العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

تذكير الأنام بوجوب إخراج زكاة الفطر طعام

إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده ، وعلى آله وصحبه
أما بعد :

فإن الباعث لكتابة هذه الكلمة هو تذكير عامة المسلمين بعدم جواز إخراج زكاة الفطر نقوداً ؛ووجوب إخراجها طعاما ؛ لأن بعض أهل العلم فى هذا الزمان يفتون بجواز إخراج زكاة الفطر نقوداً ، حتى عم هذا القول عند غالب العوام و انتشر ، وأصبح الناس يستنكرون على من يخرج زكاة الفطر طعاما ،و الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه هو إخراج زكاة الفطر طعاماً، و لبيان هذا الحق فسوف ينتظم الحديث فى العناصر الآتية :
فصل : الفقهاء ليسوا مشرعين
فصل : خلاف العلماء في جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر
فصل : فصل: حجة أبى حنيفة و من قال بقوله و مناقشتها
فصل : حجة الجمهور
الخاتمة : خلاصة القول
أسأل الله أن يفقهنا ديننا
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
فصل: الفقهاء ليسوا مشرعين:

فصل: الفقهاء ليسوا مشرعين:

فصل: الفقهاء ليسوا مشرعين:

أيها الأخ الحبيب وأيتها الأخت الحبيبة اعلما أن الفقهاء ليسوا مشرعين ، ولكنهم مظهرون لحكم الله ، لذا تجـدهم متثبتين فيما يقولونه فهم يخبرون عن أن الله حرم كذا وأحل كذا ،ولذلك كل قول ينسبه قائل إلى الشرع فلسنا ملزمين به ما لم يأت بما يُثبت ما يقول فإن الشرع لا يثبت بأقوال الرجال ، والحق لا يوزن بالرجال ، ولكن يوزن الرجال بالحـق ، والرجال يُستدل لهم ،ولا يستدل بهم ، والحكم الشرعي إذا نسب إلى فقيه مجتهد ، فإنه لا يعني أنه الحاكم بل هوموقع عن الله واجتهاده يجب أن يكون مستنداً إلى حكم الله عز وجل من الكتاب أو السنة،فذلك إن حكمبالنص القرآني أو الحديثي، فقد حكم بحكم الله ، وإن لم يجد نصاً واجتهد ، فيجب أن يكون اجتهادههو ما يظنه أنه حكم الله، وليس له أن يحكم بهواه ، أو برأيه المجرد ، أو بما يستحسنه من عند نفسه دون نظر إلى مقاصد الشرع وأهدافه وقواعد الشريعة وأحكامها، وهذا يعني في المحصلة النهائية أنه يحكم بحكم الله ، فإن أصاب فمن الله، وإن أخطأ ؛ لأنه غير معصوم فإن هذا الحكم ينسب له ،ولا ينسب إلى دين الله وتشريعه ،ولما كان العلماء المجتهدون، والقضاة، يجتهدون فيصيبون مرة ، ويخطئون أخرى كان الدين الذي تعبدنا الله به هو كلامه وكلام رسوله فقط ؛ لأن كلام الله وكلام رسوله هو الكلام المعصوم من الخطأ .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
فصل : خلاف العلماء في جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر

فصل : خلاف العلماء في جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر

فصل : خلاف العلماء في جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر :
اتفق العلماء في أن زكاة الفطر تخرج طعاما ، واختلفوا في جواز إخراجها نقودا فذهب الجمهور إلى عدم جواز إخراج زكاة الفطر نقودا[1] ، و منهم الشافعية [2]و المالكية[3] والحنابلة[4] و ذهب الأحناف إلى جواز إخراج القيمة[5] و أيضا ذهب لجواز إخراج القيمة الثوري والبخاري و ابن تيمية[6] ، و العلماء المعاصرين قد اختلفوا بين مانع ومجوز فأما المانعين فمنهم ابن باز[7] و ابن عثيمين [8]و ابن جبرين والفوزان و الدكتور ياسر برهامي و الدكتور محمد إسماعيل المقدم و الدكتور عبد العظيم بدوي[9] و أما المجوزين فمنهم الشيخ سلمان العودة و الشيخ ناصح علوان و أحمد محمد الصديق الغماري[10] و الدكتور يوسف القرضاوي[11] و الدكتور عبد الكريم زيدان[12] و كل من العلماء قد اجتهد و المصبيب منهم له أجران والمخطيء له أجر ، و كل من العلماء له قد أدلى بدلوه و كل من العلماء له وجهة هو موليها.







[1]- شرح صحيح مسلم للنووى باب الزكاة حديث رقم 1635
[2]- شرح صحيح مسلم للنووى باب الزكاة حديث رقم 1635
[3]- المدونة الكبرى 1/392
[4]- المغني لابن قدامة 4/295
[5]- المبسوط للسرخسي 3/107
[6]- مجموع الفتاوى لابن تيمية 25/82 - 83
[7] - مجموع فتاوى ومقالات ابن باز
[8] - مجوع الفتاوى لابن عثيمين 18/278
[9]- الوجيز في فقه السنة والكتاب العزيز للدكتور عبد العظيم بدوي ص 230
[10] - تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال لأحمد الصديق الغماري
[11]- فقه الزكاة للدكتور يوسف القرضاوي
[12] -المفصل فيأحكام المرأةو بيت المسلم في الشريعةالإسلامية 1/468

__________________
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
فصل : حجة أبى حنيفة و من قال بقوله و مناقشتها

فصل : حجة أبى حنيفة و من قال بقوله و مناقشتها

الدليل الأول :
قوله تعالى : ﴿ ُخذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا [1]
وجه الدلالة :
دلت الآية أن الأصل في الصدقة المال والمال في الأصل ما يملك من الذهب أو الفضة ، و بيان الرسول للمنصوص عليه إنما هو للتيسير ورفع الحرج، لا لحصر الواجب .
مناقشة الدليل :
الدليل أعم من الدعوى فالمال يطلق على كل ما يتمول، ومن ذلك بهيمة الأنعام والحبوب، والأنواع المنصوصة في زكاة الفطر ،و القول بأن ( بيان الرسول للمنصوص عليه إنما هو للتيسير ورفع الحرج، لا لحصر الواجب ) لا يصح فبيان النبي صلى الله عليه وسلم للعبادة من قبيل المفسر ، والمفسر لا يقبل التأويل ،و النبي صلى الله عليه وسلم قد بين أن زكاة الفطر صاع من طعام فالقول بجواز إخراج زكاة الفطر من غير الطعام مخالف لبيان النبي صلى الله عليه وسلم .

الدليل الثاني :
علة إخراج زكاة الفطر إغْنَاءُ الْفَقِيرِ لحديث : «أَغْنُوهُمْ عَنْ الْمَسْأَلَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ »، و َالْإِغْنَاءُ يَحْصُلُ بِالْقِيمَةِ ،وهى أَقْرَبُ إلَى دَفْعِ الْحَاجَةِ،و إخراج الطعـام قد لا ينتفع به الفقير.
مناقشة الدليل :
هذا الحديث ضعيف ، وقد أشار إلى تضعيفه الإمام البيهقى ، و جزم الحافظ بضعف الحديث في " بلوغ المرام " وسبقه النووي في " المجموع " وضعفه الشيخ الألباني فى " إرواء الغليل" و" تمام المنة" . و الضعيف لا يحتج به .
مناقشة الاستدلال :
الإغناء كما يكون بالمال يكون بالطعام أيضاً ،و الفقير إذا كان فقيراً حقًّا لابد أن ينتفع بالطعام ، وحاجته إلى الملبس والمشرب تكفل بالصدقات التى حث الشرع عليها طوال العام ،و الفقراء في يوم العيد يحتاجون للطعام حتى لايضطروالسؤال الناس الطعام يوم العيد .

الدليل الثالث :
النقود كانت قليلةً في العصر النبوي ومعظم أموالِهم التي كانوا يتداوَلونها ويتبادلون بها كأنَّها نقود، قد كانت هذهالأنواع الغذائية التي وردت في الحديث ، و ذكر هذه الأنواع ليس للحصر فتصح بالقيمة لأنها أنفع للفقير .
مناقشة الدليل :
كانت الدنانير والدراهم موجودة و شائعة في العصر النبوي،و الناس هم الناس في حاجتهم للنقود للمأكل والمشرب والملبس والمسكن وخلافه ، و العصر النبوي كأي عصر فيه الغني والفقير و متوسط الحال و زكاة الفطر يسيرة و لا تشق على كثير من الناس ،و العبرة بالغالب والنادر لا عبرة به ،و لو كان المقصود من زكاة الفطر إغناء الفقراء ماليا لكانت زكاة الفطر أكبر من هذا فصدقة الفطر يسيرة فالمقصود إذاً أن يخرج كثير من الطعام من البيوت المسلمة، وأن يتردد الطعام في الطرقات .

الدليل الرابع :
قد غاير النبي صلى الله عليه وسلم بين القدر الواجب من الأعيان المنصوص عليها مع تساويها في كفاية الحاجة فأوجب من التمر والشعير صاعاً، ومن البر نصف صاع وذلك لكونه أعلى ثمناً لقلته بالمدينة في عصره، فدل على أنه اعتبر القيمة ، و لم يعتبر الأعيان إذ لو اعتبرها لسوى بينها في المقدار .
مناقشة الدليل :
الثابت أن زكاة الفطر تخرج صاع من طعام قال أبو سعيد الخدري : كنا نخرج يوم الفطر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام ، وكان طعامنا الشعير والزبيب والأرقط والتمر[2] ، وعلى التسليم بصحة الحديث على التسليم الذي فيه البر فاعتبار القيمة هنا لا يلغي اعتبار النوع ، ولو كانت القيمة وحدها مجزئة لبين الشرع ذلك .

