العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مسائل تنسب خطأ ً إلى أهل الظاهر

إنضم
16 ديسمبر 2007
المشاركات
290
السلام عليكم ورحمة الله
هذا الموضوع سأحاول أن أجمع فيه المسائل التى تنسب بطريق الخطأ إلى أهل الظاهر مع الإجابة عن سبب الخطأ أو اللبس .
1-نظر الرجل إلى عورة مخطوبته
شاع في الكثير من كتب الفقه أن قول الظاهرية هفي المسألة هو : التوسع فيما شاء النظر اليه منها، عدا العورة المغلظة. ونسب إلى داود وابن حزم،

فهذه مسألة نقلت خطأ فيما نقل عن أهل الظاهر أو الإمام داود الظاهري ذكرها أهل الفقه في كتب الاختلاف،
نقل عن الإمام داود كما في حلية العلماء وغيره من كتب الاختلاف أن الإمام داود الظاهري رحمه الله قال: ( يجوز النظر إلى عورة المخطوبة ) استدلالا بحديث : ( انظر منها إلى ما يدعوك إلى نكاحها ) ..
وهذا النقل لم ينقله أئمة النقل ممن هم أعلم بمذهب أهل الظاهر من غيرهم، وقد قال ابن القطان الفاسي في كتابه ( أحكام النظر ) ما معناه: ليس هذا قول داود، ولم أجده في كتب أصحابه، وإنما هذا قاله عنهم أبو حامد الإسفرائيني .
وقال نصاً: ( وما يحكى عن داود من إباحة النظر إلى الفرج لم أره عنه في كتب أصحابه، وإنما حكاه أبو حامد الإسفرائيني، وقد تقدمت الأدلة المانعة من النظر إلى العورة، وهي بإطلاقها تتناول المحل خصوصاً وليس هناك ما يعارضها نحكيه ) النظر في أحكام النظر بحاسة البصر صفحة 392-394
ومعلوم أنه متأخر، وأنه من الشافعيين، فلا بد أن يكون له مستند لقوله، فمن أين جاء بهذا النقل ؟ هذا حقنا من السؤال ولا بد.
فإن كان أئمة أهل الظاهر لم ينقلوا هذا النقل، فمن أين جاء به ؟ إلا أن يكون استخرجه على ما ظن أنها أصول أهل الظاهر كما يفعل القرطبي فوقع في الخطأ.
والإمام ابن القطان الفاسي كان في عصر السلطان المنصوري الظاهري أمير المؤمنين في المغرب في القرن السابع، وهو مطلع على كتب الظاهرية، وينقل عنها الشيء الكثير، ونفيه أن يكون هذا قول داود أو أصحابه دليل على أنه ليس بقول لداود رضي الله عنه، ولا أحداً من أصحابه كما هو ظاهر العبارة.
فبهذا يظهر لنا أن هذا القول ليس بقول داود الظاهري، ولا من جاء بعده من أئمة أهل الظاهر، ولا يشكل علينا اختيار الإمام ابن حزم في قوله في هذه المسألة: أنه ينظر منها إلى ما بطن وما ظهر بعلمها أو بغير علمها، لأنه قرر أن العورة لا يجوز النظر إليها، فهو يشير إلى أن الحديث مخصص بعدم جواز النظر إلى العورة وهو حكم جاء بالنصوص الأخرى ..
وليست طريقة أهل الظاهر العلم بالنص بانفراده إذا كانت هناك نصوص أخرى في نفس الباب، فلا بد من تقييد ما يظن أنه مطلق في النصوص ببعضها.
ولو كان قول ابن حزم يدل على جواز النظر إلى العورة لذكره ابن القطان الفاسي وهو يعالج قضية النظر إلى المخطوبة، ونفى هذا عن الظاهرية، مما يؤكد ما حكيناه من تقييد الإطلاق في الحديث.
