العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مذهب الشافعية في الزواج من القرابة القريبة

سما الأزهر

:: متخصص ::
إنضم
1 سبتمبر 2010
المشاركات
518
التخصص
الشريعة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعي
ذهب السادة الشافعية إلى أنه يستحب في المرأة التي يُراد خطبتها ألا تكون من قرابة قريبة [1] ؛ وذلك لسببين :
الأول : ِضَعْفِ الشَّهْوَةِ في الْقَرِيبَةِ فَيَجِيءُ الْوَلَدُ نَحِيفًا ؛ فإن الشهوة إنما تنبعث بقوة الإحساس بالنظر واللمس ، وإنما يقوى الإحساس بالأمر الغريب الجديد ، فأما المعهود الذي دام النظر إليه مدة فإنه يضعف الحس عن تمام إدراكه والتأثر به ، ولا تنبعث به الشهوة [2]. غير أنه يجيء كريما على طبع قومه .[3]
الثاني : أن من مَقَاصِدِ النِّكَاحِ اشْتِبَاكُ الْقَبَائِلِ لِأَجْلِ التَّعَاضُدِ وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ وهو مَفْقُودٌ في نِكَاحِ الْقَرِيبَةِ [4] .بل يستحب أن تكون أجنبية أو ذات قرابة بعيدة وهي أولى من الآجنبية [5] .والدليل على ذلك:
قوله صلى الله عليه وسلم : " لَا تَنْكِحُوا الْقَرَابَةَ الْقَرِيبَةَ فإن الْوَلَدَ يخلق ضَاوِيًا " [6] أي نحيفا ونحافة الولد ناشئة غالبا عن الاستحياء من القرابة القريبة [7].
ولا يُعترض على ذلك - بتزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش مع أنها بنت عمته ؛ لأنه تزوجها بيانا للجواز ولمصلحة حل نكاح زوجة المتبنى ، ولا بتزوج علي رضي الله عنه فاطمة رضي الله تعالى عنها ؛ لأنها بعيدة في الجملة إذ هي بنت ابن عمه ، وأيضا بيانا للجواز ونكاحها أولى من الأجنبية ؛ لانتفاء ذلك المعنى مع حنو الرحم [8].
أقول : زواج الأقارب لم يرد به نهي صريح في الإسلام، ولا حث عليه، فهو متروك لاختيار الناس ما هو أنسب لهم، ولعل هذا النهج يؤكد ما توصل إليه الطب الحديث في هذا الموضوع، وهو أن زواج الأقارب ليس ضارا على الإطلاق ، فقد يكون نافعا إذا كان بالأسرة عوامل وراثية مرغوبة ليست في غيرها من الأسر مثل صفات الجمال والذكاء والقوة .. أو طول العمر وغيرها ، حينئذ يكون زواج الأقارب أفضل من زواج الأباعد، شريطة ألا يستمر الزواج بين الأقارب جيلا حتى لا تتحول الأسر إلى مجتمعات صغيرة مغلقة، وهو ماثبت وراثيا أنه مضر . فالقول بأن زواج الأقارب كله ضرر ، مع كون الإسلام أباحه ، كلام تعوزه الصحة العلمية.
ولذا قال بعض العلماء : في القرابة صفات قد لا توجد في الأباعد ، وفي الأباعد صفات قد لا توجد في الأقارب، وقال العرب قديما: إن الغرائب أنجب وبنات العم أصبر [10].
ومما يدل على جواز الزواج من الأقارب أن الله تعالى زوج رسوله صلى الله عليه وسلم ابنة عمته زينب بنت جحش، بل لم يزوج الله نبيه إحدى النساء غيرها ، وهي قريبته.
وجاء النص القرآني يبيح هذا ، فقال تعالى :( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ) . [11] فأباح الله تعالى له الزواج من بنات العم والعمة ، والخال والخالة ، وهي من أدنى الدرجات قربا ، فعُرفت الإباحة .
وإنما يتغير الحكم من الإباحة إلى الكراهة أو إلى ما هو أشد منها، إن كان هناك سبب يحول الإباحة إلى غيرها ، من ثبوت الضرر الصحي ، أو التفكك الأسري، أو عدم الاستقرار الاجتماعي بين أسر الأقارب والأرحام.
يقول الإمام ابن كثير في تفسير قوله تعالى : " وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ " الآية هذا عدل وسط بين الإفراط والتفريط فإن النصارى لا يتزوجون المرأة إلا إذا كان الرجل بينه وبينها سبعة أجداد فصاعدا ، واليهود يتزوج أحدهم بنت أخيه وبنت أخته ، فجاءت هذه الشريعة الكاملة الطاهرة بهدم إفراط النصارى ، فأباح بنت العم والعمة وبنت الخال والخالة وتحريم ما فرطت فيه اليهود من إباحة بنت الأخ والأخت وهذا شنيع فظيع وإنما قال : " وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ ".[12] وعلى كل ، فالزواج من الأقارب مباح في الأصل ، على أن تراعى الظروف الاجتماعية والصحية ، في كل حالة من الحالات دون القياس على أخرى ، مع ندب القيام بالكشف الطبي وفحوص الزواج قبل إتمامه .والله تعالى أعلى وأعلم .
[1] - والمراد بالقريبة من هي في أول درجات الخؤولة والعمومة مثل بنت الخال وبنت العم - نهاية المحتاج ج 6ص 184.
[2] - إحياء علوم الدين ج 2 ص 41.
[3] - مغني المحتاج ج 3 ص 127.
[4] - أسنى المطالب في شرح روض الطالب ج 3 ص 108.
[5] - السراج الوهاج ج 1 ص 360 .
[6] - تلخيص الحبير ج 3 ص 146 قال ابن الصلاح : ولم أجد لهذا الحديث أصلا معتمدا ، وقال السبكي : فينبغي أن لا يثبت هذا الحكم لعدم الدليل – مغني المحتاج ج 3، ص 127 .
[7] - نهاية المحتاج ج 6 ص 184.
[8] - مغني المحتاج ج 3 ص 127 ، نهاية المحتاج ج 6 ص 184.
[10] - الكافي في فقه ابن حنبل ج 3 ص 36
[11] - سورة الأحزاب الأية 50
[12] - تفسير ابن كثير ج3 ص 500 .
 

