العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)
هذا أوان الإعلان عن البدء بندوة فقه المناسك لهذا العام 1434هـ والتي ستكون بعنوان: (فقه آيات أحكام الحج).
ولإضفاء الفاعلية لهذه الندوة، وتوسيع دائرة المشاركة، فيكفي للمشاركة في أوراق الندوة، فقه آية واحدة من أحكام الحج، كما يمكن ابتكار الورقة بالشكل الذي يراه الباحث.
نتمنى من الجميع المشاركة، وتسجيل اسم الورقة المقدمة، أو الآية التي يرغب في دراستها، في هذا الموضع، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

تم بحمد الله اليوم الانتهاء من إعداد خطة لتفعيل الندوة، والمأمول من الأعضاء المشاركة في فقه آية من آيات الحج، جعلنا الله وإياكم من أهل القرآن وخاصته، الذين يحيون ويموتون تحت رايته.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

الإخوة والأخوات الذين يرغبون المشاركة في الندوة، وهم غير مسجلين في المنتدى، فيمكنكم إرسال مشاركاتكم على بريد الموقع، وسيدرج هنا بإذن الله: info@feqhweb.com
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

التغريدة الرسمية للدعوة للمشاركة في الندوة في الموقع الاجتماعي: تويتر، ونتمنى تفعيلها على أوسع نطاق، والدال على الخير كفاعله:
https://twitter.com/fhashmy/status/381069734898176001
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

مقترح لورقة مختصرة:
سبب الخلاف بين الجمهور والحنفية: في عود الضمير في قوله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}؛ هل المراد: التمتع، أو الهدي وبدله؟
وعليه فيكون المعنى: أن التمتع لغير المكي، أو أن له التمتع ولكن عليه الهدي أو بدله.
 
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

جهود مباركة وموضوعات متنوعة .. كعادتكم في ابتكار الشيق؛ ولعل الله يجعل فيه خيرا كثيرا
إلى عود إن شاء الله
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

للتقييد ،،،
 

عصام أحمد الكردي

:: متفاعل ::
إنضم
13 فبراير 2012
المشاركات
430
الإقامة
الأردن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو يونس
التخصص
عابد لله
الدولة
الأردن
المدينة
الزرقاء
المذهب الفقهي
ملة إبرهيم حنيفا
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

مشاركة بموضوع فقه آيات أحكام الحج​
الورقة المرفقة
 

المرفقات

  • ءاية على أن تأجر&#.doc
    42 KB · المشاهدات: 0

مراد محمود حيدر

:: متابع ::
إنضم
17 يوليو 2012
المشاركات
21
الكنية
أبو محمد
التخصص
فقه مقارن
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
مقارن
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

يسرني أن أشارك معكم في الندوة الفقهية ،لفقه آيات أحكام الحج ،وقد اخترت الآية الكريمة "ليْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ" وتقبلوا فائق شكري
أخوكطم
ا.د. مراد محمود حيدر
أستاذ الفقه المقارن المشارك ـ كلية الشريعة والقانون بالقاهرة ـ جامعة الأزهر
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
إنضم
25 أغسطس 2013
المشاركات
35
الكنية
ابومحمد
التخصص
اصول الفقه
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
مالكي
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

السلام عليكم
وبارك الله في جميع المشاركين... ونسأل الله ان تكون الندوة مفيدة في بابها وهو موضوع الوقت ......
ملاحظة / اشير الى اخي مراد محمود ان يصحح بداية الاية التي أراد المشاركة بها في الندوة...
والشكر موصول للجميع ...والله الموفق
 

مراد محمود حيدر

:: متابع ::
إنضم
17 يوليو 2012
المشاركات
21
الكنية
أبو محمد
التخصص
فقه مقارن
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
مقارن
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

"ليْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ"
معروف أننا أخذنا رسم الآية الكريمة من المصحف الموجود بالشاملة ،والخطأ وارد وجل من لا يسهو..
لكني كنت أنتظر أن يقترح من سألني التصحيح عناصر يمكن إدراجها تحت موضوع هذه الآية ..وعلي آية حال له شكري وتقديري
 

إدارة الملتقى

:: خاص بالتعامل مع الأعضاء ::
إنضم
29 ديسمبر 2007
المشاركات
664
التخصص
إدارة الملتقى
المدينة
الملتقى الفقهي
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

مشاركة وردت عبر البريد الرسمي للملتقى
من الأستاذ الدكتور
حسن السيد خطاب - شكر الله له-

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فيسعدنى أن أشارك معكم فى هذه الندوة الفقهية لآيات مناسك الحج رزقنا الله فضلها ونورها
وسوف تكون مشاركتى تحت قوله تعالى:
فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَالنَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُواوَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202
ولكم وافر الشكر
ا د/ حسن السيد خطاب
أستاذ الدراسات الاسلامية بكلية الاداب بالمنوفية


الملف مرفق


 

المرفقات

  • مناسك الحج.docx
    37.2 KB · المشاهدات: 0
التعديل الأخير:

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,141
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

شكر الله للمشاركين، وجعلهم من المباركين ...
 
