العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
المعتمد
ليس المقصود هنا إنشاء رسالة في المعتمد ما هو وتاريخ نشوئه ووو ... بل مجرد مناقشة لدعوتين رئيستين ، أولاهما أن المعتمد هو ما اختاره الشيخان ، أو أحدهما حيث سكت الآخر وإن خالفهما من تقدم ومن تأخر عنهما ما دام المتأخرون عنهما ليسوا مجمعين على تلك المخالفة.
والثانية : أن المعتمد عند المتأخرين هو ما اختاره الإمام ابن حجر والرملي أو أحدهما حيث لم يتكلم الآخر أو اعتماد أناس مخصوصين كالشيخ زكريا الأنصاري وتلامذته والمحشين عليهم، بالترتيبات المذكورة والآتي بعضها.

الرافعي والنووي :
جمعهما لنصوص وأوجه المسائل أصولاً وفروعاً ، وترجيحهما :
أما الأول : فاعلم أنه لا خلاف في كون الإمامين الرافعي والنووي قد جمعا واطلعا على كم من الكتب لعلها لم تجتمع لمن كان قبلهما ، وبحكم تأخرهما فقد حازا من أقوال أصحاب الوجوه ما لم يجتمع لأصحاب الوجوه أنفسهم.
لكن المذهب بشكل رئيسي هو اختيارات الإمام الشافعي رحمه الله والقواعد التي سار عليها.
وهنا يطرأ سؤال : بما أن الرافعي والنووي رحمهما الله تأخرا عن الشافعي واطلعا على أقواله وأقوال من جاء بعده من الأئمة المجتهدين وأصحاب الوجوه ، فهل يصيران بذلك أعلم من إمام المذهب نفسه ، وقولهما أرجح من قوله، حتى أنه لو ظهر هناك تعارض بين قولهما وقوله فالمذهب هو قولهما؟
ثم ينسحب هذا السؤال على أصحاب الشافعي ومن جاء بعدهم من أصحاب الوجوه ، وهم الذي يرجحون بين أقواله المختلفة والذين يحكمون في المسائل المسكوت عنها تخريجاً على نظائرها وعلى القواعد التي اعتمده الشافعي في الاستنباط والتوفيق بين المختلفات وغير ذلك.
فهل يحكم للرافعي والنووي بأنهما أعلم من أولئك وأن تخريجاتهم أقوى من تخريجات أولئك وأنهما المعتمدان دونهم؟
ولا أعلم خلافاً في كون الشيخين لا يبلغان رتبة من تقدم ذكرهم في المذهب ؛ لذلك لا تعد أقوالهم وجوهاً في المذهب ، ولو كان في المسألة قول أو وجه وكان للرافعي أو النووي ترجيح مخالف ، فلا خلاف أن المذهب هو قول المتقدم دونهما.
ومع ذلك فإنهما قد بلغا من سعة الإطلاع والمعرفة بأقوال الإمام الشافعي وأصحابه وأصحاب الوجوه ما لا يكاد يجتمع لأحد تقدم عليهما.
وقد صرح النووي في مقدمته على (الروضة) بقوله : "فوفق الله سبحانه وتعالى - وله الحمد - من متأخري أصحابنا من جمع هذه الطرق المختلفات، ونقح المذهب أحسن تنقيح، وجمع منتشره بعبارات وجيزات، وحوى جميع ما وقع له من الكتب المشهورات، وهو الإمام الجليل المبرز المتضلع من علم المذهب أبو القاسم الرافعي ذو التحقيقات، فأتى في كتابه (شرح الوجيز) بما لا كبير مزيد عليه من الاستيعاب مع الإيجاز والإتقان وإيضاح العبارات"
فتصريحه بأنه لا كبير مزيد عليه مصرح بأنه لم يفته في كتابه هذا إلا القليل ، ألا تراه يمكن استيفاء هذا القليل من باقي مصنفاته كالمحرر والشرح الصغير والتذنيب شرح مسند الشافعي وغيرها ؟
ثم قال رحمه الله : "فألهمني الله سبحانه - وله الحمد - أن أختصره في قليل من المجلدات، فشرعت فيه قاصدا تسهيل الطريق إلى الانتفاع به لأولي الرغبات، أسلك فيه - إن شاء الله - طريقة متوسطة بين المبالغة في الاختصار والإيضاح فإنها من المطلوبات، وأحذف الأدلة في معظمه وأشير إلى الخفي منها إشارات، وأستوعب جميع فقه الكتاب حتى الوجوه الغربية المنكرات، وأقتصر على الأحكام دون المؤاخذات اللفظيات، وأضم إليه في أكثر المواطن تفريعات وتتمات، وأذكر مواضع يسيرة على الإمام الرافعي فيها استدراكات، منبها على ذلك - قائلا في أوله: قلت: وفي آخره: والله أعلم - في جميع الحالات. وألتزم ترتيب الكتاب - إلا نادرا - لغرض من المقاصد الصالحات، وأرجو - إن تم هذا الكتاب - أن من حصله أحاط بالمذهب وحصل له أكمل الوثوق به وأدرك حكم جميع ما يحتاج إليه من المسائل الواقعات"
فإذا كان الأصل بتصريح النووي مستوعباً للمذهب إلا قليل ، فكيف صار الأمر بعد استدراكات وتتمات النووي في (الروضة)؟
فكيف إذا ضممنا إليها سائر مصنفات النووي كالمجموع وشرح مسلم والمنهاج والفتاوى وغيرها؟
والمذهب نقل ، ولا يكاد يفوتهما من النقل شيء.
فالغالب إذاً أن ما لم يوجد في مصنفاتهما ليس مذهباً ، لأنه لو كان نصاً أو وجهاً لرأيته إما منقولاً أو معمولاً بمقتضاه عندهما.

