العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الأمل...

إنضم
25 مارس 2011
المشاركات
1,035
الكنية
أبو محمد
التخصص
فقه
المدينة
مكة المكرمة والشمال
المذهب الفقهي
أصول المذهب الأحمد
الحمدلله الذي افتتح بالحمد كتابه الكريم.
والصلاة والسلام على رسول الله المبعوث رحمة للعالمين.
الذي هدانا لكل خير, ودلّنا على قصر الأمل؛ لا طوله وإساءة العمل.
وبعد
فالأمل: التفات لحصول شيء ما. (كالرؤيا) المتيقنة, وإن كانت قصيرة.
والأمل: نور يُرى.
وأصل الأمل : طمع حصول ما يُرجى, أو ما يُظنّ مستقبلاً.
قال القرطبي : « والأمل الحرص على الدنيا والانكباب عليها والحب لها والإعراض عن الآخرة ».
وما أجمل تعلّقنا بالأمل... الذي يُنتفع به في المصالح المعتبرة, وقصرناه على ذلك؛ لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم؛ عندما خطّ خطوطاً, كما في الصحيح[SUP]([SUP][1][/SUP])[/SUP], أو غرز عوداً...كما عند أحمد, أو أشار... كما في الترمذي. وصدقناه بالعمل.
فقد تتأمَّل في أمر ما؛ فيفاجئك الموت وانقضاء الأجل.
{والله يعلم المفسد من المصلح}

والحذر من طول أمل يغري ويُشغل عن الدين, والدار الآخرة.
"فطول الأمل من أعظم أسباب ارتكاب الكفر والمعاصي"[SUP]([SUP][2][/SUP])[/SUP].
يا أيها العاصي - أي معصية - في: نظر أو وطر, أو عُجْب أو ظلم أو تشفّي, أو أن تتمنّى على الله الأماني؛ فتكفره أو تجحده؛ اتق الله ولا تؤمِّل!
قال الحافظ في الفتح: "والأحاديث متوافقة على ان الأجل أقرب من الأمل"[SUP]([SUP][3][/SUP])[/SUP].

فمطلبنا مطلب شرعي, قدري.
لترتقي النفوس...
وتتشوّف؛ لكمال الإيمان... بالولي الحميد. والانقياد له ظاهراً وباطناً. {
إنّي جاعلٌ في الأرض خليفة} البقرة.
{إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى} [ص: 26]
أمل يعلو شوقه كل ألم. بل كل لذّة ليست محمودة.
ولكلّ أمله؛ والتربّص له محمود, مع المسارعة - ما أمكن -.
ومن المتحتّمات: سؤال الله؛ بعبادة قلب وجوارح...
وما أزكى الأمل؛ إن أُردف بحسن الظنّ بالله الودود الرّحيم؛ يصدّقه العمل القلبي, الموافق للفطرة وللقول الحقّ.
وما أعلاه؛ إن كان لأجل أهل الإسلام, والدفع عنهم... (فرح وسعادة بالحسنة؛ تصيب آحادهم, والعمل الصالح يطبّق في مجتمعاتهم, وحزن وهمّ واستياء للسيئة, ولكل ما يسوؤهم, أو يسيئ إليهم).
وهذا ميزان إيمان دقيق, أعني: الفرح بالحسنة؛ منهم ولهم, والاستياء؛ لضدّ ذلك..
وما أعظم الأمل؛ إن كان الجُهد هو إرجاع حقّ قد رحّلنا عنه من أي أرض. وأرض المسجد الأقصى بخاصّة, والشام الجريح وبقية الأوطان بعامة...
وأما أحلاه؛ فسكن ومودّة ورحمة, منذ الابتداء؛ حتى طوبى والمزيد...
فالجمع معتبر؛ {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} [الفرقان].
والملائكة تدعو بدخولههم (الجنة) {وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ}كما في [الرعد 23].[وغافر: 8].
والفلاح لمن جُمع مع أهله.
والخسران المبين لمن خسرهم ونفسه؛ {وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الشورى: 45]. وانظروا الزمَر آيه 15.
وأما منتهاه الحقّ؛ فهو التعلّق - بما وُعد المتقّون - بدار قد سُبينا منها! ونسير إليها, وإلي باريها!
(... وخيرٌ أملاً).
جعلنا الله وكل داع بخير؛ من أهل (الحسنى وزيادة).
ولنتصوّر هذه العِظة :
{لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى...} [الرعد: 18]
{وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ }[الأعراف].

