العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

خلاصة في لزوم إهراق الدم على من أخل بالنسك

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
خلاصة


في لزوم إهراق الدم على من أخل بالنسك


إعداد:


فؤاد بن يحيى بن هاشم





وهي نتيجة للباحث


خرج بها من خلال الحلقة السابعة في ندوة الحج لعام 1429هـ.


 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
إضافة من الرابط السابق....
إضافتان:
الأولى: تتعلق بالمبحث السابق.
والثانية: مبحثٌ مضاف، يذيَّل به الباحث السابق.
--------------
الإضافة الأولى:
[وبما سبق: فإن المتأمل يجد أن كل هذه القياسات لا تخلو من نظر، وإنما ألهم ابن عباس هذا الحكم، ووقع في قلبه، ووافقته الأمة عليه من بعده لما يلي:
· لمجموع هذه القياسات، بعضها مع بعض، وإن كانت آحادها لا تخلو من نظر:
فإن مجموعها أوجب للأمة قبولها لفتوى ابن عباس، فقد رتَّبَ الشارعُ كثيراًَ من الأحكام التي يقع فيها الإخلال بصورة النسك بالدم مع ما يقع فيها من العذر كما في فدية الأذية، أو فساد النسك كما في حال المجامع، أو أن يكون محصوراً عن البيت الحرام بأمرٍ ليس بيده كما في دم المحصر، أو حتى في أمرٍ سمحَ به الشارع، وحثَّ عليه إلا أنه ألزم الدم لما حصل فيه من الإخلال بصورة النسك وهو الإهلال بنسكين اثنين في سفرة واحدة، كما هو حال المتمتع والقارن.

· لمكانة الدم في الحج:
[في لزومه للمتمتع وللقارن، واستحبابه للمفرد، بل واستحباب تعدده في الأنساك الثلاثة كلها، ولما جاء في الآيات المتوالية في سورة الحج في ربط الدم بأنه من شعائر الله، وأنه من تقواه، وأنه نسك هذه الأمة، ونسك الأمم من قبلها، وأن محلها إلى البيت العتيق، فاستجاب لذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقلبه الحي، فقد كان خلقه عليه الصلاة والسلام القرآن، فساق مائة من الهدي، ولما سئل عن سبب امتناعه من التحلل كما تحلل الناس في مكة: أجاب بأنه ساق هديه ولبَّد رأسه، ثم علَّق تحلله بالنحر فقال: "فلا أحل حتى أنحر"، فتأمل كيف جعل سوقه للهدي هو أحد علتي امتناعه من التحلل، ثم لم يكتف حتى أناط تحلله بنحر هديه، صلى الله عليه وسلم.
بل تعدى اهتمام الشارع بالدم إلى ما يحصل من مشاركة غيرالحاج فيما يشبه هذا النسك، وهو المسمى في الشريعة بالأضحية].
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الإضافة الثانية:
تفصيل محل لزوم الدم لمن أخل بالنسك


