العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

قصيدة فى أصول الدين للإمام ابن حزم الأندلسي

إنضم
16 ديسمبر 2007
المشاركات
290
قال الإمام الجليل أبو محمد ابن حزم ـ رحمه الله تعالى ـ :


تَعدَّى سبيلَ الرُشْدِ مَنْ جَارَ واعْتَـدى**وضَـاءَ لَـهُ نُـورُ الهُـدى فَتَبلَّـدا
وخَابَ امـرؤٌ وافـاهُ حُكْـمُ مُحمّـدٍ**فَقَـالَ بِـآراءِ الـرِّجـالِ وقَـلَّـدا
نَبِيٌّ أَتَـى بالْنُـورِ مِـنْ عِنْـدِ ربِّـهِ**وما جاءَ مِنْ عِنْدَ الإلهِ هُـو الهُـدى
أَرَى النَّاسَ أَحْزاباً وَكُلٌ يَرَىَ الَّـذِي**يجيء بِهِ المُنْجِي وسائِـرُهُ الـرِّدى
وألْقَوْا كِتَـابَ اللهِ خَلْـفَ ظُهُورِهِـم**وقَـول رَسُـولِ اللهِ ويْلَهُـمُ غَـدَا !
وقَالُوا : بأَنِّ الدِّيـنَ لَيْـسَ بِكَامـلٍ !**وكَذَّبَ مَـا قَالُـوا الإلـهُ وَفَنِّـدَا !
وَماَ فَرَّطَ الْرَحْمَنُ شَيْئًـا وَلَـمْ يَكُـنْ**نَسِيًّـا وَلَـمْ يَتْـرُكْ بَرِيَّتَـهُ سُــدَا
وَقَدْ فَصَّـلَ التَحْرِيـمَ والحـلَّ كُلَّـه**وَبَيَّـنَ أَحْكَـامَ العَـبـادِ وَسَــدَّدَا
وَعَلَّمَ وَجْهَ الحُكْمِ فيمَـا اعْتَـدَوْا بِـهِ**وَنَـصَّ عَلَيْـهِ الحُكْـمَ نَصًّـا وَرَدَّدَا
وَلَـمْ يَتَعَبَّدْنَـا بِعَنْـتٍ وَلَـمْ يُــرِدْ**يُكَلفنـا مَــا لا نُطـيـقُ تَعَـبُّـدَا
وَحَرَّمَ قَوْلَ الظَّنِّ في غَيْـرِ مَوْضِـعٍ**وَأَنْ تَقْتَفِي مَا لَسْتَ تَعْلَـمُ مَوْعِـدَاَ !
أَخِي عَدِّ عَنْ سُبْلِ الضَلالِ ! فَإنَّنِـي**رَأَيْتُ الهُدَى أَهْدَى دَلِيـلاً وَأَرْشَـدَا
وَدَعْ عَنْـكَ آراءَ الرِجَـالِ وَقَوْلَهُـمْ**وخُذْ بِكِتَابِ اللهِ نَفْسِي لَـكَ الفِـدَا !
وقُلْ لِرَسُـولِ اللهِ : سَمْعًـا وطَاعَـةً**إذَا قـالَ قَـوْلاً أَوْ تَيمّـمَ مَقْـصِـدَا
أَوَامِـرُهُ حَتْـمُ عَلَيْـنَـا وَ نَهْـيُـهُ**تُلافِيـهِ بالإقْـلاع عَنْـهُ مُـجَـرَّدَا
حَرَامٌ وَفَـرْضٌ طَاعَـةٌ قَـدْ تَيَقَّنَـتْ**وَمَنْ تَرَكَ التَخْيِيرَ وَالوَقـف َ سَـدَّدا
فـإنْ لاحَ بُـرْهَـانٌ يُبَـيِّـنُ أَنَّــهُ**عَلَى غَيرِ ذَا صِرْنَا مَعًا لِلَّـذِي بَـدَا
وأَفْعَالُـهُ اللائِـي تُبَيَّـيـنُ وَاجِـبًـا**مِنَ اللهِ فَاحْمِلْهَـا عَلَيْـهِ وَمـاَ عَـدَا
على أُسْـوة لا زِلْـتُ مَؤْتَسيـاً بِـهِ**وَلَيْسَتْ بِفَرْضٍ وَالسَعَيدُ مَـنْ اقْتَـدَا
وَإِقْـرَارُهُ الأَفْعَـالَ مِنْـهُ إِبَـاحـةٌ**لَهـاَ فَمُحَـالٌ أَنْ تُقِّـرَ مَـنْ أَفْسَـدَا
