العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

شرح تذليل العقبات بإعراب الورقات

إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,457
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد
فقد عزمت مستعينا بالله تعالى على البدء في إعراب متن الورقات لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني – رحمه الله تعالى- والتحشية عليه بما تيسر، وهو كتاب قال فيه شارحوه: " كتاب صغر حجمه، وكثر علمه، وعظم نفعه، وظهرت بركته"[1] وكان هذا تلبية لرغبة بعض الإخوة في ذلك، وقد كنت قدَّرْتُ في نفسي أن أكتفي بإعراب المتن وأن أترك الشرح للشراح؛ حيث أن هذا هو المطلوب فكتبت شيئا على هذا التقدير، وفي أثناء ذلك كنت أرجع إلى الشروح والحواشي: لألتقط من فوائدها، وأغتنم من فرائدها؛ كما كنت أصنع من قبل ذلك حين صنعت النسخة المصححة من المتن؛ فرأيت أن أقيد شيئا من هذه الفوائد والدرر، وأنثرها بين ما أكتبه، وإن أدى ذلك إلى طول الشرح وخلط الأصول بالنحو.فإن قلت: الاختصار أفضل.قلت: الاختصار كثير والحصول عليه يسير، ولو كان كل من يكتب يكتب اختصارا، لكان تَكرارا، لا يختلف إلا بالسياق أو العباره، فدعني أصنع لك حاشية لا كالحواشي، أعيذها بالله من كل واشية وواشي.
هذا، ومن منهجي في العمل:
1- أن أكتب الفقرة المراد شرحها من المتن باللون الأحمر الثقيل.
2- ثم أبدأ بإعرابها كلمة كلمة، وأضع كلَّ كلمةٍ في أول السطر بين قوسين وأميزها بالخط الأحمر الثقيل وبوضع خط تحتها، ثم أعربها في أول مرة إعرابا تفصيليا حتي لو كان إعرابها واضحا، فأقول مثلا: (مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره)، وهكذا، فإذا تكرر مثل هذا قلت: (مبتدأ) ولا أزيد إلا أن يكون الإعراب تقديريا أو محليا أو فيه إشكال فأنص عليه.
3- لا أعني بالإعراب التفصيلي ذكرَ كل وجوه الإعراب المحتملة، بل لا أعني بها إلا ما سبق وانظر التالي.
4- قد تحتمل الكلمة وجهين أو أكثر من وجوه الإعراب فاعلم أنه ليس من شَرطي ذكرها كلها، بل لا أذكر إلا ما حضرني منها، فإن اتفق لك وجه لم أذكره فاعلم أني لم أذكره لإحدى ثلاث:
الأولى- أني أجهله.
الثانية- أني تركته عمدا لعدم تيقني منه.
الثالثة- أني تركته مخافة التشويش على القارئ، إلا في البسملة؛ فإن العلماء قد كفَوْني أمرها؛ فأنا فيها تابع لا غير ويقتصر عملي على توضيح ما قالوه بما يناسب المقام.
5- بعد الإعراب أذكر المعنى على وجه الاختصار.
6- أشرع بعد ذلك في فقرة عنوانها: [قال صاحبي] وفيها أذكر: الفوائد المستخرجة، والزوائد المستنبطة، وأُورِدُ فيها من الإشكالات التي قد تعترض الطالب؛ فتسبب سوء الفهم أو عدمه، بطريق الحوار بيني وبين صاحبي حتي يزول الإشكال والإيراد، ويتضح المعنى المراد.واعلم أن الإشكال المذكور قد يكون على عبارة المصنف وقد يكون على ما يذكره المُحَشِّي، وقد يكون في النحو وقد يكون في الأصول، وقد أطيل في النحو عن الأصول لا سيما إذا كانت عبارة المتن مما لا تحتاج إلى بيان؛ لأن المتن قد خُدِمَ في جانب الأصول بما لا مزيد عليه ولا كذلك في باب الإعراب والنحو؛ فلهذا قد أترك بعض الفقرات دون الإطالة في بيانها من جهة الأصول، بل لا تكون الإطالة إلا من جهة النحو؛ فلا وجه لمعترض بعد ذلك أن يقول: المتن حَالِ[2] والشرح خالي.
والله الموفق.
وقبل الشروع في المقصود :حمل نسختين مصححتين من متن الورقات من هنا:
https://feqhweb.com/vb/threads/.18403
وهذا أوان الشروع في المقصود بعون الملك المعبود

________________________________________
[1] قرة العين شرح ورقات إمام الحرمين للحطاب المالكى 2 بهامش حاشية السوسي على قرة العين ط. المطبعة التونسية
[2] حال: من الْحِلْيَةِ يقال: حليت المرأة وهي حال وحالية.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,457
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

المعنى​
فِعْلُ النبي صلى الله عليه وسلم قسم من أقسام السنة لأن السنة هي قول النبي صلى الله عليه وسلم وفِعْلُهُ وتقريرُه فتكلم هنا عن فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم وتقريرِهِ ثم ذكر الأقوال بعد ذلك في باب الأخبار
وحاصل ما ذكره المصنف، رحمه الله، هنا أن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم تنقسم إلى قسمين:
الأول- ما فَعَلَهُ النبي صلى الله عليه وسلم على وجه التعبد لله والقربة والطاعة له
الثاني- ما فعله على غير وجه القربة والطاعة


فالأول وهو ما كان على وجه القربة والطاعة لا يخلو من حالين:
1- أن يدل دليل على الاختصاص به أي أن يدل دليل على أن هذا الفعل من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم
فحكم هذا الفعل أنه يحمل على الاختصاص به ولا تشاركه فيه أمتُه.
مثاله: حديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يواصل أي: يصوم يومين فأكثر من غير أن يفطر، ونهيُهُ عن الوصال، ومن ذلك زواجه صلى الله عليه وسلم عن طريق الهبة بأن تهب المرأة نفسها له كما قال تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 50]
ومنه جَمْعُهُ صلى الله عليه وسلم في النكاح بين أكثر من أربع نسوة ...الخ


2- ألا يدل دليل على الاختصاص به فهذا حُكْمُهُ أن هذا الفعل يكون عاما له صلى الله عليه وسلم ولأمته كما قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21].
فقد أخبرنا الله عز وجل في هذه الآية أن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة يعني قدوة حسنة فعلينا أن نقتدي به فهذا يدل على أن الأصل في فِعْلِهُ صلى الله عليه وسلم أنه عامٌّ للأمّة إلا ما دل الدليل على أنه من خصوصياته صلى الله عليه وسلم كما سبق
ولكن ما حُكْمُ هذا النوع؟
الجواب: حُكْمُهُ أنه مشروع، ثم اختلف العلماء في نوع هذه المشروعية:
= فذهب بعضهم إلى أن الفعل هنا واجب
= وذهب بعضهم إلى أنه مندوب
= وذهب بعضهم إلى التوقف وعدم الجزم بالوجوب أو الندب حتى يدل الدليل​
والراجح – إن شاء الله تعالى – أنه مندوب
وهذه الأقوال الثلاثة إذا لم يكن الفعل بيانا لإجمال.


