العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

سؤال عن كلام النووي حول التمذهب

إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
133
الجنس
ذكر
التخصص
الشريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
لندن
المذهب الفقهي
حنفي
السلام عليكم

قال النووي في الروضة، جـ 8 صـ 101، طبعة دار عالم الكتب بيروت 1423 هـ:

وهل يجوز للعامي أن يتخير ويقلد أي مذهب شاء؟ نظر إن كان منتسبا إلى مذهب، بني على وجهين حكاهما القاضي حسين في أن العامي هل له مذهب أم لا:
أحدهما: لا، لأن المذهب لعارف الأدلة، فعلى هذا له أن يستفتي من شاء.
وأصحهما عند القفال: له مذهب، فلا تجوز مخالفته.

وإن لم يكن منتسبا، بني على وجهين حكاهما ابن برهان بفتح الباء من أصحابنا في أن العامي هل يلزمه التقيد بمذهب معين:
أحدهما: لا. فعلى هذا: هل له أن يقلد من شاء أم يبحث عن أسد المذاهب، فيقلد أهله؟ وجهان، كالبحث عن الأعلم .
والثاني - وبه قطع أبو الحسن إلكيا: يلزمه، وهو جار في كل من يبلغ رتبة الاجتهاد من الفقهاء وأصحاب سائر العلوم لئلا يتلقط رخص المذاهب، بخلاف العصر الأول ولم تكن مذاهب مدونة فيتلقط رخصها. فعلى هذا يلزمه أن يختار مذهبا يقلده في كل شيء، وليس له التمذهب بمجرد التشهي، ولا بما وجد عليه أباه. هذا كلام الأصحاب.

والذي يقتضيه الدليل أنه لا يلزمه التمذهب بمذهب، بل يستفتي من شاء أو من اتفق لكن من غير تلقط للرخص، ولعل من منعه لم يثق بعدم تلقطه. انتهى


السؤال: من هم المقصودون بقوله "هذا كلام الأصحاب"؟ ما هي أسماؤهم، وأين أجد كلامهم الصريح في المسألة من مصادره الأصلية؟ وهل نسب القول إليهم أحد قبل النووي؟

أفيدونا وجزاكم الله خيرا
 

أم إبراهيم

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
6 أغسطس 2011
المشاركات
746
التخصص
:
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: سؤال عن كلام النووي حول التمذهب

السؤال: من هم المقصودون بقوله "هذا كلام الأصحاب"؟ ما هي أسماؤهم، وأين أجد كلامهم الصريح في المسألة من مصادره الأصلية؟ وهل نسب القول إليهم أحد قبل النووي؟
أفيدونا وجزاكم الله خيرا
الأصحاب: أي الفقهاء الشافعية ، من المتقدمين والمتأخرين ..
وهناك كتاب لعله يفيدك في هذا الباب، وهو "العقد الفريد في أحكام التقليد" للإمام نور الدين علي السمهودي الشافعي.
 
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
133
الجنس
ذكر
التخصص
الشريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
لندن
المذهب الفقهي
حنفي
رد: سؤال عن كلام النووي حول التمذهب

جزاك الله خيرا، الكتاب موجود عندي وسأقرؤه، ثم سوف أشارك بما وجدت فيه حول السؤال الذي طرحته في المشاركة الأولى.

قبل ذلك كله، أبين لكم وجه الإستشكال - ألا وهو أن كلام النووي يخالف ما عند الرافعي، انظروا بارك الله فيكم:
http://www.feqhweb.com/vb/t13855
وحكى الرافعي عن أبي الفتح الهروي أحد أصحاب الإمام أن مذهب عامة أصحابنا أن العامي لا مذهب له


لم أستطع التوفيق بينهما.
 
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
133
الجنس
ذكر
التخصص
الشريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
لندن
المذهب الفقهي
حنفي
رد: سؤال عن كلام النووي حول التمذهب

وزيدوا على هذا فقد قال النووي في الروضة (مأخوذ من islamweb.net):
ولو قلد مجتهدا في مسائل ، وآخر في مسائل أخرى ، واستوى المجتهدان عنده أو خيرناه ، فالذي يقتضيه فعل الأولين الجواز ، وكما أن الأعمى إذا قلنا : لا يجتهد في الأواني والثياب له أن يقلد في الثياب واحدا ، وفي الأواني آخر ، لكن الأصوليون منعوا منه لمصلحة. انتهى
من هؤلاء الأصولييون الذين أوجبوا التقليد المذهبي على العوام لأجل المصلحة؟ هل من أسماء؟

بارك الله فيكم

(علما بأن رأي النووي يخالف إيجاب التقليد المذهبي على العوام كما هو واضح جدا من كلامه الذي في المشاركة الأولى)
 