إنضم
6 يناير 2008
المشاركات
21
الكنية
أبو عبد الحكيم
التخصص
الفقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندي مشاركة بعنوان ( فقه آيات الحج عند الحنابلة ) .
وهي مستلة من بحثي لمرحلة الماجستير ، والذي كان عنوانه : ( فقه آيات الأحكام عند الحنابلة من خلال كتاب المبدع لابن مفلح رحمه الله ) .
ومقصود البحث : إظهار فقه الحنابلة لآيات الأحكام ، وأوجه استدلالهم بها على المذهب ، ومناقشتهم لاستدلال مخالفيهم بآيات الأحكام .
ويحتوي البحث على خمس آيات تتعلق بالحج ، وقد أرسلته على بريد الموقع .
أسأل الله أن يبارك لي وللإخوة جميعاً في العلم والعمل ، وأن يتقبل منا ومنهم صالح الأعمال .




## تم إرفاق الملفات - إدارة الملتقى ##
 

المرفقات

  • فقه آيات الحج.doc
    409 KB · المشاهدات: 0
  • فقه آيات الحج.pdf
    1.3 MB · المشاهدات: 0
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

إدارة الملتقى

:: خاص بالتعامل مع الأعضاء ::
إنضم
29 ديسمبر 2007
المشاركات
664
التخصص
إدارة الملتقى
المدينة
الملتقى الفقهي
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

تم إرفاق الورقات البحثية للأستاذ الفاضل حسن خطاب، المشاركة #12
وأيضا للأستاذ الفاضل عبد الله منكابو، المشاركة
#14
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

مشاركة الأخ عصام من زرقاء الأردن تدل على ملحظ جميل، وموضوع لطيف، ويصلح أن تقدم فيه عدة أوراق للندوة! ألا وهو الاستدلالات الخفية من آي القرآن على أحكام الحج
فمن كان يتوقع أن آية في سورة القصص ذكر فيها الحج: {قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج}
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

الآية الأولى: ﴿
ثم أفيضوا
من حيث أفاض الناس
[البقرة: 199].
استدل الجمهور بهذه الآية: على وجوب النفر من عرفة بعد غروب الشمس.
وجه الدلالة: أنه أمر بالإفاضة من عرفة من حيث أفاض الناس، وقد أفاض النبي صلى الله وعليه وسلم، والناس معه، بعد غروب الشمس.
ونوقش: بأنَّ المراد النفر مِنْ حيث أفاض الناس مِنْ عرفة لا مِنْ المزدلفة، وقد حكى ابن جرير الإجماع على ذلك[SUP]([SUP][1][/SUP][/SUP]).
فالمقصود: مخالفة طريقة الحمس مِنْ قريش ومَنْ وافقهم، الذين كانوا لا يخرجون مِنَ الحرم، فأمرهم الله بالخروج إلى عرفة والإفاضة معهم.
فهو: أمرٌ بالإفاضة مِنَ المكان لا مِنَ الزمان، ويؤكد هذا التعبير بـ(حيث)؛ إذ هي في الأصل ظرف مكان.
وهناك قول آخر حكاه ابن جرير عن الضحاك: أنَّ المقصود مِنَ الآية هو الإفاضة مِنْ مزدلفة؛ وذلك لأنَّ الإفاضة مِنْ عرفات هي قبل الإفاضة مِنْ مزدلفة وهي بالتالي قبل الوقوف عند المشعر الحرام، وإنما قال الله عز وجل: ﴿
ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس
بعد ذكره للإفاضة مِنْ عرفات وبعد الوقوف عند المشعر الحرام، فكان معلومًا أنَّ الله إنما يأمرهم بالإفاضة مِن الموضع الذي لم يفيضوا منه، دون الموضع الذي أفاضوا منه، وغير جائز أنْ يأمر الله عز وجل بأمر لا معنى له.
وذكر ابن جرير: أنَّ هذا القول هو أولى التأويلين، وفساد ما خالفه، لولا الإجماع الذي وصفه في القول الأول، وتظاهر الأخبار بمن حكى عنهم مِنْ أهل التأويل [SUP]([SUP][2][/SUP][/SUP]).
والشاهد: أنه ليس في الأقوال الواردة في تفسير الآية ما يفيد وجوب النفر مِنْ عرفة بعد غروب الشمس، مما يقدح في صحة الاستدلال بالآية على ذلك.


([1]) وتبعه مِنْ بعده في سياق الأقوال وفي التدليل.
([2] ) «تفسير الطبري» (4/190، 191).
 