الدليل الخامس :
قول النبي صلى الله عليه وسلم للنساء يوم عيد الفطر : « تصدقن ولو من حليكن »[3]
وجه الدلالة :
عموم الأمر بالتصدق فلم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم صدقة الفرض من غيرها ، مناقشة الدليل : الصدقة إذا أطلقت فهي صدقة التطوع عرفا ، وليس صدقة الفرض ، والزكاة المفروضة لا تخرج جزافا بل تخرج محددة ومقدرة ،و لو كان المقصود زكاة الفطر لما أمرهن بها في الخطبة بعد الصلاة، وقد أمر المسلمين أن يؤدوها قبل الصلاة .

الدليل السادس :
قوله تعالى : ﴿ لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾[4]
وجه الدلالة :
المال هو المحبوب فالكثيراً من الناس يهون عليه إطعام الطعام ، ويصعب عليه دفع ثمن ذلك للفقراء، بخلاف الحال في عصر النبوي ، ولذا كان إخراج الطعام في العهد النبوي أفضل لأنه أحب، وإخراج المال في عصرنا أفضل؛ لأنه إلينا أحب .
مناقشة الدليل :
التفريق بين العصر النبوي وعصرنا من ناحية حب الناس للنقود و حب الناس للطعام تفريق بلا مفرق إذ لا دليل عليه فالناس هم الناس في حاجتهم للنقود للمأكل والمشرب والملبس والمسكن وخلافه

الدليل السابع :
ذكر ابن المنذر أن الصحابة أجازوا إخراج نصف الصاع من القمح؛ لأنهم رأوه معادلاً في القيمة للصاع من التمر أو الشعير، ولهذا قال معاوية: "إني لأرى مُدَّين من سمراء الشام تعدل صاعًا من التمر".
مناقشة الدليل :
اعتبار القيمة هنا لم يلغ اعتبار النوع ، ولو كانت القيمة وحدها مجزئة لأخرجوها بالقيمة .

الدليل الثامن :
القياس على الجزية فكما يجوز أخذ العين يجوز أخذ قيمة العين.
مناقشة الدليل :
قياس زكاة الفطر على الجزية قياس مع الفارق فالزكاة فيها عبادة وقربة وليست ضريبة مالية كالجزية فأي شيء يصل منهم يكفي بالغرض .

الدليل التاسع :
جواز العدول عن العين إلى الجنس مثلا رجلا عنده أربعين شاة يجوز أن يخرج زكاة الغنم شاة من غير غنمه ، ورجل عنده زرع يخرج عشر ما سقت السماء من الزرع نفسه أو من غيره
مناقشة الدليل :
لا ينتقل إلى البدل إلا عند فقد المبدل منه و العدول من جنس إلى جنس يشترط تعذر الجنس الأول و إذا فقد الجنس يجوز القيمة .

الدليل العاشر :
قال طاووس عن معاذ بن جبل رضي الله أنه كان يقول لأهل اليمن: ( ائتوني بخميص أو لبيس أسهل عليكم وخير لمن في المدينة من المهاجرين والأنصار )[5]
مناقشة الدليل :
هذا الحديث ضعيف ،ضعفه البخاري والترمذي والعقيلي و ابن حجر و الضعيف ليس بحجة ، و هذا الحديث في أخذ البدل عن الجزية ، وليس في زكاة الفطر ، و الأمر في الجزية أوسع فالزكاة فيها عبادة وقربة وليست ضريبة مالية كالجزية فأي شيء يصل منهم يكفي بالغرض .

الدليل الحادي عشر :
زكاة الفطر إذا كانت طعاما ربما تفسد إذا كثرت عند الفقير أما النقود فلا تفسد فالأفضل إخراجها بالقيمة .
مناقشة الدليل : الذي فرض زكاة الفطر ففرض عليناالأولى قيمة ، وفرض الثانية طعاما و قال تعالى : ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً [6] و الطعام في الغالب لا يفسد إلا تحت ظروف معينة و حجم معين ووقت معين والعبرة بالغالب .






















[1] - التوبة من الآية 103
[2] - رواه البخاري
[3] - رواه البخاري في صحيحه رقم (1397)، ورواه مسلم في صحيحه رقم: (1000).
[4] - ال عمران من الآية 92
[5] - ذكره البخاري تعليقاً في كتاب الزَّكَاة، باب العرض في الزَّكَاة، ورواه البيهقي في سننه حديث رقم : (7165) ، وطاووس لم يسمع من معاذ ، قال ابن حجر في التلخيص(3/114) : منقطع، وقال الاسماعيلي : مرسل لا حجة فيه
[6] - مريم من الآية 64
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
فصل : حجة الجمهور :

فصل : حجة الجمهور :

فصل : حجة الجمهور :


