العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

ماتعليقكم على هذه الفتوى فيمن أرضعت طفلة بعد أن عقد عليها زوجها؟

إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
رد: ماتعليقكم على هذه الفتوى فيمن أرضعت طفلة بعد أن عقد عليها زوجها؟

بارك الله فيكم شيخنا عبد الحكيم:
فقد كنت أحاول تذكر الموضوع الذي أحلتم إليه لأنني أتذكر بأننا افتتحناه قبل عام ووصلنا فيه إلى نتائج جيدة
وإليكم بعض الشروط التي ذكرت في كتب المتقدمين والتي ذكرها الشيخ باجنيد جزاه الله خيراً:



وهذه الشروط وضعها الفقهاء في القرن الثاني أو الثالث الهجري بعد فساد الزمان
فلو سلّمنا بأن ما ذكرتم من أن الجمهور قاموا بتخصيص العام ألا يمكن أن نضع المزيد من الشروط التي تحفظ حقوق البنات الضعيفات اللاتي يتحكم بهن أبوهن بعد فساد وفساد وفساد الزمان

نحن دائما نرفع شعارات العدل والحرية وعندما نذكر مميزات هذا الدين وخصائصه نبدأ بها (وهي كذلك بلا شك)
فأين العدل وأين الحرية في تزويج بنت تبلغ من العمر سنتين من رجل كهل بلغ الأربعين
وأين المصلحة في بلوغ البنت وهي متزوجة من شخص لم تعرفه ولم تره ولم توافق عليه
وكيف سيتحقق الوئام والمودة والرحمة بين اثنين لم يتعارفا إلا بعد الدخول
ومن أين سنأتي بقوله صلى الله عليه وسلم( إنه أحرى أن يؤدم بينكما)
وأي أسرة ستبنى عندما تكون هذه بدايتها ؟
أسئلة كثيرة يجب علينا الوقوف عندها،،،
فهل من مجيب؟؟!!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وفيكم بارك الله.


يجب التنبيه إلى أن البيئة و البلد و المجتمع تؤثر في الأشخاص ومن التأثير الذي لا يشعر به الكثير من المسسلمين دخول المنهج العقلاني في تفكيرهم، ولهذا المنهج مفسدتان عظيمتان :
الأولى تقديم العقل على الشرع.
الثانية بناء الأحكام على مسلمات هي في الأصل باطلة.

للخروج من هذا المنهج لابد من ترويض النفس على أمرين :

الأول تعظيم النصوص الشرعية.
الثاني مناقشة المكتسبات البيئية و إعادة النظر فيها لتمحيص الصحيح من الفاسد منها بعرضها على شرع الله عز وجل.

بالنسبة لما قالته الأخت الكريمة:
النقطة الأولى :
المرأة بطبعها ضعيفة وتميل للعاطفة فتعليق الزواج على رضاها فقط لا يصلح وهذا مشاهد بالتجربة لذلك علق الشارع زواجها على موافقة وليها و موافقتها.

النقطة الثانية :
الشارع يضع شروطا كثيرة لحفظ المصالح و المفاسد لكن عند دراسة مسألة فقهية لا نتطرق لجميع هذه المصالح و المفاسد ذلك أن مقام المدارسة غير مقام الفتوى فعند تطبيق الأحكام الفقهية على الواقع نجد الكثير من النصوص التي تتجاذب الواقعة و قد ينقلب الحكم إلى نقيضة حسب مقام المستفتي فمثلا عند فساد الزمان للحاكم أن يضع شروطا لحفظ المصالح و المفاسد و هذا قد قام به الصحابة رضوان الله عليهم فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينهي عن الزواج بالنصرانيات لكي لا تترك المسلمات رغم جواز ذلك في الأصل.

هناك فرق بين الحكم الفقهي و تنزيله على الواقع فالحكم الفقهي جواز تزويج الصغيرة من أبيها لأنه جرت العادة أن لا يقوم الأب إلا بما فيه مصلحة ابنته ، فإن كان الولي لا يصلح للولاية على ابنته فهنا يدخل في المسألة حكم فقهي جديد ذلك أنه للقاضي أن يمنعه من الولاية مثلا و هكذا مثل هذه الأمور لا نذكرها عند الدراسة الفقهية لأنها ليست من لب الموضوع، لأنه لو أردنا أن نأتي على الشروط جميعها لما وسع موضوعنا لذلك.

