العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حكم الصلاة في مسجد به ضريح و الرد على شبهات الصوفية ومن نحى نحوهم

إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد : فقد استفاضت الأحاديث في تحريم اتخاذ القبور مساجد و في تحريم الصلاة في المساجد التي بها أضرحة لما فيها من الغلو في صاحب الضريح و تعظيم صاحب القبر و لما فيها من مظنة الصلاة لصاحب الضريح و ،و لخشية تطور الأمر إلى عبادة صاحب الضريح و لحماية جناب التوحيد ولسد ذريعة الوقوع في الشرك وللبعد عن التشبه بعبدة الأوثان والمشركين .ولم يلتزم كثير من الناس الهدي النبوي فاتخذوا القبور مساجد وصلوا في المساجد التي بها أضرحة وتطور الأمر عند البعض حتى آل إلى الطواف حول الضريح و النذر لصاحب الضريح و اعتقاد أنه يمكن أن يجلب خيرا أو يدفع مكروها وهذا شرك أكبر مخرج من الملة .وإذا نصحت أحدهم و عرضت له النصوص النبوية التي لا تجيز الصلاة على القبور أو الصلاة في المساجد التي بها قبور تجده متعلق ببعض الشبهات يظن منها أنها تجيز الصلاة في المساجد التي بها أضرحة ،وهي في الحقيقة لا تقوى و لا تستطيع أن تعارض النصوص الصريحة الواضحة في عدم جواز الصلاة في المساجد التي بها قبور فكان لا بد من بيان هذه الشبه و الجواب عنها نصيحة لله والله من وراء القصد ربيع أحمد.
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
رد: حكم الصلاة في مسجد به ضريح و الرد على شبهات الصوفية ومن نحى نحوهم

قال الإمام النووي في المجموع :قال الأصحاب وإن كان القبر في ملكه جاز له بناء ما شاء مع الكراهة ولا يهدم عليه .وذكر في التحفة والنهاية أن الصلاة مكروهة لا محرمة ولها علة وهي محاذاة النجاسة .قال الإمام ابن مفلح الحنبلى وهو اعلم اهل زمانه بمذهب احمد :ويكره البناء عليه وأطلقه أحمد والأصحاب وذكر صاحب المستوعب والمحرر لا بأس بقبة بيت وحظيرة في ملكه.وقال :قال صاحب الوسيلة يكره البناء الفاخر كالقبة ، فظاهره لا بأس ببناء ملاصق لأنه يراد تعليمه وحفظه دائما فهو كالحصا ولم يدخل في النهي لأنه خرج على على المعتاد ...حضرتك ذكرت الأحاديث التي فيها ذكر البناء لا حكم الصلاة

.

النبي – صلى الله عليه وسلم - نهى أن يبنى على القبور أو يقعد عليها أو يصلى عليها ،والأصل في النهي التحريم فأين الدليل على صرف النهي من التحريم للكراهة ؟ ، و لا اجتهاد مع النص ،وإذا جاء الأثر بطل النظر ،والعبرة بالدليل و ليست بأقوال الرجال و أقوال العلماء يستدل لها لا بها .

وتحريم بناء المساجد على القبور يستلزم تحريم الصلاة فيها ؛ لأنها هي المقصودة بالبناء فإذا حرم بناء المساجد على القبور فمن باب أولى الصلاة فيها .

و إذا حرمت الوسيلة إلى شيء فمن باب أولى تحريم ذلك الشيء مثال على ذلك تحريم قربان الزنا يستلزم تحريم الزنا من باب أولى ، و تحريم قربان المنهيات يستلزم تحريم المنهيات من باب أولى ، وتحريم بيع الخمر يستلزم تحريم شربه من باب أولى و تحريم بيع المحرمات يستلزم تحريم الانتفاع بها من باب أولى .

و النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : «أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا مَاتَ فِيهِمُ العَبْدُ الصَّالِحُ، أَوِ الرَّجُلُ الصَّالِحُ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا ، وَ صَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ ، أُولَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ » ،و هذا الحديث فيه ذم لمن يبني مسجد على قبر ،ومن يصور الصور و أن الفاعل من شرار الخلق إذ ذكر البناء على القبور و التصوير مع الحكم " أولئك من شرار الخلق " فيه إيماء بأن العلة في أنهم من شرار الخلق البناء على القبور و التصوير ،ولو لم يكن ذلك الوصف علة لذلك الحكم لكان الكلام معيباً .

وذم شيئين يقتضي أن كل واحد منهما مذموم على انفراده ،ولا يجوز أن يكون أحدهما مباحا و الآخر مذموما ،ومن يخالف ذلك فعليه بالدليل فأين الدليل على صرف الذم على أحدهما دون الآخر ؟، و لا اجتهاد مع النص ،وإذا جاء الأثر بطل النظر ،والعبرة بالدليل و ليست بأقوال الرجال و أقوال العلماء يستدل لها لا بها .

ونكرر تحريم بناء المساجد على القبور يستلزم تحريم الصلاة فيها ؛ لأنها هي المقصودة بالبناء فإذا حرم بناء المساجد على القبور فمن باب أولى الصلاة فيها .


قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ : « لَعَنَ اللَّهُ اليَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ » و من يتخذ القبور مساجد ملعون بنص الحديث ،واتخاذ القبور مساجد يدخل فيه بناء المساجد على القبور و من يخالف ذلك فعليه بالدليل فأين الدليل على أن بناء المساجد على القبور استثني من عموم النهى ؟، و لا اجتهاد مع النص ،وإذا جاء الأثر بطل النظر ،والعبرة بالدليل و ليست بأقوال الرجال و أقوال العلماء يستدل لها لا بها .

ونكرر تحريم بناء المساجد على القبور يستلزم تحريم الصلاة فيها ؛ لأنها هي المقصودة بالبناء فإذا حرم بناء المساجد على القبور فمن باب أولى الصلاة فيها .

و قال ابن تيمية – رحمه الله - : ( وَلَا نِزَاعَ بَيْنَ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ فِي النَّهْيِ عَنْ اتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ )[1] .

نعود لنهي النبي – صلى الله عليه وسلم - أن يبنى على القبور أو يقعد عليها أو يصلى عليها لاحظ أن في الحديث النهي عن الصلاة على القبر ، والذي يبني مسجدا على قبر و يصلي فيه في حكم من صلى على قبر إذ لا فرق بين أن يصلي على القبر مباشرة و من يصلي عليه عن طريق بناء على القبر .

و إذا كان مجرد الصلاة على القبر محرمة فكيف بمن يبني مسجدا على قبر لتقام فيه الصلوات ؟!!

و قال ابن تيمية – رحمه الله - : ( اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ أَنَّهُ لَا يُبْنَى مَسْجِدٌ عَلَى قَبْرٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ. فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ " ) [2].

والنهى عن البناء على القبور يصدق على ما بُنِي على جوانب حفرة القبر، كما يفعله كثيرٌ من الناس من رفع قبور الموتى ذراعاً فما فوقه؛ لأنَّه لا يُمكن أن يجعل نفس القبر مسجداً، فذلك مِمَّا يدلُّ على أنَّ المراد بعض ما يقربه مِمَّا يتصل به.


ويصدُق على من بنى قريباً من جوانب القبر كذلك، كما في القباب والمساجد والمشاهد الكبيرة، على وجه يكون القبر في وسطها أو في جانب منها، فإنَّ هذا بناء على القبر، لا يخفى ذلك على من له أدنى فهم، كما يقال: بَنَى السلطانُ على مدينة كذا، أو على قرية كذا سوراً، وكما يقال: بَنَى فلانٌ في المكان الفلاني مسجداً، مع أنَّ سمكَ البناء لم يباشر إلاَّ جوانب المدينة أو القرية أو المكان.


ولا فرق بين أن تكون تلك الجوانب التي وقع وضع البناء عليها قريبة من الوسط، كما في المدينة الصغيرة والقرية الصغيرة والمكان الضيق، أو بعيدة من الوسط كما في المدينة الكبيرة والقرية الكبيرة والمكان الواسع، ومَن زعم أنَّ في لغة العرب ما يَمنع من هذا الإطلاق فهو جاهلٌ لا يعرف لغةَ العرب، ولا يَفهم لسانَها ولا يدري بما استعملته في كلامها[3].

و انظر إلى حديث : « لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها » إذا كان مجرد الصلاة إلى القبر محرمة فكيف بمن يبني مسجد على قبر و يصلي فيه ؟!! والقول أن الصلاة إلى القبر فيها نوع تعظيم لصاحب القبر و فيها غلو في صاحب القبر و مظنة الصلاة لصاحب القبر و أن بناء مسجد على قبر ليس فيه نوع تعظيم لصاحب القبر ، وليس فيه غلو في صاحب القبر و ليس فيه مظنة الصلاة لصاحب القبر يعتبر مكابرة بل التعظيم و الغلو في بناء مسجد على قبر و الصلاة فيه أشد من الصلاة إلى القبر .

و عجبا للمخالفين النبي - صلى الله عليه وسلم – نهى عن الصلاة إلى القبور، وهؤلاء يصلون عندها وإليها، ونهى عن اتخاذها مساجد، وهؤلاء يبنون عليها المساجد ويسمونها مشاهد مضاهاة لبيوت الله !!.



[1] - الفتاوى الكبرى لابن تيمية 1/51

[2] - مجموع الفتاوى لابن تيمية 22/194

[3] - شرح الصدور بتحريم رفع القبور للشوكاني ص 14
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
رد: حكم الصلاة في مسجد به ضريح و الرد على شبهات الصوفية ومن نحى نحوهم

كما ان زيارة قبور العلماء والصالحين مستحبة والدعاء عند قبورهم مرجو كما ذكر الذهبي عند قبر ابن فورك فحفظ مكان القبر يستلزم لبناء كي يعلم به .


أخي الفاضل الحبيب : زيارة قبور الصالحين قد تكون مستحبة وقد تكون محرمة فإذا كانت بقصد الدعاء للميت و الاستغفار له أو تذكر الآخرة فهي مشروعة أما إذا كانت بقصد دعاء الموتى وطلب الحاجات منهم، أو الإقسام بهم على الله، أو لاعتقاد أن الدعاء عند قبر أحدهم أفضل وأحرى بالإجابة فهذا بدعة و محرم .

و قال ابن تيمية - رحمه الله - : ( الزِّيَارَةَ – أي زيارة القبور - تَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَيْنِ: زِيَارَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَزِيَارَةٌ بِدْعِيَّةٌ. فَالزِّيَارَةُ الشَّرْعِيَّةُ: السَّلَامُ عَلَى الْمَيِّتِ وَالدُّعَاءُ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ عَلَى جِنَازَتِهِ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ : أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ إذَا زَارُوا الْقُبُورَ أَنْ يَقُولُوا: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَمِنْكُمْ وَالْمُسْتَأْخِرِين نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ ، وَهَذَا الدُّعَاءُ يُرْوَى بَعْضُهُ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ بِعِدَّةِ أَلْفَاظٍ، كَمَا رُوِيَتْ أَلْفَاظُ التَّشَهُّدِ وَغَيْرِهِ وَهَذِهِ الزِّيَارَةُ هِيَ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهَا إذَا خَرَجَ لِزِيَارَةِ قُبُورِ أَهْلِ الْبَقِيعِ.


وَأَمَّا الزِّيَارَةُ الْبِدْعِيَّةُ: فَمِنْ جِنْسِ زِيَارَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَأَهْلِ الْبِدَعِ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ قُبُورَ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ مَسَاجِدَ وَقَدْ اسْتَفَاضَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكُتُبِ الصِّحَاحِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ: لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ مَا فَعَلُوا قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - : وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ وَلَكِنْ كُرِهَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا، وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ.

فَالزِّيَارَةُ الْبِدْعِيَّةُ مِثْلُ قَصْدِ قَبْرِ بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ لِلصَّلَاةِ عِنْدَهُ أَوْ الدُّعَاءِ عِنْدَهُ أَوْ بِهِ أَوْ طَلَبِ الْحَوَائِجِ مِنْهُ أَوْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ قَبْرِهِ أَوْ الِاسْتِغَاثَةِ بِهِ أَوْ الْإِقْسَامِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ هُوَ مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي لَمْ يَفْعَلْهَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَلَا سَنَّ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَحَدٌ مِنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ بَلْ قَدْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ الْكِبَارُ )[1].


أما قول الذهبي في ترجمة ابن فورك - رحمه الله - : ( الإمام العلامة الصالح، شيخ المتكلمين، أبو بكرن محمد بن الحَسَنِ بنِ فُوْرَكَ الأَصْبَهَانِيّ...... ثُمَّ عَادَ إِلَى نَيْسَابُوْرَ، فسُمَّ فِي الطَّرِيْق، فَمَاتَ بقُرْبِ بُسْت، وَنُقِلَ إِلَى نَيْسَابُوْرَ، ومشهده بالحيرة يزار، ويستجاب الدعاء عنده )[2] ،وهذا الكلام مخالف لعقيدة أهل السنة والجماعة ،وفيه رجم بالغيب .