سما الأزهر

:: متخصص ::
إنضم
1 سبتمبر 2010
المشاركات
518
التخصص
الشريعة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: مذهب الشافعية في الزواج من القرابة القريبة

فلو قصد الناكح في القرابة صلة الرحم وسترها وجبرها اغتفرت ضآلة الولد في جنب هذا القصد.
مع احترامي لهذا القول من الشافعية إذا صح الحديث على حد تعليقهم ، أقول : إذا ثبت طبياً أن الزواج بين الأقارب يحقق مضرة بالأولاد ،فلا أرى استحبابه ، بل منعه دفعاً للضرر الذي يقدم على جلب المصلحة من صلة الأرحام ، لإمكان وصلها دون التوقف على الزواج . والله أعلى وأعلم - جزاك الله خير عبد الرحمن بكر محمد .
 
إنضم
1 أبريل 2012
المشاركات
14
الكنية
استاذ
التخصص
حقوق - دبلوماسية وعلاقات دولية
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعى
رد: مذهب الشافعية في الزواج من القرابة القريبة

جزاك الله عنا كل خير
 

أحمد بن فخري الرفاعي

:: مشرف سابق ::
إنضم
12 يناير 2008
المشاركات
1,432
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
باحث اسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مذهب الشافعية في الزواج من القرابة القريبة

مع احترامي لهذا القول من الشافعية إذا صح الحديث على حد تعليقهم ، أقول : إذا ثبت طبياً أن الزواج بين الأقارب يحقق مضرة بالأولاد ،فلا أرى استحبابه ، بل منعه دفعاً للضرر الذي يقدم على جلب المصلحة من صلة الأرحام ، لإمكان وصلها دون التوقف على الزواج . والله أعلى وأعلم - جزاك الله خير عبد الرحمن بكر محمد .

