العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حوار الشهر (شبهات حول حجية السنة)

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
شبهات حول حجية السنة [SUP][1][/SUP]


المدخل:
الحمد لله ذي النعم الجزيلة التي أعيت المحصين ، والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء والمرسلين ، الذي بعثه الله بدين الإسلام رحمة للعالمين ، وجعل أمته خير أمة أخرجت للناس ، ولم يرض لعباده دينا سواه ، وقصر الفلاح والفوز برضاه على من اتبع سنة محمد صلى الله عليه وسلم وما سار عليه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم .
وقد تكفل الله عز وجل بحفظ هذا الدين فصان كتابه العزيز عن التحريف ، وعصمه من التبديل ، وهيأ للسنة المطهرة رجالا أفذاذا تفانوا في طلبها وخدمتها ، وتمسكوا بها ، وقاموا بحفظها وتدوينها ونشرها ، ووضعوا القواعد والضوابط العلمية الدقيقة لحمايتها من الدخيل وتمييزها من الشوائب ، والقيام عليها رواية ودراية وتصنيفها في ذلك ، والمنافحة عنها في مشارق الأرض ومغاربها جيلا بعد جيل ، على مـر الزمان وتعاقب الشهور والأعوام ، أولئك هم أهل الطائفة المنصورة ، الذين لايزالون قائمين على الحق ، مستمسكين بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ذابّين عنها ، عاملين لإحياء ما أمات الناس منها ، لايضرهم المخالف ، ولا يفل في عزيمتهم المراوح المتخاذل ، ولا يضعف من همتهم المتخلف الخانع ، يبذلون في سبيل ذلك كل غال حتى يأتي أمر الله وهم على هذا المنهج القويم ، فيفوزون برضوان الله عز وجل ، وما ذاك إلا لعظم أمر السنة ووجوب التزامها ، فهي شطر الدين وثاني الأصلين.

فالسّنّة المطهرة شقيقة القرآن ، ومثيلته في الحجية والاعتبار ، فهما مصدر الدين وأساسه المتين ، وكلاهما وحي من عند الله تعالى ، كما تقدم تقريره في مبحث أقسام السنة ، حيث تظاهرت به الأدلة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة وسائر سلف الأمة.

ومن السنة ما جاء مؤكدا لأحكام دل عليها القرآن الكريم .
ومنها ما جاء مبينا للقرآن: تفصيلا لمجمله ، وتوضيحا لمشكله ، وتخصيصا لعامه ، وتقييدا لمطلقه ، وتبيينا لمبهمه ، ورداً لما تشابه منه إلى محكمه .
ومنها ما جاء بتشريعات مستقلة لم ينص عليها القرآن ، وهذا قسم واسع تناول كثيرا من أصول الدين وفروعه .

والسنة جميعها حجة شرعية ، يستوي في ذلك المتواتر منها والآحاد ، ما دام الجميع ثابتا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، إذ العبرة في ذلك بثقه النقلة وليس بكثرة عددهم .
كما أن مجال الاحتجاج بالسنة يشمل مسائل العقيدة وفروع الشريعة من عبادات ومعاملات .
ومسألة حجية السنة من أصول الدين وأسس الاعتقاد ، وليست من الفروع والجزئيات ، وهي مرتبطة ارتباطا مباشرا بالإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن خالف فيها بعد تبين أدلتها فقد أنكر معلوما من الدين بالضرورة ، وخالف في أصل من الإسلام يخرج منكره من الملة.
على هذه الجمل الثابتة في شأن السنة أجمعت الأمة ، وكان ذلك عند السلف ومن سار على نهجهم من قطعيات الدين ومسلماته ، لم يخالف في ذلك إلا زنديق أو متهم في دينه .

وقد حاول أعداء الإسلام من أهل الأمم المقهورة قديما وحديثا أن يشوهوا هذه الحقيقة العظمى ، ليفتنوا المسلمين عن دينهم ، ويصدوهم عن سبيله القويم ، ولكن الله حفظ دينه ، ورد كيد الأعداء في نحورهم فكانوا كالذي يصرخ في واد أو ينفخ في رماد ، وما كان زيفهم لينطلي على مؤمن معتز بدينه ، عارف بأسس معتقده ، آخذ بأسباب الحصانة الإيمانية والعلمية اللازمة لرد شبهات الأعداء ودحضها ، قال تعالى: {يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلاّ أن يتم نوره ولو كره الكافرون}
[SUP]([2])[/SUP] .

