العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)
هذا أوان الإعلان عن البدء بندوة فقه المناسك لهذا العام 1434هـ والتي ستكون بعنوان: (فقه آيات أحكام الحج).
ولإضفاء الفاعلية لهذه الندوة، وتوسيع دائرة المشاركة، فيكفي للمشاركة في أوراق الندوة، فقه آية واحدة من أحكام الحج، كما يمكن ابتكار الورقة بالشكل الذي يراه الباحث.
نتمنى من الجميع المشاركة، وتسجيل اسم الورقة المقدمة، أو الآية التي يرغب في دراستها، في هذا الموضع، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

مراد محمود حيدر

:: متابع ::
إنضم
17 يوليو 2012
المشاركات
21
الكنية
أبو محمد
التخصص
فقه مقارن
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
مقارن
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

مشاركة ندوة فقه المناسك
ا.د/ مراد حيدر
قال تعالى: "لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ *
مشاهد لغوية
الكاف هنا تعليلية
: تجيء الكاف للتعليل، كقوله تعالى في سورة البقرة (198) {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم، فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام، واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين}. أي اذكروا الله لأنه هداكم.
ـ لماذا عبر القرآن الكريم بقوله "من ربكم " ولم يقل من الله ....؟
في المائدة: [يبتغون فضلاً من (ربهم) ورضواناً .. ] (2) وهو الموضع الوحيد، والموضعان الآخران [يبتغون فضلاً من (الله) ورضواناً] الفتح (29) والحشر (8)، لأن آية المائدة في سياق الحج، والحج مظنة التجارة فناسب التعبير بـ (ربهم) والربوبية تناسب الرزق، يؤيده قوله تعالى في البقرة [الحج أشهر معلومات .. ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله .. ] (198)
ـ الجانب البلاغي:
قال تعالي في هذه الآية "ليس عليكم جناح" وقال في غيرها "لاجناح عليكم" والفرق بين التعبيرين كما يلي : الفرق بين قوله تعالى (لا جُناح عليكم) وقوله تعالى (ليس عليكم جناح)؟
أولاً: لا جناح عليكم جملة إسمية، و (لا) هنا نافية للجنس على تضمن من الاستغراقية والمؤكِّدة دخلت على المبتدأ والخبر، والنحاة يقولون: إن (لا) في النفي بمثابة (إنّ) في الإثبات. ومنَ المسلمات الأولية في المعاني أن الجملة الإسمية أقوى وأثبت وأدلّ على الثبوت من الجملة الفعلية، وعليه يكون (لا جناح عليكم) مؤكّدة كونها جملة إسمية؛ وكونها منفية بـ (لا) هذا من الناحية النحوية.
أما الجملة (ليس عليكم جناح جملة) فهي جملة فعلية ولا يمنع كون ليس ناسخاً لأن المهم أصل الجملة قبل دخول الناسخ عليها. هذا من حيث الحكم النحوي أن الجملة الإسمية أقوى وأثبت وأدلّ على الثبوت من الجملة الفعلية.
أما من حيث الاستعمال القرآني فإذا استعرضنا الآيات التي وردت فيها ليس عليكم جناح ولا جناح عليكم في القرآن؛ نجد أن (لا جناح عليكم) تستعمل فيما يتعلق بالعبادات وتنظيم الأسرة وشؤونها والحقوق والواجبات الزوجية والأمور المهمة، أما ليس عليكم جناح تستعمل فيما دون ذلك من أمور المعيشة اليومية كالبيع والشراء والتجارة وغيرها مما هو دون العبادات في الأهمية. ونورد الآيات القرآنية التي جاءت فيها الجملتين:
(لا جناح عليه)
في سورة البقرة: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} (158) هذه عبادة، {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (229)، {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} (230)، {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آَتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ} (233)، {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (234)، {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ} (235)، {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} (236)، {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ} (240)) هذه الآيات كلها في الحقوق وفي شؤون الأسرة. في سورة النساء: (فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ (23)) (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ (24)) (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ (102)) (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا (128)) وفي سورة الأحزاب (وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ (51)) و (لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آَبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ (55)) وفي سورة الممتحنة (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ (10))
ليس عليكم جناح
في سورة البقرة: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198)) وقوله تعالى (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا (282)) وفي النساء (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا (101)) وفي سورة المائدة (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآَمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)) وفي سورة النور (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ (29)) و (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60)) و (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا (61)) وفي سورة الأحزاب (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ (5))
وقد ورد في القرآن الكريم آيتان متتابعتان كل منهما تحتوي على إحدى الجملتين فقد قال تعالى في سورة النساء (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (101)) وقال تعالى في آية أخرى (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102)) الأمر في الأولى يتعلق بالضرب في الأرض وهو السير في الأرض للتجارة أو غيرها، أما في الثانية فالأمر يتعلق بالصلاة في موطن الجهاد فالآية فيها عبادة وفي موطن عبادة أما في الأولى فالموطن مختلف لأن موطن الجهاد أهم من موطن الراحة والاستجمام، والجهاد في مقتصد الدين أكثر من الضرب في الأرض. فجملة (لا جناح عليكم) أقوى لأها جملة اسمية ومؤكدة فيستعملها في المواطن المهمة كالعبادات وتنظيم الأسرة والأمور المهمة. وهناك فرق كبير بين (ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتاً) والآية الثانية من سورة المائدة مثلاً ولا شك أن الأكل جميعاً أو أشتاتاً ليس بمنزلة الجهاد. وهكذا إذا لاحظنا ورود "لا جناح عليكم" و"ليس عليكم جناح" يجب أن ننبته إلى الموطن الذي جاءت فيه.
ـ وقد يقول قائل : (أما الجملة (ليس عليكم جناح جملة) فهي جملة فعلية ولا يمنع كون ليس ناسخاً لأن المهم أصل الجملة قبل دخول الناسخ عليها) فلا أدري على أي أساس حكمت بأن الجملة قبل دخول الناسخ فعلية، مع أنها مؤلفة من مبتدأ مؤخر هو (جناح) وخبر مقدم هو (عليكم)، أما بعد دخول الناسخ فالراجح أنها اسمية أيضًا لأن الإسناد واقع بين الاسم والخبر لا بين الناسخ واسمه.
الثانية عن قولك (الأمر في الأولى يتعلق بالضرب في الأرض وهو السير في الأرض للتجارة أو غيرها، أما في الثانية فالأمر يتعلق بالصلاة في موطن الجهاد) إذ إن الأمر في الآية الأولى وهي قوله تعالى: "وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ" متعلق بالصلاة في ذاتها، بينما الأمر في الآية الثانية يتعلق بعارض فيها وهو وضع السلاح عند، وبَيِّنٌ أن ما يتعلق بالذات أولى مما يتعلق بالعارض، وتعلق الآية الأولى بالصلاة ظاهر، فأرجو أن تعيد النظر فيما قلت.
وأقول نعم : هو محض اجتهاد ..
ـــ النظر في القراءات الواردة في الآية :
{ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم في مواسم الحج} [البقرة: 195
فهذا الضرب وما أشبهه متروك لاتجوز القراءة به، ومن قرأ بشيء منه غير معاند ولا مجادل عليه وجب على الإمام أن يأخذه بالأدب بالضرب والسجن على ما يظهر له من الاجتهاد، فإن قرأ به وجادل عليه ودعا الناس إليه وجب عليه القتل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: {المراء في القرآن كفر} ولإجماع الأمة على اتباع المصحف المرسوم.
القراءة التفسيرية:
القراءة التفسيرية: هي ما نقل عن السلف على أنه قراءة وقد خالف رسم المصحف وكان أشبه بوجه في تفسير الآية.
وما صح سنده منها ربما كان من الأحرف السبعة التي لم يحتملها رسم المصحف.
ثم هذا النوع - أي القراءة التفسيرية - منه:
1 - ما صح فيه النقل كرواية البخاري عن ابن عباس {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ
قال ابن حجر في فتح الباري: وَقِرَاءَة اِبْن عَبَّاس " فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ " مَعْدُودَةٌ مِنْ الشَّاذِّ الَّذِي صَحَّ إِسْنَادُهُ وَهُوَ حُجَّةٌ وَلَيْسَ بِقُرْآنٍ.
وقال في موضع آخر: هَذَا مِنْ الْقِرَاءَة الشَّاذَّة وَحُكْمهَا عِنْد الْأَئِمَّة حُكْم التَّفْسِير.
ولعل هذا راجع إلى ذلك القسم الذي ذكره ابن الجزري في النشر عن مكي وقال عنه: هو ما صح نقله عن الآحاد وصح وجهه في العربية وخالف لفظه خط المصحف.
ثم قال عن حكمه: فهذا يقبل ولا يقرأ به لعلتين:
حداهما- أنه لم يؤخذ بإجماع إنما أخذ بأخبار الآحاد ولا يثبت قرآن يقرأ به بخبر الواحد، والعلة الثانية- أنه مخالف لما قد أجمع عليه فلا يقطع على مغيبه وصحته وما لم يقطع على صحته لا يجوز القراءة به ولا يكفر من جحده.
2 - وأكثر هذا النوع لم تصح فيه الرواية، وأكثر ما يعبر به المفسرون تجاهه أن يقولوا: وهذه القراءة على فرض صحتها فهي تفسير لا قرآن أو: لا تلاوة.
وما من شك في أن اعتبار ما صح سنده منها في التفسير هو أمر له وجاهته وقيمته. قال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه "فضائل القرآن":
فأما ما جاء من هذه الحروف التي لم يؤخذ علمها إلا بالإسناد والروايات التي يعرفها الخاصة من العلماء دون عوام الناس، فإنما أراد أهل العلم منها أن يستشهدوا بها على تأويل ما بين اللوحين، وتكون دلائل على معرفة معانيه وعلم وجوهه.
وذلك كقراءة حفصة وعائشة " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر " وكقراءة ابن مسعود " والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهم " ومثل قراءة أبي بن كعب " للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة اشهر، فإن فاءوا فيهن " وكقراءة سعد " فإن كان له أخ أو أخت من أمه " وكما قرأ ابن عباس " لا جناح عليكم أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج " وكذلك قراءة جابر " فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم" فهذه الحروف وأشباه لها كثيرة قد صارت مفسرة للقرآن أ. هـ
ومن هذه المواضع التي تعرض فيها المفسرون لهذا اللون ما ذكره أبو حيان في البحر المحيط عند تفسير قوله تعالى: {وما ننزله إلا بقدر معلوم} قال: وقرأ الأعمش: وما نرسله مكان وما ننزله، والإرسال أعم، وهي قراءة تفسير معنى، لا أنها لفظ قرآن، لمخالفتها سواد المصحف.
وعند تفسيره لقول الله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ} قال أبو حيان: قراءة عبد الله: "وقلنا إنّ دابر ... "وهي قراءة تفسير لا قرآن، لمخالفتها السواد.
وكذا ذكرها الآلوسي وقال: هي قراءة تفسير لا قرآن لمخالفتها لسواد المصحف.
عند تفسيره لقوله تعالى: {فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه} قال الآلوسي: وقرأ ابن مسعود وعد ذلك قراءة تفسير " وَجَاء البشير مِن بَيْنِ يَدَيْهِ العير "
وعلى هذا فضابط القراءة التفسيرية أن يتوافر فيها ما يلي:
1 - أن تنقل عن السلف على أنها قراءة لا تفسير.
2 - أن تكون مخالفة لرسم المصحف.
3 - أن يحتمل النص الكريم كونها تفسيرا له.
* وقد ذكر السيوطي في الإتقان هذا النوع وسماه السيوطي المدرج وقد مضى الكلام عنه (انظر: الإدراج)
وقد يقال للقراءة التفسيرية قراءة مفسِّرة - بكسر السين- وسيأتي الكلام عنها (انظر: القراءة المفسِّرة
ـــ
فقه آيات الأحكام
اب جواز التجارة أثناج الحج و قول الله تعالى (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ) عن بن عباس رضي الله عنهما قال: كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية فلما كان الإسلام تأثموا من التجارة فيها فأنزل الله ليس عليكم جناح , رواه البخاري. و نفي الجناح إذا كان الكسب حلالاً و منسوب إلى فضل الله تعالى (فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ) أما إذا نسب إلى حذق العبد و الوقوف مع السبب و نسيان المسبب فإن هذا هو الحرج بعينه.
باب يوم الحج الأكبر و ما قبله من خير يوم طلعت عليه الشمس قال تعالى (فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ)
ما قبل عرفة:
يوم التروية وهو يوم الثامن من ذي الحجة فأما من كان مفرداً فقد أحرم من ميقاته و أما القارن فمازال محرم و أما من تمتع بالتحلل بعد العمرة فعليه أن يحرم قبل الزوال و يستحب له الغسل و أن يطيب جسده و أن يتحرى ألا يصيب الإحرام بطيب فإن أصابه فيغسله من الطيب فوراً و إن تركه عمداً فيأثم و فدية الترتيب كما سبق. و يندفع كل من كان حاجاً هذا العام سواء أكان قارناً أم مفرداً أم متمتعاً إلى منى فيصلي بها الظهر و العصر و المغرب و العشاء يقصر الرباعية كما هو الحال طوال الحج إلا أنه قبل عرفة و هو بمنى لا يجمع و كذلك أهل مكة يقصرون لأن النبي صلى الله عليه و آله و سلم لم يأمرهم بالإتمام كما أمرهم عام الفتح ثم يبيت الحجاج بمنى يوم التروية أما إن لم يبيت في منة و أحرم من مكة ثم خرج منها إلى عرفة مباشرة بعد فجر عرفة مثلاً فهذا كرهه مالك و أحمد لمخالفته هدي رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و لكن ليس عليه شئ.
يوم عرفة:
فإذا طلعت الشمس يوم عرفة سار من منى إلى نمرة فنزل بها حتى الزوال إن تيسر له وإلا فلا حرج؛ لأن النزول بنمرة سنة. فإذا زالت الشمس استمع إلى الخطبة و صلى الظهر والعصر على ركعتين يجمع بينهما جمع تقديم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ليطول وقت الوقوف والدعاء. ثم يتفرغ بعد الصلاة للذكر والدعاء والتضرع إلى الله عز وجل، ويدعو بما أحب رافعاً يديه مستقبلاً القبلة ولو كان الجبل خلفه؛ لأن السنة استقبال القبلة لا الجبل، وقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم عند الجبل وقال: "وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف " رواه مسلم من حديث جابر , وكان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الموقف العظيم: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير". فإن حصل له ملل وأراد أن يستجم بالتحدث مع أصحابه بالأحاديث النافعة أو قراءة ما تيسر من الكتب المفيدة خصوصاً فيما يتعلق بكرم الله وجزيل هباته ليقوى جانب الرجاء في ذلك اليوم كان ذلك حسناً، ثم يعود إلى التضرع إلى الله ودعائه، ويحرص على اغتنام آخر النهار بالدعاء، فإن خير الدعاء دعاء يوم عرفة و يظل على دعائه حتى الغروب و هو سنة خلافاً لمن يعده من واجبات الإحرام لمن وقف نهاراً كعطاء والثوري والشافعي و أحمد وأبو ثور و الحنفية و صحح حجه جماعة الفقهاء أما مالك فقال إن دفع قبل الغروب لا يصح حجه فجعله ركناً لمن وقف نهاراً قال الإمام الحجة بن عبد البر المالكي لا نعلم أحد من علماء الأمصار قال بقول مالك و قال مالك و الشافعي و أحمد إن عاد قبل الغروب فوقف حتى الغروب فليس عليه دم و قال الكوفيين و أبو ثور بل عليه دم , و الصحيح أنه يجوز الوقوف بعرفة ليلاً أو نهاراً و لو لحظات بغير إيجاب الوقوف بليل لمن وقف نهاراً لحديث بن لام الطائي قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة فقلت يا رسول الله إني جئت من جبل طي أكللت راحلتي وأتعبت نفسي والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من شهد صلاتنا هذه حتى يدفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه) قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح. و وجه الدلالة في عدم الإيجاب قوله صلى الله عليه و آله و سلم ليلاً أو نهاراً وقالوا عنه المقصود بها و نهاراً و الرد أن العلماء أجمعوا على أن الوقوف بعرفة ليلاً وحده يجزئ.