من بعد الشيخين :
من أجل ما تقدم اهتم عامة من جاء بعدهما بمصنفاتهما لأنهما سهلا ما كان يعسر لولاهما ، فبدلاً من أن يضيع المتفقه عمره في البحث عن نوادر المصنفات في المذهب للاطلاع على الأقوال والأوجه وما احتج به كل واحد، فإنه يمكنه أن يحصيل ذلك بالإطلاع على كتبهما لاحتوائهما على جميع ذلك.
وبدلاً من تضييع سنين طويلة في تطلب الترجيح بالبحث عن وجوهه وقواعده في كتب الشافعي وكتب علماء المذهب ، مما سيضطره إلى تضييع زمن طويل في تطلبها من نوادر الكتب كما قدمناه ، فيكفيه أن ينظر في ترجيحات الرافعي والنووي ؛ لأنهما باطلاعهما على تلك الكتب فقد اطلعاً على وجوه الترجيح والتصحيح في المسائل لاطلاعهما على تلك الكتب.
ومن هنا كان جل اهتمام المتأخرين عن الشيخين هو الغوص في كتبهما وتحصيل ما فيها ، وكل ما كان الرجل بها أدرى وفيها أمكن ، كان بالمذهب أعرف.
ولما تتابع الأمر على ذلك ، وكان المبتدئون في الطلب يرون مشائخهم مكبين على كتب الشيخين .. ارتفعت مكانة كتب الشيخ في صدورهم ، وتربعت مكانة لم يلحق بها غيرها .

