الدرس السادس :
بسم الله الرحمن الرحيم
المبحث الحادي عشر : أصحاب السدس
قال الرحبي رحمه الله تعالى :
والسدس فرض سبعة من العدد أب وأم ثم بنت ابن وجد
والأخت بنت الأب ثم الجدة وولد الأم تمام العدة
فالأب يستحقه مع الولد وهكذا الأم بتنزيل الصمد
وهكذا مع ولد الابن الذي مازال يقفو إثره ويحتذي
وهو لها أيضا مع الاثنين من إخوة الميت فقس هذين
والجد مثل الأب عند فقده في حوز مايصيبه ومده
إلا إذا كان هناك إخوة لكونهم في القرب وهو أسوة
أو أبوان معهما زوج ورث فالأم للثلث مع الجد ترث
وهكذا ليس شبيها بالأب في زوجة الميت وأم وأب
وحكمه وحكمهم سياتي مكمل البيان في الحالات
وبنت الابن تأخذ السدس إذا كانت مع البنت مثالا يحتذى
وهكذا الأخت مع الأخت التي بالأبوين ياأخي أدلت
وجملته أن السدس يفرض لسبعة من الورثة وهم من ذكر الناظم رحمه الله تعالى وذلك بشروط :
1- الأب / مع وجود الفرع الوارث سواء كان ذكرا أم أنثى , لكن مع الذكر لايرث إلا بالفرض فقط وهو السدس , أما مع الأنثى فإنه يرث بالفرض والتعصيب فيأخذ السدس فرضا فإن بقي شيء من التركة أخذه تعصيبا .
مثال : هالك عن : أب وابن فللأب والحالة هذه السدس فقط وباقي المال يرثه الابن تعصيبا .
مثال آخر : هالك عن : بنت وأب فللبنت النصف فرضا ويأخذ الأب السدس لوجود الفرع الوارث ومابقي يأخذه الأب تعصيبا لأنه أولى رجل ذكر , فورث هنا بالفرض والتعصيب ووجهه واضح أعني أن يرث مع الأنثى بالفرض والتعصيب .
2- الأم / مع وجود الفرع الوارث ومع وجود اثنين من الإخوة فأكثر سواء كانوا لأم وأب أم لأب فقط أم لأم فقط أم كانوا مختلفين ذكورا وإناثا محجوبين وغير محجوبين لافرق في ذلك كله .
مثال : هالك عن : أم وابن , للأم السدس ومابقي يأخذه الابن تعصيبا .
مثال آخر : هالك عن : أم و أخ ش و أخت لأب و أخ لأم , للأم السدس وللأخ الأم السدس وللأخ الشقيق الباقي تعصيبا ولاشيء للأخت لأب فهي محجوبة بالشقيق .
3- بنت الابن وإن نزل أبوها بمحض الذكور وذلك مع وجود البنت الواحدة تكملةَ الثلثين .
مثال : هالك عن : بنت وبنت ابن أو بنت ابن ابن أو بنت ابن ابن ابن وهكذا فتأخذ السدس والحالة هذه .
تنبيه : قولي مع البنت الواحدة يشمل بنت ابن ابن مع بنت ابن فالثانية تأخذ النصف والأولى تأخذ السدس تكملةَ الثلثين , وهكذا إذا أخذت العليا النصف فتأخذ من نزلت عنها السدس بالشروط المعروفة في ذلك كله .
جد / كالأب تماما أي بنفس شروطه إلا في بعض حالات استثناها الناظم رحمه الله تعالى وهي :
أ - مسألة العمريتين أو الغراوين فالأم هنا تأخذ الثلث كاملا وليس ثلث الباقي كما هي الحال مع الأب .
مثال : هالكة عن : زوج وأم وجد للزوج النصف وللأم الثلث كاملا ومابقي فللجد .
مثال آخر هالك عن : زوجة وأم وجد للزوجة الربع وللأم الثلث كاملا ومابقي فللجد .
ب - إذا كان هناك إخوة لأبوين أو لأب حاشا ولد الأم فإنهم يرثون معه ولايحجبهم بخلاف الأب فإنه يحجب الإخوة طُرا أجمعين وسيأتي مفصلا إن شاء الله تعالى في باب الحجب وذلك لاستوائهم في الإدلاء بالأب وهذا معنى قوله : لكونهم في القرب وهو أسوة أي سواء في الإدلاء بالأب .
تنبيه : لايشترط الجمع من الإخوة لكي يرثوا مع الجد بل لو وجد واحد كأخ ش مثلا أو لأب أو أخت ش أو لأب لورث أو ورثت معه على تفصيل سيأتي إن شاء الله تعالى في باب الجد والإخوة وهو المقصود بقوله : وحكمه وحكمهم سياتي مكمل البيان في الحالات .
4 - الأخت لأب / مع وجود الأخت الشقيقة الواحدة تكملةَ الثلثين .
