رجاله .
4. كتبه .
5. مصطلحاته .
الثاني : مدخل الفن ، و يكون بمعرفة كبرى مسائله ، و أشهر أبوابه .

النَّقِيْصَةُ الثَّانِيَةُ
ضَعْفُ المَيْلِ إلى الابْتِكار

هذه النَّقِيْصةُ من أشهر ما وُجِدَ بين طلاب العلوم ، و للأسف أنه لا يجهل أحدٌ قدرها ، و لكن ليس كلاًّ موفقاً لها .
و الابتكار هو الإبداع ، و معناهما واحد .
و الإبداع من أنفسِ مناقب الذكي ، و من أجلِّ محامده .
و الإبداع أو الابتكارُ سيكون الكلام فيه في نواحٍ عِدَّة :
الأولى : معنى الابتكار .
الابتكار له معنيان :
الأول : ابتداع شيءٍ غير مسبوق إليه ، و المعنى _ أشد إيضاحاً _ هو : الاختراعُ لشيء جديد لم يُسْبَقْ إليه .
و من أمثلةِ ذلك علمُ أصولِ الفقه ، فإن الذي اخترعه كعلمٍ مُفْرَدٍ هو الإمام الشافعي (4).
و من ذلك أصول الشَّعْرِ و عروضه فإن مُخترِعَهُ هو الخليل بن أحمد الفراهيدي .
و المعنى الثاني : التجديد لعلم اندَرَسَ ، و التجديد له بالتذكير به .
و يَظْهرُ من خلال التعريف له دِقَّته و عِزَّتُه .
الثانية : هل الإبداعُ جِبلِّي أم اكتسابي ؟
يميلُ كثيرٌ من الناس إلى أن الإبداع يأتي مخلوقاً مع الإنسان ، فلا يوجد مبدع إلا وهو مخلوق فيه الإبداع .
و من لم يكن كذلك فليس أهلاً لأن يكون مُبْدِعَاً .

و هذه نظرة آفنة ، و رؤية خاطئة ، و إبطالها من أوجه :
الأول : أن الإبتكار من نتائج العلم ، و ثمار المعرفة ، و العلم و المعرفة مكتسبان .
الثاني : أن بالمجاهدة يكون تحصيلُ المراد ، و لنا فيه قولِ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنما العلمُ بالتعلُّم ، و إنما الحلمُ بالتحلُّم " .
الثالث : أنَّ حُبَّ التميُّز موجود في النفسِ البشرية ، و لكن من الناسِ من يُخفيه ، و منهم من يُبديه ، و الإبداع و الإبتكارُ من التميُّز الكامن في خفايا النفس .
الثالثة : أهميَّةُ الإبداع .