وفي عصرنا الحاضر شاع الجهل بالدين
، واختلطت الأمور على كثير من المنتسبين للإسلام ، الذين لا يملكون من قوة الإيمان ونور العلم ما يدفعون به تلك الشبهات وظلماتها فوجب البيان لهم ، ومساعدتهم على تصحيح معتقداتهم ، وتسليحهم بالحجج والبراهين التي تمكنهم بإذن الله تعالى من الثبات في هذا المعترك الفكري الخطير الذي يجتاح الأمة ، وهذه مسؤولية عامة سوف يسأل عنها بين يدي الله تعالى كل مقصر في شأنها
[SUP]([/SUP]
[SUP][3]) [/SUP].

ومن هنا افتتحنا هذا الحوار لعرض شبهات
المخالفين في هذا المجال قديماً وحديثاً محاولين جمع الشبهات والردود والتعليقات والإضافات. ثم إذا بارك الله في أعمارنا وبارك في جهودنا رتبناه وجمعناه ونشرنا خلاصته ضمن منشورات الشبكة المستقبلية.

سائلين المولى العلي القدير أن يجزي كل من ساهم ويساهم في الذب عن سنة الحبيب عليه أفضل الصلاة والتسليم ، وأن يرزقنا جميعاً الإخلاص في القول والعمل ويحفظ لنا ديننا وكتابنا وسنة نبينا.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



([1]) فكرة هذا الحوار نشأت في موضوع الدكتور مختار قوادري بعنوان (السنــة بين الجحــود والتطــرف)
([2]) التوبة : (32) .
([3]) المقدمة مقتبسة من كتاب بعنوان "
حجية السنة وتاريخها "،​
المؤلف: الحسين شواط​
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: حوار الشهر (شبهات حول حجية السنة)

1- الشبهة الأولى: نهي الرسول عن كتابة الحديث:
وعمدة هذا النهي ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تكتبوا عني ، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ) ، وهو أصح ما ورد في هذا الباب .
وعن أبي سعيد قال : " جهدنا بالنبي صلى الله عليه وسلم أن يأذن لنا في الكتابة فأبى " ،
وفي رواية عنه قال : " استأذنَّا النبي صلى الله عليه وسلم في الكتابة فلم يأذن لنا " .


فما الذي يضمن لنا أن الصحابة لم ينسوا ولم يخلطوا خاصة أن التدوين بدأ بعد قرن من الزمان؟
 
إنضم
16 نوفمبر 2009
المشاركات
59
التخصص
شريعة إسلامية
المدينة
سرت
المذهب الفقهي
مالكي
رد: حوار الشهر (شبهات حول حجية السنة)

بورك فيكم، وأتمنى من المتخصصين في علم الحديث من أعضاء المنتدى أن يعينونا على الرد على ما يطرح من شبهات، وأن يصححوا لنا.
وفيما يخص الشبهة فإنني أوجز الرد في النقاط الآتية:
أولاً: إن نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن كتابة الحديث كان في بدء الدعوة، حتى لا يختلط الحديث بالقرآن، ثم أذن بالكتابة بعد ذلك، فعن عبد الله بن عمرو قال: كنت أكتب كل شيءٍ أسمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أريد حفظه، فنهتني قريش، وقالوا: أتكتب كلَّ شيءٍ تسمعه، ورسول الله بشرٌ، يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكتُ عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأومأ بأصبعه إلى فيه، فقال: "اكتب، فوالذي نفسي بيده! ما يخرج منه إلا الحق". (سنن أبي داود، ومسند الإمام أحمد).
ثانيًا: إن شبهة إمكانية تأثير الخلط والنسيان في إبلاغ الصحابة لما سمعوه عن النبي –صلى الله عليه وسلم- لا تخص الحديث الذي بلغ درجة التواتر، فالخلط أو النسيان متصورٌ في خبر الواحد وغير متصور في الخبر المتواتر الذي نقله جمعٌ يستحيل تواطؤهم على الكذب، ويستحيل أيضًا أن يكونوا خلطوا أو نسوا جميعًا.
ثالثًا: إن تعامل الصحابة أنفسهم مع حديث رسول الله يرفع أي خوف من إمكانية تأثير النسيان أو الخلط فيما نقلوه إلينا، فقد تعاملوا معه بصفته علم، فكان منهم من يعرضه على الكتاب، فما وافق أخذ به، وما لم يوافق رده، كما رد عليٌ بن أبي طالب حديث معقل بن سنان الأشجعي القاضي بإعطاء المطلقة التي لم يتم الدخول بها مهر مثلها، وكان منهم من يشترط على الرواي، والراوي هنا صحابي أيضًا، أن يأتي بشاهد على أنه سمع الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رابعًا: شروط العلماء لقبول خبر الواحد ترفع الشبهة، فللعلماء شروط خاصة لقبول خبر الواحد، فالحنفية يشترطون ألا يخالف الراوي بفعله ما رواه، وألا يكون الحديث فيما تعم به البلوى، وألا يخالف الحديث القياس، والمالكية يشترطون ألا يخالف الحديث ما عليه العمل في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على أن العلماء قد كفونا مشقة التحري والتدقيق، فترتفع بذلك الشبهة.
خامسًا: إن جل ما نقل من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحكم العلماء بصحته، هو مما تلقته الأمة بالقبول، والأمة لا تجتمع على ضلال.
والله أعلم
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: حوار الشهر (شبهات حول حجية السنة)

