د. فؤاد بن يحيى الهاشمي
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 29 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 9,059
- الكنية
- أبو فراس
- التخصص
- فقه
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
على خلاف العادة:
المسائل
المسائل
التي ترك فيها الأحناف
الأخذ بالاستحسان وأخذوا بالقياس
المعروف عن الأحناف هو الأخذ بالقياس ما لم يستحسنوا فإنهم حينئذ يذهبون إلى الاستحسان ويطلقون جملتهم المشهورة: القياس في هذه المسألة كذا لكن نستحسن فنقول....
ولهذا كان أصحاب أبي حنيفة يعارضون الإمام في مجلسة في أنواع القياسات فإذا ما استحسن لم يجر معه أحد.
وهذا مسلك مشهور عندهم ولا يحتاج إلى تكلف تدليل
إلا أن الغريب أن لهم جملة من المسائل المعدودة قدموا فيها القياس على الاستحسان وهذا على خلاف العادة إذ الجادة عندهم العكس.
بل إن تصور هذا فيه شيء من الصعوبة إذ الاستحسان لا يقع أصلا إلا إذا ترجح معنىً حسن يصح أن يستثنى به القياس
والسبب في ذلك:
هو قوة أثر القياس في هذه المسائل لكن كان معنى القياس فيه خفيا بينما ظهر معنى الاستحسان وإن كان أثره ضعيفا.
------------
وقد عقد الإمام السرخسي رحمه الله في أصوله فصلا في بيان القياس والاستحسان، وذكر فيه:
أن كل واحد منهما نوعان:
فالقياس ينقسم إلى:
1- ما ضعف أثره وهو ظاهر جلي.
2- وما ظهر فساده واستتر وجه صحته وأثره.
والاستحسان ينقسم إلى:
1- ما قوي أثره وإن كان خفيا.
2- ما ظهر أثره وخفي وجه الفساد فيه.
وإنما يكون الترجيح بقوة الأثر لا بالظهور ولا بالخفاء
لما بينا أن العلة الموجبة للعمل بها شرعا ما تكون مؤثرة
وضعيف الأثر يكون ساقطا في مقابلة قوي الأثر ظاهرا كان أو خفيا
بمنزلة الدنيا مع العقبى فالدنيا ظاهرة والعقبى باطنة ثم ترجح العقبى حتى وجب الاشتغال بطلبها والإعراض عن طلب الدنيا لقوة الأثر من حيث البقاء والخلود والصفاء فكذلك القلب مع النفس والعقل مع البصر
ثم قال رحمه الله:
بيان الاستحسان الذي يظهر أثره ويخفى فساده مع القياس الذي يستتر أثره ويكون قويا في نفسه حتى يؤخذ فيه بالقياس ويترك الاستحسان فيما يقول:
المسألة الأولى:
في كتاب الصلاة إذا قرأ المصلي سورة في آخرها سجدة فركع بها
فيالقياس: تجزيه
وفي الاستحسان: لا تجزيه عن السجود.
وبالقياس نأخذ.
فوجه الاستحسان: أن الركوع غير السجود وضعا ألا ترى أن الركوع في الصلاة لا ينوب عن سجود الصلاة فلا ينوب عن سجدة التلاوة بطريق الأولى لأن القرب بين ركوع الصلاة وسجودها أظهر من حيث إن كل واحد منهما موجب التحريمة ولو تلا خارج الصلاة فركع لها لم يجز عن السجدة ففي الصلاة أولى لأن الركوع هنا مستحق لجهة أخرى وهناك لا.
وفي القياس: قال الركوع والسجود يتشابهان قال تعالى {وخر راكعا} أي ساجدا ولكن هذا من حيث الظاهر مجاز محض
ووجه الاستحسان من حيث الظاهر اعتبار شبه صحيح
ولكن قوة الأثر للقياس مستتر ووجه الفساد في الاستحسان خفي
وبيان ذلك:
أنه ليس المقصود من السجدة عند التلاوة عين السجدة ولهذا لا تكون السجدة الواحدة قربة مقصودة بنفسها حتى لا تلزم بالنذر إنما المقصود إظهار التواضع وإظهار المخالفة للذين امتنعوا من السجود استكبارا منهم كما أخبر الله عنهم في مواضع السجدة
قلنا: ومعنى التواضع يحصل بالركوع ولكن شرطه أن يكون بطريق هو عبادة وهذا يوجد في الصلاة لأن الركوع فيها عبادة كالسجود ولا يوجد خارج الصلاة.
ولقوة الأثر من هذا الوجه أخذنا بالقياس وإن كان مستترا وسقط اعتبار الجانب الآخر في مقابلته.
المسألة الثانية:
وكذلك قال في البيوع:
إذا وقع الاختلاف بين المسلم إليه ورب السلم في ذرعان المسلم فيه
في القياس: يتحالفان.
وبالقياس نأخذ.
وفي الاستحسان: القول قول المسلم إليه
ووجه الاستحسان:
أن المسلم فيه مبيع فالاختلاف في ذرعانه لا يكون اختلافا في أصله بل في صفته من حيث الطول والسعة وذلك لا يوجب التحالف كالاختلاف في ذرعان الثوب المبيع بعينه
ووجه القياس:
أنهما اختلفا في المستحق بعقد السلم وذلك يوجب التحالف.
ثم أثر القياس مستتر ولكنه قوي من حيث:
إن عند السلم إنما يعقد بالأوصاف المذكورة لا بالإشارة إلى العين فكان الموصوف بأنه خمس في سبع غير الموصوف بأنه أربع في ستة فبهذا يتبين أن الاختلاف هنا في أصل المستحق بالعقد فأخذنا بالقياس لهذا.
المسألة الثالثة:
وقال في الرهن:
إذا ادعى رجلان كل واحد منهما عينا في يد رجل أنه مرهون عنده بدين له عليه وأقاما البينة،
ففي الاستحسان:
يقضي بأنه مرهون عندهما، بمنزلة ما لو رهن عينا من رجلين، وهو قياس البيع في ذلك.
وفي القياس:
تبطل البينتان، لأنه تعذر القضاء بالرهن لكل واحد منهما في جميعه فإن المحل يضيق عن ذلك، وفي نصفه لان الشيوع يمنع صحة الرهن.
وأخذنا بالقياس:
لقوة أثره المستتر، وهو أن كل واحد منهما هنا إنما يثبت الحق لنفسه بتسمية على حدة، وكل واحد منهما غير راض بمزاحمة الآخر معه في ملك اليد المستفاد بعقد الرهن، بخلاف الرهن من رجلين فهناك العقد واحد فيمكن إثبات موجب العقد به متحدا في المحل وذلك لا يمكن هنا.
وهذا النوع يعز وجوده في الكتب لا يوجد إلا قليلا.
فأما النوع المتقدم[أي تقديم الاستحسان على القياس] فهو في الكتب أكثر من أن يحصى.
-----------------
وقد أشار الشيخ محمد عزير شمس إلى هذه المسألة في تعليق له على رسالة ابن تيمية في الاستحسان والمطبوع ضمن المجموعة الثانية من جامع المسائل من آثار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ص164، وقال:
إن هناك إحدى عشرة مسألة نقلها أمير كاتب الإتقاني من كتاب الأجناس للناطفي، مخطوطة في مكتبة لاله لي برقم 690....
ثم أحال إلى كتاب أصول السرخسي.
ومن هذا التعليق استفدت هذا الموضوع، والله أعلم.
التعديل الأخير: