العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

تقاطع العقود- أمثلة تطبيقية-عقود الإعارة

إنضم
14 أبريل 2009
المشاركات
97
التخصص
الهندسة
المدينة
هامبورغ
المذهب الفقهي
الشافعي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد، فهذه مسودة عمل عن العقود، تعريفاتها وأنواعها وتطبيقاتها، والجديد في هذا العمل أنه يتناول تقسيم العقود تقسيمًا منسجمًا ومطابقًا مع واقع عملها ضمن قواعد نظام الاقتصاد الإسلامي الأمر الذي يحقق الغاية التي وُجد النظام من أجلها وهي السرعة بكفاءة، أي سرعة دوران المال في المجتمع بانتقاله من يد إلى أخرى، وهو ما يسمى بالتداول، وبنفس الوقت أن يكون التداول متصفًا بالكفاءة، أي أن يكون التداول شاملًا لجميع فئات الناس، وألا يقتصر فقط على فئة دون أخرى.
هذه الغاية والتي حدد معالمها الشرع لا يمكن لها أن تتحقق من دون آلية تعمل بوضوح وسلاسة، هذه الآلية هي العقود، وهي لبِنات النظام الاقتصادي، وكلما كان عمل العقود المختلفة منسجمًا مع بعضه البعض ومتكاملًا كانت الغاية أكثر تحققًا، وكان النظام أكثر تألقًا وفعاليةً.
وبسبب هذه الأهمية للعقود رأيت أن أعرض عليكم هذه المسودة للنقاش، بدأتها بعقد الإعارة مع أمثلة تطبيقة عليه، راجيًا منكم مع الشكر المشاركة والتعليق عليها.


1-عقود الإعارة
عقد العارية وعقد القرض

عقد الإعارة
عرّف الشّافعيّة الإعارةعلى أنها: إباحة الانتفاع بالشّيء مع بقاء عينه
وعرّفها الحنفيّة: إنّها تمليك المنافع مجّانًا .
وعند الحنابلة بأنّها: إباحة الانتفاع بعينٍ من أعيان المال .
وهي عند المالكيّة: تمليك منفعةٍ مؤقّتةٍ بلا عوضٍ .

يلاحظ تشابه صيغ هذه التعريفات والتي مدار معناها بشكل عام هو أن لمالك العين أن يبيح أي يأذن لمن طلب الإذن بالانتفاع بالعين أن ينتفع بها لمدة معلومة دون مقابل بعد ذلك عليه ردها مع بقاء عينها، الآذن يسمى المعير والمأذون له يسمى المستعير.


عقد القرض
عرّف الشافعية القرض على أنه: تمليك الشيء على أن يرد بدله.
وعرّفه الحنفية على أنه: دفع مال مثلي لآخر ليرد مثله.
وهو عند الحنابلة: دفع مال لمن ينتفع به، ثم يرد بدله إليه.
وعند المالكية هو: دفع متمول في مثله غير معجل لنفع آخذه فقط.

من الملاحظ أن صيغة تعريف عقد القرض عند فقهاء المذاهب الأربعة متقاربة ومعناها يتلخص في أن للمقرض على المستقرض مثل أو بدل العين المقترضة عند الرد، ليقتصر بذلك الانتفاع من العقد على المقترض فقط دون المقرض، وهو السبب الذي دعا إلى إنشاء مثل هذا العقد.

من تتبع تعريفات الإعارة وتعريفات القرض عند الفقهاء يتبين أن هناك علاقة عموم وخصوص بين العقدين، عقد الإعارة هو العام وذلك لعموم محل العقد وهو العين المعارة دون تعيينها، وعقد القرض هو الخاص وذلك لتخصيص العين المعارة بالعين المستهلكة. وبناء على ذلك يمكن تقسيم عقد الإعارة إلى قسمين، الأول عقد العارية وهو ما كان فيه محل العقد غير مستهلك فترد العين المعارة نفسها بعد الانتفاع، والثاني عقد القرض وهو ما كان فيه محل العقد مستهلك، أي أن الانتفاع بالعين المعارة لا يتحصل إلا باستهلاكها فترد بدل العين المعارة أو مثلها لفواتها بالاستهلاك، كما في المال النقد أو المطعومات، فعندها يصبح عقد الإعارة عقد قرض، وذلك لضمان ردها مثلًا بمثل وسواء بسواء.
وعليه يكون عقد القرض هو عقد إعارة استهلكت فيه العين المعارة يلزم بموجبه رد بدل العين المستهلكة مثلًا بمثل، إذا كانت من المثليات، مثل المال النقد، وسواء بسواء، إذا كانت من القيميات، مثل الإبل. أو هو الإذن باستهلاك عين وردّ بدلها مثلًا بمثل، في المثليات، وسواء بسواء، في القيميات.
ولهذا، ولأجل الترتيب، وتسهيل معرفة بداية الأمر ومجراه، يمكن وضع صياغة عامة لتعريف عقد الإعارة ليكون إطارًا عامًا يستوعب القسمين المذكورين، فيكون عقد الإعارة: هو إذن مؤقت للانتفاع بالعين بغير عوض.

وبالتالي يكون عقد العارية: هو إذن مؤقت للانتفاع بعين غير مستهلكة بغير عوض،
أو مختصرًا: هو عقد إعارة عين غير مستهلكة. كإعارة كتاب أو قلم أو أدوات عمل أو أواني طبخ أو أثاث أو ملبوسات أو دواب أو ماكنات.
ويكون عقد القرض: هو إذن مؤقت للانتفاع بعين مستهلكة بغير عوض،
ومختصرًا: هو عقد إعارة عين مستهلكة، كإعارة مال نقد أو مطعومات مثلية موصوفة مثل صاع قمح أو صاع ملح جبلي، أو كإعارة مطعومات قيمية موصوفة مثل الخيل والإبل والبقر والغنم.