التعقب على الشيخين :
لكن بقي أمر ؛ وهو أن من علماء المذهب من كان اطلع على كتب الشيخين وألم بما فيها الإلمام التام ، فلم يرَ بعد بلوغه هذه الرتبة الإقتصار في تحصيله العلم على تكرير النظر فيها ، وانتقل إلى البحث عن أصولها وعما يمكن أن يكون فاتهم من الأصول ، وهؤلاء كالإمام ابن الرفعة والإسنوي مثلاً.
فظهر لهم بالتتبع والنقل أن بعض المسائل ـ وإن قلت ـ لم تنقل على وجهها في كتب الشيخين أو احدهما ، كما ظهرت لهم مسائل لم تبلغ الشيخين أصلاً فحكم بها الشيخان بمقتضى البحث الفقهي عندهما وهي منقولة عن أصحاب الوجوه ، بل ربما عن إمام المذهب نفسه، لكن النقل قد يكون في غير مظنته ، أو في كتاب لم يشتهر أو ظُنّ مفقوداً ، وربما كان ظاهراً موجوداً في مظنته لكن حصلت الغفلة عنه ذهولاً كما هو عادة البشر.
فإن الرجل قد يطلع على نص من الطريق المشهورة المعلومة في كتاب مشهور ، ثم يجزم بإنكاره ، كما وقع هذا للعماد ابن كثير رحمه الله حين تعقب ابن الصلاح في نقله تعريف الحسن عن الترمذي ، فأنكر أن الترمذي ذكره جازماً بذلك ، فتعقبه الحافظ العراقي بأنه في العلل لسنن الترمذي المقروء لابن كثير نفسه.
لكن تقدم معك أن كتب الشيخين كانتَ قد اكتسبت مكانة عليا في صدور أصحاب المذهب ومارسوها وكرروا النظر فيها ، وعملوا عليها أعمالاً شروحاً ومختصرات وحواشي وأنظام وغير ذلك. فإذا تفرد رجل بتعقبٍ عليهما ، استبعدت النفوس صوابه ، إذ كيف فاتهما ذلك مع ما قدمناه فيهما ، ولو فات ، فكيف فات علماء المذهب من بعدهما حتى جاء هذا الواحد فاستدركه؟
لكن لم يكن الأمر دوماً كذلك ، فربما اجتمع المتأخرون ، على ندور ، على أن ما قالاه خطأ ، فحينئذٍ كان يقبل النقد.
لكن بين انفراد واحدٍ بتعقيب واجتماع الكل عليه مراتب كثيرة ، اختلفوا فيها فمن قابل ومن راد.
الحكم في ما خولفا فيه :
استمر الأمر كما تقدم ، وكانت التعقبات على قلتها تزيد كلما جاء متعقب، والقائلون بها ابتداءً أو اتباعاً في ازدياد أيضاً.
وكان من أبرز المتعقبين الإمام جمال الدين عبد الرحيم الإسنوي ، فإنه كان يذكر في مصنفاته ما وقع لهم مما يعتقده هو خطأً ، ثم أفرد ذلك بتصنيفين :
أولهما : (جواهر البحرين في تناقض الحبرين) جمع فيها ما خالف كل واحدٍ منهما نفسه ، ولم يشترط امتناع الجمع ، بل كل ما كان ظاهره التناقض وكان في الجواب عنه تكلف ، وإن أمكن ، فهو داخل في تصنيفه. وقد اطلعنا على (مختصر الأزرق) وتوجد رسالة جامعية له غير تامة اطلعت عليها أيضاً.
والثاني : (المهمات) وهذا الكتاب أشهر كتبه على الإطلاق ، تناول فيه أهم كتب الرافعي ، وهو (العزيز شرح الوجيز) وأهم مصنفات النووي وهو (الروضة) بالنقد، وعلى هذين الكتابين معول أصحاب المذهب ، وموقعهما في النفس جليل ، وما كان ليسكت عنه أئمة أصحاب الترجيح بيسر ، وما كان ليقابله من نزل عن هذه المرتبة إلا بالنُّكر.
واستمرت الإعتراضات بالإنتشار والظهور ، حتى جاء الإمام ابن حجر الهيتمي ، فبدأ عصرٌ جديد ـ فيما يتعلق بالشيخين خاصة ـ حيث قرر أن قولهما أو أحدهما أو النووي أو الرافعي حيث لم يكن للنووي كلام هو الصواب الواجب اعتماده ، ولا عبرة بالمخالف مطلقاً إلا أن يجتمع جميع المتأخرين عليه ، وادعى على ذلك الإجماع ، قاله في مقدمته على (الإيعاب) وعبارته رحمه الله "قد أجمع المحققون على أن المفتى به ما ذكراه ، فالنووي ، وعلى أنه لا يُغتر بمن يعترض عليهما بنص الأم ، أو كلام الأكثرين ، أو نحو ذلك ، لأنهما أعلم بالنصوص وكلام الأصحاب من المعترض عليهما ، فلم يخالفاه إلا لموجب علمه من علمه ، وجهله من جهله" انتهى من راجع مقدمة (العباب) ط دار المنهاج و(الفوائد المدنية) للكردي ص 40 ـ 41 ، لكن في الفوائد بعض تحريف.
ثم أيد دعواه الأعلمية بنصوص الشافعي بقوله : "ومما يدلك على ذلك أنهما صرحا بكراهة ارتفاع المأموم على الإمام ، وعمما ذلك ، لم يقيداه بمسجد ولا غيره ؛ فجاء بعض المتأخرين واعترضَ عليهما بأنه نص في (الأم) على أن محل كراهة ذلك في غير [ذلك] ، وتبعه كثيرون ، وملتُ إلى موافقتهم زمناً طويلاً ، حتى رأيتُ للشافعي نصاً آخر ، فإنه كره صلاة الإمام داخل الكعبة والمأموم خارجها ، وعلله بعلوه عليه ؛ فانظر كيف علما أن له نصين أخذا بأحدهما لموافقته من أن ارتفاع أحدهما على الآخر مخل بتمام المتابعة المطلوبة بين الإمام والمأموم ، وتركا النص الآخر لمخالفته للقياس المذكور لا عبثاً ، إذ مزيد ورعهما وشدة تحريهما في الدين قاضٍ بذلك ، ولو أمعن تفتيش كتب الشافعي والأصحاب ، لظهر أنهما لم يخالفا نصاً إلا لما هو أرجح منه" انتهى من (الفوائد المدنية) ص 41.
وقد بحثت عن صاحب الإعتراض في المكتبة الشاملة و(النجم الوهاج) و(البداية) لابن قاضي شهبة فلم أظفر بشيء .
بدا لي أن أتحقق المسألة المنقولة ، قبل ذكر هذه الملاحظات ، فبحثت عن المسألة ، وأصلها هو قول النووي رحمه الله في (المنهاج) : "يكره ارتفاع المأموم على إمامه وعكسه إلا لحاجة .. فيستحب"
وبحثتُ ثم عن المقصود بالمعترض المذكور ، وهو : 1. اعترض على الشيخين إطلاق الكراهة في المسجد وغيره. 2. صوب في المسألة الكراهة في المسجد. 3. اعتمد في اعتراضه على نص الشافعي .
وقول ابن حجر : "وتبعه كثيرون" ظاهره أن المسألة مشهورة ، فبحثت عنها أولاً في كتبِ ابن حجر والشيخ زكريا والرملي والمحشين، وعامة الكتب في (المكتبة الشاملة) ، فلم بأظفر بأكثر مما ذكره ابن حجر في النص المتقدم ، ولم أدرِ من هو هذا المعترض على الشيخين.
وقد كنتُ أقدر في أول الأمر أن المخالف هو الإسنوي رحمه الله ، فإنه كثير الإعتراض عليهما بنصوص الشافعي رحمه الله ، لكني لم أظفر له بخلاف في المسألة .
ثم رأيتُ في (فتاوى الشهاب الرملي) سؤالاً : "هل كراهة علو المأموم على الإمام عام في المسجد وغيره كما هو ظاهر إطلاقهم أم تختص بغير المسجد كما نقل عن فتوى العلامة ابن العراقي ومن صرح بذلك؟"
فبحثتُ عن فتوى العراقي ، فإذا هي لا تتعلق بالارتفاع حال كونه في المسجد أو في غيره ، بل حال كون الارتفاع ظاهره الدلالة على التكبر ولو لم يكن مقصوداً للمستعلي. (فتاوي العراقي) ص 169. وهو المقصود بقول ابن حجر : "وَعِنْدَ ظُهُورِ تَكَبُّرٍ مِنْ الْمُرْتَفِعِ وَعَدَمِهِ خِلَافًا لِمَنْ نَظَرَ لِذَلِكَ" (التحفة) .
كما أن العراقي لم يعترض بكلام الشافعي ، بل لم يعترض عليهما أصلاً.
فقلتُ : عساه تكلم فيه في (تحرير الفتاوى) فبحثت فإذا هو لم يتعقبهما بشيء في خصوص المسألة ، ولكن ذكر أن التعبير بعدم الإستحباب أولى ، وهو قريب من الإعتراض من حيث هو منكرٌ للكراهة فإنه قال بعد ذكر عبارة (التنبيه ) : "لا يزم منه أن يكون ارتفاعه مكروهاً ، وصرح في (المنهاج) بالكراهة ... وعبارة (التنبيه) موافقة لنص الشافعي" انتهى.
لكنه رحمه الله لم يفصل بين كون الكراهة في المسجد أو خارجه بل أطلق أن التعبير بعدم الإستحباب أولى.
فبحثتُ في الكتب الموجودة في الشاملة ، وفي (النجم الوهاج) للدميري ، و(البداية) لابن قاضي شهبة ، و(حاشية الشوبري على المنهج) وغيرها ثم مللتُ فتوقفتُ عن البحث.
فإن قيل : وما حاجتك وقد نقله ابن حجر وإن لم يصرح بقائله وهو ثقة مقبول النقل؟
قلتُ : إنما بحثتُ لأتأكد أنه ليس ثم احتمال وهم وخطأ في نقل المسألة ، فإنه قد يقرأ عبارة كعبارة السراج البلقيني : "ولا يشترط في السهل والجبل محاذاة الأسفل لأعلى جزءٍ، وإنما ذاك في البناء غير المسجد" (تدريب المبتدي) ، فيرى التفرقة بين بناء المسجد والبناء غير المسجد ، فينقل الذهن إلى المسألة السابقة ويخطئه ، بينما هو يتكلم في مسألة أخرى. وهذا ليس بالقليل النادر.
كما أردتُ أن أعرف من هو المعترض ، ومرتبته في العلم بالنسبة إلى غيره من المحققين الذين ربما اعترضوا على الشيخين.