التعديل الأخير:
إنضم
1 فبراير 2011
المشاركات
6
التخصص
فقه عام
المدينة
طنطا
المذهب الفقهي
شافعى
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

بارك الله فيكم وجزاكم خيرا
 

د. خلود العتيبي

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
27 يونيو 2009
المشاركات
1,052
التخصص
أصول فقه
المدينة
... ... ...
المذهب الفقهي
... ... ...
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

أحببت أن أضع دلوي بين الدلاء؛ وإن كانت لا ترقى إلى مستوى الأوراق المقدمة من هذه الكوكبة المشاركة من العلماء الأفاضل وفقهم الله، إلا أني أرجو بها النفع والفائدة... والله ولي التوفيق.

 

المرفقات

  • بعض القواعد الأ&#1.pdf
    254.4 KB · المشاهدات: 0

مراد محمود حيدر

:: متابع ::
إنضم
17 يوليو 2012
المشاركات
21
الكنية
أبو محمد
التخصص
فقه مقارن
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
مقارن
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

مشاركة ندوة فقه المناسك
ا.د/ مراد حيدر
قال تعالى: "لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ *
مشاهد لغوية
الكاف هنا تعليلية
: تجيء الكاف للتعليل، كقوله تعالى في سورة البقرة (198) {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم، فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام، واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين}. أي اذكروا الله لأنه هداكم.
ـ لماذا عبر القرآن الكريم بقوله "من ربكم " ولم يقل من الله ....؟
في المائدة: [يبتغون فضلاً من (ربهم) ورضواناً .. ] (2) وهو الموضع الوحيد، والموضعان الآخران [يبتغون فضلاً من (الله) ورضواناً] الفتح (29) والحشر (8)، لأن آية المائدة في سياق الحج، والحج مظنة التجارة فناسب التعبير بـ (ربهم) والربوبية تناسب الرزق، يؤيده قوله تعالى في البقرة [الحج أشهر معلومات .. ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله .. ] (198)
ـ الجانب البلاغي:
قال تعالي في هذه الآية "ليس عليكم جناح" وقال في غيرها "لاجناح عليكم" والفرق بين التعبيرين كما يلي : الفرق بين قوله تعالى (لا جُناح عليكم) وقوله تعالى (ليس عليكم جناح)؟
أولاً: لا جناح عليكم جملة إسمية، و (لا) هنا نافية للجنس على تضمن من الاستغراقية والمؤكِّدة دخلت على المبتدأ والخبر، والنحاة يقولون: إن (لا) في النفي بمثابة (إنّ) في الإثبات. ومنَ المسلمات الأولية في المعاني أن الجملة الإسمية أقوى وأثبت وأدلّ على الثبوت من الجملة الفعلية، وعليه يكون (لا جناح عليكم) مؤكّدة كونها جملة إسمية؛ وكونها منفية بـ (لا) هذا من الناحية النحوية.
أما الجملة (ليس عليكم جناح جملة) فهي جملة فعلية ولا يمنع كون ليس ناسخاً لأن المهم أصل الجملة قبل دخول الناسخ عليها. هذا من حيث الحكم النحوي أن الجملة الإسمية أقوى وأثبت وأدلّ على الثبوت من الجملة الفعلية.
أما من حيث الاستعمال القرآني فإذا استعرضنا الآيات التي وردت فيها ليس عليكم جناح ولا جناح عليكم في القرآن؛ نجد أن (لا جناح عليكم) تستعمل فيما يتعلق بالعبادات وتنظيم الأسرة وشؤونها والحقوق والواجبات الزوجية والأمور المهمة، أما ليس عليكم جناح تستعمل فيما دون ذلك من أمور المعيشة اليومية كالبيع والشراء والتجارة وغيرها مما هو دون العبادات في الأهمية. ونورد الآيات القرآنية التي جاءت فيها الجملتين:
(لا جناح عليه)
في سورة البقرة: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} (158) هذه عبادة، {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (229)، {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} (230)، {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آَتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ} (233)، {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (234)، {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ} (235)، {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} (236)، {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ} (240)) هذه الآيات كلها في الحقوق وفي شؤون الأسرة. في سورة النساء: (فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ (23)) (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ (24)) (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ (102)) (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا (128)) وفي سورة الأحزاب (وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ (51)) و (لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آَبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ (55)) وفي سورة الممتحنة (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ (10))