قال ابن تيمية - رحمه الله - : ( أَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ الدُّعَاءَ مُسْتَجَابٌ عِنْدَ قُبُورِ الْمَشَايِخِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَهُوَ مِنْ جِنْسِ قَوْلِ غَيْرِهِ: قَبْرُ فُلَانٍ هُوَ التِّرْيَاقُ الْمُجَرَّبُ وَمِنْ جِنْسِ مَا يَقُولُهُ أَمْثَالُ هَذَا الْقَائِلِ: مِنْ أَنَّ الدُّعَاءَ مُسْتَجَابٌ عِنْدَ قَبْرِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ. فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يَقُولُ مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ عِنْدَ بَعْضِ الْقُبُورِ ثُمَّ قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ الْقَبْرُ قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ قَبْرُ رَجُلٍ صَالِحٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَوْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ الصَّالِحِينَ وَقَدْ يَكُونُ نِسْبَةُ ذَلِكَ الْقَبْرِ إلَى ذَلِكَ كَذِبًا أَوْ مَجْهُولَ الْحَالِ: مِثْلُ أَكْثَرِ مَا يُذْكَرُ مِنْ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَقَدْ يَكُونُ صَحِيحًا وَالرَّجُلِ لَيْسَ بِصَالِحِ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَقْسَامَ مَوْجُودَةٌ فِيمَنْ يَقُولُ مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ أَوْ مَنْ يَقُولُ: إنَّ الدُّعَاءَ مُسْتَجَابٌ عِنْدَ قَبْرٍ بِعَيْنِهِ وَأَنَّهُ اُسْتُجِيبَ لَهُ الدُّعَاءُ عِنْدَهُ وَالْحَالُ أَنَّ ذَاكَ إمَّا قَبْرُ مَعْرُوفٍ بِالْفِسْقِ وَالِابْتِدَاعِ وَإِمَّا قَبْرُ كَافِرٍ كَمَا رَأَيْنَا مَنْ دَعَا فَكُشِفَ لَهُ حَالُ الْقُبُورِ فَبُهِتَ لِذَلِكَ وَرَأَيْنَا مِنْ ذَلِكَ أَنْوَاعًا.


وَأَصْلُ هَذَا: أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: إنَّ الدُّعَاءَ مُسْتَجَابٌ عِنْدَ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ قَوْلٌ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ وَلَا قَالَهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْمَشْهُورِينَ بِالْإِمَامَةِ فِي الدِّينِ؛ كَمَالِكِ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِي وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْه وَأَبِي عُبَيْدَةَ وَلَا مَشَايِخِهِمْ الَّذِينَ يُقْتَدَى بِهِمْ: كالْفُضَيْل بْنِ عِيَاضٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ؟ وَأَبِي سُلَيْمَانَ الداراني وَأَمْثَالِهِمْ. وَلَمْ يَكُنْ فِي الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّةِ وَالْمَشَايِخِ الْمُتَقَدِّمِينَ مَنْ يَقُولُ: إنَّ الدُّعَاءَ مُسْتَجَابٌ عِنْدَ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ لَا مُطْلَقًا وَلَا مُعَيَّنًا. وَلَا فِيهِمْ مَنْ قَالَ: إنَّ دُعَاءَ الْإِنْسَانِ عِنْدَ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ أَفْضَلُ مِنْ دُعَائِهِ فِي غَيْرِ تِلْكَ الْبُقْعَةِ وَلَا إنَّ الصَّلَاةَ فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي غَيْرِهَا. وَلَا فِيهِمْ مَنْ كَانَ يَتَحَرَّى الدُّعَاءَ وَلَا الصَّلَاةَ عِنْدَ هَذِهِ الْقُبُورِ؛ بَلْ أَفْضَلُ الْخَلْقِ وَسَيِّدُهُمْ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ فِي الْأَرْضِ قَبْرٌ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى أَنَّهُ قَبْرُ نَبِيٍّ غَيْرَ قَبْرِهِ وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي قَبْرِ الْخَلِيلِ وَغَيْرِهِ - وَاتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّهُ يُسَلَّمُ عَلَيْهِ عِنْدَ زِيَارَتِهِ وَعَلَى صَاحِبَيْهِ ) [3] .

و قال ابن تيمية - رحمه الله - وهو يتكلم عن الأمور المبتدعة عند القبور : ( أن يظن أن الدعاء عند قبره مستجاب، أو أنه أفضل من الدعاء في المسجد؛ فيقصد زيارته والصلاة عنده لأجل طلب حوائجه، فهذا أيضا من المنكرات المبتدعة باتفاق المسلمين، وهي محرمة، وما علمت في ذلك نزاعا بين أئمة المسلمين، وإن كان كثير من المتأخرين يفعل ذلك، ويقول بعضهم: قبر فلان ترياق مجرب )[4].

و الذهبي – رحمه الله – له العديد من المخالفات في كتابه سير أعلام النبلاء و غير ذلك من كتبه ،و لا ننكر فضله و علمه إلا أن الحق أحق أن يتبع .


[1] - مجموع الفتاوى لابن تيمية 24/335

[2] - سير أعلام النبلاء للذهبي 13/25

[3] - مجموع الفتاوى لابن تيمية 27/116

[4] - المستدرك على مجموع الفتاوى لمحمد بن عبد الرحمن بن قاسم 1/22
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
رد: حكم الصلاة في مسجد به ضريح و الرد على شبهات الصوفية ومن نحى نحوهم

لو أن فضيلكم ذكر من من علماء السلف أو اتباعهم ذكر هذا الحكم ؟؟


أما طلب ذكر من من علماء السلف أو أتباعهم ذكر هذا الحكم فالجواب أن الصلاة في المساجد التي بها أضرحة مما أحدث بعد السلف ،ونصوص السنة صريحة في النهي عن الصلاة في المساجد التي بها أضرحة ،والنهي العائد لوصف ملازم للعبادة يقتضي الفساد .

و قال ابن تيمية - رحمه الله - : ( وَلَمْ يَكُنْ فِي الْعُصُورِ الْمُفَضَّلَةِ " مَشَاهِدُ " عَلَى الْقُبُورِ وَإِنَّمَا ظَهَرَ ذَلِكَ وَكَثُرَ فِي دَوْلَةِ بَنِي بويه؛ لَمَّا ظَهَرَتْ الْقَرَامِطَةُ بِأَرْضِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ كَانَ بِهَا زَنَادِقَةٌ كُفَّارٌ مَقْصُودُهُمْ تَبْدِيلُ دِينِ الْإِسْلَامِ وَكَانَ فِي بَنِي بويه مِنْ الْمُوَافِقَةِ لَهُمْ عَلَى بَعْضِ ذَلِكَ وَمِنْ بِدَعِ الْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالرَّافِضَةِ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ لِأَهْلِ الْعِلْمِ فَبَنَوْا الْمَشَاهِدَ الْمَكْذُوبَةَ " كَمَشْهَدِ عَلِيٍّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَمْثَالِهِ.

وَصَنَّفَ أَهْلُ الْفِرْيَةِ الْأَحَادِيثَ فِي زِيَارَةِ الْمَشَاهِدِ وَالصَّلَاةِ عِنْدَهَا وَالدُّعَاءِ عِنْدَهَا وَمَا يُشْبِهُ ذَلِكَ. فَصَارَ هَؤُلَاءِ الزَّنَادِقَةُ وَأَهْلُ الْبِدَعِ الْمُتَّبِعُونَ لَهُمْ يُعَظِّمُونَ الْمَشَاهِدَ وَيُهِينُونَ الْمَسَاجِدَ ، وَذَلِكَ : ضِدُّ دِينِ الْمُسْلِمِينَ وَيَسْتَتِرُونَ بِالتَّشَيُّعِ.

فَفِي الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ عَنْهُ مِنْ تَعْظِيمِ الصِّدِّيقِ وَمِنْ النَّهْيِ عَنْ اتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ مَا فِيهِ رَدٌّ لِهَاتَيْنِ الْبِدْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ هُمَا أَصْلُ الشِّرْكِ وَتَبْدِيلِ الْإِسْلَامِ. وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَذْكُرْ " الْمَشَاهِدَ " وَلَا أَمَرَ بِالصَّلَاةِ فِيهَا وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالْمَسَاجِدِ فَقَالَ تَعَالَى: ï´؟ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا ï´¾ وَلَمْ يَقُلْ: مَشَاهِدَ اللَّهِ؛ بَلْ قَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيًّا أَنْ لَا يَدَعَ قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّاهُ وَلَا تِمْثَالًا إلَّا طَمَسَهُ .

وَنَهَى عَنْ اتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ وَلَعَنَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهَذَا أَمْرٌ بِتَخْرِيبِ الْمَشَاهِدِ لَا بِعِمَارَتِهَا سَوَاءٌ أُرِيدَ بِهِ الْعِمَارَةُ الصُّورِيَّةُ أَوْ الْمَعْنَوِيَّةُ. وَقَالَ تَعَالَى: ï´؟ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ï´¾ وَلَمْ يَقُلْ فِي الْمَشَاهِدِ وَقَالَ تَعَالَى: ï´؟ قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ï´¾ وَلَمْ يَقُلْ عِنْدَ كُلِّ مَشْهَدٍ.

وَقَالَ تَعَالَى: ï´؟ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ ï´¾ وَلَمْ يَقُلْ مَشَاهِدَ اللَّهِ؛ إذْ عُمَّارُ الْمَشَاهِدِ هُمْ مُشْرِكُونَ أَوْ مُتَشَبِّهُونَ بِالْمُشْرِكِينَ. إلَى قَوْلِهِ: ï´؟ إنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إلَّا اللَّهَ ï´¾ وَلَمْ يَقُلْ إنَّمَا يَعْمُرُ مَشَاهِدَ اللَّهِ. بَلْ عُمَّارُ الْمَشَاهِدِ يَخْشَوْنَ غَيْرَ اللَّهِ؛ فَيَخْشَوْنَ الْمَوْتَى وَلَا يَخْشَوْنَ اللَّهَ ؛ إذْ عَبَدُوهُ عِبَادَةً لَمْ يُنَزِّلْ بِهَا سُلْطَانًا وَلَا جَاءَ بِهَا كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ كَمَا قَالَ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُنَاظَرَتِهِ لِلْمُشْرِكِينَ لَمَّا حَاجُّوهُ وَخَوَّفُوهُ آلِهَتَهُمْ: ï´؟ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ï´¾ قَالَ تَعَالَى: ï´؟ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} .

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ï´؟ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ï´¾ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ أَلَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَ الْعَبْدِ الصَّالِحِ: ï´؟ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌï´¾ } ؟ قَالَ تَعَالَى: ï´؟ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ ï´¾ قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَغَيْرُهُ. بِالْعِلْمِ


وَقَالَ تَعَالَى: ï´؟ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًاï´¾َ ،ولَمْ يَقُلْ وَأَنَّ الْمَشَاهِدَ لِلَّهِ بَلْ أَهْلُ الْمَشَاهِدِ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ. وَلِهَذَا لَمَّا لَمْ يَكُنْ بِنَاءُ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ الَّتِي تُسَمَّى " الْمَشَاهِدَ " وَتَعْظِيمُهَا مِنْ دِينِ الْمُسْلِمِينَ؛ بَلْ مِنْ دِينِ الْمُشْرِكِينَ؛ لَمْ يَحْفَظْ ذَلِكَ فَإِنَّ اللَّهَ ضَمِنَ لَنَا: أَنْ يَحْفَظَ الذِّكْرَ الَّذِي أَنْزَلَهُ كَمَا قَالَ: ï´؟ إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَï´¾ فَمَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ مَحْفُوظٌ وَأَمَّا أَمْرُ الْمَشَاهِدِ فَغَيْرُ مَحْفُوظٍ بَلْ عَامَّةُ الْقُبُورِ الَّتِي بُنِيَتْ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدُ إمَّا مَشْكُوكٌ فِيهَا وَإِمَّا مُتَيَقَّنٌ كَذِبُهَا ) [1]


و قال ابن تيمية - رحمه الله - : ( وَقَدْ جَاءَتْ خِلَافَةُ بَنِي الْعَبَّاسِ. وَظَهَرَ فِي أَثْنَائِهَا مِنْ الْمَشَاهِدِ بِالْعِرَاقِ وَغَيْرِ الْعِرَاقِ مَا كَانَ كَثِيرٌ مِنْهَا كَذِبًا. وَكَانُوا عِنْدَ مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ بِكَرْبَلَاءَ قَدْ بَنَوْا هُنَاكَ مَشْهَدًا. وَكَانَ يَنْتَابُهُ أُمَرَاءُ عُظَمَاءُ حَتَّى أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ الْأَئِمَّةُ. وَحَتَّى إنَّ الْمُتَوَكِّلَ لَمَّا تَقَدَّمُوا لَهُ بِأَشْيَاءَ يُقَالُ: إنَّهُ بَالَغَ فِي إنْكَارِ ذَلِكَ وَزَادَ عَلَى الْوَاجِبِ.

دَعْ خِلَافَةَ بَنِي الْعَبَّاسِ فِي أَوَائِلِهَا وَفِي حَالِ اسْتِقَامَتِهَا فَإِنَّهُمْ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُونُوا يُعَظِّمُونَ الْمَشَاهِدَ سَوَاءٌ مِنْهَا مَا كَانَ صِدْقًا أَوْ كَذِبًا كَمَا حَدَثَ فِيمَا بَعْدُ ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ كَانَ حِينَئِذٍ مَا يَزَالُ فِي قُوَّتِهِ وَعُنْفُوَانِهِ. وَلَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ لَا فِي الْحِجَازِ وَلَا الْيَمَنِ وَلَا الشَّامِ وَلَا الْعِرَاقِ وَلَا مِصْرَ وَلَا خُرَاسَانَ وَلَا الْمَغْرِبِ وَلَمْ يَكُنْ قَدْ أُحْدِثَ مَشْهَدٌ لَا عَلَى قَبْرِ نَبِيٍّ وَلَا صَاحِبٍ وَلَا أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَلَا صَالِحٍ أَصْلًا؛ بَلْ عَامَّةُ هَذِهِ الْمَشَاهِدِ مُحْدَثَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ.

وَكَانَ ظُهُورُهَا وَانْتِشَارُهَا حِينَ ضَعُفَتْ خِلَافَةُ بَنِي الْعَبَّاسِ وَتَفَرَّقَتْ الْأُمَّةُ وَكَثُرَ فِيهِمْ الزَّنَادِقَةُ الْمُلَبِّسُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَفَشَتْ فِيهِمْ كَلِمَةُ أَهْلِ الْبِدَعِ وَذَلِكَ مِنْ دَوْلَةِ الْمُقْتَدِرِ فِي أَوَاخِرَ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ ) [2] .


وممن حرم الصلاة في المساجد التي بها قبور الشافعي – رحمه الله - فقد قال : ( وَأَكْرَهُ أَنْ يُبْنَى عَلَى الْقَبْرِ مَسْجِدٌ، وَأَنْ يُسَوَّى أَوْ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُسَوًّى – أي ظاهر - أَوْ يُصَلَّى إلَيْهِ وَإِنْ صَلَّى إلَيْهِ أَجْزَأَهُ ، وَقَدْ أَسَاءَ )[3] ،والكراهة في عرف العلماء القدامى كراهة التحريم ،ورغم أن الشافعي – رحمه الله – لا يجيز الصلاة في المساجد التي بها قبور إلا أنه يقول بالصحة مع وقوع الإثم ،والدليل على ذلك قوله " أَجْزَأَهُ ، وَقَدْ أَسَاءَ " .



و من قال بحرمة اتخاذ القبور مساجد – كمن ذكروا في هذا البحث - يدخل في التحريم بناء المساجد على القبور ، و من ثم عدم جواز الصلاة في المساجد المبنية على القبور فإن صلى اختلف العلماء في صحة هذه الصلاة لاختلافهم في مسألة هل النهي يقتضي الفساد أم لا ؟ ومن قال النهي يقتضي الفساد اختلف نظرهم هل النهي عن الصلاة في المساجد التي بها قبور عائد لذات الصلاة أم وصف ملازم للصلاة أم غير ذلك ؟ و الشافعي – رحمه الله – كان يرى بصحة الصلاة مع وقوع الإثم .



و قال ابن قدامة – رحمه الله - : ( وَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ السَّرْجِ عَلَى الْقُبُورِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَعَنَ اللَّهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ، الْمُتَّخِذَاتِ عَلَيْهِنَّ الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَلَفْظُهُ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ. - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،و لَوْ أُبِيحَ لَمْ يَلْعَنْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ فَعَلَهُ، وَلِأَنَّ فِيهِ تَضْيِيعًا لِلْمَالِ فِي غَيْرِ فَائِدَةٍ، وَإِفْرَاطًا فِي تَعْظِيمِ الْقُبُورِ أَشْبَهَ تَعْظِيمَ الْأَصْنَامِ .

وَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ لِهَذَا الْخَبَرِ؛ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» يُحَذِّرُ مِثْلَ مَا صَنَعُوا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: إنَّمَا لَمْ يُبْرَزْ قَبْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِئَلَّا يُتَّخَذَ مَسْجِدًا، وَلِأَنَّ تَخْصِيصَ الْقُبُورِ بِالصَّلَاةِ عِنْدَهَا يُشْبِهُ تَعْظِيمَ الْأَصْنَامِ بِالسُّجُودِ لَهَا، وَالتَّقَرُّبِ إلَيْهَا، وَقَدْ رَوَيْنَا أَنَّ ابْتِدَاءَ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ تَعْظِيمُ الْأَمْوَاتِ، بِاتِّخَاذِ صُوَرِهِمْ، وَمَسْحِهَا، وَالصَّلَاةِ عِنْدَهَا )[4].


وكيف يصح أن يقال أن بناء المساجد على القبور لا يجوز ،ويجوز الصلاة في هذه المساجد المبنية على القبور ؟!


و قال ابن تيمية - رحمه الله - : ( لَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي بُنِيَتْ عَلَى الْقُبُورِ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ الصَّلَاةَ عِنْدَهَا. فَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ لَا اتِّفَاقًا وَلَا ابْتِغَاءً لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالْمُشْرِكِينَ وَالذَّرِيعَةِ إلَى الشِّرْكِ وَوُجُوبِ التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ كَمَا قَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ. مِنْهُمْ مَنْ صَرَّحَ بِالتَّحْرِيمِ. وَمِنْهُمْ مِنْ أَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ ) [5] ،والنهي عند ابن تيمية - رحمه الله - يقتضي الفساد .


و قال ابن تيمية - رحمه الله - أيضا : ( فهذه المساجد المبنية على قبور الأنبياء والصالحين، والملوك وغيرهم- يتعين إزالتها بهدم أو بغيره، هذا مما لا أعلم فيه خلافًا بين العلماء المعروفين، وتكره الصلاة فيها من غير خلاف أعلمه، ولا تصح عندنا في ظاهر المذهب لأجل النهي واللعن الوارد في ذلك، ولأحاديث أخر، وليس في هذه المسألة خلاف لكون المدفون فيها واحدًا، وإنما اختلف أصحابنا في المقبرة المجردة عن مسجد، هل حدها ثلاثة أقبر، أو ينهى عن الصلاة عند القبر الفذ وإن لم يكن عنده قبر آخر؟ على وجهين ) [6].


و قال ابن القيم – رحمه الله – فقد قال : ( فيهدم المسجد إذا بني على قبر كما ينبش الميت إذا دفن في المسجد نص على ذلك الإمام أحمد وغيره فلا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبر، بل أيهما طرأ على الآخر منع منه، وكان الحكم للسابق، فلو وضعا معاً؛لم يجز، ولا يصح هذا الوقف، ولا يجوز ولا تصح الصلاة في هذا المسجد؛ لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، ولعنه من اتخذ القبر مسجداً أو أوقد عليه سراجاً، فهذا دين الإسلام الذي بعث الله به رسوله ونبيه - صلى الله عليه وسلم -) [7].



[1] - مجموع الفتاوى لابن تيمية 27/167-170
[2] - مجموع الفتاوى لابن تيمية 27/466
[3] - الأم للشافعي 1/317
[4] - المغني لابن قدامة 2/379
[5] - مجموع الفتاوى لابن تيمية 27/488-489
[6] - اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية 2/187
[7] - زاد المعاد لابن القيم 3/501
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
رد: حكم الصلاة في مسجد به ضريح و الرد على شبهات الصوفية ومن نحى نحوهم

لدي عدة استفسارات:

* هل حرمة الصلاة معناها البطلان، أم الصحة مع عدم الأجر كالصلاة في الأرض المغصوبة، أم الصحة مع الإثم؟

قولكم : ( هل حرمة الصلاة معناها البطلان، أم الصحة مع عدم الأجر كالصلاة في الأرض المغصوبة، أم الصحة مع الإثم؟ ) فالجواب أن الصلاة في المساجد التي بها أضرحة جاءت نصوص بتحريمها فقد نهي عن بناء المساجد على القبور و من باب أولى الصلاة في هذه المساجد ؛ لأنها المقصودة بالبناء ،والنهي عائد لوصف ملازم للصلاة و هو مكان الصلاة ،والنهي العائد لوصف ملازم لذات المنهي عنه يقتضي الفساد على الراجح .

و لا تقاس الصلاة في المساجد التي بها أضرحة على الصلاة في الأرض المغصوبة فالصلاة في المساجد التي بها أضرحة جاءت العديد من النصوص بتحريمها أما الصلاة في الأرض المغصوبة فلا ،وإنما جاءت نصوص عامة بتحريم الغصب أي الصلاة في المساجد التي بها أضرحة تعلق بها النهي أما الصلاة في الأرض المغصوبة فلم يتعلق بها النهي ،والمحرم إذا كان محرماً في ذات العبادة أفسدها، وإن كان تحريمه عاماً لم يفسدها.
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
رد: حكم الصلاة في مسجد به ضريح و الرد على شبهات الصوفية ومن نحى نحوهم

لدي عدة استفسارات:

الفروق الذي ذكرتَها بين مسجد الحبيب صلى الله عليه وسلم، وبين المساجد الأخرى فيها تكلف، لا سيما وأن مساحة بعض الأضرحة أكبر من الحجرة الشريفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.
والسبب الآخر: أن هيئة الحجرة اليوم مشابه تماما للقبور والأضرحة، (مسور بشباك، فيه جدران، له باب ...).
والسبب الثالث: أن ما ذكرته مما يحتمل وقوعه من الشركيات وارد في الحجرة النبوية!!.
فنحن بحاجة إلى ضوابط أكثر دقة، ومقنعة للفرق بينهما.


أما قولكم : ( الفروق الذي ذكرتَها بين مسجد الحبيب صلى الله عليه وسلم، وبين المساجد الأخرى فيها تكلف ) و جوابه أن الفروق التي ذكرتها في البحث هي :
الفرق الأول : المساجد التي بها أضرحة صورتها ضريح في مسجد و المسجد النبوي صورته بيت في مسجد .
الفرق الثاني : المساجد التي بها أضرحة بني المسجد على الضريح أو أدخل الضريح في المسجد أما المسجد النبوي أدخل البيت في المسجد .
الفرق الثالث : المساجد التي بها أضرحة بنيت من أجل قصد التبرك أما المسجد النبوي فبناه النبي - صلى الله عليه وسلم – ،و في خلافة الوليد أدخل البيت فيه من أجل التوسعة لا التبرك ،و لم يكن على بال الوليد أمر التبرك بإدخال حجرة عائشة في المسجد ،و كل روايات إدخال حجرة عائشة في المسجد تشهد بذلك .
الفرق الرابع : المساجد التي بها أضرحة قبر صاحب الضريح في المسجد أو مكان القبر في المسجد أما المسجد النبوي فالقبر في أحد بيوت النبي - صلى الله عليه وسلم – و هو حجرة عائشة - رضي الله عنها - ،و لا يقال : هذا البيت النبوي أطلق عليه حجرة عائشة و أيضا الضريح يكون في حجرة فلما تفرق بين حجرة و حجرة ،والجواب الحجرة في اللغة أعم من الحجرة بمفهومنا اليوم فالحجرة لغة : كل منزل محوط عَلَيْهِ[1] أو الرقعة من الأرض المحجورة بحائط يحوط عليها[2] أي الحجرة في عصرهم تطلق على البيت أما الحجرة في عصرنا فمعناها معروف ،وشتان بين الحجرة بمفهومنا والحجرة بمفهومهم.
الفرق الخامس : المساجد التي بها أضرحة قبر صاحب الضريح في المسجد أو في حجرة منفصلة عن المسجد - بمفهومنا المعاصر لكلمة حجرة – يعني على أقل تقدير جدار الحجرة التي بها قبر يكون متصلا بالمسجد و ليس جدار الحجرة التي بها القبر منفصلا عن جدار المسجد أما المسجد النبوي فجدار البيت الذي فيه القبر منفصل عن المسجد النبوي بأكثر من جدار بحيث لو أردت أن تفصل المسجد النبوي عن البيت الذي فيه القبر لأمكن دون التعرض للجدار الأول للبيت النبوي .
الفرق السادس : النصوص صريحة في النهي عن اتخاذ القبور مساجد أما إدخال بيت فيه قبر في مسجد من أجل مصلحة التوسعة ،و هناك العديد من الجدران تفصل بين البيت و المسجد فلا يوجد نص صريح في تحريمه و إن كان يمنع سدا للذريعة ،وما منع سدا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة إذا كانت المصلحة لا تتحقق إلا به و لكن يمكن أن تتحقق مصلحة التوسعة دون إدخال البيت النبوي في المسجد .
الفرق السابع : المساجد التي بها أضرحة يصل الناس للضريح للتمسح و التبرك و دعاء صاحب الضريح إلى غير ذلك من الشركيات أما في المسجد النبوي فلا يستطيع الناس الوصول للبيت الذي فيه القبر فضلا عن القبر لوجود ثلاثة جدران محاطة به :
الجدار الأول : جدار حجرة عائشة
الجدار الثاني : عمله عمر بن عبد العزيز في خلافة الوليد بن عبد الملك
الجدار الثالث : بني بعد ذلك ثم بعد ذلك وضع السور الحديدي بينه وبين الجدار الثالث
الفرق الثامن : لو سلمنا جدلا بحرمة الصلاة في المسجد النبوي من أجل سد ذريعة الشرك على فرض أن القبر في المسجد لا في حجرة عائشة فالصلاة في المسجد النبوي تجوز من أجل تحصيل مصلحة أن الصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ،و ما حرم سدا للذريعة يباح للمصلحة إذ لم يمكن تحقيق المصلحة إلا به ،وهذه المصلحة لا توجد في المساجد التي بها أضرحة .

و من ينازع في هذه الفروق فعليه بالبرهان .

وقولكم: ( لاسيما وأن مساحة بعض الأضرحة أكبر من الحجرة الشريفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ) وجوابه هل مساحة الضريح تغير من حقيقته و أنه ضريح في مسجد أو بني المسجد على الضريح ؟ أيها الحبيب : المسجد بني على الضريح أو أدخل الضريح فيه من أجل التبرك و أنه من أولياء الله ،وهذا ذريعة للشرك ،والشركيات التي تحدث عند هذه الأضرحة لا تخفى على أحد أما المسجد النبوي أدخلت إحدى الحجرات النبوية فيه من أجل التوسعة ليصلي فيه أكبر عدد من الناس وشتان بين هذه النية وهذه النية ،والسنة نهت عن بناء المساجد على القبور وهذا ضريح في مسجد أما هذا فبيت في مسجد منفصل عن المسجد بعدة جدران .