الكلامُ عن أهميَّةِ الإبداع و ( الابتكار ) من ثلاثة جوانب :
الأول : ما سبقَ أن قُرِّرَ في معناه تظهرُ أهميته .
الثاني : الفضائل الواردة في العلم تنطبق عليه إذ هو مرتبةٌ من العلم .
الثالث : مرتبةُ الإبداع مرتبةٌ عاليةٌ لا يَصِلُها إلا الخُلَّصُ من الرجال المؤهلين لها .
الرابعة : الطُرُقُ المُوْصِلَةُ إلى الإبداع .
لـ ( الإبداع ) طُرُقٌ تُوْصِلُ إليه ، و لا يَتأتَّى الوصولُ إلى ( الإبداع ) إلا بها و من خلالها :
الطريقُ الأولى : الآلة التي بها الإدراك و التحصيلُ ، و هي : ( العقل ) .
و هذه الآلة شيئان :
الأول : الحفظُ .
الثاني : الفهم .
يقولُ ابنُ تيمية _ رحمه الله _ " اقتضاء " ( 1/160 ) : (العلم له مبدأ وهو قوة العقل الذي هو الحفظ والفهم ) .
الطريقُ الثانية : استيعابُ المسائل التي تُوْصِلُ إلى الإبداع .
فإن ( الإبداع ) في أي فنٍّ لا يكون الوصول إليه إلا بعد أن يَسْتَوعِبَ الشخصُ أصول و مسائل ذاك الفن .
و معلومٌ أنه لا يكون ( الإبداع ) إلا على أصولٍ من العلم يُعْتَمَدُ عليها عند أهل الفن و العلم .
و خاطئةٌ طريقةُ البعضِ حين يدَّعي ( الإبداع ) في علمٍ من العلوم و هو لم يَسْتَوْعِبْ مسائله ، بل أصول العلم .
الطريقُ الثَّالثةُ : مَعْرِفَةُ حقيقةُ ( الإبداع ) .
و قد سبقَ تقريرُ ذلك فيما مضى .
الخامِسَةُ : أخلاقياتُ ( الإبداع ) .
لابدَّ أن يتمتع ( المُبْدِعُ ) في ( إبداعه ) بأخلاقياتٍ مهمة لابُدَّ من مُراعاتها :
الأولى : أن يَعْلَمَ أن كلَّ شيءٍ من الله _ تعالى _ .
فإن كثيراً ممن يَظُنُّوْنَ أنهم ( مبدعون ) في العلوم يكون لديهم شعورٌ بالخروج عن قدَرِ الله _ تعالى _ ، و يظنون أن ما أصابوه من ( إبداع ) إنما هو من تلقاء جهدِهمْ و عقولهم .
و هذا تَلْحَظُه في كثيرين من كُتَّابِ هذا الزمان _ و الله المستعان _ ، و قدْ حصلَ هذا لـ ( ابن سينا ) فإنه لما حصَّلَ علوماً و أبدع فيها لَحِقَهُ الطغيان فطغى ، و مثله ( ابن الراوندي ) .
الثانيةُ : عَزْوُ المَعْلُوُمَةِ إلى أهلها .
فإنَّ بركةَ العلم في عَزْوِهِ لأهله ، إذ هو نالَ طرفاً مُؤَصِّلاً لـ ( الإبداع ) لديه من كلامِ مَنْ سَبَقَهُ من السابقين له في العلم و الفضل .
و كان هذا منهجاً مسلوكاً لدى العلماء النبلاء كـ ( أبي عبيد القاسم بن سلاَّم ) و ( السيوطي ) ... .
الثَّالِثَةُ : المَجِيءُ بالأمور على وجهها .
و ذلك في ناحيتين :
الأولى : في آداب الكتابَة .
الثانية : في آداب التأليف .
و يُنْظَرُ : علامات الترقيم لـ ( أحمد باشا ) ، و صياغةُ البحث العلمي لـ ( عبد الوهاب أبو سليمان ) .
السادِسَةُ : العلوم التي يُبْدَعُ فيها .
العلومُ التي يُحْرَصُ على ( الإبداع ) فيها نوعان :
الأول : العلم النافع ، و نَفْعِيَةُ العلوم من جهتين :
الأولى : المضمون .
الثانية : الثمارُ و النتائجُ .
الثاني : العلم المُحْتَاجُ إليهِ بِكَثْرَةٍ .