بارك الله فيكم دكتور عبد المجيد على هذه الردود على الشبهة وسوف أنقل ما يسر الله لي ربي تجميعه في الرد على هذا الشبهة وربما يكون فيها تكراراً وإعادة لما ذكرتم نقوم بتحريره عند تجميع الموضوع وتلخيصه:

هل كان الحديث يكتب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أم أنه منعهم منه؟

أما في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن تدوين الصحابة رضوان الله عليهم للسنة وكتابتهم، مر بمرحلتين مهمتين:
1. مرحلة النهي عن الكتابة
2. مرحلة نسخ النهي والسماح بها .

أولاً : مرحلة النهي عن الكتابة :
كانت هذه المرحلة في بداية الأمر ؛ حيث نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن كتابة الأحاديث خشية الخلط بين السنة والقرآن ، ولأمور واعتبارات أخرى ، وعمدة هذا النهي ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تكتبوا عني ، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه)، وهو أصح ما ورد في هذا الباب .
وعن أبي سعيد قال : " جهدنا بالنبي صلى الله عليه وسلم أن يأذن لنا في الكتابة فأبى " ، وفي رواية عنه قال : " استأذنَّا النبي صلى الله عليه وسلم في الكتابة فلم يأذن لنا ".

ثانياً : نسخ النهي والسماح بالكتابة :
وهذه المرحلة جاءت بعد أن استقرت الدعوة ، وارتفعت المحاذير المتوقعة من كتابة السنة في أول الأمر ، فعند ذلك أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتابة ، وقد ذكر أهل العلم أحاديث الإباحة وجواز الكتابة ، وبَوَّب الإمام البخاري بابا في صحيحه قال : "باب كتابة العلم " وذكر أحاديث عدة تدل على جواز الكتابة. منها:
ü وروى الإمام أحمد وأبو داود عن عبد الله ابن عمرو قال : كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه ، فنهتني قريش عن ذلك ، وقالوا : تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا ؟ فأمسكْتُ عن الكتابة حتى ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأومأ بأصعبه إلى فيه ( أي فمه ) فقال : ( اكتب .. فو الذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق ).
ü ومما يدل على إباحة الكتابة أيضاً أن بعض الصحابة كانت لهم صحائف كتبوا فيها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمعوه أو بعضه ، فكان لعبد الله ابن عمرو صحيفة تسمى ( الصادقة ) ، رواها عنه حفيده عمرو بن شُعَيب ، وكان لجابر بن عبد الله الأنصاري صحيفة ، وكذلك أنس بن مالك كانت له صحيفة وكان يبرزها إذا اجتمع الناس

بين النهي والإباحة :


وقد نظر أهل العلم في أحاديث النهي عن الكتابة وأحاديث الإباحة وجمعوا بين الأحاديث من عدة أوجه:
الوجه الأول :
ذهب الأغلب إلى أن النهي كان في أول الإسلام مخافة اختلاط الحديث بالقرآن ، فلما أُمِن الالتباس ، سمح لهم النبي صلى الله عليه وسلم بتدوين الحديث وكتابته ، فكانت أحاديث الإباحة ناسخة لأحاديث المنع .
وممن ذهب إلى هذا الإمامان الجليلان النووي وابن حجر عليهما رحمة الله ، وطائفة كبيرة من أهل العلم .