وقولكم : ( والسبب الآخر: أن هيئة الحجرة اليوم مشابه تماما للقبور والأضرحة، (مسور بشباك، فيه جدران، له باب ...) وجوابه شتان بين بيت كان يعيش فيه النبي - صلى الله عليه وسلم – وزوجه و بين مكان مخصص للدفن فهذا التشابه لا ينفي الحقائق أن هذا بيت و هذا قبر ،وليس معنى الاتفاق في بعض الصفات الاتفاق في جميع الصفات ثم هذه الأضرحة يصل الناس إليها للتمسح و التبرك و دعاء صاحب الضريح إلى غير ذلك من الشركيات أما في المسجد النبوي فلا يستطيع الناس الوصول للبيت الذي فيه القبر فضلا عن القبر لوجود ثلاثة جدران محاطة به فأين التشابه بين هذا وهذا ؟!!.

و لو سلمنا جدلا بحرمة الصلاة في المسجد النبوي من أجل سد ذريعة الشرك على فرض أن القبر في المسجد لا في حجرة عائشة فالصلاة في المسجد النبوي تجوز من أجل تحصيل مصلحة أن الصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ،و ما حرم سدا للذريعة يباح للمصلحة إذ لم يمكن تحقيق المصلحة إلا به ،وهذه المصلحة لا توجد في المساجد التي بها أضرحة.

وقولكم : ( السبب الثالث: أن ما ذكرته مما يحتمل وقوعه من الشركيات وارد في الحجرة النبوية!! ) وجوابه وجود الحجرة النبوية في المسجد و فصلها عن المسجد بالعديد من الجدران يجعل القبر النبوي في مأمن أن يباشر بالعبادة له من دون الله ،وهذا لا يوجد في المساجد التي بها أضرحة فالأضرحة تباشر عندها العبادة من دون الله و ما لا يدرك كله لا يترك جله .

ويمكن أن يقال أن وضع الحجرة النبوية في المسجد من باب ارتكاب أخف الضررين إذ لو كان القبر النبوي منفصلا عن المسجد لتهافت الناس عليه و حدث عند القبر شركيات أكثر من المساجد التي بها أضرحة .

و قد قيض الله هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر في المسجد النبوي فلا يسمحون بمثل الشركيات التي تحدث في المساجد التي بها أضرحة ،وكل من يريد التمسح بالسوار الحديدي يقولون له اتقي الله هذا لا يضر و لا ينفع أو مثل ذلك الكلام و إنكار دور هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر في المسجد النبوي في عدم وقوع هذه الشركيات مكابرة مخالفة للواقع .



[1] - إكمال الأعلام بتثليث الكلام لابن مالك الجياني 1/136 ، المطلع على ألفاظ المقنع لابن أبي الفضل البعلي ص 476

[2] - تفسير الزمخشري 4/357 ،وتفسير القرطبي 16/310 ،وتفسير النسفي 3/349 ،و بصائر ذوي التمييز لمجد الدين الفيروزآبادي 2/ 436 ،وفتح القدير للشوكاني 5/70
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
رد: حكم الصلاة في مسجد به ضريح و الرد على شبهات الصوفية ومن نحى نحوهم

لدي عدة استفسارات:


ما الفرق لغةً بين قولنا (صلى على قبر، صلى إلى قبر، صلى في قبر)؟

وقولكم : ( ما الفرق لغةً بين قولنا (صلى على قبر، صلى إلى قبر، صلى في قبر)؟ ) فجوابه توضيح الواضحات من المشكلات و الكلام البين لا يحتاج إلى بيان ،وأريد أن استفيد منكم في توضيح هذه الواضحات .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
رد: حكم الصلاة في مسجد به ضريح و الرد على شبهات الصوفية ومن نحى نحوهم

لدي عدة استفسارات:
هل الصلاة على قبر أو إليه أو فيه محرمة: سواء: كان القبر في مسجد أم لم يكن فيه؟
وسواء: نوى الشرك أم أطلق أم لم ينوه؟

و قولكم : ( هل الصلاة على قبر أو إليه أو فيه محرمة: سواء: كان القبر في مسجد أم لم يكن فيه؟
وسواء: نوى الشرك أم أطلق أم لم ينوه؟ ) والجواب نعم فالنصوص نهت عن جميع صور اتخاذ القبور مساجد ونهت عن الصلاة على القبور و إلى القبور و في القبور و نهت عن بناء المساجد على القبور ،والنية الصالحة لا تصلح العمل الفاسد .


 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
رد: حكم الصلاة في مسجد به ضريح و الرد على شبهات الصوفية ومن نحى نحوهم

لدي عدة استفسارات:




هل وَصْفُ الحبيب صلى الله عليه وسلم عائدٌ لعلةٍ واحدةٍ، وهي: التصوير فقط -لا بد من الرجوع إلى أحاديث النهي عن التصوير، ومقارنتها بهذا الحديث-، أو هو بناء مسجد على قبر، أو هو أحدهما، أم عائد لعلة مجتمعة من علتين، وهما: التصوير وبناء المسجد على القبر؟


و قولكم : ( هل وَصْفُ الحبيب صلى الله عليه وسلم عائدٌ لعلةٍ واحدةٍ، وهي: التصوير فقط -لا بد من الرجوع إلى أحاديث النهي عن التصوير، ومقارنتها بهذا الحديث-، أو هو بناء مسجد على قبر، أو هو أحدهما، أم عائد لعلة مجتمعة من علتين، وهما: التصوير وبناء المسجد على القبر؟ ) وجوابه أن الحديث فيه ذم لمن يبني مسجد على قبر ،ومن يصور الصور و أن الفاعل من شرار الخلق إذ ذكر البناء على القبور و التصوير مع الحكم وهو :" أولئك من شرار الخلق " وهذا فيه إيماء بأن العلة في أنهم من شرار الخلق البناء على القبور و التصوير ، ولو لم يكن ذلك الوصف علة لذلك الحكم لكان الكلام معيباً .

وذم شيئين يقتضي أن كل واحد منهما مذموم على انفراده ،ولا يجوز أن يكون أحدهما مباحا و الآخر مذموما ،ومن يخالف ذلك فعليه بالدليل .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
رد: حكم الصلاة في مسجد به ضريح و الرد على شبهات الصوفية ومن نحى نحوهم

لدي عدة استفسارات:





مساجِد جمع: مسجِد، أم مسجَد؟، وما الدليل على ذلك؟ وسيترتب عليه نقاش في الدليل؟


أما قولكم : (مساجِد جمع: مسجِد، أم مسجَد؟، وما الدليل على ذلك؟ وسيترتب عليه نقاش في الدليل؟ ) الأصل في كلمة مساجد في الكتاب و السنة المساجد المعروفة وهي الدور المبنية للصلاة و أماكن العبادة ،وهي جمع مسجِد و من يخالف ذلك فعليه بالدليل .

وفرق بين قولنا مساجد و بين قولنا مساجد من الأرض و الحديث أطلق كلمة مساجد و لم يقيدها بالمساجد من الأرض ،والمسجد من الأرض موضع السجود نفسه .

وقد بينت أحاديث أخرى أن المقصود بالمساجد المساجد المعروفة ففي الحديث : « أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا مَاتَ فِيهِمُ العَبْدُ الصَّالِحُ، أَوِ الرَّجُلُ الصَّالِحُ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا ، وَ صَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ ، أُولَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ » فالذين يتخذون القبور مساجد هم الذين يبنون المساجد على القبور .

وراوي الحديث بين أن المقصود بالمساجد المساجد المعروفة فعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ : « لَعَنَ اللَّهُ اليَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ » ، قَالَتْ عَائِشَةُ : « لَوْلاَ ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا »[1] و لم تقل مسجَدا .


[1] - رواه البخاري في صحيحه حديث رقم 4441 , ورواه مسلم في صحيحه حديث رقم 529
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
رد: حكم الصلاة في مسجد به ضريح و الرد على شبهات الصوفية ومن نحى نحوهم

لدي عدة استفسارات:
ما الرابط بين جعل القبر وثنا، واتخاذ مسجِد -بكسر الجيم- على قبور الأنبياء؟
أما العلاقة بينه وبين مسجَد -بفتح الجيم- فظاهر.


و قولكم : ( ما الرابط بين جعل القبر وثنا، واتخاذ مسجِد -بكسر الجيم- على قبور الأنبياء؟ أما العلاقة بينه وبين مسجَد -بفتح الجيم- فظاهر ) أخي الحبيب الذي قال : « اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِى وَثَناً، لَعَنَ الله قَوْماً اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ » هو الذي قال : « أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا مَاتَ فِيهِمُ العَبْدُ الصَّالِحُ، أَوِ الرَّجُلُ الصَّالِحُ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا ، وَ صَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ ، أُولَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ » والسنة توضح بعضها بعضا .

وعائشة – رضي الله عنها- زوجة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قالت : « لَوْلاَ ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا » و لم تقل مسجَدا .

و اتخاذ القبور مساجد من أسباب جعل القبر وثنا يعبد من دون الله ؛ لأن في اتخاذ القبور مساجد غلو في أصحاب هذه القبور ،ومع الوقت تعبد من دون الله و تدعى و يتمسح بها و هذا مشاهد في المساجد التي بها أضرحة و إنكاره مكابرة مخالفة للواقع .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
رد: حكم الصلاة في مسجد به ضريح و الرد على شبهات الصوفية ومن نحى نحوهم

لدي عدة استفسارات:

هل مجرد وجود القبر في مسجد يكون عبادة له؟ أم لا بد من التوجه له في العبادة، مثال ذلك: توجه الناس للكعبة شرفها الله، ونحن نعلم أنها حجارة لا تضر ولا تنفع: فهل توجههم لها شرك أو كفر، أم كمال الإسلام؟، ونعلم أيضا أن جل المسلمين حين يصلون في مسجد به قبر متوجهون لله في صلاتهم لا لذلك القبر، فما الفرق بين رجلين صلى أحدهما لله متوجها إلى الكعبة، وصلى الآخر لله في مسجد به قبر؟

* هل هناك فرق بين الصلاة في مسجدين أحدهما استحدث على قبر -ومنه توسعة المساجد-، والآخر: استحدث فيه قبر؟

* ما العمل اليوم في المساجد التي بها قبور: أَنَهْدِم المسجد، أم ننتهك حرمة القبر فننبشه؟

* المساجد التي بقربها قبور، وأُرِيدَ توسعتُها: ماذا يعمل لها؟


وقولكم : ( هل مجرد وجود القبر في مسجد يكون عبادة له؟ ) وجوابه وجود القبر في المسجد فيه غلو في صاحب القبر ، وهذا الغلو يؤدي مع الوقت لعبادته من دون الله ، و هذا مشاهد في المساجد التي بها أضرحة و إنكاره مكابرة مخالفة للواقع .والشريعة أتت بسد ذرائع الشرك .
وقولكم : ( هل هناك فرق بين الصلاة في مسجدين أحدهما استحدث على قبر -ومنه توسعة المساجد-، والآخر: استحدث فيه قبر؟ ما العمل اليوم في المساجد التي بها قبور: أَنَهْدِم المسجد، أم ننتهك حرمة القبر فننبشه؟) وجوابه : قال ابن القيم – رحمه الله –: ( فيهدم المسجد إذا بني على قبر كما ينبش الميت إذا دفن في المسجد نص على ذلك الإمام أحمد وغيره فلا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبر، بل أيهما طرأ على الآخر منع منه، وكان الحكم للسابق، فلو وضعا معاً؛لم يجز، ولا يصح هذا الوقف، ولا يجوز ولا تصح الصلاة في هذا المسجد؛ لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، ولعنه من اتخذ القبر مسجداً أو أوقد عليه سراجاً، فهذا دين الإسلام الذي بعث الله به رسوله ونبيه - صلى الله عليه وسلم -) [1].

وقولكم : ( المساجد التي بقربها قبور، وأُرِيدَ توسعتُها: ماذا يعمل لها؟ ) وجوابه أرض الله واسعة ،ولا نتقرب إلى الله بما نهى عنه ، ومادامت هذه التوسعة سوف تدخل القبور في المسجد فلا تجوز .



[1] - زاد المعاد لابن القيم 3/501
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
رد: حكم الصلاة في مسجد به ضريح و الرد على شبهات الصوفية ومن نحى نحوهم

بحسب الأسانيد التي ذكرتَها لا يمكن أن يُتَّهم في هذا الحديث عيسى بن شاذان؛ لأنه تابعه في الرواية جمع من الرواة ذكرت منهم 4، وهم:




ولعله الرمادي

كلهم تابعوا عيسى بن شاذان في هذه الرواية، فكيف يتهم عيسى في هذا الحديث؟!!

ومما يحتاج إليه في هذا الحديث أيضا ما جاء في:
مختصر زوائد مسند البزار (1/ 416): قال البزار: تفرد به إبراهيم عن منصور , ولا نعلمه عن ابن عمر بأحسن من هذا الإسناد. قلت –القائل ابن حجر-: هو إسناد صحيح.

فيض القدير شرح الجامع الصغير (4/ 603)
5965 - (في مسجد الخيف قُبِرَ سبعينَ نبيًّا) في رواية قبر سبعون نبيا ببناء قُبِرَ للمفعول.

وقولكم : (بحسب الأسانيد التي ذكرتَها لا يمكن أن يُتَّهم في هذا الحديث عيسى بن شاذان؛ لأنه تابعه في الرواية جمع من الرواة ذكرت منهم 4 ) وجوابه الحديث ليس علته عيسى بن شاذان فقط حتى يقوى بالمتابعة .

و إن كانت الطرق متعددة في الظاهر ، لكنها ترجع في الحقيقة إلى طريق واحد فلا يقوي بها الأحاديث وقال ابن رجب – رحمه الله - : ( وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث إذا انفرد به واحد وإن (لم) يرو الثقات خلافه أنه لا يتابع عليه، ويجعلون ذلك علة فيه، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضاً )[1]
وقال أيضا : ( وانفراد الراوي بالحديث مخالفا للأكثرين هو علة في الحديث، يوجب التوقف فيه، وأنه يكون شاذا ومنكرا إذا لم يرو معناه من وجه يصح، وهذه طريقة المتقدمين كالإمام أحمد، ويحيى القطان ويحيى بن معين ) [2].

