العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

ما مدى صحة قاعدة الإمام الألباني؟

إنضم
19 فبراير 2013
المشاركات
24
الإقامة
سطيف
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
الفقه المالكي والأصول
الدولة
الجزائر
المدينة
سطيف
كثيرا ما يكرر الشيخ الألباني " لا يرتكب ما هو محرم على الأعيان لأجل ما هو مطلوب على الكفاية "
عندما يسأل عن الدراسة في الجامعات المختلطة ونحوها.
فما مدى صحة هذه القاعدة؟ ثم ما مدى صحة تطبيقاتها ؟ ماهي تطبيقاتها الأخرى؟ ومن بحثها؟.

وإن لم يقم بفرض الكفاية أحد أترفع الحرمة إن كانت مصلحة الإتيان بالمأمور أعظم من مفسدة الإتيان بالمحظور؟ مثاله: رجل صالح عامل في المستشفى مع ما فيه من محاذير.؟ أرجو إفادتي.
 
إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
رد: ما مدى صحة قاعدة الإمام الألباني؟

أحسن الله إليكم
هذه المسألة استفادها المحدِّث الألباني رحمه الله تعالى من مصنفات السلف ، وصاغها بعبارته الشامية الخاصة لتقريبها للعوام ، وهي قاعدة : النهي يقتضي الفساد . ولافرق في ذلك بين العبادات والمعاملات والعقود ، ولا بين ما نُهي عنه لذاته أو لغيره ، إذ كُّل نهي للفساد .
والمنهيُّ عنه مفسدته راجحة وإن كان فيه مصلحة فمصلحته مرجوحة بمفسدته ، كالدراسة في الجامعات المختلطة ، ومآلات ذلك على الشاب المسلم المتعفِّف .

ولا يمكن أن يكون الشيُ منهيًا عنه، ويكون صحيحًا .
وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه سلم قال : " من عمل عملا ليس عليه أمرنا، فهو رد " أخرجه مسلم .
فالاختلاط بالنساء محرم ولو كان لأجل العلم ، وعاقبته شر وفساد للحال والمآل . وفي الحديث : " إياكم والدخول على النساء ، فقال رجلٌ : أرأيت الحمو : قال : الحمو الموت " . أخرجه البخاري .

فهذا نهيٌ من الرسول صلى الله عليه وسلم ويقتضي فساد تحليل الاختلاط بالنساء ، بحجة طلب العلم والدراسة على سبيل المثال .
وفي " أضواء البيان " للشنقيطي رحمه الله تعالى ، تأصيل لهذه المسألة وهي انفكاك الجهة ، أي أن الفعل يكون قربة ويكون معصية في آنٍ واحد .
وقد بيَّن آل تيمية – رحمهم الله تعالى - في " المُسوَّدة" شروط النهي الذي يقتضي الفساد لتحصيل أمر مباح . والله الهادي .
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: ما مدى صحة قاعدة الإمام الألباني؟

مع تقديري لما كتبه الشيخ أحمد العتيبي، أكرمه الله، فالذي ذكره الشيخ الألباني، رحمه الله، لا تعلق مباشرا له بقاعدة النهي يقتضي الفساد. وإنما هو معيار للموازنة على أساس الحكم التكليفي. وهي قاعدة تقديم فروض الأعيان على فروض الكفايات.
ومعايير الموازنة في مثل هذه الأحوال كثيرة ومعقدة ولأجل هذا يختلف أهل العلم كثيرا في أشباه هذه المسائل بحسب المعيار الذي يرون له الأولوية في التطبيق.
فمثلا المسألة المذكورة وهي الدراسة في الجامعات المختلطة يمكن أن يطبق فيها معيار آخر للموازنة وقاعدة أخرى غير ما ذكره الألباني، وهي قاعدة ما حرم للذريعة يباح للمصلحة الراجحة، أو للحاجة، والاختلاط حرم للذريعة فيباح للحاجة للتعليم.
وفي مثل هذا يقول الشاطبي:
"الأمور الضرورية أو غيرها من الحاجية أو التكميلية إذا اكتنفتها من خارج أمور لا تُرضى شرعا، فإن الإقدام على جلب المصالح صحيح على شرط التحفظ بحسب الاستطاعة من غير حرج، كالنكاح الذي يلزمه طلب قوت العيال مع ضيق طرق الحلال واتساع أوجه الحرام والشبهات، وكثيرا ما يلجئ إلى الدخول في الاكتساب لهم بما لا يجوز، ولكنه غير مانع لما يؤول إليه التحرز من المفسدة المربِية على توقُّع مفسدة التعرض، ولو اعتبر مثل هذا في النّكاح في مثل زماننا، لأدّى إلى إبطال أصله وذلك غير صحيح. وكذلك طلب العلم إذا كان في طريقه مناكر يسمعها ويراها، وشهود الجنائز وإقامة وظائف شرعية إذا لم يقدر على إقامتها إلا بمشاهدة ما لا يُرتضى، فلا يخرج هذا العارض تلك الأمور عن أصولها؛ لأنها أصول الدين وقواعد المصالح، وهو المفهوم من مقاصد الشارع فيجب فهمهما حق الفهم، فإنها مثار اختلاف وتنازع، وما يُنقل عن السلف الصالح مما يخالف ذلك قضايا أعيان لا حجَّة في مجردها حتى يُعقل معناها، فتصير إلى موافقة ما تقرر إن شاء الله والحاصل أنه مبني على اعتبار مآلات الأعمال، فاعتبارها لازم في كل حكم على الإطلاق".
قلتُ: والقياس يشهد لهذا المعيار، فقد وردت استثناءات كثيرة من تحريم الاختلاط تدل على الترخص فيه للحاجة كالاختلاط في الحروب للتمريض، والاختلاط في الأسواق والاختلاط في الطرق والاختلاط ـ إلى حدٍّ ما ـ في المساجد وفي الطواف. والله أعلم.
 
