العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي والحافظ السخاوي والحافظ ابن كثير يجيزون الاحتفال بالمولد النبوي إذا كان خالياً من المحرمات والمكروهات وخلاف الأولى

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
الحاوي للفتاوي للحافظ السيوطي:

حسن المقصد في عمل المولد

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى ، وبعد ، فقد وقع السؤال عن عمل المولد النبوي في شهر ربيع الأول ، ما حكمه من حيث الشرع ؟ وهل هو محمود أو مذموم ؟ وهل يثاب فاعله أو لا ؟

الجواب : عندي أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي صلى الله عليه وسلم وما وقع في مولده من الآيات ، ثم [ ص: 222 ] يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك - هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف ، وأول من أحدث فعل ذلك صاحب إربل الملك المظفر أبو سعيد كوكبري بن زين الدين علي بن بكتكين ، أحد الملوك الأمجاد والكبراء الأجواد ، وكان له آثار حسنة ، وهو الذي عمر الجامع المظفري بسفح قاسيون ، قال ابن كثير في تاريخه : كان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالا هائلا ، وكان شهما شجاعا بطلا عاقلا عالما عادلا ، رحمه الله وأكرم مثواه ، قال : وقد صنف له الشيخ أبو الخطاب ابن دحية مجلدا في المولد النبوي سماه ( التنوير في مولد البشير النذير ) ، فأجازه على ذلك بألف دينار ، وقد طالت مدته في الملك إلى أن مات وهو محاصر للفرنج بمدينة عكا سنة ثلاثين وستمائة ، محمود السيرة والسريرة .

وقال سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان : حكى بعض من حضر سماط المظفر في بعض الموالد أنه عد في ذلك السماط خمسة آلاف رأس غنم شوي وعشرة آلاف دجاجة ومائة فرس ومائة ألف زبدية وثلاثين ألف صحن حلوى ، قال : وكان ينحصر عنده في المولد أعيان العلماء والصوفية ، فيخلع عليهم ويطلق لهم ، ويعمل للصوفية سماعا من الظهر إلى الفجر ، ويرقص بنفسه معهم ، وكان يصرف على المولد في كل سنة ثلاثمائة ألف دينار ، وكانت له دار ضيافة للوافدين من أي جهة على أي صفة ، فكان يصرف على هذه الدار في كل سنة مائة ألف دينار ، وكان يستفك من الفرنج في كل سنة أسارى بمائتي ألف دينار ، وكان يصرف على الحرمين والمياه بدرب الحجاز في كل سنة ثلاثين ألف دينار ، هذا كله سوى صدقات السر ، وحكت زوجته ربيعة خاتون بنت أيوب أخت الملك الناصر صلاح الدين أن قميصه كان من كرباس غليظ لا يساوي خمسة دراهم ، قالت : فعاتبته في ذلك ، فقال : لبسي ثوبا بخمسة وأتصدق بالباقي خير من أن ألبس ثوبا مثمنا وأدع الفقير والمسكين .

وقال ابن خلكان في ترجمة الحافظ أبي الخطاب بن دحية : كان من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء ، قدم من المغرب ، فدخل الشام والعراق واجتاز بإربل سنة أربع وستمائة ، فوجد ملكها المعظم مظفر الدين بن زين الدين يعتني بالمولد النبوي ، فعمل له كتاب التنوير في مولد البشير النذير ، وقرأه عليه بنفسه ، فأجازه بألف دينار ، قال : وقد سمعناه على السلطان في ستة مجالس في سنة خمس وعشرين وستمائة . انتهى .

[ ص: 223 ] وقد ادعى الشيخ تاج الدين عمر بن علي اللخمي السكندري المشهور بالفاكهاني من متأخري المالكية أن عمل المولد بدعة مذمومة ، وألف في ذلك كتابا سماه : ( المورد في الكلام على عمل المولد ) ، وأنا أسوقه هنا برمته وأتكلم عليه حرفا حرفا .

قال رحمه الله : الحمد لله الذي هدانا لاتباع سيد المرسلين ، وأيدنا بالهداية إلى دعائم الدين ويسر لنا اقتفاء أثر السلف الصالحين ، حتى امتلأت قلوبنا بأنوار علم الشرع وقواطع الحق المبين ، وطهر سرائرنا من حدث الحوادث والابتداع في الدين ، أحمده على ما من به من أنوار اليقين ، وأشكره على ما أسداه من التمسك بالحبل المتين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله سيد الأولين والآخرين ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين صلاة دائمة إلى يوم الدين .

أما بعد ، فإنه تكرر سؤال جماعة من المباركين عن الاجتماع الذي يعمله بعض الناس في شهر ربيع الأول ، ويسمونه المولد ، هل له أصل في الشرع أو هو بدعة وحدث في الدين ؟ وقصدوا الجواب عن ذلك مبينا والإيضاح عنه معينا ، فقلت وبالله التوفيق : لا أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنة ، ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة الذين هم القدوة في الدين المتمسكون بآثار المتقدمين ، بل هو بدعة أحدثها البطالون وشهوة نفس اعتنى بها الأكالون ، بدليل أنا إذا أدرنا عليه الأحكام الخمسة قلنا : إما أن يكون واجبا أو مندوبا أو مباحا أو مكروها أو محرما ، وليس بواجب إجماعا ولا مندوبا ؛ لأن حقيقة المندوب ما طلبه الشرع من غير ذم على تركه ، وهذا لم يأذن فيه الشرع ولا فعله الصحابة ولا التابعون المتدينون فيما علمت ، وهذا جوابي عنه بين يدي الله تعالى إن عنه سئلت ، ولا جائز أن يكون مباحا ؛ لأن الابتداع في الدين ليس مباحا بإجماع المسلمين ، فلم يبق إلا أن يكون مكروها أو حراما ، وحينئذ يكون الكلام فيه في فصلين ، والتفرقة بين حالين :

أحدهما : أن يعمله رجل من عين ماله لأهله وأصحابه وعياله ، لا يجاوزون في ذلك الاجتماع على أكل الطعام ولا يقترفون شيئا من الآثام ، وهذا الذي وصفناه بأنه بدعة مكروهة وشناعة ؛ إذ لم يفعله أحد من متقدمي أهل الطاعة الذين هم فقهاء الإسلام وعلماء الأنام سرج الأزمنة وزين الأمكنة .

[ ص: 224 ] والثاني : أن تدخله الجناية وتقوى به العناية حتى يعطى أحدهم الشيء ونفسه تتبعه وقلبه يؤلمه ويوجعه لما يجد من ألم الحيف ، وقد قال العلماء : أخذ المال بالحياء كأخذه بالسيف لا سيما إن انضاف إلى ذلك شيء من الغناء - مع البطون الملأى - بآلات الباطل من الدفوف والشبابات واجتماع الرجال مع الشباب المرد والنساء الفاتنات ، إما مختلطات بهن أو مشرفات ، والرقص بالتثني والانعطاف والاستغراق في اللهو ونسيان يوم المخاف ، وكذلك النساء إذا اجتمعن على انفرادهن رافعات أصواتهن بالتهنيك والتطريب في الإنشاد ، والخروج في التلاوة والذكر المشروع والأمر المعتاد غافلات عن قوله تعالى : ( إن ربك لبالمرصاد ) وهذا الذي لا يختلف في تحريمه اثنان ، ولا يستحسنه ذوو المروءة الفتيان ، وإنما يحلو ذلك لنفوس موتى القلوب وغير المستقلين من الآثام والذنوب ، وأزيدك أنهم يرونه من العبادات لا من الأمور المنكرات المحرمات ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ ، ولله در شيخنا القشيري حيث يقول فيما أجازناه :
قد عرف المنكر واستنكر المعروف في أيامنا الصعبه وصار أهل العلم في وهدة
وصار أهل الجهل في ريبه حادوا عن الحق ، فما للذي
ساروا به فيما مضى نسبه فقلت للأبرار أهل التقى
والدين لما اشتدت الكربه لا تنكروا أحوالكم قد أتت
نوبتكم في زمن الغربه
ولقد أحسن الإمام أبو عمرو بن العلاء حيث يقول : لا يزال الناس بخير ما تعجب من العجب ، هذا مع أن الشهر الذي ولد فيه صلى الله عليه وسلم وهو ربيع الأول هو بعينه الشهر الذي توفي فيه ، فليس الفرح فيه بأولى من الحزن فيه . وهذا ما علينا أن نقول ، ومن الله تعالى نرجو حسن القبول .

هذا جميع ما أورده الفاكهاني في كتابه المذكور ، وأقول : أما قوله : لا أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنة ، فيقال عليه : نفي العلم لا يلزم منه نفي الوجود ، وقد استخرج ‌ [ ص: 225 ] له إمام الحفاظ أبو الفضل ابن حجر أصلا من السنة ، واستخرجت له أنا أصلا ثانيا ، وسيأتي ذكرها بعد هذا ، وقوله : بل هو بدعة أحدثها البطالون ، إلى قوله : ولا العلماء المتدينون ، يقال عليه : قد تقدم أنه أحدثه ملك عادل عالم وقصد به التقرب إلى الله تعالى ، وحضر عنده فيه العلماء والصلحاء من غير نكير منهم ، وارتضاه ابن دحية وصنف له من أجله كتابا ، فهؤلاء علماء متدينون رضوه وأقروه ولم ينكروه ، وقوله : ولا مندوبا ؛ لأن حقيقة المندوب ما طلبه الشرع ، يقال عليه : إن الطلب في المندوب تارة يكون بالنص وتارة يكون بالقياس ، وهذا وإن لم يرد فيه نص ، ففيه القياس على الأصلين الآتي ذكرهما ، وقوله : ولا جائز أن يكون مباحا ؛ لأن الابتداع في الدين ليس مباحا بإجماع المسلمين ، كلام غير مسلم ؛ لأن البدعة لم تنحصر في الحرام والمكروه ، بل قد تكون أيضا مباحة ومندوبة وواجبة ، قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات : البدعة في الشرع هي إحداث ما لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي منقسمة إلى حسنة وقبيحة ، وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في القواعد : البدعة منقسمة إلى واجبة ومحرمة ومندوبة ومكروهة ومباحة ، قال : والطريق في ذلك أن نعرض البدعة على قواعد الشريعة ، فإذا دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة ، أو في قواعد التحريم فهي محرمة ، أو الندب فمندوبة ، أو المكروه فمكروهة ، أو المباح فمباحة ، وذكر لكل قسم من هذه الخمسة أمثلة إلى أن قال : وللبدع المندوبة أمثلة : منها إحداث الربط والمدارس وكل إحسان لم يعهد في العصر الأول ، ومنها التراويح والكلام في دقائق التصوف وفي الجدل ، ومنها جمع المحافل للاستدلال في المسائل إن قصد بذلك وجه الله تعالى ، وروى البيهقي بإسناده في مناقب الشافعي عن الشافعي قال : المحدثات من الأمور ضربان ، أحدهما : ما أحدث مما يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا ، فهذه البدعة الضلالة ، والثاني : ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا ، وهذه محدثة غير مذمومة ، وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام شهر رمضان : "نعمت البدعة هذه " ، يعني أنها محدثة لم تكن ، وإذ كانت فليس فيها رد لما مضى . هذا آخر كلام الشافعي ، فعرف بذلك منع قول الشيخ تاج الدين : ولا جائز أن تكون مباحا ، إلى قوله : وهذا الذي وصفناه بأنه بدعة مكروهة ، إلى آخره ؛ لأن هذا القسم مما أحدث وليس فيه مخالفة لكتاب ولا سنة ولا أثر ولا إجماع ، فهي غير مذمومة كما في عبارة الشافعي ، وهو من الإحسان الذي لم يعهد في العصر الأول ، فإن إطعام الطعام الخالي عن اقتراف الآثام إحسان ، فهو من البدع المندوبة كما في [ ص: 226 ] عبارة ابن عبد السلام ، وقوله : والثاني ، إلى آخره هو كلام صحيح في نفسه غير أن التحريم فيه إنما جاء من قبل هذه الأشياء المحرمة التي ضمت إليه لا من حيث الاجتماع لإظهار شعار المولد ، بل لو وقع مثل هذه الأمور في الاجتماع لصلاة الجمعة مثلا لكانت قبيحة شنيعة ، ولا يلزم من ذلك ذم أصل الاجتماع لصلاة الجمعة ، كما هو واضح ، وقد رأينا بعض هذه الأمور يقع في ليالي رمضان عند اجتماع الناس لصلاة التراويح ، فهل يتصور ذم الاجتماع لصلاة التراويح لأجل هذه الأمور التي قرنت بها ؟ كلا بل نقول : أصل الاجتماع لصلاة التراويح سنة وقربة ، وما ضم إليها من هذه الأمور قبيح وشنيع ، وكذلك نقول : أصل الاجتماع لإظهار شعار المولد مندوب وقربة ، وما ضم إليه من هذه الأمور مذموم وممنوع ، وقوله : مع أن الشهر الذي ولد فيه ، إلى آخره . جوابه أن يقال أولا : إن ولادته صلى الله عليه وسلم أعظم النعم علينا ، ووفاته أعظم المصائب لنا ، والشريعة حثت على إظهار شكر النعم والصبر والسكون والكتم عند المصائب ، وقد أمر الشرع بالعقيقة عند الولادة ، وهي إظهار شكر وفرح بالمولود ، ولم يأمر عند الموت بذبح ولا بغيره بل نهى عن النياحة وإظهار الجزع ، فدلت قواعد الشريعة على أنه يحسن في هذا الشهر إظهار الفرح بولادته صلى الله عليه وسلم دون إظهار الحزن فيه بوفاته ، وقد قال ابن رجب في كتاب اللطائف في ذم الرافضة حيث اتخذوا يوم عاشوراء مأتما لأجل قتل الحسين : لم يأمر الله ولا رسوله باتخاذ أيام مصائب الأنبياء وموتهم مأتما ، فكيف ممن هو دونهم ؟!