و مدار هذه الأحاديث هو أبو همام الدَّلال عَن إِبْرَاهِيم بن طهْمَان عَن مَنْصُور ، و قال محمد بن الطاهر – رحمه الله - : ( تفرد بِهِ أَبُو همام الدَّلال عَن إِبْرَاهِيم بن طهْمَان عَن مَنْصُور عَنهُ )[3] ، و قال البزار – رحمه الله - : (تَفَرَّدَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ عَنْ مَنْصُورٍ ) [4] ، و الأئمة إذا قالوا في حديث ما تفرَّد به فلان كان مُشْعرًا بانتفاء المُتَابعات [5].

ولننظر إلى أسانيد الأحاديث مرة أخرى لنرى هل تابع أحد أبا همام الدلال عن إبراهيم بن طهمان عن منصور أم لا ؟

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عِيسَى بْنُ شَاذَانَ، ثنا أَبُو هَمَّامٍ الدَّلَّالُ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : « فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ قَبْرُ سَبْعِينَ نَبِيًّا »[6].

و ذكره الفاكهي في أخباره فقال : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: ثنا أَبُو هَمَّامٍ الدَّلَّالُ قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : « فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ قَبْرُ سَبْعِينَ نَبِيًّا »[7] .

و ذكره أبو الطاهر في الجزء الحادي و العشرين من المشيخة البغدادية فقال حدثني عمي أبو طاهر الحسين بن محمد بن الحسن الجوهري , نا أبو علي إسماعيل بن محمد بن إسماعيل النحوي , نا أحمد بن منصور بن سيار الرمادي , نا محمد بن محبب أبو همام الدلال , عن منصور , عن مجاهد , عن ابن عمر , عن النبي - صلى الله عليه وسلم - , قال : « في مسجد الخيف قبر سبعين نبيا » [8] .

و ذكره شهاب الدين البوصيري في إتحاف الخيرة فقال : رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ : ثَنَا الْإِيَادِيُّ أَبُو بَكْرٍ ، ثَنَا أَبُو هَمَّامٍ الدَّلَالُ ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : « بِمَسْجِدِ الْخَيْفِ قَبْرُ سَبْعِينَ نَبِيًّا »[9].

و ذكره ابن حجر في المطالب العالية فقال قَالَ أَبُو يعلى حدثنا الرَّمَادِيُّ أَبُو بَكْرٍ ثنا أَبُو هَمَّامٍ الدَّلَّالُ ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابن عمر - رَضِيَ الله عَنْهما - قَالَ : قَالَ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : « مسجد الْخَيْفِ قَبْرُ سَبْعِينَ نَبِيًّا »[10] .

و ذكره نور الدين الهيثمي في كشف الأستار فقال : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُسْتَمِرِّ الْعُرُوقِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَبَّبٍ أَبُو هَمَّامٍ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، قَالَ : « فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ قُبِرَ سَبْعُونَ نَبِيًّا » قَالَ الْبَزَّارُ : لا نَعْلَمُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِأَحْسَنَ مِنْ هَذَا الإِسْنَادِ ، تَفَرَّدَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ عَنْ مَنْصُورٍ [11] .

و من هنا لابد أن نسلم أن الحديث مما تفرد به إِبْرَاهِيمُ عَنْ مَنْصُورٍ ، و إبراهيم بن طهمان من رجال الصحيحين ،و الدارقطني لا يحتج به [12] ،وذكره الذهبي في ديوان الضعفاء ،وقال : ( ضعفه محمد بن عبد الله بن عمار )[13] ،و عده ابن حبان من الثقات لكن قال : (أمره مشتبه لَهُ مدْخل فِي الثِّقَات ومدخل فِي الضُّعَفَاء وَقد روى أَحَادِيث مُسْتَقِيمَة تشبه أَحَادِيث الْأَثْبَات وَقد تفرد عَن الثِّقَات بأَشْيَاء معضلات )[14]


قال الألباني – رحمه الله - : ( لا نسلم صحة الحديث المشار إليه ؛ لأنه لم يروه أحد ممن عني بتدوين الحديث الصحيح و لا صححه أحد ممن يوثق بتصحيحه من الأئمة المتقدمين ولا النقد الحديثي يساعد على تصحيحه، فإن في إسناده من يروي الغرائب وذلك مما يجعل القلب لا يطمئن لصحة ما تفرد به )[15].

ومثل إبراهيم بن طهمان لا يقبل التفرد .

قال ابن حجر – رحمه الله - : (ما انفرد المستور أو الموصوف بسوء الحفظ أو المضعف في بعض مشايخه دون بعض بشيء لا متابع له ولا شاهد فهذا أحد قسمي المنكر، وهو الذي يوجد في إطلاق كثير من أهل الحديث )[16].


وقال أبو داود – رحمه الله - : ( وَالْأَحَادِيث الَّتِي وَضَعتهَا فِي كتاب السّنَن أَكْثَرهَا مشاهير وَهِي عِنْد كل من كتب شَيْئا من الحَدِيث إِلَّا أَن تمييزها لَا يقدر عَلَيْهِ كل النَّاس وَالْفَخْر بهَا أَنَّهَا مشاهير فَإِنَّهُ لَا يحْتَج بِحَدِيث غَرِيب وَلَو كَانَ من رِوَايَة مَالك وَيحيى بن سعيد والثقات من أَئِمَّة الْعلم وَلَو احْتج رجل بِحَدِيث غَرِيب وجدت من يطعن فِيهِ وَلَا يحْتَج بِالْحَدِيثِ الَّذِي قد احْتج بِهِ إِذا كَانَ الحَدِيث غَرِيبا شاذا فَأَما الحَدِيث الْمَشْهُور الْمُتَّصِل الصَّحِيح فَلَيْسَ يقدر أَن يردهُ عَلَيْك أحد وَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ كَانُوا يكْرهُونَ الْغَرِيب من الحَدِيث ،وَقَالَ يزِيد بن أبي حبيب إِذا سَمِعت الحَدِيث فأنشده كَمَا تنشد الضَّالة فَإِن عرف وَإِلَّا فَدَعْهُ ) [17].


وقال ابن الصلاح - رحمه الله - : ( إِذَا انْفَرَدَ الرَّاوِي بِشَيْءٍ نُظِرَ فِيهِ: فَإِنْ كَانَ مَا انْفَرَدَ بِهِ مُخَالِفًا لِمَا رَوَاهُ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ بِالْحِفْظِ لِذَلِكَ، وَأَضْبَطُ كَانَ مَا انْفَرَدَ بِهِ شَاذًّا مَرْدُودًا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا رَوَاهُ غَيْرُهُ، وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ رَوَاهُ هُوَ وَلَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ، فَيُنْظَرُ فِي هَذَا الرَّاوِي الْمُنْفَرِدِ: فَإِنْ كَانَ عَدْلًا حَافِظًا مَوْثُوقًا بِإِتْقَانِهِ وَضَبْطِهِ قُبِلَ مَا انْفَرَدَ بِهِ، وَلَمْ يَقْدَحِ الِانْفِرَادُ فِيهِ، كَمَا فِيمَا سَبَقَ مِنَ الْأَمْثِلَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يُوثَقُ بِحِفْظِهِ وَإِتْقَانِهِ لِذَلِكَ الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ كَانَ انْفِرَادُهُ بِهِ خَارِمًا لَهُ، مُزَحْزِحًا لَهُ عَنْ حَيِّزِ الصَّحِيحِ )[18].

وقال ابن الصلاح - رحمه الله - : ( لَيْسَ كُلُّ ضَعْفٍ فِي الْحَدِيثِ يَزُولُ بِمَجِيئِهِ مِنْ وُجُوهٍ، بَلْ ذَلِكَ يَتَفَاوَتُ: فَمِنْهُ ضَعْفٌ يُزِيلُهُ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ ضَعْفُهُ نَاشِئًا مِنْ ضَعْفِ حِفْظِ رَاوِيهِ، مَعَ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَالدِّيَانَةِ. فَإِذَا رَأَيْنَا مَا رَوَاهُ قَدْ جَاءَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَرَفْنَا أَنَّهُ مِمَّا قَدْ حَفِظَهُ، وَلَمْ يَخْتَلَّ فِيهِ ضَبْطُهُ لَهُ. وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ ضَعْفُهُ مِنْ حَيْثُ الْإِرْسَالُ زَالَ بِنَحْوِ ذَلِكَ، كَمَا فِي الْمُرْسَلِ الَّذِي يُرْسِلُهُ إِمَامٌ حَافِظٌ، إِذْ فِيهِ ضَعْفٌ قَلِيلٌ، يَزُولُ بِرِوَايَتِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. وَمِنْ ذَلِكَ ضَعْفٌ لَا يَزُولُ بِنَحْوِ ذَلِكَ، لِقُوَّةٍ الضَّعْفِ وَتَقَاعُدِ هَذَا الْجَابِرِ عَنْ جَبْرِهِ وَمُقَاوَمَتِهِ. وَذَلِكَ كَالضَّعْفِ الَّذِي يَنْشَأُ مِنْ كَوْنِ الرَّاوِي مُتَّهَمًا بِالْكَذِبِ، أَوْ كَوْنِ الْحَدِيثِ شَاذًّا )[19].


و قال الدكتور أبو شهبة : (وإذا انتفت المتابعات مع الشواهد فحكمه ما سبق في الشاذ من التفصيل أقول: يعني إن كان راويه ثقة ولم يخالف من هو أوثق منه فهو مقبول، وإن خالف من هو أوثق منه أو أولى منه فهو الشاذ المردود، ومقابله يسمى المحفوظ ) [20].


و هذا الحديث المحفوظ منه (( صلى فيه سبعون نبياً )) و ليس (( قبر سبعين نبياً )) فعن مُحَمَّد بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : « صَلَّى فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ سَبْعُونَ نَبِيًّا مِنْهُمْ مُوسَى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَعَلَيْهِ عباءتانِ قَطْوانِيَّتانِ وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلَى بَعِيرٍ مِنْ إِبِلِ شَنُوءةَ مَخْطُومٍ بِخِطَامِ لِيفٍ لَهُ ضَفْرَانِ»[21] .

و عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ، أَنَّهُ قَالَ: «لَقَدْ سَلَكَ فَجَّ الرَّوْحَاءَ سَبْعُونَ نَبِيًّا حُجَّاجًا عَلَيْهِمْ ثِيَابُ الصُّوفِ، وَلَقَدْ صَلَّى فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ سَبْعُونَ نَبِيًّا» [22]

وعن عبد الملك، حدثني عطاء، عن أبي هريرة قال: "صلى في مسجد الخيف سبعون نبيا، وبين حراء و ثبير سبعون نبيا"[23].

وقال الألباني – رحمه الله - : ( أخشى أن يكون الحديث تحرف على أحدهما – أي ابن طهمان أو ابن شاذان - فقال: " قبر " بدل " صلى " لأن هذا اللفظ الثاني هو المشهور في الحديث ) [24].

و من بنى مسجد الخيف لم يثبت عنهم أنهم وجدوا أثرا لقبور السبعين نبيا رغم أنهم حفروا حفرا عميقة في الأرض .

و من الثابت شرعا تحريم الجلوس على القبور فكيف يصح أن يقبر في مسجد الخيف سبعون نبيا و لا يحرم وطئ قبورهم والجلوس عليها ؟!!

و على التسليم الجدلي بصحة الحديث فليس في الحديث أن قبور السبعين نبيا ظاهرة بارزة ،ولا يوجد أثر لهذه القبور فهي قد خفيت و اندرست في الأرض ولم يقصد الناس الذهاب لمسجد الخيف للتبرك والدعاء عندها و بها ،ولولا هذه الأخبار الضعيفة لما عرف أحد أن في مسجد الخيف قبر سبعين نبيا ،و الأحكام تبنى على الظاهر ،وعليه فلا يقاس على وجود هذه القبور في مسجد الخيف وجود القبور في المساجد التي بها أضرحة للفروق الكثيرة بين القبور التي في مسجد الخيف - على فرض وجودها - والقبور التي في المساجد التي بها أضرحة .

و هذه الأحاديث على التسليم بصحتها لا يمكن أن تعارض السنن المستفيضة في حرمة بناء المساجد على القبور .

وعجبا لهؤلاء يستدلون بالضعيف ،وهو يخالف الصحيح ،والضعيف المخالف للصحيح من قبيل المنكر الذي لا يستفاد منه شيئا من الأحكام الشرعية البتة .