فلا يصح بعد هذا القول بأن داود الظاهري، أو غيره من أئمة الظاهرية قالوا بجواز النظر إلى عورة المخطوبة،
وبالله تعالى التوفيق
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مسائل تنسب خطأ ً إلى أهل الظاهر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الموضوع ذو أهمية ، وقد أصاب الأخ في أنه قد نسب إلى الظاهرية ما ليس من مذهبهم ، ولكن ليس كل ما ذكره الأخ صواب ، فإن نسبة البول إلى قصعة وصبها في الماء الراكد وإن لم يجز نسبتها إلى ابن حزم نصاً فإنه يجوز نسبتها إليه مذهباً ، وليس في كلام ابن حزم رحمه الله أي ذكر للنية والقصد هنا ، بل كلامه صريح بتعليق المسألة بالمسميات فقط ، "بال في الماء الراكد" "لم يبل في الماء الراكد" وعبارته كما هي في (المحلى) 1/135-136 وكما نقلها الأخ : "إلا أن البائل في الماء الراكد الذي لا يجري حرام عليه الوضوء بذلك الماء والاغتسال به لفرض أو لغيره وحكمه التيمم إن لم يجد غيره ، وذلك الماء طاهر حلال شربه له ولغيره إن لم يغير البول شيئا من أوصافه وحلال الوضوء به والغسل به لغيره ، فلو أحدث في الماء أو بال خارجا منه ثم جرى البول فيه فهو طاهر يجوز الوضوء منه والغسل له ولغيره إلا أن يغير ذلك البول أو الحدث شيئا من أوصاف الماء فلا يجزىء حينئذ استعماله أصلا لا له ولا لغيره"
فالبائل في الماء الدائم سواء قصد أو لم يقصد لا يجوز له التطهر بالماء الدائم ، وكذلك البائل خارج الماء الدائم يجوز له الاغتسال بذلك الماء قصد أو لم يقصد هذا مقتضى إطلاق ابن حزم وما ذكره الأخ من القصد والنية فلا وجود له في كلامه.
ثانياً : تَصَوُّرُ أن يبول الرجل خارج الماء ويوجه بوله إلى الماء الراكد ممكن غير متعسر كما أوهمه الأخ الفاضل ، بأن يبول في مكان منحدر إلى الماء الراكد وهو عالم بذلك ، وهذا داخل في قول ابن حزم "لو أحدث في الماء أو بال خارجا منه ثم جرى البول فيه فهو طاهر يجوز الوضوء منه والغسل له ولغيره" ولم يستثن من ذلك قاصداً من غير قاصد ، بل لم يستثن سوى الماء إذا تغير بذلك البول فقط.
بل في دفعه للتشنيع تعلل بمجرد كون البائل في الماء مذكور والبائل في غير الماء غير مذكور في الحديث وعبارته : "ولو تدبرو كلامهم لعلموا أنهم مخطئون في التسوية بين البائل الذي ورد فيه النص وغير البائل الذي لا نص فيه"
ولا يخفاك أن البائل خارج الماء الذي لا نص فيه قد يبول في الأرض ويجري بوله إلى الماء وقد يبول في قصعة ويصبها في الماء ، الجميع غير وارد في النص بحسب مذهب ابن حزم.
على أني كنت قرأت أن القول بالبول في الماء قصعة وصبها في الماء الدائم منسوباً إلى داود لا ابن حزم. والله أعلم.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: مسائل تنسب خطأ ً إلى أهل الظاهر