نصت المذاهب الفقهية الأربعة على أن من ترك واجباً في الحج فإن عليه دماً([1])، وقيدوا ذلك بما لم يمكن تداركه مثل فوات زمن الواجب، أما إذا أمكن تداركه فإن الواجب هو أداء هذا الواجب([2])، أو إعادته إذا أداه ناقصاً، وبناء على ما سبق فلا يتصور أن يفوته السعي؛ لأنه متى ما علم أو تذكر أو قدر سعى، إلا أن بعض أهل العلم استثنوا مما يمكن تداركه ما لو رجع إلى أهله فإنه يجزئ عنه الدم وقتئذ. ([3])
ثم حصل بين أهل العلم نزاع وخوضٌ:
في من فاته الواجب لعذر كإحصارٍ عن واجب، أو مراهق([4])، أو عجزٍ، أو غير ذلك...فاختلفوا هل يسقط هذا العذرُ الدمَ، أم أن العذر يرفع المؤاخذة فحسب، ويلزم المعذورَ بدلُ الواجب وهو الدم؛ لأن الواجب لا يسقط إذا كان له بدل.
أم أن العذر يختلف؛ فيفرق بين ما كان العذرُ فيه عاماً وبين ما كان العذر فيه خاصاً، أو أنه يفرق بين ما ورد فيه النص وبين ما لم يرد فيه شيء([5])، أو بين ما كان العذر فيه من جهة العباد فلا يسقط الدم وبين ما لم يكن من جهتهم([6]).
أو يفرق بين:
الواجبات الأصلية المستقلة: [الوقوف بمزدلفة، المبيت بمنى، رمي الجمار...]
وبين:
الواجبات التابعة: [وهي الأمور التي يجب مراعاتها في أداء ركن أو واجب في الحج، كعدد الجمار، ومقدار المبيت والوقوف بعرفة إلى غروب الشمس.....]([7])
كلها أقوالٌ عند أهل العلم:
لاسيما مع اختلافهم في عدِّ الواجبات، وفي مقدار ما يحصل به ترك الواجب [مثل مقدار ما يحصل به ترك الواجب في المبيت في منى هل يلزم الدم بترك ليلة واحدة أو الثلاث ليال، وكذلك في الجمرات هل هو على ترك الرمي كله أو على كل جمرة.]
وفي الجملة:
فقد أطلق جمهورُ أهل العلم من المالكية والشافعية([8]) والحنابلة:
لزومَ الدم على من ترك واجباً سواء كان بعذر أو بغير عذر
بينما قيد الأحنافُ وجوبَ الدم:
بما إذا كان لغير عذر ، فإن كان لعذر فلا شيء عليه([9])
وإن كانت المذاهب الأربعة قد اتفقت: على أن من ترك الوقوف بالمزدلفة لعذر أنه لا فداء عليه، ثم اختلفوا في مسائل أخر في الإعذار.
كما اختلفوا فيمن عجز عن الدم هل يسقط عنه؟ أم أن له بدلاً؟
الجمهور من المالكية والشافعية([10]) والحنابلة:
ذهبوا إلى أن حكمه حكم دم المتمتع فمن عجز عنه صام عشرة أيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله. ([11])
واستدل له ابن قدامة من جهة موقعه من النص، بالقياس على بدل دم المتعة.([12])
بينما ذهب الأحناف :
إلى أن الدم لا يسقط، بل يبقى في ذمته إلى ميسرة.([13])
وهناك قول ثالث، وهو وجه لدى الشافعية وهو:
أن الدم في ترك المأمور دم ترتيب([14]) وتقدير([15])، فإذا عجز عن الدم اشترى بقيمة الشاة طعاما وتصدق به، فإن عجز صام عن كل مد يوما، وصحح هذا الوجه النووي والغزالي.([16])
وللشافعية: وجهان آخران ، وصفوهما بأنهما شاذان ضعيفان، {وكفى الله المؤمنين القتال}.([17])
وبقي مما نقصد نذكره مسألتين اثنتين:
المسألة الأولى:
نص جماعة من أهل العلم إلى أنه قد يجب الدم على من أخل ببعض سنن الحج لإساءته:
1- فقد قال ابن نجيم في البحر الرائق مخرجاً لزوم الدم على من طاف محدثاً بناء على القول بسنية الطهارة: "لا يمتنع أن تكون سنة ، ويجب بتركها الكفارة ، ولهذا قال : محمد فيمن أفاض من عرفة قبل الإمام يجب عليه دم ؛ لأنه ترك سنة الدفع ."([18])
2- ويقول ابن عبدالبر في الاستذكار:"من أسقط شيئا من سنن الحج جبره بالدم لا غير إلا ما أتى فيهالخبر نصا أن يكون البدل فيه من الدم طعاما أو صياما. هذا حكم سنن الحج، وأمافرائضه: فلا بد من الإتيان بها على ما تقدم من حكمها وربما كان مع ذلك دم لتأخيرالعمل عن موضعه."([19])
3- ولما قال الإمام مالك:( أستحب في مثل هذا أن يهرق دما ...ذلك أن عبد الله بن عباس قال : من نسي من نسكه شيئا فليهرق دما)
استشكل ذلك الباجي وهو اعتبار الإمام مالك استحباب إهراق الدم مع استدلاله عليه بأثر ابن عباس، فذكر أربع احتمالات أحدها:
"أن ما قاله عبد الله بن عباس يقتضي وجوب الهدي لأن من نسي من نسكه شيئا كالمبيت بالمزدلفة أو رمي الجمار فقد وجب عليه الهدي وإن كان فيها ما يستحب فيه الهدي لكن لما احتمل قول ابن عباس الوجوب والندب واشتمل على المعنيين تعلق به الندب لأنه متناول له."([20])
وفي المذاهب الأخرى ما يشبه هذا.
المسألة الثانية:
في كل المذاهب الفقهية ما يفيد تغليظ الكفارة إذا عظم حصول الإخلال بالنسك: كإيجاب البدنة على من أفسد حجه بالجماع بالقول المنتشر عن الصحابة والذي لم يظهر خلافه([21])، أو تعيين الدم في فدية الأذى إذا كان ارتكاب المحظور عن عمد([22])، كما أنهم قد ينزلون إلى الإطعام إذا لم يترك الواجب كله، أو أنه أخره أو إن كان المتروك واجباً تابعاً لا أصليا مستقلاً، وقد لا ينتهوا في النزول حتى يسقطوا الكفارة إن كان تركُ الواجب موجبَه عذرٌ سمح به الشارع، أو كان بسببٍ ليس من جهته.
====================================