فإن كان بيانا لإجمال: كبيان كيفية الصلاة والصوم والحج ...الخ فهذا يأخذ حكمُ المجمل:
- فإن كان المجملُ واجبا فالفعل واجب
- وإن كان المجملُ مندوبا فالفعل مندوبٌ.
والله أعلم.​
وأما الثاني – وهو ما فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم على غير وجه القربة والطاعة بل بالطبيعة الجِبِلِّيَّةِ فهذا حُكْمُهُ للأُمَّةِ أنه مباح، وهذا كالأكل والشرب والقيام والقعود والنوم
وفي الباب تفصيلات أخرى ولكن نكتفي بما سبق ففيه كفاية لغرض المتن، والحمد لله رب العالمين
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,457
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم​


وَإِقْرَارُ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ عَلَى الْقَوْلِ هُوَ قَوْلُ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ، وَإِقْرَارُهُ عَلَى الْفِعْلِ كَفِعْلِهِ.
وَمَا فُعِلَ فِي وَقْتِهِ، فِي غَيرِ مَجْلِسِهِ، وَعَلِمَ بِهِ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا فُعِلَ فِي مَجْلِسِهِ.​
______________________________________​
(وَ): استئنافية
(إِقْرَارُ): مبتدأ، ومضاف
(صَاحِبِ): مضاف إليه، وهو مضاف أيضا
(الشَّرِيعَةِ): مضاف إليه
(عَلَى الْقَوْلِ): متعلق بـ (إقرار)
(هُوَ): ضمير فصل لا محل له من الإعراب
(قَوْلُ): خبر، ومضاف
(صَاحِبِ): مضاف إليه، ومضاف
(الشَّرِيعَةِ): مضاف إليه
والجملة من المبتدإ والخبر وما تعلق بهما لا محل لها من الإعراب استئنافية
(وَ): عاطفة أو استئنافية
(إِقْرَارُهُ): مبتدأ، و(إقرار) مضاف والضمير مضاف إليه
(عَلَى الْفِعْلِ): متعلق بـ (إقرار)
(كَفِعْلِهِ): متعلق بمحذوف خبر
والجملة من المبتدإ والخبر لا محل لها من الإعراب معطوفة على جملة (إقرار صاحب الشريعة ...الخ) الاستئنافية إن جعلت الواو عاطفة، أو لا محل لها من الإعراب استئنافية إن جعلت الواو استئنافية
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,457
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

(وَ): عاطفة أو استئنافية
(مَا): اسم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ أول، وهي معرفة تامة بمعنى الشيء أو الفعل أو القول.
(فُعِلَ): فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازا يعود على (ما)
وجملة الفعل ونائب الفاعل وما تعلق بهما في محل رفع صفة لـ(ما)
(فِي وَقْتِهِ): الجار والمجرور متعلقان بـ (فُعِلَ) و(وقت) مضاف و(الهاء) ضمير مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه
(فِي غَيرِ): متعلق بمحذوف حال من نائب الفاعل، و(غير) مضاف
(مَجْلِسِهِ): (مجلس) مضاف إليه، و(مجلس) مضاف والضمير مضاف إليه
(وَ): واو الحال، وعليه فالأفضل تقدير (قد) محذوفة أي: وقد علم به
(عَلِمَ): فعل ماض، والفاعل مستتر يعود على (صاحب الشريعة) صلى الله عليه وسلم.
والجملة في محل نصب حال
(بِهِ): متعلق بـ (علم)
(وَ): تحتمل أن تكون حالية عند من يجيز تعدد الحال أو عاطفة
(لَمْ): حرف نفي وجزم وقلب
(يُنْكِرْهُ): فعل مضارع مجزوم بـ (لم) وعلامة جزمه السكون، والفاعل مستتر جوازا تقديره هو يعود على صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم والهاء ضمير مبني على الضم في محل نصب مفعول به
والجملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل نصب حال عند من يجيز تعدد الحال أو في محل نصب معطوفة على جملة (علم به)
وتقدير ماسبق: وما فُعِلَ في وقته عالما به غيرَ منكِرٍ له
(فَـ): زائدة لتحسين اللفظ
(حُكْمُهُ): مبتدأ ثان، و(حكم) مضاف والضمير مضاف إليه
(حُكْمُ): خبر، والجملة من المبتدإ الثاني وخبره خبر المبتدإ الأول (ما)، و(حكم) مضاف
(مَا): مضاف إليه
(فُعِلَ): فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود على (ما)
(فِي مَجْلِسِهِ): متعلق بـ (فعل)، و(مجلس) مضاف والهاء مضاف إليه
والجملة من الفعل ونائب الفاعل وما تعلق بهما في محل جر مضاف إليه
 
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

وهي معرفة تامة بمعنى الشيء أو الفعل أو القول.
(فُعِلَ): فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازا يعود على (ما)
وجملة الفعل ونائب الفاعل وما تعلق بهما في محل رفع صفة لـ(ما)
(ما) موصول اسمي واقع إما على الشيء أو الفعل أو القول، والجملة الفعلية بعده لا محل لها صلة الموصول
(وَ): تحتمل أن تكون حالية عند من يجيز تعدد الحال أو عاطفة
الأحوال هنا المتداخلة لا المتوالية التي اختلف في جواز تعددها؛ لما يلزم من فساد معنى - إن لم يلاحظ في الفعل قيد العلم - على القول بأنها متوالية
(فَـ): زائدة لتحسين اللفظ
الزائدة في خبر الموصول تشبيها له بالشرط
(مَا): مضاف إليه
(فُعِلَ): فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود على (ما)
(فِي مَجْلِسِهِ): متعلق بـ (فعل)، و(مجلس) مضاف والهاء مضاف إليه
والجملة من الفعل ونائب الفاعل وما تعلق بهما في محل جر مضاف إليه
(ما) موصول اسمي وهو مضاف إليه، والجملة الفعلية بعده صلته. والله أعلم .
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,457
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

أحسنت أحسن الله إليك
في الحقيقة هناك بعض المواضع كنت تساهلت فيها وقت الكتابة من التعب والإجهاد غالبا وكنت أنوي الرجوع إليها لاحقا فنسيتها،
وهذا يحصل لي في كل ما أكتب تقريبا ليس هنا فحسب، وذلك أني لا أحب أن أترك موضعا خاليا فإما أن أكتبه وإما أن أقف فإذا كتبته فربما كتبته كيفما اتفق ناويا الرجوع إليه لاحقا فربما رجعت إليه وربما نسيته
ولكن يتم اكتشاف أكثر هذه المواضع
وفي الحقيقة أيضا أقول: إن اكتشاف هذه المواضع مما يسعدني ولهذا فأنا أرجو من إخواني وشيوخي الكرام ممن وقف على أي موضع خطأ أن ينبهني له حتى أستطيع تصويبه وإصلاحه فإن في هذا فائدة عامة وهو من التعاون على البر والتقوى
ورحم الله امرءًا أهدى إليّ عيوبي
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,457
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