ونعود إلى كلام ابن حجر ، فنقول : قوله ""قد أجمع المحققون على أن المفتى به ما ذكراه ، فالنووي ، وعلى أنه لا يُغتر بمن يعترض عليهما بنص الأم ، أو كلام الأكثرين ..."
هذا كلام ينقض آخره أوله ، حيث ابتدأ بذكر إجماع المحققين على اعتماد قولهما ، ثم أثبت وجود المعترض عليهما ومقتضاه أنه حيث اعترض لم يعتمد قولهما.
فإن قيل : إنما نقل إجماع المحققين.
قلنا : فهل تزعمون أن ابن الرفعة والإسنوي والنشائي والسبكي والبلقيني والولي العراقي والأذرعي والحصني ليسوا من المحققين؟ وكل هؤلاء اعترض مسائل قال بها النووي ولم يجتمع المتأخرين على صحة الاعتراض.
بل من المعترضين بعض شيوخ ابن حجر ، بل ابن حجر نفسه كما في تيمم من لم يجد طبيباً بالشرط ، فقال بالتيمم تبعاً للبغوي ، وخلافاً للنووي ، وهي مسألة لم يجتمع على المتأخرون ، لذا قال الشربيني والرملي بأنه لا يتيمم موافقة للنووي.
فأي إجماع هذا الذي لا نحفظ به قائلاً عاملا.
ومجرد أن يقول أحد المحققين أن تحقيقاتهما معتمدة معتبرة صحيحة ، لا يفيد أنه لا يعترض عليهما قط ، فإن ممن ذكر ذلك الإسنوي نفسه ، وأين ذكره ؟ في مقدمة كتابه (المهمات) !
فلا يفهم من إطلاق هذه العبارات ونحوها تأييداً لدعوى الإجماع المتقدمة.
أما المسألة المذكورة ، على فرض صحتها ، فلا نسلم إفادتها المدعى ، وهو أنهما أعلم بنصوص الشافعي من غيرهما ، كيف وقد بين الإسنوي أن الرافعي إنما كان ينقل عن بعض كتب الشافعي بواسطة الإمام الجويني ، وأنه لم يقف عليها بنفسه ، وسمى ما اطلعا عليه ، وسمى هو من الكتب التي لم يطلعا عليها (الإملاء) و(الأمالي) و(غاية الإختصار) ، كما سمى من كتب أصحاب الوجوه وغيرهم مما لم يطلعا عليه جملة وافرة.
وهو أتقى لله وأورع من أن يتخرص عليهما ذلك ، ويقدر الجهل فيهم تقديراً من رأسه ، بل بناه على تصريحهما أحياناً وعلى الأصل المعتضد بالمخالفة أحياناً أخرى ، والنقل عن غيره أحياناً.
أما الأول : فكأن يقول النووي أو الرافعي : لا أعرف فيها نقلاً عن الأصحاب ، ثم يستدركه الإسنوي عن النص الشافعي نفسه ، أو نصه بعض أصحابه وأصحاب الوجوه.
أو أن يحكم الشيخان أو أحدهما حكماً باعتماد البحث الفقهي ، وهي منقولة عن إمام المذهب أو بعض أصحابه وأصحاب الوجوه.
أو أن يحكما حكماً مخالفاً لنص الإمام من غير بيان مستند نقلي ، فيعترض عليهما المعترض بثبوت النقل ، وهو ما رده ابن حجر بأنهما أعلم بنصوص الشافعي ، وأنهما قد يكونان اطلعا عليه وعلى نص آخر للشافعي لم يطلع عليه المعترض .
وقال : "لا يقال أنهما لم يروه؟ لأن ذلك ترجٍّ لا يفيد ، على أنه شهادة نفي. بل الظاهر أنهم اطلعوا عليها ، وصرفوها عن ظاهرها بالدليل"
وهذا كلام غير مقبول ، بل الأصل عدم الإطلاع ، وهو متأيد بالمخالفة له ، ودعوى الإطلاع لو سلمنا ظهوره ـ ولا نسلمه ـ معارض للأصل المتعضد وهو خلو عن قرينة تؤيده ، سوى ما يكرره من فضلهما وسعة اطلاعهما ، وهو ما يقر به نفس المعترض عليهما الراد لقولهما ، ولا يفيد ، فإن سعة الإطلاع الجملي مسلم فيهما ، أما التفصيلي على قول قول في مسألة مسألة ، فإن هذا لا يقبل لمجرد ثبوت الإطلاع الجملي ، ولا يكفي فيه التغني بفضائلهما رحمهما الله.
وعلى كل حال لو سلمنا له الإستدلال فلا ينفعه حيث صرحا بأن لا علم لهما بنقل سابق ، أو صرحا بما يفيده ، كأن ينقلا إجماع الأصحاب على قول مع أن الخلاف موجود ، وبخاصة إن كان الخلاف عن إمام المذهب ، أو يصرحا بأن القول الفلان لم ينقله سوى فلان ، فيتعقب عليهما بأنه نقله أيضاً فلان وفلان من الناس.
وهذا في كلام المتعقبين كثير ، وقد قدمنا له أمثلة.

... يتبع ...
 
التعديل الأخير:
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

بوركتم.. نقاش ماتع ومهم جدا.. حبذا لو لخصه أحدكم.. وأين نقطة الخلاف .. وما الذي يترتب عليها ..
أما الموضوع الأساس فقد حدد موضع الخلاف بتقييد المعتمد بشخص أو أشخاص معينين. ولما كان الواقع تحديده عند الأكثرين بالشيخين ثم بالرملي وابن حجر ، كان الكلام المعين فيهم ، والإحتجاج أعم.
أما في المشاركات الأخيرة فنقطة الخلاف هل يصح لمن لم يبلغ رتبة الإجتهاد المطلق ولا المقيد ولا النسبي ولا كان في رتبة أصحاب الترجيح ، ولا كان يحسن النظر في المدارك ، ولا كان يحسن من النقل ما يمكنه من التمييز بين قول الأكثرين وقول مخالفهم ، هل يصح له وهذا حاله أن يفتي؟
وانجر الكلام إليه جراً وإلا فليس هو بمقصود لي.
والله أعلم
 
إنضم
12 أكتوبر 2008
المشاركات
35
التخصص
فقه
المدينة
المنصورة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

المشكلة في كلمات يسيرة :

1- أن البعض لا يفرقون بين القاعدة الكلية والأغلبية
2- أن البعض يظن المتأخرين ليسوا إلا دراويش وجدوا النووي رجلا صالحا فاتبعوه والسلام !
3- أن البعض يظن أن التقسيمات التاريخية للمذهب محددة بالدقيقة والثانية !

