العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
المعتمد
ليس المقصود هنا إنشاء رسالة في المعتمد ما هو وتاريخ نشوئه ووو ... بل مجرد مناقشة لدعوتين رئيستين ، أولاهما أن المعتمد هو ما اختاره الشيخان ، أو أحدهما حيث سكت الآخر وإن خالفهما من تقدم ومن تأخر عنهما ما دام المتأخرون عنهما ليسوا مجمعين على تلك المخالفة.
والثانية : أن المعتمد عند المتأخرين هو ما اختاره الإمام ابن حجر والرملي أو أحدهما حيث لم يتكلم الآخر أو اعتماد أناس مخصوصين كالشيخ زكريا الأنصاري وتلامذته والمحشين عليهم، بالترتيبات المذكورة والآتي بعضها.

الرافعي والنووي :
جمعهما لنصوص وأوجه المسائل أصولاً وفروعاً ، وترجيحهما :
أما الأول : فاعلم أنه لا خلاف في كون الإمامين الرافعي والنووي قد جمعا واطلعا على كم من الكتب لعلها لم تجتمع لمن كان قبلهما ، وبحكم تأخرهما فقد حازا من أقوال أصحاب الوجوه ما لم يجتمع لأصحاب الوجوه أنفسهم.
لكن المذهب بشكل رئيسي هو اختيارات الإمام الشافعي رحمه الله والقواعد التي سار عليها.
وهنا يطرأ سؤال : بما أن الرافعي والنووي رحمهما الله تأخرا عن الشافعي واطلعا على أقواله وأقوال من جاء بعده من الأئمة المجتهدين وأصحاب الوجوه ، فهل يصيران بذلك أعلم من إمام المذهب نفسه ، وقولهما أرجح من قوله، حتى أنه لو ظهر هناك تعارض بين قولهما وقوله فالمذهب هو قولهما؟
ثم ينسحب هذا السؤال على أصحاب الشافعي ومن جاء بعدهم من أصحاب الوجوه ، وهم الذي يرجحون بين أقواله المختلفة والذين يحكمون في المسائل المسكوت عنها تخريجاً على نظائرها وعلى القواعد التي اعتمده الشافعي في الاستنباط والتوفيق بين المختلفات وغير ذلك.
فهل يحكم للرافعي والنووي بأنهما أعلم من أولئك وأن تخريجاتهم أقوى من تخريجات أولئك وأنهما المعتمدان دونهم؟
ولا أعلم خلافاً في كون الشيخين لا يبلغان رتبة من تقدم ذكرهم في المذهب ؛ لذلك لا تعد أقوالهم وجوهاً في المذهب ، ولو كان في المسألة قول أو وجه وكان للرافعي أو النووي ترجيح مخالف ، فلا خلاف أن المذهب هو قول المتقدم دونهما.
ومع ذلك فإنهما قد بلغا من سعة الإطلاع والمعرفة بأقوال الإمام الشافعي وأصحابه وأصحاب الوجوه ما لا يكاد يجتمع لأحد تقدم عليهما.
وقد صرح النووي في مقدمته على (الروضة) بقوله : "فوفق الله سبحانه وتعالى - وله الحمد - من متأخري أصحابنا من جمع هذه الطرق المختلفات، ونقح المذهب أحسن تنقيح، وجمع منتشره بعبارات وجيزات، وحوى جميع ما وقع له من الكتب المشهورات، وهو الإمام الجليل المبرز المتضلع من علم المذهب أبو القاسم الرافعي ذو التحقيقات، فأتى في كتابه (شرح الوجيز) بما لا كبير مزيد عليه من الاستيعاب مع الإيجاز والإتقان وإيضاح العبارات"
فتصريحه بأنه لا كبير مزيد عليه مصرح بأنه لم يفته في كتابه هذا إلا القليل ، ألا تراه يمكن استيفاء هذا القليل من باقي مصنفاته كالمحرر والشرح الصغير والتذنيب شرح مسند الشافعي وغيرها ؟
ثم قال رحمه الله : "فألهمني الله سبحانه - وله الحمد - أن أختصره في قليل من المجلدات، فشرعت فيه قاصدا تسهيل الطريق إلى الانتفاع به لأولي الرغبات، أسلك فيه - إن شاء الله - طريقة متوسطة بين المبالغة في الاختصار والإيضاح فإنها من المطلوبات، وأحذف الأدلة في معظمه وأشير إلى الخفي منها إشارات، وأستوعب جميع فقه الكتاب حتى الوجوه الغربية المنكرات، وأقتصر على الأحكام دون المؤاخذات اللفظيات، وأضم إليه في أكثر المواطن تفريعات وتتمات، وأذكر مواضع يسيرة على الإمام الرافعي فيها استدراكات، منبها على ذلك - قائلا في أوله: قلت: وفي آخره: والله أعلم - في جميع الحالات. وألتزم ترتيب الكتاب - إلا نادرا - لغرض من المقاصد الصالحات، وأرجو - إن تم هذا الكتاب - أن من حصله أحاط بالمذهب وحصل له أكمل الوثوق به وأدرك حكم جميع ما يحتاج إليه من المسائل الواقعات"
فإذا كان الأصل بتصريح النووي مستوعباً للمذهب إلا قليل ، فكيف صار الأمر بعد استدراكات وتتمات النووي في (الروضة)؟
فكيف إذا ضممنا إليها سائر مصنفات النووي كالمجموع وشرح مسلم والمنهاج والفتاوى وغيرها؟
والمذهب نقل ، ولا يكاد يفوتهما من النقل شيء.
فالغالب إذاً أن ما لم يوجد في مصنفاتهما ليس مذهباً ، لأنه لو كان نصاً أو وجهاً لرأيته إما منقولاً أو معمولاً بمقتضاه عندهما.

من بعد الشيخين :
من أجل ما تقدم اهتم عامة من جاء بعدهما بمصنفاتهما لأنهما سهلا ما كان يعسر لولاهما ، فبدلاً من أن يضيع المتفقه عمره في البحث عن نوادر المصنفات في المذهب للاطلاع على الأقوال والأوجه وما احتج به كل واحد، فإنه يمكنه أن يحصيل ذلك بالإطلاع على كتبهما لاحتوائهما على جميع ذلك.
وبدلاً من تضييع سنين طويلة في تطلب الترجيح بالبحث عن وجوهه وقواعده في كتب الشافعي وكتب علماء المذهب ، مما سيضطره إلى تضييع زمن طويل في تطلبها من نوادر الكتب كما قدمناه ، فيكفيه أن ينظر في ترجيحات الرافعي والنووي ؛ لأنهما باطلاعهما على تلك الكتب فقد اطلعاً على وجوه الترجيح والتصحيح في المسائل لاطلاعهما على تلك الكتب.
ومن هنا كان جل اهتمام المتأخرين عن الشيخين هو الغوص في كتبهما وتحصيل ما فيها ، وكل ما كان الرجل بها أدرى وفيها أمكن ، كان بالمذهب أعرف.
ولما تتابع الأمر على ذلك ، وكان المبتدئون في الطلب يرون مشائخهم مكبين على كتب الشيخين .. ارتفعت مكانة كتب الشيخ في صدورهم ، وتربعت مكانة لم يلحق بها غيرها .