([1]) قَالَ مَالِكٌ في المدونة : "كُلُّ مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ نُسُكِهِ يَجِبُ بِهِ عَلَيْهِ الدَّمُ. "، ويقول ابن نجيم في البحر الرائق : (المكتبة الشاملة7 / 220): "تجب شاة بترك واجب من واجبات الحج، ويقول ابن تيمية في شرح العمدة 3/602 "واجبات الحج هي عبارة عما يجب فعله، ولا يجوز تركه إلا لعذر، وإذا تركه كان عليه دم يجبر به حجه."، وانظر: المغني 5/449،المجموع 8/245 الموسوعة الكويتية: ترك واجبات الحج

([2]) يقول ابن تيمية في شرح العمدة 3/637: "أفعال الحج على قسمين:
1- مؤقت. 2- وغير مؤقت.
1- فالمؤقت: إما أن يفوت بفوات وقته أو يجبر بدم، لكون وقته إذا مضى لم يمكن فعله.
2- وأما غير المؤقت: إذا كان واجباً فلا معنى لنيابة الدم عنه؛ لأنه يمكن فعله في جميع الأوقات والطواف والسعي ليسا بمؤقتين في الانتهاء." وقال في موضع آخر 3/654،655: " وأما الواجب فإذا تركه فعليه أن يأت به ما لم يفت وقته إن كان مؤقتا كالمبيت بمزدلفة ومنى ورمي الجمار والإحرام من الميقات، والوقوف بعرفة إلى الليل، وطواف الوداع، إذا خرج إلى مسافة القصر فإنه قد تعذر فعل هذه الواجبات فاستقر الدم....وأما السعي فمن قال إنه واجب فقوله مشكل لأنه لا يفوت بالتأخير فكيف يجزؤه إخراج الدم، وهو بدل عن الواجب مع قدرته على أداء الواجب وبعده عن البلد ليس عذراً إذا كان متمكناً من العود.

([3]) قَالَ عَطَاءٌ : مَنْ نَسِيَ مِنْ النُّسُكِ شَيْئًا , حَتَّى رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ , فَلْيُهْرِقْ لِذَلِكَ دَمًا، و يقول ابن نجيم في البحر الرائق (المكتبة الشاملة 7 / 199): الواجب بمعنى شيئين إما لزوم الشاة أو الإعادة ، والإعادة هي الأصل ما دام بمكة ليكون الجابر من جنس المجبور فهي أفضل من الدم ، وأما إذا رجع إلى أهله ففي الحدث الأصغر اتفقوا أن بعث الشاة أفضل من الرجوع. وانظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (5 / 9)، حاشية ابن عابدين (3/508).