ما نقل عن أن ابن حزم قال إن السعي أربعة عشر شوطاً

قال الشيخ / بكر أبوزيد رحمه الله تعالى في كتابه : ( النظائر )
والحافظ ابن حزم لما لم يحج قال : إن الطواف بين الصفا والمروة أربعة عشر شوطا ، كما في "زاد المعاد" وغيره .
وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله تعالى في شرح له على حديث جابر ص 58:
((ويكون السعي سبعة أشواط من الصفا إلى المروة شوط ثم من المروة إلى الصفا شوط .... لكن ذهب ابن حزم كما فى كتبه ! إلى أن الصفا يبدأ بها وينتهى بها أى أن من الصفا إلى الصفا شوط فهو يعد الشوطين شوطاً واحداً لأنه لم يتيسر له الحج وتخيل أن الطواف هو الاستدارة وأن الصفا والمروة ليسا متقابلين بل بينهما دائرة فتخيل أن الصفا مثل الحجر وأن المروة مثل الحجر وأن بينهما شئ يستدار حوله...))
المذكور في المحلى 7 أشواط
((830 - مسألة - فإذا قدم المعتمر أو المعتمرة مكة فليدخلا المسجد ولا يبدءا بشئ لا ركعتين ولا غير ذلك قبل القصد إلى الحجر الاسود فيقبلانه، ثم يلقيان البيت على اليسار ولا بد، ثم يطوفان بالبيت من الحجر الاسود إلى أن يرجعا إليه سبع مرات منها ثلاث مرات خببا وهو مشى فيه سرعة، والاربع طوافات البواقى مشيا، ومن شاء ان يخب في الثلاث الطوافات وهى الاشواط من الركن الاسود مارا على الحجر إلى الركن اليماني، ثم يمشى رفقا من اليماني إلى الاسود في كل شوط من الثلاثة فذلك له، وكلما مرا على الحجر الاسود قبلاه وكذلك الركن اليماني أيضا فقط، فإذا تم الطواف المذكور أتيا إلى مقام ابراهيم عليه السلام فصليا هنالك ركعتين وليستا فرضا، ثم خرجا ولا بد إلى الصفا فصعدا عليه.
ثم هبطا فإذا صارا في بطن الوادي أسرع الرجل المشى حتى يخرج عنه ثم يمشى حتى يأتي المروة فيصعد عليها ثم ينحدر كذلك حتى يرجع إلى الصفا ثم يرجع كذلك إلى المروة هكذا حتى يتم سبع مرات ....))
ولو رجعت إلى كتبه الأخرى ومنها حجة الوداع فلن تجد قصة الأربع عشرة شوطاً !!!
بل قال في حجة الوداع :
((....ثم خرج إلى الصفا والمروة ، فقرأ ( إن الصفا والمروة من شعائر الله (3) ) « أبدأ بما بدأ الله به » ، فطاف بين الصفا والمروة أيضا سبعا راكبا على بعيره ، يخب ثلاثا ويمشي أربعا ، إذا رقي على الصفا استقبل الكعبة ونظر إلى البيت ووحد الله وكبره ، وقال : « لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده » ، ثم يدعو ، ثم يفعل على المروة مثل ذلك ...))

لعل بعض من قرأ كلام ابن القيم -رحمه الله- في "زاد المعاد" لم يفهمه على وجهه فغلط على ابن حزم-رحمه الله- أو سها فزل قلمه.

قال ابن القيم في الهدي: ( وقال ابن حزم : وطاف -صلى الله عليه وسلم- بين الصفا والمروة أيضاً، راكباً على بعيره يَخُبُّ ثلاثاً ، ويمشي أربعاً، وهذا من أوهامه وغلطه رحمه الله ، فإن أحداً لم يقُلْ هذا قطُّ غيره، ولا رواه أحد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- البتة .
وهذا هو في الطواف بالبيت ، فغلِط أبو محمد، ونقله إلى الطواف بين الصفا و المروة ).

فابن القيم يريد أن الخبب ثلاثاً والمشي أربعاً خاص بالطواف بالبيت، لا كما نقله ابن حزم إلى الطواف بين الصفا والمروة، وهو من أغلاط ابن حزم، لكن ليس الأمر في عدد أشواط السعي كما اشتهر عن عدد من الناس. والله أعلم

 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: مسائل تنسب خطأ ً إلى أهل الظاهر

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: ( وأما قول أبي محمد ابن حزم في الكتاب الذي جمعه في حجة الوداع: ثم خرج عليه السلام إلى الصفا فقرأ: { إن الصفا والمروة من شعائر الله } أبدأ بما بدأ الله به، فطاف بين الصفا والمروة أيضاً سبعاً راكباً على بعير يخب ثلاثاً، ويمشي أربعاً، فإنه لم يتابع على هذا القول، ولم يتفوه به أحد قبله من أنه -عليه السلام- خب ثلاثة أشواط بين الصفا والمروة ومشى أربعاً، ثم مع هذا الغلط الفاحش لم يذكر عليه دليلاً بالكلية، بل لما انتهى إلى موضع الاستدلال عليه قال: ولم نجد عدد الرمل بين الصفا والمروة منصوصاً، ولكنه متفق عليه هذا لفظه.
فإن أراد بأن الرمل في الثلاث التطوافات الأول -على ما ذكر- متفق عليه فليس بصحيح، بل لم يقله أحد.

وإن أراد أن الرمل في الثلاث الأول في الجملة متفق عليه، فلا يجدي له شيئاً ولا يحصل له شيئاً مقصوداً، فإنهم كما اتفقوا على الرمل في الثلاث الأول في بعضها على ما ذكرناه، كذلك اتفقوا على استحبابه في الأربع الأخر أيضاً، فتخصيص ابن حزم الثلاث الأول باستحباب الرمل فيها مخالف لما ذكره العلماء، والله أعلم )..

وهذا هو غلط الإمام ابن حزم هناك، لا ما نُسِب إليه مما يتعلق بالعدد.


 
أعلى