العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

متن مبادئ الأصول للشيخ عبد الحميد بن باديس الجزائري-رحمه الله-

أم علي

:: مطـًـلع ::
إنضم
24 مايو 2013
المشاركات
170
الإقامة
الجزائر
الجنس
أنثى
التخصص
أصول الفقه
الدولة
الجزائر
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
سنّي

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
مبادئ الأصول
إملاءالأستاذ العلامة الجليل الشيخ

عبد الحميد بن باديس
ـ أبقاه الله لنفع الأنام ـ

عِلْمُ الأصُولِ

مَعْرِفَةُ القَوَاعِدِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا كَيْفَ تُسْتَفَادُ أَحْكَامُ الأَفْعَالِ مِنْ أَدِلَّةِ الأَحْكَامِ، فَلْنَحْصُرِ الكَلَامَ فِي أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ:

الباب الأَوَّل

في أَفعال المكَلّف

مِنْ مُقْتَضَى عُبُودِيَّةِ العَبْدِ لِرَبِّهِ: أَنْ يَكُونَ مُطِيعًا لَهُ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِه، مِمَّا يَفْعَلُهُ بِجَوَارِحِهِ الظَّاهِرَةِ أَوْ بِجَوَارِحِهِ البَاطِنَةِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَجْرِيَ عَلَى مُقْتَضَى طَلَبِ اللهِ وَإِذْنِهِ: فَيَفْعَلَ مَا طَلَبَ مِنْهُ فِعْلَهُ، وَيَتْرُكَ مَا طَلَبَ مِنْهُ تَرْكَهُ، وَيَخْتَار فِيمَا أَذِنَ لَهُ فِي فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ؛ إِذْ كُلُّ فِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَطْلُوبَ الفِعْلِ، أَوْ مَطْلُوبَ التَّرْكِ، أَوْ مَأْذُونًا فِي فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ.

الباب الثَّاني

في أَحكام الله تَعالى

كُلُّ فِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِ المُكَلَّفِ الظَّاهِرَةِ وَالبَاطِنَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ اللهِ تَعَالَى؛ لِأَنّ الإِنْسَانَ لَمْ يُخْلَقْ عَبَثًا وَلَمْ يُتْرَكْ سُدًى، وَحُكْمُ اللهِ تَعَالَى هُوَ طَلَبُهُ أَوْ إِذْنُهُ أَوْ وَضْعُهُ.
وَالطَّلَبُ إِمَّا لِلْفِعْلِ وَإِمَّا لِلتَّرْكِ، وَهُوَ فِي كِلَيْهِمَا: إِمَّا عَلَى سَبِيلِ التَّحْتِيمِ، وَإِمَّا عَلَى سَبِيلِ التَّرْجِيحِ.

ـ فَمَا كَانَ طَلَبًا لِلْفِعْلِ عَلَى سَبِيلِ التَّحْتِيمِ فَهُوَ
الإِيجَابُ.
ـ وَمَا كَانَ طَلَبًا عَلَى سَبِيلِ التَّرْجِيحِ فَهُوَ النَّدْبُ أَوِ
الاِسْتِحْبَابُ.
ـ وَمَا كَانَ طَلَبًا لِلتَّرْكِ عَلَى سَبِيلِ التَّحْتِيمِ فَهُوَ
الحَظْرُ وَالتَّحْرِيمُ.
ـ وَمَا كَانَ طَلَبًا عَلَى سَبِيلِ التَّرْجِيحِ فَهُوَ
الكَرَاهَة.
ـ وَإِذْنُهُ فِي الفِعْلِ وَالتَّرْكِ هُوَ
الإِبَاحَةُ.

وَإِنَّمَا سُمِّيَ الطَّلَبُ وَالإِذْنُ: حُكْمًا ـ
وَالحُكْمُ: «إِثْبَاتُ شَيْءٍ لِشَيْءٍ أَوْ نَفْيُهُ عَنْهُ» ـ

لِأَنَّ
الإِيجَابَ إِذَا تَعَلَّقَ بِالفِعْلِ ثَبَتَ لَهُ هَذَا الوَصْفُ وَهُوَ الوُجُوبُ، فَيُقَالُ فِيهِ: وَاجِبٌ.