فيما يلي قائمة توضح وجه التشابه والاختلاف بين عقد العارية وعقد القرض الناجمين من عقد الإعارة،
عقد الإعارة: هو الإذن بإنتفاع مؤقت بالعين بغير عوض
مواصفات العقدالعارية: هو عقد إعارة عين غير مستهلكةالقرض: هو عقد إعارة عين مستهلكة
محل العقدعين غير مستهلكةعين مستهلكة
صيغة بناء العقدطلب الإذن بالتصرف بالعينطلب قبض العين
بداية العقدالإذن له بالتصرف بالعينقبض العين
شرط العقدألا يشترط المعير منفعته، ويجوز له اشتراط تحديد المنفعة بالعين بتحديد المدة ونوع المنفعة، كما يجوز له اشتراط الضمان بكل حالألا يشترط المقرض منفعته ولا أي شرط آلا إلا شرط توقيت السداد
التوقيتانتهاء العمل أو المدة الزمنية المحددةمدة زمنية محددة
انتهاء العقدرد العين المعارة أو الإبراءرد بدل أو مثل العين المقترضة أو الإبراء
الضمان
الأفراد فيما بينهميد أمانة، ويد ضمان إذا تعدى أو قصريد ضمان
بين الأفراد والحاكم، والحاكم هو المستعيريد ضمانيد ضمان
الوكيل إذا أضاف عقد الإعارة لموكلهيد المستعير أمانة يد ضمان
الوكيل إذا نسب عقد الإعارة لنفسهيد الوكيل ضمان، ويد المستعير منه يد أمانة يد ضمان




مسائل تطبيقية على عقد الإعارة

1) سأله طعامًا لضيوفه فأجاب نعم عندي طعام أعيرك إياه، وأعطاه صاع تمر، فما تخريج صورة هذه المسألة؟.
الإيجاب والقبول تم في إطار عقود الإعارة، وعقود الإعارة تحتمل بحسب محل العقد نوعين من العقود، الأول عقد العارية والثاني عقد القرض، ولما كان محل العقد في هذه المسألة هو عين مستهلكة من المثليات تُخرّج المسألة على أنها عقد قرض يلزم بموجبه رد العين المستهلكة، وهو صاع التمر، مثلًا بمثل، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: " إناء بإناء، وطعام بطعام "، رواه الترمذي في صحيحه، وقوله صلى الله عليه وسلم " على اليد ما أخذت حتى تؤديه "، رواه الترمذي في سننه.

2) قَبل إعارته هذه المركبة ليبلغ المدينة المجاورة، فما الذي على المستعير رده؟.
العقد هو عقد إعارة، كما صُرح بذلك عند تأسيسه، بموجبه أذن له صاحب المركبة بالانتفاع بها لينجز عملًا ما، فمحل العقد هو منفعة المركبة المعينة. لاستيفاء هذه المنفعة يلزم أمران، الأول صلاحيتها والثاني الوقود، إذ يتعذر الانتفاع بالمركبة بدون الوقود وإن كانت صالحة للاستعمال، وكذلك يتعذر الانتفاع بها إن كانت معطوبة وإن كان بها وقود، فالصلاحية والوقود هما أمران متلازمان لاستيفاء المنفعة من المركبة، وعليه فإنه وإن ذُكر في العقد فقط المركبة المعينة الصالحة للاستعمال كمحل للعقد فإن الوقود بالرغم من ذلك يدخل ضمن محل العقد كونه تابع له وضرورة من ضروراته لتحصيل المنفعة وإن لم يصرح به، فالمعتبر عند العقد هو الكل، أي الأمران معًا، ولو ذُكر البعض بموجب القاعدة الفقهية " التابع تابع "، والقاعدة " ذكر ما لا يتجزأ كذكره كله "، وتخريج المسألة يكون كالتالي أن عقد الإعارة وقع على نوعين من العين، الأولى منفعة المركبة، والمركبة هي عين غير مستهلكة فيكون العقد فيها عقد عارية يلزم ردها مع بقاء منفعتها أي مع صلاح استمرارية منفعتها، والثاني الوقود وهو عين مستهلكة فيكون العقد فيها عقد قرض وجب رد مثله.


3) أذن صاحب السيارة له باستعارة السيارة للسفر إلى مكان عمله، لكنه تابع السفر بعد ذلك إلى أمكنة أخرى، فما تخريج صورة هذه المسألة؟
العقد يُكيّف على أنه عقد إعارة على عين غير مستهلكة، أي عقد عارية على الخصوص، والإذن المعطى له للانتفاع مقيد بالسفر حتى مكان عمله، ولهذا يعتبر سفره إلى غير المكان المأذون له في العقد تصرف غير جائز بملك الغير للقاعدة " لا يجوز لأحد أن يأخذ مال أحد بلا سبب شرعي "، والقاعدة " لا يجوز لأحد ولو كان مأمور أن يتصرف في ملك أحد بغير إذنه "، مما يجعله متعديًا يلزمه الضمان تحدده حكومة عدل، ومثل ذلك لو أذن له بالسفر في طريق معبد فسار بها في طريق وعر، فيكون المستعير قد خالف مقتضى العقد وعليه الضمان فيما يلحق بالسيارة من أضرار تحدده حكومة عدل أو مخمن أضرار.
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,140
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
رد: تقاطع العقود- أمثلة تطبيقية-عقود الإعارة

بارك الله فيكم، ونفع بكم، وزادكم توفيقاً ...
 
إنضم
14 أبريل 2009
المشاركات
97
التخصص
الهندسة
المدينة
هامبورغ
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: تقاطع العقود- أمثلة تطبيقية-عقود الإعارة

حفظكم الله
وبارك في جهودكم دكتور عبد الحميد،
 
إنضم
14 أبريل 2009
المشاركات
97
التخصص
الهندسة
المدينة
هامبورغ
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: تقاطع العقود- أمثلة تطبيقية-عقود الإعارة

متابعة أمثلة تطبيقية..

4) تشترط إدارة المكتبات العامة على من يستعير كتبًا منها أولًا إرجاعها صالحة وذلك لضمان استمرارية منفعتها، وثانيًا التقيد بالمدة الزمنية المحددة وإلا غُرّم المستعير لقاء التأخير، فما حكم ذلك؟
العقد المبرم بين المعير، وهو المكتبة العامة، والمستعير هو أحد قسمي عقود الإعارة، وهو عقد العارية، وذلك لكون العين المستعارة هي عين غير مستهلكة يلزم بموجبه ردها صالحة وفي الوقت المنصوص عليه في العقد، فإن عطبت وذهبت صلاحيتها قبل انتهاء المدة المنصوص عليها في العقد ينظر فإن كان العطب ناجم عن إهمال منه فعليه رد مثلها لكون يده يد أمانة، أي أن يرد مثل الذي أخذ للحديث " على اليد ما أخذت حتى تؤديه "، وإن كان العطب بسبب خارجٍ عن يده، أي بسبب من السماء فليس عليه شيء إلا ما كان بينهما من شرط، فإن اشترط المعير على المستعير البدل مهما كان سبب العطب فعلى المستعير الوفاء، أما إن حدث العطب بعد انتهاء المدة المنصوص عليها في العقد أي تجاوز المدة المأذون له باستعمالها فعليه رد بدلها مهما كان سبب العطب، وهو حينها يعامل معاملة الغاصب، والغاصب يده يد ضمان، أي يضمن رد العين في كل الأحوال، وعليه فوق ذلك الوفاء بشرط دفع الغرامة المعلومة عند التعاقد للحديث " المسلمون عند شروطهم "، رواه البخاري، والشرط جائز ما دام الشرط لا ينتقص من حق التصرف في الملكية، فإن تعذر الحصول على مثل الكتاب المستعار فإنه يصار إلى بدله، كأن يقيّم الكتاب ثم يرد بدله نقودًا للقاعدة " إذا بطل الأصل يصار إلى البدل ".