وقد تكلم الإمام أبو عبد الله بن الحاج في كتابه المدخل على عمل المولد ، فأتقن الكلام فيه جدا ، وحاصله مدح ما كان فيه من إظهار شعار وشكر ، وذم ما احتوى عليه من محرمات ومنكرات ، وأنا أسوق كلامه فصلا فصلا ، قال :

( فصل في المولد ) ومن جملة ما أحدثوه من البدع مع اعتقادهم أن ذلك من أكبر العبادات وإظهار الشعائر ما يفعلونه في شهر ربيع الأول من المولد ، وقد احتوى ذلك على بدع ومحرمات جمة ؛ فمن ذلك : استعمالهم المغاني ومعهم آلات الطرب من الطار المصرصر والشبابة وغير ذلك مما جعلوه آلة للسماع ومضوا في ذلك على العوائد الذميمة في كونهم يشتغلون أكثر الأزمنة التي فضلها الله تعالى وعظمها ببدع ومحرمات ، ولا شك أن السماع في غير هذه الليلة فيه ما فيه ، فكيف به إذا انضم إلى فضيلة هذا الشهر العظيم [ ص: 227 ] الذي فضله الله تعالى وفضلنا فيه بهذا النبي الكريم ؟ فآلة الطرب والسماع أي نسبة بينها وبين هذا الشهر الكريم الذي من الله علينا فيه بسيد الأولين والآخرين ، وكان يجب أن يزاد فيه من العبادة والخير شكرا للمولى على ما أولانا به من هذه النعم العظيمة ، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يزد فيه على غيره من الشهور شيئا من العبادات ، وما ذاك إلا لرحمته صلى الله عليه وسلم لأمته ورفقه بهم ؛ لأنه عليه الصلاة والسلام كان يترك العمل خشية أن يفرض على أمته رحمة منه بهم ، لكن أشار عليه السلام إلى فضيلة هذا الشهر العظيم بقوله للسائل الذي سأله عن صوم يوم الاثنين : " ذاك يوم ولدت فيه " فتشريف هذا اليوم متضمن لتشريف هذا الشهر الذي ولد فيه ، فينبغي أن نحترمه حق الاحترام ونفضله بما فضل الله به الأشهر الفاضلة وهذا منها ؛ لقوله عليه السلام : " أنا سيد ولد آدم ولا فخر " " آدم فمن دونه تحت لوائي " وفضيلة الأزمنة والأمكنة بما خصها الله به من العبادات التي تفعل فيها لما قد علم أن الأمكنة والأزمنة لا تشرف لذاتها ، وإنما يحصل لها التشريف بما خصت به من المعاني ، فانظر إلى ما خص الله به هذا الشهر الشريف ويوم الاثنين ، ألا ترى أن صوم هذا اليوم فيه فضل عظيم ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم ولد فيه ، فعلى هذا ينبغي إذا دخل هذا الشهر الكريم أن يكرم ويعظم ويحترم الاحترام اللائق به اتباعا له صلى الله عليه وسلم في كونه كان يخص الأوقات الفاضلة بزيادة فعل البر فيها وكثرة الخيرات ، ألا ترى إلى قول ابن عباس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان ، فنمتثل تعظيم الأوقات الفاضلة بما امتثله على قدر استطاعتنا .

فإن قال قائل : قد التزم عليه الصلاة والسلام في الأوقات الفاضلة ما التزمه مما قد علم ولم يلتزم في هذا الشهر ما التزمه في غيره . فالجواب أن ذلك لما علم من عادته الكريمة أنه يريد التخفيف عن أمته سيما فيما كان يخصه ، ألا ترى إلى أنه عليه السلام حرم المدينة مثل ما حرم إبراهيم مكة ، ومع ذلك لم يشرع في قتل صيده ولا شجره الجزاء تخفيفا على أمته ورحمة بهم ، فكان ينظر إلى ما هو من جهته وإن كان فاضلا في نفسه فيتركه للتخفيف عنهم ، فعلى هذا تعظيم هذا الشهر الشريف إنما يكون بزيادة الأعمال الزاكيات فيه والصدقات إلى غير ذلك من القربات ، فمن عجز عن ذلك ، فأقل أحواله أن يجتنب ما يحرم عليه ويكره له ؛ تعظيما لهذا الشهر الشريف ، وإن كان ذلك مطلوبا في غيره إلا أنه في هذا الشهر أكثر احتراما كما يتأكد في شهر رمضان وفي الأشهر الحرم ، فيترك الحدث في [ ص: 228 ] الدين ويجتنب مواضع البدع وما لا ينبغي ، وقد ارتكب بعضهم في هذا الزمن ضد هذا المعنى ، وهو أنه إذا دخل هذا الشهر العظيم تسارعوا فيه إلى اللهو واللعب بالدف والشبابة وغيرهما ويا ليتهم عملوا المغاني ليس إلا ، بل يزعم بعضهم أنه يتأدب ، فيبدأ المولد بقراءة الكتاب العزيز ، وينظرون إلى من هو أكثر معرفة بالتهوك والطرق المبهجة لطرب النفوس ، وهذا فيه وجوه من المفاسد ، ثم إنهم لم يقتصروا على ما ذكر ، بل ضم بعضهم إلى ذلك الأمر ، الخطر ، وهو أن يكون المغني شابا لطيف الصورة حسن الصوت والكسوة والهيئة ، فينشد التغزل ويتكسر في صوته وحركاته ، فيفتن بعض من معه من الرجال والنساء ، فتقع الفتنة في الفريقين ويثور من المفاسد ما لا يحصى ، وقد يؤول ذلك في الغالب إلى فساد حال الزوج وحال الزوجة ، ويحصل الفراق والنكد العاجل وتشتت أمرهم بعد جمعهم ، وهذه المفاسد مركبة على فعل المولد إذا عمل بالسماع ، فإن خلا منه وعمل طعاما فقط ونوى به المولد ودعا إليه الإخوان ، وسلم من كل ما تقدم ذكره ، فهو بدعة بنفس نيته فقط ؛ لأن ذلك زيادة في الدين وليس من عمل السلف الماضين ، واتباع السلف أولى ، ولم ينقل عن أحد منهم أنه نوى المولد ، ونحن تبع فيسعنا ما وسعهم . انتهى .

وحاصل ما ذكره أنه لم يذم المولد بل ذم ما يحتوي عليه من المحرمات والمنكرات ، وأول كلامه صريح في أنه ينبغي أن يخص هذا الشهر بزيادة فعل البر وكثرة الخيرات والصدقات وغير ذلك من وجوه القربات ، وهذا هو عمل المولد الذي استحسناه ، فإنه ليس فيه شيء سوى قراءة القرآن وإطعام الطعام ، وذلك خير وبر وقربة ، وأما قوله آخرا : إنه بدعة ، فإما أن يكون مناقضا لما تقدم أو يحمل على أنه بدعة حسنة كما تقدم تقريره في صدر الكتاب أو يحمل على أن فعل ذلك خير ، والبدعة منه نية المولد كما أشار إليه بقوله : فهو بدعة بنفس نيته فقط ، وبقوله : ولم ينقل عن أحد منهم أنه نوى المولد ، فظاهر هذا الكلام أنه كره أن ينوي به المولد فقط ، ولم يكره عمل الطعام ودعاء الإخوان إليه ، وهذا إذا حقق النظر لا يجتمع مع أول كلامه ؛ لأنه حث فيه على زيادة فعل البر وما ذكر معه على وجه الشكر لله تعالى ؛ إذ أوجد في هذا الشهر الشريف سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ، وهذا هو معنى نية المولد ، فكيف يذم هذا القدر مع الحث عليه أولا ؟ وأما مجرد فعل البر وما ذكر معه من غير نية أصلا ، فإنه لا يكاد يتصور ، ولو تصور لم يكن عبادة ولا ثواب فيه ؛ إذ لا عمل إلا بنية ، ولا نية هنا إلا [ ص: 229 ] الشكر لله تعالى على ولادة هذا النبي الكريم في هذا الشهر الشريف ، وهذا معنى نية المولد ، فهي نية مستحسنة بلا شك ، فتأمل .

ثم قال ابن الحاج : ومنهم من يفعل المولد لا لمجرد التعظيم ، ولكن له فضة عند الناس متفرقة كان قد أعطاها في بعض الأفراح أو المواسم ويريد أن يستردها ، ويستحي أن يطلبها بذاته ، فيعمل المولد حتى يكون ذلك سببا لأخذ ما اجتمع له عند الناس ، هذا فيه وجوه من المفاسد ، منها : أنه يتصف بصفة النفاق ، وهو أن يظهر خلاف ما يبطن ؛ إذ ظاهر حاله أنه عمل المولد يبتغي به الدار الآخرة ، وباطنه أنه يجمع به فضة ، ومنهم من يعمل المولد لأجل جمع الدراهم أو طلب ثناء الناس عليه ومساعدتهم له ، وهذا أيضا فيه من المفاسد ما لا يخفى . انتهى . وهذا أيضا من نمط ما تقدم ذكره ، وهو أن الذم فيه إنما حصل من عدم النية الصالحة لا من أصل عمل المولد .

وقد سئل شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل ابن حجر عن عمل المولد ، فأجاب بما نصه : أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة ، ولكنها مع ذلك قد اشتملت على محاسن وضدها ، فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كان بدعة حسنة وإلا فلا ، قال : وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء ، فسألهم فقالوا : هو يوم أغرق الله فيه فرعون ونجى موسى فنحن نصومه شكرا لله تعالى ، فيستفاد منه فعل الشكر لله على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نقمة ، ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة ، والشكر لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة ، وأي نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم ؟ وعلى هذا فينبغي أن يتحرى اليوم بعينه حتى يطابق قصة موسى في يوم عاشوراء ، ومن لم يلاحظ ذلك لا يبالي بعمل المولد في أي يوم من الشهر ، بل توسع قوم فنقلوه إلى يوم من السنة ، وفيه ما فيه . فهذا ما يتعلق بأصل عمله .

وأما ما يعمل فيه فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم ذكره من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخرة ، وأما ما يتبع ذلك من السماع واللهو وغير ذلك فينبغي أن يقال : ما كان من ذلك مباحا بحيث يقتضي السرور بذلك اليوم لا بأس بإلحاقه به ، وما كان حراما أو مكروها فيمنع ، وكذا ما كان خلاف الأولى. انتهى .