بورك فيكم ، ونفع بكم؛
المعتمد من قول الشافعية معروف، وهذا القول للسبكي رحمه الله، وهو متجه من وجه، مردود من الوجه الآخر.
والضرر المحقق، يمنع من زواج القرابة وغيرهم.

 

أحمد بن فخري الرفاعي

:: مشرف سابق ::
إنضم
12 يناير 2008
المشاركات
1,432
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
باحث اسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مذهب الشافعية في الزواج من القرابة القريبة

جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل
إذن كل أدلة الدعوة للتغريب موقوفة أو غير صحيحة

نعم ؛ بارك الله فيكم.
 

سما الأزهر

:: متخصص ::
إنضم
1 سبتمبر 2010
المشاركات
518
التخصص
الشريعة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعي

سما الأزهر

:: متخصص ::
إنضم
1 سبتمبر 2010
المشاركات
518
التخصص
الشريعة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: مذهب الشافعية في الزواج من القرابة القريبة

ويؤيد ذلك ما روى إبراهيم الحربي في غريب الحديث عن عبد الله بن المؤمل عن ابن أبي مليكة قال: قال عمر رضي الله عنه لآل السائب: قد أضوأتم فأنكحوا في النوابغ. قال الحربي : يعني تزوجوا الغرائب" تلخيص الحبير 3: 304
 

محمد أحمد مؤذن

:: متابع ::
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
2
التخصص
شرعي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مذهب الشافعية في الزواج من القرابة القريبة

قرأت لأحد شافعية القرن التاسع الهجري نقض مذهب الشافعية في زواج الأقارب، فقال ما نصه: (قال ابن الصلاح: والحديث المذكور رواه الواقدي بإسناده عن أبي سعيد، والواقدي ضعيف، وهذا معدود من أفراده، ولم أجد للحديث أصلًا معتمدًا. قال السبكي: فلا ينبغي إثباته لعدم الدليل عليه، وقد زوج صلى الله عليه وسلم فاطمة من علي رضي الله عنه [SUP]([1])[/SUP] وهي قرابة قريبة؛ لأنه ابن عم أبيها، وأجاب بعضهم عن تزويج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة من علي بانضمام فضيلة نسبها من النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الطبري: إن صح الحديث فلا كلام، وإلإ فالقرابة أولى؛ لما فيه من صلة الرحم خصوصًا إن كانت فقيرة، ثم لو صح الحديث فقد نبه صلى الله عليه وسلم على العلة؛ فنهى عن ذلك رعاية للمصالح المقصودة في الغالب، فلو قصد الناكح في القرابة صلة الرحم وسترها وجبرها اغتفرت ضآلة الولد في جنب هذا القصد.
أقول: وعمل الناس على تزوج الأقارب بهذا القصد عام في الأعصار والأمصار، والله سبحانه أعلم.

([1]) صحيح، أخرجه النسائي: 6/62، في باب تزوج المرأة مثلها في السن، من كتاب النكاح، برقم: 3221، وابن حبان: 15/399، في كتاب إخباره صلى الله عليه وسلم عن مناقب الصحابة رجالهم ونسائهم بذكر أسمائهم رضوان الله عليهم أجمعين، برقم: 6948، والحاكم: 2/181، في كتاب النكاح، برقم: 2705. وقال: صحيح على شرطهما ووافقه الذهبي.
ولفظه: «خطب أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فاطمة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم إنها صغيرة فخطبها علي فزوجها منه».)