الإفاضة من عرفات:
كون بعد غروب الشمس إلى المزدلفة و يصلي بها المغرب و العشاء إلا أن يخاف أن يصل بعد خروج الوقت فإنه يصلي المغرب في وقته لما في صحيح البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم (أتى المزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريباً من ذلك، فأمر برجلا ً فأذن وأقام ثم صلى المغرب وصلى بعدها ركعتين، ثم دعا بعشائه فتعشى، ثم أمر رجلا ً فأذن وأقام ثم صلى العشاء ركعتين) لكن إن كان محتاجاً إلى الجمع لتعب أو قلة ماء أو غيرهما فلا بأس بالجمع وإن لم يدخل وقت العشاء، وإن كان يخشى ألا يصل مزدلفة إلا بعد نصف الليل فإنه يصلي ولو قبل الوصول إلى مزدلفة، ولا يجوز أن يؤخر الصلاة إلى ما بعد نصف الليل ثم يبيت بمزدلفة و يصلي بها الفجر و لم يرد أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أحيا ليلة جمع بقيام و لذلك فهو المستحب خلافاً لأيام العام فيبيت بها حتى الفجر ليتقوى على مناسك يوم الحج الأكبر و المبيت بمزدلفة ليلة الجمع هو ثاني واجب في الحج بعد الإحرام من الميقات و هو قول عطاء و الزهري و الشافعي و الثوى و احمد و إسحاق و أصحاب الرأي على خلاف علقمة و النخعي و الشعبي و حماد فقالوا من ترك المبيت فقد فاته الحج فجعلو المبيت بالمزدلفة من أركان الحج و قال مالك لا شئ عليه فجعله مستحب و الأول أرجح لحديث عائشة أنها قالت (أستأذنت سودة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة تدفع قبله وقبل حطمة الناس وكانت امرأة ثبطة يقول القاسم والثبطة الثقيلة قال فأذن لها فخرجت قبل دفعه وحبسنا حتى أصبحنا فدفعنا بدفعه ولأن أكون أستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استأذنته سودة فأكون أدفع بإذنه أحب إلى من مفروح به) متفق عليه و تمني أم المؤمنين ذلك لكي ترمي الجمار قبل أن يأتي الناس و لما رواه البخاري أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (يقدم ضعفة أهله فيقفون ثم المشعر الحرام بالمزدلفة بليل فيذكرون الله ما بدا لهم ثم يرجعون قبل أن يقف الإمام وقبل أن يدفع فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر ومنهم من يقدم بعد ذلك فإذا قدموا رمووا الجمرة وكان بن عمر رضي الله عنهما يقول أرخص في أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم) فالضعفى يجوز لهم عدم المبيت إجماعاً ذكره صاحب المغني فدلت هذه الأحاديث على وجوب المبيت أما كونه ركناً بحيث أنه من تركه فقد فسد حجه فيحتاج إلى دليل ,
باب من استيقظ محرماً يوم الحج الأكبر فذكر الله تعالى عند المشعر الحرام و قول الله جل ذكره (فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ *) بعد صلاة الفجر من يوم النحر يقصد الناس المشعر الحرام فيوحدون الله ويكبرنه ويدعوا بما أحبوا و ذلك حتى تسفر الشمس جداً، و من لم يتيسر له الذهاب إلى المشعر الحرام دعا في مكانه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم "وقفت هاهنا وجمع كلها موقف" ويكون حال الذكر والدعاء مستقبلاً القبلة رافعاً يديه قال القرطبي و أجمعوا على أنه من وقف بجمع و لم يذكر الله تعالى أن حجه تام اه أما الوقوف فق إختلفوا فيه فقال مجاهد و قتادة و الزهري و أبو حنيفة و إسحاق و الثوري و أحمد و أبي ثور هو من فروض الحج و قال بن خزيمة هو ركن و قال عطاء و الأوزاعي سنة و هو الراجح قال القرطبي إذا كان الذكر و هو المعني في الآية الكريمة ليس بفرض إجماعاً و هو الأصل فأولى أن يكون الوقوف ليس بفرض.
جمرة العقبة و ما بعدها:
إذا أسفرت الشمس قبل أن تطلع يفيض الحاج إلى منى ويسرع في وادي محسر، فإذا وصل إلى منى رمى جمرة العقبة الكبرى وهي الأخيرة مما يلي مكة بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الأخرى، كل واحدة بقدر نواة التمر تقريباً، يكبر مع كل حصاة رمي الجمار مرتبا: حكى صاحب البحر الإجماع على و جوبه و ذلك لحديث جابر عند مسلم (رأيت النبي صلى الله عليه و آله و سلم يرمي الجمرة على راحلته يوم النحر) و حديث عبد الرحمن التيمي (أمرنا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أن نرمي الجمار بمثل حصى الخذف في حجة الوداع) رواه الطبراني في الكبير بسند صحيح. وأجمعوا على أن
جمرة العقبة يوم النحر أن الوقت المستحب لها هو من بعد طلوع الشمس إلى زوالها و أن من أخرها إلى قبل المغيب جاز ذلك نقله بن عبد البر و أبو الوليد , أما الرمي قبل الفجر فمنعه أبو حنيفة و مالك وسفيان وأحمد و قالوا يعيد لحديث بن عباس رضي الله عنهما قدم النبي صلى الله عليه و آله و سلم ضعفة أهله و قال (لا ترموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس) رواه الترمذي و صححه , و خالف عطاء و طاوس و الشعبي و الشافعي و قالوا لا بأس به وإن كان المستحب هو بعد طلوع الشمس لما رواه أبو داود من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت و هو صحيح إلا أنه خاص بأم سلمة لإرسال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لها لأنه كان يومها. أما الرمي بعد المغيب فاختلفوا فيه فقال مالك عليه دم وقال أبو حنيفة إن رمى من الليل فلا شيء عليه وإن أخرها إلى الغد فعليه دم وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي لا شيء عليه إن أخرها إلى الليل أو إلى الغد وحجتهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لرعاة الإبل في مثل ذلك أعني أن يرموا ليلا وفي حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له السائل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم رميت بعد ما أمسيت قال له لا حرج وعمدة مالك أن ذلك الوقت المتفق عليه الذي رمى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو السنة ومن خالف سنة من سنن الحج فعليه دم على ما ورد عن ابن عباس وأخذ به الجمهور وقال مالك ومعنى الرخصة للرعاة إنما ذلك إذا مضى يوم النحر ورموا جمرة العقبة. و السنة أن يكون الذبح بعد رمي الجمرة ثم الحلق أو التقصير و هو ثالث واجب من واجبات الحج لقوله تعالى (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا) الفتح , و انعقد الإجماع على أن الحلق أفضل من التقصير في الحج لما رواه الشيخين من أنه صلى الله عليه و آله و سلم دعا للمحلقين ثلاثاً و للمقصرين مرة. و قال أبو حنيفة و مالك و أحمد الحلق أو التقصير واجب و قال الشافعي بل ركن و المرأة حقها التقصير دون الحلق، ثم ينزل لمكة فيطوف ويسعى للحج. والسنة أن يتطيب إذا أراد النزول إلى مكة للطواف بعد الرمي والحلق؛ قول عائشة رضي الله عنها: "كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت" متفق عليه.