المعنى​
لما تكلم عن أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ناسب أن يتكلم عن إقراره لأنه من السنة أيضا لأن السنة قول أو فعل أو إقرار، فذكر صورتين للإقرار:
إحداهما-أن يقول أحد قولا أو يفعل فعلا في حضوره صلى الله عليه وسلم فيسكت النبي صلى الله عليه وسلم مقرا له فحكم هذا القول أو الفعل الإباحة
الثانية-أن يقول أحد قولا أو يفعل فعلا في غير حضور النبي صلى الله عليه وسلم فيعلمُ به النبي صلى الله عليه وسلم فيسكت عنه ويقره فحكمه أيضا الإباحة.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,457
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

قال صاحبي​
قال: مَنْ صاحب الشريعة؟
قلت: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: أليس صاحب الشريعة هو الله تعالى؟
قلت: بلى
قال: فكيف تقول: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم
قلت: كلامه هنا وفي الأفعال يدل على أنه يريد به الرسول صلى الله عليه وسلم
قال: فكيف ذلك؟ أعني كيف جَعَلَه صاحبَ الشريعة؟
قلت: لأنه صلى الله عليه وسلم هو المبلغ لها عن ربه عز وجل فكل ما جاء عن غير طريقه فليس من الشريعة
قال: كيف يكون إقراره صلى الله عليه وسلم هو قوله؟ أليس الإقرار هو الموافقة؟
قلت: بلى، ولكن ...
فقاطعني قائلا: ثم إن المراد بالقول هنا قولُ شخص آخر غير النبي صلى الله عليه وسلم فكيف يكون قولُ غيرِ النبي هو قولُ النبي صلى الله عليه وسلم؟
قلت له: حنانيك، هَوِّنْ على نفسِك، فإن الكلام على التشبيه
قال: وكيف ذلك؟
قلت: شبه إقراره صلى الله عليه وسلم بقوله
فنظر إليَّ مُصغيا وقال: ثم ماذا؟
قلت: ثم حذف الأداة والوجه
قال: فهو تشبيه بليغ؟
قلت: نعم
قال: أَفْهَمُ مِنْ هذا أن معنى كلام المصنف (إقرار صاحب الشريعة ... كقوله)؟
قلت: نعم، هو ذا
قال: فما وجه الشبه إذن؟
قلت: الدلالة على أن هذا القول الذي أقر عليه حق
قال: وكيف ذلك؟
قلت: أين المشبه؟
قال: إقراره صلى الله عليه وسلم على (قول شخص آخر غيره)
قلت: فأين المشبه به؟
قال: قوله صلى الله عليه وسلم نفسَ (قولِ الشخص الآخر)
قلت: فما الجامع بين ما سبق
قال: الجامع هو ما وضعته بين قوسين وهو (قول الشخص الآخر) غير النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: حسنا، فهمتَ الآن؟
قال: لا، بل كنت فاهما فصرت غيرَ فاهم
فضحكتُ وقلتُ: لا تحزن فقد بقِيَ سؤالان بل ثلاثة وتفهم الأمر على وجهه
قال: هاتِ
قلت: ...
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,457
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

قلت: أليس إقرارُه صلى الله عليه وسلم لقولِ غيرِه (حقا)؟
قال: بلى
قلت: وقوله صلى الله عليه وسلم (حقا)؟
قال: بلى
قلت: فما الجامع بينهما؟
قال: الجامع هو أن كلا من الإقرار والقول (حق)
قلت: وهذا هو وجه الشبه المراد، وهو الدلالة على أن الَقول الذي أقرَّهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم حقٌّ
قال: نعم، هكذا فهمتُ
ثم قال: ولكن المصنف صرَّحَ بأداة التشبيه في الموضع الثاني حيث قال: "وإقرارُهُ على الفِعْلِ كفعله"
قلت: نعم
قال: فلماذ فعل ذلك؟
قلت: إما تَفَنُّنًا؛ وهو التنوُّع في القول؛ بأن يذكرَ في موضعٍ فنًّا من القول لا يذكره في الموضع الآخر ويذكرَ في الموضع الآخر ما لا يذكره في الأول.
قال: نعم
قلت: أو بيانا
قال: بيانا لماذا؟
قلت: بيانا لأنه أراد التشبيه في الموضع الأول الذي تحدثنا عنه
قال: نعم
ثم قال: ذكرت أن إقراره صلى الله عليه وسلم على قول أحد أو فعله كقوله هو صلى الله عليه وسلم وكفعله
قلت: نعم
قال: فهذا يدل على أن هذا القول أو الفعل الصادر من أحد حق جائزٌ
قلت: نعم
قال: وحيث دل على الجواز فهل يدل على الإباحة المجردة أو يحتمل الوجوب والندب؟
قلت: لا أستحضر فيه نقلا، لكني أميل إلى الإباحة
قال متعجبا: ماذا؟ ماذا؟
قلت: لا أستحضر ... أأأ
فقاطعني قائلا: ما هذا أتظن نفسك السبكي؟!
قلت متحرجا: وما ذاك؟
قال: السبكي هو الذي قال: (لا أستحضر فيه نقلا) ثم مال إلى الإباحة
فضحت وقلت: قاتلك الله! أَوَ تعلمُ ذلك؟
قال: نعم، أعلمه
فقلت: أردت أن أمازحك
قال: بل أردت أن تدلس عليّ
قلت: لا بأس ولكنك علمته على كل حال
قال: نعم
قلت: هيه
قال: لماذا رجح السبكي الحملَ على الإباحة؟
قلت: لأنها الأصل
قال: لماذا كان إقراره صلى الله عليه وسلم على القول كقوله وعلى الفعل كفعله؟
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,457
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

قلت: لأنه لو أقر على:
- قول ليس بحق،
- أو على فعل ليس بجائز​
كان مُقِرًّا على المنكر؛ لأن غير الحق وغير الجائز منكر،
وهو صلى الله عليه وسلم معصوم عن أن يقر أحدا على منكر؛ لأن الإقرار على المنكر منكر، وهو معصوم عن المنكر[1].
قال: أيها أقوى: القول أو الفعل أو الإقرار؟
يعني لو تعارضت هذه فأيها يُقَدَّم؟
قلت: الأغلب يميلون إلى:
- تقديم القول
- ثم الفعل
- ثم الإقرار.​
قال: ولِمَ؟
قلت: لأن القول لا يوجد فيه احتمال خصوصية أبدا
أما الفعل ففيه احتمال خصوصية
وأما التقرير فإنه يتطرق إليه احتمال لا يتطرق إلى الفعل:
- إذ قد يُفْعَلَ فِعْلٌ والرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن منتبها له؛ كأن يكون قد شُغِلَ بشيء آخر، فيأتي الفاعل لهذا الفعل فيقول: "أنا فعلت هذا الفعل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكِرْ عليّ"
- وأيضا فالفِعْلُ قد باشره النبيُّ صلى الله عليه وسلم بنفسه فيكون التقرير أقل رتبة منه.
قال: فهذا التفصيل بين القول والفعل والتقرير دائما
قلت: نعم، إذا لم توجد قرائن
فإن وجدت قرائن فربما يُقَدَّمُ الفعلُ على القول