وَمَا صَحَّ عَنْـهُ مُسْنَـدًا قُـلْ بِنَصِّـهِ**وَإِيَّاكَ لا تَحْفَـلْ بِمَـا لَيْـسَ مُسْنَـدَا
وَسَـوِّ كِتَـابَ اللهِ بِالسُنَّـةِ الَّـتـي**أَتَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ تَنْجُو مِنَ الرَّدَى
سَوَاءٌ أَتَـتْ نَقْـلَ التَوَاتُـرِ أَوْ أَتَـتْ**بِمَا قَدْ رَوَى الآحَادُ مَثْنَـى وَمَوْحِـدا
وَقُـلْ : إنَّـهُ عِلْـمٌ وَلا تَقُـلْ إِنَّـهُ**مِنَ الظَّنِ لَيْسَ الظَّنُّ مِنْ دِينِ أَحْمَـدَا
فَكُلٌّ مِنَ الوَحْيِ المُنـزَّلِ قَـدْ أَتَـى**عن اللهِ إِنَّ الذِكْـرَ يُحْفَـظُ سَرْمَـدَا
وخُـذْ ظَاهِـرَ الأَلْفَـاظِ لا تَتَعَدَّهـا**إِلَـى غَايَـةِ التَأْوِيـل تَبْـقَ مُؤَيَّـدا
فَتَأْويلُهـا تَحْرِيفُهـا عَـنْ مَكَانِـهَـا**وَمَنْ حَرَّفَ الالْفَاظَ حَادَ عَنِ الهُـدَى
فَإنْ جَـاءَ بُرْهَـانٌ بِتَأْوِيـلِ بَعْضِهَـا**فَأَلْقِ إِلَى الحَقِّ الَّـذِي جَـاءَ مَقْلَـدَا
وَكُلُّ عُمُـومٍ جَـاءَ فَالْحَـقُّ حَمْلُـهُ**علـى مُقْتَـضَـاهُ دُونَ أَنْ تَـتَـرَدّدا
وَإِنْ جَاءَ بالتخصيصِ نَصٌّ فُخُصَّـه**بِهِ وَحْـدَهُ واحْـذَرْ بِـأَنْ تَتَزَيَّـدا !
وأَخْرِجْ قَلِيلاً مِـنْ كَثِيـرٍ وَإِنْ بَـدَتْ**مُعَارَضَةٌ فَاشْدُدْ عَلَى الزَّائِـدِ الْيَـدَا
وَإِنْ صَحَّ مَا بَيْنَ النُّصُوصِ تَعَارُضٌ**فَمَنْسُوخُهَا مَـا جَـاءَ مِنْهُـنَّ مُبْتَـدَا
وَإِنْ عُدِمَ التَّارِيـخُ فِيهَـا فَخُـذْ بمَـا**يَزِيدُ عَلى المَعْهُودِ في الأَصْلِ تَرْشُدَا
تَكُنْ مُوقِنًا أَنْ قَـدْ أَطَعْـتَ وَتَارِكًـا**لِكُـلِّ مَقَـالٍ قِيـلَ بِالظَّـنِّ مُبْـعَـدَا
وَكُلُّ مُبَاحٍ في الكِتابِ سِـوى الَّـذِي**يُفَصِّـلُ بالتَّحْريـم مِـنْـهُ مُـعَـدَّدا
وَإِنْ لَمْ يَـرِدْ نـصٌّ بِإِلْـزامِ طَاعَـةٍ**مِـنَ اللهِ لَـمْ يَلْزَمْـكَ أَنْ تَتَعَـبَّـدَا
وَعِنْدَ اخْتِلافِ النَّاسِ فَالحُكْمُ رَاجـعٌ**إِلَيْـهِ وَبِالْإِجْمَـاعَ مِـنْ بَعْـدُ يُهْتَـدَا
وَذَاكَ سَبيلُ المُؤْمِنيـنَ وَمَـنْ يُـرِدْ**خِلافَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ فَمَـا اهْتَـدَى
وَلا تَـدَّعِ الإِجْمَـاعَ فِيمَـا جَهِلْتَـهُ**وَلَمْ تَعْلَم التَّحْقِيـقَ جَمْعًـا وَمُفْـرَدا
وإِنْ امرُؤٌ في الدِّيـنِ حَكَّـمَ نَفْسَـه**قِيَاسًا أَوْ اسْتِحْسَانَ رَأْيٍ قَـدْ اعْتَـدَى
وَجَـاءَ بِدَعْـوَى لا دَليـلَ يُقِيمُـهَـا**وأَسْرَفَ فـي دِيـنِ الإلـهِ وأَلحَـدَا
ومَنْ قَـالَ مُحْتَاطًـا بِـردْعِ ذَرِيعَـةٍ**بِرأْيٍ رآهُ قَـدْ أتَـى اللَّهـوَ وَالـرَّدَا