[1] - شرح علل الترمذي لابن رجب 2/582

[2] - شرح علل الترمذي لابن رجب 1/247

[3] - أطراف الغرائب والأفراد لمحمد بن الطاهر 3/416 رقم 3109

[4] - كشف الأستار عن زوائد البزار لنور الدين الهيثمي رقم 1097

[5] - انظر التقريب و التيسير للنووي ص 41 تحت عنوان : النوع الخامس عشر: معرفة الاعتبار والمتابعات والشواهد

[6] - المعجم الكبير للطبراني 12/414 رقم 13525

[7] - أخبار مكة للفاكهي رقم 2543

[8] - الجزء الحادي و العشرون من المشيخة البغدادية لأبي الطاهر رقم 9

[9] - إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة للبوصيري رقم 1108

[10] - المطالب العالية لابن حجر رقم 1332

[11] - كشف الأستار عن زوائد البزار لنور الدين الهيثمي رقم 1097

[12] - مَنْ تَكلَّم فيه الدَّارقطني في كتاب السنن من الضعفاء والمتروكين والمجهولين لابن زريق ص 27 رقم 19

[13] - ديوان الضعفاء للذهبي ص 17 رقم 195

[14] - الثقات لابن حبان 6/27 رقم 6579

[15] - تحذير الساجد للألباني ص 68

[16] - النكت على كتاب ابن الصلاح 2/675

[17] - رسالة أبي داود إلى أهل مكة ص 29-30 تحت عنوان أَحَادِيث السّنَن مشاهير وَلَا يحْتَج بالغريب

[18] - مقدمة ابن الصلاح ص 79

[19] - مقدمة ابن الصلاح ص 34

[20] - الوسيط في علوم الحديث ص 368

[21] - رواه الطبراني في المعجم الكبير رقم 12283 ،والمخلصيات لأبي الطاهر المخلص رقم 1286و الأحاديث المختارة لضياء الدين المقدسي رقم 310 ،ومجمع الزوائد للهيثمي رقم 5351 قال الألباني في صحيح الترغيب و الترهيب : حسن لغيره 2/8 رقم 1127

[22] - المستدرك على الصحيحين للحاكم رقم 4169 و البيهقي في السنن الكبرى رقم 9837

[23] - إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة للبوصيري رقم 964 ، المطالب العالية لابن حجر رقم 1331

[24] - تحذير الساجد للألباني ص 68
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
رد: حكم الصلاة في مسجد به ضريح و الرد على شبهات الصوفية ومن نحى نحوهم

ذُكِر في هذا النقل: "عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضَمْرَةَ السَّلُولِيِّ قَالَ: «طُفْتُ مَعَهُ ..." الهاء في "معه" تعود إلى من؟!، وهو المخبر، لا عبدالله السلولي كما يفهم من قولك:

وقولكم : ( ذُكِر في هذا النقل عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضَمْرَةَ السَّلُولِيِّ قَالَ «طُفْتُ مَعَهُ ..." الهاء في "معه" تعود إلى من؟! ) سؤالكم وجيه وليس في النقل تصريح بشخص معين تعود إليه الهاء وقولكم : (وهو المخبر ، لا عبد الله السلولي كما يفهم من قولك) اعتراض وجيه وهذا سهو مني فمعذرة و لكن يبقى الاعتراض موجودا أن صاحب القول كلامه ليس بحجة في دين الله .

 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
رد: حكم الصلاة في مسجد به ضريح و الرد على شبهات الصوفية ومن نحى نحوهم

وبعد فالمسالة خلافية بين العلماء وجمهورهم من محققي المذاهب الاربعة على الكراهة بالنسبة للصلاة وفي البناء التفصيل المعروف والمسألة ليست من ابتداع الصوفية بل هي مسألة فقهية بحته لا دخل لها لا بصوفية ولا سلفية ولا غير ذلك .
وهذه أيضا من الإشكالات الكبيرة أننا نجد كبار أئمة المذاهب يقررون مثل هذه المسالة ويبينوا القول الصحيح فيها كمسألة من مسائل الفقه مثل التوسل وشد الرحل والحلف بالمخلوق ثم في العصر الحالي تجعل مثل هذه المسائل مسائل فارقة بين اهل السنة وغيرهم كأن النووي ومن في درجته من المذاهب الأخرى ليسوا من أهل السنة او قرروا قولا يخالف أهل السنة وهو ومثله من ادرى الناس بمذهب السلف ويقين الاعتقاد فيهم انهم لم يخترعوا فضلا أن يخالفوا مذهب أهل السنة والجماعة .

لا أنكر الخلاف في المسألة ،والصلاة في مسجد به ضريح لا إجماع فيها على قول معين فمنهم من قال بالتحريم ومنهم من قال بالكراهة و منهم من فصل إلى غير ذلك و العبرة بالدليل .
و إن كان حكم الصلاة في المساجد التي بها أضرحة من مسائل الخلاف إلا أن في هذه الأزمان لابد من الإنكار على المخالف لما يراه الجميع مما أحدثه الصوفية من بدع و شركيات في هذه المساجد و إنكار ذلك مكابرة مخالفة للواقع ،وهل يجيز الأئمة ما أحدثه الصوفية من شركيات وبدع ؟!

ولتعلم أخي الحبيب أن اسم البحث : حكم الصلاة في مسجد به ضريح و الرد على شبهات الصوفية ومن نحى نحوهم أي ليس الصوفية فقط من أجاز الصلاة في مسجد به ضريح ،والحق أحق أن يتبع .

 

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: حكم الصلاة في مسجد به ضريح و الرد على شبهات الصوفية ومن نحى نحوهم

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه:

اسمح لي أخي أن أذكر لك رأي الشافعية في المسألة، ثم أناقشك في استدلالاتك:
اعلم أن الشافعية اتفقت نصوصهم على كراهة بناء المسجد على القبور.
قال الإمام النووي في المجموع: وَاتَّفَقَتْ نُصُوصُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ عَلَى كَرَاهَةِ بِنَاءِ مَسْجِدٍ عَلَى الْقَبْرِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَيِّتُ مَشْهُورًا بِالصَّلَاحِ أَوْ غَيْرِهِ , لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ , قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ : وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ إلَى الْقُبُورِ , سَوَاءٌ كَانَ الْمَيِّتُ صَالِحًا أَوْ غَيْرَهُ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو مُوسَى : قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الزَّعْفَرَانِيُّ رحمه الله : وَلَا يُصَلَّى إلَى قَبْرِهِ , وَلَا عِنْدَهُ تَبَرُّكًا بِهِ وَإِعْظَامًا لَهُ لِلْأَحَادِيثِ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

واعلم أنه لو أوصى أن يُبْنَى على قبره مسجد، فوصيته لاغية.
واعلم أن الصلاة صحيحة في مسجد بني على قبر، أو حفر فيه قبر، ما لم تنله نجاسة.
أو نوى بصلاته أنه يصلى من أجل صاحب القبر، أو صلى إليه قاصدا تعظيمه، فهذا يكفر.
واعلم أن المسجد لا يجوز دفن أحد فيه أيا كان، ويجب أن ينبش؛ والعلة: أن المسجد وقف، ملك لله، فلا يدفن فيه أحد.
واعلم أن المقبرة الموقوفة لا يجوز أن يبنى فيها مسجد؛ لأنها وقفت للدفن، ولوجود نجاسة الصديد الخارج من الأموات، لا سيما في المقابر المنبوشة، فلو بني فيها مسجد يهدم.
وهو قريب مما نقلتَه عن الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى.
وبقي صنف ثالث، وهو: إذا احتيج إلى توسيع المسجد، فأُدْخِل ما حول قبرٍ قريبٍ منه فيه، بحسب ما يتيسر لهم، فلا يجوز انتهاك حرمة الميت فلا ينبش قبره، والأرض التي حوله لا تسمى مقبرة ولا قبرا، كمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأنت تفهم من عبارتي أن القبر لا زال قبرا، لم يتحول إلى مسجد، بل تحول ما حوله مسجدًا، فلو تحول القبر مسجدا عدنا إلى الصورة الثانية، أعني أن يبنى مسجد في المقبرة.

ومعنى الصلاة إلى القبر: جعله قبلةً.
وعليه: جعله مصلى، أي السجود عليه.
واتخاذه مسجدا: جعل القبر موضعا للسجود، أي السجود على القبر، وقيل: معناه معنى الصلاة إلى القبر، أي جعله قبلة.
ويشبهه جعل القبر: وثنا.

إذا علمت ذلك: وَجَبَ على القاضي أن يصدر حكما لكل مسجد به ضريح، فإن بني المسجد بمقبرة هدم، وإن حُفِر القبر بمسجد نبش، وإن وُسِّع المسجد حتى دخل ما حول القبر المسجد فلا ينبش القبر، ولا يهدم المسجد.
والصلاة في الكل صحيحة، ما لم يمس نجاسة أو نوى بالصلاة غير الله.

وبعد أن بينت لي ما أعتقده، أجعل نقاشي معك في شيء محدد هو هل تصح الصلاة في المساجد التي بها أضرحة أم لا؟، وأدع ما سواه.
والجواب كما سبق: تصح الصلاة، والدليل على ذلك عموم قوله صلى الله عليه وسلم: جعلت لي الأرض مسجدا، وقوله فيما رواه عبدالرزاق: الأرض كلها مسجد إلا القبر والحمام، وغيرها من الأدلة.

هذا خلاصة ما أعتقده.
وإليك بعض المآخذ على استدلالاتك:
وجوابه الحديث ليس علته عيسى بن شاذان فقط حتى يقوى بالمتابعة .

أخي دعني أعيد صياغة بعض الأسئلة التي ذكرتها ولم تجب عنها، أو حِدْت عن الجواب:
أنت قلت:
و لأن الحديث في إسناده من يروي الغرائب وهما إِبْرَاهِيم بن طهْمَان و عيسى بن شاذان فقد يكون الحديث من غرائب ابن شاذان أو من غرائب ابن طهمان .
لذا سألتُك إذا روى مَن يروي الغرائب حديثًا ما، ثم تابعه عليه شخصان أو ثلاثة فما الحكم؟
وأنا لم أسألك عن إبراهيم بن طهمان فهذا كلام آخر، فما أطلت به الجواب ليس جوابا على تساؤلي؟
بحسب الأسانيد التي ذكرتَها لا يمكن أن يُتَّهم في هذا الحديث عيسى بن شاذان؛ لأنه تابعه في الرواية جمع من الرواة ذكرت منهم 4، وهم:
مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ
أحمد بن منصور بن سيار الرمادي وهو الرَّمَادِيُّ أَبُو بَكْرٍ
الْإِيَادِيُّ أَبُو بَكْرٍ، ولعله الرمادي
إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُسْتَمِرِّ الْعُرُوقِيُّ
كلهم تابعوا عيسى بن شاذان في هذه الرواية، فكيف يتهم عيسى في هذا الحديث؟!!
وكلامك في ابن شاذان يناقضه نقلك عن ابن حجر رحمه الله تعالى:
قال ابن حجر – رحمه الله - : (ما انفرد المستور أو الموصوف بسوء الحفظ أو المضعف في بعض مشايخه دون بعض بشيء لا متابع له ولا شاهد فهذا أحد قسمي المنكر، وهو الذي يوجد في إطلاق كثير من أهل الحديث )[16].
فالحديث لم ينفرد به ابن شاذان، بل له متابع، فليس منكرا من جهة ابن شاذان!.

وكذلك قولك:
و مدار هذه الأحاديث هو أبو همام الدَّلال
فإذا كان مدار الحديث أبا همام، فكيف يتهم التلميذ –ابن شاذان- فيه؟!

والظاهر أن سبب وقوعك في هذا الخطأ أنك تبعت الشيخ الألباني في قوله:
وقال الألباني – رحمه الله - : ( أخشى أن يكون الحديث تحرف على أحدهما – أي ابن طهمان أو ابن شاذان - فقال: " قبر " بدل " صلى " لأن هذا اللفظ الثاني هو المشهور في الحديث ) [21].
ولعل عذر الشيخ أنه لم يقف على باقي الروايات التي ذكرتها أنت، أما وإذ ذكرتها فلا عذر لك في اتهامك ابن شاذان في هذا الحديث إلا أن تقف على علة أخرى غير ما ذكر، فبيِّنها لنا.




من تمام الأمانة أن تنقل من طعن في الرجل وتنقل من أثنى عليه، ولن أنقل لك ما قاله علماء الحديث في هذا الباب فأنت تعرفه إن شاء الله.
وكذلك تعرف أن الرجل إذا كثر معدوله على مجرحيه، أو بانت علة تجريحهم وأنها لا تقدح فيه: لا ينظر لجرحهم.
وليتك إذ هيَّئتَ نفسَك للاجتهاد واتباع الدليل أن تنصف البحث، وتعطيه حقه، لا أن تصدر الحكم ثم تجمع النصوص التي تؤيدك، وتبعد أو تستر ما لا يؤيدك.
ولو قلت هذا مذهب الإمام أحمد أو مالك أو ... لعلمنا أنك تبحث في أدلتهم، ولا عيب في ذلك.
وسأنقل لك فصلا كتبه بعضهم في اتهام إبراهيم بن طهمان بالإغراب، ولك أن تستزيد من مصادر ترجمته حتى تقف على حال الرجل.
المقترب في بيان المضطرب (ص: 192)
فائدة إفراد الرواة الموصوفين بالاضطراب في حديثهم:
إفراد الرواة المضطربين له فوائد عديدة:
منها: نفي وصف الاضطراب، وذلك أن الراوي، يوصف بالاضطراب في حديثه، ويكون الاضطراب من غيره، كإبراهيم بن طهمان قال عنه الحافظ ابن عمّار: "ضعيف مضطرب الحديث" اهـ، فبيَّنت من خلال الدراسة، أن إبراهيم لم يضطرب، وأنّ الاضطراب من الراوي عنه لا منه.