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
133
الجنس
ذكر
التخصص
الشريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
لندن
المذهب الفقهي
حنفي
رد: سؤال عن كلام النووي حول التمذهب

إن شاء الله سأنقل للإخوة بعض النتائج التي وصلت إليها من خلال قراءة كتاب السمهودي وكذلك بعض الكتب الأخرى للشافعية حول الآتي:
من هم المقصودون بقوله "هذا كلام الأصحاب"؟ ما هي أسماؤهم، وأين أجد كلامهم الصريح في المسألة من مصادره الأصلية؟ وهل نسب القول إليهم أحد قبل النووي؟
 
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
133
الجنس
ذكر
التخصص
الشريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
لندن
المذهب الفقهي
حنفي
رد: سؤال عن كلام النووي حول التمذهب

مأخوذ من هنا

أولا ينبغي أن يعلم أن الإمام النووي صرح بعد إيجاب التمذهب بمذهب معين، قال (كما سبق):
والذي يقتضيه الدليل أنه لا يلزمه التمذهب بمذهب، بل يستفتي من شاء أو من اتفق لكن من غير تلقط للرخص.​

ثانيا، قول النووي في مقدمة المجموع عن أبي الحسن إلكيا:
والثاني: يلزمه وبه قطع أبو الحسن إلكيا، وهو جار في كل من لم يبلغ رتبة الاجتهاد من الفقهاء وأصحاب سائر العلوم. ووجهه أنه لو جاز اتباع أي مذهب شاء لأفضى إلى أن يلتقط رخص المذاهب متبعا هواه ويتخير بين التحليل والتحريم والوجوب والجواز، وذلك يؤدي إلى انحلال ربقة التكليف، بخلاف العصر الأول فإنه لم تكن المذاهب الوافية بأحكام الحوادث مهذبة وعرفت، فعلى هذا يلزمه أن يجتهد في اختيار مذهب يقلده على التعيين.

ونحن نمهد له طر
يقا يسلكه في اجتهاده سهلا فنقول: أولا ليس له أن يتبع في ذلك مجرد التشهي والميل إلى ما وجد عليه آباءه، وليس له التمذهب بمذهب أحد من أئمة الصحابة رضي الله عنهم وغيرهم من الأولين، وإن كانوا أعلم وأعلى درجة ممن بعدهم، لأنهم لم يتفرغوا لتدوين العلم وضبط أصوله وفروعه، فليس لأحد منهم مذهب مهذب محرر مقرر، وإنما قام بذلك من جاء بعدهم من الأئمة الناحلين لمذاهب الصحابة والتابعين القائمين بتمهيد أحكام الوقائع قبل وقوعها...

كلام النووي هذا يدل على أن إلكيا إنما ذهب إلى إيجاب التمذهب لأجل المصلحة، التي هي: السد من خوف الوقوع في الهوى والتشهي وتتبع الرخص والتلاعب بالدين.

أبو الحسن إلكيا الهراسي (المتوفي سنة 504 هــــ) هو أول شافعي ينسب إليه القول بوجوب التمذهب، لكن كتابه في الأصول مفقود حسب علمي، وإنما ينقل قوله في الكتب المتأخرة كما عند الزركشي والنووي وغيرهما. بينما نقر أن قوله محفوظ لا شك، إلا أن الشروط التي وضعها إلكيا لم تحفظ. هناك سؤال آخر: علامَ اعتمد إلكيا في وجوب التمذهب؟ أهو المصلحة كما أشار إليه النووي؟ أم هو الترجيح قبل التمذهب (فيصبح الوجوب مبنيا على الترجيح نفسه لا المصلحة)، كما هو السبيل إلى القول بالتمذهب عند معظم الأصوليين الذين أوجبوا التمذهب؟

إذا ثبت أن معظم العلماء الذين ذهبوا إلى وجوب التمذهب إنما صاروا إليه بناء على الترجيح لا المصلحة، فلا أدري من أين جاء النووي يستدل لقول إلكيا بالمصلحة. وزد على هذا أن النووي استدل لهذا القول بدليل قول آخر، ألا وهو قول ابن المنير المالكي (المتوفي سنة 683 هـــ) الذي ذهب إلى وجوب التمذهب بعد عصر التدوين لا قبله (وقد رد عليه الشوكاني في الإرشاد)، وهو أيضا قول الصفي الهندي فيما يظهر من خلال كتابه النهاية. المهم أن النووي استدل لإلكيا بدليل قول ابن المنير، حيث قال "بخلاف العصر الأول"، لكن الحق أن إلكيا لم يقل بقول ابن المنير، ولم ينسبه إليه أحد من الشافعية، فكيف يصح الاستدلال لقول إلكيا بدليل قول آخر؟