[ ص: 230 ] قلت : وقد ظهر لي تخريجه على أصل آخر ، وهو ما أخرجه البيهقي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد النبوة مع أنه قد ورد أن جده عبد المطلب عق عنه في سابع ولادته ، والعقيقة لا تعاد مرة ثانية ، فيحمل ذلك على أن الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم إظهار للشكر على إيجاد الله إياه رحمة للعالمين وتشريع لأمته كما كان يصلي على نفسه لذلك ، فيستحب لنا أيضا إظهار الشكر بمولده بالاجتماع وإطعام الطعام ونحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرات ، ثم رأيت إمام القراء الحافظ شمس الدين ابن الجزري قال في كتابه المسمى "عرف التعريف بالمولد الشريف" ما نصه : قد رؤي أبو لهب بعد موته في النوم ، فقيل له : ما حالك ، فقال : في النار ، إلا أنه يخفف عني كل ليلة اثنين وأمص من بين أصبعي ماء بقدر هذا - وأشار لرأس أصبعه - وأن ذلك بإعتاقي لثويبة عندما بشرتني بولادة النبي صلى الله عليه وسلم وبإرضاعها له . فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار بفرحه ليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم به ، فما حال المسلم الموحد من أمة النبي صلى الله عليه وسلم يسر بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته صلى الله عليه وسلم ؛ لعمري إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنات النعيم . وقال الحافظ شمس الدين ابن ناصر الدين الدمشقي في كتابه المسمى "مورد الصادي في مولد الهادي" : قد صح أن أبا لهب يخفف عنه عذاب النار في مثل يوم الاثنين لإعتاقه ثويبة سرورا بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم أنشد :
إذا كان هذا كافرا جاء ذمه وتبت يداه في الجحيم مخلدا أتى أنه في يوم الاثنين دائما
يخفف عنه للسرور بأحمدا فما الظن بالعبد الذي طول عمره
بأحمد مسرورا ومات موحدا

وقال الكمال الأدفوي في "الطالع السعيد" : حكى لنا صاحبنا العدل ناصر الدين محمود ابن العماد أن أبا الطيب محمد بن إبراهيم السبتي المالكي نزيل قوص ، أحد العلماء العاملين ، كان يجوز بالمكتب في اليوم الذي فيه ولد النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقول : يا فقيه ، هذا يوم سرور اصرف الصبيان ، فيصرفنا ، وهذا منه دليل على تقريره وعدم إنكاره ، وهذا الرجل كان فقيها مالكيا متفننا في علوم ، متورعا ، أخذ عنه أبو حيان وغيره ، ومات سنة خمس وتسعين وستمائة .

( فائدة ) قال ابن الحاج : فإن قيل : ما الحكمة في كونه عليه الصلاة والسلام خص مولده [ ص: 231 ] الكريم بشهر ربيع الأول ويوم الاثنين ولم يكن في شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن وفيه ليلة القدر ، ولا في الأشهر الحرم ولا في ليلة النصف من شعبان ولا في يوم الجمعة وليلتها ؟ فالجواب من أربعة أوجه :

الأول : ما ورد في الحديث من أن الله خلق الشجر يوم الاثنين ، وفي ذلك تنبيه عظيم ، وهو أن خلق الأقوات والأرزاق والفواكه والخيرات التي يمتد به بنو آدم ويحيون وتطيب بها نفوسهم .

الثاني : أن في لفظة ربيع إشارة وتفاؤلا حسنا بالنسبة إلى اشتقاقه ، وقد قال أبو عبد الرحمن الصقلي : لكل إنسان من اسمه نصيب .

الثالث : أن فصل الربيع أعدل الفصول وأحسنها ، وشريعته أعدل الشرائع وأسمحها .

الرابع : أن الحكيم سبحانه أراد أن يشرف به الزمان الذي ولد فيه ، فلو ولد في الأوقات المتقدم ذكرها لكان قد يتوهم أنه يتشرف بها . تم الكتاب ، ولله الحمد والمنة .
http://library.islamweb.net/newlibr...=122&idfrom=206&idto=207&bookid=130&startno=1

البداية والنهاية للحافظ ابن كثير:
ابْنُ دِحْيَةَ، أَبُو الْخَطَّابِ عُمَرُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ فَرَحِ
بْنِ خَلَفِ بْنِ قُومِسَ بْنِ مَزْلَالِ بْنِ مَلَّالِ بْنِ بَدْرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ دِحْيَةَ بْنِ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيُّ الْمَغْرِبِيُّ السَّبْتِيُّ، كَانَ قَاضِيَهَا ثُمَّ صَارَ إِلَى مِصْرَ، الْحَافِظُ شَيْخُ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ بَاشَرَ مَشْيَخَةَ دَارِ الْحَدِيثِ الْكَامِلِيَّةِ بِهَا.
قَالَ السِّبْطُ: وَقَدْ كَانَ كَابْنِ عُنَيْنٍ فِي ثَلْبِ الْمُسْلِمِينَ وَالْوَقِيعَةِ فِيهِمْ، وَيَتَزَيَّدُ فِي كَلَامِهِ، فَتَرَكَ النَّاسُ الرِّوَايَةَ عَنْهُ وَكَذَّبُوهُ، وَقَدْ كَانَ الْكَامِلُ مُقْبِلًا عَلَيْهِ، فَلَمَّا انْكَشَفَ لَهُ حَالُهُ أَخَذَ مِنْهُ دَارَ الْحَدِيثِ وَأَهَانَهُ، وَتُوُفِّيَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ بِالْقَاهِرَةِ، وَدُفِنَ بِقَرَافَةِ مِصْرَ.
وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو شَامَةَ: وَلِلشَّيْخِ السَّخَاوِيِّ فِيهِ أَبْيَاتٌ حَسَنَةٌ.
وَقَالَ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ بَعْدَ سِيَاقِ نَسَبِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ كَتَبَهُ مِنْ خَطِّهِ، قَالَ: وَذَكَرَ أَنَّ أُمَّهُ أَمَةُ الرَّحْمَنِ بِنْتُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْبَسَّامِ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَلِهَذَا كَانَ يَكْتُبُ بِخَطِّهِ: ذُو النَّسَبَيْنِ; بَيْنَ دِحْيَةَ وَالْحُسَيْنِ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَكَانَ مِنْ أَعْيَانِ الْعُلَمَاءِ وَمَشَاهِيرِ الْفُضَلَاءِ، مُتْقِنًا لِعِلْمِ الْحَدِيثِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، عَارِفًا بِالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَأَيَّامِ الْعَرَبِ وَأَشْعَارِهَا، اشْتَغَلَ بِبِلَادِ الْمَغْرِبِ، ثُمَّ رَحَلَ إِلَى الشَّامِ، ثُمَّ إِلَى الْعِرَاقِ، وَاجْتَازَ بِإِرْبِلَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّمِائَةٍ،

فَوَجَدَ مَلِكَهَا الْمُعَظَّمَ مُظَفَّرَ الدِّينِ بْنَ زَيْنِ الدِّينِ يَعْتَنِي بِالْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ، فَعَمِلَ لَهُ كِتَابَ " التَّنْوِيرِ فِي مَوْلِدِ السِّرَاجِ الْمُنِيرِ وَقَرَأَهُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ، فَأَجَازَهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ. وَقَالَ: وَقَدْ سَمِعْنَاهُ عَلَى الْمَلِكِ الْمُعَظَّمِ فِي سِتَّةِ مَجَالِسَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ.
قُلْتُ: وَقَدْ وَقَفْتُ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ، وَكَتَبْتُ مِنْهُ أَشْيَاءَ حَسَنَةً مُفِيدَةً.

http://shamela.ws/browse.php/book-4445/page-10895#page-10914

البداية والنهاية للحافظ ابن كثير:


الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ، أَبُو سَعِيدٍ كُوكُبُرِي بْنُ زَيْنِ الدِّينِ عَلِيِّ بْنِ بُكْتِكِينَ أَحَدُ الْأَجْوَادِ وَالسَّادَاتِ الْكُبَرَاءِ وَالْمُلُوكِ الْأَمْجَادِ، لَهُ آثَارٌ حَسَنَةٌ، وَقَدْ عَمَّرَ الْجَامِعَ الْمُظَفَّرِيَّ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، وَكَانَ قَدْ هَمَّ بِسِيَاقَةِ الْمَاءِ إِلَيْهِ مِنْ مَاءِ بَرْزَةَ، فَمَنَعَهُ الْمُعَظَّمُ مِنْ ذَلِكَ، وَاعْتَلَّ بِأَنَّهُ قَدْ يَمُرُّ عَلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ بِالسُّفُوحِ، وَكَانَ يَعْمَلُ الْمَوْلِدَ الشَّرِيفَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَيَحْتَفِلُ بِهِ احْتِفَالًا هَائِلًا. وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ شَهْمًا شُجَاعًا بَطَلًا عَاقِلًا عَالِمًا عَادِلًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَقَدْ صَنَّفَ الشَّيْخُ أَبُو الْخَطَّابِ بْنُ دِحْيَةَ لَهُ مُجَلَّدًا فِي الْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ سَمَّاهُ " التَّنْوِيرَ فِي مَوْلِدِ السِّرَاجِ الْمُنِيرِ " فَأَجَازَهُ عَلَى ذَلِكَ بِأَلْفِ دِينَارٍ، وَقَدْ طَالَتْ مُدَّتُهُ فِي الْمُلْكِ فِي زَمَانِ الدَّوْلَةِ الصَّلَاحِيَّةِ، وَقَدْ كَانَ مُحَاصِرًا مَدِينَةَ عَكَّا، وَإِلَى هَذِهِ السَّنَةِ مَحْمُودَ السِّيرَةِ وَالسَّرِيرَةِ.
قَالَ السِّبْطُ: حَكَى بَعْضُ مَنْ حَضَرَ سِمَاطَ الْمُظَفَّرِ فِي بَعْضِ الْمَوَالِدِ أَنَّهُ مَدَّ فِي ذَلِكَ السِّمَاطِ خَمْسَةَ آلَافِ رَأْسٍ شَوِيٍّ، وَعَشَرَةَ آلَافِ دَجَاجَةٍ، وَمِائَةَ أَلْفِ زُبْدِيَّةٍ، وَثَلَاثِينَ أَلْفَ صَحْنِ حَلْوَى. قَالَ: وَكَانَ يَحْضُرُ عِنْدَهُ فِي الْمَوْلِدِ أَعْيَانُ الْعُلَمَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ، فَيَخْلَعُ عَلَيْهِمْ، وَيُطْلِقُ لَهُمْ، وَيَعْمَلُ لِلصُّوفِيَّةِ سَمَاعًا مِنَ الظُّهْرِ إِلَى الْفَجْرِ، وَيَرْقُصُ بِنَفْسِهِ مَعَهُمْ. وَكَانَتْ لَهُ دَارُ ضِيَافَةٍ لِلْوَافِدِينَ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ، وَكَانَتْ صَدَقَاتُهُ فِي جَمِيعِ الْقُرَبِ وَالطَّاعَاتِ عَلَى الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَيَسْتَفِكُّ مِنَ الْفِرِنْجِ فِي كُلِّ سَنَةٍ خَلْقًا مِنَ الْأُسَارَى، حَتَّى قِيلَ: إِنَّ جُمْلَةَ مِنِ اسْتَفَكَّ مِنْ أَيْدِيهِمْ سِتُّونَ أَلْفَ أَسِيرٍ. قَالَتْ زَوْجَتُهُ رَبِيعَةُ خَاتُونَ بِنْتُ أَيُّوبَ - وَقَدْ زَوَّجَهُ إِيَّاهَا أَخُوهَا صَلَاحُ الدِّينِ، لَمَّا كَانَ مَعَهُ عَلَى عَكَّا - قَالَتْ: كَانَ قَمِيصُهُ لَا يُسَاوِي خَمْسَةَ دَرَاهِمَ مِنْ خَامٍ، فَعَاتَبْتُهُ بِذَلِكَ فَقَالَ: لُبْسِي ثَوْبًا بِخَمْسَةٍ، وَأَتَصَدَّقَ بِالْبَاقِي خَيْرٌ مِنْ أَنْ أَلْبَسَ ثَوْبًا مُثَمَّنًا، وَأَدَعَ الْفَقِيرَ وَالْمِسْكِينَ.
وَكَانَ يَصْرِفُ عَلَى الْمَوْلِدِ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى دَارِ الضِّيَافَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِائَةَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَفِي ثَمَنِ الْأُسَارَى فِي كُلِّ سَنَةٍ مِائَتَيْ أَلْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى الْحَرَمَيْنِ وَالْمِيَاهِ بِدَرْبِ الْحِجَازِ ثَلَاثِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، سِوَى صَدَقَاتِ السِّرِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِقَلْعَةِ إِرْبِلَ، وَأَوْصَى أَنْ يُحْمَلَ إِلَى مَكَّةَ، فَلَمْ يَتَّفِقْ، فَدُفِنَ بِمَشْهَدِ عَلَيٍّ.