التعقب على الشيخين :
لكن بقي أمر ؛ وهو أن من علماء المذهب من كان اطلع على كتب الشيخين وألم بما فيها الإلمام التام ، فلم يرَ بعد بلوغه هذه الرتبة الإقتصار في تحصيله العلم على تكرير النظر فيها ، وانتقل إلى البحث عن أصولها وعما يمكن أن يكون فاتهم من الأصول ، وهؤلاء كالإمام ابن الرفعة والإسنوي مثلاً.
فظهر لهم بالتتبع والنقل أن بعض المسائل ـ وإن قلت ـ لم تنقل على وجهها في كتب الشيخين أو احدهما ، كما ظهرت لهم مسائل لم تبلغ الشيخين أصلاً فحكم بها الشيخان بمقتضى البحث الفقهي عندهما وهي منقولة عن أصحاب الوجوه ، بل ربما عن إمام المذهب نفسه، لكن النقل قد يكون في غير مظنته ، أو في كتاب لم يشتهر أو ظُنّ مفقوداً ، وربما كان ظاهراً موجوداً في مظنته لكن حصلت الغفلة عنه ذهولاً كما هو عادة البشر.
فإن الرجل قد يطلع على نص من الطريق المشهورة المعلومة في كتاب مشهور ، ثم يجزم بإنكاره ، كما وقع هذا للعماد ابن كثير رحمه الله حين تعقب ابن الصلاح في نقله تعريف الحسن عن الترمذي ، فأنكر أن الترمذي ذكره جازماً بذلك ، فتعقبه الحافظ العراقي بأنه في العلل لسنن الترمذي المقروء لابن كثير نفسه.
لكن تقدم معك أن كتب الشيخين كانتَ قد اكتسبت مكانة عليا في صدور أصحاب المذهب ومارسوها وكرروا النظر فيها ، وعملوا عليها أعمالاً شروحاً ومختصرات وحواشي وأنظام وغير ذلك. فإذا تفرد رجل بتعقبٍ عليهما ، استبعدت النفوس صوابه ، إذ كيف فاتهما ذلك مع ما قدمناه فيهما ، ولو فات ، فكيف فات علماء المذهب من بعدهما حتى جاء هذا الواحد فاستدركه؟
لكن لم يكن الأمر دوماً كذلك ، فربما اجتمع المتأخرون ، على ندور ، على أن ما قالاه خطأ ، فحينئذٍ كان يقبل النقد.
لكن بين انفراد واحدٍ بتعقيب واجتماع الكل عليه مراتب كثيرة ، اختلفوا فيها فمن قابل ومن راد.
الحكم في ما خولفا فيه :
استمر الأمر كما تقدم ، وكانت التعقبات على قلتها تزيد كلما جاء متعقب، والقائلون بها ابتداءً أو اتباعاً في ازدياد أيضاً.
وكان من أبرز المتعقبين الإمام جمال الدين عبد الرحيم الإسنوي ، فإنه كان يذكر في مصنفاته ما وقع لهم مما يعتقده هو خطأً ، ثم أفرد ذلك بتصنيفين :
أولهما : (جواهر البحرين في تناقض الحبرين) جمع فيها ما خالف كل واحدٍ منهما نفسه ، ولم يشترط امتناع الجمع ، بل كل ما كان ظاهره التناقض وكان في الجواب عنه تكلف ، وإن أمكن ، فهو داخل في تصنيفه. وقد اطلعنا على (مختصر الأزرق) وتوجد رسالة جامعية له غير تامة اطلعت عليها أيضاً.
والثاني : (المهمات) وهذا الكتاب أشهر كتبه على الإطلاق ، تناول فيه أهم كتب الرافعي ، وهو (العزيز شرح الوجيز) وأهم مصنفات النووي وهو (الروضة) بالنقد، وعلى هذين الكتابين معول أصحاب المذهب ، وموقعهما في النفس جليل ، وما كان ليسكت عنه أئمة أصحاب الترجيح بيسر ، وما كان ليقابله من نزل عن هذه المرتبة إلا بالنُّكر.
واستمرت الإعتراضات بالإنتشار والظهور ، حتى جاء الإمام ابن حجر الهيتمي ، فبدأ عصرٌ جديد ـ فيما يتعلق بالشيخين خاصة ـ حيث قرر أن قولهما أو أحدهما أو النووي أو الرافعي حيث لم يكن للنووي كلام هو الصواب الواجب اعتماده ، ولا عبرة بالمخالف مطلقاً إلا أن يجتمع جميع المتأخرين عليه ، وادعى على ذلك الإجماع ، قاله في مقدمته على (الإيعاب) وعبارته رحمه الله "قد أجمع المحققون على أن المفتى به ما ذكراه ، فالنووي ، وعلى أنه لا يُغتر بمن يعترض عليهما بنص الأم ، أو كلام الأكثرين ، أو نحو ذلك ، لأنهما أعلم بالنصوص وكلام الأصحاب من المعترض عليهما ، فلم يخالفاه إلا لموجب علمه من علمه ، وجهله من جهله" انتهى من راجع مقدمة (العباب) ط دار المنهاج و(الفوائد المدنية) للكردي ص 40 ـ 41 ، لكن في الفوائد بعض تحريف.
ثم أيد دعواه الأعلمية بنصوص الشافعي بقوله : "ومما يدلك على ذلك أنهما صرحا بكراهة ارتفاع المأموم على الإمام ، وعمما ذلك ، لم يقيداه بمسجد ولا غيره ؛ فجاء بعض المتأخرين واعترضَ عليهما بأنه نص في (الأم) على أن محل كراهة ذلك في غير [ذلك] ، وتبعه كثيرون ، وملتُ إلى موافقتهم زمناً طويلاً ، حتى رأيتُ للشافعي نصاً آخر ، فإنه كره صلاة الإمام داخل الكعبة والمأموم خارجها ، وعلله بعلوه عليه ؛ فانظر كيف علما أن له نصين أخذا بأحدهما لموافقته من أن ارتفاع أحدهما على الآخر مخل بتمام المتابعة المطلوبة بين الإمام والمأموم ، وتركا النص الآخر لمخالفته للقياس المذكور لا عبثاً ، إذ مزيد ورعهما وشدة تحريهما في الدين قاضٍ بذلك ، ولو أمعن تفتيش كتب الشافعي والأصحاب ، لظهر أنهما لم يخالفا نصاً إلا لما هو أرجح منه" انتهى من (الفوائد المدنية) ص 41.
وقد بحثت عن صاحب الإعتراض في المكتبة الشاملة و(النجم الوهاج) و(البداية) لابن قاضي شهبة فلم أظفر بشيء .
بدا لي أن أتحقق المسألة المنقولة ، قبل ذكر هذه الملاحظات ، فبحثت عن المسألة ، وأصلها هو قول النووي رحمه الله في (المنهاج) : "يكره ارتفاع المأموم على إمامه وعكسه إلا لحاجة .. فيستحب"
وبحثتُ ثم عن المقصود بالمعترض المذكور ، وهو : 1. اعترض على الشيخين إطلاق الكراهة في المسجد وغيره. 2. صوب في المسألة الكراهة في المسجد. 3. اعتمد في اعتراضه على نص الشافعي .
وقول ابن حجر : "وتبعه كثيرون" ظاهره أن المسألة مشهورة ، فبحثت عنها أولاً في كتبِ ابن حجر والشيخ زكريا والرملي والمحشين، وعامة الكتب في (المكتبة الشاملة) ، فلم بأظفر بأكثر مما ذكره ابن حجر في النص المتقدم ، ولم أدرِ من هو هذا المعترض على الشيخين.
وقد كنتُ أقدر في أول الأمر أن المخالف هو الإسنوي رحمه الله ، فإنه كثير الإعتراض عليهما بنصوص الشافعي رحمه الله ، لكني لم أظفر له بخلاف في المسألة .
ثم رأيتُ في (فتاوى الشهاب الرملي) سؤالاً : "هل كراهة علو المأموم على الإمام عام في المسجد وغيره كما هو ظاهر إطلاقهم أم تختص بغير المسجد كما نقل عن فتوى العلامة ابن العراقي ومن صرح بذلك؟"
فبحثتُ عن فتوى العراقي ، فإذا هي لا تتعلق بالارتفاع حال كونه في المسجد أو في غيره ، بل حال كون الارتفاع ظاهره الدلالة على التكبر ولو لم يكن مقصوداً للمستعلي. (فتاوي العراقي) ص 169. وهو المقصود بقول ابن حجر : "وَعِنْدَ ظُهُورِ تَكَبُّرٍ مِنْ الْمُرْتَفِعِ وَعَدَمِهِ خِلَافًا لِمَنْ نَظَرَ لِذَلِكَ" (التحفة) .
كما أن العراقي لم يعترض بكلام الشافعي ، بل لم يعترض عليهما أصلاً.
فقلتُ : عساه تكلم فيه في (تحرير الفتاوى) فبحثت فإذا هو لم يتعقبهما بشيء في خصوص المسألة ، ولكن ذكر أن التعبير بعدم الإستحباب أولى ، وهو قريب من الإعتراض من حيث هو منكرٌ للكراهة فإنه قال بعد ذكر عبارة (التنبيه ) : "لا يزم منه أن يكون ارتفاعه مكروهاً ، وصرح في (المنهاج) بالكراهة ... وعبارة (التنبيه) موافقة لنص الشافعي" انتهى.
لكنه رحمه الله لم يفصل بين كون الكراهة في المسجد أو خارجه بل أطلق أن التعبير بعدم الإستحباب أولى.
فبحثتُ في الكتب الموجودة في الشاملة ، وفي (النجم الوهاج) للدميري ، و(البداية) لابن قاضي شهبة ، و(حاشية الشوبري على المنهج) وغيرها ثم مللتُ فتوقفتُ عن البحث.
فإن قيل : وما حاجتك وقد نقله ابن حجر وإن لم يصرح بقائله وهو ثقة مقبول النقل؟
قلتُ : إنما بحثتُ لأتأكد أنه ليس ثم احتمال وهم وخطأ في نقل المسألة ، فإنه قد يقرأ عبارة كعبارة السراج البلقيني : "ولا يشترط في السهل والجبل محاذاة الأسفل لأعلى جزءٍ، وإنما ذاك في البناء غير المسجد" (تدريب المبتدي) ، فيرى التفرقة بين بناء المسجد والبناء غير المسجد ، فينقل الذهن إلى المسألة السابقة ويخطئه ، بينما هو يتكلم في مسألة أخرى. وهذا ليس بالقليل النادر.
كما أردتُ أن أعرف من هو المعترض ، ومرتبته في العلم بالنسبة إلى غيره من المحققين الذين ربما اعترضوا على الشيخين.