التعديل الأخير:
إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
رد: ما مدى صحة قاعدة الإمام الألباني؟

أحسن الله إليكم
هذا تخليط منكم غير وارد في هذه المسألة ، ولا أدري كيف طرأ عليكم ذِكره ، ويتبيَّن من وجوه :
1- ذكرتم في فاتحة الرد أن كلام الألباني يقرر قاعدة تقديم فروض الأعيان على فروض الكفايات ، وقاعدة الألباني نصَّت على لفظ التحريم : لا يرتكب ما هو محرم على الأعيان لأجل ما هو مطلوب على الكفاية . فالمسألة ليس مناطها على تفريع الفروض إلى أعيان وكفايات ، بل على أحكام التحريم الذي يؤؤل إلى مفسدة وتنطوي فيه إباحة في ظاهره عند المكلف . فما علاقة الفروض بالتحريم ؟! .
2- توضيحي كان لقاعدة الألباني رحمه الله بغض النظر عن مطابقتها للواقع من عدمه ،فلستُ أصحِّح كلامه ولا أنقضه ، ولستُ أُحرِّم الاختلاط بإطلاق ولا أبيحه بإطلاق . إنما هو مثال لتوضيح استدلال الألباني بالقاعدة .
3- لا يخفى أن التحريم قد يكون مُعيَّنا وقد يكون مُبهما يخفى على المكلف ، فيقع فيه بسبب طلبه لأمر مباح تتشوَّف إليه النفس ، ومن فقه الإمام الألباني حصره للحكم في كلامه بقوله :لا يُرتكب ما هو محرم على الأعيان ، لأجل ما هو مطلوب على الكفاية ، فالاختلاط بعمومه محرم وهذا يقتضي النهي عنه ، وطلب العلم فرض كفاية في عمومه لكنه بالنظر إلى حاله مع الاختلاط يقع بسببه الفساد الذي لا يخفى على المكلف المتأمل .
4- هذه القاعدة التي استدل بها الإمام الألباني صحيحة ولا يظهر أثرها إلا في دقائق المسائل ، كالمسائل التي تُستباح فيها المحرمات لأجل أمر مباح، فيتطلب لها دقة نظر وروية ، وقد أشرتُ إلى بعض المصادر في ردِّي أعلاه ممن تناول أصحابها الحكم على مباحات اقتضى التلبُّس بها الفساد .
5- في أصول الفقه مسألة تُبيِّن دقة كلام الألباني وصحة استدلاله ، وهي : هل الأمر بالشي نهي عن ضده ، وبمعرفتها يستقيم فهم القاعدة التي استدلَّ بها . والله الهادي .
 
إنضم
19 فبراير 2013
المشاركات
24
الإقامة
سطيف
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
الفقه المالكي والأصول
الدولة
الجزائر
المدينة
سطيف
رد: ما مدى صحة قاعدة الإمام الألباني؟

جزاكم الله خيرا على المشاركة
ـ أوافق د. أيمن على ما أبداه فالفرق واضح بين تحريم الشيئ وفساده وعبارة الإمام في الأول لا الثاني
ـ د. أيمن القاعدة "تقديم فروض الأعيان على فروض الكفايات" أمر متفق عليه فما سبيل الجمع بينها وقاعدة "ما حرم للذريعة يباح للمصلحة الراجحة"؟ وقد نص الإمام محمد بن إبراهيم على قصرها على المنصوص وأنها لا تعدى.
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: ما مدى صحة قاعدة الإمام الألباني؟

بارك الله في الشيوخ الكرام :
فضيلة الشيخ نضال .
وفضيلة
الدكتور أحمد العتيبي .
وفضيلة الدكتور أيمن صالح
.
كنت سأعقب على ما ذكره حبيبنا فضيلة الدكتور أحمد صباح هذا اليوم فضاق بي الوقت فعزمت على التعليق إذا رجعت من العمل ولكن ذكر الدكتور ايمن ما كان في خاطري جزاه الله خيراً .
نعم ما ذكره الدكتور أحمد ليس هو عين المسألة وإن كان له ارتباط بها فالمسألة التي يسأل عنها أخونا نضال تتعلق بتعارض الأحكام التكليفية وبالأخص تعارض المحرم مع الواجب ( العيني او الكفائي ) وخص بسؤاله هنا الكفائي أما ما تحدث عنه الدكتور أحمد فهو يتعلق بالحكم الوضعي وهو الفساد في صورة من صور اجتماع الواجب والمحرم وللأصوليين تفصيل في ذلك من حيث ورود النهي والأمر وذلك من حيث الجهة والاعتبار والجنس والنوع ومن أشهر ما يذكر فيها الصلاة في الدار المغصوبة .
في حال تعارض المحرم مع الواجب العيني - فضلاً عن الكفائي - ففي الجملة الأكثر على تقديم المحرم على الواجب لأمرين :
أحدهما : أن ( درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ) كما في القاعدة المشهورة المجمع عليها في الجملة بعد أن تقرر تقديم الأعظم من المصلحة والمفسدة حال التعارض فالقاعدة تحمل على حال التساوي اصالة وتبعاً في حال ترجحت المفسدة .
الثاني : أن إفضاء الحرمة إلى مقصودها أتم من إفضاء الوجوب إلى مقصوده فكانت المحافظة عليه أولى وذلك لأمرين :
1 - أن مقصود الحرمة يتأتى بالترك وذلك كاف مع القصد له أو مع الغفلة عنه ولا كذلك فعل الواجب .
2 - أن ترك الواجب وفعل المحرم إذا تساويا في داعية الطبع إليهما فالترك يكون أيسر وأسهل من الفعل لتضمن الفعل مشقة الحركة وعدم المشقة في الترك وما يكون حصول مقصوده أوقع يكون أولى بالمحافظة عليه .
ذكر هذا الآمدي في الإحكام .
وذكر القرافي أن وقوع العقاب في حال التعارض متوقع على كل تقدير فلا ورع إلا أن يقدم المحرم لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح .
هذا الكلام من حيث الجملة لكن لا شك أن الأمر اجتهادي في بعض المسائل يخضع لمرجحات أخرى منها :
1 - قوة الدليل .
2 - القرب من الاحتياط والورع .
3 - عظم المصلحة والمفسدة فيهما .
4 - تفاوت رتب المحرمات والواجبات فهي ليست على وزان واحد فثمة كفر وكبائر وصغائر وثمة توحيد وأركان الإسلام وأركان الإيمان وأدنى الواجبات .
5 - الاستثناء بدليل خاص .


بقي أن نشير إلى مسألة
وهي هل الأفضل والآكد فرض العين أو فرض الكفاية ؟ لأن السؤال خص فرض الكفاية فاقول :
جمهور العلماء على أن فرض العين أفضل .
وذهب بعض العلماء إلى تفضيل فرض الكفاية وهو قول إمام الحرمين الجويني وأبي إسحاق الأسفراييني .
وما ذهب إليه الجمهور أرجح لأن فرض العين مقصد وفرض الكفاية وسيلة ولذا فإن فرض العين تتكرر مصلحته بتكرره بخلاف فرض الكفاية كما ذكر بعض العلماء وفرض العين يجبر عليه من تركه بخلاف فرض الكفاية مما يدل على شدة عناية الشرع به .

