أبو محمد المصرى
موقوف
- إنضم
- 16 ديسمبر 2007
- المشاركات
- 290
انتبه أخى الكريم ... للفرق بين الدليل والقياس
قال الإمام الجليل أبو محمد بن حزم ـ رحمه الله تعالى ـ (فى كتاب النصائح المنجية والفضائح المخزية من مخطوط الخزانة العامة بالرباط ) :
المنفعة بمعرفة قسمة الأشياء تحت الأجناس ثم تحت الأنواع عظيمة فيما جاء في القرآن والسنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع الديانة لا يستغنى عن معرفة ذلك عالم متدين أصلاً ، وذلك أن يرد النص في الأمر والنهي والخبر الذي معناه أمر أو نهي أو خبر عن غائب بلفظ عام .
فكل ما دخل تحت ذلك اللفظ من أنواعه ، ثم تحت تلك الأنواع من أشخاصها : فذلك الحكم الوارد على الجملة الأولى التي هي جنس لها تحتها لازم لجميع تلك الأشخاص الواقعة تحت تلك الأنواع .
فمن علم رتبة الأجناس والأنواع وأنها ليست شيئاً غير أشخاصها : علم أن ذلك الحكم منصوص على كل شخص يقع تحت تلك الجملة ، ومن جهل ذلك ظن أنه قياس وأن حكمنا على كل واحد من الأشخاص ليس منصوصاً عليه في ذلك النص الذي جاء على الجملة الجامعة لتلك الأشخاص وهذا خطأ فاحش .
وكذلك القول في المتلائمات ولا فرق لأن كل نص على جملة فهو نص على ملائمتها بيقين مثل : كل مسكر حرام هي ملائمة : كل مسكر فليس حلال .
وكذلك أيضاً انعكاس الموجبات الكلية والجزئية فمنفعة كل ذلك عظيمة جداً ، لئلا يتعدى بالحكم ما يصح هنا في الانعكاس .
وكذلك ما انطوى في اللفظ وإن اللفظ وإن لم يكن ملائماً له كقولك : هذا شيىء مكيل(52/أ) فقد انطوى في هذا اللفظ أن نعرف مقداره بمكيال وما أشبه ذلك ..
وبالله تعالى التوفيق . [53/ أ]
قال العلامة أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري ـ حفظه المولى تعالى ـ معلقاً على هذا النص النفيس في كتابه العُجاب " نوادر الإمام ابن حزم " (2 67 ـ 68) :
" وجه اعتبار هذا النص من النوادر أنه نبذة كتبها المؤلف وألحقها بمؤلفه النصائح ولم ينشر بعد .
ثم إنه في أهم أصول الظاهر وهو ( الدليل ) الذي تتجلى به قدرتهم على الاستنباط ، فهو مهم لمن أراد دراسة الدليل عند الظاهرية ، وهو أصل لم يعط حقه من الدراسة .
تجده تأصيلاً في الإحكام والتقريب وتجده تطبيقاً في خلال كتب ابن حزم العامرة بالاستدلال كالمحلى والفصل " أ.هـ .
والإمام ابن حزم لم يشرح هذا الأمر الهام لأنه كله مبثوث في كتاب التقريب تكلم عن كل قسم في محله ولم يجمعه في مكان واحد ..
ولن يفهمه المتتبع له في كتاب التقريب إلا إن كان يفهم هذا العلم وأعني به المنطق ..
ويفهم كذلك أقسامه التي ذكرها الإمام والتي لا تنتج إلا علماً يقينياً ..
فإفراده في مكان واحد بظني أن الإمام لم يتشجع له لأنه سيكون تكراراً لأبواب من كتابه التقريب ..
لذلك فإنه اكتفى بما في التقريب وأشار إلى أقسامه ليدركها من يفهم علم المنطق ..