ليس عليكم جناح
في سورة البقرة: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198)) وقوله تعالى (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا (282)) وفي النساء (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا (101)) وفي سورة المائدة (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآَمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)) وفي سورة النور (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ (29)) و (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60)) و (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا (61)) وفي سورة الأحزاب (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ (5))
وقد ورد في القرآن الكريم آيتان متتابعتان كل منهما تحتوي على إحدى الجملتين فقد قال تعالى في سورة النساء (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (101)) وقال تعالى في آية أخرى (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102)) الأمر في الأولى يتعلق بالضرب في الأرض وهو السير في الأرض للتجارة أو غيرها، أما في الثانية فالأمر يتعلق بالصلاة في موطن الجهاد فالآية فيها عبادة وفي موطن عبادة أما في الأولى فالموطن مختلف لأن موطن الجهاد أهم من موطن الراحة والاستجمام، والجهاد في مقتصد الدين أكثر من الضرب في الأرض. فجملة (لا جناح عليكم) أقوى لأها جملة اسمية ومؤكدة فيستعملها في المواطن المهمة كالعبادات وتنظيم الأسرة والأمور المهمة. وهناك فرق كبير بين (ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتاً) والآية الثانية من سورة المائدة مثلاً ولا شك أن الأكل جميعاً أو أشتاتاً ليس بمنزلة الجهاد. وهكذا إذا لاحظنا ورود "لا جناح عليكم" و"ليس عليكم جناح" يجب أن ننبته إلى الموطن الذي جاءت فيه.
ـ وقد يقول قائل : (أما الجملة (ليس عليكم جناح جملة) فهي جملة فعلية ولا يمنع كون ليس ناسخاً لأن المهم أصل الجملة قبل دخول الناسخ عليها) فلا أدري على أي أساس حكمت بأن الجملة قبل دخول الناسخ فعلية، مع أنها مؤلفة من مبتدأ مؤخر هو (جناح) وخبر مقدم هو (عليكم)، أما بعد دخول الناسخ فالراجح أنها اسمية أيضًا لأن الإسناد واقع بين الاسم والخبر لا بين الناسخ واسمه.
الثانية عن قولك (الأمر في الأولى يتعلق بالضرب في الأرض وهو السير في الأرض للتجارة أو غيرها، أما في الثانية فالأمر يتعلق بالصلاة في موطن الجهاد) إذ إن الأمر في الآية الأولى وهي قوله تعالى: "وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ" متعلق بالصلاة في ذاتها، بينما الأمر في الآية الثانية يتعلق بعارض فيها وهو وضع السلاح عند، وبَيِّنٌ أن ما يتعلق بالذات أولى مما يتعلق بالعارض، وتعلق الآية الأولى بالصلاة ظاهر، فأرجو أن تعيد النظر فيما قلت.
وأقول نعم : هو محض اجتهاد ..
ـــ النظر في القراءات الواردة في الآية :
{ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم في مواسم الحج} [البقرة: 195
فهذا الضرب وما أشبهه متروك لاتجوز القراءة به، ومن قرأ بشيء منه غير معاند ولا مجادل عليه وجب على الإمام أن يأخذه بالأدب بالضرب والسجن على ما يظهر له من الاجتهاد، فإن قرأ به وجادل عليه ودعا الناس إليه وجب عليه القتل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: {المراء في القرآن كفر} ولإجماع الأمة على اتباع المصحف المرسوم.
القراءة التفسيرية:
القراءة التفسيرية: هي ما نقل عن السلف على أنه قراءة وقد خالف رسم المصحف وكان أشبه بوجه في تفسير الآية.
وما صح سنده منها ربما كان من الأحرف السبعة التي لم يحتملها رسم المصحف.
ثم هذا النوع - أي القراءة التفسيرية - منه:
1 - ما صح فيه النقل كرواية البخاري عن ابن عباس {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ
قال ابن حجر في فتح الباري: وَقِرَاءَة اِبْن عَبَّاس " فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ " مَعْدُودَةٌ مِنْ الشَّاذِّ الَّذِي صَحَّ إِسْنَادُهُ وَهُوَ حُجَّةٌ وَلَيْسَ بِقُرْآنٍ.
وقال في موضع آخر: هَذَا مِنْ الْقِرَاءَة الشَّاذَّة وَحُكْمهَا عِنْد الْأَئِمَّة حُكْم التَّفْسِير.
ولعل هذا راجع إلى ذلك القسم الذي ذكره ابن الجزري في النشر عن مكي وقال عنه: هو ما صح نقله عن الآحاد وصح وجهه في العربية وخالف لفظه خط المصحف.