وَلِأَنَّ
الاِسْتِحْبَابَ وَالنَّدْبَ إِذَا تَعَلَّقَ بِالفِعْلِ ثَبَتَ لَهُ هَذَا الوَصْفُ وَهُوَ الاِسْتِحْبَابِيَّةُ وَالمَنْدُوبِيَّةُ، فَيُقَالُ فِيهِ: مُسْتَحَبٌّ وَمَنْدُوبٌ.

وَلِأَنَّ التَّحْرِيمَ وَالحَظْرَ إِذَا تَعَلَّقَ بِالفِعْلِ ثَبَتَ لَهُ هَذَا الوَصْفُ وَهُوَ الحُرْمَةُ وَالمَحْظُورِيَّةُ، فَيُقَالُ فِيهِ: حَرَامٌ وَمَحْظُورٌ.

وَلِأَنَّ الكَرَاهَةَ إِذَا تَعَلَّقَتْ بِالفِعْلِ ثَبَتَ لَهُ هَذَا الوَصْفُ وَهُوَ المَكْرُوهِيَّةُ، فَيُقَالُ فِيهِ: مَكْرُوهٌ.

وَلِأَنَّ الإِذْنَ وَالإِبَاحَةَ إِذَا تَعَلَّقَ بِالفِعْلِ ثَبَتَ لَهُ هَذَا الوَصْفُ وَهُوَ المَأْذُونِيَّةُ وَالإِبَاحِيَّةُ، فَيُقَالُ فِيهِ: مَأْذُونٌ فِيهِ وَمُبَاحٌ.

وَتُسَمَّى هَذِهِ الأَحْكَامُ الخَمْسَةُ: «أَحْكَامًا تَكْلِيفِيَّةً» لِمَا فِي تَحْصِيلِ المَطْلُوبِ مِنَ الكُلْفَةِ.


الوضع

وَأَمَّا وَضْعُهُ تَعَالَى فَهُوَ: «جَعْلُهُ الشَّيْءَ :

سببا:
يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الوُجُودُ، وَمِنْ عَدَمِهِ العَدَمُ لِذَاتِهِ: كَدُخُولِ الوَقْتِ لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ وَصِحَّتِهَا.

أَوْ شَرْطًا: يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ العَدم، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ: كَالوُضُوءِ لِصِحَّتِهَا.

أَوْ مَانِعًا: يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ العَدَمُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ: كَالحَيْضِ لِوُجُوبِهَا وَصِحَّتِهَا».

وَإِنَّمَا سُمِّيَ هَذَا الوَضْعُ حُكْمًا لِأَنَّ مَا وَضَعَهُ اللهُ سَبَبًا تَثْبُتُ لَهُ السَّبَبِيَّةُ، وَمَا وَضَعَهُ شَرْطًا تَثْبُتُ لَهُ الشَّرْطِيَّةُ، وَمَا وَضَعَهُ مَانِعًا تَثْبُتُ لَهُ المَانِعِيَّةُ.

وَتُسَمَّى هَذِهِ الأَحْكَامُ الثَّلَاثَةُ وَضْعِيَّةً، نِسْبَةً لِلْوَضْعِ وَالجَعْلِ.


تفريقُ ما بينهما

مِمَّا يَفْتَرِقَانِ فِيهِ:

ـ
أَنَّ الحُكْمَ التَّكْلِيفِيَّ مُتَعَلَّقُهُ فِعْلُ المُكَلَّفِ مِنْ حَيْثُ طَلَبُهُ وَالإِذْنُ فِيهِ..

وَأَنَّ الحُكْمَ الوَضْعِيَّ
مُتَعَلَّقُهُالأَشْيَاءُ الَّتِي تُجْعَلُ شُرُوطًا وَأَسْبَابًا
وَمَوَانِعَ
، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ فِعْلِ المُكَلَّفِ كَالوُضُوءِ شَرْطًا فِي الصَّلَاةِ، أَوْ لَمْ
تَكُنْ كَدُخُولِ الوَقْتِ سَبَبًا فِي وُجُوبِهَا.

وَأَنَّ مُتَعَلَّقَ الحُكْمِ التَّكْلِيفِيِّ يُطَالَبُ المُكَلَّفُ بِتَحْصِيلِهِ لِأَنَّهُ فِعْلُهُ..