لكن الفاهمين لحقيقة المذهب ــ ولا أعني نفسي ــ يرون خلاف ذلك كله

ولا بأس بالإعادة وبالتفنن بالعبارة فقد كان بعض أئمة المذهب يألف عدة رسائل في المسألة الواحدة في كل واحدة منها ما ليس في الأخرى

4-اتفقنا مرارا على أن من كان متأهلا للنظر فهذا لا يتقيد بالرافعي ولا بالنووي ولا بقول المعظم بل ينظر ويرجح

وهنا لا بد أن يسأل النبيه نفسه ويقول لو فرضنا مسألة لا تحتمل إلا وجهين وعلى هذا اختلف القدامى في المذهب
فهذا الناظر المتأهل الجديد مهما فعل فلن يخرج عن هذين الوجهين
فما قيمة نظره ؟


والجواب : عدم خروجه عن أقوال القدامى ليس لكلالة فيه بل لأن المسألة لا تحتمل غير هذين الوجهين ، وقيمة نظره ومن هو مثله أنهم هم العمدة والمرجع في معرفة المذهب وهم لا يتقيدون بأحد ، بل لو قُيّدوا بكلام من تقدم لما كانوا أصحاب نظر أصلا لكن هذا من موافقة الاجتهاد الاجتهاد وهذا هو الأمر في أغلب المسائل
وأصحاب النظر هم أيضا العدة فيما يستجد من مسائل

وهنا يسأل النبيه نفسه ثانية : هل هذا الناظر المتأهل يقل رتبة عن أصحاب الوجوه القدامى أو هو مثلهم ؟
والإجابة : ما جرى عليه السلف أنهم لا يفضلون متأخرا على متقدم أبدا بل يفاضلون بين أهل الطبقة الواحدة فقط ، هذا في التفضيل
أما في المسائل العلمية فلا معنى لهذا فلأي شيء توقف وجود أصحاب الوجوه عند انقراض أصحاب أبي حامد ؟!
وأي شيء قصر بالجويني والغزالي عن هذه الدرجة ؟!
وهل من كان متأهلا للنظر وخرّج الأوجه ولم يتتلمذ على أبي حامد ولا رآه وتوفى بعد تلاميذ أبي حامد بسنة مثلا لا يعد من أصحاب الوجوه ؟!
ولأي شيء انقطعت رتبة الاجتهاد والتخريج في المائة الرابعة؟!
هذا تمحل ليس إلا !

والحق في أشياء :

أــ العلة المؤثرة في عد الفقيه صاحب وجه هي إحاطته بالمذهب أصولا وفروعا والتشرب بقواعده والقدرة على التخريج عليها وتوفيته بذلك

ب ــ العادة الجارية في الكتب هي النسبة إلى المتقدم لا المتأخر ، وهذا مطرد في نقل المذاهب كلها وفي نقل الأوجه ؛ فإذا اختلفا معاصران لنا مثلا في مسألة من لمس أجنبية بلا حائل فقال أحدهما انتقض وضوؤه مطلقا وقال الآخر لا ينتقض وضوؤه البتة ؛
فهنا لن ننسب المسألة إليهما ولا معنى للنسبة إليهما ، بل إذا فعلنا ذلك صرنا أضحوكة ؛ فالمسألة قديمة معلومة خلافية بين الشافعي وأبي حنيفة فالنسبة إليهما هي فعل العقلاء ، وهكذا في نقل الأوجه فالنسبة للمتقدم

ج ــ كلام ابن الصلاح وابن أبي الدم ونحوهما قاعدة أغلبية لا كلية والدليل على هذا اختلاف القائلين بهذا في التحديد فأحدهم يقول بانقطاع التخريج في المائة الرابعة والآخر يقول بانقطاعه بموت تلاميذ أبي حامد وهم في المئة الخامسة فأيهما المعتمد عند من يقف عند ظواهر النقول ؟!

أما من يفهم حقيقة الأمر فيعلم أن هذه قواعد أغلبية وضعت لتقريب العلم لا قواعد كلية لا يشذ عنها شيء ؛ فأصحاب الوجوه كثيرون في زمان ما قبل الشيخين لكنهم موجودون بعد ذلك وإن قلوا وإن تسموا باسم آخر ، بل قد نص على أن ابن الرفعة من أصحاب الوجوه : التاج السبكي وابن حجر ، أما كونهم لا ينسبون الأوجه إليه فعلى عادتهم في النسبة إلى من تقدم ، وحتى مولّدات ابن الرفعة ومولّدات السبكي وهي أوجه حقيقية لم يتكلم فيها السابقون لكن لا تسمى أوجها لاستقرار الاصطلاح على ذلك لا لعدم كونها شيئا يعتد به
ونخلص من جميع ما سبق أن النظار موجودون لكن يكثرون ويقلون من زمان لآخر وأنظارهم معتد بها لكن استقر الاصطلاح على تسمية القدامى بأصحاب الوجوه والمتأخرين بالنظار مع الاعتداد بنظر كلٍ

5- وختاما أقول ملخصا ومبينا ثمرة هذا الموضوع كله كما طلب أخي محمد الكاف وفقه الله :

أــ من كان أهلا للنظر فلا يتقيد بالرافعي ولا بالنووي ولا بقول المعظم ، بل ينظر ويرجح

ب ــ من ليس أهلا للنظر يتقيد بقول المعظم ، وكتب النووي والرافعي هي مظنة الوقوف على هذا

ج ـ لا يخلو المحققون من المتأخرين عن نظر واسع معتد به ، وكونهم يسمون أصحاب وجوه أو نظارا أو غير ذلك شيء اصطلاحي لا يغير الحقيقة في نفسها وهي أنهم أصحاب نظر تكلموا بمقتضاه : وافقوا من وافقوا وخالفوا من خالفوا