_________________________________
[1] الشرح الكبير على الورقات لابن قاسم 302.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,457
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

قال: ذكرت أن جملة (وعلم به) حالية وأن الأفضل تقدير (قد)
قلت: نعم
قال: فلماذا كان الأفضل تقديرها
قلت: لأن الجملة الحالية إذا كانت ماضوية فالأكثر أن تقترن بـ (قد)[1].
قال: وذكرتَ أن الواو في قوله: "ولم ينكرْهُ" تحتمل أن تكون واو الحال عند من يجيز تعدد الحال، وأن تكون عاطفة، فما معنى هذا الكلام؟
قلت: إذا سُبِقَتْ الواو التي تحتمل الحالية بجملة حالية، كما هنا، احتملت الواو أن تكون عاطفة فتكون الجملة حالية بالتبعية أو أن تكون الواو حالية فتكون الجملة حالية أصالةً لا تبعا[2].
قال: أنا لا أوافقك على أن الواو هنا واو الحال
قلت: فما تقول أنت؟
قال: أقول: الواو هنا ابتدائية أو استئنافية أو بمعنى (إذْ)
فعلمتُ أنه كعادتِهِ يريد أن يتفلسف بغير علم
فقلت له: أصبتَ مُخْطِأً، أو أخطأتَ مصيبًا
فقال متلعثما: لـِ لـِ لـِ لماذا؟ بل ماذا تقول؟
فضحكتُ وقلتُ: هو ما سمعتَ
فسكتَ قليلا ثم قال: ماذا تريد أن تقول؟
قلت: أريد أن أقول: إنك أصبتَ في قولك إن الواو هنا: ابتدائية أو استئنافية أو بمعنى (إذ)
قال: ثم ماذا؟
قلت: ثم أخطأتَ في ظنِّكَ أن هذه الثلاثة مختلفة، بل هي كلها بمعنى واحد
قال: بل أنت الذي أخطأتَ الآن
قلت: وكيف ذلك؟
قال: ألا تعلم أن أبا البقاء العكبري قال في قوله تعالى: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} [آل عمران: 154]: "وتسمى هذه الواو واو الحال، وقيل بمعنى (إذ) وليس بشيء"[3]، وقبله قال مكي: "وهذه الواو قيل: هي واو الابتداء، وقيل: واو الحال: وقيل: هي بمعنى (إذ)"[4].
قلت: نعم أعلم ذلك وقد أشرت إلى موضعيهما في كتابيهما في الحاشية
قال: فأنت تُخَطِّؤهما؟
قلت: نعم، هذا وهم منهما
قال: فأنت أعلم منهما
قلت: لا، ولكن العلماء خطؤوهما فتبعتهم لأن قولهما مخالف لما تقرر في علم العربية
قال: فاذكر لي قول مَنْ خَطَّأَهما
قلت: قال ابن هشام: "ووهم أبو البقاء في قوله تعالى: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} [آل عمران: 154]، فقال: "الواو للحال، وقيل بمعنى إذ"، وسبقه إلى ذلك مكي وزاد عليه فقال: "الواو للابتداء وقيل للحال وقيل بمعنى إذ" انتهى، والثلاثة بمعنى واحد، فإن أراد بالابتداء الاستئناف فقولهما سواء[5].
قال: إذن فالواو هنا للابتداء أو للحال أو بمعنى (إذ) كله سواء.
قلت: نعم

_________________________
[1] الجنى الداني في حروف المعاني 164.
[2] مغني اللبيب/ الخطيب 4/ 380 بتصرف.
[3] التبيان في إعراب القرآن لأبي البقاء العكبري 1/ 303 ت. علي محمد البجاوي ط. عيسى البابي الحلبي.
[4] مشكل إعراب القرآن لمكي بن أبي طالب 1/ 215 ت. حاتم الضامن ط. دار البشاير.
[5] مغني اللبيب – الخطيب 4/ 379.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,457
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

النَّسْخ​
قال المصنف
وَأَمَّا النَّسْخُ فَمَعْنَاهُ: الْإِزَالَةُ؛ يُقَالُ: " نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ ": إِذَا أَزَالَتْهُ.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: النَّقْلُ؛ مِنْ قَوْلِهِمْ: " نَسَخْتُ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ ": إِذَا نَقَلْتُهُ.
وَحَدُّهُ: الْخِطَابُ الدَّالُّ عَلَى رَفْعِ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالْخِطَابِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى وَجْهٍ لَوْلَاهُ لَكَانَ ثَابِتًا، مَعَ تَرَاخِيهِ عَنْهُ.
______________________________________
(وَ): استئنافية، أو عاطفة
(أَمَّا): حرف تفصيل فيه معنى الشرط
(النَّسْخُ): مبتدأ، وهو من جملة الجواب كما تقدم مرارا
(فَـ): واقعة في جواب (أمَّا) وهي مزحلقة عن موضعها، والأصل (وأما فالنسخ ...) فزحلقت الفاء عن موضعها من المبتدإ إلى الخبر لضرب من إصلاح اللفظ
(مَعْنَاهُ): (معنى) مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها التعذر
و(معنى) مضاف والضمير مضاف إليه مبني على الضم في محل جر
(الْإِزَالَةُ): خبر
والجملة من المبتدإ والخبر في محل رفع خبر المبتدإ (النسخ)
وجملة (النسخ معناه ...) جواب (أمّا) أو (مهما) أو جوابهما معا كما علمت سابقا
وجملة (أما النسخ فمعناه ...) لا محل لها من الإعراب استئنافية أو معطوفة على جملة (فأما أقسام الكلام ...) كما تقدم مرارا أيضا.
(يُقَالُ): فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة،
" نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ ": (نسخ) فعل ماض و(التاء) تاء التأنيث الساكنة وحُرِّكَتْ بالكسر لالتقاء الساكنين، و(الشمس) فاعل، و(الظل) مفعول به
والجملة في محل رفع: نائب فاعل لـ(يقال)
وجملة (يقال ... الظل) لا محل لها من الإعراب ابتدائية
(إِذَا): شرطية غير جازمة، ويقال في إعرابها: ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه منصوب بجوابه
(أَزَالَتْهُ): (أزال): فعل ماض، والتاء تاء التأنيث الساكنة، والفاعل مستتر يعود على (الشمس) و(الهاء) ضمير مبني على الضم في محل نصب مفعول به
والجملة في محل جر بإضافة (إذا) إليها
وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه والتقدير: (إذا أزالت الشمسُ الظلَّ يقال نسخته)
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,457
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات


(وَ): عاطفة
(قِيلَ): فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح لا محل له من الإعراب
(مَعْنَاهُ): (معنى) مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها التعذر، و(معنى) مضاف و(الهاء) ضمير مبني على الضم في محل جر مضاف إليه
(النَّقْلُ): خبر
والجملة في محل رفع نائب فاعل لـ(قيل)
وجملة (قيل ... النقل) في محل رفع معطوفة على جملة (معناه الإزالة) الواقعة خبرا لـ(النسخ)
(مِنْ قَوْلِهِمْ): متعلق بمحذوف نعت لـ(معنى) من قوله: "معناه النقل" أي: (معناه مأخوذ من قولهم: كذا)، و(قول) مضاف و(هم) مضاف إليه، والضمير (هم) يعود على العرب ولم يجر لهم ذكرٌ وثوقا بمعرفة السامع به، وهذا في الكلام كثير: كقوله تعالى: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: 32]، أي الشمس ولم يَجْرِ لها ذِكْرٌ، ومنه قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1]، أي القرآن ولم يجر له ذكر في الكلام.
("نَسَخْتُ): (نسخ) فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل، و(التاء) تاء المتكلم ضمير مبني على الضم في محل رفع فاعل
(مَا): اسم موصول بمعنى الذي مبني على السكون في محل نصب مفعول به
(فِي): حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب
(هَذَا): اسم إشارة مبني على السكون المقدر في محل جر بـ (في)، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره (استقر) وشبه الجملة (في هذا) صلةُ (ما) لا محل لها من الإعراب
(الْكِتَابِ"): بدل أو عطف بيان من (هذا) مجرور مثله وعلامة جره الكسرة الظاهرة
وجملة: (نسختُ ما ... الكتاب) في محل نصب مقول القول (قولهم)
(إِذَا): ظرف لما يستقبل من الزمان
(نَقَلْتُهُ): فعل ماض (نقل)، وفاعل (التاء)، ومفعول به (الهاء)، والجملة في محل جر بإضافة (إذا) إليها، والجواب محذوف يدل عليه ما تقدم والتقدير: إذا نقلتُ ما في الكتابِ يقال نسخته.
(وَ): استئنافية
(حَدُّهُ): مبتدأ، ومضاف إليه، ويعود الضمير على (النسخ) بمعنى (الناسخ)، أو على (الناسخ) المفهوم من (النسخ) أي: وحَدُّ الناسخِ.
(الْخِطَابُ): خبر إما للمبتدإ (حَدُّه) أو لمبتدإ محذوف والتقدير: هو الخطابُ، وتكون الجملة في محل رفع خبر المبتدإ (حَدُّه)، وهذا الثاني أقرب؛ للتصريح به في بعض نُسَخِ الورقات فقد ورد هكذا: (وحَدُّهُ هو الخطابُ ...الخ)
(الدَّالُّ): نعت لـ(الخطاب)
(عَلَى رَفْعِ): متعلق بـ (الدال)، و(رفْعِ) مضاف
(الْحُكْمِ): مضاف إليه
(الثَّابِتِ): نعت لـ(الحكم)
(بِالْخِطَابِ): متعلق بـ (الثابت)
(الْمُتَقَدِّمِ): نعت لـ(الخطاب)
(عَلَى وَجْهٍ): متعلق بمحذوف حال من فاعل (الدَّالّ) العائد على (الخِطَاب)[1] مِنْ قوله: "الخطاب الدال على رفع الحكم"
(لَوْلَاهُ): (لولا) حرف جر يجر الضمير خاصة، والهاء ضمير متصل نائب عن الضمير المنفصل إذ الأصل (لولا هو)، مبني على الضم وله محلان:
الأول–جر بـ (لولا) الامتناعية
والثاني-رفع على أنه مبتدأ، وهو يعود على (الخطاب الدَّالّ)، والخبر محذوف وجوبا أي: لولا الخطابُ الدَّالُّ موجودٌ.
(لَكَانَ): اللام واقعة في جواب (لولا)، و(كان) فعل ماض ناقص واسمها مستتر جوازا تقديره (هو) يعود على (الحكم) أي لكان الحُكْمُ الذي نُسِخَ ثابتا.
(ثَابِتًا): أي مستمرا، وهو خبر كان
وجملة (كان ثابتا) وما تعلق بها لا محل لها من الإعراب جواب شرط غير جازم هو (لولا)
وجملة (لولاه ... ثابتا) في محل جر صفة لـ(وجه) والعائد مقدر أي: معه[2].
(مَعَ): ظرف مكان منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، وهو متعلق بمحذوف حال من فاعل (الدَّالّ) أيضا أي في حال كونه مصاحبا لتراخيه عنه[3].
و(مع) مضاف
(تَرَاخِيهِ): (تراخي) مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة على آخره منع من ظهورها الثقل، و(تراخي) مضاف والهاء مضاف إليه يعود على (الخطاب الثاني)
(عَنْهُ): متعلق بـ (تراخِي)، والضمير يعود على (الخطاب المتقدم)، أي: مع تراخي الخطاب الثاني عن الخطاب المتقدم.

___________________________
[1] حاشية الدمياطي على شرح الورقات للمحلي 14، والشرح الكبير على الورقات لابن قاسم 312، وحاشية السوسي على قرة العين 120.
[2] انظر المراجع السابقة.
[3] السابقة.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,457
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات



المعنى​

هذا هو الباب العاشر من أبواب أصول الفقه التي ذكرها المصنف هنا في (الورقات) وهو (النسخ) فتكلم عن تعريفه لغة واصطلاحا

فالنسخ لغة: يطلق على أحد شيئين:

الأول -الإزالة وعلى هذا أكثر العلماء.
واعلم أن النسخ بمعنى الإزالة في اللغة على نوعين[1]:

1- نسخٌ إلى بدل؛ كالمثال الذي جاء به المصنف وهو: (نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ) يعني: أن الشمس أزالت الظلَّ وحَلَّتْ مَحَلَّهُ.