الذي يظهر لي - والله أعلم - أن النووي إنما كان بصدد الاستدلال لقول إلكيا بما ظهر له، والحقيقة أن هذين الدليلين - دليل المصلحة ودليل قول المنير - لم يكن مستدَل إلكيا أصلا، ولم ينسب هذين الدليلين إلى إلكيا أحد من الشافعية غير النووي، وقد أشار الزركشي إلى أنه يخالف النووي في البحر المحيط حيث نسب "الترجيح" إلى إلكيا ولم يتكلم عن "المصلحة" أصلا، وقارنه بأمثال ابن برهان والقفال وابن سريج وهم الأعلام الذين أوجبوا مراجعة العامي إلى الأفضل دون المفضول (أي الترجيح).

فيظهر أن إيجاب التمذهب بمذهب معين لأجل المصلحة لم يأت من قبل إلكيا، وإن نسب إليه ذلك النووي من خلال استدلاله لقول إلكيا.

ثالثا حول قول النووي "لكن الأصوليون منعوا عنه لأجل المصلحة"
أقول: لم ينسب أحد من الشافعية - سواء من المتقدمين أو من المتأخرين، من الفقهاء أو من الأصوليين - القول بوجوب التمذهب إلى أحد من الأصوليين، ولم أجد أحدا - بعد الفحص الشديد - يوجب التمذهب لأجل المصلحة، إلا الجيلي ولم يتكلم عنه النووي وإنما يفهم من كلام الزركشي في البحر أن الجيلي ذهب إلى وجوب التمذهب بناء على المصلحة، لكن الكلام غير واضح فيه أيضا، وكتابه الإعحاز مفقود أيضا. قال الزركشي في البحر:
المنع، وبه جزم الجيلي في الإعجاز، لأن قول كل إمام مستقل بآحاد الوقائع، فلا ضرورة إلى الانتقال إلا التشهي، ولما فيه من اتباع الرخص والتلاعب بالدين

ولا أدري هل دليل المنع (المذكور هنا) من الانتقال بين المذاهب هو مصرح في الإعجاز، أم هو من استدلال الزركشي لهذا القول. المهم أن كلمة "الأصوليين" لا تصدق على الجيلي فقط، بل نجد معظم الأصوليين من الشافعية ذهبوا إلى التخيير في التقليد.

وقد تردد النووي نفسه في الاستدلال فقال: "ولعل من منعه لم يثق بعد لتقطه"، وهذا يدل على أن النووي لم يكن على بصيرة حين حاول الاستدلال للقول بوجوب التمذهب، وإنما كان تخمينا من جانبه، رحمه الله.

رابعا، حول قول النووي "هذا كلام الأصحاب" (الذي نقله عنه الهيتمي أيضا في فتاويه)
أقول: لم ينسب أحد من الشافعية القول بوجوب التمذهب إلى
أصحاب الإمام الشافعي. الحقيقة أن الإمام النووي لم يكن كلامه دقيقا في قوله هذا. بل نجد نصوصا كثيرة تخالف قول النووي هذا، كأمثال:
1. كتاب المزجد أبو السرور أحمد بن عمر بن محمد الزبيدي (المتوفي سنة 930 هـــ) وهو المسمى "العباب المحيط المحيط بمعظم نصوص الشافعي والأصحاب" مخطوطة بجامعة الملك سعود رقم 1494 - تكلم عن التقليد فلم ينسب القول بوجوب التمذهب إلى أحد من الشافعية.
2. عمر بن عبد الرحيم البصري (المتوفى سنة 1037 هــــ) قال في فتاويه: "والذي يتضح لك من كلام الأصحاب ترجيح التخيير" (مخطوطات > فتاوى عمر البصري > الصفحة رقم 34). أقول: وهذا أقوى بكثير مما قال النووي، لأن ترجيح التخيير موجود عند معظم الشافعية حتى النووي نفسه!
3. قال أبو الفتح الهروي (مأخوذ من الشرح الكبير للرافعي المتوفي سنة 623 هــــ): مذهب عامة أصحابنا أن العامي لا مذهب له.

والله أعلم
 
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
133
الجنس
ذكر
التخصص
الشريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
لندن
المذهب الفقهي
حنفي
رد: سؤال عن كلام النووي حول التمذهب

وقد أشار الزركشي إلى أنه يخالف النووي في البحر المحيط حيث نسب "الترجيح" إلى إلكيا ولم يتكلم عن "المصلحة" أصلا، وقارنه بأمثال ابن برهان والقفال وابن سريج وهم الأعلام الذين أوجبوا مراجعة العامي إلى الأفضل دون المفضول (أي الترجيح).
الصحيح: وقرنه بأمثال ابن برهان...
 
أعلى