يقول الإمام الجليل ابن حزم فى كتاب الإحكام الباب التاسع والعشرون في الدليل
قال أبو محمد: ظن قوم بجهلهم أن قولنا بالدليل خروج منا عن النص والاجماع وظن آخرون أن القياس والدليل واحد، فأخطؤوا في ظنهم أفحش خطأ. ونحن إن شاء الله عز وجل نبين الدليل الذي نقول به بيانا يرفع الاشكال جملة فنقول وبالله تعالى التوفيق: الدليل مأخوذ من النص ومن الاجماع. فأما الدليل المأخوذ من الاجماع فهو ينقسم أربعة أقسام كلها أنواع من أنواع الاجماع وداخلة تحت الاجماع وغير خارجة عنه، وهي استصحاب الحال، وأقل مقيل وإجماعهم على ترك قولة ما، وإجماعهم على أن حكم المسلمين سواء وإن اختلفوا في حكم كل واحدة منها وهذه الوجوه قد بيناها كلها في كلامنا في الاجماع فأغنى عن تردادها. وبالله تعالى التوفيق. وأما الدليل المأخوذ من النص، فهو ينقسم أقساما سبعة كلها واقع تحت النص: أحدها: مقدمتان تنتج نتيجة ليست منصوصة في إحداهما كقوله (ص): كل مسكر خمر وكل خمر حرام النتيجة: كل مسكر حرام، فهاتان المقدمتان دليل برهاني على أن كل مسكر حرام.
وثانيها: شرط معلق بصفة فحيث وجد فواجب ما علق بذلك الشرط، مثل قوله تعالى: " إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف " فقد صح بهذا أن من انتهى غفر له. وثالثها: لفظ يفهم منه معنى فيؤدى بلفظ آخر وهذا نوع من تسميه أهل الاهتبال بحدود الكلام المتلائمات مثل قوله تعالى: * (إن إبراهيم لاواه حليم) * فقد فهم من هذا فهما ضروريا أنه ليس بسفيه وهذا هو معنى واحد يعبر عنه بألفاظ شتى كقولك الضيغم والاسد والليث والضرغام وعنبسة، فهذه كلها أسماء معناها واحد وهو الاسد. رابعها: أقسام تبطل كلها إلا واحدا فيصح ذلك الواحد مثل أن يكون هذا الشئ إما حرام فله حكم كذا، وإما فرض له حكم كذا وإما مباح فله حكم كذا، فليس فرضا ولا حراما فهو مباح له حكم كذا أو يكون قوله يقتضي أقساما كلها فاسد فهو قول فاسد. وخامسها: قضايا واردة مدرجة فيقتضي ذلك أن الدرجة العليا فوق التالية لها بعدها وإن كان لم ينص على أنها فوق التالية، مثل قولك: أبو بكر أفضل من عمر، وعمر أفضل من عثمان، فأبو بكر بلا شك أفضل من عثمان. وسادسها: أن نقول: كل مسكر حرام، فقد صح بهذا أن بعض المحرمات مسكر وهذا هو الذي تسميه أهل الاهتبال بحدود الكلام، عكس القضايا، وذلك أن الكلية الموجبة تنعكس جزئية أبدا. وسابعها: لفظ ينطوي فيه معان جمة مثل قولك: زيد يكتب، فقد صح من هذا اللفظ أنه حي، وأنه ذو جارحة سليمة يكتب بها وأنه ذو آلات يصرفها، ومثل قوله تعالى: * (كل نفس ذائقة الموت) * فصح من ذلك أن زيدا يموت وأن هندا تموت وأن عمرا يموت وهكذا كل ذي نفس، وإن لم يذكر نص اسمه. فهذه هي الادلة التي نستعملها وهي معاني النصوص ومفهومها وهي كلها واقعة تحت النص وغير خارجة عنه أصلا، وقد بيناها وأنعمنا الكلام عليها في كتابنا الموسوم بكتاب التقريب واقتصرنا ههنا على هذا المقدار من ذكرها فقط، وجميع هذه الانواع كلها لا تخرج من أحد قسمين، إما تفصيل لجملة، وإما عبارة عن معنى واحد بألفاظ شتى، كلغة يعبر عنها بلغة أخرى. وأما ما أدرك بالحس فقط جاء النص بقبوله