خاتمة:
قال تعالى: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (1) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ}[الحجر]
وقال بعض أهل العلم: "ذرهم" تهديد، وقوله: "فسوف يعلمون" تهديد آخر، فمتى يهنأ العيش بين تهديدين؟
وعن الحسن رحمه الله أنه قال : « ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل ».
ومعنى يلههم الأمل: أي يشغلهم الأمل عن الأخذ بحظهم من الإيمان والطاعة, ويلههم عن التوبة والإنابة[SUP]([SUP][4][/SUP])[/SUP].
ولنتدبّر؛ فقد أُمرنا به: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ(25)} [محمد].
أي زين لهم الكفر والارتداد عن الدين ، وأملى لهم أي مدّ لهم في الأمل ووعدهم طول العمر. قال الزمخشري: "سوّل لهم: سهّل لهم ركوب العظائم من السول ، وهو الاسترخاء..."
وأصل الإملاء الإمهال والمد في الأجل، ومنه قوله تعالى: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}[ الأعراف:183]، وقوله تعالى: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الذين كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ ليزدادوا إِثْمَاً} [آل عمران: 178].
ومعنى إملاء الشيطان لهم وعده إياهم بطول الأعمار، كما قال تعالى: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشيطان إِلاَّ غُرُوراً} [النساء120] .[SUP] ([SUP][5][/SUP])[/SUP]
ولنتأمّل بحق؛ قول الحقّ:
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ} [محمد 26].
ألا وإن أمل أهل الفجور والليبرالية واقعُه؛ ألماً يتجنونه على الأمة المحمدية.
وليس بصالح لهم؛ ألا كفّهم عن الباطل الزهيد.
وإن الكفّ علاج ووقاية؛ خيره الدعوة بحلم وبصيرة, والنصح بعلم, ثم إما العودة أو الاجتثاث.
والله أسأل أن يصلح النية والذريّة, ويرزق المسلمين تحكيم شرعه بعافية ويقين, وصلى الله وسلم على نبينا محمد الهادي الأمين.

وكتب
أخوكم
أبو محمد ملفي بن ساير بن مجاهد
(الشمال) غرة ربيع ثاني 1433هـ.



([1]) عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم خط خطوطا، وخطّ فيها خطا بعيدا، وقال: ((أتدرون ما هذا ؟ هذا مثل ابن آدم ، ومثل التمنّي وذلك الخط الأمل فبينا هو يتأمل إذ جاءه الموت)) أخرجه البخاري.

([2]) ينظر: أضواء البيان 7/ 380.

([3]) ينظر: فتح الباري 11/ 238.

([4]) ينظر: تفسير ابن كثير/دار طيبة 4/ 526, تفسير البغوي 4/ 368.

([5]) ينظر: تفسير الكشاف 4/329, أضواء البيان 7/ 440.
 

سما الأزهر

:: متخصص ::
إنضم
1 سبتمبر 2010
المشاركات
518
التخصص
الشريعة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: الأمل...

وما أزكى الأمل؛ إن أُردف بحسن الظنّ بالله الودود الرّحيم؛ يصدّقه العمل القلبي, الموافق للفطرة وللقول الحقّ.
وما أعلاه؛ إن كان لأجل أهل الإسلام, والدفع عنهم... (فرح وسعادة بالحسنة؛ تصيب آحادهم, والعمل الصالح يطبّق في مجتمعاتهم, وحزن وهمّ واستياء للسيئة, ولكل ما يسوؤهم, أو يسيئ إليهم).
وهذا ميزان إيمان دقيق, أعني: الفرح بالحسنة؛ منهم ولهم, والاستياء؛ لضدّ ذلك..
وما أعظم الأمل؛ إن كان الجُهد هو إرجاع حقّ قد رحّلنا عنه من أي أرض. وأرض المسجد الأقصى بخاصّة, والشام الجريح وبقية الأوطان بعامة...
وأما أحلاه؛ فسكن ومودّة ورحمة, منذ الابتداء؛ حتى طوبى والمزيد...
فالجمع معتبر؛ {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} [الفرقان].
والملائكة تدعو بدخولههم (الجنة) {وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ}كما في [الرعد 23].[وغافر: 8].
والفلاح لمن جُمع مع أهله.
والخسران المبين لمن خسرهم ونفسه؛ {وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الشورى: 45]. وانظروا الزمَر آيه 15.
وأما منتهاه الحقّ؛ فهو التعلّق - بما وُعد المتقّون - بدار قد سُبينا منها! ونسير إليها, وإلي باريها!
(... وخيرٌ أملاً).
جعلنا الله وكل داع بخير؛ من أهل (الحسنى وزيادة).
اللهم آمين وجزاكم الله خيراً
 
إنضم
25 مارس 2011
المشاركات
1,035
الكنية
أبو محمد
التخصص
فقه
المدينة
مكة المكرمة والشمال
المذهب الفقهي
أصول المذهب الأحمد
رد: الأمل...

تقبل الله منكم
وما أحسن العمل للمؤمنين...
فدعوتهم تحيط من ورائهم...
 
أعلى