http://shamela.ws/browse.php/book-4445#page-10895


الأجوبة المرضية للحافظ السخاوي:
ج3 ص 1116

لم ينقل عن احد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة، وإنما حدث بعد، ثم ما زال أهل الإسلام من سائر الأقطار و المدن العظام يحتفلون في شهر مولده صلى الله عليه و سلم و شرف و كرم يعملون الولائم البديعة المشتملة على الامور البهجة الرفيعة، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويظهرون السرور، و يزيدون في المبرات بل يعتنون بقراءة مولده الكريم، وتظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم بحيث كان مما جُرب قاله الامام شمس الدين ابن الجزري
وقال الحافظ:وكان للملك المظفر صاحب إربل كذلك فيها اتم عناية و اهتماما بشأنه جاوز الغاية، اثنى عليه به العلامة أبو شامة أحد شيوخ النووي الفائق في الاستقامة في كتاب الباعث على إنكار البدع و الحوادث وقال: مثل هذا الحسن يتقرّب إليه و يُشكر فاعله و يُثنى عليه
ثم قال الحافظ: قلت: بل خرّج شيخنا شيخ مشايخ الاسلام خاتمة الائمة الاعلام فِعله على أصل ثابت و هو ما ثبت في الصحيحين من انه صلى الله عليه و سلم دخل المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسألهم فقالوا: هو يوم اغرق الله سبحانه و تعالى فيه فرعون و نجّى موسى عليه السلام، فنحن نصومه شكرا لله عز وجل، فقال صلى الله عليه و سلم: فأنا أحق بموسى عليه السلام منكم، فصامه و امر بصيامه، وقال: إن عشت إلى قابل.... الحديث. قال شيخنا: فيُستفاد منه فعل الشكر لله تعالى على ما مَنّ به في يوم معيّن من إسداء نعمة أو دفع نقمة، و يُعاذ ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة. والشكر لله تعالى يحصل بأنواع العبادة: كالسجود و الصيام و التلاوة، وأيّ نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي صلى الله عليه و سلم في ذلك اليوم. وعلى هذا ينبغي ان يُقتصر فيه على ما يُفهم الشكر لله تعالى من نحو ما ذُكر. أمّا ما يتبعه من السماع و اللهو وغيرهما فينبغي أن يقال: ما كان من ذلك مباحا بحيث يُعين السرور بذلك اليوم فلا بأس بإلحاقه و مهما كان حراما او مكروها فيُمنع و كذا ما كان خلاف الاولى. اهـ
وقال أيضا: ولمّا كان الزاهد القدوة المعمر أبو اسحاق إبراهيم بن عبدالرحمن ابن إبراهيم بن جماعة بالمدينة المنورة، كان يعمل طعاما في المولد النبويّ ويُطعم الناس و يقول: لو تمكنت عملت بطول الشهر كل يوم مولدا. اهـ
http://ia600400.us.archive.org/34/items/waq34848/34848.pdf

 
إنضم
1 يناير 2012
المشاركات
2
الكنية
أبو البراء
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
باتنة
المذهب الفقهي
المالكي
رد: الحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي والحافظ السخاوي والحافظ ابن كثير يجيزون الاحتفال بالمولد النبوي إذا كان خالياً من المحرمات والمكروهات وخلاف الأولى

السلام عليكم أما جواب أخينا على من يقول: [بأن هذا لم يكن في عهد الصحابة فلا نحتفل به لأننا لن نحب ونعظم رسول الله اكثر منهم]
بقوله:
[قد يجاب بفعل عمر رضي الله عنه للتراويح ونقول لهم وهل عمر أتقى لله من رسول الله صلى الله عليه وسلم] فقول في غاية السقوط ودليل ضعيف لا يحتمل الاستدلال به في المسألة محل النزاع، إذ أن ما فعله عمر رضي الله عنه ليس بخارج عن سنة رسول الله صلى الله وسلم فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جمع الناس على التراويح ثم تركها خشية أن تفرض، وليس تركه صلى الله عليه وسلم لذلك بمخرج للتراويح عن كونها فعلا مستحبا باقيا على أصل الاستحباب وما تركه لها إلّا لما ذكرت لك، فلا يتوجه أن عمر قد فعل شيئا لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقال بعد ذلك أنّه أتقى لله من رسول الله كما ذكر الأخ الكريم، فغاية ما في الأمر أن عمر قد أحيا سنة بعد زوال السبب الذي تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأجله، ذلك أن الأحكام قد استقرت بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وعُلم أن التراويح ليست من الواجبات، وقياس المولد الذي لا أصل له في الشرع من كتاب ولا سنة ولا أثر على ما له أصل من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل الصحابة رضوان الله عليهم قياس فاسد الاعتبار للفارق والله أعلم.
 

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: الحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي والحافظ السخاوي والحافظ ابن كثير يجيزون الاحتفال بالمولد النبوي إذا كان خالياً من المحرمات والمكروهات وخلاف الأولى

كل قول من القولين له أدلته التى لها حظ من النظر وله جمع من الأئمة قال به
ألا يعد هذا خلافاً معتبراً سائغاً؟


ملحوظة:
ابن الحاج المالكي في صف المجيزين وليس المانعين
والله أعلم
الحاوي للفتاوي للحافظ السيوطي:
وقد تكلم الإمام أبو عبد الله بن الحاج في كتابه المدخل على عمل المولد ، فأتقن الكلام فيه جدا ، وحاصله مدح ما كان فيه من إظهار شعار وشكر ، وذم ما احتوى عليه من محرمات ومنكرات ، وأنا أسوق كلامه فصلا فصلا ، قال :
( فصل في المولد ) ومن جملة ما أحدثوه من البدع مع اعتقادهم أن ذلك من أكبر العبادات وإظهار الشعائر ما يفعلونه في شهر ربيع الأول من المولد ، وقد احتوى ذلك على بدع ومحرمات جمة ؛ فمن ذلك : استعمالهم المغاني ومعهم آلات الطرب من الطار المصرصر والشبابة وغير ذلك مما جعلوه آلة للسماع ومضوا في ذلك على العوائد الذميمة في كونهم يشتغلون أكثر الأزمنة التي فضلها الله تعالى وعظمها ببدع ومحرمات ، ولا شك أن السماع في غير هذه الليلة فيه ما فيه ، فكيف به إذا انضم إلى فضيلة هذا الشهر العظيم [ ص: 227 ] الذي فضله الله تعالى وفضلنا فيه بهذا النبي الكريم ؟ فآلة الطرب والسماع أي نسبة بينها وبين هذا الشهر الكريم الذي من الله علينا فيه بسيد الأولين والآخرين ، وكان يجب أن يزاد فيه من العبادة والخير شكرا للمولى على ما أولانا به من هذه النعم العظيمة ، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يزد فيه على غيره من الشهور شيئا من العبادات ، وما ذاك إلا لرحمته صلى الله عليه وسلم لأمته ورفقه بهم ؛ لأنه عليه الصلاة والسلام كان يترك العمل خشية أن يفرض على أمته رحمة منه بهم ، لكن أشار عليه السلام إلى فضيلة هذا الشهر العظيم بقوله للسائل الذي سأله عن صوم يوم الاثنين : " ذاك يوم ولدت فيه " فتشريف هذا اليوم متضمن لتشريف هذا الشهر الذي ولد فيه ، فينبغي أن نحترمه حق الاحترام ونفضله بما فضل الله به الأشهر الفاضلة وهذا منها ؛ لقوله عليه السلام : " أنا سيد ولد آدم ولا فخر " " آدم فمن دونه تحت لوائي " وفضيلة الأزمنة والأمكنة بما خصها الله به من العبادات التي تفعل فيها لما قد علم أن الأمكنة والأزمنة لا تشرف لذاتها ، وإنما يحصل لها التشريف بما خصت به من المعاني ، فانظر إلى ما خص الله به هذا الشهر الشريف ويوم الاثنين ، ألا ترى أن صوم هذا اليوم فيه فضل عظيم ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم ولد فيه ، فعلى هذا ينبغي إذا دخل هذا الشهر الكريم أن يكرم ويعظم ويحترم الاحترام اللائق به اتباعا له صلى الله عليه وسلم في كونه كان يخص الأوقات الفاضلة بزيادة فعل البر فيها وكثرة الخيرات ، ألا ترى إلى قول ابن عباس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان ، فنمتثل تعظيم الأوقات الفاضلة بما امتثله على قدر استطاعتنا .

فإن قال قائل : قد التزم عليه الصلاة والسلام في الأوقات الفاضلة ما التزمه مما قد علم ولم يلتزم في هذا الشهر ما التزمه في غيره . فالجواب أن ذلك لما علم من عادته الكريمة أنه يريد التخفيف عن أمته سيما فيما كان يخصه ، ألا ترى إلى أنه عليه السلام حرم المدينة مثل ما حرم إبراهيم مكة ، ومع ذلك لم يشرع في قتل صيده ولا شجره الجزاء تخفيفا على أمته ورحمة بهم ، فكان ينظر إلى ما هو من جهته وإن كان فاضلا في نفسه فيتركه للتخفيف عنهم ، فعلى هذا تعظيم هذا الشهر الشريف إنما يكون بزيادة الأعمال الزاكيات فيه والصدقات إلى غير ذلك من القربات ، فمن عجز عن ذلك ، فأقل أحواله أن يجتنب ما يحرم عليه ويكره له ؛ تعظيما لهذا الشهر الشريف ، وإن كان ذلك مطلوبا في غيره إلا أنه في هذا الشهر أكثر احتراما كما يتأكد في شهر رمضان وفي الأشهر الحرم ، فيترك الحدث في [ ص: 228 ] الدين ويجتنب مواضع البدع وما لا ينبغي ، وقد ارتكب بعضهم في هذا الزمن ضد هذا المعنى ، وهو أنه إذا دخل هذا الشهر العظيم تسارعوا فيه إلى اللهو واللعب بالدف والشبابة وغيرهما ويا ليتهم عملوا المغاني ليس إلا ، بل يزعم بعضهم أنه يتأدب ، فيبدأ المولد بقراءة الكتاب العزيز ، وينظرون إلى من هو أكثر معرفة بالتهوك والطرق المبهجة لطرب النفوس ، وهذا فيه وجوه من المفاسد ، ثم إنهم لم يقتصروا على ما ذكر ، بل ضم بعضهم إلى ذلك الأمر ، الخطر ، وهو أن يكون المغني شابا لطيف الصورة حسن الصوت والكسوة والهيئة ، فينشد التغزل ويتكسر في صوته وحركاته ، فيفتن بعض من معه من الرجال والنساء ، فتقع الفتنة في الفريقين ويثور من المفاسد ما لا يحصى ، وقد يؤول ذلك في الغالب إلى فساد حال الزوج وحال الزوجة ، ويحصل الفراق والنكد العاجل وتشتت أمرهم بعد جمعهم ، وهذه المفاسد مركبة على فعل المولد إذا عمل بالسماع ، فإن خلا منه وعمل طعاما فقط ونوى به المولد ودعا إليه الإخوان ، وسلم من كل ما تقدم ذكره ، فهو بدعة بنفس نيته فقط ؛ لأن ذلك زيادة في الدين وليس من عمل السلف الماضين ، واتباع السلف أولى ، ولم ينقل عن أحد منهم أنه نوى المولد ، ونحن تبع فيسعنا ما وسعهم . انتهى .


وحاصل ما ذكره أنه لم يذم المولد بل ذم ما يحتوي عليه من المحرمات والمنكرات ، وأول كلامه صريح في أنه ينبغي أن يخص هذا الشهر بزيادة فعل البر وكثرة الخيرات والصدقات وغير ذلك من وجوه القربات ، وهذا هو عمل المولد الذي استحسناه ، فإنه ليس فيه شيء سوى قراءة القرآن وإطعام الطعام ، وذلك خير وبر وقربة ، وأما قوله آخرا : إنه بدعة ، فإما أن يكون مناقضا لما تقدم أو يحمل على أنه بدعة حسنة كما تقدم تقريره في صدر الكتاب أو يحمل على أن فعل ذلك خير ، والبدعة منه نية المولد كما أشار إليه بقوله : فهو بدعة بنفس نيته فقط ، وبقوله : ولم ينقل عن أحد منهم أنه نوى المولد ، فظاهر هذا الكلام أنه كره أن ينوي به المولد فقط ، ولم يكره عمل الطعام ودعاء الإخوان إليه ، وهذا إذا حقق النظر لا يجتمع مع أول كلامه ؛ لأنه حث فيه على زيادة فعل البر وما ذكر معه على وجه الشكر لله تعالى ؛ إذ أوجد في هذا الشهر الشريف سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ، وهذا هو معنى نية المولد ، فكيف يذم هذا القدر مع الحث عليه أولا ؟ وأما مجرد فعل البر وما ذكر معه من غير نية أصلا ، فإنه لا يكاد يتصور ، ولو تصور لم يكن عبادة ولا ثواب فيه ؛ إذ لا عمل إلا بنية ، ولا نية هنا إلا الشكر لله تعالى على ولادة هذا النبي الكريم في هذا الشهر الشريف ، وهذا معنى نية المولد ، فهي نية مستحسنة بلا شك ، فتأمل .