5) استدنت ذهبًا حليًا وبعته في السوق، فما الذي عليّ إعادته الذهب الذي استدنته أم مبلغ النقود الذي حصلت عليه حين بيعه؟.

الأصل في الذهب إن لم يكن مال نقد، كما كان سابقًا، أنه لا تجوز فيه الاستدانة أو بمعنى أخص لا يجوز فيه الاقتراض، والذي يجوز فيه هو فقط عقد الصرف بشروطه، فإن كان الذهب بالذهب فهو عقد صرف تجب فيه المثلية والتقابض يدًا بيد، وإن كان الذهب بالفضة أو ما سواها من المال النقد فهو عقد صرف يجب فيه التقابض يدًا بيد، وذلك للحديث " الذهب بًالذهب تبرها وعينها والفضة بًالفضة تبرها وعينها والبر بًالبر مدي بمدي والشعير بًالشعير مدي بمدي والتمر بًالتمر مدي بمدي والملح بًالملح مدي بمدي فمن زاد أو ازداد فقد أربى ولا بأس ببيع الذهب بًالفضة والفضة أكثرهما يدا بيد وأما نسيئة فلا ولا بأس ببيع البر بًالشعير والشعير ( بًالبر ) أكثرهما يدا بيد وأما نسيئة فلا "، رواه أبو داود.
والمفهوم من المسألة أن المقترض أراد مالًا فلم يجد فأعطاه حلي ذهب، ثم قام المقترض بتبديل هذه الحليّ لمال نقد. تخريج المسألة يكون بوضعها ضمن إطار عقود بحيث لا يؤاخذ أي طرف من أطراف العقد لا شرعًا ولا قضاء، فمثلًا لو طالب المقرض المقترض بأن يرد القرض ذهبًا فدعواه ساقطة من حيث الشرع وبالتالي من حيث القضاء إذ ليس على المقترض شرعًا ولا قضاءً، للحديث المذكور، رد القرض ذهبًا ولو كان مثلًا بمثل، وعليه يكون تخريج المسألة كالتالي: عقد وكالة بصرف الذهب إلى مال نقد ثم عقد قرض على هذا المال بعد الصرف، وعليه فالقرض هو هذا المبلغ بعد الصرف، وهو الذي على المقترض أن يرده مثلًا بمثل، أي أنه هو الشيء المطالب برده شرعًا وقضاءً والذي تصلح فيه إقامة دعوى في حال أخل المقترض بالسداد، وذلك بغض النظر عما إذا كان هذا المبلغ يساوي يوم السداد نفس كمية الذهب المبدَلة أو أكثر من ذلك أو أقل.
هذا وإن ردَ المقترض فوق المبلغ الذي استقرضه فذلك من عنده وهذا جائز على أساس قوله عليه أفضل الصلاة والسلام" خيار الناس أحسنهم قضاءً ". ولكنه ليس مجبرًا شرعًا أو قضاءً على عمل ذلك.




6) استأذنه في أخذ 100 كرسي حتى انتهاء الزفاف، فقبل إعارته، وعند انتهاءه تبين أن هناك 3 كراسي مفقودة و5 كراسي محطمة، فكيف ينبغي تعويض المعير وما تخريج ذلك؟
العقد المؤسَس هو عقد إعارة، ولما كانت العين المراد استعارتها والانتفاع بها هي عين غير مستهلكة كان العقد بالتحديد عقد عارية، وبالتالي عليه رد العين صالحة وفي موعد أقصاه انتهاء الزفاف، فإن وُجد أنه رد قسمًا منها فعليه رد ما نقص إن كان سبب ضياع أو تحطم عدد من الكراسي حصل بتقصير منه، أما إن كان السبب راجع إلى سبب من السماء، كأن حصل عاصفة فجائية، فليس عليه لزوم الرد إلا إذا اشترط المعير ذلك عند تأسيس العقد فعندها عليه الوفاء بالشرط، أما إن ردها بعد الوقت المحدد في العقد فتصبح يده يد ضمان لكونه يعتبر غاصبًا فعليه بالتالي رد العين في كل الأحوال. ويجدر التنويه هنا إلى أن شرط ضمان المستعير، أي رده العين أو بدلها تحت أي ظرف كان، قد يدخل فيما تعارف عليه الناس، فإن تعارف الناس أن مستعير الكراسي للزفاف ضامن فإنه يكون ضامنًا ولو لم يصرح المعير ذلك بالعقد المؤسس بينهما، وذلك للقاعدة " استعمال الناس حجة يجب العمل بها "، والقاعدة " المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا ".