ونعود إلى كلام ابن حجر ، فنقول : قوله ""قد أجمع المحققون على أن المفتى به ما ذكراه ، فالنووي ، وعلى أنه لا يُغتر بمن يعترض عليهما بنص الأم ، أو كلام الأكثرين ..."
هذا كلام ينقض آخره أوله ، حيث ابتدأ بذكر إجماع المحققين على اعتماد قولهما ، ثم أثبت وجود المعترض عليهما ومقتضاه أنه حيث اعترض لم يعتمد قولهما.
فإن قيل : إنما نقل إجماع المحققين.
قلنا : فهل تزعمون أن ابن الرفعة والإسنوي والنشائي والسبكي والبلقيني والولي العراقي والأذرعي والحصني ليسوا من المحققين؟ وكل هؤلاء اعترض مسائل قال بها النووي ولم يجتمع المتأخرين على صحة الاعتراض.
بل من المعترضين بعض شيوخ ابن حجر ، بل ابن حجر نفسه كما في تيمم من لم يجد طبيباً بالشرط ، فقال بالتيمم تبعاً للبغوي ، وخلافاً للنووي ، وهي مسألة لم يجتمع على المتأخرون ، لذا قال الشربيني والرملي بأنه لا يتيمم موافقة للنووي.
فأي إجماع هذا الذي لا نحفظ به قائلاً عاملا.
ومجرد أن يقول أحد المحققين أن تحقيقاتهما معتمدة معتبرة صحيحة ، لا يفيد أنه لا يعترض عليهما قط ، فإن ممن ذكر ذلك الإسنوي نفسه ، وأين ذكره ؟ في مقدمة كتابه (المهمات) !
فلا يفهم من إطلاق هذه العبارات ونحوها تأييداً لدعوى الإجماع المتقدمة.
أما المسألة المذكورة ، على فرض صحتها ، فلا نسلم إفادتها المدعى ، وهو أنهما أعلم بنصوص الشافعي من غيرهما ، كيف وقد بين الإسنوي أن الرافعي إنما كان ينقل عن بعض كتب الشافعي بواسطة الإمام الجويني ، وأنه لم يقف عليها بنفسه ، وسمى ما اطلعا عليه ، وسمى هو من الكتب التي لم يطلعا عليها (الإملاء) و(الأمالي) و(غاية الإختصار) ، كما سمى من كتب أصحاب الوجوه وغيرهم مما لم يطلعا عليه جملة وافرة.
وهو أتقى لله وأورع من أن يتخرص عليهما ذلك ، ويقدر الجهل فيهم تقديراً من رأسه ، بل بناه على تصريحهما أحياناً وعلى الأصل المعتضد بالمخالفة أحياناً أخرى ، والنقل عن غيره أحياناً.
أما الأول : فكأن يقول النووي أو الرافعي : لا أعرف فيها نقلاً عن الأصحاب ، ثم يستدركه الإسنوي عن النص الشافعي نفسه ، أو نصه بعض أصحابه وأصحاب الوجوه.
أو أن يحكم الشيخان أو أحدهما حكماً باعتماد البحث الفقهي ، وهي منقولة عن إمام المذهب أو بعض أصحابه وأصحاب الوجوه.
أو أن يحكما حكماً مخالفاً لنص الإمام من غير بيان مستند نقلي ، فيعترض عليهما المعترض بثبوت النقل ، وهو ما رده ابن حجر بأنهما أعلم بنصوص الشافعي ، وأنهما قد يكونان اطلعا عليه وعلى نص آخر للشافعي لم يطلع عليه المعترض .
وقال : "لا يقال أنهما لم يروه؟ لأن ذلك ترجٍّ لا يفيد ، على أنه شهادة نفي. بل الظاهر أنهم اطلعوا عليها ، وصرفوها عن ظاهرها بالدليل"
وهذا كلام غير مقبول ، بل الأصل عدم الإطلاع ، وهو متأيد بالمخالفة له ، ودعوى الإطلاع لو سلمنا ظهوره ـ ولا نسلمه ـ معارض للأصل المتعضد وهو خلو عن قرينة تؤيده ، سوى ما يكرره من فضلهما وسعة اطلاعهما ، وهو ما يقر به نفس المعترض عليهما الراد لقولهما ، ولا يفيد ، فإن سعة الإطلاع الجملي مسلم فيهما ، أما التفصيلي على قول قول في مسألة مسألة ، فإن هذا لا يقبل لمجرد ثبوت الإطلاع الجملي ، ولا يكفي فيه التغني بفضائلهما رحمهما الله.
وعلى كل حال لو سلمنا له الإستدلال فلا ينفعه حيث صرحا بأن لا علم لهما بنقل سابق ، أو صرحا بما يفيده ، كأن ينقلا إجماع الأصحاب على قول مع أن الخلاف موجود ، وبخاصة إن كان الخلاف عن إمام المذهب ، أو يصرحا بأن القول الفلان لم ينقله سوى فلان ، فيتعقب عليهما بأنه نقله أيضاً فلان وفلان من الناس.
وهذا في كلام المتعقبين كثير ، وقد قدمنا له أمثلة.

... يتبع ...
 
التعديل الأخير:

أشرف سهيل صيقلي

:: متابع ::
إنضم
20 يونيو 2008
المشاركات
65
الجنس
ذكر
التخصص
فقه
الدولة
مصر
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

إذا سيدي البحث يكون في:

1. هل هناك قول يصح أن يقال هو المذهب .. ؟

2. وكيف يعرف هذا القول ، أهو بالأكثرية ، أم بالنظر في أصول المذهب وصحة الأقوال من حيث الدليل والمدرك ؟

3. ومن يعرفه ؟
هل يمكن لغير المجتهد - معلوم أن الاجتهاد مراتب ويتجزأ - أن يعرفه تقليدا

4. وهل لو قلنا بأنه ليس له أن يعرفه ، وانعدم المجتهدون .. انعدم معهم إمكان معرفة المذهب ؟
فيتعطل إمكان العمل به ، وإمكان الفتوى به ، وإمكان القضاء به ؟

وظاهر سيدي أن مخالفكم - وهو أنا وبعض الأفاضل - لهم اختيارات في الجواب على تلك الأسئلة تخالف اختياراتكم .

ويظهر لي أن هذه الأسئلة هي التي فيها النزاع الحقيقي ، وليس في اعتماد من من المتأخرين أو غيرهم .. إذ هو فرع عنها

والله أعلم
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

1. هل هناك قول يصح أن يقال هو المذهب .. ؟
هذا مبني على المراد بالمذهب ، فإن أريد ما يصح نسبته إلى مذهب الشافعي ، فكل قول للإمام وكل تخريج للمخرجين يصح أن يقال فيه هو مذهب الشافعية ، بأن تقول : هذا قول أو وجه في مذهب الشافعي ، فتنسبه إلى مذهب الشافعي ولو كان الراجح عندك قول أو وجه آخر.
وإن أريد بالمذهب الصحيح من الطرق ، فهو كالصحيح من الأوجه وقدمنا عن الإمام ابن الصلاح والإمام النووي وغيرهما أن المذهب في هذه الحالة هو الراجح مدركاً عند المرجحين وقول الأكثر عند من سواهم ، فإن استووا في العدد ففرض غير المرجح أن يأخذ بقول الأعلم والأورع وغيره مما تقدم.
وكيف يعرف هذا القول ، أهو بالأكثرية ، أم بالنظر في أصول المذهب وصحة الأقوال من حيث الدليل والمدرك ؟
جوابه قد تقدم في أصل الموضوع وتكرر في مشاركاتي بحيث كنتُ أظن أن القارئ قد مل تكراره ، فإذا أنتم بارك الله فيكم تسألون عنه سؤال من لم يقع عليه أصلاً.
وعلى كل حال تقدم وجه الترجيح عند الإمام النووي الذي يُفترض أنه المرجوع إليه في المذهب ، فعجباً من قول أول من يخالفه القائل به!!
. ومن يعرفه ؟
هل يمكن لغير المجتهد - معلوم أن الاجتهاد مراتب ويتجزأ - أن يعرفه تقليدا
4. وهل لو قلنا بأنه ليس له أن يعرفه ، وانعدم المجتهدون .. انعدم معهم إمكان معرفة المذهب ؟
فيتعطل إمكان العمل به ، وإمكان الفتوى به ، وإمكان القضاء به ؟
....
ويظهر لي أن هذه الأسئلة هي التي فيها النزاع الحقيقي ، وليس في اعتماد من من المتأخرين أو غيرهم .. إذ هو فرع عنها
والله حزنتُ أخي الفاضل.
هذا الذي جعلته موضع النزاع الحقيقي هو عين موضوعي وناقشته مناقشة مسهبة ، فكأنك لم تقرأ منه شيئاً وإنما اطلعت على العنوان ونظرتَ نظرة سريعة للتعرف على النتيجة التي وصلتُ إليها في مشاركاتي فقط.
ألم أذكر أن الناس إما قادر على الترجيح ففرضه الترجيح بالمدرك ، أو غير قادر ففرضه الترجيح بالنقل؟
ألم أتكلم في أن من لم يقدر على معرفة المدرك ولا التعرف على أقوال الأكثرين أنه لا يجوز له أن يفتي أصلاً؟
ألم أنقل ذلك عن أئمة المذهب المحققين؟
فما معنى السؤال وكأن موضوعي في وادٍ وأسألتك في وادٍ مع أن موضوعي هو عين ما وقعتْ عليه هذه الأسألة؟
فإني حين ناقشتُ اعتماد الرافعي والنووي ثم ابن حجر والرملي لم أتكلم على المسميات من حيث هي إذ لو تغيرت هذه الأسماء لم تحتج لأكثر من تغييرها في موضوعي مع إبقائه هو على حاله ، لأن الموضوع لا يناقش الأسماء المجردة ، بل ما وقعت عليه أسئلتكم.
وأجيب هنا اختصاراً لا أقول بما هو رأيي ، بل بما يلزم عامة الشافعية لأن المجتهد يعتمد اجتهاده ، والمقلد لمعين في المذهب يلزمه الأخذ به لأن ذلك المعين هو الذي أرشد إليه ، فأقول :
إن بلغ المفتي رتبة الترجيح ففرضه كما نقلناه عن ابن الصلاح والنووي ـ ويجب على من يرى تقليده أن يتابعه هنا ـ وعن السيد عمر البصري والجمال الأهدل أن يرجح بالمدرك ، وأكدتموه أنتم بنقله عن الكردي.
ومن لم يبلغ هذه الرتبة مع انعدام من بلغها في بلده أن يقلد الأكثر كما نقلناه عن ابن الصلاح والنووي ونقله أيضاً ابن حجر عن جماعة كما قدمناه عنه وعن غيره.
وبينا أن هذا هو الذي جرى عليه عامة المحققين من المتأخرين في العمل وسمينا منهم ابن الرفعة والسبكي والإسنوي والنشائي والبلقيني والولي العراقي والدميري وابن المقري وغيرهم ممن سبق ابن حجر والرملي ومن تأخر عنهما.
أما الذي لا يدري ما الترجيح ولا يعرف نقل أقاويل أئمة المذهب فماله وللفتوى ، مثل هذا يُسْتَفْتَي ولا يُفْتِي ، وإن أفتى فعلى ولي الأمر ـ إن وجد ـ أن يوجعه ضرباً ويلزمه داره ، لا أن نوجهه إلى تقليد فلان وعلان في الفتوى.
إما إن كان مراد هذا الجاهل الذي لا يصح له أن يفتي أصلاً هو مجرد العمل في خاصة نفسه فلا حرج عليه فله أن يقول بقول أي إمام مجتهد ، ونقلنا عن ابن زياد أنه لو وقع فعله موافقاً لقول إمام مجتهد كفاه ولو لم ينوِ التقليد ، وهو ما استحسنه جماعة من المتأخرين وقالوا هو أرفق بالعوام.
وهذا كله في مشاركاتي السابقة ، فما معنى إعادة هذه الأسئلة هنا؟
ثم إن قولكم أنكم تخالفوني في الجواب عن هذه الأسئلة ، فغير نافع هنا ، لأن من أول ما اعتمدتُ عليه في كلامي كلام الإمام النووي ، فلو كنتَ مقلداً له فواجبٌ عليك اتباعه.
وعليه فلا أنتَ رضيتَ الدليل الذي أبرزناه ، ولا قلدتَ النووي الذي نقلنا كلامه.
فالمخالفة لما قدمناه واقعة بلا دليل ولا تقليد صحيح.