ثم قال ابن الحاج : ومنهم من يفعل المولد لا لمجرد التعظيم ، ولكن له فضة عند الناس متفرقة كان قد أعطاها في بعض الأفراح أو المواسم ويريد أن يستردها ، ويستحي أن يطلبها بذاته ، فيعمل المولد حتى يكون ذلك سببا لأخذ ما اجتمع له عند الناس ، هذا فيه وجوه من المفاسد ، منها : أنه يتصف بصفة النفاق ، وهو أن يظهر خلاف ما يبطن ؛ إذ ظاهر حاله أنه عمل المولد يبتغي به الدار الآخرة ، وباطنه أنه يجمع به فضة ، ومنهم من يعمل المولد لأجل جمع الدراهم أو طلب ثناء الناس عليه ومساعدتهم له ، وهذا أيضا فيه من المفاسد ما لا يخفى . انتهى . وهذا أيضا من نمط ما تقدم ذكره ، وهو أن الذم فيه إنما حصل من عدم النية الصالحة لا من أصل عمل المولد .
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: الحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي والحافظ السخاوي والحافظ ابن كثير يجيزون الاحتفال بالمولد النبوي إذا كان خالياً من المحرمات والمكروهات وخلاف الأولى

كل قول من القولين له أدلته التى لها حظ من النظر وله جمع من الأئمة قال به
ألا يعد هذا خلافاً معتبراً سائغاً؟


ملحوظة:
ابن الحاج المالكي في صف المجيزين وليس المانعين
والله أعلم
لا حبيبنا الغالي أحمد ليس خلافاً سائغاً لأن الخلاف السائغ هو الاختلاف الذي يقع في النوازل التي انعدمت فيها الأدلة أو أصبحت غامضة محتملة أو كان الخلاف صادراً عن أدلة معتبرة في الشريعة حتى وإن ضعف الاستدلال .
لكن هذا الخلاف معارض للنصوص الصريحة في المنع من الإحداث في الدين والابتداع فيه ومخالف للأصول الكلية المعتبرة في الشريعة ، ومخالف لفعل السلف طيلة القرون المفضلة فالسلف مجمعون عملياً على عدم فعله فهل يعقل أن يكون هذا خيراً وعملاً صالحاً ويغفل عنه جميع المسلمين عدة قرون ؟
فالاحتفال بالمولد النبوي هنا بدعة بقول المجتهدين المحققين من مختلف المذاهب مع ما يحدث بسببه من لوازم باطلة سبق ذكر بعضها .

وأما كلام ابن الحاج - يا حبيبنا أحمد - فصريح واضح ، وما ذكرتم من فهم لكلامه لا يستقيم فكلامه صريح في الحكم عليه بأنه بدعة وكلامه في فعل الخيرات كلام مجمل عام أراد به تعظيم ما عظمه النبي صلى الله عليه وسلم من أوقات بالدليل الصريح الصحيح ، ومنهج العلماء رد المتشابه للمحكم ، ثم لو سلم بأنه حث على فعل الخيرات فأين هذا الأمر بفعل الخيرات من العبادات المطلقة والسنن الواردة مما يحدث في يوم المولد من البدع والمنكرات ؟
يبدو أن من يزعم وجود مولد نبوي - مع بدعيته - خالياً من البدع والمنكرات يطلب مستحيلاً وإني أدعو هذا الزاعم أن ينظر في صنيع الناس اليوم ليكون أكثر واقعية .
أخي الكريم كل خير في اتباع من سلف وكل بدعة مذاعة معها سنة مضاعة .
أين هؤلاء عن فعل الأوامر واجتناب النواهي الواردة في النصوص ؟ أين هم عن فعل الخيرات من إقام الصلوات والصوم والصدقة والذكر وقراءة القرآن وطلب العلم والجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
ألا يسعنا ما وسع السلف ؟
هل عقمت النصوص عن أفعال الخير حتى نفزع للبدع والمحدثات ؟
من يزعم محبة النبي صلى الله عليه وسلم فدونه الآية الحاكمة في هذا الباب ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )
قال القاضي عياض المالكي رحمه الله :
(
فصل في علامة محبته صلى الله عليه وسلم :
اعلم أن من أحب شيئاً آثره وآثر موافقته وإلا لم يكن صادقاً في حبه وكان مدعياً ، فالصادق في حُبِّ النبي صلى الله عليه وسلم من تظهر علامة ذلك عليه وأولها : الاقتداء به واستعمال سنته واتباع أقواله وأفعاله وامتثال أوامره واجتناب نواهيه والتأدب بآدابه في عسره ويسره ومنشطه ومكرهه وشاهد هذا قوله تعالى (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحبكم الله) ، وإيثار ما شرعه وحض عليه على هوى نفسه وموافقة شهوته ...) الشفاء ( 2 / 24 )
محبته تقتضي طاعته واتباع سنته والذب عنها ومحاربة البدع والعمل بالسنة ظاهراً وباطناً والشوق إلى لقائه وإعطائه حقه ومنزلته دون غلو أو جفاء والصلاة عليه ومعرفة فضله عليه وعلى الأمة ..
وقال ابن عبد الهادي رحمه الله :
( وكل من عظَّم مخلوقاً بما يكرهه ذلك المعظَّم ويبغضه ويمقت فاعله ، فلم يعظِّمه في الحقيقة ، بل عامله بضد تعظيمه ، فتعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم أن تطاع أوامره وتصدق أخباره ، ولا يقدم على ما جاء به غيره .
فالتعظيم نوعان :
أحدهما : ما يحبه المعظَّم ويرضاه ويأمره ويثني على فاعله ، فهذا هو التعظيم في الحقيقة .
والثاني : ما يكره ويبغضه ويذم فاعله ، فهذا ليس بتعظيم ، بل هو غلو منافٍ للتعظيم ، ولهذا لم يكن الرافضة معظمين لعلي بدعواهم فيه الإلهية والنبوة ، أو العصمة ونحو ذلك ، ولم يكن النصارى معظمين للمسيح بدعواهم فيه ما ادعوا ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد أنكر على من عظمه بما لم يشرعه ، فأنكر على معاذ سجوده له ، وهو محض التعظيم وفي المسند بإسناد صحيح على شرط مسلم عن أنس بن مالك أن رجلاً قال : يا محمد ، يا سيدنا ، وابن سيدنا وخيرنا ، وابن خيرنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عليكم بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان أنا محمد بن عبد الله ، عبد الله ورسوله ، ما أحب ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ) وكان يكره من أصحابه أن يقوموا له إذا رأوه ، ونهاهم أن يصلوا خلفه قياماً ، وقال : ( إن كنتم آنفاً لتفعلون فعل فارس والروم يقومون على ملوكهم ) وكل هذا من التعظيم الذي يبغضه ويكرهه...) الصارم المنكي ( ص 288 )
.
أين قول الصحابة رضي الله عنهم الذين أنكره النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا سيدنا وابن سيدنا وخيرنا وابن خيرنا ) أين هذا من قول ابن عربي والبوصيري في قصيدته وأحمد بن إدريس الحسني والجزولي والدباغ الفاسي وغيرهم ممن تقرأ قصائدهم وصلواتهم في يوم المولد النبوي والتي تحمل الغلو الذي وصل غايته والذي تضمن وصف النبي صلى الله عليه وسلم بصفات الله عز وجل .
 
التعديل الأخير:

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: الحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي والحافظ السخاوي والحافظ ابن كثير يجيزون الاحتفال بالمولد النبوي إذا كان خالياً من المحرمات والمكروهات وخلاف الأولى

شيخنا د. بدر
حضرتك من المانعين وقائل بأن الخلاف غير معتبر
والدكتور فؤاد الهاشمي وهو أيضاً من المانعين قائل بأن الخلاف معتبر (وقد سبق كلامه)
فالأنظار للمسألة تتفاوت منها ما يرى اعتبار الخلاف ومنها ما يرى عدم اعتباره
ففى هذه الحالة هل يسوغ الإنكار فى أصل عمل المولد إذا كان خالياً من المحرمات والمكروهات وخلاف الأولى ؟


ثم على حد علمي القاصر
الخلاف فى أصل مسألة المولد مبنيٌ على الخلاف فى تعريف البدعة وتقسيمها (وهو على حد علمي القاصر خلاف ثابت بين الإمام ابن تيمية والإمام الشاطبي ومن وافقهما من جهة وبين الإمام العز ابن عبد السلام والإمام النووي ومن وافقهما من جهة أخرى والله أعلم)
فهل أيضاً تعتبرون الخلاف فى هذه المسألة خلافاً غير سائغ؟

تهذيب الأسماء واللغات للإمام النووي:
بدع: البِدعة بكسر الباء في الشرع هي إحداث ما لم يكن في عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهي منقسمة إلى: حسنة وقبيحة.
قال الشيخ الإمام المجمع على إمامته وجلالته وتمكنه في أنواع العلوم وبراعته أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام رحمه الله ورضي عنه في آخر كتاب “القواعد”: البدعة منقسمة إلى: واجبة، ومحرمة، ومندوبة، ومكروهة، ومباحة. قال: والطريق في ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة، فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، أو في قواعد التحريم فمحرمة، أو الندب فمندوبة، أو المكروه فمكروهة، أو المباح فمباحة
وروى البيهقي بإسناده في “مناقب الشافعي” عن الشافعي رضي الله عنه قال: المحدثات من الأمور ضربان: أحدهما: ما أحدث مما يخالف كتابًا أو سنة أو أثرًا أو إجماعًا، فهذه البدعة الضلالة، والثانية: ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من العلماء، وهذه محدثة غير مذمومة، وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام شهر رمضان: نعمت البدعة هذه، يعني أنها محدثة لم تكن، وإذا كانت ليس فيها رد لما مضى، هذا آخر كلام الشافعي رضي الله تعالى عنه.
http://shamela.ws/browse.php/book-9702#page-743

