رد: العَلاقات بين نصوص القواعد
المطلب الثاني
ترتيب العلاقات
فإذا تقررت هذه العَلاقات ومسمياتها؛ فمن المناسب أن نتعرض لترتيب ذكرها؛ فإن الجمع بين المتناثرات ينبغي أن يسير على قانون المناسبات في تأخير ما يتعين تأخيره, وتقديم ما يتعين تقديمه
[SUP][1][/SUP].
والترتيب في اللغة من رتَبَ يَرْتُبُ رُتُوبًا, أي: استقر ودام وثبت ولم يتحرك. ورتَّب يرتِّب ترتيبا, أي: أثبت
[SUP][2][/SUP].
والترتيب اصطلاحا هو: " جعل أو وضع كل شيء في مرتبته
[SUP][3][/SUP]" والمناطقة يعرفونه بأنه: جعل الأشياء المتعددة بحيث يطلق عليها اسم الوحدة, ويكون لبعضها نسبة إلى البعض الآخر بالتقديم والتأخير ( 4). وقيل: "جعل الأشياء الكثيرة بحيث يطلق عليها اسم الواحد ويكون لبعضها نسبة إلى بعض بالتقديم والتأخير" ( 5)
فالترتيب يجري بين أمور متعددة متخالفة في الذوات والصفات بينها علاقة, أقل عددها اثنان ( 6), والنسبة بين هذه المرتبات هي التقديم والتأخير.
ومن البديهي أن نقول إن ترتيب الأمور له أهمية كبيرة, وأن ترتيب الأمور المعلومة يؤدي للوصول الى النتائج المجهولة, ومن ضوابط الترتيب, أنه يبدأ بالأهم فالمهم, والأهمية أمر نسبي تختلف باختلاف ما يراد ترتيبه وتختلف كذلك باختلاف المقصد من الترتيب, فالمعاجم اللغوية مثلا لها مقاصد وأهداف, ومادتها لها طبيعة معينة؛ ومن ثم فإن التقديم والتأخير لموادها ينحصر في طرق وأساليب تدور حول هذه المقاصد والأهداف بما يتناسب مع طبيعة مادتها, وكذلك الفهارس؛ فإن كل نوع من أنواع الفهارس يناسبه ترتيب ما بحسب المقصد والهدف من الفهرس وطبيعة المادة المفهرسة؛ ومن ثم تنوعت مسارب وطرق الناس في الترتيب.
ولما كان ذكر القواعد ذات العلاقة وأنواع العلاقات المختلفة له أهداف ذُكرت أطرافٌ منها في مبحث أهمية إدراك القواعد ذات العلاقة؛ فإننا نتبع في ترتيب وتنسيق القواعد ذات العلاقة ما يتناسب مع هذه الفوائد المرجوة.
ولقد درج العلماء على ترتيب العلاقات الأقوى ارتباطا فالأقوى؛ فيبدأون بعلاقة التساوي, ثم علاقة العموم والخصوص المطلق, ثم علاقة العموم والخصوص الوجهي, ثم علاقة التباين. وعلى هذا فيكون الترتيب على النحو التالي:
- أولا: علاقة التماثل (الصيغ المتنوعة).
- ثانيا: علاقة المخالفة (الآراء المخالفة).
- ثالثا: علاقة العموم والخصوص المطلق.
القواعد الأعم.
القواعد الأخص.
- رابعا: علاقة العموم والخصوص الوجهي.
- خامسا: علاقة التقييد.
- سادسا: علاقة التقابل, ويعبر عنها بعض العلماء بـ "العكس".
- سابعا: علاقة التكامل.
- ثامنا: علاقة النظائر.
---------------------------------------------
[1] انظر الذخيرة للقرافي 1/36 .
[2] القاموس المحيط للفيروز آبادي 1/166، ط دار إحياء التراث العربي، الطبعة الأولى، سنة 1997 ؛ لسان العرب لابن منظور 1/409، ط دار صادر، الطبعة الأولى، سنة 1990 ؛ المصباح المنير للفيومي ص 83، ط مكتبة لبنان، بيروت، سنة 1978 .
[3] التعريفات للجرجاني ص 28، طبعة عالم الكتب، الطبعة الأولى سنة 1987، تحقيق عبد الرحمن أبي عميرة .
[4] تحرير القواعد المنطقية لقطب الدين الرازي ص 29، طبعة المطبعة الإبراهيمية ؛ دستور العلماء لأحمد النكري 1/195، طبعة دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى سنة 2000 ؛ وانظر معان أخرى للترتيب عند التهانوي في كشاف اصطلاحات الفنون 1/412، طبعة مكتبة لبنان، الطبعة الأولى سنة 1996 .
[5] كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي: 1/413 .
[6] تحرير القواعد المنطقية لقطب الدين الرازي ص 29 .
تم بعون الله نقل هذه المقدمة من المقدمات
الواردة في
معلمة القواعد الفقهية
سائلين الله أن يجزي الأستاذ أشرف خير الجزاء على إعدادها
وأن ينفع به وبعلمه
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
![خط.png خط.png](https://feqhweb.com/vb/data/attachments/5/5499-6161d78ba7ee416b3fa18ecd87e6f2c5.jpg)