إضافتان:
الأولى: تتعلق بالمبحث السابق.
والثانية: مبحثٌ مضاف، يذيَّل به الباحث السابق.
--------------
الإضافة الأولى:
[وبما سبق: فإن المتأمل يجد أن كل هذه القياسات لا تخلو من نظر، وإنما ألهم ابن عباس هذا الحكم، ووقع في قلبه، ووافقته الأمة عليه من بعده لما يلي:
· لمجموع هذه القياسات، بعضها مع بعض، وإن كانت آحادها لا تخلو من نظر:
فإن مجموعها أوجب للأمة قبولها لفتوى ابن عباس، فقد رتَّبَ الشارعُ كثيراًَ من الأحكام التي يقع فيها الإخلال بصورة النسك بالدم مع ما يقع فيها من العذر كما في فدية الأذية، أو فساد النسك كما في حال المجامع، أو أن يكون محصوراً عن البيت الحرام بأمرٍ ليس بيده كما في دم المحصر، أو حتى في أمرٍ سمحَ به الشارع، وحثَّ عليه إلا أنه ألزم الدم لما حصل فيه من الإخلال بصورة النسك وهو الإهلال بنسكين اثنين في سفرة واحدة، كما هو حال المتمتع والقارن.
· لمكانة الدم في الحج:
[في لزومه للمتمتع وللقارن، واستحبابه للمفرد، بل واستحباب تعدده في الأنساك الثلاثة كلها، ولما جاء في الآيات المتوالية في سورة الحج في ربط الدم بأنه من شعائر الله، وأنه من تقواه، وأنه نسك هذه الأمة، ونسك الأمم من قبلها، وأن محلها إلى البيت العتيق، فاستجاب لذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقلبه الحي، فقد كان خلقه عليه الصلاة والسلام القرآن، فساق مائة من الهدي، ولما سئل عن سبب امتناعه من التحلل كما تحلل الناس في مكة: أجاب بأنه ساق هديه ولبَّد رأسه، ثم علَّق تحلله بالنحر فقال: "فلا أحل حتى أنحر"، فتأمل كيف جعل سوقه للهدي هو أحد علتي امتناعه من التحلل، ثم لم يكتف حتى أناط تحلله بنحر هديه، صلى الله عليه وسلم.
بل تعدى اهتمام الشارع بالدم إلى ما يحصل من مشاركة غيرالحاج فيما يشبه هذا النسك، وهو المسمى في الشريعة بالأضحية].