رد: سلسلة الإشكالات العلمية (): لماذا يذكر (الفاعل) في الركن؟ ولماذا يهمل أحيانا؟
رد: سلسلة الإشكالات العلمية (): لماذا يذكر (الفاعل) في الركن؟ ولماذا يهمل أحيانا؟
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
بارك الله فيكم على طرحكم الطيب و جزاكم الله خيراً و نفع بكم المسلمين.
ما فمته من الأخت الكريمة أم طارق و الأخ الفاضل عبد الحكيم بن الأمين بن عبد الرحمن أن ما كان من باب المعاملات أو باب النكاح أو ما جاز فيه النيابة فإن من أركانه الفاعل نفسه لإمكانية توكيل غيره و وجود أكثر من طرف في الفعل.
فما تقولون في الزكاة و الحج فهما عبادتان تصح فيها النيابة أثناء حياة المنوب عنه - ( الحج عن الغير مشروط بالعجز عن القيام بالحج حال الحياة ) - , و النيابة في الصيام عند الشافعية و الحنابلة لمن مات و في ذمته صيام, مع الخلاف الواقع بين أهل العلم في جميع ما ذكرت.
فها قد وُجدت النيابة في الفعل و إمكانية توكيل غيره أثناء الحياة بسبب عجز كما في الحج أو موت كما في الصوم أو بدون أي سببب كالنيابة في إخراج الزكاة, وإذا وكَّل المزكي شخصا في إخراج زكاته أو أذن له في ذلك فلا مانع من أن يدفعها من مال نفسه، إذ ليس بشرط أن تخرج الزكاة من عين المال المزكى. و مع ذلك فإن أهل العلم لم يجعلوا من أركان الحج و الصوم الحاجُّ و الصائم و لم يجعلوا من شروط إجزاء الزكاة المزكِّي.
فلو زكَّى شخص عن شخص آخر دون علم المزكى عنه لما صحت لأن النية شرط في إجزاء الزكاة, فالنيابة في الزكاة جائزة بشرط أن تكون بإذن المزكي, و كذلك البيع لا يصح إلا إذا وكَّل - و هو الإذن بالتوكيل - و الزواج كذلك, و مع ذلك جعلوا العاقدين في النكاح و البيع ضمن أركان البيع و النكاح و لم يجهلوا من شروط الزكاة المزكي.
فالعلة - والله أعلم - ليست بسبب النيابة و إمكانية توكيل الغير إذ وُجدت النيابة في الزكاة و لم نسمع أن من أركان الزكاة وشروطها المزكي نفسه.
أرى أنَّ سؤال الأخ الحبيب د. فؤاد بن يحيى الهاشمي لازل قائماً.
و أميل إلى ما أشارت إليه الأخت أم طارق في قولها: هل يحدث قياس بدون القائس؟ وهل تحدث صلاة بدون المصلي إذ هو ليس ركنا في الفعل بل هو الفاعل.
و إلى ما أشار إليه الأخ عبد الحكيم بن الأمين بن عبد الرحمن في آخر كلامه عندما تحدث عن الصلاة: فذكر الفاعل لها كعدمه لأنها لا تحدث إلا بفاعل بخلاف المعاملات ففيها وجب وجود أكثر من فاعل.
فالصلاة و الزكاة و الحج و الصوم يكون فيها الفاعل شخصا واحدا و لا تصح حالَ أدائها إلا بشخص واحد - إذ لا يمكن عقلا و لاشرعا أن يصلي شخصان صلاة واحدة بحيث يقتسمانها ثم تصح عنهم ذلك, أو يصوما صوم يوم واحد يقتسمانه إلخ -, فما احتيج إلى جعل الصائم أو المصلي أو المزكي أو الحاج ركنا. بخلاف عقد البيع والنكاح, فهناك أكثر من شخص - البائع و المشتري, و الزوج و الزوجة - لابد من وجودهما لصحة العقد فناسب ذكرهما و جعلهما ركنا من الأركان.
و الله أعلم.