7) اسـتأذنه بالانتفاع ب- 200كغم من حديد البناء، قضبان 10ملم مجدول يقدر ثمنها ب-1000 درهم، فأذن له لوقت معلوم، فلما جاء وقت الرد كان سعرها بالسوق يقدر ب- 2000 درهم، فهل على المنتفع رد مثلها أم رد 1000 درهم أم 2000 درهم؟.
وقع عقد الإعارة على عين مستهلكة من المثليات، فهو عقد قرض، وعلى المقترض أن يرد الذي استقرضه مثلًا بمثل وسواء بسواء، أي 200كغم حديد بناء من نوع 10 ملم مجدول، في الوقت المتفق عليه في العقد ولو ارتفع سعرها، فإن تعذر عليه إيجاد مثلها، بسبب انقطاعها من السوق على سبيل المثال، فإنه يجوز أن يصار إلى بدلها، للقاعدة " إذا بطل الأصل يصار إلى البدل ". والبدل قد يكون حديدًا من نوع آخر بما يعادل قيمة العين المستهلكة يوم الرد، وذلك لأنها وإن كانت عينًا مستهلكة من المثليات إلا أنها ليست صنفًا من الأصناف الستة، الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح، المذكورة في الحديث " الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبُر بالبُر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاَ بمثل، سواءَ بسواء يداَ بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف ما شئتم يداَ بيد "، حيث فيه النهي عن المبادلة إلا يدًا بيد وسواء بسواء إن كانت من نفس أحد هذه الأصناف الستة، وكذلك النهي عن المبادلة إلا يدًا بيد إن كانت المبادلة بين مختلف هذه الأصناف الستة، وعليه فإنه يجوز في حالة تعذر الحصول على المثل أن يجري عليها البدل كيفما شاء الطرفان لكون العين المعقود عليها القرض ليست من هذه الأصناف الستة. أما إن اشترط صاحب العين عند تأسيس عقد الإعارة أن يكون البدل نقودًا، في حال تعذر وجود المثل في وقت الرد، فيكون حينئذ على المقترض أن يرد بدل العين المستهلكة نقودًا، إلا أنه لا يجوز له أن يسمي ثمنًا عند اشتراطه لأن ذلك يكون بمثابة قطع عقد الإعارة بعقد بيع، الأمر الذي يفضي إلى تداخل عقدين ببعضهما وهو غير جائز للحديث الذي رواه أحمد في مسنده " نهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عنْ صفقتين في صفقة واحدة".


8) استأذن الوكيلَ في استعمال المحراث ليحرث أرضه فأذن له الوكيل، وانكسر المحراث أثناء العمل من غير تعدِ منه فهل عليه إصلاحها قبل ردها أم يجوز للمستأذن أن يردها معطلة؟.
الوكالة هي عقد تفويض غير مضار، بموجبه يفوّض طرف أمره لطرف آخر ليقوم مقامه بتصرف غير مضار في ذلك الأمر، كأن يقوم مقامه بعقد عقود تمليك عوضية، مثل عقود البيع على أنواعها، وعقود تمليك غير عوضية، كعقود المنح على أنواعها، كما يمكن له أن يقوم مقامه بعقد العقود على المنافع العوضية، أي عقد الإجارة، وغير العوضية، أي عقد الإعارة. المفوِّض يسمى الموكِل والذي يقبل التفويض يسمى الوكيل. يد الوكيل في التصرف في مُلك الموكِل تختلف بحسب نوع التصرف، فإن كان في إطار العقود العوضية فيده يد أمانة، وإن كان تصرفه في إطار عقود غير عوضية فيده يد ضمان إلا أن يضيف العقد عند تأسيسه إلى الموكِل فتصبح عندئذ يده يد أمانة. وعليه فإن أضاف الوكيل عقد الإعارة مع المستعير إلى موكله، كأن قال لموكِله طلب مني فلان أن أعيره هذا المحراث فرد عليه الموِكل قد أذنت له، فحينها تكون يد الوكيل يد أمانة حتى تسليم المحراث للمستعير، ويد المستعير من حين تسلمه للمحراث إلى حين رده تكون يد أمانة، إلا أن يكون الموكِل قد اشترط الضمان فعليه رده صالحًا كما تسلمه، وأما إن قطع الوكيل العقد الذي بينه وبين موكِله فأنشأ عقدًا جديدًا مع المستعير، أي أسس عقد العارية من غير أن يضيف العقد إلى موكله ، وهو أمر مخالف لعقد التوكيل الذي بينهما وقد يتسبب بضرر لموكِله، فحينها تكون يد الوكيل يد ضمان، أي يلزمه رد ما استعير إلى موكله صالحًا كما كان من قبل، هذا بالنسبة لما بين الوكيل وموكله، أما بالنسبة لما بين الوكيل والمستعير فإن كان المستعير قد علم بأمر الوكالة، وعلم أنه أخذ الإذن من غير صاحب العين فعندها تكون يده يد ضمان وعليه إصلاح المحراث قبل رده، أما إن لم يكن على علم بأمر الوكالة وظن أن الآذن له هو صاحب العين فيده يد أمانة وليس عليه إصلاحه إلا أن يكون الآذن قد اشترط الضمان عند تأسيس العقد بينهما.

يتبع بعون الله بأمثلة أخرى
 
إنضم
14 أبريل 2009
المشاركات
97
التخصص
الهندسة
المدينة
هامبورغ
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: تقاطع العقود- أمثلة تطبيقية-عقود الإعارة

9) استأذن مرتهنَ المركبة في استعمالها لساعة ينقل بها متاعه، فأذن له، ثم تعطلت المركبة من غير تقصير ولا تعدي، فهل للمستأذن أن يردها معطوبة أم عليه تحمل تكلفة إصلاحها رغم عدم تعديه؟.