د ـ متابعة كثرة وافرة من المحققين المتأخرين لقولٍ للرافعي أو النووي ـــ عن نظر لا عن تقليد ـــ يجعله قولا للمعظم

وعليه تظل قاعدة المعتمد المشهورة في المذهب صحيحة إلى يومنا هذا

ه ـ عادة أهل العلم أنهم لا يفضلون متأخرا على متقدم مع اعتدادهم بنظر المتأخر وعلمه كالمتقدم ؛ فهذا شيء وهذا شيء ، ويخطيء من يخلط بينهما

و ـ جرت عادة كثير من محققي المتأخرين على هضم أنفسهم والتقليل من شأن أنفسهم وهذا هو اللائق بورعهم ، لكن هذا لا ينافي علمهم ولا نظرهم المعتد به

ز ـ عادة المتعاصرين أنهم لا يسلم بعضهم بقدر الآخر فإذا مضى الزمان عُلم قدر الجميع وهذا مشهور فيما لاقاه النووي من ابن الفركاح ، وما لاقاه السبكي من الكتاني وابن عدلان

والمرء ما دام حيا يستهان به ** ويعظم الرزء فيه حين يُفتقدُ

ح ــ لو فرضنا في زمننا هذا نظارا ومحققين كثيرين بلغوا أهلية النظر وتشربوا قواعد المذهب وأحاطوا بها ونظروا في المسائل مسألة مسألة، واتفق أكثرهم على قول في مسألة و زاد عددهم جدا حتى جاوز عدد من قال بخلاف قولهم قديما فهذا هو معتمد المذهب في هذه المسألة عند من ليس أهلا للنظر ، ويكون هذا إيذانا ببدء مرحلة جديدة من مراحل المذهب الشافعي ، أما والحال كما نراه جميعا فنبقى على ما كان الأمر عليه حتى يأذن الله بشيء جديد

والله تعالى أعلم

 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

يا أخي هؤلاء الذين وصفتهم بعارفين الحقيقة وبالنباهة لا أنا ولا غيري يعرفهم
فمن هذا النبيه الذي يعرف الحقيقة القائل بأن أصحاب الوجوه يمتد وجودهم إلى زماننا هذا؟
ومن من النبهاء العارفين بالحقيقة الذين قالوا أن كلام ابن الصلاح ومن تقدم أغلبي بحيث لا ينتقض بوجود من هو من أصحاب الوجوه اليوم؟
أترى من حدد بالزمان ونص على انقطاع الوجود كابن أبي الدم وابن حجر ليسوا من النبهاء العارفين بالحقيقة؟!
والتأهل للاجتهاد أمر وعد قول المتأهل وجهاً في المذهب أمر آخر.
فإن اعتقادي أن ابن الرفعة متأهل للاجتهاد ، فإذا اجتهد ولو تخريجاً فذلك اجتهاده هو لا ينسب إلى المذهب.
أبغنا نقولاً ننظر فيها ، بل وفي مداركها إن شئتَ.
نقول كتلك التي عرضناها عليك.
لا بد من ضبط المذهب فلا يأتينا كل يوم واحد بجديد ويقول هذا وجه.
أما هضم النفس ، فقد نص بعضهم على أن النووي والرافعي مقلدان وظيفتهما الترجيح.
فهل القائل كان يهضم من نفسه حين قلل من قيمة غيره؟!
ونص غيره على أن ابن حجر والرملي مقلدان ليسا حتى من أهل الترجيح.
فهل كان يهضم من نفسه حين وصفهما بذلك؟
النقل النقل ، وإلا لقال من شاء ما شاء

والله أعلم
 
التعديل الأخير:
إنضم
12 أكتوبر 2008
المشاركات
35
التخصص
فقه
المدينة
المنصورة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

ذكرت النقل مرتين ــ وكأنك لم تره ــ وها هي الثالثة
النقل عن التاج السبكي في ترشيح التوشيح حيث عد فيه ابن الرفعة من أصحاب الوجوه

ثم هذا لو لم يوجد لم يضر شيئا لأن المشاححة في الاصطلاح والابتعاد عن المعاني ليس من شأن المحققين فالمحز هو هل للمتأخرين نظر أو لا ؟
وسمّهم بعد ذلك ما شئتَ فلن يفرق في النتيجة
وهؤلاء المتأخرون كالشيخ زكريا وتلاميذه هل لهم نظر أو لا ؟
إن قلتَ : لا ؛ يكذبك الواقع الموجود في كتبهم
وإن قلتَ : نعم ؛ فنظرهم مساوٍ لنظر أصحاب الوجوه وإلا فما معنى القاعدة المتفق عليها بيننا وهي أن صاحب النظر لا يتقيد حتى بقول معظم الأصحاب؟
إذن فنظر المتأخرين مساوٍ لنظر أصحاب الوجوه
هذا هو المحز لا مجرد التسميات
وعليه فمتابعة كثرة وافرة من المحققين المتأخرين لقولٍ للرافعي أو النووي ـــ عن نظر لا عن تقليد ـــ يجعله قولا للمعظم
فلا بد لمن ليس أهلا للنظر أن يتبع هذا القول ،
أما من هو أهل للنظر فهو محال على نظره هو


وهذا الذي أقوله هو ما يضبط المذهب لا كمن يدعي أن قاعدة سائرة اتفق عليها من مئات السنين غير صحيحة

ولا تنس أن تبين لي ما المعتمد عندك في انتهاء زمن أصحاب الوجوه أهو المائة الرابعة كما قاله ابن الصلاح أم بوفاة تلاميذ أبي حامد في المائة الخامسة كما قاله ابن أبي الدم ؟!!
ولا تنس أيضا أن تبين لي أي شيء قصر بإمام الحرمين والغزالي عن درجة أصحاب الوجوه ؟!
وحاول أن تحل معضلة عد بعضهم لابن الصباغ والمتولي من أصحاب الوجوه مع عدم عده للشيرازي وإمام الحرمين منهم ، والجميع متعاصرون متكافئون قريبو الوفاة !!