إذا علم هذا فما حكم ما لو تعارض فرض العين وفرض الكفاية ( وذلك لنبني مسألة تعارض فرض الكفاية مع المحرم على ذلك ) ؟
إذا تعارض فرض العين مع فرض الكفاية فلا يخلو من حالين :
الأول : أن لا يوجد من يقوم بفرض الكفاية إما أن نعلم بذلك قطعاً أو ظناً فهنا يتعين فرض الكفاية ويصبح فرض عين في حقه فيقدم فرض الكفاية لأنه تفوت مصلحته ثم يقوم بعد ذلك بفرض العين .
الثاني : ان يوجد من يقوم بفرض الكفاية إما أن نعلم بذلك قطعاً أو ظناً فهنا يقدم فرض العين لأن فرض الكفاية أصبح في حقه مندوباً .
وعليه ففي الجملة فرض العين أقوى من فرض الكفاية فإذا كان المحرم يقدم على فرض العين فمن باب أولى تقديم المحرم على فرض الكفاية وهذا كله من حيث التنظير إجمالاً وإلا فالاستثناء وارد وفق الأسباب المذكورة .

وعموماً المسألة لها تفصيل يطول ولها تعلق بمسائل منها :
الأولى : قاعدة جنس المأمور به أعظم من جنس ترك المنهي عنه .
الثانية : الموازنة بين المصالح والمفاسد عند تعارضها .
الثالثة : قاعدة الاحتياط والورع .
الرابعة : قاعدة رفع الحرج والتيسير .
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: ما مدى صحة قاعدة الإمام الألباني؟

جزاكم الله خيرا على المشاركة
ـ أوافق د. أيمن على ما أبداه فالفرق واضح بين تحريم الشيئ وفساده وعبارة الإمام في الأول لا الثاني
ـ د. أيمن القاعدة "تقديم فروض الأعيان على فروض الكفايات" أمر متفق عليه فما سبيل الجمع بينها وقاعدة "ما حرم للذريعة يباح للمصلحة الراجحة"؟ وقد نص الإمام محمد بن إبراهيم على قصرها على المنصوص وأنها لا تعدى.
قصر قاعدة ما حرم للذريعة يباح للمصلحة الراجحة على المنصوص عليه غير دقيق، وهو يفقدها قيميتها القاعدية، وهذا تماما كما تقول قاعدة سد الذرائع مقصورة على الذرائع المنصوص على سدها كالخلوة ، وسب آلهة المشركين ونحو ذلك مما نُص عليه.
وقاعدة ما حرم للذريعة يباح للحاجة أخص من قاعدة تقديم فروض الأعيان، وذلك لأن المحرمات المفروض تركهن نوعان محرمات لذاتها ومحرمات لغيرها سدا للذريعة، والخاص عند التعارض يُقدم على العام، فكأن قاعدة ما حرم للذريعة...ترد قيدا على قاعدة تقديم فروض الأعيان، فيكون الجمع بينهما أن فروض الأعيان فيما يتعلق بترك المحرمات تُقدم على المطلوب فعله على الكفاية عند التعارض ولكن يستثنى من فروض الأعيان المحرمات للذريعة إذ هي تباح للمصالح الراجحة.
والله أعلم
 
إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
رد: ما مدى صحة قاعدة الإمام الألباني؟

أحسن الله إليكم
وغفر الله للإخوة المشاركين في الحوار ، وأتمنى تنحية المجاملة الأكاديمية في الردود ، فإنها تُفسد الوصول للسداد في الحق . وأختصر ردِّي على فضيلة الشيخ بدر في نِقاط ، أسأل الله أن ينفع بها :
1- ذكر أن المسألة حول الحكم التكليفي وأن جوابي حول الحكم الوضعي ، والأمر في هذا يسير ، فالحكم التكليفي والوضعي يجتمعان تارة ويفترقان تارة أُخرى كما بيَّنه صاحب الروضة ، ولا يمكن الجزم بضرورة التفريق بينهما في مسألة اجتهادية كما بيَّن فضيلة الشيخ بدر في آخر جوابه . ثم إن القول بأن مسألة الصلاة في الأرض المغصوبة مُتعِّلقة بالحكم الوضعي فقط وهمٌ منه ، بل تندرج أيضا في لوازم الحكم التكليفي ، فلتُحرَّر . وفي آخر كتاب الرسالة للشافعي ما يدلُّ على ذلك .

2- أشار فضيلة الشيخ بدر إلى أن جوابي يتعلَّق بصورة من صور الفساد في الأحكام الوضعية ، وهذا مع أنِّي لم أقصده ولم يخطر ببالي في جوابي، لكنه ليس على اطلاقه ، وقد وضَّح هذه المسألة الزركشي في البحر المحيط ، وأن الصحة والفساد لا يجزم بدخولها في باب الحكم الوضعي . فلا يجوز ردُّ الجواب بناءًا على هذا الخِلاف .

3- ما وضَّحه فضيلة الشيخ بدر بتقديم المصالح على المفاسد عند التعارض ومنها تقديم الواجب على المحرم هو عين جوابي أعلاه ومطابق له ، لكنه بعبارة أجمع للمسألة ، من غير الإشارة لفقه المصالح .

4- ما ختم به فضيلة الشيخ بدر من تأصيل في آخر كلامه ، ناسخٌ لأوله من حيث التقعيد والاستقراء ، فلعله يكتب من غير مراجعة . فقد قال إن المسألة تدور حول قواعد منها : جنس المأمور به أعظم من جنس ترك المنهي عنه ، وقد أشرتُ إلى هذا في ردِّي أعلاه .

5- هناك فرق بين الواجب والوجوب ، فالواجب هو الحكم الشرعي ، وأما الوجوب فهو أثر الحكم الشرعي ، وهذه فائدة يمكن ادراجها لمن أطلق القول بفعل المحرم لتحصيل الواجب الكفائي . وحصر الدكتور أيمن وفقه الله لجواب المسألة على الموازنة في مسألتنا غريب منه ، وكأن علم الأصول مبنيٌّ على مسائل الموازنة فحسب ! .

6- تمنيت لو أن فضيلة الشيخ بدر أشار إلى ضرورة نخل مصنفات الُأصوليين مما علق بها من شوائب في بعض المسائل التي تتعارض فيها أقوالهم مع أقوال السلف ، أو التي يُصار فيها إلى مآل مذهبهم من الخلافات الأصولية الكلامية التي لا طائل منها إلا الحشو وترك العمل . ومن الغلط التعويل على تأصيل الآمدي والجويني والإسفراييني بإطلاق ، رغم ما في كلامهم من المخالفات الأصولية والعقدية .