2- نسخٌ إلى غير بدل مثل: (نَسَخَتِ الريحُ آثارَ القومِ) أي أزالتْ الريحُ آثارَ القومِ ولكنها لم تَحِلَّ مَحَلَّ آثارهم

الثاني النقل: نحو: (نَسَخْتُ ما في الكتابِ) إذا نقلت ما فيه وليس المراد إذهابُ ما فيه وإعدامه وإنما نقلُ مثلِ ما فيه

والأكثرون على الأول وهو: الإزالة

واصطلاحا: ما ذكره المصنف بقوله: "وحَدُّهُ رفعُ الخطاب ...الخ" وتوضيحه أن يكون عندنا حكم قد ثبت بخطاب أي (بقول الله تعالى أو بقول رسوله صلى الله عليه وسلم) فهذا خطاب متقدم وحكم متقدم ثم يأتي بعده خطابٌ متأخر بحكم متأخرٍ مخالف للحكم المتقدم فينتج عن ذلك أن يَنْسَخَ الحكمُ المتأخرُ الحكمَ المتقدمَ

______________________
[1] الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار للحازمي 122 -123 ت. أحمد طنطاوي جوهري ط. المكتبة المكية ودار ابن حزم، والأنجم الزاهرات للمارديني تحقيق د. عبد الكريم النملة 182 هامش رقم (4).
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,457
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

قال صاحبي​

قال: ما إعراب (وَحْدَهُ) إذا قلت: (أشهد أن لا إله إلا الله وَحْدَهُ لا شريك له)؟

قلت: حال، ولكن ما علاقة هذا بموضوعنا؟

قال: علاقته أنك أعربتَها هنا مبتدأً فأردتُ أن أعرف الفرق بين الموضعين، لماذا أعربتها في الشهادة (حالًا) وأعربتها هنا (مبتدأً)؟

قلت متعجبا: ما هي التي أعربتُها حالا هناك ومبتدأ هنا؟!

قال: كلمة (وَحْدَهُ)

قلت: أنا لا أفهم شيئا، عن أي شيءٍ تسأل؟ أنا لم أتعرض لكلمة الشهادة هنا!

قال: أنا أعلم أنك لم تتعرض لكلمة الشهادة هنا ولكني أردت أن أعرف الفرق بين إعراب (وَحْدَهُ) في كلمة الشهادة حيث إن إعرابَها فيها (حالٌ)، وبين إعرابك هنا لها وأنها (مبتدأ)

قلت: يا أخي هداك الله، وأين لفظ (وَحْدَهُ) هنا الذي أعربتُهُ مبتدأ؟

قال: في قول المصنف: "وحده الخطابُ الدَّالُّ على رفع الحكم ...الخ "

فسكتُّ قليلا مُتَفَكِّرًا
فيما يقول ثم ضحكتُ وقلتُ كما قال الأول:

أقول له (زيدٌ) فيسمعها (عَمْرا) *** ويكتبها (بكرًا) وينطقها (بِشْرا)​

فأطرقَ خجلا ثم قال: وما ذاك؟

قلت: أتظن أن (وَحَدُّهُ) في كلام المصنف هي (وَحْدَهُ) في كلمة الشهادة؟

قال: بلى

قلت:
هل تعرفُ (القِبَعْضَ)؟

قال: لا، فما هو؟

قلت: اجتمع جماعةٌ من الأدباء لتقطيع بعض الأبيات الشعرية فكان منها قول النابغة:

أبا منذرٍ أفنيتَ فاسْتَبْقِ بعضنا *** حنانَيْكَ بعضُ الشرِّ أهونُ مِنْ بعضِ​

فقال بعضهم هو من البحر الفلاني
وقال آخرون بل من البحر الفلاني
فتردَّدَ على أفواههم من تقطيعه (قِ بَعْض) يعني (حرف القاف) من كلمة مع كلمة (بعض) من الكلمة الأخرى
فاتفقوا أن يأتوا إلى المبرد ويمتحنوه بكلمة (القِبَعْضِ)
وقد كان المبرد يُتَّهَمُ بالكذبِ لِعِظَمِ حفظه للغة واتساعه فيها
فقالوا له: أنبئنا، أيدك الله، ما (القِبَعْضُ) في كلام العرب؟

فقال المبرد: هو القطنُ، ألم تسمعوا قول الشاعر:

*** كأن سَنامَها حُشِيَ القِبَعْضا ***​

فقال بعضهم: تَرَوْنَ الجوابَ والشاهدَ إن كان صحيحا فهو عجيب، وإن كان مُخْتَلَقًا فهو أعجب

قال صاحبي: رحم الله المبرد لقد كان آية في الذكاء والفطنة، ومما يُرْوَى عنه أنه كاكاكا ...

فأشرت إليه أن كفى كفى وقلت له: ما هذا حديثُنا، يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق

فقال منتبها: نعم نعم، يكفي يكفي، ما الذي جَرَّنا إلى هذا الحديث؟ وما لنا وللقبعض؟

فقلت: ذكرنيه تصحيفُك

فقال: تصحيفي؟!

قلت: أجل، وما لك متعجبا!

قال: لأني لا أُصَحِّفُ، وإن حدث فإني لم أُصَحِّفُ الآن

قلت: بلى، قد فعلتَ

قال: فأين ذلك؟

قلت: زعمُكَ أو ظنُّك أن (وَحَدُّه) في كلام المصنف هو (وَحْدَهُ) في كلمة الشهادة، أتُراكَ إن كنت لا تُحْسِن القراءة أفلا تُحْسِنُ الاستماع؟

فسكتَ وعلِمَ أنه قد صَحَّفَ

ثم قال: فما معنى (حَدُّهُ) في كلام المصنف

قلت: المراد بالحَدِّ التعريفُ؛ فالمراد بـ (حَدِّ النسخِ) تعريفُ النسخِ

قال: تقول: إن معنى (الخطاب) في تعريف النسخ هو (قولُ الله أو قولُ رسوله صلى الله عليه وسلم)

قلت: نعم
قال: ...
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,457
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

قال: فأين الإجماع والقياس؟ وأين النسخُ بهما؟

قلت: لا نسخَ بـ (الإجماع) ولا بـ (القياس)

قال: ولِمَ؟

قلت: أما (الإجماع) فلأنه لا ينعقد إلا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته لا يمكن النسخ لأنه تشريع

وأما (القياس) فلأن النصَّ مقدَّمٌ عليه ولا يُصارُ إليه إلا عند عدم النص

قال: أرأيت الصلاة أليست فرضا؟

قلت: بلى

قال:
ففرض الصلاة قد نسخ الحكم الأول

قلت: وما الحكم الأول؟

قال: عدم فرضيتها، وذلك أن الأصل براءة الذمة من وجوبها ثم جاء خطاب الشارع بفرضها وذلك في قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [في مواضع منها البقرة: 43]، فهذا الخطاب التالي قد رفع الحكم السابق وهو البراءة الأصلية إلى الوجوب فهو نسخ، أليس كذلك؟

قلت: نعم، ليس كذلك

قال: ولِمَ؟

قلت: لأن الشرط في النسخ أن يكون الحكم الأول ثابتا بخطاب الشارع ثم يأتي خطاب آخر فينسخه
وأما ما ذكرتَــه هنا فليس كذلك إذ إن الحكم الأول وهو البراءة الأصلية ليس ثابتا بخطاب الشارع بل هو عام في كل ما لم يرد فيه دليل خاص على الإباحة أو التحريم أو غيرهما فالأصل براءة الذمة من التكليف بشيء حتى يأتي الدليلُ المُلْزِمُ بالتكليف بفعل أو نهي

قال: أفهمُ من هذا أن قولَ المصنف: "الحكم الثابت بالخطاب" احترازٌ عما غيرتْهُ النصوصُ من حكم البراءة الأصلية لأن ذلك لم يكن بخطاب؟

قلت: نعم، هو ذا، ولو كان ما غيرتْهُ النصوصُ من حكمِ البراءةِ الأصليةِ يسمَّى نسخا لكانت الشريعةُ كلُّها نسخا

قال: وكيف ذلك؟

قلت: ألا ترى أن الصلاة والصوم والفرائض كلها على خلاف البراءة الأصلية؟[1]

فسكتَ قليلا متفكِّرًا ثم قال: نعم نعم، صح صح.