الفقه الأخلاقي
يقول الشيخ الغزالي: ذكر الله هو الأساس في هذه المناسك كلها يتحول المعنى الصامت المستكين في الضمير إلى هتاف عالٍ .. كأن كل شيء يتحول إلى كون يسبح بحمد الله ويذكره.
وقال: يخيل إليَّ أن المناسك كلها أشكال غير مقصودة لذاتها .. إنما قصدت لذكر الله عندها.
فذكر الله والهتاف باسمه غاية وعمل .. ووسيلة وهدف .. وفي هذه المظاهرة التي جعلها الله ركنا في الإسلام .. وقرن بها من الفوائد النفسية والخُلقية ما لا يحصى.
والحق أن الحج كله هو هذا الهدير الموصول بذكر الله من أمواج بشرية متصلة .. لا شغل لها إلا الجؤار بالتلبية والهتاف بالتسبيح.
ثامنا ًً: الحج اهتمام بالجانب السياسي في الأمة:
إذا كان ذكر الله تعالى مقصدا ً مؤكدا ً في كل مناسك الحج .. والوحدة والقوة والتجرد والإخلاص من مقاصده الكبرى .. فإن هناك غاية عظمى أيضا ً لا يجوز إغفالها خاصة في هذا العصر الذي يوجب على المسلمين السعي نحو القوة والتوحد .. ألا وهو أنه يجب على المسلمين أن يستغلوا هذا المؤتمر العالمي غير المسبوق ولا الملحوق في معالجة ما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم.
إن الحج من الناحية الروحية إذكاء مشاعر .. وتجديد عاطفة .. ومن الناحية الاجتماعية فرصة ثمينة للتوجيهات الجامعة التي تكفل مصلحة المسلمين العليا.
ولكي ندرك ذلك ندرس كيف حج المسلمون في السنة التاسعة والسنة العاشرة للهجرة؟
في السنة التاسعة رجع الحجاج وقد تلقوا تعليمات بقطع علاقاتهم مع العابثين بمعاهداتهم ومعاملتهم بالشدة بعدما فشل اللطف معهم.
وفي السنة العاشرة وضعت تقاليد إنسانية وآداب عامة تضمنتها الخطبة الجليلة التي ألقاها الرسول (صلى الله عليه وسلم) في حجة الوداع.
واقتداء بما فعله الرسول وخلفاؤه لا يمكن إهمال الجانب السياسي من الحج أبدا ً إذ ما يصنع الحجيج بعدما يعودون إلى بلاد اعتدى عليها المجرمون واستباحوا حرماتها؟ .. أو عندما يعودون إلى بلاد كثرت فيها الفتن وماج خلالها المستضعفون.
نعم .. لا يجوز أن تترك هذه الحشود الهائلة يوم الحج الأكبر دون توجيه جامع تلقى به خصومها .. صحيح أنهم في محاريب ذكر .. وساحات تسبيح وتحميد .. وأوقات تبتل إلى الله ونشدان لرضاه .. لكن من قال: إن كسر العدو ليس عبادة؟ والسهر على هزيمتهم ليس تهجدا؟
إن صيحة الله أكبر تُفتتح بها الصلاة لينأى بها المؤمنون عن مشاغل الدنيا .. ويفتتح بها الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا .. ولتجف دموع البائسين وآلام المستضعفين.
ومن هنا نفهم قول الله سبحانه للمحتشدين في عرفات، ولمن وراءهم من جماهير المؤمنين في كل مكان: "قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ. وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ". التوبة: 1415 فالحج عبادة تقيمها قلوب ساجدة وأيدٍ مجاهدة.
ثم يهيب الشيخ بأمته قائلا: يا قومنا، إن الحج ليس لقاء أجساد، ولا شراء هدايا، ولا حمل ألقاب، اجعلوا الموسم الجامع فرصة إعداد، وموطن دراسة علية وعملية، ورسم خطة لإنقاذ أنفسكم من طوفان مقبل.
إن الحج ليس رحلة ميتة، إن ناسا يذهبون إلى الحج الآن ثم يعودون مكتفين بأن حملوا لقبا، هل درست قضاياهم؟ لا. هل عادوا من موسم الحج بتحالف على محاربة الفساد الداخلي والغزو الخارجي؟ لا. إن الحج ليس عبادة فردية، لا في ديننا ولا في تاريخنا. فيجب أن نعلم ديننا وكفانا جهلا حتى لا نستيقظ على الويل والثبور وعظائم الأمور.
وبهذا الفكر السامق والنظر العميق والتفكر الدقيق فهم شيخنا الغزالي يرحمه الله هذه الشعيرة الكبرى، التي جعلها الله تعالى حماية للإسلام أن يندرس، ووقاية للمسلمين أن ينتهوا ويتفتتوا، ومكانا يفيء إليه المسلمون، ويتلاقى فيه المؤمنون، ويعالج فيه المجاهدون مشكلات أمتهم، فيستهدون علاجها من كتاب الله وسنة رسوله.
ا.د/ مراد محمود حيدر
 