والله الموفق
 

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

وعليه فمتابعة كثرة وافرة من المحققين المتأخرين لقولٍ للرافعي أو النووي ـــ عن نظر لا عن تقليد ـــ يجعله قولا للمعظم
فلا بد لمن ليس أهلا للنظر أن يتبع هذا القول
أما من هو أهل للنظر فهو محال على نظره هو

وهذا الذي أقوله هو ما يضبط المذهب لا كمن يدعي أن قاعدة سائرة اتفق عليها من مئات السنين غير صحيحة

ملحوظة:
القاعدة ليس فيها وجوب موافقة كثرة من المتأخرين أو المتقدمين للنووي والرافعي ليكون قولهما هو المعتمد للفتوى
القاعدة تشترط فقط عدم اتفاق المتأخرين على خطأهما

فتح المعين:
تنبيه ثان: إعلم أن المعتمد في المذهب للحكم والفتوى ما اتفق عليه الشيخان، فما جزم به النووي فالرافعي فما رجحه الاكثر فالاعلم فالاورع.

إعانة الطالبين فى حل ألفاظ فتح المعين:
(قوله: ما اتفق عليه الشيخان) أي النووي والرافعي، ومحله ما لم يتفق المتأخرون على أن ما اتفقا عليه سهو أو غلط.
http://shamela.ws/browse.php/book-963/page-1438#page-1437

فمجرد وجود موافقة من بعض المتأخرين وإن قلوا يجعل قول الشيخين هو المعتمد للفتوى

فكل ما على المفتي غير المتأهل للنظر أن يعرف تصحيح الشيخين ويتأكد من وجود موافقة من بعض المتأخرين وإن قلوا لهما

ولا أرى توجيهاً آخر للقاعدة ولكلام النووي سوى هذا
قد يقال كلام الإمام النووي قد خاطب به أهل زمانه من الشافعية المفتين غير المتأهلين والأزمنة التي لحقت زمانه مباشرةً التي يحتار فيها المفتي غير المتأهل بأي قول يأخذ من الأقوال المختلفة داخل المذهب فالرافعي يصحح قول وإمام الحرمين يصحح غيره والغزالي يصحح آخر والنووي يصحح آخر ......وهكذا
فيجد المفتي غير المتأهل نفسه محتاراً بأي تصحيح يأخذ فكلهم أئمة أجلاء فأرشدهم الإمام النووي إلى هذا الشرط ليخرجوا من حيرتهم لأن أكثر قول الأكثر معتمد (فمن غير المتصور أن النووي يزكي نفسه فيقول قلدوني فى تصحيحاتي بل الذي يزكيه أو يزكي غيره هم محققو المتأخرين) ولم يكن قد تبلورت واستقرت بعد عند محققي المتأخرين قاعدة أن المعتمد للفتوى (ما اتفق عليه الشيخان فالنووي فالرافعي فالأكثر فالأعلم فالأورع) فبعد استقرار هذه القاعدة فإن المفتي الشافعي غير المتأهل يأخذ بهذه القاعدة المستقرة عند المتأخرين

فتكون الخلاصة أن
المفتي غير المتأهل
1- قبل استقرار القاعدة المذكورة يفتي بقول الأكثر فالأعلم فالأورع
2- وبعد استقرارها يفتي بناءً على القاعدة المذكورة


فمحققو المتأخرين لما نظروا فى مسائل المذهب وجدوا أن نسبة تصحيحات النووي والرافعي الصائبة أعلى من نسبة أقوال أكثر المتقدمين الصائبة (وكلا النسبتين عالي لكن أحدهما أعلى من الآخر فقدم عليه)
فأرشدوا المفتي غير المتأهل إليها



والله أعلم
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

كلام ابن الصلاح وابن أبي الدم ونحوهما قاعدة أغلبية لا كلية والدليل على هذا اختلاف القائلين بهذا في التحديد فأحدهم يقول بانقطاع التخريج في المائة الرابعة والآخر يقول بانقطاعه بموت تلاميذ أبي حامد وهم في المئة الخامسة فأيهما المعتمد عند من يقف عند ظواهر النقول ؟!
بمعنى آخر الجميع متفق على الإنقطاع ، فلا يضر بعد الإختلاف في زمنه. ولا راجح عندي ، فمن نصوا على أنه من أصحاب الوجوه اعتقدناه منهم ، سواء أجمعوا أو روي ذلك عن بعضهم ، أما من اختلفوا فنص البعض على أنه منهم وخالف البعض ، فالنظر في أولئك المنصصين.
بل قد نص على أن ابن الرفعة من أصحاب الوجوه : التاج السبكي وابن حجر
أما ابن حجر فلا لم يفعل.
أما التاج السبكي فصحيح ، وتحايدته. لأنه يغلو، وبخاصة في أبيه ومن حوله ، وبالأخص في ابن الرفعة ، حتى قال فيه : "... وأقسم بالله يميناً برة ، لو رآه الشافعي لتبجح بمكانه ، وترجح عنده على أقرانه ، وترشح لأن يكون لطبقة من عاصره وكان في زمانه ، ولو شاهده المزني لشهد له بما هو أهله ، ولقال إن البدر من دون محله؛ وأن النيل ما أنيل مثله ..." إلى آخر كلام طويل من جنس هذا، وكان في العكس مثل ذلك ، كما ترى كلامه في شيخ ومطوق عنقه بالمنة الإمام الذهبي رحمه الله.