فتح الباري للحافظ ابن حجر العسقلاني:
قَالَ الشَّافِعِيُّ الْبِدْعَةُ بِدْعَتَانِ مَحْمُودَةٌ وَمَذْمُومَةٌ فَمَا وَافَقَ السُّنَّةَ فَهُوَ مَحْمُودٌ وَمَا خَالَفَهَا فَهُوَ مَذْمُومٌ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ بِمَعْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْجُنَيْدِ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَجَاءَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي مَنَاقِبِهِ قَالَ الْمُحْدَثَاتُ ضَرْبَانِ مَا أُحْدِثُ يُخَالِفُ كِتَابًا أَوْ سُنَّةً أَوْ أَثَرًا أَوْ إِجْمَاعًا فَهَذِهِ بِدْعَةُ الضَّلَالِ وَمَا أُحْدِثُ مِنَ الْخَيْرِ لَا يُخَالِفُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَهَذِهِ مُحْدَثَةٌ غَيْرُ مَذْمُومَةٍ انْتَهَى وَقَسَّمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْبِدْعَةَ إِلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَثَبَتَ عَن بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ قَدْ أَصْبَحْتُمْ عَلَى الْفِطْرَةِ وَإِنَّكُمْ سَتُحْدِثُونَ وَيُحْدَثُ لَكُمْ فَإِذَا رَأَيْتُمْ مُحْدَثَةً فَعَلَيْكُمْ بِالْهَدْيِ الْأَوَّلِ فَمِمَّا حَدَثَ تَدْوِينُ الْحَدِيثِ ثُمَّ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ ثُمَّ تَدْوِينُ الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُوَلَّدَةِ عَنِ الرَّأْيِ الْمَحْضِ ثُمَّ تَدْوِينُ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَعْمَالِ الْقُلُوبِ فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَأَنْكَرَهُ عُمَرُ وَأَبُو مُوسَى وَطَائِفَةٌ وَرَخَّصَ فِيهِ الْأَكْثَرُونَ وَأَمَّا الثَّانِي فَأَنْكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ كَالشَّعْبِيِّ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَنْكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَطَائِفَةٌ يَسِيرَةٌ وَكَذَا اشْتَدَّ إِنْكَارُ أَحْمَدَ لِلَّذِي بَعْدَهُ وَمِمَّا حَدَثَ أَيْضًا تَدْوِينُ الْقَوْلِ فِي أُصُولِ الدِّيَانَاتِ فَتَصَدَّى لَهَا الْمُثْبِتَةُ وَالنُّفَاةُ فَبَالَغَ الْأَوَّلُ حَتَّى شَبَّهَ وَبَالَغَ الثَّانِي حَتَّى عَطَّلَ وَاشْتَدَّ إِنْكَارُ السَّلَفِ لِذَلِكَ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ وَكَلَامُهُمْ فِي ذَمِّ أَهْلِ الْكَلَامِ مَشْهُورٌ وَسَبَبُهُ أَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا فِيمَا سَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ وَثَبَتَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ شَيْءٌ مِنَ الْأَهْوَاءِ يَعْنِي بِدَعَ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَقَدْ تَوَسَّعَ مَنْ تَأَخَّرَ عَنِ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ الْفَاضِلَةِ فِي غَالِبِ الْأُمُورِ الَّتِي أَنْكَرَهَا أَئِمَّةُ التَّابِعِينَ وَأَتْبَاعُهُمْ وَلَمْ يَقْتَنِعُوا بِذَلِكَ حَتَّى مَزَجُوا مَسَائِلَ الدِّيَانَةِ بِكَلَامِ الْيُونَانِ وَجَعَلُوا كَلَامَ الْفَلَاسِفَةِ أَصْلًا يَرُدُّونَ إِلَيْهِ مَا خَالَفَهُ مِنَ الْآثَارِ بِالتَّأْوِيلِ وَلَوْ كَانَ مُسْتَكْرَهًا ثُمَّ لَمْ يَكْتَفُوا بِذَلِكَ حَتَّى زَعَمُوا أَنَّ الَّذِي رَتَّبُوهُ هُوَ أَشْرَفُ الْعُلُومِ وَأَوْلَاهَا بِالتَّحْصِيلِ وَأَنَّ مَنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْ مَا اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ فَهُوَ عَامِّيٌّ جَاهِلٌ فَالسَّعِيدُ مَنْ تَمَسَّكَ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ وَاجْتَنَبَ مَا أَحْدَثَهُ الْخَلَفُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ فَلْيَكْتَفِ مِنْهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَيَجْعَلَ الْأَوَّلَ الْمَقْصُودَ بِالْأَصَالَةِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ بَعَثَ إِلَيَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ فَقَالَ إِنَّا قَدْ جَمَعْنَا النَّاسَ عَلَى رَفْعِ الْأَيْدِي عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَعَلَى الْقَصَصِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ فَقَالَ أَمَا إِنَّهُمَا أَمْثَلُ بِدَعِكُمْ عِنْدِي وَلَسْتُ بِمُجِيبِكُمْ إِلَى شَيْءٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا أَحْدَثَ قَوْمٌ بِدْعَةً إِلَّا رُفِعَ مِنَ السُّنَّةِ مِثْلُهَا فَتَمَسُّكٌ بِسَنَةٍ خَيْرٌ مِنْ إِحْدَاثِ بِدْعَةٍ انْتَهَى وَإِذَا كَانَ هَذَا جَوَابُ هَذَا الصَّحَابِيِّ فِي أَمْرٍ لَهُ أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ فَمَا ظَنُّكَ بِمَا لَا أَصْلَ لَهُ فِيهَا فَكَيْفَ بِمَا يَشْتَمِلُ عَلَى مَا يُخَالِفُهَا وَقَدْ مَضَى فِي كِتَابِ الْعِلْمِ أَنَّ بن مَسْعُودٍ كَانَ يُذَكِّرُ الصَّحَابَةَ كُلَّ خَمِيسٍ لِئَلَّا يملوا وَمضى فِي كتاب الرقَاق ان بن عَبَّاسٍ قَالَ حَدِّثِ النَّاسَ كُلَّ جُمْعَةٍ فَإِنْ أَبَيْتَ فَمَرَّتَيْنِ وَنَحْوُهُ وَصِيَّةُ عَائِشَةَ لِعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَالْمُرَادُ بِالْقَصَصِ التَّذْكِيرُ وَالْمَوْعِظَةُ وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنْ لَمْ يَكُنْ يَجْعَلْهُ رَاتِبًا كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ بَلْ بِحَسْبِ الْحَاجَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الْعِرْبَاضِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُحْدَثَ يُسَمَّى بِدْعَةً وَقَوْلُهُ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ قَاعِدَةٌ شَرْعِيَّةٌ كُلِّيَّةٌ بِمَنْطُوقِهَا وَمَفْهُومِهَا أَمَّا مَنْطُوقُهَا فَكَأَنْ يُقَالَ حُكْمُ كَذَا بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ فَلَا تَكُونُ مِنَ الشَّرْعِ لِأَنَّ الشَّرْعَ كُلَّهُ هُدًى فَإِنْ ثَبَتَ أَنَّ الْحَكَمَ الْمَذْكُورَ بِدْعَةٌ صَحَّتِ الْمُقَدِّمَتَانِ وَأَنْتَجَتَا الْمَطْلُوبَ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ مَا أُحْدِثُ وَلَا دَلِيلَ لَهُ مِنَ الشَّرْعِ بِطَرِيقٍ خَاصٍّ وَلَا عَام وَقَوله فِي آخر حَدِيث بن مَسْعُود وان مَا توعدون لآت وَمَا أَنْتُم بمعجزين أَرَادَ خَتْمَ مَوْعِظَتِهِ بِشَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ يُنَاسِبُ الْحَال وَقَالَ بن عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَوَاخِرِ الْقَوَاعِدِ الْبِدْعَةُ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ فَالْوَاجِبَةُ كَالِاشْتِغَالِ بِالنَّحْوِ الَّذِي يُفْهَمُ بِهِ كَلَامُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِأَنَّ حِفْظَ الشَّرِيعَةِ وَاجِبٌ وَلَا يَتَأَتَّى إِلَّا بِذَلِكَ فَيَكُونُ مِنْ مُقَدَّمَةِ الْوَاجِبِ وَكَذَا شَرْحُ الْغَرِيبِ وَتَدْوِينُ أُصُولِ الْفِقْهِ وَالتَّوَصُّلُ إِلَى تَمْيِيزِ الصَّحِيحِ وَالسَّقِيمِ وَالْمُحَرَّمَةُ مَا رَتَّبَهُ مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَالْمُشَبِّهَةِ وَالْمَنْدُوبَةُ كُلُّ إِحْسَانٍ لَمْ يُعْهَدْ عَيْنُهُ فِي الْعَهْد النَّبَوِيّ كالاجتماع عَن التَّرَاوِيحِ وَبِنَاءِ الْمَدَارِسِ وَالرُّبَطِ وَالْكَلَامِ فِي التَّصَوُّفِ الْمَحْمُودِ وَعَقْدِ مَجَالِسِ الْمُنَاظَرَةِ إِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ وَجْهُ اللَّهِ وَالْمُبَاحَةُ كَالْمُصَافَحَةِ عَقِبِ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَالتَّوَسُّعِ فِي الْمُسْتَلَذَّاتِ مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَمَلْبَسٍ وَمَسْكَنٍ وَقَدْ يَكُونُ بَعْضُ ذَلِكَ مَكْرُوهًا أَوْ خِلَافَ الْأَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ
http://shamela.ws/browse.php/book-1673#page-7533


بارك الله فيكم ونفع بكم
 
إنضم
12 يناير 2013
المشاركات
953
الإقامة
المطرية دقهلية مصر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو سارة
التخصص
لغة عربية
الدولة
مصر
المدينة
المطرية دقهلية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: الحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي والحافظ السخاوي والحافظ ابن كثير يجيزون الاحتفال بالمولد النبوي إذا كان خالياً من المحرمات والمكروهات وخلاف الأولى

المسألة الأولى : متى كانت بداية الاحتفال بالمولد ؟
يعتبر بنو عبيد الذين يسمون بالفاطميين أول من أحدث الاحتفال بالمولد النبوي وذلك في القرن الرابع الهجري كما ذكر ذلك المقريزي في خططه ( 2 / 436 ) وتبعه على ذلك جمع من العلماء ، وهذا يفيد أمرين :
الأول : أن المولد لم يكن موجوداً في القرون الأولى لا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا عهد الصحابة ولا التابعين ولا تابعيهم وكذلك لم يكن موجوداً في عهد الأئمة الأربعة وأقرانهم وتلاميذهم .
الثاني : أن من أحدث ذلك هم ( الدولة العبيدية أو المسماة بالفاطمية ) وهي دولة مجوسية رافضية ادعوا الانتساب للنبي صلى الله عليه وسلم والصحيح أن والد عبيد كان مجوسياً وقيل يهودياً ، وقد حكموا أربعة قرون وكانوا أربعة عشر حاكماً ، وقد نشروا البدع والرفض وقتلوا عددا كبيراً من علماء أهل السنة ونشروا الكفر والزندقة .
بل هم كما في البداية والنهاية لابن كثير ( 11 / 397 ) : ( كفار فساق فجار ملحدون زنادقة معطلون وللإسلام جاحدون ، ولمذهب المجوسية والثنوية معتقدون ، قد عطلوا الحدود وأباحوا الفروج ، وأحلوا الخمر وسفكوا الدماء ، وسبوا الانبياء ، ولعنوا السلف ، وادعوا الربوبية )

ثم إن المولد أبطله ابن أمير الجيوش الأفضل المتوفى سنة 515هـ .
ثم عاد مرة أخرى على يد بعض الخلفاء والحكام .
نعم هذا صحيح ولكن هذا لا يمنع أن يكون جائزا لأن الصحابة لما اختلفوا بعد جمع القرآن ماذا يسمونه سموه مصحفا مع أنها لفظة كان يطلقها نصارى الحبشة على الكتاب المقدس.
 
إنضم
12 يناير 2013
المشاركات
953
الإقامة
المطرية دقهلية مصر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو سارة
التخصص
لغة عربية
الدولة
مصر
المدينة
المطرية دقهلية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: الحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي والحافظ السخاوي والحافظ ابن كثير يجيزون الاحتفال بالمولد النبوي إذا كان خالياً من المحرمات والمكروهات وخلاف الأولى

ثم لو نظرنا للذين يرتكبون المخالفات في احتفالهم لا يكون هذا دليلا على التحريم أو البدعية فمثلا ( يقرأون القرآن يتجاوز تراقيهم )
( تحتقرون صلاتكم الى صلاتهم ..) العيب في الشخص نفسه.
كم عمل واحد يجتمع فيه المصيب والمخطئ والعيب ليس في العمل بل في الشخص.
أما كونه عيدا فهو عيد ولكن ليس بالمعنى الشرعي بل بمعناه اللغوي وهو ما يتكرر كل عام يذهب ويعود وإن كنا لا نعتقده عيدا بل إن إظهار الفرح والسرور وكثرة العمل الصالح وإدخال السرور على الأهل والفقراء بسبب الفرح بمولده هو المقصد من الاحتفال لا غير.
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,144
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
رد: الحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي والحافظ السخاوي والحافظ ابن كثير يجيزون الاحتفال بالمولد النبوي إذا كان خالياً من المحرمات والمكروهات وخلاف الأولى

بارك الله في الجميع على الحوار الأنيس؛ برفقة خير جليس ...
بظني أن المجيز للاحتفال بالمولد ليس معه دليلٌ لا من قرآنٍ، ولا سنَّةٍ، ولا إجماعٍ، ولا قول صحابيٍّ، ولا قياس، ولا شرع من قبلنا!
وإنما هو استحسان؛ ويتنازع الاستحسان وجهات النظر ما لم تردّ إلى أصول الأدلة السالفة.

لكن لدي سؤال ملحّ بهذا الخصوص:
لو تقدَّمت إلى السادة العلماء المجيزين أو المتبنين للاحتفال بالمولد النَّبوي بمشروع كبيرٍ للأمة؛ على غرار هذا الاحتفال.
عنوان المشروع:
مشروع أُمَّة الإسلام في الاحتفال بأعياد الكرام:

1- الاحتفال بالمولد النبوي (الحالة: فعَّال).

2- الاحتفال بالبعثة النَّبوية (الحالة: مقترح).
3- الاحتفال بالهجرة النبوية (الحالة: مقترح).
4- الاحتفال بالنصر المجيد في غزوة بدرٍ الكبرى (الحالة: مقترح).
5- الاحتفال بالفتح العظيم - فتح مكة (الحالة: مقترح).
6- الاحتفال باكتمال القرآن [اليوم أكملت لكم دينكم] (الحالة: مقترح).
7- الاحتفال بحجة الإسلام للنبي صلى الله عليه وسلم (الحالة: مقترح).
8- العزاء بوفاة نبينا عليه الصلاة والسلام؛ وفيها من رجاء التأثير ما ليس في المولد قطعاً، ونقطع الطريق على الرافضة في بدعة عاشوراء! (الحالة: مقترح).
9- الاحتفال بلم شمل الأمة على أبي بكرٍ الصديق والصاحب للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم (الحالة: مقترح).
10- الاحتفال بجمع القرآن الكريم على مصحف واحد [توحيد صياغة الدستور] (الحالة: مقترح).


ثم لو حشدت كلَّ أدلَّتهم معي؛ تلمساً منِّي لإقرار هذا المشروع العظيم؛ وزدت على ذلك بتعليلاتٍ كثيرة؛ من حفظ هوية المسلمين في الأقليات المسلمة في الغرب؛ وبعضهم لا يعرف من الإسلام إلا مجرَّد الانتماء؛ فتأتي هذه الاحتفالات لزرع طيف التمسك ولو من طرفٍ خفي حتى لا ينغمسوا أو يتفلت دينهم إلى النصرانية أو اليهودية أو اللادينية ...
فما قولهم إزاءها؟
هل هم مخيِّبي ظنِّي، وكاسري همَّتي في نفع أجيال أمَّتي؟!