إنضم
12 سبتمبر 2013
المشاركات
1
التخصص
شريعة اسلامية (فقه حنفي)
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الحنفي
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

مشاركة في ندوة الحج جاهزة للرفع سوف يتم رفعها في خلال ساعات بعنوان " صوم الايام الثلاثة " من خلال قوله تعالى " فصيام ثلاثة أيام في الحج
 
إنضم
21 سبتمبر 2012
المشاركات
28
الكنية
أبو محمد
التخصص
حديث وعلومه
المدينة
الحديدة
المذهب الفقهي
شافعي
مشاركة بآيتين في ندوة فقه آيات الحج

مشاركة بآيتين في ندوة فقه آيات الحج

الإخوة الأكارم في الملتقى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : يسعدني أن أشارك في هذه الندوة بآيتين هما : قوله تعالى[FONT=QCF_BSML]ﭽ[/FONT][FONT=QCF_P032] ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ[/FONT][FONT=QCF_P032]ﭗ[/FONT][FONT=QCF_P032] ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ[/FONT][FONT=QCF_P032]ﭤ[/FONT][FONT=QCF_P032] ﭥ ﭦ[/FONT][FONT=QCF_P032]ﭧ[/FONT][FONT=QCF_P032] ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ [/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ[/FONT]{البقرة: ٢٠٣ }.
و قوله تعالى:[FONT=QCF_BSML]ﭽ [/FONT][FONT=QCF_P335]ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ[/FONT][FONT=QCF_P335]ﮥ[/FONT][FONT=QCF_P335] ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ [/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ [/FONT]{الحج: ٢٨}.
أسأل الله أن يجزيكم خيرا , وأن ينفع بكم الإسلام والمسلمين
أخيكم د/ عبدالواسع محمد غالب الغشيمي - أستاذ الحديث وعلومه المشارك - اليمن - جامعة الحديدة
 

المرفقات

  • الأيام المعدود&#1.docx
    70.2 KB · المشاهدات: 0
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

صدر حديثاً ضمن سلسلة بحوث التفسير الموضوعي الميسر, كتاب:
وقفات تربوية من خلال آيات الحج في كتاب الله
لشيخنا أ.د محمد بن عبدالعزيز العواجي
الأستاذ بكلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة​
حفظ الله شيخنا ونفع بعلمه.



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..
أضع بين يدي الأحبة تعريفاً موجزا بالكتاب , بل هو تعريف بمشروع دعوي وتربوي للدعاة في الحج , فهذا هو أصل الفكرة وقد ألقاه الشيخ أ.د. محمد العواجي على شكل دورات تاهيلية أكثر من مرة , كما استفدنا منه كمذكرة تدارسناها مع بعض الطلاب الذين يساهمون في توعية الزوار والحجاج خلال أربع سنوات متتالية ثم يسر الله أن يطبع هذا الكتاب حتى تكون الفائدة أكبر

أما موضوعت الكتاب فقد جاءت على النحو التالي :
تمهيد: مقدمات عن الحج:
المقدمة الأولى: آيات الحج وشرائعه وشعائره في القرآن.
المقدمة الثانية: عرض مناسك الحج من خلال حجة النبي
slah.png
.

الفصل الأول: التربية العقدية من خلال آيات الحج:
المبحث الأول: غرس الإيمان بالله من خلال آيات الحج:
المطلب الأول: الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك بالله في آيات الحج.
المطلب الثاني: أعمال الحج ودورها في التربية على التوحيد.
المطلب الثالث: البراءة من المخالفين للتوحيد وأعمالهم ومخالفتها.
المبحث الثاني: التربية على الإيمان بعقيدة الموت والبعث والقيامة:
المطلب الأول: التذكر بالموت الذي هو بداية الآخرة لكل إنسان.
المطلب الثاني: التذكير بالبعث من القبور والحشر إلى الله عند الحديث عن الحج.
المطلب الثالث: التذكير بيوم الحشر في أعمال الحج.
المطلب الرابع: التذكير باليوم الآخر والجنة والنار.
الفصل الثاني: تعظيم شعائر الله في الحج كما عرضها القرآن:
المبحث الأول: تعظيم الله تعالى لمكة والبيت الحرام.
المبحث الثاني: تعظيم الحجاج والمعتمرين وغيرهم لكل شعائر الله:
المطلب الأول: تعظيم شعائر الله بتحريم الصيد أثناء الإحرام.
المطلب الثاني: تعظيم شعائر الله بترك القتال في الأشهر الحرم.
المطلب الثالث: تعظيم الهدي الذي يهدى إلى بيت الله في حج أو عمرة.
المطلب الرابع: من تعظيم شعائر الله تعالى أن تُؤدى حقوق هذه الشعائر.
المطلب الخامس: أن يعلم المحرم والداخل لمكة أنه في أمان الله فلا يتعرض لسخطه.
المطلب السادس: تعظيم شعائر الله تعالى بإقامة العبادات فيها على الوجه المشروع.
المبحث الثالث: دعاء إبراهيم
slm.png
لتعظيم هذا المشاعر.
الفصل الثالث: التربية الإيمانية في الحج:
المبحث الأول: التربية على تقوى الله تعالى:
المطلب الأول: التزام التقوى في نية وأعمال الحج.
المطلب الثاني: التقوى في السفر للحج وأنها خير زاد.
المطلب الثالث: تقوى الله تعالى تزيد الأعمال الصالحة في الحج وتحفظها.
المطلب الرابع: تقوى الله تعالى ثمرة لتوحيده سبحانه في الذبح.
المطلب الخامس: التزام التقوى في كل أوامر الحج والحذر من عقاب الله.
المطلب السادس: تقوى الله تعالى في تعظيم شعائر الله.
المطلب السابع: ثمرات التزام تقوى الله.
المبحث الثاني: التربية على ذكر الله.
المبحث الثالث: التربية على الدعاء:
المطلب الأول: أفضل الدعاء في الحج.
المطلب الثاني: رحلة الحج والأدعية فيها.
المبحث الرابع: التربية على التوبة والاستغفار.
المبحث الخامس: الحج والتربية على التوكل على الله.
المبحث السادس: التربية على التقرب إلى الله بالطواف والاعتكاف والصلاة.
المطلب الأول: عبادة الطواف.
المطلب الثاني: عبادة الاعتكاف.
المطلب الثالث: عبادة الصلاة.
المبحث السابع: التربية على شكر الله تعالى:
المطلب الأول: التربية على شكر الله بعرض شكر الله للعبد.
المطلب الثاني: التربية على شكر الله بالإشارة إليها ضمن أعمال الحج.
المطلب الثالث: التربية على الشكر ببيان أن الله تعالى غني عن الشكر.
المبحث الثامن: التربية على طلب الهداية من الله.
الفصل الرابع: التربية المنهجية في السير إلى الله من خلال الحج:
المبحث الأول: التربية على أن من ترك شيء لله عوضه الله خير منه.
المبحث الثاني: الحج وغرس منهج الاستسلام الكامل لله:
المطلب الأول: غرس الاستسلام لله من خلال الأمر بالحج ومناسكه.
المطلب الثاني: نماذج نبوية في الاستسلام لله تعالى نتعلمها من الحج.
المطلب الثالث: تصوير بعض نماذج التربية على الاستسلام لله تعالى في الحج.
المبحث الثالث: الحج والتربية على منهجية الوسطية وعدم الغلو في الدين.
المبحث الرابع: الحج والتربية على منهج التيسير على الأمة:
المطلب الأول: تأصيل مبدأ التيسير في الإسلام.
المطلب الثاني: صور من التيسير الحج وأعماله.
الفصل الخامس: التربية الأخلاقية في الحج:
المبحث الأول: تربية الحج المسلمين على تنمية الأخلاق الذاتية:
المطلب الأول: التربية على خلق العفاف.
المطلب الثاني: التربية على خلق الرفق والسكينة.
المطلب الثالث: التربية على خلق التواضع.
المطلب الرابع: التربية على خلق الصبر.
المطلب الخامس: التربية على خلق البذل والسخاء.
المطلب السادس: التربية على خلق الزهد والقناعة.
المطلب السابع: التربية على خلق الوفاء.
المبحث الثاني: التربية على القيم الإسلامية.
المطلب الأول: التربية قيمة الوقت.
المطلب الثاني: التربية على قيمة النظام والانضباط.
المطلب الثالث: التربية على قيمة الإتقان.
المطلب الرابع: التربية على قيمة النظافة.
المبحث الثالث: النهي عن الأخلاق السيئة.
المطلب الأول: النهي عن الفسوق.
المطلب الثاني: النهي عن الجدال.
المطلب الثالث: التحذير من شهادة الزور.
الفصل السادس: التربية على الأخوة والوحدة الإسلامية:
المبحث الأول: الحج وتعميق الأخوة:
المطلب الأول: تنمية التعارف بين المسلمين.
المطلب الثاني: تنمية التآلف بين المسلمين.
المطلب الثالث: تنمية التكافل بين المسلمين.
المطلب الرابع: تنمية روح التناصر بين المسلمين.
المبحث الثاني: تعميق مبدأ الوحدة بين المسلمين:
المطلب الأول: تعميق وحدة الجنس والنسب.
المطلب الثاني: التربية على وحدة الصف.
المطلب الثالث: التربية على وحدة الكلمة.
المطلب الرابع: التربية على وحدة اللغة.
المطلب الخامس: تعميق الانتماء والوحدة التاريخية.
الخاتمة: وقد ذكرت فها أهم التوصيات والنتائج من خلال البحث.