فماذا يستفيد المكلَّف من الفلسفة الأصولية إن لم يتقرب إلى ربِّه ويحذر من عقابه ؟! ، وفي ردِّي على الدكتور أيمن وفقه الله أشرتُ إلى دليلين لتقعيد العمل بهذا المعنى ، وضرورة عدم قبول كل قاعدة أصولية كلامية من غير دليل راجح .
وقد بيَّن ذلك الإمام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى في كثير من مصنفاتهما . والله الهادي .
 
إنضم
19 فبراير 2013
المشاركات
24
الإقامة
سطيف
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
الفقه المالكي والأصول
الدولة
الجزائر
المدينة
سطيف
رد: ما مدى صحة قاعدة الإمام الألباني؟

جزاكم الله خيرا
ما رأيكم في إثبات صحة قاعدة ارتكاب ما حرم سدا للذريعة للمصلحة وذكر تطبيقاتها المعاصرة
يقولون: مداواة النساء للجيش ـ الاختلاط في الأسواق ـ رؤية المخطوبة ـ معالجة الطبيب للأجنبية
والجواب : ـ مداواة النساء في الحرب ضرورة
ـ الاختلاط في الأسواق عارض غير مقصود
ـ رؤية المخطوبة إذن من الشارع وهو محدود ولا مفسدة فيه وكذلك المعالجة, والحاجة إليها شديدة, فكيف يقاس عليها الاختلاط في الجامعات؟!
دائم وعظيم ومناكر كثيرة؟
 
إنضم
11 يوليو 2013
المشاركات
41
الكنية
ابو قدامة
التخصص
اصول فقه
المدينة
الموصل
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: ما مدى صحة قاعدة الإمام الألباني؟