الوجه الثاني :
وذهب قوم إلى أن النهي إنما كان عن كتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة ؛ لأنهم كانوا يسمعون تأويل الآية ، فربما كتبوه معها ، فنُهوا عن ذلك لخوف الاشتباه .

الوجه الثالث :
أن النهي كان في حق من يوثق بحفظه مخافة أن يتَّكل على الكتابة ، وأما الإذن فهو في حق من لا يوثق بحفظه

والخلاصة: أن أوْلى الأقوال ، هو القول بالنسخ ، حيث كان النهي في بداية الأمر ثم نسخ بعد ذلك ، لزوال المحذور من الكتابة ، ويؤيد هذا عموم الألفاظ ، وأنها متأخرة في الزمن ، وهو قول أكثر أهل العلم .
ومن هنا يتبين بطلان قول من قال : إن السنة لم تكتب في عصر الرسالة ، والحق أنها كتبت لكن ليس بالصورة التي تمت فيما بعد في عصور التدوين ، غير أن من المجمع عليه أنها كانت محفوظة في الصدور ، وفي بعض الصحائف والسطور في عصر الصحابة ، وتلقاها عنهم التابعون ، ثم بدأ التدوين في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز رضي الله.
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: حوار الشهر (شبهات حول حجية السنة)

2- الشبهة الثانية: الاكتفاء بالقرآن ورد السنة لأن في القرآن غنية عنها:
حيث قالوا:
القرآن بيان لكل شيء فهو مستغنٍ عن السنة، ولو قلتم أن السنة تبيِّن القرآن وتفسره نرد عليكم من القرآن نفسه، بأن الله قال عن القرآن
: (ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء) فقوله:(تبياناً لكل شيء ) دليل على أن في القرآن كفاية.


 
إنضم
16 نوفمبر 2009
المشاركات
59
التخصص
شريعة إسلامية
المدينة
سرت
المذهب الفقهي
مالكي
رد: حوار الشهر (شبهات حول حجية السنة)

بارك الله فيكم.
نعم، يرى القرآنيون أن قوله تعالى : "ونزّلنَا عَلَيكَ الكِتَابَ تِبْيَانًا لِكلِّ شَيءٍ"، وكذلك قوله تعالى: "مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍكفيلان بتعضيد دعواهم ترك السنة والاكتفاء بالقرآن، والرد ميسرٌ بإذن الله تعالى، ومن كتاب الله الذي بيّن كلَّ شيء، ويمكن اختصار الرد في النقاط الآتية:

أولاً: قال تعالى" :وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا".
والسؤال هو: هل سبيل المؤمنين ترك سنة نبيهم، وتحميل الآيات ما لا تحتمل من المعاني لاستخراج أعداد الصلوات، ومقادير الزكاة، ومناسك الحج كما يفعل القرآنيون؟ أم سبيل المؤمنين هي ذاتها التي بينها الله في كتابه، فالكتاب تبيانٌ لكل شئ، قال تعالى في سورة النساء: "
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا".

ثانيًا: من التبيان الذي أنزله الله في كتابه أن طاعة الرسول واجبة، قال تعالى في سورة النساء: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا"، ومعلوم أن طاعة الله تكون بالامتثال لأوامره التي أنزلها في كتابه، ومن بين هذه الأوامر طاعة رسوله –صلى الله عليه وسلم-، وطاعته تكون بالاقتداء بسنته، وامتثال أوامره، والانتهاء عند نواهيه.

ثالثًا: أعجبني تفسير الزمخشري لقوله تعالى: "ونزّلنَا عَلَيكَ الكِتَابَ تِبْيَانًا لِكلِّ شَيءٍ"، أنه اتباع الكتاب والسنة والإجماع والقياس وباقي الأدلة الشرعية التي تدخل في عموم الاجتهاد، حيث قال: " المعنى أنه بيّن كلَّ شيء من أمور الدين، حيث كان نصًا على بعضها، وإحالةً على السنة، حيث أمر فيه باتباع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وطاعته، وقيل: وما ينطق عن الهوى. وحثاً على الإجماع في قوله "وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ"، وقد رضي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأمته اتباع أصحابه، والاقتداء بآثارهم في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "أصحابى كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم"، وقد اجتهدوا، وقاسوا، ووطئوا طرق القياس والاجتهاد، فكانت السنة والإجماع والقياس والاجتهاد، مستندةً إلى تبيان الكتاب، فمن ثمّ كان تبيانًا لكل شيء