أما عن سبب الكتابة في هذا الموضوع فقد اجملها الشيخ في عدة نقاط :
1- محاولة لربط المسلم بكتاب الله تعالى في جميع شؤون الحياة.
2- الانفصام الشديد من بعض الحجاج بين ما يمارسونه من أعمال في الحج وبين سلوكهم مع الله ومع الناس.
3- غياب روح الحج التربوية عند كثير من الناس.
4- إبراز معاني الحج الشرعية وغرسها في قلوب المسلمين.
5- محاولة للتركيز على النواحي العملية المستفادة من الحج وتطبيقها أثناء الحج وبعده.

أسأل الله أن يبارك في الشيخ محمد العواجي وفي علمه وعمله , وأن يجعله مسدداً

والسلام عليكم ورحمة الله

ليلة الثامن من ذي الحجة لعام 1433هــ


[FONT=Traditional Arabic, verdana, geneva, lucida, lucida grande, arial, helvetica, sans-serif]---
المصدر: ملتقى أهل التفسير، مشاركات الأعضاء: محب القراءات، أبي عبد الرحمن المدني.
[/FONT]
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

صدر حديثاً ضمن سلسلة بحوث التفسير الموضوعي الميسر, كتاب:
وقفات تربوية من خلال آيات الحج في كتاب الله
لشيخنا أ.د محمد بن عبدالعزيز العواجي
الأستاذ بكلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة​
حفظ الله شيخنا ونفع بعلمه.



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..
أضع بين يدي الأحبة تعريفاً موجزا بالكتاب , بل هو تعريف بمشروع دعوي وتربوي للدعاة في الحج , فهذا هو أصل الفكرة وقد ألقاه الشيخ أ.د. محمد العواجي على شكل دورات تاهيلية أكثر من مرة , كما استفدنا منه كمذكرة تدارسناها مع بعض الطلاب الذين يساهمون في توعية الزوار والحجاج خلال أربع سنوات متتالية ثم يسر الله أن يطبع هذا الكتاب حتى تكون الفائدة أكبر

أما موضوعت الكتاب فقد جاءت على النحو التالي :
تمهيد: مقدمات عن الحج:
المقدمة الأولى: آيات الحج وشرائعه وشعائره في القرآن.
المقدمة الثانية: عرض مناسك الحج من خلال حجة النبي
slah.png
.

الفصل الأول: التربية العقدية من خلال آيات الحج:
المبحث الأول: غرس الإيمان بالله من خلال آيات الحج:
المطلب الأول: الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك بالله في آيات الحج.
المطلب الثاني: أعمال الحج ودورها في التربية على التوحيد.
المطلب الثالث: البراءة من المخالفين للتوحيد وأعمالهم ومخالفتها.
المبحث الثاني: التربية على الإيمان بعقيدة الموت والبعث والقيامة:
المطلب الأول: التذكر بالموت الذي هو بداية الآخرة لكل إنسان.
المطلب الثاني: التذكير بالبعث من القبور والحشر إلى الله عند الحديث عن الحج.
المطلب الثالث: التذكير بيوم الحشر في أعمال الحج.
المطلب الرابع: التذكير باليوم الآخر والجنة والنار.
الفصل الثاني: تعظيم شعائر الله في الحج كما عرضها القرآن:
المبحث الأول: تعظيم الله تعالى لمكة والبيت الحرام.
المبحث الثاني: تعظيم الحجاج والمعتمرين وغيرهم لكل شعائر الله:
المطلب الأول: تعظيم شعائر الله بتحريم الصيد أثناء الإحرام.
المطلب الثاني: تعظيم شعائر الله بترك القتال في الأشهر الحرم.
المطلب الثالث: تعظيم الهدي الذي يهدى إلى بيت الله في حج أو عمرة.
المطلب الرابع: من تعظيم شعائر الله تعالى أن تُؤدى حقوق هذه الشعائر.
المطلب الخامس: أن يعلم المحرم والداخل لمكة أنه في أمان الله فلا يتعرض لسخطه.
المطلب السادس: تعظيم شعائر الله تعالى بإقامة العبادات فيها على الوجه المشروع.
المبحث الثالث: دعاء إبراهيم
slm.png
لتعظيم هذا المشاعر.
الفصل الثالث: التربية الإيمانية في الحج:
المبحث الأول: التربية على تقوى الله تعالى:
المطلب الأول: التزام التقوى في نية وأعمال الحج.
المطلب الثاني: التقوى في السفر للحج وأنها خير زاد.
المطلب الثالث: تقوى الله تعالى تزيد الأعمال الصالحة في الحج وتحفظها.
المطلب الرابع: تقوى الله تعالى ثمرة لتوحيده سبحانه في الذبح.
المطلب الخامس: التزام التقوى في كل أوامر الحج والحذر من عقاب الله.
المطلب السادس: تقوى الله تعالى في تعظيم شعائر الله.
المطلب السابع: ثمرات التزام تقوى الله.
المبحث الثاني: التربية على ذكر الله.
المبحث الثالث: التربية على الدعاء:
المطلب الأول: أفضل الدعاء في الحج.
المطلب الثاني: رحلة الحج والأدعية فيها.
المبحث الرابع: التربية على التوبة والاستغفار.
المبحث الخامس: الحج والتربية على التوكل على الله.
المبحث السادس: التربية على التقرب إلى الله بالطواف والاعتكاف والصلاة.
المطلب الأول: عبادة الطواف.
المطلب الثاني: عبادة الاعتكاف.
المطلب الثالث: عبادة الصلاة.
المبحث السابع: التربية على شكر الله تعالى:
المطلب الأول: التربية على شكر الله بعرض شكر الله للعبد.
المطلب الثاني: التربية على شكر الله بالإشارة إليها ضمن أعمال الحج.
المطلب الثالث: التربية على الشكر ببيان أن الله تعالى غني عن الشكر.
المبحث الثامن: التربية على طلب الهداية من الله.
الفصل الرابع: التربية المنهجية في السير إلى الله من خلال الحج:
المبحث الأول: التربية على أن من ترك شيء لله عوضه الله خير منه.
المبحث الثاني: الحج وغرس منهج الاستسلام الكامل لله:
المطلب الأول: غرس الاستسلام لله من خلال الأمر بالحج ومناسكه.
المطلب الثاني: نماذج نبوية في الاستسلام لله تعالى نتعلمها من الحج.
المطلب الثالث: تصوير بعض نماذج التربية على الاستسلام لله تعالى في الحج.
المبحث الثالث: الحج والتربية على منهجية الوسطية وعدم الغلو في الدين.
المبحث الرابع: الحج والتربية على منهج التيسير على الأمة:
المطلب الأول: تأصيل مبدأ التيسير في الإسلام.
المطلب الثاني: صور من التيسير الحج وأعماله.
الفصل الخامس: التربية الأخلاقية في الحج:
المبحث الأول: تربية الحج المسلمين على تنمية الأخلاق الذاتية:
المطلب الأول: التربية على خلق العفاف.
المطلب الثاني: التربية على خلق الرفق والسكينة.
المطلب الثالث: التربية على خلق التواضع.
المطلب الرابع: التربية على خلق الصبر.
المطلب الخامس: التربية على خلق البذل والسخاء.
المطلب السادس: التربية على خلق الزهد والقناعة.
المطلب السابع: التربية على خلق الوفاء.
المبحث الثاني: التربية على القيم الإسلامية.
المطلب الأول: التربية قيمة الوقت.
المطلب الثاني: التربية على قيمة النظام والانضباط.
المطلب الثالث: التربية على قيمة الإتقان.
المطلب الرابع: التربية على قيمة النظافة.
المبحث الثالث: النهي عن الأخلاق السيئة.
المطلب الأول: النهي عن الفسوق.
المطلب الثاني: النهي عن الجدال.
المطلب الثالث: التحذير من شهادة الزور.
الفصل السادس: التربية على الأخوة والوحدة الإسلامية:
المبحث الأول: الحج وتعميق الأخوة:
المطلب الأول: تنمية التعارف بين المسلمين.
المطلب الثاني: تنمية التآلف بين المسلمين.
المطلب الثالث: تنمية التكافل بين المسلمين.
المطلب الرابع: تنمية روح التناصر بين المسلمين.
المبحث الثاني: تعميق مبدأ الوحدة بين المسلمين:
المطلب الأول: تعميق وحدة الجنس والنسب.
المطلب الثاني: التربية على وحدة الصف.
المطلب الثالث: التربية على وحدة الكلمة.
المطلب الرابع: التربية على وحدة اللغة.
المطلب الخامس: تعميق الانتماء والوحدة التاريخية.
الخاتمة: وقد ذكرت فها أهم التوصيات والنتائج من خلال البحث.