الحمد لله ... لي على ماتقدم امران ورأي . الامر الاول : ان الاخ نضال قال :(تقديم فروض الاعيان على الكفايات امر متفق عليه ) ! وهذا غير صحيح ، فالخلاف مشهور بين العلماء فلقد ذكر في شرح الكوكب المنير قولين للعلماء 1/377، وقال : ((وهذا قول الاكثر وقيل عكسه ))،وذكر الطوفي الرايين ولم يرجح واستدل لهماهناك . شرح المختصر 2/410، ونقل ابن اللحام مذهبين في ذلك للعلماء ولم يرجح . القواعد والفوائد 188، وكذلك في جمع الجوامع وشرح المحلي 1/140 ، وهو رأي امام الحرمين كما في الغياثي حيث قال تحت عنوان فروض الكفايات وقد شرح ادلة قوله القاضي بتقديم فرض الكفاية على فرض العين ما نصه : وانا اتحدى علماء الدهر فيما اوضحت فيه مسلك الاستدلال ، فمن ابدى مخالفة فدونه والنزال ، في مواقف الرجال . وهو قول اضمن الخروج عن عهدته في اليوم الجم الاهوال ، اذا حقت المحاقة في السؤال ، من الملك المتعال ، ذي الجلال . ثم قربات العالمين ، وتطوعات المتقربين ، لاتوازي وقفة من وقفات من تعين عليه بذل المجهود في الذب عن الدين . الغياثي 162 .واختارتقديم الكفاية الامام النووي وتبناه وكتب ينصره ويبني عليه في كتابه الرائع المجموع 1/37 ، وهو راي والد امام الحرمين في (المحيط) ، وكذلك الاستاذ ابواسحاق وقد نقله عنه الامام ابن الصلاح في (فوائد رحلته ) ، والامام ابو علي السنجي شيخ العراق وخراسان وقال رحمه الله :(قال اهل التحقيق : ان فرض الكفاية أهم من فرض الاعيان ، والاشتغال به افضل من الاشتغال باداء فرض العين ) ، ذكره السنجي في التلخيص . قال الاسنوي في التمهيد والكتاب المذكور جليل القدر ، عظيم الفوائد ثم تبناه الاسنوي بالتفريع عليه . وانت ترى انه نقله عن المحققين وبما ان الامر هكذا فالامر في محل الخلاف واضح ، وليس هناك اي اتفاق ، وبعد النظر في المسالة تبين ان هناك قول للشيخ كمال الدين الزملكاني نقله الزركشي في البحر المحيط يحل الاشكال وهو :(( قال الشيخ الزملكاني : ما ذكر من تفضيل فرض الكفاية على فرض العين محمول على ما اذا تعارضا في حق شخص واحد ، ولا يكون ذلك الا عند تعينها وحينئذهما فرضا عين ، وما يسقط الحرج عنه وعن غيره اولى ، واما اذا لم يتعارضا وكان فرض العين متعلقا بشخص ، وفرض الكفاية له من يقوم به ففرض العين اولى .)) ، البحر المحيط للزركشي :251/ 1 ، وهذا عين ما وجدته من الامثلة لشيخ الاسلام ابن تيمية في شرحه لتعارض الحسنات والسيئات ، وهويعبر عن الواجبات بالحسنات ، والمحرمات بالسيئات ، فاذا تعارض فعل المحرم مع الفرض على الكفاية فلشيخ الاسلام هذا التفصيل الاتي الذي ساذكره بتصرف يسير جدا للاختصار ويمكن الرجوع للنص الاصلي في المجموع 20/51 قال رحمه الله : فالتعارض بين حسنة وسيئة ( اي بحق الشخص )لايمكن التفريق بينهما ، بل فعل الحسنة (اي الواجب ) ، مستلزم لوقوع السيئة (اي الحرام ) وترك السيئة مستلزم لترك الحسنة ، فيرجح الارجح من منفعة الحسنة ومضرة المضرة ...كتقديم المراة المهاجرة لسفر الهجرة بلا محرم على بقائها بدار الحرب ، كما فعلت ام كلثوم التي انزل الله فيها آية الامتحان :((ياأيها الذين امنوا إذا جائكم المؤمنات مهاجرات )) الممتحنة : 10 ... وكذلك في باب الجهاد وان كان قتل من لم يقاتل من النساء والصبيان وغيرهم حراما ، فمتى احتيج الى قتال قد يعمهم مثل : الرمي بالمنجنيق والتبييت بالليل ، جاز ذلك ، كما جاءت فيها السنة في حصار الطائف ورميهم بالمنجنيق ، وفي اهل الدار من المشركين يبيتون ، وهو دفع لفساد الفتنة _ايضا _ بقتل من لايجوز قصد قتله ...فتبين ان السيئة تحتمل في موضعين دفع ما هو اسوا منها اذا لم تدفع الا بها ، وتحصل بما هو انفع من تركها اذا لم تحصل الا بها ، والحسنة تترك في موضعين: اذا كانت مفوتة لما هو احسن منها ، او مستلزمة لسيئة تزيد مضرتها على منفعة الحسنة . هذا فيم يتعلق بالموازنات الدينية .انتهى كلام شيخ الاسلام .والامثلة التي ساقهارحمه الله تعالى هي لفروض الكفايات اذا تعارضت مع المحرم فانه يغض الطرف عن المحرم للمصلحة ، وقد بين ان ذلك يرجع الى اجتهاد المجتهد حسب الضرورة والمصلحة وضرب امثلة كثيرة في الفتاوى يضيق علي ان اتيكم بها الان فالتراجع في محلها . وتعبيره هذا (الموازنات الدينية )افاد منه ابناء عصرنا اليوم .فالنرجع الى مثال الجامعات ، فالجامعات اليوم في اغلب دول العالم الاسلامي تدرس بطريقة مختلطة ، فاما ان يعطل العلم ، اويبقى هذا الاختلاط فينبغي ان يقيد بشروط الحجاب الى ان تاتي حكومات تفرق بين الجنسين ، وقارن بين ما اورده شيخ الاسلام من تعارض المحرم مع الفرض كسفر المراة من غير محرم لاقامة الدين ، او ضرب الابرياء الاطفال لمصلحة الامة ، وهو من تعارض المحرم مع فروض الكفايات وهو الجهاد هنا ، والامر عائد للمجتهد . فهنا يتضح معنى ما اورده امام الحرمين والذي وضحه الزملكاني وامثلة شيخ الاسلام تدل عليه ، ومن باب الامانة والانصاف فان الامثلة التي ساقها امام الحرمين في الغياثي لا تبعد كثيرا عما ساقه ابن تيمية رحمهم الله جميعا . ولعله يمكن اعادة النظر في الرأيين والتوفيق بينهما والله اعلى واعلم .
الامر الثاني هو عتب موجه الى اخي احمد العتيبي سليل هوازن اظآر النبي صلى الله عليه وسلم وتحفة نجد . هون عليك اخي الحبيب ولقد كان لك على علماء الاصول مناويخ ووقائع ومعارك ، ووالله ماكان يستحق منك امام الحرمين ولا الاستاذ الاسفراييني ولاالامدي ما قلته ، فهؤلاء هم من ناظر اعداء الدين ودحضوهم ، وتركوا لنا ارثا حضاريا رائعا وكفاهم انه لايستطيع من اراد ان يعرف اسرار اصول الفقه الابهم وامثالهم وقد يتطلب ذلك معرفة مسائل علم الكلام وتاثيرها على اصول الفقه فهو مستمد منها كما تعرف ، وان كنت تنقم عليهم بعض مسائل الصفات فانظر الى ماقدموه للامة تعرف فضلهم وامش على طريقة شيخ الاسلام لما ذكر مسالة للعز بن عبد السلام وهو الاشعري الصوفي فقال وجدتها بخط يده الشريفة وكان يترحم على العلماء كثيرا هو وابن القيم رحمهم الله وياخذون منهم كثيرا وليس المجال مجال ذكر فضلهم ، فاذا ما خالفوا رايا ترتضيه وكرهت منهم ذلك فاغمره في بحر تاصيلهم للعلوم واستدلالهم وردهم على اليهود والنصارى والفلاسفة فهو بحر من الحسنات كبير، نعم هناك مواطن اوغل فيها البعض كخطاب المعدوم ، ووضع اللغات ، ومسائل التكليف بالمستحيلات وغيرها يمكن ان نصفي منها كتب الاصول ، لكن ما نحن فيه من تقديم فرض الكفاية ليس منها في شيئ . ثم انت في الفقرة السادسة تطلب حذف ما يتعارض مع اقوال السلف ! فهل السلف اجمعوا على كل شيئ ولم يختلفوا ؟ ان كنت تعني مذهبهم في الصفات فنعم لم يختلفوا ، وان كنت تعني الفقه واصوله فهم قد اختلفوا وليس لك ان تلزم احدا براي احد مادام معه الدليل ، بل قال شيخ الاسلام (( وكثير من مجتهدي السلف والخلف قد قالواوفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا انه بدعة ، اما لاحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة ، وامالآيات فهموا منها ما لم يرد منها ، واما لراي رأوه، وفي المسالة نصوص لم تبلغهم )) وقال : وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح في خطبة يوم الجمعة : ((خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة ) ولم يقل : وكل ضلالة في النار ، بل يضل عن الحق من قصد الحق وقد اجتهد في طلبه فعجز عنه فلا يعاقب ، وقد يفعل بعض ما امر به فيكون له اجر على اجتهاده ، وخطؤه الذي ضل فيه عن حقيقة الامر مغفور له الفتاوى 19/193. فهل نصفي كتبنا من اراء السلف التي لا توافق ما نميل اليه ، اللهم لا ، فما العمل ؟ العمل اننا نرد كل راي خالف الاجماع القطعي ، او صحيح المنقول او صريح المعقول ، وليس كلام ابي المعالي منه بعد فهم المعنى . غفر الله لنا جميعا وجمعنا في مستقر رحمته . اختم بكلام السبكي في طبقات الشافعية في وصف (البرهان ) في اصول الفقه لامام الحرمين . قال الامام السبكي رحمه الله : (لم ير اجل ولا افحل من البرهان ، وهو لغز الامة ، الذي لايحوم نحو حماه ، ولايدندن حول مغزاه ، الاغواص على المعاني، ثاقب الذهن ، مبرز في العلوم ) .(وكتبه الدكتور علي جميل طارش استاذ اصول الفقه كلية الشريعة جامعة بغداد ) .
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: ما مدى صحة قاعدة الإمام الألباني؟