والله سبحانه أعلم
 
التعديل الأخير:

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

وعلى كل حال تقدم وجه الترجيح عند الإمام النووي الذي يُفترض أنه المرجوع إليه في المذهب ، فعجباً من قول أول من يخالفه القائل به!!

في هذه المسألة الآتية هل يأخذ المفتي الشافعي غير المتأهل للترجيح (أو العامي الشافعي) بقول الأصحاب كافة ما عدا الصيدلاني أم بقول الصيدلاني والنووي والرافعي والمتأخرين كافةً؟

◄قال ابن حجر الهيتمي:
"على أنا لو سلمنا أن الأكثرين على صحة الدور وصحح الشيخان بطلانه كان الرجوع إليهما واجبا متعينا
إذ المدار عليهما في الترجيح والمعول عليهما في التصحيح أمر لازم وقول جازم
وكم من مسألة خالفا فيها الأكثرين باتفاق النقلة ومع ذلك يكون الراجح ما قالاه ورجحاه
بل يقع لهما في مواضع أنهما ينقلان حكما عن الأكثرين ويصرحان بأن عليه الأكثرين ومع ذلك يخالفانه ويرجحان سواه ويكون الحق ما رجحاه
ومن ذلك ما وقع لهما في الإقرار فإنهما نقلا حكما عن الأكثرين ونقلا عن الصيدلاني مقابله ثم قالا والحق والصواب ما قاله الصيدلاني ووافقهما على ذلك جميع المتأخرين فيما أحسبإذ ما قاله الأكثرون في ذلك في غاية الإشكال لا يفهم له وجه إلا بعد مزيد تأمل وتدبر
وقد أشرت إلى جميع ذلك في أول شرح العباب فإن أردت تحقيق ذلك فعليك به من مظنته ثَمّ وبينت أيضا الرد على الأكثرين من المتأخرين ممن يعترضون على الشيخين بمخالفتهما لكلام الأكثرين بما حاصله :
أن الاعتراض بذلك عليهما ليس في محله فإنه لا يتقيد بما عليه الأكثرون إلا المقلد الصرف القاصر عن رتبة الترجيح والتصحيح وأما من وصل لتلك المرتبة فلا يتقيد بذلك
وبينت ثم أيضا الرد على صاحب العباب في مخالفته في مواضع من كتابه تبعا للإسنوي وغيره ممن يعترضون عليهما بكلام الأكثرين
وقد أشار الزركشي وغيره أيضا إلى الرد على الإسنوي وغيره في الاعتراض عليهما بذلك أن الأكثرين على صحة الدور ورجح الشيخان بطلانه كان الرجوع إليهما حتما لازما فكيف والأكثرون على ما رجحاه كما قدمته......".
 

أشرف سهيل صيقلي

:: متابع ::
إنضم
20 يونيو 2008
المشاركات
65
الجنس
ذكر
التخصص
فقه
الدولة
مصر
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

ما قصدت إحزانكم سيدي الفاضل ، والعفو منكم

وقد قرأت كلامكم كله ، ولم أنظر فيه نظرة سريعة ، وما تريدون إثباته أن الاقتصار على الشيخين والمتأخرين تحكم ، وأن المقلد لا يجوز له الإفتاء أبدا ، وأنه ليعرف صحيح المذهب يأخذ بقول الأكثرين

وما نريده هو أن المحققين من أئمة المذهب هم من أرشدوا إلى ذلك .. واتفقوا عليه .. ومخالفتهم لذلك إنما هي من باب كونهم مجتهدين لهم حرية النظر والاختيار - الذي لا ننازعكم فيه - وأما من هو دونهم .. فهم مقلدون ، إذا ليس لهم الفتوى بل هم نقلة

فكان سؤالي : لو أرادوا نقل " الصحيح من المذهب " ماذا يفعلون ؟
هم لا يريدون التعبد بغير الصحيح ، ولا يريد سائلهم التعبد بغير الصحيح ، ولا يريدون أي قول قيل في المذهب مهما جل قائله
وإنما يريدون المعتمد أي : القول الذي تصح نسبته إلى المذهب ، وأما غيره فلا يصح ذلك لأنه ضعيف مرجوح ( الفتاوى الكبرى 4/296 )
وفي الفوائد المدنية:
قال:
ثم محل ما ذكرته من الخلاف والتفصيل فيمن يريد الإفتاء مع إطلاق النسبة إلى مذهب الشافعي ، أما من يريد العمل في خاصة نفسه فيجوز له تقليد القول أو الوجه المرجوح ، وكذلك من يريد الإفتاء عن طريق التعريف بحاله وأنه يجوز للعامي تقليده بالنسبة للعمل به فغير ممتنع

إذا ، فليس كل قول في المذهب يقال إنه المذهب .. وهذا لا نزاع فيه
____________________________________

ثانيا :كيف يعرفع المقلد هذا الصحيح ؟
وهل له أن يفتي أم لا .

وكلامكم أن المقلد ليس له أن يفتي أصلا .. فما معنى الإفتاء عندكم .. أهو غير نقل حكم شرعي ؟

وفي الروضة أن العالم الذي لم يبلغ غاية الاجتهاد كالعامي في أنه لا يجوز تقليده على الصحيح.
ولكن من عرف مذهب مجتهد، وتبحر فيه، لكن لم يبلغ رتبة الاجتهاد فالصحيح أن له أن يفتي ويأخذ بقول ذلك المجتهد

ثم منع إفتاء غير المتحبر
ثم قال:
وأما في مسائل صارت كالمعلومة علما قطعيا عن ذلك المذهب، كوجوب النية في الوضوء، والفاتحة في الصلاة، ووجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون، ووجوب تبييت النية في صوم الفرض، وصحة الاعتكاف بلا صوم، وعدم وجوب نفقة البائن الحامل، ووجوب القصاص في القتل بالمثقل وغير ذلك عند الشافعي رضي الله عنه فحسن محتمل أن يجوز لغير المتبحر أن يفتي بها .


فلم يطلق القول بأن غير المجتهد ليس له الإفتاء ، وإنما ليس له الترجيح من عنده ، بل له الاعتماد على غيره ، إما بالتبحر ، أو بنقل القول الذي هو يعلم تماما أنه من المذهب
فما السبيل ليعرف ما هو القول الذي هو المذهب أو لا

______________________________________________________________________________

حسن .. هذا المقلد .. هو لا يريد أن ينقل أي قول في المذهب ... فهل من سبيل إلى معرفة ما هو القول الصحيح في المذهب ؟
فهل يمكنه أن يعرف هذا

فكلامكم أنه لغير المجتهد : أن الصحيح ما عليه الأكثرون
وهذا منازع فيه ..

فكلام النووي أنه :
ليس للمفتي أن يفتي بمصنف أومصنفين أونحوهما من كتب المتقدمين؛ لكثرة الخلاف في الجزم والترجيح، وقد يجزم نحو عشرة من المصنفين بالشئ، وهو شاذ مخالف للمنصوص وما عليه الجمهور وربما خالف نص الشافعي أو نصوصا له

و
واعلم أن كتب المذهب فيها اختلاف شديد بين الأصحاب، بحيث لا يحصل للمطالع وثوق بكون ما قاله المصنف منهم هو المذهب حتى يطالع معظم كتب المذهب المشهورة


ويقول ابن حجر :
أن الكتب المتقدمة على الشيخين لا يعتمد شيء منها إلا بعد مزيد الفحص والتحري حتى يغلب على الظن أنه المذهب ، ولا يغتر بتتابع كتب متعددة على حكم واحد فإن هذه الكثرة قد تنتهي إلى واحد ، ألا ترى أن أصحاب القفال أو الشيخ أبي حامد مع كثرتهم لا يفرعون ويؤصلون إلا على طريقته غالبا، وإن خالفت سائر الأصحاب فتعين سبر كتبهم


فكيف للمقلد العاجز عن أن يسبر تلك الكتب ، ويعلم الكثرة المرجحة ، من الكثرة التي هي تتابع للأقوال ؟
وكيف يفعل في المسائل التي لا يجد ترجيحا فيها ؟
ماذا يفعل ليقف على هذا المعتمد ؟


___________________________________________________________________

فقد قرر المحققون في المذهب .. أن هناك أناس في كلامهم التحقيق ، ينبغي على القاصر أن يعتمد قولهم .. وأنهم من المجتهدين ، ومن المتبحرين ، وجهدهم كان في الترجيح ، لليس فقط في البحث والنظر
لا أن يترك ليسيح في المصنفات ، وينقل ما يحسبه قولا وهو ضعيف ، فضلا عن أن يتمكن من سبر كل الكتب ليعرف ما قول الأكثرين ..