أرجو الإجابة المقنعة فقط!

ملاحظة:
ويمكن اقتراح مشروعين آخرين ذات جدوى في ذات المسار؛ لتكتمل اثنا عشر احتفالاً؛ وننظر في تقسيمها على أشهر السنة لاختلاف تحديد توقيت الوقائع! أو تجعل بالتوقيت على المناسبة وربما يحصل التكرار في بعض الأشهر.
ويمكن أن يقترح في الشهر الأكثر احتفالاً إجازة عامة للمسلمين؛ ليقيموا مراسم احتفالات تليق بهويتهم، وانتمائهم.

 
التعديل الأخير:

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: الحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي والحافظ السخاوي والحافظ ابن كثير يجيزون الاحتفال بالمولد النبوي إذا كان خالياً من المحرمات والمكروهات وخلاف الأولى

8- العزاء بوفاة نبينا عليه الصلاة والسلام؛ وفيها من رجاء التأثير ما ليس في المولد قطعاً، ونقطع الطريق على الرافضة في بدعة عاشوراء! (الحالة: مقترح).
هذا الاقتراح مجزوم برفضه لأنه قد نص على رفضه الحافظ السيوطي
والله أعلم

q2.gif
اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد محمد عوض
الحاوي للفتاوي للحافظ السيوطي:
وقوله : مع أن الشهر الذي ولد فيه ، إلى آخره . جوابه أن يقال أولا : إن ولادته صلى الله عليه وسلم أعظم النعم علينا ، ووفاته أعظم المصائب لنا ، والشريعة حثت على إظهار شكر النعم والصبر والسكون والكتم عند المصائب ، وقد أمر الشرع بالعقيقة عند الولادة ، وهي إظهار شكر وفرح بالمولود ، ولم يأمر عند الموت بذبح ولا بغيره بل نهى عن النياحة وإظهار الجزع ،فدلت قواعد الشريعة على أنه يحسن في هذا الشهر إظهار الفرح بولادته صلى الله عليه وسلم دون إظهار الحزن فيه بوفاته ، وقد قال ابن رجب في كتاب اللطائف في ذم الرافضة حيث اتخذوا يوم عاشوراء مأتما لأجل قتل الحسين : لم يأمر الله ولا رسوله باتخاذ أيام مصائب الأنبياء وموتهم مأتما ، فكيف ممن هو دونهم ؟!
q.gif

 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: الحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي والحافظ السخاوي والحافظ ابن كثير يجيزون الاحتفال بالمولد النبوي إذا كان خالياً من المحرمات والمكروهات وخلاف الأولى

هذا الاقتراح مجزوم برفضه لأنه قد نص على رفضه الحافظ السيوطي
والله أعلم
هل هو مجزوم برفضه لأن السيوطي نص على رفضه ؟
الاحتفال بالمولد النبوي أيضاً نص على رفضه من سبق ذكره من العلماء ممن هم أوسع علماً وأكثر تحقيقاً من السيوطي .
أم أن العبرة أصالة بالأدلة الشرعية ويستأنس لها بأقوال العلماء ؟
 
إنضم
1 يناير 2012
المشاركات
2
الكنية
أبو البراء
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
باتنة
المذهب الفقهي
المالكي
رد: الحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي والحافظ السخاوي والحافظ ابن كثير يجيزون الاحتفال بالمولد النبوي إذا كان خالياً من المحرمات والمكروهات وخلاف الأولى

قال قائل من الإخوان وفقه الله وسدد تصويبه [نقول كان عيد الصحابة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بين أظهرهم ..
كما أن الشائع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كان لا يحب مظهر تبجيل أو تفخيم أو تكريم له من شدة تواضعه وأثرته لأمته بكل شيء ..
كما أن الصحابة الكرام لم يقدموا على هذا العمل بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم، لأن حزنهم على وفاته صلى الله عليه وآله وسلم، غلب سعادتهم بمولده، زمن طويلاً، حتى أنهم كانوا يهونون على أنفسهم أي مصاب، بتذكر مصابهم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ..
كما أن الصحابة رضوان الله عليهم انشغلوا عن مظاهر الفرح، بحروب الردة والفتوحات والفتن ..
فكانت هذه الظاهرة الحميدة التي ظهرت فيما بعد،سنة حسنة، وهي أقل عرفان من كل مسلم لجناب النبوة المكرم لشخص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم].
قلنا يا رعاك الله: عباراتك هذه فيها من الأوهام والاضطراب ما لا يخفى على أهل العدل والإنصاف بلا ارتياب.
- أما قولك الأول فلا معنى له في تجويز الاحتفال إذ مفهومه أن الصحابة لم يحتفلوا بمولده لعلة كونه بين أظهرهم، فيدل بمفهوم المخالفة على جواز الاحتفال بعد وفاته، لكننا لم نجد أن ذلك قد حدث، فهل نسي الصحابة أن يحتفلوا بعيد مولده . أو هل نسي النبي أن يأمرهم بفعله إن هو مات.
قد تقول: أن الصحابة قد انشغلوا عن ذلك بالحروب والفتن والفتوحات.
قلنا: الجواب من وجهين:
أحدهما: أن انشغالهم هذا لا يسوغ لهم أن ينشغلوا عن الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم، -وأي احتفال هو- الاحتفال الذي زعم أصحابه وزعمت معهم أنه دال على محبته وتعظيمه وتوقيره والفرح به صلى الله عليه وسلم، وهل يعقل أن الصحابة يتركون أو ينشغلون عن شيء كهذا في حين أننا نجدهم رضوان الله عليهم قد نقلوا إلينا كل صغيرة وكبيرة من الشرع بأدق تفاصيلها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشغلهم حال الحرب أو الاضطراب عن ذلك.
الثاني: أنه لو سلمنا فرضا أن الصحابة انشغلوا بما ذكرت عن عمل الاحتفال، فهذا ليس بالأمر المانع لهم على أقل الأحوال من نقل العلم بالاحتفال أو الإشارة إليه، ثم إن القول بأن الصحابة كلهم أجمعون قد انشغلوا بالحروب قول فيه نظر.
- أما قولك: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كان لا يحب مظهر تبجيل أو تفخيم من شدة تواضعه وأثرته لأمته بكل شيء فهذا فيه دليل على المنع لا على الجواز، وبيان ذلك من وجهين:
أولا: قولك هذا مشعر بأن الاحتفال من مظاهر التبجيل والتفخيم فهو داخل في جملة ما كرهه النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك. فينتج القول بالمنع.
ثانيا: كراهة النبي صلى الله عليه وسلم للتفخيم والإطراء ليس مقصورا على زمن الصحابة رضي الله عنهم بل يعم جميع العصور والأزمنة لنهيه عليه الصلاة والسلام عن ذلك [لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله].
ـ أما قولك [أن الصحابة الكرام لم يقدموا على هذا العمل بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم، لأن حزنهم على وفاته صلى الله عليه وآله وسلم، غلب سعادتهم بمولده، زمن طويلاً، حتى أنهم كانوا يهونون على أنفسهم أي مصاب، بتذكر مصابهم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم] فهذا كذلك فيه دليل على المنع إذ أن الحزن بفقده ووفاته أولى من الفرح بولادته لأنه قد فُجعت الأُمّة وأُصيبت بمصاب عظيم لا يعدل ذلك غيرها من المصائب أبدًا، فعلى هذا يتعيَّن البكاء والحزن الكثير، وانفراد كُلِّ إنسان بنفسه لما أصيب به لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: "ليعزّى المسلمون في مصائبهم المصيبة بي"» وليس الحزن مقصورا على الصحابة رضوان الله عليهم كما رأيت -أحبك الله-.
-أما قولك:[فكانت هذه الظاهرة الحميدة التي ظهرت فيما بعد،سنة حسنة ]. القول بالسنية يحتاج إلى دليل، إذ أن السنة ما ثبت من قول أو فعل أو تقرير عن النبي صلى الله عليه وسلم، والأمر كما علمت لم يكن عند رسول الله وأصحابه الكرام، إنما هو كما ذكرت: "ظاهرة حميدة ظهرت فيما بعد" و متى كانت الظواهر المخترعة في الدين مما لا أصل له من كتاب ولا سنة ولا أثر ظواهر حميدة، بل هي بدع محدثة ضلالة في النار أصل لكل شر وبلاء، نعوذ بالله من الخذلان.
-أما قولك [وهي أقل عرفان من كل مسلم لجناب النبوة المكرم لشخص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم] فنقول: أعظم العرفان والشكر لجنابه صلى الله عليه وسلم هو في اتباع هديه وسنته والتزام شرعه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، والتسليم لأحكامه، والتأسي به في الظاهر والباطن، استجابة لله سبحانه في قوله: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ ، قال ابن كثير ‑رحمه الله‑: «هذه الآية الكريمة حاكمة على كلِّ مَن ادَّعَى محبةَ الله وليس هو على الطريقة المحمَّدية، فإنه كاذب في نفس الأمر حتى يتبع الشرعَ المحمَّدِيَّ والدِّين النبوي في جميع أقواله وأفعاله كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أنه قال: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»، … وقال الحسن البصريُّ وغيرُه من السلف: "زعم قوم أنهم يحبّون الله فابتلاهم بهذه الآية: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ﴾ .
جزى الله إخواني خير الجزاء، ووفقني وإياهم للعمل بكتابه وهدي نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، وجنبنا البدع والحوادث إنه ولي ذلك والقادر عليه.
السلام عليكم.
 

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: الحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي والحافظ السخاوي والحافظ ابن كثير يجيزون الاحتفال بالمولد النبوي إذا كان خالياً من المحرمات والمكروهات وخلاف الأولى

هل هو مجزوم برفضه لأن السيوطي نص على رفضه ؟
الاحتفال بالمولد النبوي أيضاً نص على رفضه من سبق ذكره من العلماء ممن هم أوسع علماً وأكثر تحقيقاً من السيوطي .
أم أن العبرة أصالة بالأدلة الشرعية ويستأنس لها بأقوال العلماء ؟
1- أنا أقصد أن المسألة قد تكلم فيها أحد الأئمة الكبار المجيزين للمولد النبوي ومنعها فالمسألة قد سبق طرحها ومنعها ولم ينقل تجويزها عن أحد أئمة أهل السنة فيما أعلم (طرح المسألة ليس معاصراً) لذلك جزمت بقول الحافظ السيوطي (الذي وافق فيه كلام الحافظ ابن رجب) الذي لا أعلم له مخالفاً على حد علمي القاصر
2- بعكس باقي المسائل التي اقترحها شيخنا المشرف العام فهي لم يتكلم فيها أحد الأئمة على حد علمي القاصر
3- بينما مسألة المولد فقد تكلم فيها الأئمة واختلفوا فيها بين مجيز ومانع

هذا هو وجه تفريقي بين هذه المسائل (3 أقسام أحدها مجزوم به والثاني لم يتكلم فيه والثالث مختلف فيه)
بالنسبة لي أنا طبعاً لم أصل لمرحلة القدرة على الترجيح بالأدلة الشرعية
لذلك فأنا أقتصر على كلام الأئمة على قدر استطاعتي

وأنا عن نفسي أُفَضِّل عدم التطرق لمسألة أي الفريقين من الأئمة أكثر علماً وتحقيقاً فكلهم أئمة كبار ولا يمكن الجزم بأعلمية أي من الفريقين
بارك الله فيكم ونفع بكم شيخنا د. بدر
 

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: الحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي والحافظ السخاوي والحافظ ابن كثير يجيزون الاحتفال بالمولد النبوي إذا كان خالياً من المحرمات والمكروهات وخلاف الأولى

شيخنا د. بدر
حضرتك من المانعين وقائل بأن الخلاف غير معتبر
والدكتور فؤاد الهاشمي وهو أيضاً من المانعين قائل بأن الخلاف معتبر (وقد سبق كلامه)
فالأنظار للمسألة تتفاوت منها ما يرى اعتبار الخلاف ومنها ما يرى عدم اعتباره
ففى هذه الحالة هل يسوغ الإنكار فى أصل عمل المولد إذا كان خالياً من المحرمات والمكروهات وخلاف الأولى ؟


منقول من صفحة الشيخ محمد عبد الواحد الأزهري:

محمد الأزهري الحنبلي

لا فرق صحيح بين تخصيص يوم المولد بدرس السيرة والشمائل، وتخصيص يوم أسبوعيا أو شهريا بدرس آخر أو مؤتمر أو ملتقى.

هذا محل بحثنا..

وقد يزيد بعضهم الصومَ وإطعام الطعام ونحوهما، فيجعلون لهذا اليوم في نفسه مزية تفعل فيه هذه العبادات..