عز وجل: * (أم لهم أعين يبصرون بها) * وسائر النصوص المستشهد فيها بالحواس وبالعقل، مع أن الحواس والعقل أصل لكل شئ وبهما عرفنا صحة القرآن والربوبية والنبوة فلم نحتج في إثباتها بالنص، لانه لولا النص لم يصح ما يدرك بالعقل والحواس لكن حسما لشغب أهل الضعف العاكسين للاستدلال القائلين لا نأخذ إلا ما في النصوص. وقد مضى الكلام في هذا في (باب إثبات حجة العقل) من كتابنا هذا وبالله تعالى التوفيق، والاستدلال هو غير الدليل، لانه قد يستدل من لا يقع على الدليل، وقد يوجد الاستدلال وهو طلب الدليل ممن لا يجد ما يطلب وقد يرد الدليل مهاجمة على من لا يطلبه، إما بأن يطالعه في كتاب، أو يخبره به مخبر أو يثوب إلى ذهنه دفعه، فصح أن الاستدلال غير الدليل، وصح أن دليلنا غير خارج عن النص أو الاجماع أصلا، وأنه إنما هو مفهوم اللفظ فقط، والعلة لا تسمى دليلا، والدليل لا يسمى علة، فالعلة هي كل ما أوجب حكما لم يوجد قط أحدهما خاليا من الآخر كتصعيد النار للرطوبات واستجلابها الناريات فذلك من طبعها. وههنا خلط أصحاب القياس فسموا الدليل علة والعلة دليلا ففحش غلطهم وسموا حكمهم في شئ لم ينص عليه بحكم قد نص عليه شئ آخر دليلا وهذا خطأ بل هذا هو القياس الذي ننكره ونبطله فمزجوا المعاني وأوقعوا على الباطل اسم معنى صحيح وعلى معنى صحيح اسم معنى باطل، فمزجوا الاشياء وخلطوا ما شاؤوا. ولم يصفوا بعض المعاني من بعض فاختلط الامر عليهم وتاهوا ما شاؤوا والحمد لله على هدايته وتوفيقه وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. وبالله تعالى التوفيق والحول والقوة به عز وجل. أ.هــــ
قال الإمام الجليل أبو محمد بن حزم ـ رحمه الله تعالى ـ (فى كتاب النصائح المنجية والفضائح المخزية من مخطوط الخزانة العامة بالرباط ) :
المنفعة بمعرفة قسمة الأشياء تحت الأجناس ثم تحت الأنواع عظيمة فيما جاء في القرآن والسنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع الديانة لا يستغنى عن معرفة ذلك عالم متدين أصلاً ، وذلك أن يرد النص في الأمر والنهي والخبر الذي معناه أمر أو نهي أو خبر عن غائب بلفظ عام .
فكل ما دخل تحت ذلك اللفظ من أنواعه ، ثم تحت تلك الأنواع من أشخاصها : فذلك الحكم الوارد على الجملة الأولى التي هي جنس لها تحتها لازم لجميع تلك الأشخاص الواقعة تحت تلك الأنواع .
فمن علم رتبة الأجناس والأنواع وأنها ليست شيئاً غير أشخاصها : علم أن ذلك الحكم منصوص على كل شخص يقع تحت تلك الجملة ، ومن جهل ذلك ظن أنه قياس وأن حكمنا على كل واحد من الأشخاص ليس منصوصاً عليه في ذلك النص الذي جاء على الجملة الجامعة لتلك الأشخاص وهذا خطأ فاحش .
وكذلك القول في المتلائمات ولا فرق لأن كل نص على جملة فهو نص على ملائمتها بيقين مثل : كل مسكر حرام هي ملائمة : كل مسكر فليس حلال .
وكذلك أيضاً انعكاس الموجبات الكلية والجزئية فمنفعة كل ذلك عظيمة جداً ، لئلا يتعدى بالحكم ما يصح هنا في الانعكاس .
وكذلك ما انطوى في اللفظ وإن اللفظ وإن لم يكن ملائماً له كقولك : هذا شيىء مكيل(52/أ) فقد انطوى في هذا اللفظ أن نعرف مقداره بمكيال وما أشبه ذلك ..