في نفسي من القاعدة (ما حرم للذريعة يباح للمصلحة الراجحة)
فإن التحريم في باب المعاملات عامته من باب النهي عن الوسائل التي تؤدي إلى المفسدة لا عن نفس المفسدة ، كالنهي عن الزنا والربا مثلاً ، والقاعدة بالشكل المذكور مطلقة لا فيها لا ضوابط ولا قيود . وعليه عامة المناهي الشرعية يجوز إهمالها وارتكاب نفس المنهي بدعوى المصلحة الراجحة.
ثم هذه المصلحة هنا ذُكِرَت مهملة عن القيود والضوابط إلا الرجحان ، وكل يدعيه فيما يبيحه عادةً.
والسؤال : ما الفرق حقاً بين العلماني والمصلحي؟
وقد حاول الريسوني عند كلامه على هذه القاعدة التفرقة ، فذكر مصطلح العلمانيين الميكافليين؟!
فلو سلمناه ، فما الفرق بين العلمانيين غير الميكافلليين والمصلحيين؟
فإن العلمانيين في المجتمعات الملتزمة يصرحون بأنهم لا يردون الشريعة رأساً ـ سواءً كان ذلك منهم نفاقاً أو اعتقاداً ـ بل يزعمون أن الشريعة جاءت لتحصيل المصالح في زمن الوحي وفقاً للزمان والمكان والبيئة التي نزلت فيها التشريعات ، وهذه المصالح تتغير بتغير الظروف والأزمنة والأمكنة ، فينبغي أن تتغير الأحكام وفقاً لهذه المتغيرات.
وفي الحقيقة أشك في أن شيخ الإسلام وتلميذه ممن عمل بهذه القاعدة بالشكل المطروح ، هذا من غير قيود سوى كلمات توضع للزينة.

والله أعلم
 
إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
رد: ما مدى صحة قاعدة الإمام الألباني؟

أحسن الله إليكم
هذا يُسمَّى تواطؤ الدكاترة .. نعوذ بالله من شرِّهم
أشكر شيخنا الكريم " علي جميل الطائي " وغفرالله له على توضيحه ونصحه وشفقته .. ولي على جوابه ملاحظات آمل أن يتقبلها بصدرٍ رحب :
1- تغليطه لمن قدَّم فروض الأعيان على الكفايات ليس على إطلاقه ، فالرجال يُحتج لأقوالهم لا بأقوالهم ، وهؤلاء ليسوا بأنبياء ، فيؤخذ من تقريراتهم ما يوافق مقاصد الشريعة وقواعد السنن ( آمل حفظ هذه الجملة ) والتقليد والاعتماد على أقوال الرجال هو سبب الفتن في أرض الرافدين منذ ألف عام إلى يومنا هذا ، وكثير من آراء المعتزلة التي سببَّت ضلالهم وانحرافهم هي من جهة تحريف الأمر والنهي والواجب والمحرم ( وهو موضوع المسألة الأم ) ، وحاشا شيخنا (عليٌّ) أن يميل إلى أقوالهم أو آرائهم ، لكن فحوى كلامه – من غير قصد - يدل على ميله ونصره لبعض اجتهاداتهم في هذا الباب . وعندي أمثلة كثيرة في جُعبتي إن كانت تلك الأقوال غائبة عن ذهنه ،أستطيع سردها له الآن ، وهي خطيرة إذا تم تنزيلها في واقع الناس اليوم ، لا سيما في لازم المسألة . ومنها آراء النظام والكعبي وعبد الله البصري والجبائي وغيرهم من فِئام العقلانيين ، وقد اتكأ على بدعهم العلمانيون والليبراليون اليوم في عصرنا ، فلماذا الاعتماد في فهم آراء الُأصوليين على مصنفاتهم وترجيحاتهم باطلاق ؟!
لماذا لا نقيس تقريراتهم بفهم سلف الأمة ؟! ، إن اعتبار المفهومات والمقاصد المناسبة للنصوص وإلغاء غير المناسب منها هو واجب طلبة العلم والعلماء الراسخين ، فليس ما ورد في مصنفات أُولئك الأصوليين مما يوجب تقديسها وتحريم تخطئتها .
ثم إن إيراد مثال واحد للإمام ابن تيمية من سائر مصنفاته غير سديد ، فله تقريرات خاصة - في مثل هذه النوازل - يقول فيها بسد الذرائع وإبراء الذمم وحماية جناب الشريعة ، فلماذا لم يعرج عليها شيخنا الكريم غفر الله له ؟! .

2- أما عتبه على شخصي بخصوص طلبي بنخل مصنفات الأصوليين ، فهو مشروعي الذي نذرتُ نفسي له ومن معي من طلابي لخدمة دين الله ، فلم يتعبَّدنا الله بآراء الرجال ، إنما تعبَّدنا بكلامه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .

3- غاب عن ذهن الشيخ قاعدة مهمة يعرفها الأصوليون وهي متعلقة بهذا الباب وهي : يجوز الترجيح بكثرة الادلة لأن الصحابة كانوا يرجحون بكثرة العدد . وأكثر علماء الأمة اليوم يعملون بسدِّ الذرائع كما في مسألة الاختلاط ، وهي مسألة اجتهادية على كل حال ، لكن مفاسده - كما بيَّن الألباني في كلامه - تغلب على مصالحه .

ولازم تقرير الشيخ (عليٌّ )غفر الله له في هذه المسألة، هو اعتقاد أن الفقه ظنون ، فاحتج بتقريرات الأصوليين ، وهذا سبب مباشر لاستطالة المشروع العلماني المجرم الذي دبَّ في أوصال عالمنا الإسلامي ، وقد ترتب على هذا اتساع مسائل النِّزاع والخلاف وضعف الحكم الإسلامي المعاصر ، وترسَّخت في أذهان الطلبة أنه ليس لله في الأحكام حكم معين !! ، وهذه طامة سرت في مجتمعاتنا كالليل البهيم .

وبهذه المناسبة أنصح نفسي ومشايخي ومن يقرأ هذه الكلمات بالرجوع إلى النصوص بفهم سلف الأمة لا بأقوال الرجال ، وقد قال الإمام ابن تيمية - برَّد الله مضجعه - في مثل حالنا في هذه المسألة : " ينبغي أن يُعرف أن عامة من ضل في هذا الباب – المسائل الدقيقة – أو عجز فيه عن معرفة الحق ، فإنما هو بتفريطه في اتِّباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، وترك النظر والاستدلال الموصل إلى معرفته ، فلما أعرضوا عن كتاب الله ضلُّوا " ( درء التعارض : 1/ 52 ) . والله الهادي .
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
إنضم
11 يوليو 2013
المشاركات
41
الكنية
ابو قدامة
التخصص
اصول فقه
المدينة
الموصل
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: ما مدى صحة قاعدة الإمام الألباني؟