النَّقِيْصَةُ الثَّالِثَة ً
الكَسَلُ عن المُطالَعة

آلَةُ العالِمِ كُتْبُهُ ، و عُمُدُ تَحْصِيْلِه كَرَارِيْسُ العلم لديهِ ، و على مَدَى حِرْصِهِ عَلَيْها يكون شأنُ تحصيلِه ، و بِقِلَّة إهمالها يكونُ ضَعْفُ تَحْصِليه ، و هي مُكَوِّنَةِ علم الرجل ، و مُنْضِجَة فكره .
و بها تمدَّح العلماء ، و بفضلها ترنحوا .
و لَقَدْ بُلِيْنَا في هذا الزمان بِقِلَّة المُطَّلِعِيْن على الكُتُبِ ، بل بُلِيْنَا بِكثْرَةِ الكُتُبِ التي تَتَّسِمُ بـ ( الغُثُوْثَة ) ، و لأجلِ ذا كان الانصرافُ عن المُطَالَعة .
و المُطَالَعةُ إذ كانت بذا المُقام ، و تِيْكَ المكانة فإنه لابُدَّ من إضاءةٍ حول نُقْصَانِها في صَفِّ من اشْتَغَلَ في العلم _ طَلَبَاً و تَعْلِيْمِاً _ ، فأقولُ و بربي استعانتي ، و عليه اتّكالِي :
إن الكلامَ على ( المُطَالَعةُ ) سيكون من خلالِ ما يأتي :
الأَوَّلُ : في الأسبابِ المانِعَةِ من المُطالَعة .
لمْ يَكُن انصرافُ طلاَّبِ العلم عن المُطالَعة ، و الاهتمام بها إلا من أسبابٍ حَفَّتْ بها ، و جملتُهَا قسمان :
الأول : أسبابٌ في المُطالِع .
إن أهمَّ الأسباب المانِعَةِ من ( المُطالَعة ) هي ما كان ورودها مِنْ قِبَلِ ( المُطالِع ) ، و إليك طَرَفَاً منها :
الأولُ : ضَعْفُ الهمةِ في ( المُطَالَعة ) .
الثاني : عَدَمُ استشعارِ أهميتها .
الثالث : الجَهْلُ بطرائق ( المُطالَعة ) ، و هما طريقتان :
الأولى : المنهجية في ( المُطَالَعة ) .
فترى بعضاً من القوم يَشْرَعُ في قراءةِ ما وقع في يده من الكتب ، مُهْمِلاً بذلك شأنه و حاله مع الكتابِ المُطالَع .
و ( المُطالَعةُ ) النافعةُ هي ما كان فيها أمران :
الأول : التناسُبُ بين الكتاب و المُطالِع ، و يندرجُ في هذا شيئان :
أولها : التناسب في العقل و الفهم ، فلا يكون في فنٍّ لا يفهمُ أصوله .
ثانيها : التناسبُ في اللغة و العبارة ، فلا يكون الكتابُ ذا لُغَةٍ أكبر من القاريء .
الثاني : يُسْرُ القراءة فيه ، و هذا فيه أمور :
أولها : اليُسْرُ من جهة حُسنِ الطباعة و الإخراج .
ثانيها : اليُسْرُ من جهة المعلومة فيه و اتفاقها مع فهم القاريء .
ثالثها : اليُسْرُ من جهة الزمان و المكان .
فهذَانِ لُبُّ ( المُطالَعةُ ) النَّافِعة ، و بفقدِهما يكون فُقْدانُ المَنْفَعة .

الثَّانِيَةُ : إهمالُ آداب ( المُطَالَعة ) و هي تدُوْرُ في محورين :
الأول : جِلْسَةُ ( المُطالِع ) .
الثاني : أدَبُ الكتابِ .
الثاني : أسبابٌ في المُطالَع ( الكتاب ) و هي ثمانيةٌ :
أولها : إسْقاطُ الألفاظ من الكلام .
ثانيها : زيادةُ ألفاظٍ في الكلام .
ثالثُها : إسقاطُ أحرُفٍ من كَلِمَةٍ .
رابعها : زيادةُ أحرُفٍ في كلمةٍ .
خامسُها : وَصْلُ حَرْفٍ مفصولٍ ، أو فَصْلُ حَرْفٍ موصولٍ .
سادسها : تَغييرُ أشكالٍ الحروف بأشباهها كـ: كتابةِ ( الحاءِ ) على شكْلِ ( الباء ) .
سابعها : العُدُوْلُ عن الأشكالِ الصحيحة للحروف كَتَصِيِيْرِ ( العيْنِ ) كـ ( الفاء ) في حال الوصل ، أو كـ ( الحاء ) في حال الفصل .
ثامنها : إغْفَالُ ( النَّقْطِ ) و ( الإعْجَام ) .
( النَّقطُ ) وَضْعُ النُّقَط .
( الإعْجام ) تَشْكيلُ الكلمة بحركاتها (5).