وَأَنَّ مُتَعَلَّقَ الحُكْمِ الوَضْعِيِّ لَا يُطَالَبُ المُكَلَّفُ بِتَحْصِيلِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ
فِعْلِهِ: كَدُخُولِ الوَقْتِ وَمُرُورِ الحَوْلِ، وَيُطَالَبُ بِتَحْصِيلِهِ إِذَا كَانَ مِنْ فِعْلِهِ:
كَالطَّهَارَةِ وَاسْتِقْبَالِ القِبْلَةِ، وَيَكُونُ الفِعْلُ ـ حِينَئِذٍ ـ مُتَعَلَّقًا لِلْحُكْمَيْنِ
بِاعْتِبَارَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ..."
يتبع"
---------------

 
إنضم
4 مايو 2012
المشاركات
11
التخصص
الإسلاميات
المدينة
مراكش
المذهب الفقهي
المالكي
رد: متن مبادئ الأصول للشيخ عبد الحميد بن باديس الجزائري-رحمه الله-

واصلي موفقة
 

أم علي

:: مطـًـلع ::
إنضم
24 مايو 2013
المشاركات
170
الإقامة
الجزائر
الجنس
أنثى
التخصص
أصول الفقه
الدولة
الجزائر
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
سنّي
رد: متن مبادئ الأصول للشيخ عبد الحميد بن باديس الجزائري-رحمه الله-

باسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

الأحكام الشرعيَّة

فِي الخطاباتالإلهيَّة

كُلُّ حُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ اللهِ تَعَالَى فَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنَ الخِطَابَاتِ المُوَجَّهَةِ إِلَيْنَا، وَمَا تَضَمَّنَ مِنْهَا حُكْمًا تَكْلِيفِيًّا فَهُوَ
خِطَابُ تَكْلِيفٍ، وَمَا تَضَمَّنَ حُكْمًا وَضْعِيًّا فَهُوَ خِطَابُ وَضْعٍ، وَقَدْ يَتَضَمَّنُ الخِطَابُ الحُكْمَيْنِ مَعًا.
أَمْثِلَةٌ لِذَلِكَ:
ـ فَمِنْ قَوْلِهِ تَعَالى:"وَأَقِيموُا الصّلاة" [البقرة: 43؛ وغيرها]: عَرَفْنَا الحُكْمَ الَّذِي هُوَ الإِيجَابُ لِلصَّلَاةِ.
ـ وَمِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى
:"ولا تَقْربُوا الزّنا " [الإسراء: 32]: عَرَفْنَا الحُكْمَ الَّذِي هُوَ التَّحْرِيمُ لِلزِّنَا.
ـ وَمِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي العَامِدِ لِلصَّلَاةِ أَنَّهُ: «
تُكْتَبُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَسَنَةٌ، وَتُمْحَى عَنْهُ بِالأُخْرَى سَيِّئَةٌ»: عَرَفْنَا الحُكْمَ الَّذِي هُوَ اسْتِحْبَابُ كَثْرَةِ الخُطَى إِلَى المَسْجِدِ.
ـ وَمِنْ قَوْلِهِ تَعَالى:"ولا يأتل أولي الفضل منكم والسّعةَ أن يُؤْتُوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله " [النور: 22]: عَرَفْنَا الحُكْمَ الَّذِي هُوَ كَرَاهَةُ الحَلِفِ عَلَى الاِمْتِنَاعِ مِنَ الصَّدَقَةِ.
ـ وَمِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:"فإذا قُضَيت الصلاة فانتشروا في الأرضَ" [الجمعة: 10]: عَرَفْنَا الحُكْمَ الَّذِي هُوَ الإِذْنُ فِي الاِنْتِشَارِ.
ـ وَمِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى "أقم الصّلاة لدلوك الشمس"[الإسراء: 78]: عَرَفْنَا الحُكْمَ الَّذِي هُوَ وَضْعُهُ تَعَالَى دُخُولَ الوَقْتِ سَبَبًا لِإِقَامَةِالصَّلَاةِ.
ـ وَمِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «
لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ»: عَرَفْنَا الحُكْمَ الَّذِي هُوَ وَضْعُهُ تَعَالَى الوُضُوءَ شَرْطًا فِي الصَّلَاةِ.
ـ وَمِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «
أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتِ المَرْأَةُ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟»: عَرَفْنَا الحُكْمَ الَّذِي هُوَ وَضْعُهُ تَعَالَى الحَيْضَ مَانِعًا مِنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ.
ـ وَمِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:"يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين " [المائدة: 6]: عَرَفْنَا الحُكْمَ الَّذِي هُوَ إِيجَابُ الوُضُوءِ، وَعَرَفْنَا الحُكْمَ الَّذِي هُوَ وَضْعُهُ تَعَالَى الوُضُوءَ شَرْطًا فِي الصَّلَاةِ؛ فَاشْتَمَلَ هَذَا الخِطَابُ عَلَى الحُكْمِ التَّكْلِيفِيِّ وَالوَضْعِيِّ مَعًا.
تتميم وتقسيم