ثم قال عن حكمه: فهذا يقبل ولا يقرأ به لعلتين:
حداهما- أنه لم يؤخذ بإجماع إنما أخذ بأخبار الآحاد ولا يثبت قرآن يقرأ به بخبر الواحد، والعلة الثانية- أنه مخالف لما قد أجمع عليه فلا يقطع على مغيبه وصحته وما لم يقطع على صحته لا يجوز القراءة به ولا يكفر من جحده.
2 - وأكثر هذا النوع لم تصح فيه الرواية، وأكثر ما يعبر به المفسرون تجاهه أن يقولوا: وهذه القراءة على فرض صحتها فهي تفسير لا قرآن أو: لا تلاوة.
وما من شك في أن اعتبار ما صح سنده منها في التفسير هو أمر له وجاهته وقيمته. قال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه "فضائل القرآن":
فأما ما جاء من هذه الحروف التي لم يؤخذ علمها إلا بالإسناد والروايات التي يعرفها الخاصة من العلماء دون عوام الناس، فإنما أراد أهل العلم منها أن يستشهدوا بها على تأويل ما بين اللوحين، وتكون دلائل على معرفة معانيه وعلم وجوهه.
وذلك كقراءة حفصة وعائشة " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر " وكقراءة ابن مسعود " والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهم " ومثل قراءة أبي بن كعب " للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة اشهر، فإن فاءوا فيهن " وكقراءة سعد " فإن كان له أخ أو أخت من أمه " وكما قرأ ابن عباس " لا جناح عليكم أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج " وكذلك قراءة جابر " فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم" فهذه الحروف وأشباه لها كثيرة قد صارت مفسرة للقرآن أ. هـ
ومن هذه المواضع التي تعرض فيها المفسرون لهذا اللون ما ذكره أبو حيان في البحر المحيط عند تفسير قوله تعالى: {وما ننزله إلا بقدر معلوم} قال: وقرأ الأعمش: وما نرسله مكان وما ننزله، والإرسال أعم، وهي قراءة تفسير معنى، لا أنها لفظ قرآن، لمخالفتها سواد المصحف.
وعند تفسيره لقول الله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ} قال أبو حيان: قراءة عبد الله: "وقلنا إنّ دابر ... "وهي قراءة تفسير لا قرآن، لمخالفتها السواد.
وكذا ذكرها الآلوسي وقال: هي قراءة تفسير لا قرآن لمخالفتها لسواد المصحف.
عند تفسيره لقوله تعالى: {فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه} قال الآلوسي: وقرأ ابن مسعود وعد ذلك قراءة تفسير " وَجَاء البشير مِن بَيْنِ يَدَيْهِ العير "
وعلى هذا فضابط القراءة التفسيرية أن يتوافر فيها ما يلي:
1 - أن تنقل عن السلف على أنها قراءة لا تفسير.
2 - أن تكون مخالفة لرسم المصحف.
3 - أن يحتمل النص الكريم كونها تفسيرا له.
* وقد ذكر السيوطي في الإتقان هذا النوع وسماه السيوطي المدرج وقد مضى الكلام عنه (انظر: الإدراج)
وقد يقال للقراءة التفسيرية قراءة مفسِّرة - بكسر السين- وسيأتي الكلام عنها (انظر: القراءة المفسِّرة
ـــ
فقه آيات الأحكام
اب جواز التجارة أثناج الحج و قول الله تعالى (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ) عن بن عباس رضي الله عنهما قال: كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية فلما كان الإسلام تأثموا من التجارة فيها فأنزل الله ليس عليكم جناح , رواه البخاري. و نفي الجناح إذا كان الكسب حلالاً و منسوب إلى فضل الله تعالى (فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ) أما إذا نسب إلى حذق العبد و الوقوف مع السبب و نسيان المسبب فإن هذا هو الحرج بعينه.
باب يوم الحج الأكبر و ما قبله من خير يوم طلعت عليه الشمس قال تعالى (فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ)
ما قبل عرفة:
يوم التروية وهو يوم الثامن من ذي الحجة فأما من كان مفرداً فقد أحرم من ميقاته و أما القارن فمازال محرم و أما من تمتع بالتحلل بعد العمرة فعليه أن يحرم قبل الزوال و يستحب له الغسل و أن يطيب جسده و أن يتحرى ألا يصيب الإحرام بطيب فإن أصابه فيغسله من الطيب فوراً و إن تركه عمداً فيأثم و فدية الترتيب كما سبق. و يندفع كل من كان حاجاً هذا العام سواء أكان قارناً أم مفرداً أم متمتعاً إلى منى فيصلي بها الظهر و العصر و المغرب و العشاء يقصر الرباعية كما هو الحال طوال الحج إلا أنه قبل عرفة و هو بمنى لا يجمع و كذلك أهل مكة يقصرون لأن النبي صلى الله عليه و آله و سلم لم يأمرهم بالإتمام كما أمرهم عام الفتح ثم يبيت الحجاج بمنى يوم التروية أما إن لم يبيت في منة و أحرم من مكة ثم خرج منها إلى عرفة مباشرة بعد فجر عرفة مثلاً فهذا كرهه مالك و أحمد لمخالفته هدي رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و لكن ليس عليه شئ.