وبالله تعالى التوفيق . [53/ أ]
قال العلامة أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري ـ حفظه المولى تعالى ـ معلقاً على هذا النص النفيس في كتابه العُجاب " نوادر الإمام ابن حزم " (2 67 ـ 68) :
" وجه اعتبار هذا النص من النوادر أنه نبذة كتبها المؤلف وألحقها بمؤلفه النصائح ولم ينشر بعد .
ثم إنه في أهم أصول الظاهر وهو ( الدليل ) الذي تتجلى به قدرتهم على الاستنباط ، فهو مهم لمن أراد دراسة الدليل عند الظاهرية ، وهو أصل لم يعط حقه من الدراسة .
تجده تأصيلاً في الإحكام والتقريب وتجده تطبيقاً في خلال كتب ابن حزم العامرة بالاستدلال كالمحلى والفصل " أ.هـ .
والإمام ابن حزم لم يشرح هذا الأمر الهام لأنه كله مبثوث في كتاب التقريب تكلم عن كل قسم في محله ولم يجمعه في مكان واحد ..
ولن يفهمه المتتبع له في كتاب التقريب إلا إن كان يفهم هذا العلم وأعني به المنطق ..
ويفهم كذلك أقسامه التي ذكرها الإمام والتي لا تنتج إلا علماً يقينياً ..
فإفراده في مكان واحد بظني أن الإمام لم يتشجع له لأنه سيكون تكراراً لأبواب من كتابه التقريب ..
لذلك فإنه اكتفى بما في التقريب وأشار إلى أقسامه ليدركها من يفهم علم المنطق ..
يقول الإمام الجليل ابن حزم فى كتاب الإحكام الباب التاسع والعشرون في الدليل
قال أبو محمد: ظن قوم بجهلهم أن قولنا بالدليل خروج منا عن النص والاجماع وظن آخرون أن القياس والدليل واحد، فأخطؤوا في ظنهم أفحش خطأ. ونحن إن شاء الله عز وجل نبين الدليل الذي نقول به بيانا يرفع الاشكال جملة فنقول وبالله تعالى التوفيق: الدليل مأخوذ من النص ومن الاجماع. فأما الدليل المأخوذ من الاجماع فهو ينقسم أربعة أقسام كلها أنواع من أنواع الاجماع وداخلة تحت الاجماع وغير خارجة عنه، وهي استصحاب الحال، وأقل مقيل وإجماعهم على ترك قولة ما، وإجماعهم على أن حكم المسلمين سواء وإن اختلفوا في حكم كل واحدة منها وهذه الوجوه قد بيناها كلها في كلامنا في الاجماع فأغنى عن تردادها. وبالله تعالى التوفيق. وأما الدليل المأخوذ من النص، فهو ينقسم أقساما سبعة كلها واقع تحت النص: أحدها: مقدمتان تنتج نتيجة ليست منصوصة في إحداهما كقوله (ص): كل مسكر خمر وكل خمر حرام النتيجة: كل مسكر حرام، فهاتان المقدمتان دليل برهاني على أن كل مسكر حرام.