كما قال التاج السبكي :
فمن لم ينته إلى رتبة هؤلاء الأعلام ، فحسبه من الفتيا النقل المحض ، حُقَّ عليه أن يتقيَّد بما بترجيحاتهم
وهو يتكلم عن الشيخين ووالده

ثم يقول:
وأما من هو من أهل للنظر والترجيح فذاك محال عن نظره لا على فتيا الرافعي والنووي والشيخ الإمام

لذا ، له ولأكثر المحققين اختيارات وعدم تقيد

كلامكم سيدي يلزمه :
أن يتعذر العمل بالمعتمد أو حتى معرفته .. إلا لمن عنده تبحر .. أما غير فلا ، أي فلا يوجد من يقلَّد من قبل العاجزين في معرفة المذهب

ونحن نقول : المحققون على أن لمن قصر عن النظر أن يعتمد كلام أناس بعينهم .. شهد لهم بأنهم حققوا المذهب وعامة أقوالهم راجحة معبرة عن المذهب ..
لا أن يطلق هكذا ... لينظر بنفسه ما هو الأكثرين ...

بل حتى معرفة مع عليه الأكثرين هذا : من أين يعرفه ؟
من نهاية المطلب ؟ أم الشرح ؟ أم الروضة ؟ أم يجمع هو المئة كتاب التي كانت عند النووي في المذهب التي قال السبكي إنها ليست عنده ؟

فلو قلنا يعمده الشرح أو الروضة في نقل الأقوال ؟ ولم لا يكون من الخادم ؟ أو الدميري ؟ أو ابن النقيب ؟ أم من ؟

وعلى كل فهو مقلد هكذا في للنووي أو الرافعي .. أو للإسنوي ... في النقل

ثم إن وقف مثلا على كلام للزركشي يزيف فيه كلام الإسنوي ، ويعترضه بأنه ليس قول الأكثرين ، أو حتى لو هو قول الأكثرين فهو مخالف للنص .. مثلا
يقول : لا بل أنا مع الأكثرين ، حتى لو قال السبكي ، والبلقيني ، وابن الملقن ، والشيخ زكريا إن هذا الكلام ضعيف ، وإن نسبه الإسنوي للأكثرين
؟

فالمحققون قالوا : ما حاصله أن مظنة الصحيح في المذهب ، بعد السبر وجدناها عند فلان وفلان ..
وتقليدهم أولى من تقليد غيرهم .. وكلام غيرهم ليس محررا ليكون المذهب.

فالمقلد يقلد هؤلاء في هذا الحكم .. وفي إرشادهم له بأن هذا سبيل معرفة المعتمد ..

وأنتم تقولون له: بل هو تحكم .. انظر بنفسك ، وتعرف على قول الأكثرين - من الإسنوي - حتى لو وجدت المحققين مطبقين على أنه ليس التحقيق .. وخذه .
ولا تنظر في تضعيفات المحققين وردهم على الإسنوي طالما أن الأكثر على قول : فهو المذهب

وما قاله النووي ابن حجر وغيرهم أن الأكثر قد يتتابعون على الضعيف ، لا تلتف إليه ..

____________________________________________________________________
وقد ضربت لكم مسألة لم تجيبوني كيف للمقلد أن يتعبد إلى الله فيها بصحيح المذهب ، وينقله إلى غيره ؟



فلو كانت دعواكم أن :
إلزام المتأهل للنظر بما قرره المحققون من المتأخرين أنه المعتمد قول باطل ، لا دليل عليه .
وهذا الإلزام : تحكم ، ومخالف لتنظيرهم ، وكلامهم ، وأفعالهم
لارتفع الخلاف ..

أما إنكاركم على كلام الأئمة أن بعض الكتب هي العمدة للقاصر عن النظر لمعرفة الأقوال الراجحة ، وأن المقلد يأخذ منها المذهب ، لأنها حققت النقولات ، ونظر في المدارك ، وصححت بين الخلافات .. ولخصت الخلاف .. بدلا من أن يتيه بين الكتب المطولة باحثا عن قول الأكثر
الذي قد يجد أنه قد وقع فيه خلاف هل هو الأكثر أو لا
ثم قد يجد أن هذا الأكثر المحققون يقولون بل هو معارض للنصوص الإمام ، وهو قلد فيه فلان فلانا ، وهو قول ضعيف ..
فيتيه ويصير في حيص بيص

ونعم المقلد سيكون مقلدا لفلان في أن هذا هو صحيح المذهب .. وأن هذا التقليد لا يلزم غيره من المتأهلين للنظر ..بل المقلد مقلد لحكم هؤلاء الأئمة بأن هذه الكتب هي التي فيها مظنة الصحيح . إلا ما نبه عليه المحققون .

والله تعالى أعلى وأعلم
 

أشرف سهيل صيقلي

:: متابع ::
إنضم
20 يونيو 2008
المشاركات
65
الجنس
ذكر
التخصص
فقه
الدولة
مصر
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

. هل هناك قول يصح أن يقال هو المذهب .. ؟
2. وكيف يعرف هذا القول ، أهو بالأكثرية ، أم بالنظر في أصول المذهب وصحة الأقوال من حيث الدليل والمدرك ؟
3. ومن يعرفه ؟
هل يمكن لغير المجتهد - معلوم أن الاجتهاد مراتب ويتجزأ - أن يعرفه تقليدا
4. وهل لو قلنا بأنه ليس له أن يعرفه ، وانعدم المجتهدون .. انعدم معهم إمكان معرفة المذهب ؟
فيتعطل إمكان العمل به ، وإمكان الفتوى به ، وإمكان القضاء به ؟
وظاهر سيدي أن مخالفكم - وهو أنا وبعض الأفاضل - لهم اختيارات في الجواب على تلك الأسئلة تخالف اختياراتكم .
ويظهر لي أن هذه الأسئلة هي التي فيها النزاع الحقيقي ، وليس في اعتماد من من المتأخرين أو غيرهم .. إذ هو فرع عنه


كان مرادي سيدي ما لونته بالأحمر ، لا أنكم لم تتناولوه بالبحث ، بل غيركم يخالف فيه.. وبينتُ أن نزاعنا في:
أن للمقلد أن يفتي بما علم من المذهب ، أو لو كان متبحار ( وأنتم تخالفون )
وأن هناك أئمة اتفق المحققون أن كلامهم للقاصر هو الذي يصح أن يقال هو المذهب .. لا سواهم ( وأنتم تخالفون ، وتحيلون على الأكثر )
وأنه يصح له أن يقلد هؤلاء .. ويكون ناقلا مقلدا للمعتمد ، وإن كان مقلدا ..
وأنه يلزم على كلامكم تعذر معرفة المعمد للقاصر بإحالتكم على الأكثر ( وبينتُ ذلك في المشاركة السابقة )
وأن البحث عن المعتمد أصلا إنما هو للمقلدة ، للعمل والإفتاء ، كما ذكره : السبكي ، وابن حجر ، والكردي .. وهم عمدة من جاء بعدهم في أن المعتمد فلان أو فلان ..


فالنزاع الحقيقي ليس في خصوص الرملي وابن حجر أو النووي والرافعي .. وقد ذكرتُ مبني كلام من يخالفكم في تلك المسائل

ونعم ، جوابي أوهم أني اقتصرت على العنوان فقط .. ولم يحصل ، وكان ينبغي صياغته بطريقة لا توهم ذلك .. فالعفو.