يوم عرفة:
فإذا طلعت الشمس يوم عرفة سار من منى إلى نمرة فنزل بها حتى الزوال إن تيسر له وإلا فلا حرج؛ لأن النزول بنمرة سنة. فإذا زالت الشمس استمع إلى الخطبة و صلى الظهر والعصر على ركعتين يجمع بينهما جمع تقديم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ليطول وقت الوقوف والدعاء. ثم يتفرغ بعد الصلاة للذكر والدعاء والتضرع إلى الله عز وجل، ويدعو بما أحب رافعاً يديه مستقبلاً القبلة ولو كان الجبل خلفه؛ لأن السنة استقبال القبلة لا الجبل، وقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم عند الجبل وقال: "وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف " رواه مسلم من حديث جابر , وكان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الموقف العظيم: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير". فإن حصل له ملل وأراد أن يستجم بالتحدث مع أصحابه بالأحاديث النافعة أو قراءة ما تيسر من الكتب المفيدة خصوصاً فيما يتعلق بكرم الله وجزيل هباته ليقوى جانب الرجاء في ذلك اليوم كان ذلك حسناً، ثم يعود إلى التضرع إلى الله ودعائه، ويحرص على اغتنام آخر النهار بالدعاء، فإن خير الدعاء دعاء يوم عرفة و يظل على دعائه حتى الغروب و هو سنة خلافاً لمن يعده من واجبات الإحرام لمن وقف نهاراً كعطاء والثوري والشافعي و أحمد وأبو ثور و الحنفية و صحح حجه جماعة الفقهاء أما مالك فقال إن دفع قبل الغروب لا يصح حجه فجعله ركناً لمن وقف نهاراً قال الإمام الحجة بن عبد البر المالكي لا نعلم أحد من علماء الأمصار قال بقول مالك و قال مالك و الشافعي و أحمد إن عاد قبل الغروب فوقف حتى الغروب فليس عليه دم و قال الكوفيين و أبو ثور بل عليه دم , و الصحيح أنه يجوز الوقوف بعرفة ليلاً أو نهاراً و لو لحظات بغير إيجاب الوقوف بليل لمن وقف نهاراً لحديث بن لام الطائي قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة فقلت يا رسول الله إني جئت من جبل طي أكللت راحلتي وأتعبت نفسي والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من شهد صلاتنا هذه حتى يدفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه) قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح. و وجه الدلالة في عدم الإيجاب قوله صلى الله عليه و آله و سلم ليلاً أو نهاراً وقالوا عنه المقصود بها و نهاراً و الرد أن العلماء أجمعوا على أن الوقوف بعرفة ليلاً وحده يجزئ.
الإفاضة من عرفات:
كون بعد غروب الشمس إلى المزدلفة و يصلي بها المغرب و العشاء إلا أن يخاف أن يصل بعد خروج الوقت فإنه يصلي المغرب في وقته لما في صحيح البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم (أتى المزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريباً من ذلك، فأمر برجلا ً فأذن وأقام ثم صلى المغرب وصلى بعدها ركعتين، ثم دعا بعشائه فتعشى، ثم أمر رجلا ً فأذن وأقام ثم صلى العشاء ركعتين) لكن إن كان محتاجاً إلى الجمع لتعب أو قلة ماء أو غيرهما فلا بأس بالجمع وإن لم يدخل وقت العشاء، وإن كان يخشى ألا يصل مزدلفة إلا بعد نصف الليل فإنه يصلي ولو قبل الوصول إلى مزدلفة، ولا يجوز أن يؤخر الصلاة إلى ما بعد نصف الليل ثم يبيت بمزدلفة و يصلي بها الفجر و لم يرد أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أحيا ليلة جمع بقيام و لذلك فهو المستحب خلافاً لأيام العام فيبيت بها حتى الفجر ليتقوى على مناسك يوم الحج الأكبر و المبيت بمزدلفة ليلة الجمع هو ثاني واجب في الحج بعد الإحرام من الميقات و هو قول عطاء و الزهري و الشافعي و الثوى و احمد و إسحاق و أصحاب الرأي على خلاف علقمة و النخعي و الشعبي و حماد فقالوا من ترك المبيت فقد فاته الحج فجعلو المبيت بالمزدلفة من أركان الحج و قال مالك لا شئ عليه فجعله مستحب و الأول أرجح لحديث عائشة أنها قالت (أستأذنت سودة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة تدفع قبله وقبل حطمة الناس وكانت امرأة ثبطة يقول القاسم والثبطة الثقيلة قال فأذن لها فخرجت قبل دفعه وحبسنا حتى أصبحنا فدفعنا بدفعه ولأن أكون أستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استأذنته سودة فأكون أدفع بإذنه أحب إلى من مفروح به) متفق عليه و تمني أم المؤمنين ذلك لكي ترمي الجمار قبل أن يأتي الناس و لما رواه البخاري أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (يقدم ضعفة أهله فيقفون ثم المشعر الحرام بالمزدلفة بليل فيذكرون الله ما بدا لهم ثم يرجعون قبل أن يقف الإمام وقبل أن يدفع فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر ومنهم من يقدم بعد ذلك فإذا قدموا رمووا الجمرة وكان بن عمر رضي الله عنهما يقول أرخص في أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم) فالضعفى يجوز لهم عدم المبيت إجماعاً ذكره صاحب المغني فدلت هذه الأحاديث على وجوب المبيت أما كونه ركناً بحيث أنه من تركه فقد فسد حجه فيحتاج إلى دليل ,