بداية لابد من معرفة ما هو واقع الرهن؟، وهل يعتبر الرهن ركن من أركان العقد أم أنه ملحق من ملحقاته؟، وفي أية حال يكون جائزًا؟، ومتى يكون معتبرًا؟ ولمعرفة ذلك نمثل بالمثال التالي: أقرضه 1000 درهم في سفر، ولكي يضمن المقرض عدم جحود المقترض للقرض واسترداده للقرض في موعده دون اللجوء إلى رفع دعوى والانتظار حتى البت فيها اشترط أن يحرز شيئًا من ملك المقترض كرهينة حتى يستوفي من المقترض دينه، أي ماله الذي أقرضه إياه. وعليه فالرهن ( أي الرهينة أو العين المرهونة أو الرهان كلها بمعنى واحد ) ليس بعقد وإنما هو شرط ملحق بالعقد اشترطه المقرض على المقترض لإتمام عقد القرض، ويبدأ العمل به مع قبض المقترض للقرض، أي بعد أن يصبح مال النقد ثابت في ذمة المقترض، ولهذا فالرهن هو: حَرز الضمان مقدمًا في مال نقد ثبت في الذمة.
ويجاز شرط الرهن فقط إذا كان الدين مالًا نقدًا ثبت في الذمة، وهذا ممكن الحصول فقط في نوعين من العقود: الأول عقد القرض إذا كانت العين المقترضة هي مال نقد، والثاني في عقد البيع الآجل، حين تباع عين معجلة بثمن معلوم مؤجل، فيبقى الثمن المؤجل، وهو المال النقد، دينًا ثبت في الذمة، والمشترك في العقدين هو وجوب الضمان، فيد من ثبت في ذمته مال نقد، سواء نجم من عقد بيع آجل أو عقد قرض، يد ضمان، ولهذا جاز اشتراط تقديم الضمان في هذين العقدين دون سواهما من العقود حيث يد الآخذ فيها يد أمانة. والدليل على ذلك ما ورد في آية الدين والآية التي تلتها في سورة البقرة:
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُواْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ( 282) وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ "، (283)، سورة البقرة،.
ففي آية الدين طلب الشارع توثيق الدين مرتين، في المرة الأولى في حالة الدين الناجم عن استقراض مال نقد، وفي الثانية في حالة الدين الناجم عن التبايع غير الحاضر كناية عن البيع الآجل، فإن تعذر التوثيق بالكتابة أو الشهادة، كأن كان الطرفان في سفر أو في ظرف يشبه السفر، مثل عدم معرفة الطرفان أحدهما بالآخر، أجاز الشارع اشتراط الرهن للتوثيق كبديل عن الكتابة والشهادة.
كذلك يستدل على إجازة اشتراط الرهن فيما ثبت في الذمة بما رواه البخاري في صحيحه " أن النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اشتَرَى طعامًا من يهوديٍّ إلى أجلٍ، ورَهَنه درعًا من حديدٍ "، وفي رواية أخرى في مسند أحمد " توفيَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ودرعُهُ مرهونةٌ عند يهوديٍّ بثلاثينَ صاعًا من شعيرٍ أخذَهُ طعامًا لأهلِهِ "، ففي الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشترى بعقد مؤجل طعامًا لأهله فاشترط اليهودي الرهن فرهن الرسول الكريم درعه مقابل الثمن المؤجل.
لكن يلاحظ من النصوص السابقة أن حكم جواز اشتراط الرهن جاء لمعالجة القرض في حالات خاصة وهي حالة السفر أو أوصافه ولذلك فإن الأحكام المتعلقة به يجب أن تبقى أيضًا في ضمن إطار هذه الحالات والأوصاف، ومن الأحكام المتعلقة بذلك:
· أن يكون القرض بالقدر الذي يتجاوز به المسافر محنة السفر، كأن يفي بغرض وصول المقترض إلى بلده.
· أن يكون قيمة الرهان، أي الضمان، الذي يقابله معادلًا لحجم القرض أو ما يقرب من ذلك وهذا القيد يُفهم من قوله تعالى " فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ أي ما يمكن للمقرض حيازته مما يجده مع المقترض في سفره، وهذا القيد يُفهم أيضًا من الحديث السابق، فمقابل ثلاثون صاعًا من الطعام رهن الرسول الكريم عينًا تعادل ذلك في القيمة، ولهذا لا يصح شرط الرهن إذا لم تتناسب قيمة العين المرهونة مع حجم القرض، فاشتراط رهن عين بقيمة 5000 درهم مثلًا في قرض من 1000 درهم يفسد الشرط، كما أنه بهذا الفارق الكبير بين قيمة العين المرهونة والقرض لا يعطي تلقائيًا الحق للمقرض التصرف بالعين المرهونة لاستيفاء دينه ولو بعد فوات الموعد، بل عليه انتظار البت في دعوى يرفعها الراهن ( آخذ القرض ) على المرتهن ( معطي القرض ومشترط الرهن ) لبيع العين المرهونة على الأقل بسعر المثل، وهو أمر يتعارض أصلًا مع ما كان المقرض نفسه يتحاش الوقوع فيه وهو الانتظار وعدم حصوله على ماله في موعده.
· أن تكون مدة الرهن كمثل مدة السفر عادة، أي أيامًا أو أسابيع معدودة، وأن لا تتجاوز ذلك لصريح الخطاب في الآية " وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ ".
أما فيما يتعلق بحق التصرف بالرهن فليس للمرتهن حق التصرف بالرهن حتى موعد سداد القرض، ويده حتى ذلك الموعد يد أمانة، أي يضمن فقط بالتعدي أو التقصير، فإذا نفقت أو تلفت العين المرهونة بيده فقد ذهب حقه في القرض إن كان الرهن والقرض متعادلين في القيمة فإن اختلفا في القيمة فيترادان، أما إذا انقضت مدة القرض ولم يرد المقترض القرض فإن الرهن يصبح من ملكية المقرض وله حق التصرف في الرهن بيعًا أو إعارة أو هبة وغير ذلك إن كانت قيمته بمثل حجم القرض، فإن زادت فيشهد على البيع بالمثل ويرد للمقترض الفضل. وعلى هذا لا يجوز للمرتهن أن يؤسس عقود إعارة على الرهن قبل حلول الأجل، فإن فعل فقد تعدى واستحق التعزير وتصبح يده يد ضمان فيضمن إذا تلفت العين المرهونة، وكذلك لا يصح للمرتهن أن يؤسس عقود إعارة على الرهن ولو بعد حلول الأجل إذا كانت قيمة الرهن تزيد عن حجم القرض، فإذا فعل فإنه يصبح متعديًا مستحقًا للتعزير، وإذا تلفت العين المرهونة يسقط حقه في القرض بمقدار حجم القرض وما زاد يصبح دينًا في ذمته عليه أداؤه للراهن أي للمقترض. وفي حالة كان المستأذن على علم بشأن الرهان وأن العين هي عين مرهونة فإنه يكون بذلك قد تعدى ويستحق بسبب ذلك التعزير وإذا تلفت العين بيده فيحاسب قضاءً هو والآذن له حساب الغاصب، أما إن لم يكن له علم بالرهان وظن أن الآذن له هو صاحب العين فيده يد أمانة لا يضمن إلا بتعدي أو تقصير.



10) لحفر بئر في البلدة استأذن الحاكم صاحب ماكنات الحفر لاستعمالها في حفر تلك البئر، فأذن له بثلاث ماكنات ولم يشترط، انتهى عمل الحفر وكانت قد تعطلت إحدى الماكنات من غير تقصير أو تعدٍ، فهل على الحاكم إصلاحها قبل ردها أم يجزئه ردها معطوبة لكونه لم يتعد؟.