الثاني : أقسامُ المُطَالَعةِ ، و هي قسمان :
أولاً : قسمٌ من حيث نوعيةُ المقروء ، و هو على أنواع :
الأول :القراءة التأصيلية : و هي القراءة التي يعتمد فيها على التركيز و التمعن ، و هي في نوعين من الكتب :
1- شروح المتون : فإن التركيز عليها حال قراءتها من مطالب التأصيل و التأسيس ، و بها يكون الطالب على إلمام كبير بمقاصد المتن .
2- كتب العلم ( الشرعي ) و هي التي يكون فيها التحصيل العلمي ، مثل كتب : الاعتقاد ، الفقه ، الحديث ، الأصول ، المصطلح ، النحو ....
الثاني : القراءة الجردية : و هي تعني أن هناك كتباً تقرأ قراءة فيها نوع من التركيز و التفهم ، و لا تحتاج الى إعمال الفكر و العقل في عباراتها ، و هي في نوعين من الكتب :
1- المطولات : و هي الكتب ذات المجلدات الكثيرة ، و هي لا تستدعي التوقف عندها و التفكر لمعانيها ، و غنما تقرأ لبحث ، أو غيره من الحاجات .
مع أن المتعيِّن على طالب العلم أن يقرأ بها و لكن بعد إدراكه أصول العلم .
2- كتب التكميل العلمي : و مرادي بالتكميل العلمي : هو تحصيل الطالب علماً ليس أساساً في تكوينه علمياً و تأصيله فيه ، بل هو من مكملات ثقافته و علمه .
و علومه : التأريخ ، التراجم ، الأدب ، اللغة ...
الثالث : القراءة الموسمية : و هي القراة التي تكون في مناسبات و أوقات ، و هي نوعان :
1- قراءة في المواسم العبادية : كقراءة كتب الحج قبل الحج ، و الصيام قبل الصيام ، و النكاح قبل النكاح ، و البيوع قبل البيع و الشراء .
2- القراءة في أحكام النوازل : و هي القراءة في الكتب التي ألفت في أزمنة من أزمنة المسلمين التي حلت فيهم نازلة و كارثة كغزوة أشكلت عليهم ، و هكذا .
و بِهَذا أكون قد أوقفت اليراعة عن الرَّقْمِ ، و اللسان عن البَوْحِ بالكَلِم ، آملاً من الله العليم ، أن يَعُمَّني بفضله العميم .
و صلَّى الله على نبينا محمد و على آلهِ و صحبه .

--------------------------------------------
(1) " كَشْفُ الظنون " ( 1/46 ) .
(2) " الهوامل و الشوامل " ( ص 304 ).
(3) " كشف الظنون " ( 1/46 ) .
(4) انظر : " البحر المحيط " ( 1/6 ) .
(5) انظر : " أدب الدنيا و الدين " ( ص 104_107 ) .

المصدر: صيد الفوائد
http://saaid.net/Doat/thomaaly/19.htm
 
التعديل الأخير:

مصطفى المنتشري

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
19 يونيو 2008
المشاركات
2
جزاك الله خير
ان هذه النقائض العلمية لا بد لطالب العلم ان يحذرها ويتجنب الوقع فيها
بارك الله فيك ونفعك بك
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
مقال جميل، وصاحبه على الجرح وقع، بارك الله في كاتبه وناقله.
 

راية المجد

:: متابع ::
إنضم
21 مارس 2012
المشاركات
76
التخصص
الفقه و أصوله
المدينة
دبي
المذهب الفقهي
أهل السنة و الجماعة
رد: النَّقائِصُ العِلْميَّةُ لـ عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق

بارك الله فيكم
 
أعلى