النقطة الثالثة :
قول الأخت الكريمة : "فأين العدل وأين الحرية في تزويج بنت تبلغ من العمر سنتين من رجل كهل بلغ الأربعين "
الحق أن هذا الكلام يدخل تحت تأثير البيئة و المجتمع ذلك أن المجتمع اليوم جعل من العيوب في الزواج الفارق الكبير في السن ، لكن هذا الأمر باطل فلا علاقة للزواج بفارق السن ثم أنبه إلى أن العدل هو ما جعله الله عدلا لا ما جعله عقل البعض عدلا، فهذا رسول الله عليه الصلاة و السلام تزوج أمنا عائشة رضي الله عنها و فارق السن بينهما أكبر من فارق السن بين هذا الكهل و الرضيعة فهل سنجعل هذا باطلا ؟ طبعا لا.

النقطة الرابعة :
قول الأخت الكريمة : وأين المصلحة في بلوغ البنت وهي متزوجة من شخص لم تعرفه ولم تره ولم توافق عليه.

قلت منذ أربعة عشر قرنا تتزوج النساء المسلمات برجال لا تعرفهن إلا عند الزواج و يعشن في أحسن عيش حتى جاء زماننا فشاعت الفاحشة و شاعت طريقة الغرب في المعاملة بين المسلمين و أصبحت النساء لا تتزوج إلا بمن تعرفه من الشباب ظنا منهن أن في ذلك مصلحة لهن و الواقع يثبت غير ذلك إذ كثر الطلاق في زماننا أكثر من ذي قبل.

قال لي صديق ذات يوم أباؤنا ما رأوا أمهاتنا إلا يوم الزفاف و رغم ذلك عاشوا معهن إلى الممات أما اليوم فالشاب يتعرف على الشابة خمس سنوات ثم يتزوجان وبعد أشهر يطلقان.

الشارع قد يترك بعض المصالح للأفراد فقد يزوج الأب ابنته الصغيرة لأسباب كثيرة منها الخوف من شيوع الفاحشة و منها قلة الصالحين و المصالح في هذا الباب كثيرة فالشارع ما أهمل المفاسد في هذا الباب فقد شرع للزوجة الخلع فكان الزواج هنا مبنيا على :
- حفظ الولي لمصلحة ابنته
- موافقة الابنة لأن وليها لا يُمَكِّنُ زوجها منها إلا بعد بلوغها
- نظر القاضي إن لم تحفظ المصالح أو إن رأت البنت أن هناك مفسدة تضر بها

فالشارع قد شرع المصالح كما ينبغي و الحكم تتجاذبه أطراف كثيرة يطول ذكرها نختصرها عند المدارسة ليستوعب طلبة العلم ما يدرس و لو ولجنا باب المصالح و المفاسد في كل مسألة ندرسها لما ضبط طلبة العلم المسائل ذلك أن هذا الباب لا يجب ولوجه إلا بعد هضم الكثير من الأحكام الشرعية و الحكم منها حتى يفهم طالب العلم كيفية النظر في المسائل كما ينبغي.

النقطة الخامسة :
قول الأخت الكريمة : وكيف سيتحقق الوئام والمودة والرحمة بين اثنين لم يتعارفا إلا بعد الدخول.

قلت و من هذه التي تعرف زوجها قبل زواجها بل من تظن ذلك فما جربت الحياة في شيء إن المرء لتصاحبه عشرين سنة و ما تعرف عنه إلا الشيء اليسير إنما لا يعرف الزوجان بعضهما إلا بعد المعاشرة و من لم تعاشره لم تعرفه، هذا يدركه المتزوجون.

النقطة السادسة :
قول الأخت الكريمة : ومن أين سنأتي بقوله صلى الله عليه وسلم( إنه أحرى أن يؤدم بينكما).

قلت هذا على الندب لا الوجوب ذلك أنه من المصالح التي تحفظ في الزواج الديمومة والشارع ما أهمل ذلك في زواج الصغيرة ذلك أنها لا يمكن زوجها منها إلا بعد البلوغ.

حتى نخرج بخلاصة :
وكل الشارع زواج المرأة إلى طرفين الولي و المرأة نفسها : وليها لحفظ مصلحة المرأة كي تتزوج من يناسبها و لما كانت المرأة صاحبة الشأن جعل الشارع لها حق القبول و الرفض فكان هذا كافيا عادة و لعلاج الحالات الخاصة ولحفظ مصلحة المرأة من ظلم أولياء السوء جعل الولاية على العقود للحاكم و القاضي وجعل للمرأة حق الخلع ولما كانت الحاجة قد تقتضي تزويج البنت و هي صغيرة أباح الشارع ذلك لأبيها وترك تحديد المصلحة في ذلك لأعراف الناس فالمصالح محفوظة و الشرع يؤخذ بجميع أجزائه لا ببعض أطرافه فإذا أخذ بأكمله كانت المصالح محفوظة كما ينبغي و هنا أذكر بمقولة الإمام الشاطبي بعد ذكره مناظرة بين ناصر السنة الأمام احمد بن حنبل رحمه الله وأحمد بن أبى دؤاد المعتزلى فى بدعة القول بخلق القرآن: "ومدار الغلط في هذا الفصل إنما هو على حرف واحد ، وهو الجهل بمقاصد الشرع ، وعدم ضم أطرافه بعضها ببعض ؛ فإن مأخذ الأدلة عند الأئمة الراسخين إنما هو على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المرتبة عليها ، وعامها المرتب على خاصها ، ومطلقها المحمول على مقيدها ، ومجملها المفسر ببينها . . . . إلى ما سوى ذلك من مناحيها ، فإذا حصل للناظر من جملتها حكم من الأحكام ؛ فذلك الذي نظمت به حين استنبطت .
وما مثلها إلا مثل الإنسان الصحيح السوي ، فكما أن الإنسان لا يكون إنسانا ( حتى ) يستنطق فلا ينطق ؛ لا باليد وحدها ، ولا بالرجل وحدها ، ولا بالرأس وحده ، ولا باللسان وحده ، بل بجملته التي سمي بها إنسانا كذلك الشريعة لا يطلب منها الحكم على حقيقة الاستنباط إلا بجملتها ، لا من دليل منها أي دليل كان ، وإن ظهر لبادي الرأي نطق ذلك الدليل ؛ فإنما هو توهمي لا حقيقي ؛ كاليد إذا استنطقت فإنما تنطق توهما لا حقيقة ؛ من حيث علمت أنها يد إنسان لا من حيث هي إنسان ؛ لأنه محال .
فشأن الراسخين تصور الشريعة صورة واحدة يخدم بعضها بعضا كأعضاء الإنسان إذا صورت صورة متحدة". اهــ

في مسألتنا من المعروف عادة أن الآباء لا يزوجون بناتهن الصغيرات لكن الشرع ما ترك صغيرة و لا كبيرة إلا بينها فجاءتنا السنة ببيان صحة زواج الصغيرات ذلك أن المصلحة قد تقتضي ذلك وإن كانت العادة اليوم تأبآه لكن قد يكون الأب شيخا كبيرا على فراش الموت و ابنته صغيرة لا قريب يرعاها و لا ولي يتولاها فيزوجها لمن رآه صالحا لها فيكفلها و قد يفسد الزمان حتى لا تكاد البنات تبلغ سن الرشد إلا و يلجن باب الفاحشة كما هو مشاهد اليوم فيرى الأب في تزويجها وسيلة لحفظها من هذا السوء.

و في جميع الأحوال إن بلغت الصغيرة و رأت أنها لا ترتتضي هذا الزواج فلها أن ترفع أمرها للقاضي فقد ذهب الأحناف إلى جواز خلع الصغيرة المميزة.

وللحاكم أن يضبط باب هذا الزواج فيشترط موافقة القاضي لزواج الصغيرة و هذا معمول به في أكثر من بلد.

قال الإمام الشوكاني رحمه الله :
أمّا مع عدم المصلحة المعتبرة : فليس للنكاح انعقادٌ من الأصل ، فيجوز للحاكم بل يجب عليه التفرقة بين الصغيرة ومَن تزوجها ، ولها الفرار متى شاءت ، سواء بلغت التكليف أم لم تبلغ ، ما لم يقع منها الرضا بعد تكليفها. اهــ (الفتوى)


فالشارع إذن قد عالج جميع الأطراف و وضع لكل حال حقها ولما كانت نظرة الشارع عامة مناسبة كان العقل قاصرا في كثير الأحيان عن إدراكها ذلك أن العقل ينظر للغالب من المسائل و يترك الناذر أما الشارع فيعطي لكل حال حقها و لا يهمل الناذر إلا لمصلحة أعظم.

أذكر نفسي وإياكم بقوله تعالى : ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ( 285 ) لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ( 286 ) )

أعتذر مسبقا للإخوة و الأخوات فأخوكم في مرض أنهك الجسد وما عاد الحال و الوقت يتسع للخوض في نقاش مبني على العاطفة و العقل البحت دون الرجوع إلى القواعد الشرعية لذلك هذه المشاركة استثناء فقط فأرجو من الإخوة أن يعذروني و أن لا ينتظروا جوابا على المشاركات القادمة إن لم تكن مبنية على القواعد الشرعية ، وفقني الله و إياكم لمرضاته.

و الله أعلم.
 
التعديل الأخير:

محمد رمضان سنيني

:: مطـًـلع ::
إنضم
3 نوفمبر 2012
المشاركات
117
الكنية
أبو عبد البر
التخصص
أصول الفقه
المدينة
الجزائر العاصمة
المذهب الفقهي
مالكي
رد: ماتعليقكم على هذه الفتوى فيمن أرضعت طفلة بعد أن عقد عليها زوجها؟

حياك الله
بل الظاهر أن القصد الأم من النسب، والمطلق يحمل على إطلاقه إلا إذا وجد ما يقيده من دليل معتبر، ولا دليل على ذلك التقييد.
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
رد: ماتعليقكم على هذه الفتوى فيمن أرضعت طفلة بعد أن عقد عليها زوجها؟

والمطلق يحمل على إطلاقه إلا إذا وجد ما يقيده من دليل معتبر، ولا دليل على ذلك التقييد.

نعم هو هذا أخي الكريم فلفظ أمهات مطلق لا يجوز تقيده بالنسب إلا بدليل ففي هذا اللفظ تدخل أمهات الرضاعة والله الموفق.
 
إنضم
13 سبتمبر 2008
المشاركات
246
التخصص
تجاره
المدينة
القاهره
المذهب الفقهي
الدليل
رد: ماتعليقكم على هذه الفتوى فيمن أرضعت طفلة بعد أن عقد عليها زوجها؟

http://islamqa.info/ar/ref/176799

هذه الفتوى التى اشار اليها الاستاذ عبد الحكيم شفاه الله وعافاه وجمع له الاجر والعافيه وهى فتوى ماتعة جامعة تجيب على التساؤلات التى تحير العوام مثلى بارك الله فيه وكل اهل العلم
 

محمد رمضان سنيني

:: مطـًـلع ::
إنضم
3 نوفمبر 2012
المشاركات
117
الكنية
أبو عبد البر
التخصص
أصول الفقه
المدينة
الجزائر العاصمة
المذهب الفقهي
مالكي
رد: ماتعليقكم على هذه الفتوى فيمن أرضعت طفلة بعد أن عقد عليها زوجها؟

يا أخي
سؤال: هل ثمة من المتقدمين من حمل لفظ"آمهات" على الأمهات من الرضاعة، مع أن سياق الآية يقتضي حمله على الأمهات من النسب؛ لأنه سبق في الآية بعد ذكر المحرمات من النسب، المحرمات من الرضاعة، وتنصيص على لفظ"الرضاعة" في"أمهاتكم"، وفي"أخواتكم"، ولكن في المحرمات من المصاهرة لم يأتي التقييد، وعلى كل فالمسئلة خلافية؟ هل يحرم بالمصاهرة ما يحرم بالرضاعة؟
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
رد: ماتعليقكم على هذه الفتوى فيمن أرضعت طفلة بعد أن عقد عليها زوجها؟

يا أخي
سؤال: هل ثمة من المتقدمين من حمل لفظ"آمهات" على الأمهات من الرضاعة، مع أن سياق الآية يقتضي حمله على الأمهات من النسب؛ لأنه سبق في الآية بعد ذكر المحرمات من النسب، المحرمات من الرضاعة، وتنصيص على لفظ"الرضاعة" في"أمهاتكم"، وفي"أخواتكم"، ولكن في المحرمات من المصاهرة لم يأتي التقييد، وعلى كل فالمسئلة خلافية؟ هل يحرم بالمصاهرة ما يحرم بالرضاعة؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بارك الله فيك أخى الكريم.

النقطة الأولى :
قولك أخي الكريم : "هل ثمة من المتقدمين من حمل لفظ"آمهات" على الأمهات من الرضاعة"

قلت السؤال في غير محله، ذلك أن دخول الأم من الرضاعة في مسمى الأم هو الأصل و ما جاء أصالة في اللغة يسأل عنه أهل اللغة أما السلف فيلجأ لهم عند خلاف الأصل فالسؤال الصحيح هو هل أجمع السلف على قصر لفظ الأمهات في الآية على أمهات النسب ؟ فمثل هذا ما يسأل عنه لأنه خلاف الأصل.

وعلى كل قد جاء السنة بإثبات هذه المسميات من ذلك ما جاء عن الإمام مالك في الموطأ عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة أنها قالت : جاء عمي من الرضاعة يستأذن علي فأبيت أن آذن له علي حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك ، فقال إنه عمك فأذني له ، فقلت يا رسول الله ، إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل ، فقال إنه عمك فليلج عليك ، قالت عائشة : وذلك بعدما ضرب الحجاب . وقالت عائشة : يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة . اهــ و الحديث في صحيح مسلم.

فسمى النبي عليه الصلاة و السلام عم عائشة رضي الله عنها من الرضاعة عما.

و جاء في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل فكأنه تغير وجهه كأنه كره ذلك فقالت إنه أخي فقال انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة اهــ فسمته أخا فدل ذلك على دخول الرضاع في هذه المسميات.

النقطة الثانية : قولك أخي الكريم " مع أن سياق الآية يقتضي حمله على الأمهات من النسب؛ لأنه سبق في الآية بعد ذكر المحرمات من النسب، المحرمات من الرضاعة، وتنصيص على لفظ"الرضاعة" في"أمهاتكم"، وفي"أخواتكم"، ولكن في المحرمات من المصاهرة لم يأتي التقييد"

قلت التقييد بالسياق لا يجوز الاستدلال به في هذا الموضع للأسباب الآتية :
قال تعالى : "حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة" فبعد ذكر الأمهات عطف الأمهات من الرضاعة و العطف لا يفيد التغاير لكن القاعدة الأصولية التأسيس أولى من التأكيد فإذا ذهبنا إلى أن الأمهات هنا لا يدخل فيها إلا النسب يكون قوله عز وجل "وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم" من باب التأسيس لكن لو ذهبنا إلى أن الأمهات لفظ مطلق يشمل الأم من الرضاعة كان العطف هنا من باب التأكيد وبما أن التأسيس أولى من التأكيد فيكون السياق هنا حجة لك.

لكن يشكل على هذا باقي السياق و هو قوله عز وجل : "وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم" فلما ذكر الله عز وجل الأبناء هنا قيد ذلك بأبناء النسب فلو كان لفظ الأبناء لا يدخل فيه الابن من الرضاعة كان التقييد هنا بالصلب مهملا و إعمال الكلام أولى من إهماله فعلى هذا السياق هنا يفيد أن الابن من الرضاعة داخل في مسمى الابن و هذا حجة لي فعلى هذا تساوى السياقان فيسقط كل منها الآخر و نلجأ هنا لمرجح آخر و هو أن المطلق يبقى على مطلقه ما لم يقيد و الأم من الرضاعة داخلة في مسمى الأم إذن دخلت في الآية أصالة.

النقطة الثالثة :
قولك أخي الكريم "وعلى كل فالمسألة خلافية؟ هل يحرم بالمصاهرة ما يحرم بالرضاعة؟"

قلت نعم المسألة خلافية لذلك نتدارسها هنا حتى تتضح الأدلة و الحجج وكل يختار ما يراه أقوى حجة عنده و الله الموفق.
 