أما عن سبب الكتابة في هذا الموضوع فقد اجملها الشيخ في عدة نقاط :
1- محاولة لربط المسلم بكتاب الله تعالى في جميع شؤون الحياة.
2- الانفصام الشديد من بعض الحجاج بين ما يمارسونه من أعمال في الحج وبين سلوكهم مع الله ومع الناس.
3- غياب روح الحج التربوية عند كثير من الناس.
4- إبراز معاني الحج الشرعية وغرسها في قلوب المسلمين.
5- محاولة للتركيز على النواحي العملية المستفادة من الحج وتطبيقها أثناء الحج وبعده.

أسأل الله أن يبارك في الشيخ محمد العواجي وفي علمه وعمله , وأن يجعله مسدداً

والسلام عليكم ورحمة الله

ليلة الثامن من ذي الحجة لعام 1433هــ


[FONT=Traditional Arabic, verdana, geneva, lucida, lucida grande, arial, helvetica, sans-serif]---
المصدر: ملتقى أهل التفسير، مشاركات الأعضاء: محب القراءات، أبي عبد الرحمن المدني.
[/FONT]
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

الآية الثانية: ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة: 196].
استدل الحنفية بهذه الآية: على إيجاب تأخير الحلق عن الرمي والنحر بالنسبة للمتمتع والقارن:
قال إبراهيم النخعي: «إذا حلق قبل أن يذبح، أهراق لذلك دمًا، ثم تلا الآية»[SUP]([SUP][1][/SUP][/SUP]).
ووجه الدلالة في الآية من جهتين :
- أنه شَرَطَ في جواز الحلق نحرَ الهدي، وهو يتعلق بمن يجب عليه الهدي، وهو المتمتع والقارن[SUP]([SUP][2][/SUP][/SUP]).
- أن مَنْ حَلَقَ قبل بلوغ المحل وجب عليه دم بالإجماع، فمثله القارن والمتمتع إذا قدَّم الحلق على الذبح الذي يحل به [SUP]([SUP][3][/SUP][/SUP]).
ونوقش: أنه قد بلغ محله، وإنما بقي ذبحه، وإنما يتم ما أرادوا لو أنه قال: ولا تحلقوا حتى تنحروا[SUP]([SUP][4][/SUP][/SUP]).

الآية الثالثة
: قوله تعالى: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29) [الحج: 28-29].
كذلك استدل الحنفية بهذه الآية: على إيجاب تأخير الحلق عن النحر بالنسبة للمتمتع والقارن.
وجه الدلالة: أنَّ قضاء التفث يدخل فيه بلا نزاع إزالة الشعر بالحلق، وقد رتب قضاء التفث بعد النحر[SUP]([SUP][5][/SUP][/SUP]).


([1]) «فتح الباري» (3/572).
([2]) الذخيرة (3/267).
([3]) «شرح معاني الآثار» (2/239).
([4]) «بداية المجتهد» (2/871)، «الذخيرة» (3/267)، «فتح الباري» (3/572)، «المغني» (5/323).
([5]) «بدائع الصنائع» (2/362)، «خالص الجمان» ص307.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

مقترح لورقة مختصرة:
سبب الخلاف بين الجمهور والحنفية: في عود الضمير في قوله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}؛ هل المراد: التمتع، أو الهدي وبدله؟
وعليه فيكون المعنى: أن التمتع لغير المكي، أو أن له التمتع ولكن ليس عليه الهدي أو بدله.
المأمول من المشرفين إضافة "ليس" المظللة بالأحمر، فقد سقطت سهوا...
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

مشاركة وردت عبر البريد الرسمي للملتقى
من الأستاذ الدكتور
حسن السيد خطاب - شكر الله له-

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فيسعدنى أن أشارك معكم فى هذه الندوة الفقهية لآيات مناسك الحج رزقنا الله فضلها ونورها
وسوف تكون مشاركتى تحت قوله تعالى:
فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَالنَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُواوَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202
ولكم وافر الشكر
ا د/ حسن السيد خطاب
أستاذ الدراسات الاسلامية بكلية الاداب بالمنوفية


الملف مرفق


بحث مبارك ونافع يجمع بين التأصيل العلمي، والتهذيب السلوكي
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