وعلى كل حال لا يكفي لشذوذه فيما اشتهر خلافه ، فإن ما ذكره ابن الصلاح تابعه عليه النووي وعامة من تكلم في الاجتهاد والتقليد بمن فيهم ابن حجر المدعى فيه أنه زعم في ابن الرفعة أنه من أصحاب الوجوه.
وقد وضحنا أن الكلام في التأهل غير الكلام في الحكم على كلام المتأهل.
فابن الرفعة متأهل للاجتهاد بلا شك ، وقد ادعى نحو ذلك السيوطي في نفسه كما تقدم في بعض المشاركات ، ولا يعني أن أقوالهم وجوه في المذهب، يشهد عليه النقل ، بل أنكروه على السيوطي وشددوا.
فإن لم يكن عندك نقل أصلاً إلا هذا ، فإنا كنا تحايدناه أولاً ولا غرض لنا في النظر فيه ثانياً، وأنتَ بنفسك أعلم.
أما ما تجعله تارةً محزاً وتارة العلة المؤثرة وتارةً الحق ، فهي أنظار تخصك ليست بنقول ، وكلها داخل في قولي أن التأهل غير ما نحن فيه.
وفي الموضوع نفسه التنصيص على أن في المتأخرين من هو متأهل للنظر في المدارك، ولكن لا يكفي لأن يعد كلام الناظر وجهاً في المذهب.
النقل النقل النقل
ما لي أنا وما تراه أنتَ محك النظر والحق والعلة المؤثرة ، وقد كنا استحيينا فاسمع الآن.
لستَ أنتَ أحد من يجب اعتمادهم في المذهب، ولا أحد المحققين النظار لأهتم بنظرك وأجعله قاعدة في المذهب ،غايته أن يصح قولك دليلاً فأنسبه إليك أنتَ فقط من غير أن أنسب منه للمذهب شيئاً قط مهما قل.
ثم النظر معارض بأن الكلام ليس في التأهل فإنا لا ننكره كما تراه في الموضوع الأساس عند كلامنا عن رتب بعض المتأخرين ، فلا داعٍ إلى إعادة الكلام فيه وتكراره ، وهذا يذكرنا بقولهم : "قيل للحمار : لمَ لا تستجر ، قال : لا أحب مضغ الباطل"
ليس الكلام في تأهل المتأخرين للكلام في النوازل والحوادث حيث لم يوجد كلام على فرض وجود حادثة بهذا الشكل لا كلام فيها ولو عموماً وإطلاقاً.
الكلام في اجتهاد المتأخر هل يُعد وجهاً في المذهب؟
لا يعاد الكلام إلى التأهل ـ أرجو ـ الكلام في هل يعد كلام المتأخر وجهاً في المذهب؟
هو متأهل هو إمام جبل محقق جمع آلات الاجتهاد كلها وكان أعلم من الشافعي نفسه ، لكن : هل يعد قوله وجهاً في المذهب؟
إن قيل نعم : فيكفي لإثباته النقل ، فإن المذهب نقل .
وإن لم يكن إلا ما تقدم عن التاج السبكي ، فلا كلام ، ويكفي السلام.

وإن كان هناك نقل عن أئمة المذهب ومحققيه: فحي هلا.

وسبب المنع عند من منعه ليس هو انعدام من بلغ رتبت من تقدم من أصحاب الوجوه ، فإن فضل الله غير ممنوع ، ووجود المتأهل غير مدفوع، ولكن القصد ضبط المذهب فلا يصير مذهباً للشافعي اليوم ما لم يكن مذهباً له بالأمس ، أو يدفع عنه ما كان استقر أنه منه ، فإن أصحاب الوجوه كان ينكر بعضهم على بعض أن هذا القول أو ذاك يعد وجهاً أو تخريجاً صحيحاً في المذهب ، فلو زعمنا استمرار ذلك في زماننا ، فقد زعمنا إمكان هذا الإنكار أيضاً في هذا الزمان .
فأغلقه الأئمة ولم يُلزموك التقليد المحض ، بل أباحوا لك إن أنتَ ترجح لك قول لا تجد له نقلاً في المذهب أن تقلد فيه إمام مجتهد من غير أهل المذهب.
لا أرى داعٍ للاستمرار ، إذ صار الأمر شبيه بالعناد ، وبعيد عن طرق الرشاد

والله سبحانه أعلم
 
التعديل الأخير:
إنضم
12 أكتوبر 2008
المشاركات
35
التخصص
فقه
المدينة
المنصورة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

واسمع أنت أيضا :
أنتَ عندي لستَ بشيء أصلا لا في نقل المذهب ولا في فهمه
تقول : النقل النقل النقل
فجئتك بالنقل عن التاج السبكي
فزعمتَ أنه يغلو وأنك تريد نقلا عن المحققين و .... وكأن التاج السبكي ليس من أكابر المحققين في المذهب !
فالحاصل أنك مشاء على شيء لا تغادره ، ويعلم الله أني ما قصدتُك بالكلام وما توقعتُ غير لجاجك ، وإنما تكلمتُ لمن يفهم وحتى لا يغتر مبتدئ بتهويلاتك
وقلتُ لك : الفهم الفهم
فلم تفعل بل ما استطعتَ ولن تستطيع أن تحل معضلة تحديد أصحاب الوجوه بزمن ما
وما استطعتَ ولن تستطيع أن تجمع بين :
ــ إلزامهم للمتأخر المتأهل للنظر بالعمل بنظره وإن خالف معظم أصحاب الوجوه
ــ وبين نقصان قدره عندك عن أصحاب الوجوه

أما أنا الفقير إلى الله :

ــ فما ادعيتُ نظرا ولا تحقيقا ، وما جئتُ بكلام من عندي بل بكلام أئمة سابقين
ــ وكل هذه التقسيمات تقريبية لا تحديدية فلا يضر انتقاضها
ــ وحفظتُ للمتأخرين النظار قدرَهم ، وما أُجمع عليه من لزوم نظرهم وإن خالفوا معظم أصحاب الوجوه ؛ فحفظت لكلٍ قدره وإن اختلفوا في أسمائهم
فالعبرة بالمعاني لا بالأسماء
ـــ وحافظتُ على قاعدة المعتمد التي تتابع عليها أكابر المذهب جيلا بعد جيل
ــ ولم أحجّر واسعا على العصريين وإن كنتُ أرى أنه لا يتأهل واحد منهم للنظر لعموم القنوع بأدنى شيء وضعف الهمم والدفع بالصدر دون علم وروية ، أما من استكمل ونظر وظهر قدره
؛ فالله يوفقه ؛ ففضله تعالى ليس حكرا على زمن ولا على أحد

فهذا أنا وهذا أنتَ ، وللناس عقول وأفهام

وللحروب رجال يعرفون بها .... وللدواوين كتّابٌ وحسّاب


وقد كمل غرضي من كلامي في هذا الموضوع ، واستفاد منه من يبحث عن الحق ، ولخصت المستفاد منه لمن طلبه قبل ذلك

والسلام
 
أعلى