الحمدلله... عجبت للرد العجيب ، لانك يا اخي الحبيب لم تفهم ما اقول _ عذرا _ فرميتني ورشقتني بالعلمانية او نصرتها ، ونصرة اهل الاعتزال ، والتقليد للرجال ، ثم ترك النظر والاستدلال الموصل الى الضلال !! عياذا بالله (هكذا حشفا وسوء كيلة ) لقد حاضرت في الجامعات ، والمساجد وناقشت الكثيرين في وطني وخارجه ودرست في الاولية والعليا والى الان ، فلم توجه الي اقل من ذلك بل لم اسمع ذلك في حياتي ، وكأني من اعداء العلم المتميعين الذين نبذوا الاصول وراء ظهورهم وحاولوا باسم التجديد ترك الدين ، وكاني بالبحتري لما قال : (فأوجرته خرقاء تحسب ريشها على كوكب ينقض والليل مسود) ، يقصد به حالنا في هذه الايام ، مع اني لم ازد عن ان وضحت مسالة علمية ، اخي الحبيب ساربأ بنفسي عن مثل ردك لكني احب المسلمين في الله وساقول لك ما يخص العراق (جمجمة العرب) كما وصفه سيدنا عمر رضي الله عنه والجمجمة هي محل العقل والكياسة فاقول اولا : انا لم اقدم فرض الكفاية على فرض العين انما رددت على من قال بان العلماء قد اتفقوا على تقديم فرض العين من باب الدقة العلمية ونقلت نقولا لمن وجه كلام امام الحرمين توجيها معينا ، وقلت لعله عين مراد شيخ الاسلام وانه يعتبر الامر من مسائل الاجتهاد ،اما بلادي فليست هي الدولة الوحيدة التي تفتتن اليوم ، والشجرة المثمرة هي التي ترمى بالحجر،والضرب على المعادن يخرج السيوف البتارة والنفخ في الكير للذهب الابريز ،والابتلاء سنة الله في المؤمنين (( وليبتلي الله مافي صدوركم وليمحص مافي قلوبكم )) ال عمران 154 ثم لاتنس ان بلادي التي عرضت بها_ويا اسفي _ هي بلاد الائمة ابي حنيفة والشافعي واحمد بن حنبل رحمهم الله تعالى والاف العلماء الذين نقلوا العلم الاسلامي الى الصين والهند وافريقيا واوربا بل لم يكن الاوربي يعتبر متعلما حتى ياتي بغداد بلد العباسيين وما المملكةالعربية السعودية حفظها الله من كل مكروه الاحاملة لفقه احد علماء بغداد وهو الامام المبجل احمد بن حنبل ، وما الشيخ محمد بن عبد الوهاب اسد التوحيد رحمه الله مجدد التوحيد في الجزيرة بعد دروسه الاعالم كبير تشرف العراق بان نقل له علم بغداد والبصرة على يد الشيخ محمد المجموعي عندما طلب العلم في العراق وكان له الاثر الكبير في اظهار عقيدة التوحيد على يديه في الجزيرة كما هو معروف من سيرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب العطرة المباركة . فهؤلاء هم ابائي الذين شرفت بالتعلم على ايدي احفادهم (اولئك ابائي فجئني بمثلهم اذا جمعتنا يا جرير المجامع ) ونحن ننتسب لاحمد لاللمعتزلة الذين جلدوا ظهره رحمه الله تعالى ، واول ما اجزت على مذهب احمد ثم اجزت ببقية المذاهب الاربعة ، والعلوم العقلية والنقلية ، والاجازة العامة في الحديث رواية ودراية وفي ذلك كله ادور مع الدليل حيثما دار والحمد لله ، وقد اجزت بمذهب احمد وفي الحديث عامة قبل سن الثامنة عشر فاين العلمانية مني وهل من كان مع احمد يكون ناصرا للعلمانية ،(سبحانك هذا بهتان عظيم ) المصيبة اخي انك تتكلم وتجرح ، واما عن الاختلاط وهذا امر في بلدان العالم الاسلامي _ما عدا المملكة _ يصطدم مع قوانين العلمانية او ما يسمونه زورا بالدولة المدنية وكأن الاسلام ليس بمدني انما هومصطلح غربي ، والشيخ الالباني رحمه الله كان يفتي بعدم جواز ذلك ، فهل هذا يعني ان نفرض الجهاد على دولة علمانية كي نقيم شرع الله ؟ فسيجيبك الالباني كما في كتيبه (السلفية ) :اهم شيئ هو التصفية والتربية لا الجهاد في هذه الدول ، وهذا رده المعروف ونحن نشاطره الراي ، لكن فتواه وهو في الاردن لاتتفق وحال الاردن والعراق وسورياو واغلب دولنا فكان الاولى ان تصدر الفتاوى مراعية للحال وما تفتي به الدعوة السلفية من اهمية التصفية والتربية من اي انقلاب جهادي ، ولذا اخي فمثل هذه الفتوى يجب ان تراعي غلبة الجيوش العلمانية الموجهة على شعوبها فقط (ومن هنا نرحب بكل حاكم اسلامي يصعد الى سدة الحكم ) ، واذا افتى العالم عليه ببيان ان ذلك مخصوص بحالة الاختيار لا الاضطرار وانه يجب لبس الحجاب والحشمة حتى تاتي الحكومات الاسلامية فتطبق شرع الله وفي ذلك نكون من الصابرين والا تاخرت دولنا واخلينا بشروط العمران الحضري الذي اراده الله تعالى (واستعمركم فيها ) وهو اساس المقاصد الشرعية ، ومن اين لك اني اقول ان الفقه ظنون وهل مثلي يقال له ذلك هذا افتراء لا احلك منه ، ثم ان المعتزلة لم تكن تخالف في الامر والنهي بل هي انكرت الصفات ولم يروها الا عين الذات ، وهو خلاف اجماع السلف وهو مردود عليهم ، و كان اصحابها زهادا وان شئت فاقرا حياة العلاف ستجده من اصحاب الزهد الذي تسجل كتب اعدائه انه اسلم على يديه ثلاث الاف رجل ، ولكن خطأهم في الصفات ورايهم فيها كما نعرف تالف، وقد اعتمدوا عقلهم في تفسير الماهية فرفعوا صفاتها فاخطؤا خطا جسيما ، وعجبت منك تدعي عدم التقليد وتقلدشيخنا الالباني وشيخ الاسلام رحمهما الله تعالى وتنكر على غيرك ان يذكر العلماء في معرض الشرح والبيان وتريد ان تصفي الاصول وهي بالمحل الذي يذكر وانت تذكر شيخ الاسلام في معرض الاحتجاج !! اما قولك الصحابة يرجحون بالعدد فاقول هذا غير مطرد وهو معروف لمن شدا شيئا من العلم فسيدنا ابو بكر رضي الله تعالى عنه قال بوجوب مقاتلة مانعي الزكاة وخالفه الصحابة حتى هداهم الله الى رايه ، وكذلك فقد خالف سيدنا عمر رضي الله عنه في قضية الاسارى وكان حليفه الصواب ثم ان الله تعالى قال (( وان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله )) الانعام 116 فبين ان العبرة بالحق لا بالعدد ، وقال:(( وما اكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين )) يوسف 103 وهو استدلال واضح ، وقال عزمن قائل :((وقليل من عبادي الشكور )) فبين ان اهل الحق قليل وارجع الى اهل التفسير والاصول وانظر ادلتهم ، فاين انت والاجتهاد الحر الذي سيمكنك من غربلة الكتب الاصولية وتعمل فيها سيفك وبنانك مع ان البعض ذكرها مما يمكن به الترجيح عند استواء الامارات واهل التحقيق رفضوها لمخالفتها الادلة ،فها انت تخالف الادلة في عدم الاكتراث بالعدد حتى قال تعالى :((ان ابراهيم كان امة )) فهل ستقلد ام تجتهد ؟ وانت تدعي انك تعرف الرجال بالحق ولاتعرف الحق بالرجال !! فعلى رسلك اخي العزيز فكلنا ننتمي الى دائرة السلف ونتشرف بها ولكننا لا نرمي غيرنا باقذع الالفاظ والاتهامات باسم الاجتهاد وباسم السلف !.والا فماذا نترك لغير امة محمد من اساليب الحوار الهادئ ((فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك )) ال عمران 159.((والصلاة والسلام على صاحب الخلق العظيم وعلى اله وصحبه ومن والاه (وكتبه الدكتور علي جميل طارش ) .سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك .
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: ما مدى صحة قاعدة الإمام الألباني؟