الدليل الأول :
عن عبد الله بن عمر : « فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر ، صاعا من تمر أو صاعا من شعير ، على العبد والحر ، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير ، من المسلمين ، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة»[1] ،و عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير عن أبيه قال : «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فأمر بصدقة الفطر صاع تمر أو صاع شعير عن كل رأس »[2]
وجه الدلالة :
في هذا الحديث دلالة على وجوب إخراج زكاة الفطر طعاما من وجوه :
الوجه الأول : أن النبي صلىالله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من الطعام، و لم يذكر الدنانير والدراهم في زكاةالفطر مع أنها كانت موجودة في زمانه ، فلو كانت جائزةلأمر بأن يتصدق بالقيمة. فلما لم يأمر بها وجعلها طعاماً تعين الطعام ، وقال مجيزي إخراج القيمة : سببذكر الطعام وعدم ذكر النقودأن النقود كانت قليلةً في ذلك الوقت لا يَتوافَر منها إلا القليل لدى القليل من الناس،ومعظم أموالِهم التي كانوا يتداوَلونها ويتبادلون بها كأنَّها نقود، قد كانت هذهالأنواع الغذائية التي وردت في الحديث ، و ذكر هذه الأنواع ليس للحصر، وإنما هو للتيسير ورفع الحرج، فإخراج تلك الأنواع المنصوصة أيسر من إخراج غيرها من الأموال فقد عين النبي صلى الله عليه وسلم الطعام في زكاة الفطر لندرته بالأسواق في تلك الأزمان، وشدة احتياج الفقراء إليه لا إلى المال، فإن غالب المتصدقين في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ما كانوا يتصدقون إلا بالطعام و هذا الكلام غير صحيح فهذا اجتهاد مع النص ،و لا اجتهاد مع نص صحيح صريح ، والدراهم والدنانير كانت شائعة في العهد النبوي ، ولا تشق على كثير من الناس ، والعبرة بالغالب والنادر لا عبرة به .
الوجه الثاني : إخراج زكاة الفطر طعاما منصوص عليه ، و لا يجوز العدول عن المنصوص إلا بدليل فأين الدليل على جواز إخراج القيمة ؟ أنتم إذا قلتم بجواز إخراج زكاة الفطر بالقيمة لزمكم أن تقولوا أن في الحديث كلام محذوف ألا و هو ( أو قيمة صاعا من تمر أو صاعا من شعير ) و الأصل في الكلام عدم الحذف ، و اعترض مجيزي إخراج القيمة قائلين:الأصلح للفقير و الأدفع لحاجته إخراج زكاة الفطر بالقيمة ،و النقود أنفع للفقير ويشتري بها ما يشاء وقد يحتاج شيئا آخر غير الطعام ،ثم قد يبيع الفقير الطعام ويخسر فيه و لا يوجد وجود دليل يمنع من إخراج زكاة الفطر بالقيمة ، و الجواب على هذا الاعتراض : هناك أنواع كثيرة من الزكاة إذا أخرجت كما يجب ستسد حاجة الفقير وترفع فقره ، و ذلك من زكاة المال و الصدقات العامةو الهبات وغيرها والفقير إذا كان فقيراً حقًّا لابد أن ينتفع بالطعام ، وحاجته إلى الملبس والمشرب تكفل بالصدقات التى حث الشرع عليها طوال العام ، وتجد هؤلاء ينسون الفقير طوال العام ،ولايتصدقون عليه بالنقود ثم يتذكرونه فى هذا الشهر ، و يريدون أن يعطوه زكاة الفطر نقوداً بنية الزكاة فلا تبرأ زمتهم من هذا الفرض ،وكأنهم لم يزكوا .و يجب على المسلم أن يتحرى ويجتهد فيتوصيل زكاته لمن يستفيد منها، و إن أعطيت لفقير يستحقها وباعها أقل من قيمتها فقدبرئت ذمتك منها ،و الذي فرض علينا زكاة المال هو الذي فرض زكاة الفطر ففرض عليناالأولى قيمة ، وفرض الثانية طعاما و قال تعالى : ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً [3]ونحن لو أعطينا الفقير طعاما من قوت البلدفإنه سيأكل منه ويستفيد عاجلا أو آجلا لأنّ هذا مما يستعمله أصلا .و قال إمام الحرمين أبو المعالي الجويني رحمه الله: « الزكاة قربة لله تعالى وكل ما كان كذلك فسبيله أن يتبع فيه أمر الله تعالى ولو قال إنسان لوكيله: اشتر ثوبا وعلم الوكيل أن غرضه التجارة ووجد سلعة هي أنفع لموكله لم يكن له مخالفته ، و إن رآه أنفع فما يجب لله تعالى بأمره أولى بالاتباع، كما لا يجوز في الصلاة إقامة السجود على الخد والذقن مقام السجود على الجبهة والأنف، والتعليل فيه بمعنى الخضوع لا يصلح لأن ذلك مخالف للنص وخروجا على معنى التعبد، كذلك لا يجوز في الزكاة إخراج قيمة الشاة أو البعير أو الحب أو الثمر المنصوص على وجوبه لأن ذلك خروج على النص وعلى معنى التعبد والزكاة أخت الصلاة »[4]
الوجه الثالث : حدد النبي صلى الله عليه وسلم جنس زكاة الفطر صاع من طعام صاعا من تمر أو صاعا من شعير فمن الأدب الشرعي أن يلتزم الشخص بالجنس الذي حدده النبي صلى الله عليه وسلم
الدليل الثاني :
فعل الصحابة فلم يعلم عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخرج النقود فيزكاة الفطر، و هم أعلم الناس بسنته ، و أحرص على العمل بها، وأحرص على ما ينفعالناس ، والثابت عنهم أنهم كانوا يخرجون زكاة الفطر طعاما قال أبو سعيد الخدري : كنا نخرج يوم الفطر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام ، وكان طعامنا الشعير والزبيب والأرقط والتمر[5] .
الدليل الثالث :
عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهر الصيام من اللغو والرفث وطعمة للمساكين [6] ، و قد بين الحديث الحكمة من فرضية زكاة الفطر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم طهرة للصائم من اللغو والرفث أثناء الصيام والحكمة الأخرى من فرضيتها أنها طعمة للمساكين فكيف تكون زكاة الفطر طعمة للمساكين إذا أخرجت من غير الطعام ، و الطعمة تكون بما يطعم ، ولا تكون بالدراهم التي تقضى بها الحاجات ؟!!!
الدليل الرابع :
لميثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أحدٍ من أصحابه أنه أخرج قيمة زكاة الفطر مع توفرالأموال بينهم ، و إخراج زكاة الفطر قيمة خلاف ما أمر به النبي صلى اللهعليه وسلم فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : « من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد »[7] أي : أي أمر ديني محدث غير مقبول ، و إذا كان العمل غير مقبول ففعله عبث ، وما فائدة أن نفعل عملا لا يقبل .
الدليل الخامس :
النبي صلى الله عليه وسلم قدعين زكاة الفطر من أجناس مختلفة وأقيامهامختلفة غالباً، فلو كانت القيمة معتبرة لكان الواجب صاعاً من جنس، وما يقابل قيمتهمن الأجناس واعترض مجيزي إخراج القيمة قائلين : القول بأن هذه الأنواع لما كانت مختلفة القيم في عصرنا ، كانت كذلك في العصر النبوي فيه قياس عصرنا على عصر النبي صلى الله عليه وسلم و هذا يحتاج إلى نقل صريح في إثباته، و إلا فالأزمنة تختلف في الأسعار، ومساواة الأشياء وتفاضلها ، و الجواب على هذا الاعتراض أن اختلاف النوع يؤدي إلى اختلاف القيمة في الغالب و العبرة بالغالب فالذي يقول اختلاف النوع لا يؤدي إلى اختلاف القيمة هو المطالب بالدليل .
الدليل السادس :
أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك زكاة الفطر دون بيان ، و لما بينها ذكر الطعام ، و لم يذكر القيمة ، و لما لم يذكر القيمة مطلقا دل على وجوب إخراجها طعاما ، و ليس بالقيمة إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة .
الدليل السابع :
بيان النبي صلى الله عليه وسلم للعبادة من قبيل المفسر ، والمفسر لا يقبل التأويل ،و النبي صلى الله عليه وسلم قد بين أن زكاة الفطر صاع من تمر أو شعير فالقول بجواز إخراج زكاة الفطر من غير الطعام مخالف لبيان النبي صلى الله عليه وسلم ،و قال مجيزي إخراج القيمة : تجويز المانعين إدخال الأرز في الأصناف التي تخرج منها زكاة الفطر ، مع أنه لم يرد به نص بل اجتهاد فكيف يعترضوا على اجتهاد المجيزين و الجواب على هذا الاعتراض : قال أبو سعيد الخدري : كنا نخرج يوم الفطر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام ، وكان طعامنا الشعير والزبيب والأرقط و التمر[8] وهذا دليل على أن المطالب به في زكاة الفطر إخراجها طعام من قوت البلد ففي الحديث فرض النبي صلى الله عليه وسلم صدقة الفطرصاعا من تمر أو شعير أو زبيب أو أقط وهو نص مبني على واقع معين إذ أن هذه الأشياء كانت غالب قوت أهل المدينة وإذا تبدلت هذهالأقوات في بلدة ما فإن الزكاة تستخرج منها ، و قول الصحابي : كنا نقول كذا وكنا نفعل كذا من ألفاظ التكثير ومما يفيد تكرار الفعل والقول واستمرارهم عليه، فمتى أضاف ذلك إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم على وجه كان يعلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينكره وجب القضاء بكونه شرعاً، وقام إقراره به مقام نطقه بالأمر به، ويبعد فيما كان يتكرر قول الصحابة له وفعلهم إياه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخفى عليه وقوعه ولا يعلم به .

الدليل الثامن :
زكاة الفطر عبادة فرضت من جنس معين ألا وهو الطعام ، قال أبو سعيد الخدري : كنا نخرج يوم الفطر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام ، وكان طعامنا الشعير والزبيب والأرقط و التمر[9] فلا يجزئ إخراج زكاة الفطر من غير الجنس المعين كما لو أخرجها في غير وقتها المعين.
الدليل التاسع :
الفقراء في يوم العيد يحتاجون للطعام حتى لايضطروالسؤال الناس الطعام يوم العيد ، و حاجتهم للطعام أشد من حاجتهم للباس ، ومن المشاهد أن الشخص الذي ليس معه مال إذا رزق بمال فإنه يشتري طعاما كي يأكل ،و يشتري شرابا كي يشرب و إذا فاض عليه المال يشتري اللباس .
الدليل العاشر :
يجب إخراج زكاة الفطر طعاما اتقاءا للشبهات و خروجا من الخلاف فإخراج زكاة الفطر طعام مجمع عليه و إخراج زكاة الفطر بالقيمة مختلف فيه بين الجواز و عدم الجواز و القاعدة أنه إذا اجتمع مبيح و مانع غلب المنع و إخراج زكاة الفطرة بالقيمة دائر ما بين الإباحة و المنع فيغلب جانب المنع فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : « دع ما يريبك إلى ما لا يريبك »[10] يعني اترك الذي ترتاب فيه و تشك فيه إلى الشيء الذي لا تشك فيه فالذي يريبك وتشك فيه فالأحسن أن ترتاح منهوتدعه حتى لا يكون في نفسك قلق واضطراب فيما فعلت وأتيت ، و من أخرج زكاة الفطر صاعا من طعام فقد أداها بالإجماع، ومن أخرج عوضها ومقابلها من النقود مثلاً فإنه يبقى في ريب فيترك عملا بالحديث .
الدليل الحادي عشر :
الذي يستقري الصدقات والنفقات والكفارات المالية يجد أن الشرع نص في كل على أنواع معينة ، فنص في زكاة الزروع على إخراجها منها يوم حصادها، وفي النقدين منهما، وفي الغنم والإبل منهما، وفي كفارات نص على الكسوة وفي غيرها على تحرير رقبة أو على الطعام، وهنا في صدقة الفطر نص على الطعام ولم يذكر معه غيره فعلم بهذا التغاير أن هذه النصوص مقصودة للشرع كل في موضعه .






[1] - رواه البخاري في صحيحه رقم 1503[2] - سنن أبى داود حديث رقم 1620
[3] - مريم من الآية 64
[4] - المجموع للنووي 5/430
[5] - رواه البخاري
[6] - رواه أبو داود حديث رقم 1818
[7]- رواه البخاري ومسلم في صحيحهما
[8] - رواه البخاري
[9] - رواه البخاري
[10] - رواه أحمد في مسنده والترمذي في سننه والنسائي في سننه وابن حبان والحاكم في المستدرك ، وصححه الألباني في غاية المرام حديث رقم 179
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
الخاتمة : خلاصة القول( وجوب إخراج زكاة الفطر طعاما):

الخاتمة : خلاصة القول( وجوب إخراج زكاة الفطر طعاما):

القول الراجح من أقوال أهل العلم أن زكاة الفطر لا تصح من الدراهم ، ولا من الثياب، ولا من الفرش ، ولا عبرة بقول من قال من أهل العلم: إن زكاة الفطر تجزيء من الدراهم؛ لأنه ما دام النص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم موجوداً، فلا قول لأحد بعده، ولا استحسان للعقول في إبطال الشرع ، و لو كانت القيمة مجزئة لبين النبي صلى الله عليه وسلم . هذا وبالله التوفيق والحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات . وكتب ربيع أحمد سيد بكالوريوس الطب والجراحة جامعة عين شمس يوم الاثنين 29 رمضان سنة 1428هـ 29 أكتوبر سنة 2008مـ

__________________​
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل

المرفقات

  • تذكير الإخوان بوجوب إخراج زكاة الفطر طعام.doc
    108 KB · المشاهدات: 0
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
حياك الله أخي ربيع عودا حميد ،فلقد افتقدناك...

تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام.

فتوى لابن تيمية بين فيها مسالك الأئمة في إخراج القيمة في الزكاة مع استظهاره للراجح.
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=725
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
حياك الله أخي ربيع عودا حميد ،فلقد افتقدناك...

تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام.

فتوى لابن تيمية بين فيها مسالك الأئمة في إخراج القيمة في الزكاة مع استظهاره للراجح.
[URL="http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=725"]http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=725[/URL]

جزاكم الله خيرا خيرا حبيبنا الكريم ،وما حرمني منكم إلا ظروف عندي أسأل الله ألا يرجعها وجزاكم الله خيرا على موضوعكم فتوى لابن تيمية بين فيها مسالك الأئمة في إخراج القيمة في الزكاة مع استظهاره للراجح الذي فيه جهد نفيس
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
إشكال و إزالته

إشكال و إزالته

عندما كتبت هذا البحث في أحد المواقع سألني أخ قائلا :

أخي الكريم أين ثبت أن النبي صلى الله عليه و سلم أخرج زكاة الفطر طعاما؟
أين بين هذا النبي صلى الله عليه و سلم؟
هذا الحديث دلالة على وجوب إخراج الزكاة صاع تمر أو صاع شعير و ليست دليلا على إخراجها طعاما
فكما أنه يعاب على القائلين بجواز إخراجها نقدا فكذلك يعاب على القائلين بجواز إخراجها عدسا أو حمصا أو لوبيا...


و الجواب قد أجبت على هذا الكلام حين قلت : (( قال أبو سعيد الخدري : كنا نخرج يوم الفطر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام ، وكان طعامنا الشعير والزبيب والأرقط و التمر وهذا دليل على أن المطالب به في زكاة الفطر إخراجها طعام من قوت البلد ففي الحديث فرض النبي صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعا من تمر أو شعير أو زبيب أو أقط وهو نص مبني على واقع معين إذ أن هذه الأشياء كانت غالب قوت أهل المدينة وإذا تبدلت هذه الأقوات في بلدة ما فإن الزكاة تستخرج منها. ، و قول الصحابي : كنا نقول كذا وكنا نفعل كذا من ألفاظ التكثير ومما يفيد تكرار الفعل والقول واستمرارهم عليه، فمتى أضاف ذلك إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم على وجه كان يعلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينكره وجب القضاء بكونه شرعاً، وقام إقراره به مقام نطقه بالأمر به، ويبعد فيما كان يتكرر قول الصحابة له وفعلهم إياه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخفى عليه وقوعه ولا يعلم به )).

الشاهد : كلمة : صاعا من طعام ، وكلمة : وكان طعامنا


فأشكل على البعض العطف في عطف صاعاً من طعام على وكان طعامنا الشعير والزبيب والأرقط و التمر في قول أبي سعيد الخدري : كنا نخرج يوم الفطر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام ، وكان طعامنا الشعير والزبيب والأرقط و التمر
فقلت التمر والشعير من جنس الطعام

فأشكل أيضا و تعقب أخ قائلا :
اخي الكريم لعلك لم تلحظ قوله: وكان طعامنا الشعير والزبيب والاقط والتمر .... تأمل
يقصد و الله أعلم أن الواو للمغايرة

و إجابتي السابقة تفيد أن الواو ليست في هذا الكلام للمغايرة بل من باب عطف الخاص على العام

 

لافي غانم الخلف

:: متابع ::
إنضم
14 يوليو 2009
المشاركات
4
التخصص
فقه وأصول فقه
المدينة
الجهراء
المذهب الفقهي
الحنبلي
بارك الله فيكم ، ونفع بعلمكم
ولي تعليق على ما تفضلتم به من الفوائد
إذا كانت المسألة خلافية بين العلماء فالأمر فيه سعة ، فلا يشدد على من أخذ بالقول الثاني أو أفتى به ، خاصة أن الفريق الذي ذهب إلى الجواز وإن لم تسلم له الأدلة في نظركم ، نظر إلى الحكمة من مشروعية الزكاة وهي اغناء الفقراء والمساكين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم )
نعم : القول بإخراجها طعاما لا شك أنه القول الأحوط والأقرب الى اتباع السنة ، لكن القول بعدم اجزاء اخراجها نقودا ، فيه نظر
والله أعلم بالصواب
 

بدر الدين المصري

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعي
إخواني الفضلاء جئت لكم ببحث كان منشورًا على الموقع القديم لدار الإفتاء المصرية حول هذا الموضوع وللأمانة فلقد أعجبني جدًا، وخاصة في خاتمته وفيها إجازة الإمام الرملي الكبير من الشافعية تقليد المذهب الحنفي في جواز إخراج زكاة الفطر مالا.. وإليكم البحث

إخراج زكاة الفطر مالا

شرع الله تعالى زكاة الفطر طُهْرَةً للصائم من اللغو والرفث، وإغناءً للمساكين عن السؤال في يوم العيد الذي يفرح المسلمون بقدومه؛ حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أغنوهم عن الطواف هذا اليوم" (1 ).
وزكاة الفطر هي: صدقة تجب بالإفطار من رمضان بمقدار محدد على كل نفس من المسلمين، يخرجها العائل عن نفسه وعن من تلزمه نفقته. قال الإمام ابن المنذر: "أجمع عوام أهل العلم على أنَّ صدقة الفطر فرض" (2 ).
وزكاة الفطر تخرج للفقراء والمساكين وكذلك باقي الأصناف الثمانية التي ذكرهم الله تعالى في آية مصارف الزكاة، قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}[التوبة:60].
وفي هذا البحث نستعرض آراء العلماء فيما تخرج منه زكاة الفطر، وهل يصح إخراجها قيمة أم لا؟

(مذاهب العلماء فيما تُخرج منه زكاة الفطر، وبيان ما يُجزئ وما لا يجزئ)

1- مذهب الجمهور:
ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنَّ زكاةَ الفطر صاعٌ من طعامٍ، وأنه لا يجوز دفع القيمة ولا تجزئ؛ لأنه لم يرد نص بذلك.
فيرى المالكية أنَّ صدقةَ الفطر صاعٌ عن كل شخص، والصاع: أربعة أمداد، والمُدُّ: حفنة ملء اليدين المتوسطتين، وهي واجبة وجوبًا ثابتًا بالسنة؛ لخبر: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر عن رمضان صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين" (3 )، وإذا وجبت صدقة الفطر على المكلَّف ولم يقدر على إخراج الصاع كله بل على جزئه أخرجه على ظاهر المذهب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" (4 ).
ويُخْرِجها المكلف من غالب قوت أهل البلد الذي هو أحد الأصناف التسعة التالية: القمح، الشعير، الزبيب، السُّلْت، التمر، الأرز، الدُّخْن، الذرة، الأَقِط (5 )، ولا يجزئ إخراجها من غير غالب قوت البلد إلا إذا كان أفضل، كما لو غلب اقتيات الشعير فأخرج قمحًا، كما لا يجوز إخراجها من غير هذه الأصناف التسعة كالفول والعدس إلا إذا اقتاته الناس وتركوا الأصناف التسعة المذكورة. وإذا أراد المكلف أن يُخْرِج صدقته من اللحم اعتبر الشبع في الإخراج؛ فمثلا إذا كان الصاع من القمح يُشْبِع اثنين لو خُبِزَ، فيجب أن يخرج من اللحم ما يُشْبِع اثنين (6 ).
وقال الإمام مالك في المدونة: "ولا يُجْزِئ الرجل أن يعطي مكان زكاة الفطر عَرَضًا من العروض, قال: وليس كذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم" (7 ).

وذهب الشافعية إلى أنَّ فطرة الواحد صاعٌ؛ لحديث ابن عمر : "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين"، وخبر أبي سعيد: "كنا نخرج زكاة الفطرة ; إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعًا من طعام , أو صاعًا من تمر , أو صاعًا من شعير , أو صاعًا من زبيب , أو صاعًا من أَقِط , فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه ما عشت" (8 ).
وجنس الصاع الواجب القوت المُعَشَّر، أي: الذي يجب فيه العُشر أو نصفه; لأن النص قد ورد في بعض المُعَشَّرات كالبر والشعير والتمر والزبيب, وقيس الباقي عليه بجامع الاقتيات, وفي مذهب الشافعي القديم أنه لا يجزئ العدس والحمص; لأنهما أدمان، وكذا الأَقِط في الأظهر؛ لثبوته في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه - الذي مرَّ- (9 ).
قال الإمام النووي في المنهاج: "الواجب الحَبُّ"، وعَلَّقَ على هذا القول الشيخ الخطيب الشربيني فقال: "حيث تَعَيَّن فلا تجزئ القيمة اتفاقًا, ولا الخبز ولا الدقيق ولا السَّويق ونحو ذلك" (10 ).