 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

وما تريدون إثباته أن الاقتصار على الشيخين والمتأخرين تحكم ، وأن المقلد لا يجوز له الإفتاء أبدا ، وأنه ليعرف صحيح المذهب يأخذ بقول الأكثرين
هذا ليس ما نريد ، فإن عامة من جاء بعد الشافعي وأصحابه ـ حتى من تأهل منهم للاجتهاد ـ فهم في اعتقادي مقلدة ، فلو كنتُ أريد أن هؤلاء لا يفتون فقد منعتُ الفتوى على مذهب الشافعي رأساً!!
لكن المقلدة في المذهب منهم من هو متأهل للاجتهاد مطلقاً ومنهم من هو مجتهد مقيد ومنهم مقلد يقدر على التخريج على أقوال إمامه فهذا شبيه بسابقه ، وهكذا ، حتى نصل إلى مقلد لا يحسن الترجيح بالمدارك ولكنه ملم بمذهبه يعرف فيه الأقوال والوجوه ومداركها وإن لم يكن يحسن الترجيح بتلك المدارك لتكفافؤها في نظره مثلاً ، فكل هؤلاء لهم أن يفتوا ، لكن هذا الأخير حقيقة فتواه النقل ، والفرض لا يتأدى به مع وجود غيره من القادرين على الترجيح بالمدرك كما ذكره ابن الصلاح وتبعه النووي ، ومن يرجح بكلام النووي عليه أن يوافقه هنا.
بقي المقلد الذي منعتُهُ من الفتوى ، وهو الذي لم يبلغ مرتبة الترجيح فيرجح ولا يحفظ الأقوال والوجوه في المذهب، وغاية ما عنده كتب لا يحيط بما فيها ، فهذا معدود في العامة ، وهو الذي منعناه من الفتوى.
وانظر في رتب المفتين عند ابن الصلاح حيث عدها أربعة آخرها هو من "يقوم بحفظ المذهب ونقله ، وفهمه في واضحات المسائل ومشكلاتها" (أدب المفتي والمستفتي) ص 99.
والذي يعجز عن محض النقل ما له وللفتوى!!
أما مجرد النقل ، فهو تعريف بأقوال الأئمة لا فتوى ، ولا يحرم على الناقل التعريف بأقوال المجتهدين خارج مذهبه ، هذا هو ما أردته في ما يتعلق بالمنع.
أما الفتوى لمن تأهل لها من المقلدين فقد ألزمهم النووي ـ الذي يفترض أنه المتبوع عند مجموع المتأخرين ـ أن يقولوا بقول الأكثر ثم الأعلم ثم الأورع إلى آخر ما قدمناه.
فالذي يرى الإلزام بقول النووي متى خالف الأكثر خالف النووي فيما ذهب إليه.
في هذا كفاية ، وليس بعد هذا ـ إن شاء الله ـ غاية
ومن لم يعيه فـ ..... !

الأخ الفاضل أحمد عوض ، إقرأ الموضوع ، فقد ناقشنا دعوى ابن حجر رحمه الله بإسهاب ، ولم نكن غافلين عن هذا النقل ، ولكنا آثرنا ما ذكره في مقدمة (العباب) لأنه أوعب ، وإلا فقد اطلعنا عليه في رسالة الشيخ الكاف.
واختصاراً أقول لك ، ما رجحه الرافعي والنووي مخالفان فيه الأكثر ؛ فذلك لأنهما بلغا رتبا الترجيح ، أما الذي لم يبلغها من المفتين فيلتزم قول الأكثر.
والكلام هنا في الفتوى من المفتي.
والله أعلم
 

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

قد يقال الأولى تقييد القول بلزوم الأخذ بقول الأكثر لغير المتأهل بموافقة أحد المتأخرين لقولهم
أما إذا اتفق المتأخرون على خطأ قول الأكثر (كما فى المسألة التي ذكرتُها) فالأولى الأخذ بقول المتأخرين لأن الأقرب أن اتفاق المتعقبين على شىء يكون هو الصواب
 

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

فعلاً طريقة الإمام النووي مصحح المذهب الشافعي فى تصحيحه تختلف عن طريقة الإمام المرداوي مصحح المذهب الحنبلي في تصحيحه
فعند الإمام المرداوي قول الأكثر يكون هو المذهب مطلقاً

الإنصاف للإمام المرداوي:
تنبيه : اعلم وفقك الله تعالى وإيانا أن طريقتي في هذا الكتاب : النقل عن الإمام أحمد والأصحاب . أعزو إلى كل كتاب ما نقلت منه . وأضيف إلى كل عالم ما أروي عنه . فإن كان المذهب ظاهرا أو مشهورا ، أو قد اختاره جمهور الأصحاب وجعلوه منصورا . فهذا لا إشكال فيه ، وإن كان بعض الأصحاب يدعي أن المذهب خلافه ......
http://library.islamweb.net/newlibr...6&ID=1&idfrom=1&idto=5977&bookid=26&startno=2

والله أعلم
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

قد يقال الأولى تقييد القول بلزوم الأخذ بقول الأكثر لغير المتأهل بموافقة أحد المتأخرين لقولهم
أما إذا اتفق المتأخرون على خطأ قول الأكثر (كما فى المسألة التي ذكرتُها) فالأولى الأخذ بقول المتأخرين لأن الأقرب أن اتفاق المتعقبين على شىء يكون هو الصواب
لا يوجد مسألة قال بها الأكثر ولم يوجد من وافقهم عليها من المتأخرين ، فهذا شرط غير عملي.
ثم من يرى وجوب الإلتزام بكلام النووي ، يلزمه الأخذ بقول الأكثر اتباعاً للنووي، ولم يشترط له رحمه الله هذا الشرط.
ومن بلغ رتبة الترجيح لا يكتفي بمجرد الإستبعاد بل يطالب بمدرك صحيح .
وإذا كان الإستبعاد دليلاً فمتى حصل الإجتماع على بطلان قول الأكثرين، ومتى لم يدعي أحد الإتفاق على البطلان فلا عدول عن قول الأكثر من أصحاب الوجوه ولو لم نعلم من قال به من المتأخرين.
والله سبحانه أعلم
 

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

لا يوجد مسألة قال بها الأكثر ولم يوجد من وافقهم عليها من المتأخرين ، فهذا شرط غير عملي.

ومن ذلك ما وقع لهما في الإقرار فإنهما نقلا حكما عن الأكثرين ونقلا عن الصيدلاني مقابله ثم قالا والحق والصواب ما قاله الصيدلاني ووافقهما على ذلك جميع المتأخرين فيما أحسب
..
 

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

قد يقال كلام الإمام النووي قد خاطب به أهل زمانه من الشافعية المفتين غير المتأهلين والأزمنة التي لحقت زمانه مباشرةً التي يحتار فيها المفتي غير المتأهل بأي قول يأخذ من الأقوال المختلفة داخل المذهب فالرافعي يصحح قول وإمام الحرمين يصحح غيره والغزالي يصحح آخر والنووي يصحح آخر ......وهكذا
فيجد المفتي غير المتأهل نفسه محتاراً بأي تصحيح يأخذ فكلهم أئمة أجلاء فأرشدهم الإمام النووي إلى هذا الشرط ليخرجوا من حيرتهم لأن أكثر قول الأكثر معتمد (فمن غير المتصور أن النووي يزكي نفسه فيقول قلدوني فى تصحيحاتي بل الذي يزكيه أو يزكي غيره هم محققو المتأخرين) ولم يكن قد تبلورت واستقرت بعد عند محققي المتأخرين قاعدة أن المعتمد للفتوى (ما اتفق عليه الشيخان فالنووي فالرافعي فالأكثر فالأعلم فالأورع) فبعد استقرار هذه القاعدة فإن المفتي الشافعي غير المتأهل يأخذ بهذه القاعدة المستقرة عند المتأخرين

فتكون الخلاصة أن
المفتي غير المتأهل
1- قبل استقرار القاعدة المذكورة يفتي بقول الأكثر فالأعلم فالأورع
2- وبعد استقرارها يفتي بناءً على القاعدة المذكورة


أنا مجرد أعرض ما يخطر ببالي
والله أعلم
 
إنضم
12 أكتوبر 2008
المشاركات
35
التخصص
فقه
المدينة
المنصورة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

جزاكم الله خيرا على هذه المباحثة الممتعة ،

وسأكتب اختصارا جمعته من كلام الشيخ الإمام تقي الدين السبكي لعله يُرضي أخوي : وضاحا وأشرف

1- من كان أهلا للنظر : فهذا لا يتقيد بالرافعي ولا بالنووي ولا حتى بقول معظم الأصحاب ، بل ينظر ويرجح ، ولا ينبغي أن يخالفهم بأدنى بارقة وأول دليل يظهر له حتى يكرر النظر ويطيل التفتيش والفكر ؛ فإن الغالب أن الصواب لا يفوت المعظم والخطأ إلى الأقل أسرع منه إلى الأكثر ، وهذا شأن الأئمة المجتهدين وأصحابنا المتقدمين والمحققين المتأخرين

2- ومن ليس أهلا للنظر : فهذا لا ينبغي له أن يُفتي ، لكن إذا شغر الوقت ولم يوجد من هو أولى به فحينئذ :
أ ــ يعمل في نفسه ويخبر بما عنده من النقل ويأخذ في ذلك بقول المعظم
ب ــ وإذا لم يجد قول المعظم فيأخذ بقول من يقع في قلبه أنه أعلم وأدين ،
ج ــ والأخذ بقول المتأخر ممن هذا وصفه أولى من الأخذ بقول المتقدم لأن المتأخر اطلع على المتقدم فلم يخالفه إلا عن ثبت

3ــ لم يقل الرافعي والنووي : "لا ننص إلا على ما عليه معظم الأصحاب"
بل إذا وجدا قولا لمعظم الأصحاب : فهما لا يخالفانه مع العلم به ، وهذا حال أكثر المسائل
أما المسائل التي لا ترجيح للمعظم فيها والمسائل المولدة : فهما يرحجان كغيرهما الأقوال فيها بأنواع لا تنحصر من الترجيحات لا هي مما عليه المعظم ولا هي مخالفة له !