وثانيها: شرط معلق بصفة فحيث وجد فواجب ما علق بذلك الشرط، مثل قوله تعالى: " إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف " فقد صح بهذا أن من انتهى غفر له. وثالثها: لفظ يفهم منه معنى فيؤدى بلفظ آخر وهذا نوع من تسميه أهل الاهتبال بحدود الكلام المتلائمات مثل قوله تعالى: * (إن إبراهيم لاواه حليم) * فقد فهم من هذا فهما ضروريا أنه ليس بسفيه وهذا هو معنى واحد يعبر عنه بألفاظ شتى كقولك الضيغم والاسد والليث والضرغام وعنبسة، فهذه كلها أسماء معناها واحد وهو الاسد. رابعها: أقسام تبطل كلها إلا واحدا فيصح ذلك الواحد مثل أن يكون هذا الشئ إما حرام فله حكم كذا، وإما فرض له حكم كذا وإما مباح فله حكم كذا، فليس فرضا ولا حراما فهو مباح له حكم كذا أو يكون قوله يقتضي أقساما كلها فاسد فهو قول فاسد. وخامسها: قضايا واردة مدرجة فيقتضي ذلك أن الدرجة العليا فوق التالية لها بعدها وإن كان لم ينص على أنها فوق التالية، مثل قولك: أبو بكر أفضل من عمر، وعمر أفضل من عثمان، فأبو بكر بلا شك أفضل من عثمان. وسادسها: أن نقول: كل مسكر حرام، فقد صح بهذا أن بعض المحرمات مسكر وهذا هو الذي تسميه أهل الاهتبال بحدود الكلام، عكس القضايا، وذلك أن الكلية الموجبة تنعكس جزئية أبدا. وسابعها: لفظ ينطوي فيه معان جمة مثل قولك: زيد يكتب، فقد صح من هذا اللفظ أنه حي، وأنه ذو جارحة سليمة يكتب بها وأنه ذو آلات يصرفها، ومثل قوله تعالى: * (كل نفس ذائقة الموت) * فصح من ذلك أن زيدا يموت وأن هندا تموت وأن عمرا يموت وهكذا كل ذي نفس، وإن لم يذكر نص اسمه. فهذه هي الادلة التي نستعملها وهي معاني النصوص ومفهومها وهي كلها واقعة تحت النص وغير خارجة عنه أصلا، وقد بيناها وأنعمنا الكلام عليها في كتابنا الموسوم بكتاب التقريب واقتصرنا ههنا على هذا المقدار من ذكرها فقط، وجميع هذه الانواع كلها لا تخرج من أحد قسمين، إما تفصيل لجملة، وإما عبارة عن معنى واحد بألفاظ شتى، كلغة يعبر عنها بلغة أخرى. وأما ما أدرك بالحس فقط جاء النص بقبوله عز وجل: * (أم لهم أعين يبصرون بها) * وسائر النصوص المستشهد فيها بالحواس وبالعقل، مع أن الحواس والعقل أصل لكل شئ وبهما عرفنا صحة القرآن والربوبية والنبوة فلم نحتج في إثباتها بالنص، لانه لولا النص لم يصح ما يدرك بالعقل والحواس لكن حسما لشغب أهل الضعف العاكسين للاستدلال القائلين لا نأخذ إلا ما في النصوص. وقد مضى الكلام في هذا في (باب إثبات حجة العقل) من كتابنا هذا وبالله تعالى التوفيق، والاستدلال هو غير الدليل، لانه قد يستدل من لا يقع على الدليل، وقد يوجد الاستدلال وهو طلب الدليل ممن لا يجد ما يطلب وقد يرد الدليل مهاجمة على من لا يطلبه، إما بأن يطالعه في كتاب، أو يخبره به مخبر أو يثوب إلى ذهنه دفعه، فصح أن الاستدلال غير الدليل، وصح أن دليلنا غير خارج عن النص أو الاجماع أصلا، وأنه إنما هو مفهوم اللفظ فقط، والعلة لا تسمى دليلا، والدليل لا يسمى علة، فالعلة هي كل ما أوجب حكما لم يوجد قط أحدهما خاليا من الآخر كتصعيد النار للرطوبات واستجلابها الناريات فذلك من طبعها. وههنا خلط أصحاب القياس فسموا الدليل علة والعلة دليلا ففحش غلطهم وسموا حكمهم في شئ لم ينص عليه بحكم قد نص عليه شئ آخر دليلا وهذا خطأ بل هذا هو القياس الذي ننكره ونبطله فمزجوا المعاني وأوقعوا على الباطل اسم معنى صحيح وعلى معنى صحيح اسم معنى باطل، فمزجوا الاشياء وخلطوا ما شاؤوا. ولم يصفوا بعض المعاني من بعض فاختلط الامر عليهم وتاهوا ما شاؤوا والحمد لله على هدايته وتوفيقه وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. وبالله تعالى التوفيق والحول والقوة به عز وجل. أ.هــــ