ويرى الحنابلة أنَّ الواجب في زكاة الفطر صاعُ بُرٍّ أربعة أمداد بصاعه صلى الله عليه وسلم وهو أربع حفنات بكفي رجل معتدل الخلقة, أو صاعٌ من تمر أو زبيب أو شعير أو أَقِط؛ لحديث أبي سعيد الخدري: "كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعًا من طعام, أو صاعًا من شعير, أو صاعًا من تمر أو صاعًا من زبيب , أو صاعًا من أَقِط" متفق عليه، ويجزئ دقيق بُرٍّ و دقيق شعير وسويقهما, وهو ما يحمص ثم يطحن بوزن حبه نصًا; لتفرق الأجزاء بالطحن. واحتج أحمد على إجزاء الدقيق بزيادة تفرد بها ابن عيينة من حديث أبي سعيد: "أو صاعًا من دقيق" قيل لابن عيينة: "إن أحدًا لا يذكره فيه, قال بل هو فيه" رواه الدارقطني. ولا يجزئ خبز؛ لخروجه عن الكيل والادخار, وكذا بكصمات وهريسة. ويجزئ مع عدم ذلك أي: الأصناف الخمسة ما يقوم مقامه من حَبٍّ يُقْتَات. ومن تمر مكيل يقتات كدُخْنٍ وذرة وعدس وأرز وتين يابس ونحوها; لأنه أشبه بالمنصوص عليه, فكان أولى والأفضل إخراج تمر مطلقًا. نصًا؛ لفعل ابن عمر. قال نافع: "كان ابن عمر يعطي التمر, إلا عامًا واحدًا أعوز التمر, فأعطى الشعير" رواه أحمد والبخاري وقال له أبو مجلز: "إن الله تعالى قد أوسع والبر أفضل فقال: إن أصحابي سلكوا طريقًا فأنا أحب أن أسلكه. رواه أحمد, واحتج به, وظاهره: أن جماعة الصحابة كانوا يخرجون التمر; ولأنه قوت وحلاوة, وأقرب تناولا, وأقل كلفة، فزبيب؛ لأن فيه قوتًا وحلاوة وقلة كلفة, فهو أشبه بالتمر من البر فبر؛ لأن القياس تقديمه على الكل, لكن ترك اقتداء بالصحابة في التمر وما شاركه في المعنى, وهو الزبيب فأنفع في اقتيات ودفع حاجة فقير. وإن استوت في نفع فشعير, فدقيقهما أي: دقيق بر, فدقيق شعير فسويقهما كذلك فأقط. والأفضل أن لا ينقص معطى من فطرة عن مُدِّ بر أي ربع صاع أو نصف صاع من غيره أي البر كتمر وشعير؛ ليغنيه عن السؤال ذلك اليوم (11 ).
وفي الإقناع وشرحه للبهوتي من كتبهم: "(ولا يجزئ غير هذه الأصناف الخمسة, مع قدرته على تحصيلها)؛ للأخبار المتقدمة (ولا) إخراج (القيمة)؛ لأن ذلك غير المنصوص عليه"، وفيه أيضًا: "قال أبو داود قيل لأحمد: أعطي دراهم في صدقة الفطر؟ فقال: أخاف أن لا يجزئ, خلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم" (12 ).

2- مذهب الحنفية:
يرى الحنفية أنَّ الواجبَ في صدقة الفطر نصفُ صاعٍ من بُرٍّ أو دقيقه أو سويقه أو زبيب أو صاع من تمر أو شعير، أما صفته فهو أن وجوب المنصوص عليه من حيث إنه مال متقوم على الإطلاق لا من حيث إنه عين، فيجوز أن يعطي عن جميع ذلك القيمة دراهم , أو دنانير , أو فلوسًا , أو عروضًا , أو ما شاء (13 ).
قال الإمام السرخسي: "فإن أعطى قيمة الحنطة جاز عندنا; لأن المعتبر حصول الغنى وذلك يحصل بالقيمة كما يحصل بالحنطة, وعند الشافعي رحمه الله تعالى لا يجوز, وأصل الخلاف في الزكاة وكان أبو بكر الأعمش رحمه الله تعالى يقول: أداء الحنطة أفضل من أداء القيمة; لأنه أقرب إلى امتثال الأمر وأبعد عن اختلاف العلماء فكان الاحتياط فيه, وكان الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى يقول: أداء القيمة أفضل; لأنه أقرب إلى منفعة الفقير فإنه يشتري به للحال ما يحتاج إليه, والتنصيص على الحنطة والشعير كان; لأن البياعات في ذلك الوقت بالمدينة يكون بها فأما في ديارنا البياعات تجرى بالنقود, وهي أعز الأموال فالأداء منها أفضل" (14 ).

وهذا أيضًا هو مذهب جماعة من التابعين، كما أنه قول طائفة من العلماء يُعْتَدُّ بهم، منهم: الحسن البصري حيث روي عنه أنه قال: "لا بأس أن تعطى الدراهم في صدقة الفطر" (15 )، وأبو إسحاق السبيعي، فعن زهير قال: سمعت أبا إسحاق يقول: "أدركتهم وهم يعطون في صدقة الفطر الدراهم بقيمة الطعام" (16 )، وعمر بن عبد العزيز، فعن وكيع عن قرة قال: جاءنا كتاب عمر بن عبد العزيز في صدقة الفطر: "نصف صاع عن كل إنسان أو قيمته نصف درهم" (17 )، وهو مذهب الثوري، وبه قال إسحاق ابن راهوية، وأبو ثور، إلا أنهما قيدا ذلك بالضرورة (18 )، وقريبًا من مذهب إسحاق وأبي ثور ذهب الشيخ تقي الدين بن تيمية، فقال: "إن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه"(19 )، فَفُهِمَ منه: أن دفع القيمة للحاجة والمصلحة ليس ممنوعًا منه، هذا عنده في عموم الزكوات، فتدخل فيه زكاة الفطر أيضًا. كما أن القول بإجزاء إخراج القيمة في زكاة الفطر رواية مُخَرَّجة عن الإمام أحمد – نَصَّ عليها المرداوي في الإنصاف - (20 ).

والذي نختاره للفتوى هو جواز إخراج زكاة الفطر مالا مطلقًا، وهذا هو مذهب الحنفية، وبه العمل والفتوى عندهم في كل زكاة، وفي الكفارات، والنذر، والخراج، وغيرها، كما أنه مذهب جماعة من التابعين كما مر.
وممن قوَّى هـذا الأمر ونصره من المتأخرين العلامة أحمد بن الصديق الغماري الذي ألف رسالته المشهورة المهمة والمفيدة في هذا الباب، والتي أسماها: (تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال) ذكر فيها اثنين وثلاثين دليلا ووجهًا لمشروعية إخراج زكاة الفطر مالا، وممن قوَّى هذا الأمر ونصره أيضًا من المتأخرين الشيخ مصطفى الزرقا، وله بحث مطوَّلٌ نصر فيه القول بجواز إخراج المال في صدقة الفطر.
وفيما يلي عرض لأهم الأدلة والأوجه التي اسْتُدل بها على جواز إخراج زكاة الفطر مالا؛ حيث إن المقام لا يتسع لذكر كافة الأدلة والأوجه (21 ):
أولها: أن الأصل في الصدقة المال، قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}[التوبة: 103]، والمال في الأصل ما يملك من الذهب والفضة وأطلق على ما يقتنى من الأعيان مجازاً، وبيان رسول الله صلى الله عليه وسلم بخصوص زكاة الفطر والمنصوص عليه، إنما هو للتيسير ورفع الحرج لا لتقييد الواجب وحصر المقصود فيه؛ لأن أصل البادية تعز فيهم النقود.

ثانيها: إن أخذ القيمة في الزكاة ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن جماعة من الصحابة في عصره وبعد عصره؛ فمن ذلك ما ورد عن طاووس قال معاذ لأهل اليمن: ائتوني بعَرَض ثياب خميص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة أَهوَن عليكم وخير لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة.
قال الإمام البخاري في صحيحه: (باب العرض في الزكاة): (وقال طاووس: قال معاذ رضي الله عنه لأهل اليمن: ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة أهون عليكم وخير لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة) (22 ).
قال الحافظ في الفتح: "( قوله: باب العرض في الزكاة ) أي جواز أخذ العرض وهو بفتح المهملة وسكون الراء بعدها معجمة والمراد به ما عدا النقدين قال ابن رشيد وافق البخاري في هذه المسألة الحنفية مع كثرة مخالفته لهم لكن قاده إلى ذلك: (قوله وقال طاوس قال معاذ لأهل اليمن ...) هذا التعليق صحيح الإسناد إلى طاوس لكن طاوس لم يسمع من معاذ فهو منقطع، فلا يغتر بقول من قال ذكره البخاري بالتعليق الجازم فهو صحيح عنده؛ لأن ذلك لا يفيد إلا الصحة إلى من علق عنه، وأما باقي الإسناد فلا إلا أن إيراده له في معرض الاحتجاج به يقتضي قوته عنده وكأنه عضده عنده الأحاديث التي ذكرها في الباب، وقد روينا أثر طاوس المذكور في كتاب الخراج ليحيى بن آدم من رواية بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة وعمرو بن دينار فَرَّقَهُما كلاهما عن طاوس" (23 ).
وقال الإمام الشافعي: "وطاوس عالم بأمر معاذ, وإن كان لم يلقه على كثرة من لقي ممن أدرك معاذًا من أهل اليمن فيما علمت" (24 ).
وفعل معاذ مع إقرار النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك دالٌّ على جوازه ومشروعيته.
ومن ذلك أيضًا: ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف، حيث قال: حدثنا جرير بن عبد الحميد عن ليث عن عطاء أن عمر كان يأخذ العروض في الصدقة من الوَرِق وغيرها (25 ).
وما رواه أيضًا عن وكيع عن أبي سنان عن عنترة: أن عليًّا كان يأخذ العروض في الجزية من أهل الأبر الأبر ومن أهل المال المال ومن أهل الحبال الحبال (26 ).