ثم قال (ص: 203)
الباب الأول: الرواة الموصوفون بالاضطراب مطلقاً
(1) إبراهيم بن طهمان الخُراساني أبوسعيد. سكن نيسابور ثمّ مكة. ثقة يغرب، تُكُلِّمَ فيه للإرجاء، ويقال رجع عنه. من السابعة. مات سنة ثمان وستين1.
قال محمد بن عبد الله بن عمّار الموصلي: ضعيف؛ مضطرب الحديث2.
وقال ابن حزم: " ضعيف " 3 اهـ.
ذكر من وثقه:
قال عبد الله بن المبارك: صحيح الكتاب4. وقال مرة: صحيح الحديث5.
وقال ابن معين: ثقة6.
وقال مرة: صالح الحديث7.
وقال أحمد بن حنبل: ثقة في الحديث ... 8.
وقال أبو حاتم: صدوق، حسن الرواية9. وقال مرة: ثقة10.
وقال أبوداود: ثقة11.
وقال صالح جزرة: ثقة، حسن الحديث، يميل شيئاً إلى الإرجاء في الإيمان12.
تعقيب:
أمّا قول ابن عمّار رحمه الله: " ضعيف، مضطرب الحديث". فهو قول [شاذ، لا عبرة به]13. وقد ردّ عليه صالح جزرة، حيث قال الحسين بن إدريس: "سمعت محمد بن عبد الله بن عمّار الموصلي يقول فيه: " ضعيف مضطرب الحديث".
قال: فذكرته لصالح يعني جزرة.
فقال: ابن عمّار، من أين يعرف حديث إبراهيم، إنما وقع إليه حديث إبراهيم في الجمعة يعني الحديث الذي رواه ابن عمّار عن المعافى بن عمران عن إبراهيم عن محمد بن زياد عن أبي هريرة: "أول جمعة جمعت بجواثا"14.
قال صالح والغلط فيه من غير إبراهيم؛ لأن جماعة رووه (عنه عن أبي جمرة عن ابن عباسٍ) . وكذا هو في تصنيفه، وهو الصواب. وتفرد المعافي بذكر: محمد بن زياد، فعلم أن الغلط منه، لا من إبراهيم " 15اه.
وأمّا قول الحافظ: "يُغْرِبُ"، ومن قبله الذهبي: "له ما ينفرد به. ولا ينحط حديثه عن درجة الحسن"16.
فلعل التفرد والإغراب من الرواة عنه، لا منه. وقد قال الحافظ: "الحقُّ فيه أنه ثقة صحيح الحديث، إذا روى عنه ثقة ... " 17اه.
وأمّا "الإرجاء" الذي نُسِبَ إليه، فقد قال أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي: " سمعت سفيان بن عيينه يقول: ما قدم علينا خراساني، أفضل من أبي رجاء عبد الله بن واقد الهروي.
قلت له: فإبراهيم بن طهمان؟
قال كان ذاك مرجئاً!
قال أبو الصلت: لم يكن إرجاؤهم، هذا المذهب الخبيث: أنّ الإيمان قول بلا عمل، وأنّ ترك العمل لا يضر، بل كان إرجاؤهم: أنهم يرجون لأهل الكبائر الغفران؛ رداً على الخوارج وغيرهم، الذين يكفرون الناس بالذنوب، وكانوا يرجئون ولا يكفرون بالذنوب، ونحن كذلك ... " اه18.
وقال الحافظ: " لم يثبت غلوه في الإرجاء، ولا كان داعيةً إليه، بل ذكر الحاكم أنه رجع عنه. والله أعلم " 19 اهـ.
وقال العراقي: " العمل على أنه حجة، وإنّما نسب للإرجاء" 20اه.
__________
1 (تق 109رقم191) .
2 الميزان (1/38) والتهذيب (1/113) .
3 هدي الساري (388) وعلق عليه بقوله: وأفرط ابن حزم فأطلق أنه ضعيف وهو مردود عليه. وانظر التلخيص الحبير (3/238) .
4 الجرح (2/108) .
5 ت. الكمال (2/111) .
6 التاريخ (2/10 - الدوري) .
(رقم 91 - الدقاق) .
8 العلل (2/538 - عبد الله) .
9 الجرح (2/107) .
10 ت. الكمال (2/111) .
11 ت. الكمال (2/111) .
12 ت. الكمال (2/111) .
13 قاله الذهبي في النبلاء (7/382) والميزان (1/38) .
14 أخرجه النسائي في الكبرى (1/515 رقم 1655) .
15 التهذيب (1/113) .
16 النبلاء (7/383) .
17 التهذيب (1/113- 114) .
18 ت. الكمال (2/111- 112) .
19 التهذيب (1/114) .
20 البيان والتوضيح (31) .
انتهى ما أردت نقله.


فأقل ما يقال في حديثه أنه حسن لذاته كما حكم بذلك الذهبي، وأعلاه أن يقال فيه ما قال ابن حجر: حديث صحيح، وقد وثقه كما رأيت، وهو يَرُدُّ ما نقلتَه عنه أنه يُغرب، ولو كان مغربا، فإن ابن حجر ارتضى هذا الحديث منه، ولم يجعله من غرائبه.
ولا أعلم لم تركت النظر في حال الرجل، وملت إلى تقليد غيرك، حتى أوقعك فيما وقعت فيه!.

ولذلك لَمّا لم يقف الشيخ الألباني على نقدٍ لهذا الحديث قال كما نقلته أنت وسكت عنه:
قال الألباني – رحمه الله - : ( لا نسلم صحة الحديث المشار إليه ؛ لأنه لم يروه أحد ممن عني بتدوين الحديث الصحيح و لا صححه أحد ممن يوثق بتصحيحه من الأئمة المتقدمين ولا النقد الحديثي يساعد على تصحيحه، فإن في إسناده من يروي الغرائب وذلك مما يجعل القلب لا يطمئن لصحة ما تفرد به )[15].
ولا أعلم أنقلت هذا الكلام مستئنسًا به أم مستدلاً؟، وهل لمثل هذا ضابطٌ لديك أو منهج تعرف كيفية أخذه؟ أم هو ترك للدليل؟
الحديث الآخر أعني ((صلى فيه سبعون نبيا)): لم يروه أحدٌ ممن عني بتدوين الحديث الصحيح ولا صححه أحد ممن يوثق بتصحيحه من الأئمة المتقدمين، ومع ذلك تراك حملت ذلك الحديث الأول عليه، مع أن الحديث الأول أصح منه، وقد: صححه ابن حجر العسقلاني!.
ومما يحتاج إليه في هذا الحديث أيضا ما جاء في:
مختصر زوائد مسند البزار (1/ 416): قال البزار: تفرد به إبراهيم عن منصور , ولا نعلمه عن ابن عمر بأحسن من هذا الإسناد. قلت –القائل ابن حجر-: هو إسناد صحيح.
ولم تجب عن تصحيح ابن حجر له!.

فهل لديك منهجية واضحة في عدم احتجاجك بهذا الحديث، أم هو أمر عاطفي تَحُسُّه، ولا يمكن وصفه؟


و هذا الحديث المحفوظ منه (( صلى فيه سبعون نبياً )) و ليس (( قبر سبعين نبياً )) فعن مُحَمَّد بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : « صَلَّى فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ سَبْعُونَ نَبِيًّا مِنْهُمْ مُوسَى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَعَلَيْهِ عباءتانِ قَطْوانِيَّتانِ وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلَى بَعِيرٍ مِنْ إِبِلِ شَنُوءةَ مَخْطُومٍ بِخِطَامِ لِيفٍ لَهُ ضَفْرَانِ»[21] .

و عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ، أَنَّهُ قَالَ: «لَقَدْ سَلَكَ فَجَّ الرَّوْحَاءَ سَبْعُونَ نَبِيًّا حُجَّاجًا عَلَيْهِمْ ثِيَابُ الصُّوفِ، وَلَقَدْ صَلَّى فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ سَبْعُونَ نَبِيًّا» [22]

وعن عبد الملك، حدثني عطاء، عن أبي هريرة قال: "صلى في مسجد الخيف سبعون نبيا، وبين حراء و ثبير سبعون نبيا"[23].
قدَّمْتَ مقدمة تُبَيِّنُ فيها انفراد إبراهيم بن طهمان، وتحدثت عن سنده وانفراده، وهنا تساؤلات:
لِمَ لَمْ تتحدث عن رجال هذه الأحاديث التي زعمت أنها المحفوظة، فربما كانت أضعف من حديث ابن طهمان؟
حديث ابن عباس تارة موقوف وتارة مرفوع!
حديث أبي هريرة موقوف!
ثم ألا يمكن الجمع بينهما، حتى تطرح الاحتجاج بأحدهما؟!



و على التسليم الجدلي بصحة الحديث فليس في الحديث أن قبور السبعين نبيا ظاهرة بارزة ،ولا يوجد أثر لهذه القبور فهي قد خفيت و اندرست في الأرض ولم يقصد الناس الذهاب لمسجد الخيف للتبرك والدعاء عندها و بها ،ولولا هذه الأخبار الضعيفة لما عرف أحد أن في مسجد الخيف قبر سبعين نبيا ،و الأحكام تبنى على الظاهر ،وعليه فلا يقاس على وجود هذه القبور في مسجد الخيف وجود القبور في المساجد التي بها أضرحة للفروق الكثيرة بين القبور التي في مسجد الخيف - على فرض وجودها - والقبور التي في المساجد التي بها أضرحة .
هل في الأحاديث النهي عن بناء مسجد على ضريح أم النهي بناء مسجد على قبر على إطلاقه؟
فإن قلت: النهي عن ضريح فأتِ بدليل.
وإن قلت: على قبر، فالمسجد مبني على قبر كما دل عليه حديث ابن طهمان.
ولفظ القبر: مطلق، عُلِمَ أو لم يُعْلَم، فالصلاة عليه بحسب قاعدتك باطلة.
وبحسب قاعدتي إن نوي بصلاته غير الله فقد كفر، وإلا فصلاته صحيحة.
أو فأت بدليل يخصص النهي.
وكيف لم يعلموا بقبور الأنبياء وقد أخبر به الحبيب صلى الله عليه وسلم؟!.




وقولكم : ( المساجد التي بقربها قبور، وأُرِيدَ توسعتُها: ماذا يعمل لها؟ ) وجوابه أرض الله واسعة ،ولا نتقرب إلى الله بما نهى عنه ، ومادامت هذه التوسعة سوف تدخل القبور في المسجد فلا تجوز .
سأجيب بأمرين:
الأمر الأول: أقول لك لِمَ لا تقول هذه الكلمة لمن أدخل قبر النبي صلى الله عليه وسلم المسجدَ، فإن التوسعة أدخلت قبره صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه رضي الله عنهما في مسجده.
الأمر الآخر: هذه المساجد التي وسعت فدخل القبر بها: هل تعلم حالها.
اليوم لديك سيارة تجوب بها الجيزة في دقائق، لو رجعتُ بك إلى قبل 300 سنة، كيف ترى المسجد والقبر قبل توسعة المسجد، والبيوت حوله، فهل تجيز أن ينتزع بيتك الملاصق للمسجد، ويدخل في المسجد، أم ترى الأنسب أن يضم ما حول المسجد من رحبته وما حول القبر مما ليس ملك لأحد ليكفي المصلين، أم يبنوا مسجدا خارج البلد فلا يصلي فيه أحد؟!

وعلى كلٍّ: فالعبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص المعنى:
كل عاقل يقول: بُنِي على قبور الأنبياء في الخيف مسجدًا، وهو مخالف للأحاديث الصحيحة؟
اتخذ قَبرُ الرسول صلى الله عليه وسلم مسجدًا في الظاهر.
فهو داخل في عموم النهي عن بناء المساجد على القبور.
ثم إنك قد نقلت نصوصا في حكاية توسعة المسجد النبوي، ألم تنقل أنهم هدموا حجر زوجات الحبيب صلى الله عليه وسلم؟!، فكيف تدعي بعدها أنه أدخلوا بيتا لا قبرا؟!، إذا كانت الحجر قد هدمت وأدخلت في المسجد فأين البيت الذي تزعمه:
وقد ذكر أبو زيد عمر بن شبة النميري في كتاب أخبار مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن إشاخة وعمن حدثوا عنه أن عمر بن عبد العزيز لما كان نائباً للوليد على المدينة في سنة إحدى وتسعين هدم المسجد ... وهدم حجرات أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم - فأدخلها في المسجد وأدخل القبر فيه )[21]

و قال ابن الجوزي – رحمه الله - : ( وفيها – أي في سنة 88 هـ ) أمر الوليد عبد الملك بهدم مسجد رسول الله - صَلى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ - وهدم بيوت أزواج رسول الله - صَلى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ - وإدخالها في المسجد )[22].

...
هذه هي نقولاتك، فأين البيت الذي أدخل في المسجد، بل هدمت كل الأسوار والجدران، وأدخلت في المسجد، ثم حوط القبر بعدها، وهذا ما حدث للأضرحة والقبور!