يتضح أن العقد المراد تأسيسه هو عقد على منافع الأعيان بغير عوض، أي عقد الإعارة، والعين المعقود عليها هي ماكنة الحفر وما يلزم لعملها من وقود وزيت، فأما الوقود والزيت فهي عين مستهلكة من المثليات، ينطبق عليها عقد القرض، وأما الماكنات فهي عين غير مستهلكة، ينطبق عليها عقد العارية.
تختلف هذه المسألة عن سابقاتها بكون طالب الإذن بالاستعارة هنا هو الحاكم، وهذا الأمر له أثره المميز في العقد من حيث الضمان، ففي حين أن يد المستعير في عقود الإعارة المبرمة بين الأفراد وبعضهم البعض يد أمانة ولا يضمن المستعير إلا إذا تعدى أو اشترط المعير ذلك في العقد، فإن يد المستعير في حال كان هو الحاكم يد ضمان دائمًا من غير لزوم اشتراط ذلك عند تأسيس العقد، فيد الحاكم كلها ضمان، وذلك لما أورده ابن كثير وغيره
" أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ استعارَ منه أَدْرُعًا فقالَ: أَغصبًا يا مُحَمَّدُ ؟ قالَ: بلْ عاريةٌ مضمونةٌ، قالَ: فضاعَ بعضَهَا فعرضَ عليهِ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنْ يضمنَهَا لَهُ فقالَ: أنَا اليومَ يا رسولَ اللهِ في الإسلامِ أرغبُ ". فقد ورد في الحديث نوعان من العقود، عقد بناء وعقد إبراء، عقد البناء هو عقد الإعارة، وقد أبرم بين الحاكم وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم مع فرد من الأفراد، وفيه يلتزم الحاكم بضمان العين المستعارة، وقوله " بل عارية مضمونة " هو وصف ثابت ليس فيه ما يدل على أنه واقعة حال، فإن استعار شيئًا آخر من فرد آخر فإن وجوب ضمانه يبقى ثابت.
وعلى ذلك وجب على الحاكم رد المثل بالمثل، فيرد مثل الوقود والزيت، وكذلك إصلاح ما عطب منها وردها جميعًا صالحة بحيث يمكن لصاحبها من الاستمرار في الانتفاع بها، فإن كان العطب لا يمكن إصلاحه فعليه ببدلها ولو بأحسن منها أو رد قيمتها نقودًا. هذا إذا لم يعفو صاحب العين عن الضمان، فإن عفى وقبل الحاكم، كما في الحديث " فعرضَ عليهِ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنْ يضمنَهَا لَهُ فقالَ: أنَا اليومَ يا رسولَ اللهِ في الإسلامِ أرغبُ "، فقد تم عقد الإبراء وأسقط الضمان.

يتبع بعون الله تعالى
 
إنضم
14 أبريل 2009
المشاركات
97
التخصص
الهندسة
المدينة
هامبورغ
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: تقاطع العقود- أمثلة تطبيقية-عقود الإعارة

11) طلب الإذن من كافل اليتيم أن يعيره مولد الكهرباء لنهاية اليوم، فأذن له ولم يشترط، وخلال هذا اليوم تعطل المولد من غير تعدٍ، فهل على المستعير إصلاحه قبل رده أم يجزئه قضاءً رده دون إلزامه بإصلاحه لكونه غير متعدٍ؟.

كفالة اليتيم هو عقد تفويض غير مضار بين الحاكم وكافل اليتيم، بموجبه قبِل كافل اليتيم تفويض الحاكم له بولاية اليتيم في ماله ومعيشته حتى يبلغ، واليتيم هو الذي فقد أباه قبل بلوغه حتى يبلغ، والحاكم بكونه مسؤول عن الرعية للحديث " الإمام راع وهو مسؤول عن رعيته "، رواه البخاري في صحيحه، وبكونه هو الوالي الأصيل لمن فقد وليّه لقوله صلى الله عليه وسلم " لا نِكاحَ إلا بِوَلِيٍّ والسلطانُ وَلِيُّ مَن لا وَلِيَّ لهُ "، رواه أحمد في مسنده، فإنه يقوم بتفويض هذه المهمة لمن يقرر القاضي أنه أهل لها، والأَولى بالتفويض لولاية اليتيم هو الأقرب من العصبة وهو أحد إخوته البالغين فإن لم يكن أو كانوا غير أهل للمهمة فجده الصحيح فإن لم يكن أو كان غير أهل للمهمة فأحد أعمامه فإن لم يكن أو كانوا غير أهل فللقاضي أن يولي من يرى فيهم الأهلية من غيرهم، وكذا إن كان اليتيم كلًّا فإن الأمر يعود للقاضي يولي من يراه أهلًا لهذه المهمة وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه " من ترَكَ مالًا فلورثتِهِ ومن ترَكَ كَلًّا فإلينا ".
ومما تجدر الإشارة إليه أن الفقر أو الغنى ليس له أي اعتبار في عملية تقرير أهلية الولي، فقد يصبح الولي المؤهل كافلًا لليتيم وهو لربما أفقر من اليتيم نفسه، وإنما العبرة عند الاختيار بقدرته على حسن الرعاية والوفاء بحق العقد، ومن حق العقد ألا يضم ماله إلى مال اليتيم فيجعل الربح في ماله والوضيعة في مال أخيه، وألا يساوي في الضرر أو في المخاطرة في المالين، فقد يقبل من الجهالة أو الغرر في ماله ما لا يجوز له أن يقبله في مال اليتيم، فإن فعل فهو ضامن، فلو اشترى من مال اليتيم ثوبًا ثم علم بعد ذلك أن ما دفعه كان فوق سعر المثل، فعليه الفرق بين السعرين، ولو عقد صفقة من مال اليتيم فيها جهالة فهو ضامن، حتى لو كان ليرضى بمثل هذه الجهالة لو كان المال ماله. هذه التصرفات قد لا تحسب في الظروف العادية على أنها تقصير إلا أنها في مثل ظرف كفالة اليتيم تعتبر تعدٍ توجب الضمان، أي دينًا في ذمته يجب عليه قضاؤه لقوله تعالى " وآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا " سورة النساء، 2، فالآية الكريمة تتحدث عن إدارة مال اليتيم وتضع خطوطًا لا ينبغي على من يتولى إدارة ماله أن يتجاوزها، فتمنعه الآية مثلًا من ضم مال اليتيم إلى ماله، ليصبح مالًا واحدًا جاعلًا بذلك مقدار القبول بالمخاطرة أو الجهالة عند عقد العقود متساوٍ في المالين، ولكون كافل اليتيم، بتفويض من الحاكم، هو المسؤول عن إدارة مال اليتيم فإن خطاب الشارع في الآية الكريمة موجه إليه، والحاكم بصفته نائب عن تنفيذ أحكام الشرع فإنه هو المكلف بمحاسبة كافل اليتيم عن حسن أداءه ووفاءه بالعقد. أما إن أساء العمل بالعقد فإنه يضمّن بمقدار ما تعدى أو قصر في أداءه، ويبقى الضمان دينًا عليه، وهو الحوب، حتى يرده عينًا أو قيمةً. حوبًا كبيرا أي دينًا ثقيلا، فإن كبر الدين وثقل حمله فعلى القاضي إسقاط أهلية كافل اليتيم وإعطاءها لغيره، ولا يسقط الدين.
وكافل اليتيم يده يد أمانة في العقود العوضية إذا تمت من غير تقصير منه، فإن ثبت تقصيره، كأن لم يتحرى عن سعر المثل عند التبايع، ثم تبين لاحقًا أنه باع بأقل من سعر المثل أو اشترى بأكثر من سعر المثل فهو ضامن للفرق بين السعرين، أو مثلًا إذا لم يتفحص البضاعة ثم تبين له فسادها فعليه تكلفة إصلاح الأمر بردها أو استبدالها.
أما في العقود على المنافع بغير عوض، أي في عقود الإعارة، فيده يد ضمان ذلك لأن الحاكم ضامن في أموال اليتيم لكونه هو الوالي الأصيل عليه، وكافل اليتيم إنما هو مفوّض من قبل الحاكم ليقوم مقامه في مباشرة مهمة الولاية، فكان بالتالي هو أيضًا ضامن في أموال اليتيم أمام الحاكم، وفي حال أخفق الكافل في المهمة عزله الحاكم بالقضاء، وألزمه ما عليه من الضمان.
أما بالنسبة لعقد الإعارة الذي بين الكافل والمستعير فإنه لا يلزم كافل اليتيم إضافة العقد إلى مفوّضه، أي الحاكم، وبالتالي ليس عليه إعلام المستعير لمن تتبع ملكية العين المستعارة، ويكفي أن يعلم المستعير بأمر الكفالة لتصبح يده يد ضمان، من غير اشتراط مسبق، وعليه إصلاح المولد الكهربائي قبل رده، أما إن كان لا يعلم بأمر الكفالة وظن أن الآذن له هو صاحب العين فتبقى يده يد أمانة وليس عليه إصلاحه إلا أن يكون الآذن قد اشترط الضمان عند تأسيس العقد بينهما.