ثالثها: إذا ثبت جواز أخذ القيمة في الزكاة المفروضة في الأعيان فجوازها في الزكاة المفروضة على الرقاب - الرؤوس - أولى؛ وذلك لأن صدقة الفطر واجبة على الذكر والأنثى والحر والعبد والكبير والصغير والغني والفقير فلما كان الحال فيها كذلك اقتضت حكمة الشرع البالغة أمر الناس بإخراج الطعام ليتمكنوا جميعًا من أدائها بلا عسر ولا مشقة قد يؤديان إلى تركها؛ لأن النقود كانت نادرة الوجود في تلك الأزمان ببلاد العرب، فلو أمر بإعطاء النقود في الزكاة الواجبة على الرؤوس لتعذر إخراجها على الفقراء بالكلية، ولَتَعَسَّر أيضا على كثير من الأغنياء الذين كان غناهم بالمواشي والرقيق والطعام كحال أهل البادية وغيرها إلى اليوم، فالنقود نادرة في أيديهم بخلاف الطعام فإنَّه متيسر للجميع. فكان من أعظم المصالح وأبلغ الحكم العدول عن المال النادر العسير إخراجه إلى الطعام المتيسر وجوده وإخراجه لكل الناس.

رابعها: أن النبي صلى الله عليه وسلم غاير بين القدر الواجب من الأعيان المنصوص عليها، مع تساويها في كفاية الحاجة فَدَلَّ ذلك على أنه اعتبر القيمة ولم يعتبر الأعيان؛ حيث أوجب من التمر والشعير صاعًا ومن البُر نصف صاع.
وقد صحّح السيد أحمد بن الصديق المرويات التي ورد فيها نصف الصاع، بل وادعى أن ورود نصف الصاع عن النبي صلى اله عليه وسلم متواتر مقطوع به (27 ).

خامسها: أنه ورد عن الصحابة التصرف في القدر الواجب في الفطرة على سبيل الاجتهاد منهم. وهذا دليل على أنهم فهموا من النبي صلى الله عليه وسلم اعتبار القيمة ومراعاة المصلحة وعلى ذلك أدلة وآثار، منها: ما رواه الأئمة الستة عن أبي سعيد الخدري قال: (كنا نُخْرِج إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر عن كل صغير وكبير حر أو مملوك: صاعًا من طعام أو صاعًا من أَقِط أو صاعًا من شعير أو صاعًا من تمر أو صاعًا من زبيب. فلم نزل نخرجه حتى قدم علينا معاوية بن أبي سفيان حاجًّا أو معتمرًا، فكَلَّم الناس على المنبر، فكان فيما كَلَّم به الناس، أن قال: إني أرى أن مُدَّين من سمراء الشام تعدل صاعًا من تمر. فأخذ الناس بذلك. قال أبو سعيد: فأما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه أبدًا ما عشت) (28 ).

سادسها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أغنوهم عن الطواف هذا اليوم"(29 ).
وفي هذا الحديث استدلالات من عدة أوجه:
منها: أن النبي صلى الله عليه وسلم صرح فيه بعلة وجوب الزكاة، وهي إغناء الفقراء يوم العيد. وذلك بالمال أفضل من غيره؛ لأنه الأصل الذي يتوصل به إلى كل شيء من ضروريات الحياة. إلا أن الطعام في ذلك العصر كان أفضل، من جهة كونه صلى الله عليه وسلم أراد إغناء الفقراء في خصوص يوم العيد وكفايتهم همَّ الطواف والتعب في الحصول على القوت فيه؛ لأنه لم يكن وقتئذ بالأسواق دقيق ولا خبز ولا طعام مطبوخ بل ربما كان الحب يفقد من الأسواق، ولا يوجد إلا في وقت معلوم حين يَرِدُ به التجار من الخارج فربما صادف يوم العيد إقفال السوق، فلو أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالدراهم لفات المقصود من كفاية الفقير همَّ الطعام يوم العيد، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالطعام ليكفوا مشقة البحث وهمَّ السؤال، أما وقتنا هذا فالحال فيه بخلاف ذلك فالطعام متيسر بالأسواق والدكاكين فكل ما يحتاجه الفقير يجدُه بلا مشقة متى كان المال بيده، بل إن القضية انعكست فانتقل التعب والمشقة إلى الانتفاع بالحب فكان إخراج المال أفضل من أجل هذا.
ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قيَّد الإغناء بيوم العيد؛ ليعم السرور جميع المؤمنين، ويستوي فيه الغني والفقير، ويتفرغ الجميع لذكر الله، وعبادته، وحمده، وشكره على ما أنعم به. وهذا المعنى لا يحصل اليوم بإخراج الحب الذي ليس هو طعام الفقراء، والناس كافة، ولا في إمكانهم الانتفاع به ذلك اليوم، حتى لو أرادوا اقتياته – على خلاف عادتهم -؛ لفقدان الأرْحاء من بيوتهم، ثم لو أرادوا بيعه لما تمكنوا منه، فلا يحصل مقصد الشارع من إغنائهم في هذا اليوم، وإنما يحصل مقصوده بإخراج المال الذي ينتفع الفقير في الحال، فكان إخراجه هو الأولى والأفضل.
ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه: "أغنوهم"، والغنى وجود ما يتوصل به الإنسان إلى حاجته. والحاجة كما تكون إلى الطعام تكون إلى اللباس وغيره من لوازم الحياة وإخراج المال يسد الخلل من جميع الوجوه، وهو الذي يتحقق به الغنى المقصود للشارع، فهو المتعيِّن والأفضل.

سابعها: أنه صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر طُعمة للمساكين كما ورد في الأحاديث، والحب ليس طعام الناس اليوم.

ثامنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم عَيَّن الطعام؛ لندرته بالأسواق في تلك الأزمان وشدة احتياج الفقراء إليه لا إلى المال.

تاسعها: أن الله تعالى قال: {لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}[آل عمران: 92]، والمال هو المحبوب اليوم. فإن كثيرًا من الناس يهون عليهم إطعام الطعام ويصعب عليهم دفع المال للفقراء، والحال في عصر النبي صلى الله عليه وسلم كان بخلاف هذا؛ لذلك كله إخراج الطعام أفضل في حقهم، وإخراج المال في عصرنا أفضل؛ لأنه أحب إلينا.

عاشرها: أن مراد الشارع بفرض هذه الزكاة يوم العيد، جلب السرور إلى الفقراء بوجود كفايتهم من الطعام حتى يعم السرور جميع المؤمنين، ولا ينفرد به الأغنياء.
لذلك اشترط إخراجها قبل الصلاة فقال: "من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات" ؛ وذلك حتى يُتمكن من توزيعها قبل الصلاة، ويطمئن الفقير بوجود قوته في هذا اليوم، ولولا هذا المعنى لما شرط النبي صلى الله عليه وسلم إخراجها قبل الصلاة، وغاير بين حكمها قبل الصلاة وبعدها، بجعل الأولى فرضًا والثانية صدقة من الصدقات.
والحكمة ما ذكرناه. وإلا فمن المعلوم أن انتفاع الفقير بالمد من الطعام قبل الصلاة مساوٍ له إذا أخذه بعدها بلا فارق !! وهذا القصد لا يحصل اليوم للفقراء بالحب؛ لأنه مع كونه غير طعام لهم فإنهم محتاجون إلى غيره مما يؤتدم به من لحم وإدام وخضر وغيرها، مما يشتد حزنهم من فقدانها يوم العيد؛ ولهذا نوَّع النبي صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر فمنها الطعام المجرد كالبر والشعير ومنها ما هو طعام وحلواء كالتمر والزبيب، وفي عصرنا الحاضر لم تعد هناك حاجة لهذه الأصناف؛ لعدم استعمالها غالبًا، فإذا انتقلت الحاجة أو اختلفت جاز إخراج الطعام أو قيمته التي يُتَوصل بها إليه.

حادي عشرها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يحصر الواجب في المنصوص عليه، ويقل: لا يجوز لكم إخراج غيره. بل صرح بالعلة التي تشمل المال بالطريق الأولى. ولذلك أخرج الصحابة في حياته الزبيب، والسُّلت، والأَقِط، مع أنه لم يفرض إلا التمر، والشعير، والبر. فقبل منهم ولم يرده عليهم، فكان أعظم دليل على عدم الحصر في الأنواع المذكورة. وأن المراد ما صرح به في العلة، وهو: إغناء الفقراء يوم العيد. ولذلك أتى الصحابة بكل ما يُعَد غنًى في عصرهم، وإن لم ينص عليه النبي صلى الله عليه وسلم. والإغناء في عصرنا بالمال، فكان إخراجه هو الأولى والأفضل.

ثاني عشرها: أنه لو لم يرد نَصٌّ بالتعليل، أو على فرض عدم صحته: فالعقل، وشواهد الحال، وأصول الشرع قاضية باعتباره. والمقرر في أصول الفقه، أنَّ الأصل في أحكام الشريعة المعقولية لا التعبد، سواء منها ما تعلق بالعبادات أو ما تعلق بالمعاملات؛ فالحكم إذا كان معقول المعنى، كان أقرب إلى الانقياد، وأدعى إلى القبول، فإن الانقياد إلى المعقول المألوف أقرب مما ليس كذلك، والنفوس إلى قبول الأحكام المطابقة للحكم والمصالح أميل وعن قبول التحكم الصرف والتعبد المحض أبعد، فكان أفضى إلى المقصود من شرع الحكم (30 ).
قال ابن دقيق العيد: "متى دار الحكم بين كونه تعبُّداً أو معقول المعنى كان حمله على كونه معقول المعنى أولى ؛ لندرة التعبُّد بالنِّسبة إلى الأحكام المعقولة المعنى" اهـ (31 ).
وزكاة الفطر من أصلها هي معقولة المعنى، مثل زكاة الأموال التي هي تكليف مالي اجتماعي لمصلحة الفقراء، الذين يجب أن ينهَض بهم الأغنياء، فلا يكون المجتمع الإسلامي قسمين ولا وَسَط بينهما: قسمَ الأغنياء المَتخومين، وقسمَ الفُقراء المحرومين.
فتشريع زكاة الفطر وزكاة الأموال معقول المعنى، ويجب عند الاشتباه النظر إلى ما هو أنفع للفقير، أو أيسر على المكلف، ولا يُقال إنه مثل عدد ركعات الصلوات توقيفٌ محضٌ لا دخل للعقل فيه، بل الفارق بينه وبين عدد الرَّكَعَات فارِق عَظيمٌ.
ألا ترى أن تحديد المقادير في زكاة الفطر بإجماع المذاهب إنما هو تَحديد للحدِّ الأدنى الذي لا يصح أقلُّ منه، ولو زادَ المكلَّف فيه فأعْطَى أكثرَ منه فله فَضل ثَواب، بينما لو زادَ المصلِّي فِي ركعات فَريضة الصلاة لا يجوز له ولا يُقبل منه؟!