رابعًا: قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: "ولقد جمع القرآن جميع الأحكام جمعًا كليًا في الغالب، وجزئيًا في المهم، فقوله: "تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ" [النَّحْل: 89]، وقوله: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ" [الْمَائِدَة: 3]، المراد بهما إكمال الكلِّيَّات التي منها الأمر بالاستنباط والقياس. قال الشَّاطبيُّ لأنَّه على اختصاره جامعٌ، والشَّريعة تمَّت بتمامه، ولا يكون جامعًا لتمام الدِّين إلَّا والمجموع فيه أمورٌ كليَّة".

خامسًا: أن قوله تعالى: "ونزّلنَا عَلَيكَ الكِتَابَ تِبْيَانًا لِكلِّ شَيءٍ"، وكذلك قوله تعالى: "مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ هو من قبيل العام الذي أريد به الخصوص، كقوله تعالى "وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ" [النمل: 23] مع أنها لم تؤت ما كان في يد سليمان، وكذلك قوله تعالى: "تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ" [الأحقاف: 25]، ومعلوم أنها لم تدمر الجبال ولا المساكن، ومثله قوله تعالى: {يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ}. والعام الذي أريد به الخصوص لا يُحتج بظاهره، لأن المقصود بظاهره الأقل لا الأكثر، فمعلومٌ أن كثيرًا من الأحكام الشرعية لم تبين في القرآن الكريم إلا على الإجمال، كمناسك الحج والعمرة، وكأعداد الصلوات وكيفية أدائها، وكميراث الجدة، وغير ذلك من الأحكام.
إذن فالتمسك بظاهر بعض آيات القرآن الكريم لنفي حجية السنة هو من قبيل الزيغ ليس إلا، لأن القرآن الكريم يؤكد حجية السنة، ولا خلاف بينهما، بل هما يشعان من مشكاة واحدةٍ وهي مشكاة الوحي، وقد قال الله تعالى في سورة النجم: "مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى"، وسبحان الله أن أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم بما سيكون، فقال صلى الله عليه وسلم: "يوشك الرجل مُتَّكئًا على أريكته يُحَدَّثُ بحديث من حديثي، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله عزَّ وجلَّ، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرامٍ حرَّمْناه، ألا وإن ما حَرَّمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم مِثْلُ ما حرم الله" وراه أحمد وابن ماجه والترمذي وغيرهم، وصححه الألباني.
والله أعلم



 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: حوار الشهر (شبهات حول حجية السنة)

بارك الله فيكم ونضيف إلى الردود السابقة ما يلي:

خامساً: هناك من فسر الآية بتفسير آخر فقال: ليس المراد من الكتاب في قوله تعالى: { مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ } (الأنعام 38) القرآن ، وإنما المراد به اللوح المحفوظ ، فإنه هو الذي حوى كل شيء ، واشتمل على جميع أحوال المخلوقات كبيرها وصغيرها ، جليلها ودقيقها ، ماضيها وحاضرها ومستقبلها ، على التفصيل التام ، بدلالة سياق الآية نفسها حيث ذكر الله عز وجل هذه الجملة عقب قوله سبحانه : {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ } (الأنعام 38) أي مكتوبة أرزاقها وآجالها وأعمالها ، كما كتبت أرزاقكم وآجالكم وأعمالكم كل ذلك مسطور مكتوب في اللوح المحفوظ لا يخفى على الله منه شيء .

سادساً: وعلى التسليم بأن المراد بالكتاب في هذا الآية القرآن ، كما هو في الآية الثانية وهي قوله سبحانه : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ } النحل 89) فالمعنى أنه لم يفرِّط في شيء من أمور الدِّين وأحكامه ، وأنه بيَّنها جميعاً بياناً وافياً .
ولكن هذا البيان:
1- إما أن يكون بطريق النص مثل بيان أصول الدين وعقائده وقواعد الأحكام العامة ، فبيَّن الله في كتابه وجوب الصلاة والزكاة والصوم والحج ، وحِلِّ البيع والنكاح ، وحرمة الرِّبا والفواحش ، وحِلِّ أكل الطيبات وحُرْمة أكل الخبائث على جهة الإجمال والعموم ، وتَرَك بيان التفاصيل والجزئيات لرسوله صلى الله عليه وسلم .
ولهذا لما قيل لمُطَرِّف بن عبد الله بن الشِخِّير : " لا تحدثونا إلا بالقرآن قال : والله ما نبغي بالقرآن بدلاً ولكن نريد من هو أعلم منا بالقرآن .
وروي عن عمران بن حصين أنه قال لرجل يحمل تلك الشبهة : "إنك امرؤ أحمق أتجد في كتاب الله الظهر أربعا لا يجهر فيها بالقراءة ، ثم عدد إليه الصلاة والزكاة ونحو هذا ، ثم قال أتجد هذا في كتاب الله مفسَّرا ، إن كتاب الله أبهم هذا وإن السنة تفسر ذلك " .