اهـ ما لخصته من كلام الشيخ الإمام

وأقول :

4- ولما غلب على المتفقهين عدم أهلية النظر في العصور المتأخرة ، وكانت كتب الشيخين مظنة الوقوف على قول المعظم في الغالب =كانت لها هذه المكانة السامية في المذهب ، لكن لا يمنع ذلك من الاستدراك عليهما من محقق أطال النظر فظهر له خلاف ترجيحهما في مسألة ما ، أو ظهر له أن قول المعظم بخلاف قولهما في مسألة ما

ولا يخفاكم أن القواعد المذهبية أغلبية تحفظ ، وفي الذهن لها مستثنيات قليلة

ولا يتم هذا المبحث ولا تعم فائدته إلا بسبر كتب الشيخين وملاحظة تعاملات المحققين معها جيلا بعد جيل ، وهذا مشروع ضخم وددتُ لو تعاون طلبة المذهب فيه ، وأولى لبناته تحقيق كتب نظار المذهب وطباعتها ومن ثم النظر فيها ، وقد ظهرت بواكير لهذا لكنها قليلة ، ولعل قادم الأيام أفضل في هذا الصدد

والله تعالى أعلم
 

أشرف سهيل صيقلي

:: متابع ::
إنضم
20 يونيو 2008
المشاركات
65
الجنس
ذكر
التخصص
فقه
الدولة
مصر
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

بارك الله فيكم ..

إلا أن النووي رحمه الله نفسه نبه في خطبة المجموع على أن الكثرة لا تعنى الصحة ، فقد يتتابع الأئمة على قول ، ويكون مرجعه إلى واحد .. فكيف تجعل الصحة دليلها الكثرة ؟!
ففي الحقيقة هذا الذي زُعم أنه قول المعظم هو قول واحد .

ثانيا: هذا وغيره يحتاج إلى تتبع ، بل إلي تبحر وتحقيق كما نبهتُ أولا ، وقد يحصل فيه خلاف .. فكيف للمقلد - حيث شغر الزمان - أن يعرف المذهب ..

ثالث: ابن حجر نبه على أن الشيخين قد يصححان غير ما عليه المعظم ، لقوته . قال :
(أن ينص) فيما فيه خلافا أي غالبا (على ما صححه) فيه (معظم الأصحاب) ؛ لأن الخطأ إلى القليل أقرب منه إلى الكثير، وهذا حيث لا دليل يعضد ما عليه الأقلون وإلا اتبعوا
ومن ثم وقع لهما أعني الشيخين ترجيح ما عليه الأقل ولو واحدا في مقابلة الأصحاب واعترضهما المتأخرون بما رددته عليهم في خطبة شرح العباب اهـ

رابعا: ماذا يفعل المقلد فيما لم يتعرض له المعظم - على فرض إمكان معرفته بأقوال المعظم ، الذي سيكون إما بتقليد من اطلع على ذلك ، أو بأن يبحث بنفسه ، ثم يتأكد أن المعظم هنا ليس تتابعا على قول - .

مثال:
(و) الأصح (أن الوقف على معين يشترط فيه قبوله) متصلا بالإيجاب إن كان من أهل القبول وإلا فقبول وليه كالهبة والوصية،
وهذا هو الذي قاله الجوري والفوراني وصححه الإمام وأتباعه، وعزاه الرافعي في الشرحين للإمام وآخرين ، وصححه في المحرر ونقله في زيادة الروضة عنه مقتصرا عليه وجرى عليه في الكتاب.

والثاني: لا يشترط واستحقاقه المنفعة كاستحقاق العتيق منفعة نفسه بالإعتاق.
قال السبكي: وهذا ظاهر نصوص الشافعي في غير موضع واختاره الشيخ أبو حامد وسليم والماوردي والمصنف في الروضة في السرقة، ونقله في شرح الوسيط عن الشافعي واختاره ابن الصلاح وجرى عليه شيخنا في منهجه.
قال في المهمات: ويوافقه قول الرافعي لو قال: وقفت عليه زوجته انفسخ النكاح. قال في الوسيط: والذي رأيته في نسخ الرافعي: فلو وقف بحذف لفظة قال وهو الصواب: أي فيكون الوقف قد تم بإيجاب وقبول بخلاف الأول، فإنه ينفسخ بمجرد قول الواقف وقفت عليه زوجته فيكون مفرعا على عدم القبول.

وبالجملة فالأول هو المعتمد
وإلحاق الوقف بالعتق ممنوع؛ لأن العتق لا يرد بالرد ولا يبطل بالشروط المفسدة بخلاف الوقف في ذلك باتفاق القائلين بأنه ينتقل إلى الله تعالى، وعلى هذا يستثنى ما إذا وقف على ابنه الحائز ما يخرج من ثلثه، فإن قضية كلامهم في باب الوصية لزوم الوقف بمجرد اللفظ وبه صرح الإمام اهـ

وقال ابن حجر بعد أن حكى الخلاف :
واعترض بأن الإعتاق لا يرتد بالرد ولا يبطله الشرط الفاسد ويرد بأن التشبيه به في حكم لا يقتضي لحوقه به في غيره اهـ



ماذا يفعل من أراد أن يعرف المعتمد ، من يقلد ويكون قوله في حقه هو المعتمد ؟
لو عُين قاض على المذهب الشافعي - والالتزام به واجب - وشغر الزمان عن مجتهد - في أي مرتبة من مراتب الاجتهاد - بماذا يقضي ؟
 

أشرف سهيل صيقلي

:: متابع ::
إنضم
20 يونيو 2008
المشاركات
65
الجنس
ذكر
التخصص
فقه
الدولة
مصر
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

نبهني أخي الفاضل الشيخ سامح على أمر أحسبني غفلت عن بيانه ، وأحسب الجواب عليه يحرر محل النزاع أكثر ، بل ربما يقطع النزاع ، وأعتذر عن إطالة مضت أدت إلى تشتيت للكلام .

ماذا تقولون أخي الفاضل الشيخ وضاح فيما لو :
رجح الشيخان خلاف ما ذكر الإسنوي مثلا أن عليه الأكثر ..
ثم وجدنا أكثر المحققين من المتأخرين ممن لهم أهلية النظر يؤيدون الشيخين فيما ذهبا إليه ؟

أو فيما لو وجدنا كثيرا من أهل النظر من المتأخرين يذهبون مذهب الإسنوي ، ثم وجدنا كثرة أخرى مثلهم ممن بعدهم يجيبون على الأول ، ويردون كلامهم .. ؟
 
إنضم
12 أكتوبر 2008
المشاركات
35
التخصص
فقه
المدينة
المنصورة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

الخلاصة في هذا الموضوع :

أنه من كان أهلا للنظر : فهذا لا يتقيد بقول المعظم ، بل لا بد أن ينظر ويرجّح
ومن ليس أهلا للنظر : فيأخذ بقول المعظم ، ومتابعة كثرة وافرة من المحققين المتأخرين لقولٍ للرافعي أو النووي ـــ عن نظر لا عن تقليد ـــ يجعله قولا للمعظم ؛لأن هؤلاء المشاهير المتأخرين كشيخ الإسلام زكريا وتلاميذه ونحوهم لا يخلو واحد منهم عن نظر وتحقيق ، وهذا بيّن في تصانيفهم ؛ فهم في ردهم على الأكابر مثل السبكي والإسنوي والأذرعي والبلقيني لا يردون بقاعدة عامة بل ببيان المأخذ والتعليل واختلاف النظر في كل مسألة ، وهذا واضح ومنه المثال الذي ذكره أخي أشرف فالمتأخرون لم يردوا قول السبكي لمجرد مخالفته لقول النووي ، بل لمأخذ نصوا عليه وهو أن إلحاق الوقف بالعتق ممنوع ؛ لأن العتق لا يرد بالرد ولا يبطل بالشروط المفسدة بخلاف الوقف

إذن فالجميع محققون وينظرون في المآخذ والعلل ، فتوافرهم على قول قال به النووي أو الرافعي يكون عن نظر لا عن تقليد ؛ فيصير قولا للمعظم ؛ فلا بد لمن لم يبلغ أهلية النظر أن يأخذ بهذا القول ، أما من بلغ أهلية النظر فهو لا يتقيد بأحد

والله تعالى أعلم
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

- من كان أهلا للنظر : فهذا لا يتقيد بالرافعي ولا بالنووي ولا حتى بقول معظم الأصحاب ، بل ينظر ويرجح ، ولا ينبغي أن يخالفهم بأدنى بارقة وأول دليل يظهر له حتى يكرر النظر ويطيل التفتيش والفكر ؛ فإن الغالب أن الصواب لا يفوت المعظم والخطأ إلى الأقل أسرع منه إلى الأكثر ، وهذا شأن الأئمة المجتهدين وأصحابنا المتقدمين والمحققين المتأخرين

2- ومن ليس أهلا للنظر : فهذا لا ينبغي له أن يُفتي ، لكن إذا شغر الوقت ولم يوجد من هو أولى به فحينئذ :
أ ــ يعمل في نفسه ويخبر بما عنده من النقل ويأخذ في ذلك بقول المعظم
ب ــ وإذا لم يجد قول المعظم فيأخذ بقول من يقع في قلبه أنه أعلم وأدين ،
ج ــ والأخذ بقول المتأخر ممن هذا وصفه أولى من الأخذ بقول المتقدم لأن المتأخر اطلع على المتقدم فلم يخالفه إلا عن ثبت