يَنْقَسِمُ الحُكْمُ ـ أَيْضًا ـ إِلَى: عَزْمٍ وَتَرْخِيصٍ.
فَمَا كَانَ حُكْمًا ابْتِدَائِيًّا عَامًّا فِي جَمِيعِ الأَحْوَالِ فَهُوَ
عَزْمٌ، وَالفِعْلُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ يُسَمَّى عَزِيمَةً: كَإِيجَابِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَتَحْرِيمِ الخَمْرِ.
وَمَا كَانَ حُكْمًا سَهْلًا شُرِعَ بَعْدَ حُكْمٍ صَعْبٍ فِي حَالَةٍ خَاصَّةٍ لِأَجْلِ العُذْرِ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الأَصْلِيِّ فَهُوَ
تَرْخِيصٌ، وَالفِعْلُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ يُسَمَّى: رُخْصَةً: كَقَصْرِ الصَّلَاةِ وَالفِطْرِ فِي السَّفَرِ، وَالمَسْحِ عَلَى الخُفِّ، وَإِسَاغَةِ الغُصَّةِ بِالخَمْرِ.

تصحيح وإبطال

وَيَنْقَسِمُ ـ أَيْضًا ـ إِلَى: تصحيحٍ و إبطالٍ
فَالتَّصْحِيحُ: الحُكْمُ بِالصِّحَّةِ فِي العِبَادَاتِ وَعُقُودِ المُعَامَلَاتِ، وَهِيَ: اسْتِيفَاءُ العَقْدِ أَوِ العِبَادَةِ لِلشُّرُوطِ المُعْتَبَرَةِ فِيهِ شَرْعًا وَسَلَامَتُهُ مِنَ المَوَانِعِ، بِحَيْثُ يَقَعُ عَلَى الوَجْهِ المَشْرُوعِ، وَمَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الصِّحَّةُ مِنْهُمَا فَهُوَ صَحِيحٌ، وَإِبْطَالُ الحُكْمِ لِإِبْطَالِ العَقْدِ أَوِ العِبَادَةِ.
وَالبُطْلَانُ وَالفَسَادُ هُوَ: اخْتِلَالُ العِبَادَةِ أَوِ العَقْدِ لِتَخَلُّفِ شَرْطٍ أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ، بِحَيْثُ تَكُونُ العِبَادَةُ أَوِ العَقْدُ وَقَعَتْ عَلَى غَيْرِ الوَجْهِ المَشْرُوعِ، وَمَا تَعَلَّقَ بِهِ الإِبْطَالُ مِنْهُمَا فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «
مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.

مُقْتَضَيات الحكم

الحاكم هو الله تعالى

وَكُلُّ حَاكِمٍ مِنَ الخَلْقِ إِنَّمَا يَكُونُ حَاكِمًا شَرْعًا إِذَا كَانَ يَحْكُمُ بِحُكْمِ اللهِ: يَتَحَرَّاهُ وَيَقْصِدُهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:"إن الحكم إلا لله" [الأنعام: 57؛ يوسف: 40، 67]،"وأن احكم بينهم بما أنزل الله [المائدة: 49]،إنّا أنزلنا إليك الكتاب بالحقّ لتحكُم بين الناس بما أراك الله" [النساء: 105ومن لم يحكم بماأ أنزل الله فاولئك هم الكافرون" [المائدة]،ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون" [المائدة]،"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون " [المائدة].