مُحِلَّ حَـرَامٍ أَوْ مُحَـرِّمَ مَـا أَتَـى**بِتَحْلِيلـهِ مخطـي الكِتَـابِ تَعَـمُّـدَا
وَمَنْ يَدَّع نَسْخًا على الحُكْم لَمْ يَجِىءْ**علـى ذاكَ بالبُرْهَـانِ لَيـس مُفَنِّـدَا
ولا تَنْتَقِلْ عَنْ حَـالِ حُكْـمٍ عَلِمْتَـه**لِقَوْلٍ عَنِ الإِجْمَاع والنَّـصِّ جُـرِّدَا
مِنَ الْحِلِّ والتَّحْرِيمِ أَوْ مِـنْ لَـوازِمٍ**عَلَيْكَ فـلا تَعْـدُ السِّبِيـلَ المُمَهَّـدَا
ولا تَلْتَقِـفْ حُكْـمَ البـلادِ وَجَرْيَهَـا**عَلَى عَمَـلٍ مِمَّـنْ أَغَـارَ وَأَنْجَـدَا
وَإِنْ لَمْ تَجِدْ نَصًّا على الحُكْمِ فَالْتَمِسْ**إِلى قَصْدِهِ جَمْعَ النُّصُوصِ لِتَرْشُـدَا
فَتَمْنَـحَ حُكْمًـا يَبْنِهَـا قَـدْ جَعَلْتَـهُ**وَتَجْمَعَ شَمْـلاً كَـانَ مِنْهَـا مُبَـدَّدَا
وَذَاكَ عَلَـى مَعْنَـاهُ نَـصٌّ وَإِنَّــهُ**لَحَقٌّ كَمَا لَـوْ كَـانَ نَصًّـا مُجَـرَّدَا
وَهَذَا الذي يُدْعَى اجتهادًا ولَيْسَ مـا**تَقُـولُ أُلـو الآراءِ مِنْـهَـا تَـلَـدُّدَا
وَأَثْقَلَهُمْ جَمْعُ النُصُـوصِ فَاَظْهَـرُوا**عَلَى الدِينِ نُقْصَانَ النُصـوصِ تَبَلُّـدا
وَقَالُـوا : لَنَـا إِكْمَالُـهُ وَتَمَـامُـهُ !**تَبَارَكْـتَ رَبِّـي أَنْ تَكُـونَ مُفَنَّـدَا !
وَقَدْ قُلْـتَ : إِنَّ الدِّيـنَ أَكْمَلْتَـهُ لَنَـا**وَفصَّلْتَهُ والحَـقُّ مـا قُلـتَ أَمْجَـدَا
ولا تَلْتَفِـتْ عِنْـدَ الخِطَـابِ دَلِيلَـهُ**ولا تَلْتَزِمْ شَرْعًا سِوَى شَرْع أَحْمَـدَا
فَكُـلُّ نَبِـيًّ خَـصَّ إِنْـذَارَ قَوْمِـهِ**وَأَحْمَدُ عَـمَّ النَّـاسَ أَدْنَـى وَأَبْعَـدَا
وأَخْلِصْ لَدَى الأَعْمَالِ نِيَّتَـكَ الَّتـي**بِهَـا تَرْتَقِـي الأَعْمَـالُ للهِ مُصعِـدَا
وَصَلِّ عَلَى الزَاكي المُجِيرِ مِنَ العَمَى**نَبيِّ الهُـدَى خَيْـرِ الأَنَـامِ مُحَمَّـدا
وَ لِلَّهِ حَمْدَي سَرْمَدًا غيـرَ مُنْقَـضٍ**عَلَى مَا هَدَى حَمْـدًا كَثيـرًا مُـرَدَّدَا​


هذه المنظومة الماتعة نقلاً من كتاب " نوادر الإمام ابن حزم " السفر الثاني ص112 ـ 117 ، و" مجموعة الرسائل الكمالية رقم 16 " ص 257 ـ 263 ، ونشرها أيضاً الأستاذ محمد إبراهيم الكتاني بمجلة معهد المخطوطات العربية في الجزء الأول من المجلد الحادي والعشرين عام 1975م ص 148 ـ 151
 
التعديل الأخير:

السرخسي

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
21 سبتمبر 2008
المشاركات
170
التخصص
عام
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
مالكي
قصيدة رائعه .. جزاك الله خير .
 
أعلى