باب من استيقظ محرماً يوم الحج الأكبر فذكر الله تعالى عند المشعر الحرام و قول الله جل ذكره (فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ *) بعد صلاة الفجر من يوم النحر يقصد الناس المشعر الحرام فيوحدون الله ويكبرنه ويدعوا بما أحبوا و ذلك حتى تسفر الشمس جداً، و من لم يتيسر له الذهاب إلى المشعر الحرام دعا في مكانه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم "وقفت هاهنا وجمع كلها موقف" ويكون حال الذكر والدعاء مستقبلاً القبلة رافعاً يديه قال القرطبي و أجمعوا على أنه من وقف بجمع و لم يذكر الله تعالى أن حجه تام اه أما الوقوف فق إختلفوا فيه فقال مجاهد و قتادة و الزهري و أبو حنيفة و إسحاق و الثوري و أحمد و أبي ثور هو من فروض الحج و قال بن خزيمة هو ركن و قال عطاء و الأوزاعي سنة و هو الراجح قال القرطبي إذا كان الذكر و هو المعني في الآية الكريمة ليس بفرض إجماعاً و هو الأصل فأولى أن يكون الوقوف ليس بفرض.
جمرة العقبة و ما بعدها:
إذا أسفرت الشمس قبل أن تطلع يفيض الحاج إلى منى ويسرع في وادي محسر، فإذا وصل إلى منى رمى جمرة العقبة الكبرى وهي الأخيرة مما يلي مكة بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الأخرى، كل واحدة بقدر نواة التمر تقريباً، يكبر مع كل حصاة رمي الجمار مرتبا: حكى صاحب البحر الإجماع على و جوبه و ذلك لحديث جابر عند مسلم (رأيت النبي صلى الله عليه و آله و سلم يرمي الجمرة على راحلته يوم النحر) و حديث عبد الرحمن التيمي (أمرنا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أن نرمي الجمار بمثل حصى الخذف في حجة الوداع) رواه الطبراني في الكبير بسند صحيح. وأجمعوا على أن
جمرة العقبة يوم النحر أن الوقت المستحب لها هو من بعد طلوع الشمس إلى زوالها و أن من أخرها إلى قبل المغيب جاز ذلك نقله بن عبد البر و أبو الوليد , أما الرمي قبل الفجر فمنعه أبو حنيفة و مالك وسفيان وأحمد و قالوا يعيد لحديث بن عباس رضي الله عنهما قدم النبي صلى الله عليه و آله و سلم ضعفة أهله و قال (لا ترموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس) رواه الترمذي و صححه , و خالف عطاء و طاوس و الشعبي و الشافعي و قالوا لا بأس به وإن كان المستحب هو بعد طلوع الشمس لما رواه أبو داود من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت و هو صحيح إلا أنه خاص بأم سلمة لإرسال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لها لأنه كان يومها. أما الرمي بعد المغيب فاختلفوا فيه فقال مالك عليه دم وقال أبو حنيفة إن رمى من الليل فلا شيء عليه وإن أخرها إلى الغد فعليه دم وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي لا شيء عليه إن أخرها إلى الليل أو إلى الغد وحجتهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لرعاة الإبل في مثل ذلك أعني أن يرموا ليلا وفي حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له السائل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم رميت بعد ما أمسيت قال له لا حرج وعمدة مالك أن ذلك الوقت المتفق عليه الذي رمى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو السنة ومن خالف سنة من سنن الحج فعليه دم على ما ورد عن ابن عباس وأخذ به الجمهور وقال مالك ومعنى الرخصة للرعاة إنما ذلك إذا مضى يوم النحر ورموا جمرة العقبة. و السنة أن يكون الذبح بعد رمي الجمرة ثم الحلق أو التقصير و هو ثالث واجب من واجبات الحج لقوله تعالى (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا) الفتح , و انعقد الإجماع على أن الحلق أفضل من التقصير في الحج لما رواه الشيخين من أنه صلى الله عليه و آله و سلم دعا للمحلقين ثلاثاً و للمقصرين مرة. و قال أبو حنيفة و مالك و أحمد الحلق أو التقصير واجب و قال الشافعي بل ركن و المرأة حقها التقصير دون الحلق، ثم ينزل لمكة فيطوف ويسعى للحج. والسنة أن يتطيب إذا أراد النزول إلى مكة للطواف بعد الرمي والحلق؛ قول عائشة رضي الله عنها: "كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت" متفق عليه.