المحكوم فيه

هُوَ فِعْلُ المُكَلَّفِ: الظَّاهِرُ وَالبَاطِنُ، وَلَمْ يُكَلِّفِ اللهُ العِبَادَ إِلَّا بِمَا فِي مَقْدُورِهِمْ وَلَا حَرَجَ عَلَيْهِمْ فِيهِ؛ فَلَا تَكْلِيفَ بِغَيْرِ المَقْدُورِ كَقِيَامِ المُقْعَدِ لِلصَّلَاةِ، وَلَا بِمَا فِيهِ حَرَجٌ كَقِيَامِ المَرِيضِ لَهَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:"ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به" [البقرة: 286]،"لا يكلف اله نفسا إلاّ وسعها" [البقرة: 286]،"وما جعل عليكم في الدّين من حرج" [الحج: 78].

المحكوم عليه

وَهُوَ المُكَلَّفُ البَالِغُ العَاقِلُ المُخْتَارُ دُونَ الصَّبِيِّ وَالمَجْنُونِ وَالمَعْتُوهِ وَالمُكْرَهِ.
المُخاطَب بالأحكام

إِذَا كَانَ الخِطَابُ بِحُكْمٍ وَضْعِيٍّ فَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ لِلْمُكَلَّفِ وَغَيْرِهِ؛ وَلِهَذَا لَزِمَ الصَّبِيَّ وَالمَجْنُونَ أَرْشُ جِنَايَتِهِمَا، وَوَجَبَتِ الزَّكَاةُ بِمِلْكِ النِّصَابِ فِي مَالِهِمَا. وَإِنْ كَانَ الخِطَابُ بِحُكْمٍ تَكْلِيفِيٍّ فَهُوَ لِخُصُوصِ المُكَلَّفِينَ.
ثُمَّ
الخِطَابُ التَّكْلِيفِيُّ إِنْ كَانَ مِمَّا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ مَصْلَحَةُ كُلِّ فَرْدٍ تَوَقُّفًا مُبَاشِرًا تَوَجَّهَ لِكُلِّ فَرْدٍ، وَسُمِّيَ الخِطَابُ: خِطَابًا عَيْنِيًّا، وَيُسَمَّى المَطْلُوبُ بِهِ: مَطْلُوبًا عَيْنِيًّا ـ وَاجِبًا كَانَ أَوْ مَنْدُوبًا ـ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالحَجِّ وَالصَّدَقَةِ: فَرْضِهَا وَنَفْلِهَا، وَلَا يَسْقُطُ الطَّلَبُ فِيهِ عَنْ أَحَدٍ بِقِيَامِ غَيْرِهِ بِهِ.
وَإِنْ كَانَ مِمَّا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ مَصْلَحَةُ المَجْمُوعِ وَمَصْلَحَةُ الفَرْدِ ـ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ جُزْءٌ مِنَ المَجْمُوعِ ـ تَوَجَّهَ لِلْمَجْمُوعِ، وَسُمِّيَ الخِطَابُ:
خِطَابًا كِفَائِيًّا، وَيُسَمَّى المَطْلُوبُ بِهِ: مَطْلُوبًا كِفَائِيًّا، وَاجِبًا كَانَ الطَّلَبُ: كَطَلَبِ العِلْمِ وَالأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، أَوْ مَنْدُوبًا: كَإِفْشَاءِ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ، وَيَسْقُطُ الطَّلَبُ عَنِ المَجْمُوعِ إِذَا قَامَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَيَكْفِي فِيهِ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ غَيْرُهُ، وَمِنْ هَذَا القِسْمِ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى: "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون" [آل عمران] "فلولا نَفَر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدّين وليُنذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون" [التوبة]....يُتبع بحول الله ..
 

ريم العتيبي

:: متابع ::
إنضم
16 نوفمبر 2016
المشاركات
1
التخصص
أصول الفقه
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
-
رد: متن مبادئ الأصول للشيخ عبد الحميد بن باديس الجزائري-رحمه الله-

أقوم بجمع المتون الأصولية المعاصرة، وأسأل عن هذا المتن هل هو مطبوع ؟ أو أين أجده؟
 
أعلى