([4]) [المالكية: يجب عندهم طواف القدوم ويسقط عن المراهق الذي خشي أن يفوته الوقوف بعرفة].

([5]) حاشية ابن عابدين (3/508).

([6]) البحر الرائق شرح كنز الدقائق (7 / 223) حاشية ابن عابدين (3/508).

([7]) يقول ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (1 / 471): "إذا ترك الواجب الذي هو صفة في الطواف للعجز فهذا محل اجتهاد، هل يلحق بمن ترك شيئا من نسكه، أو يقال: هذا فيمن ترك نسكا مستقلا." وانظر: الموسوعة الكويتية: واجبات الحج.

([8]) يقول النووي في المجموع 8/245: "وَأَمَّا الْوَاجِبَاتُ فَمَنْ تَرَكَ مِنْهَا شَيْئًا لَزِمَهُ الدَّمُ , وَيَصِحُّ الْحَجُّ بِدُونِهِ , وَسَوَاءٌ تَرَكَهَا كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا لَكِنَّ الْعَامِدَ يَأْثَمُ"

([9]) البحر الرائق شرح كنز الدقائق (المكتبة الشاملة7 / 220، 223)، حاشية ابن عابدين (3/508) انظر: درر الحكام شرح غرر الأحكام (3/210)، الموسوعة الكويتية: الإخلال بواجبات الحج.

([10]) صححه النووي في الروضة وذكر أنه قطع به العراقيون وكثيرون، كما صححه الشربيني في مغني المحتاج. روضة الطالبين (المكتبة الشاملة1 / 346)، إعانة الطالبين (2 / 371)، شرح الوجيز (8 / 729).

([11]) المدونة (1 / 415)، الذخيرة (3/351)، القوانين الفقهية (ص163)، مغني المحتاج (1/530)، المغني (5/449)، حاشية الروض المربع لابن قاسم (4/205).

([12]) المغني (5/449)، وننبه هنا: إلى أن القياس الصحيح هو معنى النص، فهو ليس شيئا خارجاً عن النص، أما يعبر عنه الشافعي وغيره بأن القياس إنما يلجأ إليه ضرورة فليس هو من هذا الباب، وإنما هو شيء يعز على الفقيه الدلالة عليه من لفظ النص ومعناه، فيلحقه ضرورة بما يشبهه، وهذا منتهى طاقة المجتهد.

([13]) البحر الرائق شرح كنز الدقائق (المكتبة الشاملة 7ا /148، 173)، حاشية ابن عابدين 3/523

([14]) بمعنى: أنه يلزمه الذبح ولا يجوز العدول إلي غيره إذا عجز عنه. مغني المحتاج (1/530).

([15]) ويقال تعديل أيضاً، والمعنى: أن الشرع قدر ما يعدل إليه بما لا يزيد ولا ينقص. روضة الطالبين (المكتبة الشاملة1 / 346).

([16]) مغني المحتاج (1/530).

([17]) روضة الطالبين (المكتبة الشاملة1 / 347)، شرح الوجيز (8 / 72).

([18]) البحر الرائق شرح كنز الدقائق (المكتبة الشاملة ( 7 / 197)

([19]) الاستذكار (4 / 390).

([20]) المنتقى شرح الموطأ 3/33.

([21]) المغني (5/449).

([22]) انظر مثلاً كلام الأحناف في إيجاب الكفارة على من أخل بشرط الطهارة في الطواف: تبيين الحقائق (الشاملة 5 / 10، 11، 12).
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
تم إزالة الملف حتى يتم الفراغ من استتمام البحث وتحرير عبارته، والمعذرة من جميع الإخوة.
 
أعلى