الذي ذكره القائل هنا مخالف لما عليه عامة فقهاء الشافعية، لكنَّ كلامه في منتهى الدقة والرصانة، وقد فاق به من جاء بعده من فقهاء الشافعية.
فإن أمكن أخي الكريم ذكر مصدر النقل والقائل، فقد أثرث فضولي لمعرفته.
جزاك الله خيراً، وبارك بك.
 

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: مذهب الشافعية في الزواج من القرابة القريبة

من كلام العرب: اغتَرِبُوا لا تَضْوَوا
 

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: مذهب الشافعية في الزواج من القرابة القريبة

أحاديث التزوج من القريبة

الحديث الأول:
«النَّاكِحُ فِي قَوْمِهِ كَالْمُعْشِبِ فِي دَارِهِ».
حديث حسن.
رواه بسنده: ابن أبي الدنيا في العيال (4/ 271، رقم: 126)، والنفقة على العيال (1/ 278، رقم: 129)، الطبراني في المعجم الكبير (1/ 114، رقم: 206، -ومن طريقه أبو نعيم في معرفة الصحابة 1/ 104، رقم: 402-)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان = أخبار أصبهان (1/ 176):
كلهم بأسانيدهم إلى: سُلَيْمَانِ بْنِ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ طَلْحَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ....

ولسليمان بن أيوب هذا نسخة فيها أحاديث عن أبيه عن جده عن موسى عن طلحة:
صححها يعقوب بن شيبة في مسنده، وقال: أحاديثه [أي سليمان بن أيوب] عندي صحاح، وذكر منها 17 حديثا.
وصحح الحاكم له أحاديث في المستدرك، سكت عنها الذهبي، على أنه لينه في غير هذا الكتاب.
واختار الضياء تحسين إسناده، فقال في المختارة (3/ 41، رقم: 842) وقال: (إِسْنَاده حسن)، وروى له 13 حديثا، ذكر أنها حسانٌ.
وحسَّن له أيضا أبو البركات النيسابوري في الأربعين (ص: 143، رقم: 41) حديثا في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بنفس هذا السند.
وقال الحافظ ابن حجر عنه في (التقريب: 250، رقم: 2536): (صدوق يخطئ)، وقال أيضا بعد أن ذكر حديثًا بمثل هذا الإسناد في الأمالي المطلقة (ص: 95): (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، أَخْرَجَهُ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَيُّوبَ ...، وَقَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَيُّوبَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ سَبْعَةَ عَشْرَ حَدِيثًا، وَهِيَ عِنْدِي أَحَادِيثُ صِحَاحٌ.
وَنَقَلَ ابْنُ عَدِيِّ [الكامل: 4/ 284]: عَنْ أَبِي يَعْلَى [مسنده: 2/ 7، رقم: 631] عَنِ الْفَضْلِ [بْنِ سُكَين] بن سُخَيْت [هو السندي] أَنَّهُ وَثَّقَ سُلَيْمَانَ هَذَا.
وَذَكَرَ ابْنُ عَدِيِّ أَنَّ نُسْخَتَهُ تَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ، وَأَنَّ عَامَتَهَا لَا يُتَابَعُ عَلَيْهَا.
وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ [الجرح والتعديل: 4/ 101، رقم: 453] فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ جَرْحًا وَلَا تَعْدِيلًا.
وَذَكَرَهُ ابْنُ حبَان فِي الثِّقَات).