في نفسي من القاعدة (ما حرم للذريعة يباح للمصلحة الراجحة)
فإن التحريم في باب المعاملات عامته من باب النهي عن الوسائل التي تؤدي إلى المفسدة لا عن نفس المفسدة ، كالنهي عن الزنا والربا مثلاً ، والقاعدة بالشكل المذكور مطلقة لا فيها لا ضوابط ولا قيود . وعليه عامة المناهي الشرعية يجوز إهمالها وارتكاب نفس المنهي بدعوى المصلحة الراجحة.
ثم هذه المصلحة هنا ذُكِرَت مهملة عن القيود والضوابط إلا الرجحان ، وكل يدعيه فيما يبيحه عادةً.
والسؤال : ما الفرق حقاً بين العلماني والمصلحي؟
وقد حاول الريسوني عند كلامه على هذه القاعدة التفرقة ، فذكر مصطلح العلمانيين الميكافليين؟!
فلو سلمناه ، فما الفرق بين العلمانيين غير الميكافلليين والمصلحيين؟
فإن العلمانيين في المجتمعات الملتزمة يصرحون بأنهم لا يردون الشريعة رأساً ـ سواءً كان ذلك منهم نفاقاً أو اعتقاداً ـ بل يزعمون أن الشريعة جاءت لتحصيل المصالح في زمن الوحي وفقاً للزمان والمكان والبيئة التي نزلت فيها التشريعات ، وهذه المصالح تتغير بتغير الظروف والأزمنة والأمكنة ، فينبغي أن تتغير الأحكام وفقاً لهذه المتغيرات.
وفي الحقيقة أشك في أن شيخ الإسلام وتلميذه ممن عمل بهذه القاعدة بالشكل المطروح ، هذا من غير قيود سوى كلمات توضع للزينة.

والله أعلم
ينظر هذا الرابط للنقاش حول القاعدة:
http://www.feqhweb.com/vb/t9931
 
إنضم
19 فبراير 2013
المشاركات
24
الإقامة
سطيف
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
الفقه المالكي والأصول
الدولة
الجزائر
المدينة
سطيف
رد: ما مدى صحة قاعدة الإمام الألباني؟

جزاكم الله خيرا
وإن لم يقم بفرض الكفاية أحد أترفع الحرمة إن كانت مصلحة الإتيان بالمأمور أعظم من مفسدة الإتيان بالمحظور؟ مثاله: رجل صالح عامل في المستشفى مع ما فيه من محاذير.؟ أرجو إفادتي
الأمثلة على القاعدة تتصف بالضرر اليسير وبكونها مؤقتة لا دائمة كالنظر إلى المخطوبة وسفر المرأة وحدها فهل يجعل هذا ضابطا؟
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: ما مدى صحة قاعدة الإمام الألباني؟

جزاكم الله خيرا
وإن لم يقم بفرض الكفاية أحد أترفع الحرمة إن كانت مصلحة الإتيان بالمأمور أعظم من مفسدة الإتيان بالمحظور؟ مثاله: رجل صالح عامل في المستشفى مع ما فيه من محاذير.؟ أرجو إفادتي
الأمثلة على القاعدة تتصف بالضرر اليسير وبكونها مؤقتة لا دائمة كالنظر إلى المخطوبة وسفر المرأة وحدها فهل يجعل هذا ضابطا؟
أخي نضال أحسن الله إليك، لا يقتصر استقراء القاعدة على الأمثلة التي تفضلت بذكرها، وعليه فالاعتراض على بعض موارد استقراء القاعدة لا يلغيها. ولو سُلِم مورد واحد فقط للقاعدة من الاعتراض فإنه يمكن القياس عليه بشروطه.
أما فيما يتعلق بكون المفسدة مؤقتة أو دائمة فهذا لا شك تنبغي ملاحظته، لأن الديمومة تعظّم من حجم المفسدة حتى لو كانت قليلة، والقاعدة تشترط وجود المصلحة الراجحة، فمع ديمومة المفسدة القليلة قد لا ترجح عليها المصلحة. لكن هذا لا ينبغي أن يكون ضابطا مطلقا بل ينظر في كل مسألة بحسبها. ومسألة العامل أرى فيها الجواز بشرط أن يتحرز قدر الإمكان ويبحث عن عمل آخر، لأن طلب الرزق حاجة ملحة تدنو من الضرورة في كثير من الأحيان، والمفسدة الواقعة ليست في ذات عمله بل فيما قد يحتف به. وقد قال الإمام مالك، رحمه الله: طلب الرزق في شبهة خير من سؤال الناس. والله أعلم.
 
أعلى