لا شك أن القيام بعقد كفالة اليتيم بحقه أمر شاق وصعب، وليس كل الناس أهل له وفي ذلك قال عليه الصلاة والسلام لأبي ذر " يا أبا ذر ! إني أراكَ ضعيف، وإنّي أحبّ لكَ ما أحِبّ لنفسي، لا تأمرَنّ على اثنينِ، ولا تَولينّ مالَ يتيمٍ "، رواه مسلم، والمشقة تكبر إذا كان اليتيم صاحب مال، أو كان المال مشترك بين اليتيم وكافله، خاصة عندما يكون الكافل هو أخوه البالغ، ومع ذلك فقد رغب الشرع في الكفالة كثيرًا وحث من يرى في نفسه الأهلية أن لا يتوانى عن القيام بهذه المهمة، فقال صلى الله عليه وسلم " " أنا وَكافلُ اليتيمِ في الجنَّةِ هَكَذا. وأشارَ بالسَّبَّابةِ والوُسطى، وفرَّجَ بينَهما شيئًا "، رواه البخاري.
وكما نرى فإن كفالة اليتيم هي ولاية بالتفويض من الحاكم يكون فيها الكافل مسؤول أمام الحاكم، ولهذا فإن منح بعض المال لليتيم، بصورة دائمة أو منقطعة، سواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر، لا يعتبر شرعًا أو قضاءً على أنه كفالة يتيم، إنما هو في الحقيقة صدقة، أسأل الله تعالى أن يضاعفها لصاحبها أضعافًا كثيرة.


12) استعار الحاكم من رجل عشرة من الخيل، وخلال مدة الاستعارة فقد أحد الأحصنة إحدى عينيه، فماذا على الحاكم رده؟
ملاحظ أن العقد المؤسَس بين الحاكم وأحد الأفراد هو عقد الإعارة، كما ويلاحظ أيضًا أن المستعير وهو الحاكم لم يبين للمعير في العقد مدة الاستعارة ولا نوع المهمة التي من أجلها قام بالاستعارة، وذلك بسبب أنه ضامن بكل الأحوال، فلا يلزمه الإفصاح بذلك للمعير، ولو تم العقد بين الأفراد وبعضهم البعض لكان الإفصاح عن المدة ونوع المهمة ضروري وذلك لمنع حدوث التقصير أو التعدي، أي لمعرفة الحد الذي تنتقل به يد المستعير من يد أمانة إلى يد ضمان، ولما كانت يد الحاكم كلها ضمان فإن الداع للإفصاح يسقط.
ولهذا فعلى الحاكم استبدال المصاب بمثله أو أحسن منه ورد الخيول العشرة كلها سالمة أو قيمتها طبقًا لما رواه مسلم في صحيحه " أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ استسلفَ من رجلٍ بِكرًا . فقدَمِتْ عليهِ إبلٌ من إبلِ الصدقةِ . فأمر أبا رافعٍ أن يَقضي الرجلُ بكرهٍ . فرجع إليهِ أبو رافعٍ فقال: لم أجد فيها إلا خيارًا رباعيًّا . فقال ( أعطِه إياهُ. إنَّ خيارَ الناسِ أحسنُهم قضاءً ) .
حيث يوضح الحديث:
أ‌) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبرم عقد العارية مع أحد الأفراد.
ب‌) أن رسول الله أبرم العقد بصفته حاكم، لكون العين المعارة ردت من أموال الصدقة، والحاكم هو فقط الذي له حق التصرف بمال الصدقة.
ت‌) أن العين مضمونة، إذ لما لم يجد مثل العين التي استسلفت ( اقترضت ) ليردها، رد أحسن منها وهو تمام الضمان.