ثالث عشرها: أن المنصوص عليه بيانٌ لقدر الواجب لا لعينه. إذ لو كان بيانًا لعين الواجب، لما خالفه الصحابة، والتابعون، والأئمة، والفقهاء، فذكروا من الأعيان ما لم يرد به نَصٌّ من الشارع. وإذا ثبت ذلك، جاز إخراج المال.

رابع عشرها: أن إخراج المال في هذا العصر يجتمع فيه جلب مصلحة، ودفع مفسدة، فيُقَدَّم على إخراج الحب الذي فيه مصلحة مقرونة بمفسدة إضاعة المال، لأن الفقراء يبيعونه بأبخس الأثمان، فيضيع بسبب ذلك مال كثير بين مشتريه للزكاة، وبين بائعه الفقر. وكم من الفقراء من لا يجتمع له ما يكفيه للطحن والبيع، فيضيع ولا يحصل به انتفاع.

خامس عشرها: أن مراعاة المصالح من أعظم أصول الشريعة. وعلل أحكامها التي ينبني عليها جميعًا، وحيثما دارت تدور معها. فالشريعة كلها مبنية على جلب المصالح ودرأ المفاسد. وعلى هذه القاعدة بنى العز بن عبد السلام قواعده الكبرى التي يجب على الفقيه والمفتي بناء الأحكام عليها.
فمن تأمل الأوامر، وجد الشارع أمر بها، لما فيها من المصالح الدنيوية أو الأخروية. ومن تأمل النواهي، وجده - كذلك - نهى عنها لما فيها من المفاسد الدنيوية أو الأخروية. وبحسب تأكد المصلحة وعظمها يكون الوجوب، والندب، والاستحباب. وبعظم المفسدة وشدتها يكون الحرام، والمكروه، وخلاف الأولى. إلا أن ذلك: منه ما هو ظاهر يشترك في إدراكه الخاص والعام؛ ومنه ما هو خفي لا يطلع عليه إلا ذو القدم الراسخ في الفهم والعلوم. فالكذب الذي هو من المحرمات التي توعد الشارع مرتكبها بالوعيد الشديد لـمَّا عارضت مفسدته مصلحة كبرى هي الإصلاح بين الناس أباحه الشرع. بل قد يصير الكذب واجبًا يُعاقب على تركه، كما إذا ترتب عليه حقن دم مسلم بريء.
وهكذا تنبني أحكام الشريعة كلها على مراعاة المصالح، وتدور معها كيفما دارت، كما يعرف ذلك من تتبعه وأمعن النظر فيه.وإذا ثبت ذلك فالمصلحة قاضية بإخراج المال وتفضيله على الحبوب.

سادس عشرها: أن الوقوف مع النص والتمسك بالظاهر فيما هو بَيِّن العلة، واضح الحكمة، قلبٌ للحقائق، وعكسٌ لمقاصد الشارع. فإن من يسمع قول الله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْمًا}[النساء: 10]، فيحملها على خصوص الأكل، ويتلفها، وينتفع بها في اللباس، والركوب، والمسكن، وغير ذلك، يكون مخالفًا للآية، داخلا في الوعيد بإجماع الأمة، بل والعقلاء، وإن تمسك بالظاهر ووقف مع النص! وكذلك من يسمع قول الله تعالى في حق الوالدين: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا}[الإسراء: 23]، فيبصق في وجههما ويضربهما ويتمسك بنص التأفيف والانتهار، يكون عاقًّا داخلا في النهي والوعيد بلا خلاف بين العقلاء! فالتعويل على قصد المتكلم ومراده لا على الألفاظ؛ لأنها لم تقصد لنفسها، وإنما قصدت للمعاني والتوصل بها إلى معرفة المراد، فالعبرةُ بالمنفعة والمقاصد، لا بالوسائل والأسباب.

خلاصة البحث:
والذي نَخْلُص إليه في نهاية البحث أن إخراج زكاة الفطر طعامًا هو الأصل المنصوص عليه في السنة النبوية المطهرة، وعليه جمهور فقهاء المذاهب المتبعة، إلا أن إخراجها بالقيمة أمر جائز ومُجْزِئ، وبه قال فقهاء الحنفية، وجماعة من التابعين، وطائفة من أهل العلم قديمًا وحديثًا، وهو أيضًا رواية مُخَرَّجة عن الإمام أحمد، بل إن الإمام الرملي الكبير من الشافعية قد أفتى في فتاويه بجواز تقليد الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه في إخراج بدل زكاة الفطر دراهم لمن سأله عن ذلك (32 ).
ونحن نرى أن هذا المذهب القائل بجواز إخراج القيمة وإجزائها هو الأكثر تحقيقًا للمصالح فهو الأرجح في زماننا هذا.
والله تعالى أعلى وأعلم

كتبه/ مصطفى عبد الكريم محمد
20/9/2007م

الهوامش
(1 ) سنن الدار قطني 2/152، والسنن الكبرى للبيهقي 4/175، والطبقات الكبرى لابن سعد 1/248، ومعرفة علوم الحديث للحاكم 1/197، واللفظ لابن سعد .
(2 ) الإشراف على مذاهب العلماء 3/61 .
(3 ) متفق عليه: صحيح البخاري (1432)، وصحيح مسلم (984) .
(4 ) متفق عليه: صحيح البخاري (6858)، وصحيح مسلم (1337)، واللفظ للبخاري .
(5 ) السُّلْت: قيل: ضرب من الشعير ليس له قشر. قاله الجوهري، وقال ابن فارس: ضرب منه رقيق القشر صِغَار الحب، وقال الأزهري: حبٌّ بين الحنطة والشعير ولا قشر له كقشر الشعير، فهو كالحنطة في ملاسته وكالشعير في طبعه وبرودته. أهـ المصباح المنير للفيومي مادة (س ل ت)، وَالدُّخْنُ: نبات عشبي من النجيليات حبه صغير أملس كحب السمسم ينبت بريًّا ومزروعًا.أهـ المعجم الوسيط مادة (د خ ن)، والأَقِطُ: لَبَنٌ مُجَففٌ يَابِسٌ مُسْتَحْجِر يُطْبَخُ به. أهـ النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الجزري 1/141 .
(6 ) يُنظر: شرح مختصر خليل للخرشي 2/228 وما بعدها، والشرح الصغير للشيخ الدردير مع حاشية الصاوي عليه 1/675 وما بعدها .
(7 ) المدونة 1/392 0
(8 ) متفق عليه: البخاري (1437)، ومسلم (985)، واللفظ له .
(9 ) مغني المحتاج 2/111، والأَدَم من الإدام وهو ما يؤتدم به مع الخبز مائعًا كان أو جامدًا ، والأُدْمُ بالضم ما يؤكل بالخبز أَيَّ شيء كان. أهـ المصباح المنير للفيومي، ولسان العرب لابن منظور مادة (أ د م)
(10 ) المرجع السابق 2/119 0
(11 ) شرح منتهى الإرادات للبهوتي 1/442: 444 بتصرف .
(12 ) كشاف القناع عن متن الإقناع 2/254 ، 2/195 بالترتيب وبتصرف .
(13 ) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 1/308، بدائع الصنائع للكاساني 2/72 .
(14 ) المبسوط 3/107، 108
(15 ) مصنف ابن أبي شيبة 2/398 .
(16 ) المرجع السابق بالتخريج نفسه .
(17 ) المرجع السابق بالتخريج نفسه .
(18 ) المجموع شرح المهذب للنووي 6/112 بتصرف، ويُراجع الإشراف على مذاهب العلماء لابن المنذر 3/80 .
(19 ) مجموع الفتاوى 25/82 .
(20 ) يُراجع: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي 3/182 .
(21 ) هذا الأوجه التي سنذكرها معظمها مستقاة من البحثين المشار إليهما، وبصفة خاصة بحث العلامة أحمد بن الصديق الغماري .
(22 ) صحيح البخاري 2/525 ، ونحوه في السنن الكبرى للبيهقي 4/113 . ومعنى (عرض): كل ما عدا النقود. و(خميص): ثوب صغير مربع ذو خطوط. و(لبيس) أي: ملبوس أو كل ما يلبس .
(23 ) فتح الباري شرح صحيح البخاري 3/312 بتصرف ، ويُنظر الخراج ليحيى بن آدم القرشي صـ 169 رقمي: 525، 526، وفَرَّقَهُما: أي ذكر كلَّ واحدٍ منهما على حدة .
(24 ) الأم 2/9 .
(25 ) مصنف ابن أبي شيبة 2/404 .
(26 ) المرجع السابق بالتخريج نفسه .
(27 ) تحقيق الآمال ص 83.
(28 ) البخاري (1437)، ومسلم (985)، وأبو داود (1616)، والترمذي (673)، والنسائي (2513)، وابن ماجه (1829)، واللفظ لمسلم .
(29 ) الطبقات الكبرى لابن سعد 1/248، وسنن الدار قطني 2/152، ومعرفة علوم الحديث للحاكم 1/197، والسنن الكبرى للبيهقي 4/175، واللفظ لابن سعد .
(30 ) المحصول للرازي 5/427، الإحكام للآمدي 3/279، شرح الكوكب المنير 4/172، 173، القواعد للمقري 1/296.