وأما التفرقة التي ذكرتها فلا دليل لك عليها، فأنت المدع وعليك البينة.
وإلا لأتى كل شخص لنا بفرق من خياله لا يعضده دليل، مثال ذلك:
أما المسجد النبوي فجدار البيت الذي فيه القبر منفصل عن المسجد النبوي بأكثر من جدار بحيث لو أردت أن تفصل المسجد النبوي عن البيت الذي فيه القبر لأمكن دون التعرض للجدار الأول للبيت النبوي .
ثم قلت:
لوجود ثلاثة جدران محاطة به :
الجدار الأول : جدار حجرة عائشة
الجدار الثاني : عمله عمر بن عبد العزيز في خلافة الوليد بن عبد الملك
الجدار الثالث : بني بعد ذلك ثم بعد ذلك وضع السور الحديدي بينه وبين الجدار الثالث
ثم نقلت عن ابن شبة قوله:
وهدم حجرات أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم - فأدخلها في المسجد وأدخل القبر فيه
فإذا هُدِمت حجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكرت ونقلت أنت، فمن أين لك أن هناك جدارين يفصلان قبر الحبيب عن المسجد، ودعنا عن السور الحديدي فهو محدث، وإنما أتكلم عن عصر الاحتجاج، عصر الصحابة والتابعين الذين ارتضوا الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بعد فعل سيدنا عمر بن عبدالعزيز في خلافة الوليد، فظاهر ما نقلته أنت أنه لا يوجد إلا جدار واحد يفصل قبر الحبيب صلى الله عليه وسلم عن المسجد.
فإنني لم أجد إلا سورا واحدا نقلته أيضا فقلت:
ما ذكره السمهودي من معارضة عروة بن الزبير لعمر بن عبد العزيز وإنكاره لإدخال حجرة عائشة في المسجد فذكر عن عروة قال : " نازلت عمر بن عبد العزيز في قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ألا يجعل في المسجد أشد المنازلة فأبى"، وقال: " كتاب أمير المؤمنين لا بد من إنفاذه "، قلت: "فإن كان ولا بد فاجعلوا له جؤجؤا " أي و هو الموضع المزور تشبه المثلث خلف الحجرة
فهذا نص واضح صريح في أنه جدار واحد بين القبر وبين المصلين، ويشرحه أيضا ما نقلته عن الإمام النووي وهو ناقل له عن الإكمال، وسكتَّ عنه، فهو صريح أيضا أنه لا يوجد حاجز إلا جدار واحد، ولو سلمنا لك بأنه جداران فهذا لا يجعله بيتا كما تدعي!.
وفعلهم يشبه إدخال الأضرحة المساجد إلا أنها مربعة أو مستطيلة، وما اتخذوه أشبه بالمثلث.
وفي تلك النصوص التي أوردتها أن حجر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم صارت مسجدًا، وأنّ ما هو موجود اليوم بخلاف ذلك، إذ أعيد تسويرها وتحويطها، فلا يصلى اليوم في حجرات زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، فاليوم صارت بيتا، لا ذلك العصر.
ومع هذا صلى الناس في المسجد النبوي في تلك العصور قبل عزل حجر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم بجدارين أو ثلاثة، ولم يقل أحد: إن صلاتهم باطلة!.
فسعيد بن المسيب رضي الله عنه لم يترك الصلاة في مسجد الحبيب صلى الله عليه وسلم حتى توفي، ولو كانت الصلاة باطلة لترك الصلاة فيه!.




وقد ذكرتَ أن صنع سيدنا عمر بن عبدالعزيز أو الوليد خطأ
ولاشك أن الوليد بن عبد الملك أخطأ في ذلك ،وكان بالإمكان أن يوسع المسجد من الجهات التي ليس بها حجرات أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم- أو على الأقل الجهات التي ليس فيها حجرة عائشة فيترك الجهة الشمالية الشرقية و يوسع من الجهة الشمالية الغربية و الجنوبية الشرقية و الجنوبية الغربية و لم يوافق أهل العلم في هذا العصر على أمر الوليد .
مَن مِن أهل العلم في ذلك العصر الذي لم يوافق على هذه العمل؟!
أتعني إنكار سعيد المسيب:
قَالَ عَطَاءٌ: فَسَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ يَوْمَئِذٍ: وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّهُمْ تَرَكُوهَا عَلَى حَالِهَا. يَنْشَأُ نَاشِئٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَيَقْدَمُ الْقَادِمُ مِنَ الأُفُقِ فَيَرَى مَا اكْتَفَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ فِي حَيَاتِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِمَّا يُزَهِّدُ النَّاسَ فِي التَّكَاثُرِ وَالتَّفَاخُرِ فِيهَا. يَعْنِي الدُّنْيَا
أم إنكار أهل البيوت المنتزعة؟!
فهذا ليس إنكارا على إدخال القبر في المسجد، كما أوهمته بقول:
وفي هذا الأثر إنكار سعيد بن المسيب – رحمه الله - لأمر الوليد
وإنما كان بكاء الناس وإنكار سعيد وغيره: بسبب رغبتهم في إبقاء الآثار التاريخية التي بقيت آثارها من الحبيب صلى الله عليه وسلم، حتى يعلمَ الجيل المتأخر كيفية حياة وهدي النبي صلى الله عليه وسلم.
وعلى أي افتراضٍ: مَن مِن الصحابة أو التابعية أو تابعيهم ممن أنكر إدخال القبر في المسجد من أجل النهي عنه، لا إنكار إزالة آثار الحبيب صلى الله عليه وسلم؟!، عدد أسماءهم، ودلنا على نصوصهم، ولا تغشنا في ذلك.

وإن كنت تقصد ما نقلته عن الطبري
وَ يُحْكَى أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ أَنْكَرَ إِدْخَالَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ فِي الْمَسْجِدِ - كَأَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ الْقَبْرُ مَسْجِدًا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ
فهذا مروي بصيغة التضعيف (يُحْكَى) وليس له سند، ثم إن العلة المذكورة لم يذكرها سعيد، وإنما توهمها الراوي (كَأَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ الْقَبْرُ مَسْجِدًا) فلا حجة فيها، بل إنكاره لذلك سببه ما رواه عنه عطاء: (وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّهُمْ تَرَكُوهَا عَلَى حَالِهَا. يَنْشَأُ نَاشِئٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَيَقْدَمُ الْقَادِمُ مِنَ الأُفُقِ فَيَرَى مَا اكْتَفَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ فِي حَيَاتِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِمَّا يُزَهِّدُ النَّاسَ فِي التَّكَاثُرِ وَالتَّفَاخُرِ فِيهَا. يَعْنِي الدُّنْيَا).
ثم جعلت تأول وتذهب وتجيء مع أن العلة مذكورة لك في النصوص التي نقلتها، فأردت أن تحملها على ما يوافق مذهبك، وأنى لك.
وصيرت عدم إعجابهم بذلك من قبيل اتخاذ المسجد على القبر!.

أقول: على افتراض أنه خطأ من الوليد، وأن عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه أكره على ذلك، فلِمَ لَمْ يُعدْه كما كان في خلافته؟!، أو غيره من خلفاء الأمة؟!
والقول بعدم إنكارهم مع أنه معصية ويؤدي إلى بطلان صلاة الأمة: قول يحتاج إلى دليل؛ لأن الأمة تأثم بتركها إنكار المنكر، ولم يصل لعلمنا أن الوليد ظالم طاغية يخشى من الإنكار عليه كالحجاج مثلا، ولم يصل لعلمنا أن عمر بن عبدالعزيز يَرضَى بمثل هذا المنكر في خلافته مما يؤدي إلى بطلان صلاة الناس، أو يخشى أن يقول له عالم: إنه منكر، مع علم الناس بعدله وورعه.
ويقال لك أيضا: خل الأضرحة اليوم كما هي خشية الفتنة كما ترك قبر الحبيب صلى الله عليه وسلم.
أقول هذا الكلام: تنزلا، لا اعتقادا


وفيما كتبتَ ملاحظات كثيرة:
لا تفيد أصل البحث، فأَتْرُكها، كنقلك بعض ما في الزواجر لابن حجر الهيتمي وتركك آخره، وتركك ما في تحفته.
وربما تفيد أصل البحث، كالكلام على الاستدلال بحديث عدم أمر عمر أنسا رضي الله عنهما بإعادة الصلاة.
لكن تركتُها للإطالة، ولوضوح الأدلة التي قدمتُها، فاكتفيت بها.
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
رد: حكم الصلاة في مسجد به ضريح و الرد على شبهات الصوفية ومن نحى نحوهم

جزاكم الله خيرا أخي الكريم : محمد لما أهديتم إلى من نقص في البحث و لما في نقاشكم من فوائد لا أنكرها ومعذرة على التأخيرفالوقت عندي ضيق للغاية ومرحبا ببيان وجهة النظر مادمنا نريد الوصول للحق .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
رد: حكم الصلاة في مسجد به ضريح و الرد على شبهات الصوفية ومن نحى نحوهم

وبقي صنف ثالث، وهو: إذا احتيج إلى توسيع المسجد، فأُدْخِل ما حول قبرٍ قريبٍ منه فيه، بحسب ما يتيسر لهم، فلا يجوز انتهاك حرمة الميت فلا ينبش قبره، والأرض التي حوله لا تسمى مقبرة ولا قبرا، كمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم..

الاستدلال بإدخال القبر النبوي في المسجد النبوي استدلال بموضع الخلاف وفيه ترك لأحاديث السنة الواضحات لفعل بعض الناس و هذا لا يجوز ، والواجب عليكم الإتيان بدليل غير إدخال الحجرة النبوية في المسجد النبوي يدل على جواز بناء المساجد على القبور ثم لم يدفن أحد في المسجد النبوي بل من دفن دفن في البيت النبوي .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
رد: حكم الصلاة في مسجد به ضريح و الرد على شبهات الصوفية ومن نحى نحوهم

وأنت تفهم من عبارتي أن القبر لا زال قبرا، لم يتحول إلى مسجد، بل تحول ما حوله مسجدًا، فلو تحول القبر مسجدا عدنا إلى الصورة الثانية، أعني أن يبنى مسجد في المقبرة.
أما قولكم : ( القبر لا زال قبرا، لم يتحول إلى مسجد، بل تحول ما حوله مسجدًا، فلو تحول القبر مسجدا عدنا إلى الصورة الثانية، أعني أن يبنى مسجد في المقبرة ) والجواب القبر النبوي كان في بيت النبي – صلى الله عليه وسلم – و ليس مكانا مخصصا للدفن بل مكانا كان يعيش فيه النبي – صلى الله عليه وسلم – وزوجته ،ومعلوم أن الحجرة النبوية التي فيها القبر مفصولة عن المسجد النبوي بالعديد من الجدران و لو أردنا فصل هذا عن هذا دون المساس بهذا وهذا لفعل ،والمسجد النبوي له ميزة ليست في هذه المساجد ،والقبر النبوي لا يستطيع أحد الوصول له بخلاف هذه الأضرحة ،وهذه المساجد في الغالب يحدث بها من الشركيات ما لا يعلمه إلا الله فلا يصح قياس هذه المساجد التي بنيت على القبور من أجل تعظيم المقبور أو مظنة تعظيمه بالمسجد النبوي الذي بناه النبي – صلى الله عليه وسلم – في حياته والصلاة فيه بألف صلاة .
.
والسنة مستفيضة بالنهي عن الصلاة على القبور و بناء المساجد على القبور و اتخاذ القبور مساجد فلا ينبغي أن نرتكب الحرام استدلالا بفعل الوليد على التسليم الجدلي بسكوت العلماء و عدم الإنكار عليه إذ الساكت على فعل فعله ولي الأمر لسكوته العديد من الاحتمالات : ربما خوفا من حدوث فتنة و ربما خوفا من أمر ولي الأمر بقتله و بالتالي سيحرم الناس من علم العالم ،وربما سكت لأن السنة واضحة في النهي عن هذا الأمر .

والإجماع يظهر الحكم الشرعي ،و لا يخالف الحكم الشرعي و السكوت على أمر ليس معناه السكوت على جنس هذا الأمر أي على التسليم الجدلي بسكوت العلماء على إنكار دخول القبر النبوي و صاحبي النبي – صلى الله عليه وسلم – في المسجد النبوي فهذا ليس معناه جواز دخول أي قبر آخر في المساجد الأخرى ،وهل أجمعوا على جواز دخول أي قبر آخر غير القبر النبوي و قبر صاحبي النبي – صلى الله عليه وسلم – فلنقف حيث وقف الإجماع على فرض وقوعه ونلتزم بنهي النبي – صلى الله عليه وسلم – عن بناء المساجد على القبور بل فاعل ذلك ملعون أي على فرض الإجماع تكون هذه الصورة مستثناة من عموم النهي بالإجماع .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
رد: حكم الصلاة في مسجد به ضريح و الرد على شبهات الصوفية ومن نحى نحوهم

ومعنى الصلاة إلى القبر: جعله قبلةً.
وعليه: جعله مصلى، أي السجود عليه.
واتخاذه مسجدا: جعل القبر موضعا للسجود، أي السجود على القبر، وقيل: معناه معنى الصلاة إلى القبر، أي جعله قبلة.
ويشبهه جعل القبر: وثنا..

خصصت الصلاة على القبر بالسجود على القبر ،وهو خلاف ظاهر اللفظ فالنصوص اللفظ فيها " صلى على " و ليس :" سجد على " و هذا تخصيص بلا مخصص صحيح صريح خال من معارض معتبر .

وخصصت اتخاذ القبر مسجدا بجعل القبر موضعا للسجود ،وهو خلاف ظاهر اللفظ فالنصوص اللفظ فيها " اتخاذ القبور مساجد " و ليس : " اتخاذ القبور موضعا للسجود " ،و هو تخصيص بلا مخصص صحيح صريح خال من معارض معتبر ،وماذا سيقال في النهي عن بناء المساجد على القبور ؟!.

و إذا كان السجود على القبر يشبه جعل القبر وثنا فمن باب أولى القول بأن الصلاة على القبر تشبه جعل القبر وثنا ففيها سجود وركوع وغير ذلك و ليس سجود فقط ،والتفريق بين الصورتين تفريق بين المتماثلات بغير دليل صحيح صريح خال من معارض معتبر ،ولو رجعنا التفريق إلى النية فالنية لا تصلح العمل الفاسد و النية لا تجعل الحرام حلالا .

 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
رد: حكم الصلاة في مسجد به ضريح و الرد على شبهات الصوفية ومن نحى نحوهم

وبعد أن بينت لي ما أعتقده، أجعل نقاشي معك في شيء محدد هو هل تصح الصلاة في المساجد التي بها أضرحة أم لا؟، وأدع ما سواه.
والجواب كما سبق: تصح الصلاة، والدليل على ذلك عموم قوله صلى الله عليه وسلم: جعلت لي الأرض مسجدا، وقوله فيما رواه عبدالرزاق: الأرض كلها مسجد إلا القبر والحمام، وغيرها من الأدلة.

دليلكم أعم من موضع النزاع فقد جاءت السنة بتحريم الصلاة على القبور و إلى القبور و تحريم بناء المساجد على القبور و تحريم اتخاذ القبور مساجد و هذا دليل خاص في المسألة ودليلكم عام .
 
أعلى