13) طلب المؤتمَن الإذن من المؤتمِن بإعارة آلة التصوير المحفوظة عنده أمانة، فأذن له المؤتمِن، ثم تعطلت الآلة بيد المستعير من غير تعدٍ منه، فهل يردها معطوبة أم صالحة كيوم استعارتها رغم أن العطب حصل من غير تعد منه؟
العقد المبرم بين المستعير والمعير، وهو المؤتمَن سابقًا، هو عقد العارية لكونه وقع على منفعة عين غير مستهلكة بغير عوض، ومقتضى هذا العقد أن تكون يد المستعير يد أمانة، فيلزمه لذلك التقيد بشروط العقد وقت انتفاعه بالعين المعارة، وذلك للحفاظ على العين وردها صالحة، فإن فعل ورغم ذلك عطبت العين فليس عليه إصلاحها، إلا أن يكون المعير قد اشترط الضمان، أي اشترط أن تكون يد المستعير يد ضمان بدل يد أمانة ليضمن بذلك ردها صالحة في كل الأحوال، فيكون على المستعير عندئذ التقيد بالشرط وإصلاح العطب وردها صالحة.
مما يجدر ذكره هو أن العلاقة بين المؤتمِن والمؤتمَن بمجرد إذن المؤتمِن للمؤتمَن بإخراج العين المحفوظة كأمانة من الحرز والقبول بعقد العقود عليها كإعارتها مثلًا، تكون قد تمت وانتهت، وأن العين بالتالي لا تحمل وصف الأمانة، فطلب الإذن يعتبر تقوى من المؤتمَن وإذن المؤتمِن للمؤتمَن بإخراج الأمانة من الحرز يعتبر بمثابة أداء لقوله تعالى ( فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّه )، البقرة 283، وتصبح يده على العين يد أمانة بعد أن كانت يد أمين، وعليه فإن تعطلت العين وكان لا سبيل إلى رد نفس العين، فإنه يصلح رد بدل منها أو قيمتها للقاعدة " " إذا بطل الأصل يصار إلى البدل ".


مواصفات عقد الإعارة يمكن إيجازها بما يلي:
· أنه يقع بين طرفين: الطرف الأول فيه هو المالك للعين والطرف الثاني هو طالب الإذن بالانتفاع بالعين.
· الطرف الأول قد يكون من الأفراد والطرف الثاني قد يكون من الأفراد أو الحاكم.
· أن المعقود عليه أو محل العقد قد يكون عينًا غير مستهلكة، فيسمى العقد عندئذ عقد عارية، أو يكون عينًا مستهلكة، فيسمى عندئذ عقد قرض.
· يبدأ عقد العارية بالإذن للطالب بالانتفاع بالعين وينتهي بردها مع صلاحية استمرار الانتفاع بها أو الإبراء، ويبدأ عقد القرض بقبض العين وينتهي برد بدلها مثلًا بمثل، في المثليات، وسواء بسواء، في القيميات أو الإبراء.
· من مقتضى عقد الإعارة ألا يشترط المالك منفعته، وفي عقد القرض تحديدًا لا يجوز له كذلك اشتراط أي شرط آخر إلا شرط توقيت السداد، أما في عقد العارية فيجوز له اشتراط تحديد المنفعة بالعين بتحديد المدة ونوع المنفعة، كما يجوز له اشتراط الضمان بكل حال.
· من مقتضى عقد الإعارة رد العين لمالكها كيوم أخذها، فإن كانت العين ينتفع بها من غير استهلاكها فترد مع صلاحية استمرار الانتفاع بها، وإن كانت منفعة العين لا تتم إلا باستهلاكها فيرد بدلها مثلًا بمثل، في المثليات، وسواء بسواء، في القيميات.
· ضمن الشرع حفظ ملكية الفرد للحديث: " كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه "، وللحديث " على اليد ما أخذت حتى تؤديه "، وجعل الشرع عملية انتقال ملكية العين من فرد لآخر لا تكون إلا من خلال العقود، فكانت العقود هي السبب الشرعي الوحيد لانتقال الملكية من فرد إلى آخر. في عقود المنافع بغير عوض، عقد الإعارة، لا تنتقل الملكية من فرد لآخر، وإنما الذي ينتقل هو منفعة العين، حيث تنتقل المنفعة لوقت معلوم من يد المالك إلى يد المأذون له، ولكي يحفظ الشارع للمالك العين وهي تحت يد المنتفع شرع بحسب محل العقد صنفين من الأيدي، يد أمانة ويد ضمان، فإن كان محل العقد عينًا غير مستهلكة قضى الشارع أن تكون يد المستعير يد أمانة من غير لزوم إضافة ذلك للعقد، ولهذا يقال أن من مقتضى عقد العارية رد العين لمالكها صالحة كيوم أخذها، والضمان ليس من مقتضى هذا العقد فإذا أراد المعير ذلك فعليه أن يضيفه كشرط إلى العقد، أما إن كان محل العقد عينًا مستهلكة فإن الشارع قضى أن تكون يد المستقرض يد ضمان من غير لزوم إضافة ذلك للعقد، ولهذا قيل أن من مقتضى عقد القرض رد بدل العين المستهلكة مثلًا بمثل، في المثليات، وسواء بسواء، في القيميات.
· اختلاف الأيدي في العقود له تبعات قضائية، فيجوز رفع دعوى على التقصير أو التعدي على من كانت يده يد أمانة حينها يلزم المدعي أن يأتي بالبينة فإن لم يجد فعلى من كانت يده يد أمانة اليمين فإن نكل قُضي للمدعي للقاعدة " البينة على من ادعى واليمين على من أنكر "، أما دعاوى التقصير أو التعدي فلا تقام على من يده يد ضمان، وذلك لكونه ضامن في كل حال سواء هلكت العين المقترضة بتقصير منه أو بسبب من السماء، ولكن يمكن رفع دعاوي في حالة الجحود أو النكران، عندها على المدعي البينة فإن لم يجد فعلى من يده يد ضمان اليمين فإن نكل ثبت الحق للمدعي وذلك للقاعدة المذكورة.
· تختلف يد الأمين في معاملة الأمانة عمن كانت يده يد أمانة في العقود، ويظهر الاختلاف جليًا عند البت في دعاوي التعدي أو التقصير، فمن كانت يده يد أمانة عليه اليمين إذا عجز المدعي عن الإتيان بالبينة، أما من كانت يده يد أمين فليس عليه اليمين إذا لم يأت المدعي بالبينة، والقول قوله، أي قول من يده يد أمين، والحق له، ولا يُخون وقد اؤتمِن.

تم العمل بحمد الله، أسأل الله تعالى السداد والتوفيق
 
أعلى