قال: ماذا يريد المصنف بقوله: "على وجه لولاه لكان ثابتا"؟

_________________________
[1] شرح الورقات لابن الفركاح 215.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,457
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

قلت: أما قوله: "على وجه" فمعناه: (على حالٍ)

قال: نعم، ولكن ألا ترى الصعوبة في هذا الحَد؟

قلت: نعم، وربما كان ذلك من عدم وضوح مرجع الضمائر

قال: نعم، أكمل، ما الذي أراده بقوله السابق؟

قلت: أراد الاحتراز عن شيئين

قال: وما هما؟

قلت: أما الأول: فالاحتراز عن الحكم الذي له غايةٌ ينتهي إليها
لكنه لم يذكرها في الخطاب الأول المتقدم
ثم جاء الخطاب المتأخر يدل على أن هذا الحكم إذا بلغ الغاية الفلانية فقد انتهى
فإن هذا الخطاب الثاني يرفع حكم الخطاب الأول ولكنه (ليس على وجه لولاه لكان ثابتا)

قال: كيف ذلك؟

قلت: يعني أن الحكم الأول يظل ثابتا، ثم إذا جاء الخطاب الآخر بيَّنَ فقط مدةَ بقائه ثابتا يعني: بيَّنَ الغايةَ التي ينتهي عندها.

قال: لو ضربتَ لي مثالا! فإني أحسبني أفهم ما تقول لكن ليس على الوجه المطلوب

قلت: لا بأس، انظر إلى قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9]، ما الحكم هنا؟

قال: تحريمُ البيعِ وقت النداء لصلاة الجمعة

قلت: أحسنت، فهذا حكمٌ ثبتَ بخطابٍ؟

قال: نعم

قلت: فماذا تفهم من قوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة:10]؟

قال: أفهم أن تحريم البيعِ ينتهي بانتهاء صلاة الجمعة

قلت: أحسنت، وهذا هو المطلوب؛
فالحكم الأول وهو تحريم البيع وقت النداء للجمعة ثبت بخطاب
وليس في الخطاب الأول غاية لهذا الحكم
ثم جاء الخطاب الثاني فبيَّن أن هذا الحكمَ مُغَيًّا بغاية
فلم يرفع الحكمُ الثاني الحكمَ الأول وهو تحريم البيع وقت النداء للجمعة بل بيَّنَ أن هذا الحكم يظل ثابتا إلى غاية وهي الانتهاء من الصلاة فعندها ينتهي هذا الحكمُ

قال: نعم، فهمتُ هذا

قلت: فهذا لا يسمى نسخا؛ لأنه لم يرفع الحكمَ بل بيَّنَ أن له غايةً ينتهي عندها

قال: نعم

قلت: وأما الثاني فـ ...

قال: أيُّ ثانٍ تتحدث عنه؟

قلت: يا أخي انتبه قليلا، ألم أقل لك إن قوله: "على وجه لولاه لكان ثابتا" احترازٌ عن شيئين؟

قال: بلى

قلت: وذكرتُ لك أن الأول الذي احترز عنه هو الحكم المـُغَيَّا بغاية وهو ما ذكرناه آنفا؟

قال: أجل، تذكرتُ، فما الشيء الثاني الذي احترز عنه؟

قلت: هو الحكم الذي له علةٌ مذكورة في خطاب متقدم
ثم ورد خطاب متأخر بأنه عند عدم وجود هذه العلة فإن الحكم يكون خلاف الحكم الأول
فهذا لا يسمى نسخا.

قال: مثل ماذا؟

قلت: مثل قوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96]؛ فإن الإحرام علة لتحريم صيد البَــرِّ، وكما تعلمُ فإن صيدَ البَــرِّ حلالٌ لغيرِ المُحْرِمِ

قال: نعم

قلت: فلا يقال: إن قوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2]، قد نسخ هذا الحكمَ؛ لأن الإحرام معنًى أوجب التحريم فإذا زالَ زال التحريمُ[1].

قال: نعم

ثم قال: فقوله: "مع تراخيه عنه"

قلت: أي مع مُضِيِّ مدةٍ بين الناسخ والمنسوخ
أراد بذلك الاحتراز عما إذا كان الخطاب الثاني غير متراخٍ بل كان متصلا بالأول فلا يكون نسخا بل بيانا: كالتقييد بالصفة والشرط والاستثناء[2] فإن ذلك يكون متصلا ولا ينفصل بخلاف النسخ فإنه يكون منفصلا

قال: أفهم مما سبق أن للنسخ شروطا؟

قلت: نعم، فهل تستطيع ذِكْرَها؟

قال: نعم

قلت: هاتِ

قال: شروط النسخ هي:

1- أن يكون النسخُ بخطاب شرعي من كتاب أو سنة

2- أن يَرفع حكما شرعيا ثابتا بخطاب من كتاب أو سنة

3- ألا يكون الخطاب الذي رُفِعَ حكمُهُ مُغَيــًّا بغاية أو مُعَلَّلًا بعلة

4- أن يكون الناسخُ متأخرا عن المنسوخ[3].

قال: ولكن لماذا يُشْتَرَطُ في الناسخ أن يكون متأخرا عن المنسوخ؟

قلت: لِيُفارِقَ التخصيصَ في هذا؛ فإن المخصِّصاتِ منها ما هو متصل ومنها ما هو منفصل كما علمت وأما النسخ فكله منفصل ولا يصح أن يكون فيه ناسخ متصل[4].

______________________________
[1] شرح الورقات لابن الفركاح 216، والتحقيقات شرح الورقات لابن قاوان 358.

[2] شرح الورقات لعبد الله الفوزان 87.

[3] تهذيب شرح الورقات 68.

[4] شرح الورقات – سعد الشثري 141.
 