3ــ لم يقل الرافعي والنووي : "لا ننص إلا على ما عليه معظم الأصحاب"
هذا الكلام حسن في الجملة موجود بتفصيل في نفس الموضوع كما تراه.
لكن بقي التنبيه على أن كلامي فيمن يفتي لا في العامل لنفسه ، فمن لم يحسن النظر ، ولا يعرف كيف يقع على قول المعظم ، فهذا لا يفتي أصلاً ، ولا يلجأ إلى البحث عمن هو أعلم وأورع في نفسه كما ذكرتم بارك الله فيكم.
أما مع الفرض المذكور وهو خلو الزمان أو شغور الوقت فهو ممنوع ، فإن خلو الزمان عن كل أصناف المجتهدين فلا مجتهد مطلق مستقل ولا مجتهد مقيد ، ويضاف إليه خلو الزمان عمن يحسن النظر في الكتاب والتعرف على قول الأكثر بعيد كل البعد إن لم يكن محالاً في نفسه.
ولكن لو قلتم خلو المكان بدل الوقت والزمان كان أقرب ، فإنك ربما تأتي على قرى لا ترى فيها من يحسن القراءة والكتابة إلا أفراداً لا يحسنون من الفقه شيئاً أو لا يحسنون إلا يسيراً.
فحينئذٍ لا يكون هناك مفتٍ أصلاً ، وفي هذه الحالة إن كان هناك بلد قريب فيه مفتٍ تكاملت فيه شروط الفتوى .. فليس لهم النزول درجة إلى من لا يحسنه أصلاً ويستفتوه ، فإن فعلوا فعلى من وقعت عليه الفتوى أن يمتنع ويرشدهم إلى ما ذكرناه .
وإن لم يكن هناك مفتٍ في البلد ولا في بلد قريب ولا في بعيد يسهل الوصول إليه ، فقد قيل يهاجروا من هذه البلد كما ذكره ابن الصلاح عن جماعة من أئمتنا.
وهذا الذي إذا فتح الكتب لم يتميز له قول الأقل من المعظم ، إن كان يثق بالنقل وفهمه للمنقول فليس بمفتٍ بل هو حاكي ، وليس عليه ضير بأن يحكي قول الشافعي أو قول أحمد أو قول مالك أو قول أبي حنيفة أو أي إمام مجتهد ما دام واثقاً بالنقل.

وعلى كل حال اليوم مع توفر أجهزة التواصل بأشكالها ، لا يتصور هذا فلا حاجة إلى الرجوع إلى ذاك الجاهل واستفتائه ، بل يرتفع السائل درجة ويسأل من توفرت فيه شروط الفتوى.
والله سبحانه أعلم
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

ومتابعة كثرة وافرة من المحققين المتأخرين لقولٍ للرافعي أو النووي ـــ عن نظر لا عن تقليد ـــ يجعله قولا للمعظم
كلا فإن المذهب إما نقل عن الإمام أو تخريج على أقواله ، والمتأهلين للتخريج هم أصحاب الوجوه ، أما المتأخرين فلا تعد أقوالهم وجوهاً في المذهب ، بل آراء تنسب إلى أصحابها خاصة.
فلو تعارض قول بعض المخرجين وقول عامة المتأخرين وليس له نقل يعتمد ، فهو خلاف بين المذهب ـ متمثلاً بقول المخرجين ـ وبين قول ليس من المذهب ـ وهو رأي بعض المتأخرين ـ.
فإذا نقل الناقل عن مذهب الشافعي فإنه إما أن ينقل قولاً ، أو ينقل وجهاً ، وقول المتأخر ليس أحدهما وليس له تصنيف يندرج تحته سوى كونه رأي لصاحبه.
وهذا لا خلاف فيه ، لذا لا تراهم يعترضون قط باجتماع أكثر المتأخرين ، وإن استأنسوا به.
والمفتي إن عرف قول أصحاب الوجوه ، فليس له أن يخالفه إلى قول المتأخرين الغير مبني على نقل سواءً قل قائلوه أو كثروا.
والله أعلم
 
التعديل الأخير:
إنضم
12 أكتوبر 2008
المشاركات
35
التخصص
فقه
المدينة
المنصورة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

قصر أصحاب الوجوه على مرحلة بعينها غير صحيح ،
نعم هم كثيرون في مراحل ما قبل الشيخين وقليلون فيما بعد فهذا الحكم أغلبي لا كلي
ولم تعهد نسبة الوجوه للمتأخرين لموافقة نظر الناظر منهم نظرَ أحد ممن سبق من القدامى ؛ فالنسبة للقديم جرى العمل عليها
والمحز في عد الفقيه صاحب وجه هو الإحاطة بالمذهب أصولا وفروعا والتشرب بقواعده والقدرة على التخريج عليها وذلك إما في مسألة سابقة أو في مسألة مستحدثة لم تبحث من قبل
أما في مسألة سابقة فلكونهم ألزموا من تأهل للنظر بأن ينظر ويختار ولا يتقيد حتى بالمعظم ، ومع نظره المستقل ستجده لن يخرج عن مجموع أقوال القدامى في المذهب لأن جميع الاحتمالات قيل بها من قبل ، وهذا لا يعيبه ، بل من موافقة النظر النظر
وأما في مسألة مستحدثة مثلا في زمن السبكي والإسنوي واختلفا فيها ولكلٍ تخريجه المعتد به على أصول المذهب ؛ فهذه صارت ذات وجهين

وابن الرفعة لمّا لم يعد الغزالي من أصحاب الوجوه خطّأه التاج السبكي وقال : "الغزالي من أصحاب الوجوه ، بل ابن الرفعة نفسه من أصحاب الوجوه"
وذكر ابن حجر أن قدر ثلث تخريجات المذهب عند المتأخرين من تفقهات ابن الرفعة
ولا يقصر السبكي والإسنوي والبلقيني والشيخ زكريا وتلاميذه عن هذه المرتبة
وعلي هذا ؛ فمتابعة كثرة وافرة من المحققين المتأخرين لقولٍ للرافعي أو النووي ـــ عن نظر لا عن تقليد ـــ يجعله قولا للمعظم
وتظل القاعدة صحيحة

وفقكم الله تعالى


 

د. محمد بن عمر الكاف

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
20 مايو 2009
المشاركات
326
التخصص
فقه
المدينة
المدينة المنورة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

بوركتم.. نقاش ماتع ومهم جدا.. حبذا لو لخصه أحدكم.. وأين نقطة الخلاف .. وما الذي يترتب عليها ..
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مخالفات المحققين للشيخين والمعتمد فيها

قصر أصحاب الوجوه على مرحلة بعينها غير صحيح
هذا لا معنى له ، فإن التصحيح إن كان اجتهاداً فالمذهب نقل ، أو نقلاً فبينه.
ووجود من بلغ رتبة المتقدمين ـ وإن كنا لا نسلمه في بعض من ذكر ـ لا يجعلهم من أصحاب الوجوه ، فإنه قد قيل في الجويني والغزالي أنهما قد حصلا آلة الاجتهاد ، ومع ذلك لم يجعلوا أقوالهم وجوهاً في المذهب، إلا شواذ.
ودع الكلام في هذا باعتماد النظر في المدارك وائتنا بالنقل ننظر فيه.
أما عكسه ، فقد نص ابن الصلاح على أن أصحاب الترجيح ـ وهم بحسب ترتيبه درجة نازلة ومتأخرة عن أصحاب الوجوه ـ داموا إلى أواخر القرن الخامس ، فكيف بأصحاب الوجوه.
وكذا نُقِلَ عن ابن أبي الدم قوله : "وبموت القفال وبموت أصحاب أبي حامد انقطع الاجتهاد وتخريج الوجوه في مذهب الشافعي وإنما هم نقلة وحفظة"
ولذا قد تكرر الإعتراض على الشيخين وغيرهما بمجرد النقل عن أصحاب الوجوه ، ولو كانوا من أصحاب الوجوه لم يصح الاعتراض ، إذ غايته أنه معارضة وجه بوجه ، ولا يصح ترجيح أحدهما بمجرد التأخر والتقدم.
وعلى كل حال لا حاجة بي للإطالة في هذا، هذا مما لا خالف فيه ، وقد نص ابن حجر وغيره على انقطاع رتبة الاجتهاد والتخريج في المائة الرابعة.
ولكن أمر واحد ، وهو نفس التخريج فيما ليس فيه نقل عن أحد من المتقدمين ، فهذا فيه نظر من وجهين: الأول : عدم تسليم وجود مسألة ليس فيها للأصحاب كلام ، ولو من جهة اندراجها في عموم تكلموا فيه. وهذا كلام ابن الصلاح رحمه الله حيث قال : "إذ يبعد ـ كما ذكر الإمام أبو المعالي ابن الجويني : أن تقع واقعة لم ينص على حكمها في المذهب ، ولا هي في معنى شيءٍ من المنصوص عليه فيه من غير فرق ، ولا هي مندرجة تحت شيء من ضوابط المذهب المحررة فيه..." انتهى المقصود (أدب المفتي والمستفتي) ص 100.
والوجه الثاني : في حال وجود واقعة ليست منصوصة ولا هي في حكم المنصوص ولا تكلم فيها ولا في نظيرها أصحاب الوجوه ، فإن للمتأخر أن يجتهد فيها بالتخريج ، لكن تخريجه ليس وجهاً.
وعلى كل حال هذه كتب المتأخرين طبقت الآفاق ، فهل رأيتَ أحداً منهم يجعل تخريجات ابن الرفعة على كثرتها جداً وجهاً من الوجوه؟
وهكذا يذكر البلقيني مسائل عدة ينص على أنه تكلم فيها بالتخريج ، فهل رأيتَ من يسمي تخريجاته وجوهاً؟
بل إن مقتضى تقسيم أطوار المذهب الشافعي إلى مرحة تخريج ثم ترجيح وتصحيح ثم تنقيح واستقرار ، قاضٍ بانقضاء الأول ، وإلا لم يكن المذهب مستقراً بعد.
هذا وكما قلنا أولاً : لا حاجة إلى الإطالة فيه، إذ لم نرَ قبل يومنا هذا من يدعيه.

والله أعلم
 
التعديل الأخير:
أعلى