التعديل الأخير:
إنضم
14 يونيو 2012
المشاركات
307
الكنية
أبو محمد
التخصص
فقه و أصوله
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
------------------
رد: ماتعليقكم على هذه الفتوى فيمن أرضعت طفلة بعد أن عقد عليها زوجها؟

أخي عبد الحكيم على قولك بان البكر تدخل في عموم لفظ الحديث فقل لي كيف تستأذن الرضيعة إذ انك لم تراع عرف القوم في اطلاق لفظ البكر على المؤهلة للزواج
فكيف تستاذن في امر لا تعرف معناه ولا تدرك ماهيته و ان حدثوها عنه لم تفقه كلامهم وهذا الحديث متفق عليه فبالله عليك ما توجيهك له
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تُنكح الأيِّم حتى تُستأمر، ولا تُنكح البكر حتى تُستأذن)) قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال: ((أن تسكت)). متفق عليه
ثم أليس من المتعارف عليه عند الفقهاء والاصوليين مراعاة المقاصد الشرعية في تزويج البنات وهو منصوص في الحديث ومراعاة دفع الضرر المتوقع كتزويج رضيعة لا يعرف حالها حين تطيق وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما رواه عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: جاءت فتاة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أبي زوجني ابن أخيه. ليرفع به خسيسته. فجعل الأمر إليها فقالت: قد أجزت أبي، ولكن أردت أن أعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء!
ألا ترى انه لم يعتد بموافقة الاب هنا ورد الزواج ، ثم اليس لفظ فتاة في الحديث من العموم غير المخصص بعرف ولا بقيد في حديث عبد الله بن بريدة

ولعل امثل ما استدل به الشيخ ابن قدامة بآية { .. فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن } [ الطلاق 4 ] وقال " فدل ذلك على أنها تزوج وتطلق ، ولا إذن لها فيعتبر "
ثم استدل ابن قدامة أيضاً بقصة عائشة رضي الله عنها ونكاحها وهي بنت ست سنين ، ثم قـــال " ومعلوم أنها لم تكن في تلك الحال ممن يعتبر إذنها "
وهذا غير مسلم به لان الحديث لم يصح عندي على الاقل

وقال ابن عبد البر: " أجمع العلماء على أن للأب أن يزوج ابنته الصغيرة ولا يشاورها ، لتزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة وهي بنت ست سنين ، إلا أن العراقيين قالوا : لها الخيار إذا بلغت ، وأبى ذلك أهل الحجاز ، ولا حجة مع من جعل لها الخيار – عندي – والله أعلم .
قال أبو قرة : سألت مالكاً عن قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( والبكر تستأذن في نفسها ) ، أيصيب هذا القول الأب ؟ قال لا ، لم يُعن الأب بهذا ، إنما عني به غير الأب ، وإنكاح الأب جائز على الصغار من ولده ، ذكراً كان أو أنثى " اهـ . انظر التمهيد [ 19/98]
قال ابن شبرمة : لا يجوز إنكاح الأب ابنته الصغيرة إلا حتى تبلغ وتأذن ، ورأى أمر عائشة رضي الله عنها خصوصاً للنبي صلى الله عليه وسلم " .
وهذا الاخير احسن
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
رد: ماتعليقكم على هذه الفتوى فيمن أرضعت طفلة بعد أن عقد عليها زوجها؟

أخي عبد الحكيم على قولك بان البكر تدخل في عموم لفظ الحديث فقل لي كيف تستأذن الرضيعة إذ انك لم تراع عرف القوم في اطلاق لفظ البكر على المؤهلة للزواج
فكيف تستاذن في امر لا تعرف معناه ولا تدرك ماهيته و ان حدثوها عنه لم تفقه كلامهم وهذا الحديث متفق عليه فبالله عليك ما توجيهك له
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تُنكح الأيِّم حتى تُستأمر، ولا تُنكح البكر حتى تُستأذن)) قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال: ((أن تسكت)). متفق عليه
ثم أليس من المتعارف عليه عند الفقهاء والاصوليين مراعاة المقاصد الشرعية في تزويج البنات وهو منصوص في الحديث ومراعاة دفع الضرر المتوقع كتزويج رضيعة لا يعرف حالها حين تطيق وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما رواه عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: جاءت فتاة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أبي زوجني ابن أخيه. ليرفع به خسيسته. فجعل الأمر إليها فقالت: قد أجزت أبي، ولكن أردت أن أعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء!
ألا ترى انه لم يعتد بموافقة الاب هنا ورد الزواج ، ثم اليس لفظ فتاة في الحديث من العموم غير المخصص بعرف ولا بقيد في حديث عبد الله بن بريدة