وأما قول الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 260، رقم: 7354): (رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَذْلَمٍ، وَلَمْ أَجِدْ مَنْ ذَكَرَهُ هُوَ، وَلَا أَبُوهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ).
كذا قال الهيثمي (حذلم) وهو وهم، فقد أورده نسبه غيرُ واحدٍ هكذا: (سُلَيْمَانُ بْنُ أَيوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عِيسَى بْنِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِاللهِ)، بل وبنفس السند، منهم: ابن أبي الدنيا في سند في مكارم الأخلاق (6/ 109، رقم: 164)، وابن أبي عاصم في السنة (2/ 613، رقم: 1400، وفيه: "حدثني أبي عَنْ جَدِّي سُلَيْمَانَ"-، 1403)، والصلاة على النبي (ص: 13: 2، وفيه: "حدثني أبي عَنْ جَدِّي سُلَيْمَانَ"-)، وأبي يعلي الموصلي في مسنده (2/ 7، رقم: 631)، وغيرها كثير.
وقد وهم من تبعه كشراح الجامع الصغير فظن أن أباه وجده مجهولان.
فأما أبوه: أيوب بن سليمان، فقال ابن أبي حاتم: روى عن أبيه سليمان وعن إسحاق بن يحيى، عنه ابنه سليمان، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. الجرح والتعديل: 2/248،
وأما جده: سليمان بن عيسى، فذكره البخاري في التاريخ الكبير، وذكره ابن حبان في الثقات، التاريخ الكبير 4/30، الثقات 6/394.


الحديث الثاني:
«يا بني السائب، إنكم قد أضويتم، فانكحوا في النزائع»
أثر ضعيف، موقوف على عمر رضي الله عنه.
رُوِي من طرقٍ عن أبي عاصم عن عبداللّه بن مؤمل عن ابن أبي مليكة أن عمر رحمه الله قال: ....، فهو موقوف على عمر رضي الله عنه.
رواه بسنده في عيون الأخبار (ص: 167)، المجالسة وجواهر العلم (4/ 277، رقم: 1437، (8/ 46، رقم: 3354).
وعبدالله بن مؤمل ضعيف الحديث.
قال في النهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 41) مفسرا النزائع: (أَيْ فِي النِّساء الغرائب من عشيرتكم. يقال للنِّساء التي تزوَجْن فِي غَيْرِ عَشَائِرِهِنَّ: نَزَائِعُ).



الحديث الثالث:
«لَا تنْكِحُوا الْقَرَابَة الْقَرِيبَة؛ فَإِن الْوَلَد يُخْلق ضاويًّا».
قال ابْن الصّلاح: لَم أجد لَهُ أصلا مُعْتَمدًا.

المقولة الرابعة:
«اغتربوا لا تضووا»، أو «أغرِبوا لا تضووا»
هذه مقولةٌ مشهورة عن العرب.


وعلى كلٍّ:
فقد قعَّد النووي في أول كتابه الأذكار فقال (ت الأرنؤوط: 8): (فصل: قال العلماءُ من المحدّثين والفقهاء وغيرهم: يجوز ويُستحبّ العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف، ما لم يكن موضوعاً.وأما الأحكام كالحلال والحرام والبيع والنكاح والطلاق وغير ذلك فلا يُعمل فيها إلا بالحديث الصحيح أو الحسن.
إلا أن يكون في احتياطٍ في شيء من ذلك، كما إذا وردَ حديثٌ ضعيفٌ بكراهة بعض البيوع أو الأنكحة، فإن المستحبَّ أن يتنزّه عنه، ولكن لا يجب).
وعلى هذا لو قلنا بضعف الحديث الأول وعدم اعتضاده بالثاني شاهدا له: فيصح أن يقال باستحباب الزواج من البعيدات، دون القريبات.

قال ابن حجر العسقلاني في التلخيص الحبير ط قرطبة (3/ 304، رقم: 1581/ 5)، ومختصره التمييز (5/ 2241، رقم: 1952/ 4766): (وَرَوَى ابْنُ يُونُسَ فِي "تَارِيخِ الْغُرَبَاءِ" فِي تَرْجَمَةِ الشَّافِعِيِّ عَنْ شَيْخٍ لَهُ، عَنْ الْمُزَنِيِّ، عَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَ: أَيُّمَا أَهْلِ بَيْتٍ لَمْ تَخْرُجْ نِسَاؤُهُمْ إلَى رِجَالٍ غَيْرِهِمْ، كَانَ فِي أَوْلَادِهِمْ حُمْقٌ).
 
أعلى