2- وإما أن يكون بيان القرآن بطريق الإحالة على دليل من الأدلة الأخرى التي اعتبرها الشارع في كتابه أدلة وحُجَجاً على خلقه .
فكل حكم بينته السنَّة أو الإجماع أو القياس أو غير ذلك من الأدلة المعتبرة ، فالقرآن مبَيِّن له حقيقة ، لأنه أرشد إليه وأوجب العمل به ،
وبهذا المعنى تكون جميع أحكام الشريعة راجعة إلى القرآن .
فنحن عندما نتمسك بالسنة ونعمل بما جاء فيها إنما نعمل في الحقيقة بكتاب الله تعالى.

ولهذا لما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " لعن الله الواشمات والموتشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن ، المغيرات خلق الله ". بلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب ، فجاءت إليه وقالت : إنه بلغني عنك أنك لعنت كيت وكيت ، فقال وما لي لا ألعن من لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن هو في كتاب الله ، فقالت : لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول ، قال : لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه ، أما قرأتِ { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } ( الحشر 7) ؟! قالت : بلى ، قال : فإنه قد نهى عنه .

وحُكِي أن الشافعي رحمه الله كان جالساً في المسجد الحرام فقال : لا تسألوني عن شيء إلا أجبتكم فيه من كتاب الله تعالى ، فقال رجل : ما تقول في المُحْرِم إذا قتل الزُّنْبُور ؟ فقال لا شيء عليه ؟ فقال : أين هذا في كتاب الله ؟ فقال : قال الله تعالى : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ } (الحشر 7) ، ثم ذكر إسناداً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ) رواه الترمذي وغيره ، ثم ذكر إسناداً إلى عمر رضي الله عنه أنه قال "للمُحْرِم قتل الزُّنْبُور " فأجابه من كتاب الله .

سابعاً: قال الإمام الخطابي رحمه الله " أخبر سبحانه أنه لم يغادر شيئا من أمر الدين لم يتضمن بيانَه الكتابُ ، إلا أن البيان على ضربين : بيان جَلِيّ تناوله الذكر نصاً ، وبيان خفِيّ اشتمل عليه معنى التلاوة ضمناً ، فما كان من هذا الضرب كان تفصيل بيانه موكولاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو معنى قوله سبحانه : { لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } (النحل44) ، فمن جمع بين الكتاب والسنة فقد استوفى وجهي البيان " أهـ .

وبذلك يتبين ضلال هؤلاء وسوء فهمهم وتهافت شبهاتهم ، وأنه لا منافاة بين حجية السنة وبين كون القرآن تبياناً لكل شيء ، والحمد لله أولاً وآخراً .
 
التعديل الأخير:

أم هانئ

:: متابع ::
إنضم
25 ديسمبر 2012
المشاركات
1
الكنية
أم هانئ
التخصص
رياضيات
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: حوار الشهر (شبهات حول حجية السنة)

بارك الله فيكم ونفع بعلمكم
 
إنضم
10 مايو 2015
المشاركات
219
الجنس
ذكر
الكنية
د. كامل محمد
التخصص
دراسات طبية "علاج الاضطرابات السلوكية"
الدولة
مصر
المدينة
الالف مسكن عين شمس
المذهب الفقهي
ظاهري
رد: حوار الشهر (شبهات حول حجية السنة)