الفقه الأخلاقي
يقول الشيخ الغزالي: ذكر الله هو الأساس في هذه المناسك كلها يتحول المعنى الصامت المستكين في الضمير إلى هتاف عالٍ .. كأن كل شيء يتحول إلى كون يسبح بحمد الله ويذكره.
وقال: يخيل إليَّ أن المناسك كلها أشكال غير مقصودة لذاتها .. إنما قصدت لذكر الله عندها.
فذكر الله والهتاف باسمه غاية وعمل .. ووسيلة وهدف .. وفي هذه المظاهرة التي جعلها الله ركنا في الإسلام .. وقرن بها من الفوائد النفسية والخُلقية ما لا يحصى.
والحق أن الحج كله هو هذا الهدير الموصول بذكر الله من أمواج بشرية متصلة .. لا شغل لها إلا الجؤار بالتلبية والهتاف بالتسبيح.
ثامنا ًً: الحج اهتمام بالجانب السياسي في الأمة:
إذا كان ذكر الله تعالى مقصدا ً مؤكدا ً في كل مناسك الحج .. والوحدة والقوة والتجرد والإخلاص من مقاصده الكبرى .. فإن هناك غاية عظمى أيضا ً لا يجوز إغفالها خاصة في هذا العصر الذي يوجب على المسلمين السعي نحو القوة والتوحد .. ألا وهو أنه يجب على المسلمين أن يستغلوا هذا المؤتمر العالمي غير المسبوق ولا الملحوق في معالجة ما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم.
إن الحج من الناحية الروحية إذكاء مشاعر .. وتجديد عاطفة .. ومن الناحية الاجتماعية فرصة ثمينة للتوجيهات الجامعة التي تكفل مصلحة المسلمين العليا.
ولكي ندرك ذلك ندرس كيف حج المسلمون في السنة التاسعة والسنة العاشرة للهجرة؟
في السنة التاسعة رجع الحجاج وقد تلقوا تعليمات بقطع علاقاتهم مع العابثين بمعاهداتهم ومعاملتهم بالشدة بعدما فشل اللطف معهم.
وفي السنة العاشرة وضعت تقاليد إنسانية وآداب عامة تضمنتها الخطبة الجليلة التي ألقاها الرسول (صلى الله عليه وسلم) في حجة الوداع.
واقتداء بما فعله الرسول وخلفاؤه لا يمكن إهمال الجانب السياسي من الحج أبدا ً إذ ما يصنع الحجيج بعدما يعودون إلى بلاد اعتدى عليها المجرمون واستباحوا حرماتها؟ .. أو عندما يعودون إلى بلاد كثرت فيها الفتن وماج خلالها المستضعفون.
نعم .. لا يجوز أن تترك هذه الحشود الهائلة يوم الحج الأكبر دون توجيه جامع تلقى به خصومها .. صحيح أنهم في محاريب ذكر .. وساحات تسبيح وتحميد .. وأوقات تبتل إلى الله ونشدان لرضاه .. لكن من قال: إن كسر العدو ليس عبادة؟ والسهر على هزيمتهم ليس تهجدا؟
إن صيحة الله أكبر تُفتتح بها الصلاة لينأى بها المؤمنون عن مشاغل الدنيا .. ويفتتح بها الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا .. ولتجف دموع البائسين وآلام المستضعفين.
ومن هنا نفهم قول الله سبحانه للمحتشدين في عرفات، ولمن وراءهم من جماهير المؤمنين في كل مكان: "قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ. وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ". التوبة: 1415 فالحج عبادة تقيمها قلوب ساجدة وأيدٍ مجاهدة.
ثم يهيب الشيخ بأمته قائلا: يا قومنا، إن الحج ليس لقاء أجساد، ولا شراء هدايا، ولا حمل ألقاب، اجعلوا الموسم الجامع فرصة إعداد، وموطن دراسة علية وعملية، ورسم خطة لإنقاذ أنفسكم من طوفان مقبل.
إن الحج ليس رحلة ميتة، إن ناسا يذهبون إلى الحج الآن ثم يعودون مكتفين بأن حملوا لقبا، هل درست قضاياهم؟ لا. هل عادوا من موسم الحج بتحالف على محاربة الفساد الداخلي والغزو الخارجي؟ لا. إن الحج ليس عبادة فردية، لا في ديننا ولا في تاريخنا. فيجب أن نعلم ديننا وكفانا جهلا حتى لا نستيقظ على الويل والثبور وعظائم الأمور.
وبهذا الفكر السامق والنظر العميق والتفكر الدقيق فهم شيخنا الغزالي يرحمه الله هذه الشعيرة الكبرى، التي جعلها الله تعالى حماية للإسلام أن يندرس، ووقاية للمسلمين أن ينتهوا ويتفتتوا، ومكانا يفيء إليه المسلمون، ويتلاقى فيه المؤمنون، ويعالج فيه المجاهدون مشكلات أمتهم، فيستهدون علاجها من كتاب الله وسنة رسوله.
ا.د/ مراد محمود حيدر
 
أعلى