قال الله تعالى في آية الصفا والمروة: ﴿فلا جناح عليه أن يطوف بهما [البقرة: 158]
استدل الشافعي رحمه الله بهذه الآية: على أن الانحراف اليسير لا يخرجه عن كونه ساعيًا بين الصفا والمروة؛ لأن مَنِ التوى هذا المقدار اليسير لا يقال عنه: إنه لم يسع بين الصفا والمروة.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

العلاقة التفسيرية في مادة {الرفث} بين آيتي الصوم والحج
قال الله تعالى في آية الحج: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ [البقرة: 197].
وقال تعالى في آية الصيام: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾ [البقرة: 187].
ولأهل العلم طريقتان في تفسير الرفث في الآيتين:
الطريقة الأولى
: أنه الجماع.
الطريقة الثانية: أنه الجماع ودواعيه من المباشرة والتقبيل ونحو ذلك.
إلا أن ثمة فرقا كبيرا في الحكم بين الحج والصيام:
فإنهم في الحج: قد اتفقوا على أن المُحرِم محظور من كل ذلك: الجماع ومقدماته، بل وأكثر من ذلك من التكلم به بحضرة النساء.
أما في الصوم: فقد اتفقوا على أن الصائم محظور من الجماع، ثم اختلفوا في حل مقدماته على أقوال مشهورة من إبطال الصوم به، إلى التحريم، إلى الكراهة، إلى الإباحة، إلى التفريق بين يملك نفسه ومن لا يملك أو بين الشيخ والشاب.
والعلاقة التي تهمنا بين الرفث في آية الصوم، والرفث في آية الحج: أن من فسر الرفث بالجماع ومقدماته في آية الصوم فإنه اعتمد على دلالة الرفث في آية الحج، وأن المُحرِم بالاتفاق ممنوع من الجماع ومقدماته، فهو استدلال بالنظير على النظير، والمادة اللفظية واحدة.
وعضد هذا الاستدلال بما يلي:
1- سعة معنى الرفث اللغوي.
2- ما جاء في آية الصيام نفسها من النهي عن مباشرة النساء.
4- أنَّ المباشرة فيها تعريض الصوم للإفساد، وعادة الشرع إذا حرَّم شيئا حرَّم مقدماته، وإذا منع الجماع منع مقدماته كما في الحج والاعتكاف.
5- جملة مِنَ الآثار عن الصحابة والتابعين في النهي عن قبلة الصائم.
أما من اقتصر على تفسير الرفث في آية الصيام بالجماع، فإنه ذكر وجوها من الأجوبة على اشتمال الرفث في آية الحج: على الجماع ومقدماته:
منها:
أنه قد جاء في سبب نزول آية الحج ما يقتضي توسيع دلالة الرفث فيه.
ومنها: أن تفسير الرفث بالجماع هو قول أحد فقهاء الصحابة وعلمائهم في التفسير، وهو ابن عباس رضي الله عنهما، ولا مخالف له منهم، «الرفث، الجماعُ، ولكن الله كريم يَكني» أخرجه الطبري في تفسيره (3/487).
ومنها: أن الرفث في نفسه لا يدل إلا على الجماع وغشيان النساء، وما سوى ذلك فبأدلة أخرى، وقد جاءت بمنعها من المحرم وجوازها للصائم.
ومنها: أن أكثر المفسرين تواردوا على تفسير الرفث بالجماع، واقتصروا عليه (كالطبري، والبغوي، وابن العربي، وابن الجوزي، والرازي، وابن حيان، وابن كثير، والألوسي، والشوكاني، وابن عاشور، يراجع تفاسيرهم في تفسير آية الرفث في سورة البقرة)، وروي عن جماعة كبيرة من السلف (مثل ابن عباس، وابن عمر، وسعيد بن جبير، وعكرمة، ومجاهد، وإبراهيم، وأبي العالية، وعطاء، ومكحول، وعطاء بن يسار، وعطية، وإبراهيم النخعي، والربيع، والزهري، والسدي، ومالك بن أنس، ومقاتل بن حيان، وعبد الكريم بن مالك، والحسن، وقتادة والضحاك، وغيرهم).
ومنها: أنه على التسليم بأن الرفث في آية الصيام يدل على الجماع ومقدماته فإنه حينئذ قد ثبت استثناء المقدمات بدلالة السنة.
ومنها: الفرق في الدلالة اللفظية، فالرفث في آية الحج جاء نكرة في سياق النهي : ﴿ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ﴾ [البقرة: 197]، فيدل على عموم ما تدل عليه مادة "الرفث" من الجماع ومقدماته، أما الرفث في آية الصيام فجاء معرفا بأل الذهنية، أو التعريفية: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ﴾ [البقرة: 187]، فيكون الرفث بهذا التقرير أمرًا مقررًا معروفًا وهو الجماع.
ومنها: تعديتها بـإلى، والعادة تعديتها بحرف الباء، بما يدل على أنَّ المقصود بالرفث هنا هو الإفضاء، كقوله تعالى: ﴿ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾، نبّه على هذا الزمخشري، وتوارد المفسرون على نقله عنه، وبيان النكتة في هذه التعدية.
وأجاب هؤلاء: عن القول بأن عادة الشرع إذا حرَّم شيئا حرم مقدماته، وإذا حرم الوطء حرم مقدماته: بأنها ليست مطردة، فإننا وإنْ اتفقنا على ذلك في الإحرام والاعتكاف، فقد اتفقنا كذلك على عدم اعتبارها في الحيض، ثم اختلفنا هَهُنا في الصيام، والإلحاق المجرد لأحدهما دون الآخر تحكم.
§ خلاصة:
- في تفسير الرفث مسلكان لأهل العلم :
المسلك الأول: تحديد معناه بالجماع: وهي طريقة الأكثر من المفسرين، وأغلب المروي عن السلف.
المسلك الثاني: توسيع معناه: ليكون جامعًا لكل ما يريده الرجال مِنَ النساء، قال بذلك أبو إسحاق والأزهري، والزجاج، واستدل له ابن تيمية، وأخذ به مِنَ المعاصرين الصديق الضرير، ويستثنى منه: ما دلّ النص على استثنائه، كالقبلة والمباشرة في الصيام.
- مادة اللفظ اللغوية: {الرفث}: تنطبق على الجماع، وهو غشيان النساء، وهذا بالإجماع، سواء كان في الحج أو في الصوم، ويلحق به تعمد إنزال المني إمَّا منَ الجهة اللفظية، وإمَّا مِنَ الجهة المعنوية خلافا لأهل الظاهر.
- يتناول هذا اللفظ: مقدمات الجماع في الحج، وقد أجمعوا على حظر ذلك على المحرم.
- اختلف الفقهاء: في تناول اللفظ لمقدمات الصيام، فمنهم من ذهب إلى عدم تناوله للمقدمات بسبب عدم اشتماله مِنْ جهة مادة اللفظ اللغوية، ومنهم من ذهب إلى تناوله للمقدمات، ثم يستثني ذلك بدلالة السُّنَّة وآثار الصحابة، أو يصرف دلالة السنة إلى الخصوصية ونحو ذلك، والله أعلم.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: ندوة فقه المناسك لعام 1434هـ (فقه آيات أحكام الحج)

هناك تعديل وإضافة على المشاركة الأخيرة...
 
أعلى