يقول اللـه تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ(32)}[SUB][آل عمران: 32][/SUB]
وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ
(20) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21)} [SUB][الأنفال: 20 - 22][/SUB]
وقال تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ(54)} [SUB][النور: 54][/SUB]
وقال تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ(33)} [SUB][محمد: 33][/SUB]
وقال عز وجل : {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً}[SUB][الأحزاب:36].[/SUB]
فصح لنا بنص القرآن أن دِينُ الإِسْلاَمِ اللاَّزِمُ لِكُلِّ أَحَدٍ يُؤْخَذ مِنْ:
(1) الْقُرْآنِ
(2) أَوْ مِمَّا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
· إمَّا بِرِوَايَةِ الثِّقَاتِ وَاحِدًا عَنْ وَاحِدٍ حَتَّى يَبْلُغَ إلَيْهِ عليه الصلاة والسلام وهو خبر الآحاد.
· وَأَمَّا بِنَقْلِ جَمَاعَةٍ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام وَهُوَ نَقْلُ الْكَافَّةِ أو التَواترِ.
· إمَّا بِرِوَايَةِ جَمِيعِ عُلَمَاءِ الآُمَّةِ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام وَهُوَالإِجْمَاعُ.

يقول الله تعالى: {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[SUB][النحل 44].[/SUB]فصح أنه عليه السلام مأمور ببيان القرآن للناس. وفي القرآن مجمل كثير كالصلاة والزكاة والحج فإذا كان بيانه عليه السلام لذلك المجمل غير مطلوب فقد بطل الانتفاع بنص القرآن فبطلت أكثر الشرائع ومعاذ الله من هذا.
ثم يسألون عن قولهم : "الاكتفاء بالقرآن ورد السنة لأن في القرآن غنية عنها"
هل ما قاله رسول الله من الحكم في الدين بإيجاب أو تحريم مما ليس فى القرآن بقي علينا العمل به أم سقط عنا ؟ ولا بد من أحدهما .
فإن قالوا :
بل هو باقٍ علينا .
قيل لهم : كيف يلزمنا العمل بما يمكن أن نستغنى عنه. وهذا هو تحميل الإصر والحرج والعسر الذي قد آمننا الله تعالى منه.
وإن قالوا: بل سقط عنا العمل به .
قلنا لهم: فقد أجزتم نسخ شرائع من شرائع الإسلام مات رسول الله عليه السلام وهي محكمة ثابتة لازمة ، فأخبرونا من الذي نسخها وأبطلها ، وقد مات عليه السلام وهي لازمة لنا غير منسوخة ؟ وهذا خلاف الإسلام والخروج منه جملة . وإذا صح هذا فقد ثبت يقيناً أن القرآن والخبر الصحيح بعضها مضاف إلى بعض وحكمها واحد في وجوب الطاعة.
وأيضاً: قال الله تعالى:{بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[SUB][النحل: 44].[/SUB]
فهل بيّن رسول الله ما أنزل الله إليه أو لم يبين ؟ ولا بد من أحدهما:
فمن قولهم إنه قد بين
ما أنزل الله إليه.
فنسألهم عن ذلك البيان هل نحن مكلفين به أم لا ؟

فإن قالوا : نحن مكلفين به أقروا بالسنة ووجوب العمل بها.
وإن قالوا :
نحن غير مكلفين به دخلوا في عظيمة وقطعوا بأن كثيراً من الدين قد بطل وأن تبيين رسول الله لكثير من الدين قد ذهب ذهاباً لا يوجد معه أبداً.
يقول الله سبحانه و تعالى:
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[SUB][المائدة: 3][/SUB]كل ذلك باق علينا ولنا إلى يوم القيامة و ليس ذلك للصحابة رضي الله عنهم فقط. وهذا برهان ضروري قاطع على أنه كل ما قاله رسول الله في الدين ، وفي بيان ما يلزمنا فرض علينا قبوله والعمل به.
يقول اللـه تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ }[SUB][النساء 59][/SUB]
وقال عز وجل : {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً}[SUB][الاحزاب 36]
[/SUB]وقال تعالى : {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ}[SUB] [النساء 59][/SUB]
ويقول الله سبحانه و تعالى : {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}[SUB][النجم 3،4].[/SUB]
فصح بهذه الآيات صحة ضرورية أن القرآن والخبر الصحيح بعضها مضاف إلى بعض وهما شيء واحد في أنهما من عند اللـه تعالى وحكمها حكم واحد في باب وجوب الطاعة لـهما .

 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: حوار الشهر (شبهات حول حجية السنة)

بارك الله فيكم
أحسنت وأجدت
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: حوار الشهر (شبهات حول حجية السنة)

سنعود قريباً بحول الله للشبهة التالية،،،،
 
أعلى