(31 ) إحكام الأحكام 1/ 75.
(32 ) فتاوى الرملي 2/55، 56 .
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
و هذه بحوث فيها الجواب الكافي و الشافي على جواز اخراج زكاة الفطر نقدا و على أنها ليست بدلا إنما هي داخلة في معنى الحديث


https://feqhweb.com/vb/threads/725
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
للفائدة: كثير ممن كتب في المقاصد ... يمثل بهذه المسألة لبيان دور المقاصد في توجيه الخلاف
 
إنضم
4 فبراير 2008
المشاركات
157
التخصص
دراسات عربية وإسلامية
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
حنبلي
إضافة

إضافة

لو تكرمتم أضيف
- إن في إخراج زكاة الفطر طعاما فوائد سوقية، بمعنى أن حركة البيع والشراء في السوق تنشط وهذا يعود بالنفع -بعد الفقير-على سائر المسلمين ممن يبيعون ويعملون
- كذلك تكاثر الطعام عند الفقير يدفعه إلى البيع وهذا في ذاته أمر طيب حيث يعتاد على البيع والشراء حتى ولو باعها بأقل من ثمنها
- وأيضا بيع الفقراء ما عندهم من طعام ربما يكسر احتكار التجار، لاسيما إذا باعوه بأقل من سعر السوق
- أخيرا إن الحفاظ على تنوع مصادر الزكاة لا شك أنفع وأكثر اتزانا من قصرها على مورد واحد
والله اعلم
مستفاد من كلام شيخنا محمد صفوت نور الدين عليه رحمة الله
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
لو تكرمتم أضيف
- إن في إخراج زكاة الفطر طعاما فوائد سوقية، بمعنى أن حركة البيع والشراء في السوق تنشط وهذا يعود بالنفع -بعد الفقير-على سائر المسلمين ممن يبيعون ويعملون
- كذلك تكاثر الطعام عند الفقير يدفعه إلى البيع وهذا في ذاته أمر طيب حيث يعتاد على البيع والشراء حتى ولو باعها بأقل من ثمنها
- وأيضا بيع الفقراء ما عندهم من طعام ربما يكسر احتكار التجار، لاسيما إذا باعوه بأقل من سعر السوق
- أخيرا إن الحفاظ على تنوع مصادر الزكاة لا شك أنفع وأكثر اتزانا من قصرها على مورد واحد
والله اعلم
مستفاد من كلام شيخنا محمد صفوت نور الدين عليه رحمة الله

أولا الذي يريد التجارة أو البيع إنما يحتاج رأس المال وليس الرز أو الحبوب عامة !ابتسامة
ثانيا أمور البيع في زماننا هذا معقدة فلا بيع دون رخصة تجارية ومن يفعل ذلك يعرض نفسه للمساءلة القانونية
وما عسى الفقير أن يبيع ؟؟ كيلان أو ثلاثة من الحب ؟؟
 

حسن عزي

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
27 يناير 2009
المشاركات
1
التخصص
التمويل
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
الإسلام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

طالما أن هناك أفرادا من أهل العلم المجتهدين قالوا بجواز إخراجها قيمة فلا يصح أن يصادر بعض من لم يبلغ الاجتهاد الحكم بتصريحه بعدم جواز إخراجها قيمة، بل سبيله أن يحترم فتوى من اجتهد وسبيله أن يبين أن هناك خلافا بين أهل العلم في ذلك . القطع بعدم الجواز غير صحيح. من قلد أبا حنيفة هنا فهو على الحق إن شاء الله تعالى . وهناك رسالة للسيد الحافظ أحمد بن الصديق في هذه المسألة بعينها يرى فيها جواز الإخراج بالقيمة ويدعم رأيه ذلك بالسنة وقد كان رحمه الله تعالى يرى ذلك وهو من أهل الحديث والالتزام بالسنة. فمن قلد هؤلاء الأعلام ولم يلتفت إلى قول مخالفيهم فقد أبرأ ذمته عند الله تعالى.

ولي تعليق على كلام الأخ الفاضل أبو صهيب المصري:

جميع الفوائد التي ذكرتها متحققة في إخراجها قيمة بل ويتحقق في إخراجها قيمة فوائد أخرى لأن الفقير يا أخي المبارك سوف يشتري بالقيمة في الغالب بل إن قلنا أنه سيشتري بالقيمة في كل الأحوال لم نبعد، فهذا تحريك للسوق. وقولك حتى لو باعها بقيمة أقل مناف لمقاصد القائلين بوجوب إخراجها طعاما حيث أن الغالب على إخراجها طعاما أن يكون قصد الشارع فيها استخدامها للأكل لا للبيع بقيمة أقل. القول ببيعها بقيمة أقل فيه إجحاف بحق الفقير لأن الفقير محتاج إلى كل القيمة والحكم ينبغي حمله على ظاهر أمر الشرع فينبغي حمله على أن الشارع أراد إيصال كامل القيمة التي أمر بها للفقير وليس قيمة ناقصة نتيجة البيع. ثم إن الفقير الذي ينتظر هذا الحد من الكفاف يبعد أن يطلب منه الشارع أن يبيعها لتحريك السوق للأغنياء الذين اشتري القوت منهم أصلا فيباع عليهم بقيمة أقل وهكذا نزيد في مال الغني على حساب الفقير المعدم بانتقاص ما أمر به الشرع له. أعذرني إن قلت لك أن هذه الافتراضات واعتساف الحكم في الأدلة مشكلة كبيرة. لا ينبغي الإبعاد في افتراض مقاصد الشارع بهذا الشكل وخير منه أن لو قلنا أن قوت أهل البلد في ذاك الزمان تغير ومقصد الشرع هو إعفاف الفقير أيام العيد فلنقصد ما يحقق هذا الإعفاف وهو القيمة وكل مقاصد الشرع تدعم ذلك.

أعجب لمن يلجؤ إلى استنباط الحكم البعيدة ويسقطها على دلالات الأدلة ويترك الحكم الواضحة القريبة!

يعني حولنا فترة ما قبل العيد إلى زيادة أموال الذين يبيعون القوت للفقراء على حساب إنقاص الحد الأدنى الذي يعتف به الفقير وفوق ذلك طلبنا من الفقير أن يشغل وقته بالعمل على تحقيق هذه الزيادة للأغنياء! هذا بعيد جدا عن مقاصد التشريع!

الفتوى موجودة من أئمة مجتهدين ولا داعي لتكرير بحث هذا الحكم عند كل عيد! فمن شاء فليخرجها طعاما ومن ارتاحت نفسه إلى القيمة فليخرجها قيمة ومن أراد التقوى فليخرجها طعاما وقيمة.

هذا فقه وهو من الموضوعات المحترقة التي لم يظهر فيها دليل جديد فما فائدة بخثها في كل عام وقد استقر الخلاف فيها منذ أمد بعيد وليست هي مما تعتوره السياسة حتى يخرج الآن فيها أدلة لم تكن موجودة في ذلك الزمان.

أرى أن الخلاف مستقر هنا وتوجيهه إلى رأي واحد من التضييق على خلق الله ممن لا يصح منه الاجتهاد. إرحموا الفقراء ولا تضيقوا واسعا.

نسأل الله الهدى

حسن عزي
 
إنضم
12 أكتوبر 2008
المشاركات
35
التخصص
فقه
المدينة
المنصورة
المذهب الفقهي
شافعي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المشهور في مذهبنا الشافعي وجوب القيمة ، وكذا في مذهب المالكية

وأجاز إخراج القيمة من الشافعية الشيخ شهاب الدين الرملي في فتاواه و العلامة ابن حبيب المالكي ،والشيخ تقي الدين ابن تيمية من الحنابلة , والأحناف جميعا، و الإمام سفيان الثوري والإمام البخاري .

وهو مروي عن عمر بن الخطاب و ابنه عبد الله وابن مسعود ومعاذ بن جبل وعطاء بن رباح و الحسن البصري و عمر بن عبد العزيز

والروايات عنهم مبثوثة في مصنف ابن أبي شيبة فلتراجع

بل روي ابن أبي شيبة عن أبي إسحاق السبيعي المتوفي 127هـ :" أدركتهم -يعني الصحابة -وهم يعطون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام "

وإجازة الصحابة لإخراج نصف صاع من القمح -وهو غير منصوص - دليل علي أنهم رأوه معادلا في القيمة للصاع من التمر أو الشعير

فهذا و ما قبله كافيان في الحجاج لمذهب الحنفية

والإنصاف عزيز

والحاصل أن المسألة فيها سعة فمن أخرج طعاما فله سلف من الصحابة ، من أخرج مالا فله سلف من الصحابة فلا نحجر واسعا ، و لينظر كل منا إلي مصلحة الفقير فمن كانت مصلحته في الطعام فلنعطه طعاما ، ومن كانت مصلحته في المال فلنعطه مالا

والله تعالي أعلم


 
أعلى