مثال : أخت ش وأخت لأب للأولى النصف وللثانية السدس تكملةَ الثلثين .
قال رحمه الله تعالى :
والسدس فرض جدة في النسب واحدة كانت لأم وأب
وولد الأم ينال السدسا والشرط في إفراده لاينسى
وإن تساوى نسب الجدات وكن كلهن وارثات
فالسدس بينهن بالسوية في القسمة العادلة الشرعية
وإن تكن قربى لأم حجبت أم أب بعدى وسدسا سلبت
وإن تكن بالعكس فالقولان في كتب أهل العلم منصوصان
لاتسقط البعدى الصحيح واتفق الجل على التصحيح
وتسقط البعدى بذات القرب في المذهب الأولى فقل لي حسبي
وكل من أدلت بغير وارث فما لها حظ من الموارث
وقد تناهت قسمة الفروض من غير إشكال ولاغموض
هذه تتمة للتفصيل فيمن يرثون السدس فهو بعدما ذكرهم إجمالا أخذ يفصل في كل واحد منهم وقد قسمتها قسمين لطول هذا الباب .
5 - جدة واحدة فأكثر عند الجمهور سواء كانت من قبل الأم أو من قبل الأب , وقد ذكر الناظم لهن أربع حالات :
الأولى : أن تتعدد الجدات مع اتحادهن في الدرجة سواء كن من جهة واحدة كأم أم أب وأم أب أب أو كن من جهتين كأم أم وأم أب فهن كلهن وارثات , فيفرض لهن السدس يشتركن فيه بالسوية لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى للجدتين بالسدس وقيس الأكثر منهما عليهما وذلك لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه ورَّث ثلاث جدات وهذا معنى قوله : وإن تساوى نسب الجدات وكن كلهن وارثات إلخ .
وخرج بقوله : الوارثات الجدةُ غير الوارثة لكونها محجوبة أو ساقطة فالمحجوبة كالجدة لأم مع وجود الأم , والساقطة كأم أب الأم وذلك لأنها أدلت بغير وارث فهي أدلت بالجد لأم وهو غير وارث ويسميه الفرضيون : الجد الفاسد وهذا معنى قوله : وكل من أدلت بغير وارث فما لها حظ من الموارث .
الحالة الثانية : وجود جدتين من جهتين مختلفتين : إحداهما من قبل الأب والثانية من قبل الأم وهما متفاوتتان في الدرجة بأن كانت إحداهما أقرب إلى الميت والثانية أبعد منها إلى الميت , فإن كانت القربى من جهة الأم كأم أم حجبت الجدة البعدى التي من قبل الأب كأم أم أب .
أما إذا كانت الجدتان عكس ماذكر بأن تكون الجدة القربى من جهة الأب والبعدى تكون من جهة الأم ففيها قولان منصوصان للشافعي , أرجح هذين القولين على ماذهب إليه الناظم رحمه الله تعالى وهو الصحيح من مذهب الشافعية أن القربى من جهة الأب لاتحجب البعدى من جهة الأم , كأم أب وأم أم أم فيشتركان في السدس لأن أصالة الجدة من جهة الأم تجبر بُعدها , وهذا معنى قوله : واتفق الجل على التصحيح أي معظم أصحاب الشافعي رحمهم الله تعالى ورضي عنهم .
الحالة الثالثة : وجود جدتين قربى وبعدى من جهة واحدة سواء كانتا من قبل الأم كأم أم أم وأم أم , أو كانتا من قبل الأب كأم أب أب وأم أب فتسقط البعدى بذات القرب من جهتها وهذا معنى قوله : وتسقط البعدى بذات القرب في المذهب الأولى والأصح من مذهب الشافعية رضي الله تعالى عنهم .
الحالة الرابعة : أن كل جدة أدلت إلى الميت بغير وارث كأم أب أم فإنها لاترث وقد تقدم وذلك لأنهما من ذوي الأرحام .
6- الأخ لأم أو الأخت لأم / بشرط انفراد كل منهما .
مثال : لو هلك هالك عن : أم وأخ لأم فللأم الثلث وللأخ لأم السدس ويرد الباقي عليهما , وقل مثل ذلك في الأخت لأم .
وهكذا أنهى الناظم رحمه الله تعالى بيان الفروض وبيان مستحقيها بيانا واضحا لاإشكال فيه ولاغموض إن شاء الله تعالى .
والله تعالى أحكم وبالصواب أعلم .
(( تمرين ))
بين المستحقين للسدس فيما يأتي :
أم
جدة
أخ لأم
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
أم
أخوين ش
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زوجة
جدة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
جدة
أخت لأم
أخ لأب
ـــــــــــــــــــــــــــ
بنت
بنت ابن ابن
أخت لأم
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
بنت ابن ابن ابن
بنت ابن ابن ابن ابن
أخ لأم
عم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفقني الله تعالى وإياكم لما يحب ويرضى .
لازلتم مباركين يا أعضاء الملتقى .