التعديل الأخير:
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,457
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

جزاكم الله خيرا

تم التصويب
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,457
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

أقسام النسخ باعتبار المنسوخ

قال المصنف:

وَيَجُوزُ نَسْخُ الرَّسْمِ وَبَقَاءُ الْحُكْمِ. وَنَسْخُ الْحُكْمِ وَبَقَاءُ الرَّسْمِ. وَنَسْخُ الْأَمْرَيْنِ مَعًا.

وَالنَّسْخُ إِلَى بَدَلٍ، وَإِلَى غَيْرِ بَدَلٍ. وَإِلَى مَا هُوَ أَغْلَظُ، وَإِلَى مَا هُوَ أَخَفُّ.
_________________________________________________

(وَ): استئنافية

(يَجُوزُ): فعل مضارع

(نَسْخُ): فاعل، ومضاف

(الرَّسْمِ): مضاف إليه

(وَ): عاطفة، ومعناها المعية أي ويجوز نسخ الرسم مع بقاء الحكم، وقد علمت فيما سبق أن الواو قد تأتي للمعية فتعطف الشيء على مُصاحِبه: كقوله تعالى: {فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ} [العنكبوت:15]، فالنجاة حصلت لنوح وأصحاب السفينة معا.

قال ابن مالك: "وكونها للمعية راجحٌ وللترتيب كثير ولعكسه قليل"[1].

(بَقَاءُ): معطوف على (نسخ)، و(بقاء) مضاف

(الْحُكْمِ): مضاف إليه

(وَ): عاطفة

(نَسْخُ): معطوف على (نسخ الرسم)، و(نسخ) مضاف

(الْحُكْمِ): مضاف إليه

(وَبَقَاءُ الرَّسْمِ): تقدم مثله

(وَ): عاطفة

(نَسْخُ): معطوف على (نسخ الرسم)، و(نسخ) مضاف

(الْأَمْرَيْنِ): مضاف إليه مجرور وعلامة جره الياءُ لأنه مثنى

(مَعًا): حال

(وَ): عاطفة أو استئنافية

(النَّسْخُ): إن جعلت الواو عاطفة فهو معطوف على (نسخ الرسم)، أي ويجوز النسخ إلى بدل

وإن جعلتها استئنافية فالمعنى: وينتقسم النسخ إلى بدل وإلى غير بدل ...الخ

(إِلَى بَدَلٍ): متعلق بـ (يجوز) أو بـ (ينقسم)

(وَ): عاطفة

(إِلَى غَيْرِ): معطوف على (إلى بدل)، و(غير) مضاف

(بَدَلٍ): مضاف إليه

(وَ): استئنافية

(إِلَى): حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب

(مَا): اسم مبني على السكون في محل جر بـ (إلى) والجار والمجرور متعلقان بـ (يجوز) أو بـ (ينقسم)

و(ما) نكرة موصوفة بمعنى حُكْم أي ويجوز النسخُ إلى حكم هو أغلظ

(هُوَ): مبتدأ

(أَغْلَظُ): خبر، والجملة في محل جر صفة لـ(ما)

(وَ): عاطفة

(إِلَى مَا هُوَ أَخَفُّ):
تقدم مثله وهو معطوف على قوله: "إلى ما هو أغلظ"

__________________________
[1] مغني اللبيب – الخطيب 4/ 352.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,457
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

المعنى​
ذكر هنا أقسام النسخ وهو ينقسم باعتبارين:
الأول- باعتبار المنسوخ
والثاني- باعتبار الناسخ​
فبدأ في بيان انقسامه باعتبار المنسوخ فذَكَر أنه أقسام هي:

الأول – نسخ الرسم (أي الكتابة التي في المصحف بحيث لا تظل آيةً تُتْلَى) وبقاءُ الحكم:

يعني: أن تنزل آيةٌ وتُكْتَبُ فيما يُكْتَبُ من القرآن ثم يُرْفَعُ تلاوتُها ويبقي حُكْمُها ثابتا كما كان

مثاله: آيةُ الرجم
فعَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: لَقِيتُ أُبَيِّ بْنَ كَعْبٍ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَحُكُّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ مِنَ الْمَصَاحِفِ وَيَقُولُ: إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنَ الْقُرْآنِ فَلَا تَجْعَلُوا فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ
قَالَ أُبَيِّ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَنَا، فَنَحْنُ نَقُولُ.
كَمْ تعدُّون سُورَةَ الْأَحْزَابِ مِنْ آيَةٍ؟
قَالَ: قُلْتُ: ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ
قَالَ أُبَيِّ: وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ إِنْ كَانَتْ لَتَعْدِلُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَلَقَدْ قَرَأْنَا فِيهَا آيَةَ الرَّجْمِ: {الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ نَكَالًا مِنَ الله والله عزيز حكيم}[1].

ومعنى: (الشيخ والشيخة) أي: الثَّيِّبُ والثَّيِّبَةُ

الثاني: نسخُ الحُكْمِ وبقاءُ الرسم (الكتابة والتلاوة)
وهو عكس الأول، وهو أكثرُ أنواعِ النَّسْخِ
ومثاله: آيتي الأنفال:
الأولى – قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} [الأنفال: 65]

فقد كان الحكم الأول الذي في هذه الآية هو وجوب ثبات الواحد من المسلمين لعشرة من المشركين فلا يجوز أن يَفِرَّ مِنْ أمامهم ما داموا عشرة فأقل
ثم نُسِخَ هذا الحكمُ بالآية الثانية وهي:
الثانية – قوله تعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال:66]
فنُسِخَ الحكمُ الأول وهو وجوب الثبات والمصابرة للمسلم الواحد إذا كان من أمامه عشرة من المشركين أو أقل
فنُسِخَ هذا الحكمُ وصار الواجبُ هو وجوبُ الثباتُ والمصابرةُ للواحد من المسلمين إذا كان مَنْ أمامه واحدٌ أو اثنان فقط من المشركين
وأما لو كانوا ثلاثةً فأكثر فلم يَثْبُتْ لهم ولم يصابرهم فلا إثمَ عليه
وهذا نسخٌ للحكم الذي في الآية الأولى مع بقاء تلاوتها
وهو أيضا نسخٌ من الأشد للأخف.

الثالث – نسخُ الأمرَيْنِ معا أي نسخُ الرسمِ والحُكمِ
ومثاله: ما ورد في صحيح مسلم عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: "كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ: عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ
ثُمَّ نُسِخْنَ، بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ
فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ "[2]. فتحريمُ الـ (عشرِ رضَعات) نُسِخَ لفظاً وحكما، وأما تحريمُ الـ (خمسِ رضعات) فمنسوخٌ لفظا لا حكما

______________________________
[1] صحيح: رواه ابن حبان انظر التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان للألباني رقم (4412) والسلسلة الصحيحة رقم (2913) فقد ذكر أن آية الرجم قد ثبتت عن عدد من الصحابة هم عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت وأبي بن كعب والعجماء خالة أبي أمامة بن سهل وذكرها.

[2] صحيح: رواه مسلم (1452)
 
أعلى