ولعل امثل ما استدل به الشيخ ابن قدامة بآية { .. فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن } [ الطلاق 4 ] وقال " فدل ذلك على أنها تزوج وتطلق ، ولا إذن لها فيعتبر "
ثم استدل ابن قدامة أيضاً بقصة عائشة رضي الله عنها ونكاحها وهي بنت ست سنين ، ثم قـــال " ومعلوم أنها لم تكن في تلك الحال ممن يعتبر إذنها "
وهذا غير مسلم به لان الحديث لم يصح عندي على الاقل

وقال ابن عبد البر: " أجمع العلماء على أن للأب أن يزوج ابنته الصغيرة ولا يشاورها ، لتزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة وهي بنت ست سنين ، إلا أن العراقيين قالوا : لها الخيار إذا بلغت ، وأبى ذلك أهل الحجاز ، ولا حجة مع من جعل لها الخيار – عندي – والله أعلم .
قال أبو قرة : سألت مالكاً عن قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( والبكر تستأذن في نفسها ) ، أيصيب هذا القول الأب ؟ قال لا ، لم يُعن الأب بهذا ، إنما عني به غير الأب ، وإنكاح الأب جائز على الصغار من ولده ، ذكراً كان أو أنثى " اهـ . انظر التمهيد [ 19/98]
قال ابن شبرمة : لا يجوز إنكاح الأب ابنته الصغيرة إلا حتى تبلغ وتأذن ، ورأى أمر عائشة رضي الله عنها خصوصاً للنبي صلى الله عليه وسلم " .
وهذا الاخير احسن

قد أجبت على ذلك أخي الكريم في المشاركة السابقة و التي قلت فيها :

بالنسبة للنقطة الثانية : ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم مناط الرضي بالقول او السكوت.

الأمر الأول : صيغة الحديث جاءت بتخصيص عموم قوله عليه الصلاة و السلام "لا تنكح البكر" بالغاية و هي السكوت ولا يشترط في الغاية أن تكون ممكنة التحقق في جميع أفراد العموم فلا يستشكل من هذا دخول الصغيرة في العموم السابق مثال ذلك قوله عليه الصلاة و السلام "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ" ففاقد الماء و المريض داخلان في عموم الحديث رغم أن الغاية غير متحققة فيهما إلا أنه جاء مخصص ثان أخرجهما من هذا الحديث فشرع لهما التيمم. اهــ

فسقوط الشرط يسقط الحكم لا الأفراد من العموم فعلى هذا يستفاد من دخول الصغيرة في عموم هذا حديث الاستئدان أنه إن لم يمكن أن تستأذن لا يحل تزويجها إذن دخول الصغيرة في هذا العموم هو حجة لما تذهب إليه أخي الكريم.

الذي قلته هو أن الصغيرة خارجة من هذا العموم بالتخصيص أي غير معنية بهذا الحديث بدليل حديث زواج عائشة رضي الله عنها فيكون :
من حديث الاستئذان و بعموم لفظ البكر يستفاد أن الصغيرة لا يحل تزويجها ذلك أن شرط التخصيص و هو الاستئذان غير متحقق فيها.

من حديث زواج عائشة رضي الله عنها تخرج الصغيرة من عموم لفظ البكر في الحديث السابق بالتخصيص فيستفاد أنها غير معنية بالاستئذان وبهذا نكون قد جمعنا بين الحديثين إذن لابد من استئذان البكر الواعية لمعنى الزواج حتى تزوج وللأب تزويج ابنته الصغيرة لمصلحة.

و الله الموفق.
 
التعديل الأخير:
إنضم
14 يونيو 2012
المشاركات
307
الكنية
أبو محمد
التخصص
فقه و أصوله
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
------------------
رد: ماتعليقكم على هذه الفتوى فيمن أرضعت طفلة بعد أن عقد عليها زوجها؟

صيغة الحديث جاءت بتخصيص عموم قوله عليه الصلاة و السلام "لا تنكح البكر" بالغاية و هي السكوت ولا يشترط في الغاية أن تكون ممكنة التحقق في جميع أفراد العموم فلا يستشكل من هذا دخول الصغيرة في العموم السابق
لعل اخي الكريم عبد الحكيم يفيدني في ربط هذا الموضوع بهذا الذي في الرابط
http://www.feqhweb.com/vb/t12910
 
أعلى