ولهم عُلقة حسنة بأدلة؛ كصوم النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين؛ فقد علله بأنه يوم ولد فيه.

وكذا ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلّم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسألهم فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه فرعون ونجى موسى فنحن نصومه شكراً لله تعالى..

وقد أخذ منه الحافظ ابن حجر مشروعية فعل الشكر لله على ما منّ به في يوم معين؛ من إسداء نعمة أو دفع نقمة، وأن ذلك يعاد في نظير ذلك اليوم من كل سنة.

والشكر لله يحصل بأنواع العبادة؛ كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة.
قال ابن حجر: وأي نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي؛ نبي الرحمة في ذلك اليوم!

قال: وعلى هذا فينبغي أن يتحرى اليوم بعينه حتى يطابق قصة موسى في يوم عاشوراء. انتهى.

وقد يخرج بعض ذلك أيضا على قصة ثويبة مولاة أبي لهب.

واعلم أنه لا بحث لنا فيما يصاحب الاحتفال من منكرات؛ من غلو واختلاط وغيرهما.


فما ذكرته أولا = الخلاف فيه سائغ.

وغيره = لا.

واعلم أنه حتى مع القول بالبدعية فقد يؤجر المحتفل لحسن قصده، ولا علاقة لهذا برد العمل لكونه بدعة، فالثواب على القصد لا على العمل، فالجهة منفكة.

(محمد الأزهري الحنبلي : يعني أن من ابتدع بدعة بلا علم منه أو بتأول وكان الباعث عليها مثلا تعظيما لأمر شرعي أو لرسول الله صلى الله عليه وسلم = فقد يثاب على حسن قصده وعلى هذا التعظيم، ثوابا قاصرا على هذا القصد الحسن.
وأما نفس العمل المبتدَع فلا ثواب عليه؛ بل هو مردود بنص الحديث.
لكن رد العمل لا يستلزم عدم الثواب على أمر آخر، الجهة بينهما منفكة.
وهذا ينطبق على مسألة المولد لو قلنا ببدعيتها.
ولهذا قال ابن تيمية: (ﻓﺘﻌﻈﻴﻢ اﻟﻤﻮﻟﺪ، ﻭاﺗﺨﺎﺫﻩ ﻣﻮﺳﻤﺎ، ﻗﺪ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎﺱ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻓﻴﻪ ﺃﺟﺮ ﻋﻈﻴﻢ؛ ﻟﺤﺴﻦ ﻗﺼﺪﻩ، ﻭﺗﻌﻈﻴﻤﻪ ﻟﺮﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ).


ثم ها هنا تنبيهان:

1- أن نهي القائم بهذا الاحتفال على وجه بدعي بما يؤدي إلى تفويت ما فيه من مصلحة بلا بديل شرعي؛ بل قد ينشغل بمحرم = ليس مشروعا.

وقد نبه على هذا المعنى في هذا الموضع ونحوه ابن تيمية.

ذلك أن النفوس قد خلقت لتعمل لا لتترك، فإن لم يشتغل العبد بعمل صالح، وإلا لم يترك العمل السيء أو الناقص، وقد يحسن من بعض الناس ما يستقبح من المؤمن المسدد.

ولهذا قيل للإمام أحمد عن بعض الأمراء: إنه أنفق على مصحف ألف دينار؟
فقال: دعه، فهذا أفضل ما أنفق فيه الذهب.

مع أن مذهبه أن زخرفة المصاحف مكروهة!

وقصد الإمام: أن هذا العمل فيه مصلحة وفيه أيضا مفسدة كره لأجلها.

فهؤلاء إن لم يفعلوا هذا وإلا اعتاضوا الفساد الذي لا صلاح فيه؛ مثل: أن ينفقها في كتاب من كتب الفجور ككتب الأسماء أوالأشعار أو حكمة فارس والروم.

قال ابن تيمية: فمن تعبد ببعض هذه العبادات المشتملة على نوع من الكراهة؛ كالوصال في الصيام وترك جنس الشهوات ونحو ذلك، أو قصد إحياء ليال لا خصوص لها كأول ليلة من رجب ونحو ذلك = قد يكون حاله خيرا من حال البطال الذي ليس فيه حرص على عبادة الله وطاعته؛ بل كثير من هؤلاء الذين ينكرون هذه الأشياء = زاهدون في جنس عبادة الله من العلم النافع والعمل الصالح أو في أحدهما، لا يحبونها ولا يرغبون فيها، لكن لا يمكنهم ذلك في المشروع فيصرفون قوتهم إلى هذه الأشياء، فهم بأحوالهم منكرون للمشروع وغير المشروع، وبأقوالهم لا يمكنهم إلا إنكار غير المشروع!

2- أن واقع كثير ممن ينهون عن درس السيرة في هذا اليوم أنهم لا يقرؤونها في غيره، والأمة في معظمها في غفلة عن هذا، فنهي الناس عن هذا بلا تعظيم منهم لهذا اليوم بخصوصه = من جنس نهيهم عن درس علم اقتضته الحاجة.

ولاحِظْ أنني كل هذا لم أقل بمشروعية هذا الاحتفال، ولم أدع إليه، ولا يعنيني أن تقلد من قال بهذا أو هذا، إنما يعنيني بناء الأقوال بناء صحيحا محكما، وبيان محل السواغية في هذا الخلاف الذي ضخمه بعض الطائفتين لعوامل عديدة.

وقد بينت من قبل أني أنكر أشد الإنكار على من رمى القائل ببدعية الاحتفال بجفاء النبي صلى الله عليه وسلم وعدم قدره حق قدره الشريف.. فهذا بهتان مبين وإفك عظيم.


والله من وراء القصد.
https://www.facebook.com/MOHAMMADELSALAFY/posts/466879863421839
 
إنضم
12 يناير 2013
المشاركات
953
الإقامة
المطرية دقهلية مصر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو سارة
التخصص
لغة عربية
الدولة
مصر
المدينة
المطرية دقهلية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: الحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي والحافظ السخاوي والحافظ ابن كثير يجيزون الاحتفال بالمولد النبوي إذا كان خالياً من المحرمات والمكروهات وخلاف الأولى

لكن ذكر الاحتفال لا ينصرف لهذه الامور التي ذكرتها بل ينصرف للرقص والاختلاط والغلو في ذات النبي صلى الله عليه وسلم ولو استعمل لفظا غير لفظ الاحتفال لكان خيرا .
بعد تفكير ونظر في بعض تقريرات اهل العلم المعتبرين أعتقد أن إقامة احتفال بمولد النبي أمر لا يشرع لأنه اتخاذ عيد لم يقره الشرع حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تجعلوا قبري عيدا ) والعيد احتفال يعود كل عام.
ونهى صلى الله عليه وسلم عن ايقاد السرج على المساجد وهذا النهي يقع فيه من يقول بإقامة الموالد .
كما أن القول بسنية إقامة المولد يفتح باب شر وهو الغلو في الصالحين وإقامة موالد لهم كذلك وهو أمر لم يكن من هدي سلفنا الصالح .
كما ان إقامة المولد بهذه الطريقة لا يكون حتى من البدعة الحسنة حيث لم يعتبر الشرع مثل هذا الاحتفال في أي شيء حتى يقاس عليه المولد النبوي .
فغاية الأمر عندي لو أخذنا بالأدلة التي استدل بها الأئمة رحمهم الله على جواز المولد لكان ينبغي ألا تخرج عما ورد فيها فغاية ما ورد هو الفرح والتصدق أو كثرة العبادة أو صيام فقط وهذا ما ورد في الأدلة فلو أردنا القياس على هذه الأدلة وإسقاطها على أمر المولد النبوي فينبغي ألا تخرج عن الفرح بمولده صلى الله الله عليه وسلم والتصدق ولو قيل الصوم لم يكن بعيد لقوله عن صيام الإثنين .
كما ان دعوى انشغال الصحابة عن الاحتفال بالمولد فمردود كيف ينشغل الصحابة عن أمر مهم سنوات ولو فرضنا انهم انشغلوا فهل انشغل المسلمون قرونا طويلة عن امر جلل وتفرغ له الروافض؟؟
 

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: الحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي والحافظ السخاوي والحافظ ابن كثير يجيزون الاحتفال بالمولد النبوي إذا كان خالياً من المحرمات والمكروهات وخلاف الأولى

ولو استعمل لفظا غير لفظ الاحتفال لكان خيرا .
ليس المهم الألفاظ
المهم أن تخصيص هذا الشهر بما ذكر من السيرة والشمائل وإطعام الطعام وإظهار السرور مع انتفاء المحرمات والمكروهات وخلاف الأولى ، الخلاف فى حكم هذه الصورة (هل هو بدعة مذمومة أم حسنة) خلاف سائغ معتبر

وكما قلت من قبل أنا لم أطرح الموضوع لمناقشة أي الحكمين أرجح فهي مسألة خلافية قديمة

بل لإثبات سواغية الخلاف فى هذه الصورة

فقد أثبتها الدكتور فؤاد الهاشمي مع كونه من المانعين وأثبتها الشيخ محمد عبد الواحد الأزهري ويؤيده أن من غير المتصور أن يكون خلاف هؤلاء الأئمة الحفاظ ومعهم الإمام ابن حجر الهيتمي خلافاً غير معتبر

وما دام الخلاف فيها سائغاً فالجزم بصواب أو خطأ أي من القولين غير وارد (إنما هى غلبة ظن الفقيه بترجيح أي من القولين)

وما دام سائغاً فلا يسوغ الإنكار فى هذه الصورة ، إنما يسوغ فقط النصيحة بالخروج من الخلاف لكونه مستحباً

والله أعلم
 

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: الحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي والحافظ السخاوي والحافظ ابن كثير يجيزون الاحتفال بالمولد النبوي إذا كان خالياً من المحرمات والمكروهات وخلاف الأولى

وما دام الخلاف فيها سائغاً فالجزم بصواب أو خطأ أي من القولين غير وارد (إنما هى غلبة ظن الفقيه بترجيح أي من القولين)


محمد الأزهري الحنبلي


منذ 14 دقائق

ليت المشايخ وهم يدرسون الطلبة المبتدئين الخلاف -مع عدم صلاحية ذلك لهم- يدرسونهم أدب الخلاف، وعدم إمكانية الحسم في الظنيات، وهي عامة المسائل الخلافية الفروعية.

وليتهم يراعون ذلك حال التصدي للترجيح.

https://www.facebook.com/MOHAMMADELSALAFY/posts/480336645409494
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,144
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
رد: الحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي والحافظ السخاوي والحافظ ابن كثير يجيزون الاحتفال بالمولد النبوي إذا كان خالياً من المحرمات والمكروهات وخلاف الأولى

الإخوة الكرام: النقل بهذه الطريقة من الفيسبوك في ملتقانا غير معتاد؛ فالمرجو عدم إضافة الروابط في عموم الملتقى من الفيسبوك؛ مما يشوش على المشاركات.
ولكم وافر التحية ،،،
المشرف العام
 

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: الحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي والحافظ السخاوي والحافظ ابن كثير يجيزون الاحتفال بالمولد النبوي إذا كان خالياً من المحرمات والمكروهات وخلاف الأولى

الروابط مهمة لتوثيق النقل وتأكد قارىء المشاركة من عدم خطأ الناقل
وما وجه تجنب روابط الفيس بوك خاصةً دون غيرها؟
وهل كل ما هو غير معتاد يجب تجنبه مع كونه غير مخالف لسياسة الملتقى؟
أرجو التوضيح بارك الله فيكم
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,144
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
رد: الحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي والحافظ السخاوي والحافظ ابن كثير يجيزون الاحتفال بالمولد النبوي إذا كان خالياً من المحرمات والمكروهات وخلاف الأولى

الروابط مهمة لتوثيق النقل وتأكد قارىء المشاركة من عدم خطأ الناقل
وما وجه تجنب روابط الفيس بوك خاصةً دون غيرها؟
وهل كل ما هو غير معتاد يجب تجنبه مع كونه غير مخالف لسياسة الملتقى؟
أرجو التوضيح بارك الله فيكم
جاء في ميثاق التسجيل بالموقع:
تجنُّب نقل الموضوعات من الملتقيات الأخرى إلاَّ في أضيق الحدود.

http://www.feqhweb.com/view_pages.php?do=view&ids=45
 

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: الحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي والحافظ السخاوي والحافظ ابن كثير يجيزون الاحتفال بالمولد النبوي إذا كان خالياً من المحرمات والمكروهات وخلاف الأولى

إذاً هل يمكنني النقل عن الشيخ بدون روابط؟
 

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: الحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي والحافظ السخاوي والحافظ ابن كثير يجيزون الاحتفال بالمولد النبوي إذا كان خالياً من المحرمات والمكروهات وخلاف الأولى

يرفع للمناسبة
 
أعلى