العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

سلسلة مباحث في الإجماع والشذوذ: (1)...هل ينعقد الإجماع بقول الأكثر؟

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
هذا مبحث لطيف أقدمه على رأس سلسلة من المباحث المتعلقة بالإجماع والشذوذ:
تحرير الإجماع عند الشافعي.
تحرير الإجماع عند ابن عبد البر.
تحرير الإجماع عند ابن حزم.
تحرير الإجماع عند ابن تيمية.
تحرير الإجماع عند ابن رجب.
===============================
هل ينعقد الإجماع بقول الأكثر؟

كثير من مواد هذا البحث مستفاد من كتاب الشيخ سعد الشثري "قوادح الاستدلال بالإجماع" وطعمته بما ذكره بدر الدين الزركشي في كتابه البحر المحيط، وأفدت أيضا من كتاب الدكتور عدنان السرميني"حجية الإجماع"، ومن كتاب "الإجماع" للشيخ يعقوب الباحسين
والبحث في صورته الحالية لا يزال مسودة ، ولن يكتمل إلا بتكامل الأبحاث التي سبق سردها، يسر الله ذلك وأعان بحوله وقوته.
وأرحب بالإضافة والإفادة والتعقب والاستدراك.

===============================



هل ينعقد الإجماع بقول الأكثر؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال نمهِّد بأن هناك قولين لأهل العلم في حجية قول الأكثر:
القول الأول: ليس بحجة [وهو قول الجمهور]
القول الثاني: حجة [وهو قول جماعة من أهل العلم]

أصحاب القول الثاني، وهم القائلون بحجيته على مسلكين اثنين:
المسلك الأول: أنه حجة وبه ينعقد الإجماع.
المسلك الثاني: أنه حجة وإن لم يكن إجماعاً.

وأصحاب القول الثاني القائلين بحجيته سواء اعتبروه إجماعا أم لم يعتبروه اختلفوا في حد القلة التي لا تمنع الحجية:
1- فحده بعضهم بمخالفة الواحد والاثنين.
2- وحده بعضهم بأن يكون عدد الأقل لا يبلغ حد التواتر.
3- وحده بعضهم بالنظر إلى مذهب المخالف هل سوغت الجماعة الاعتداد بخلافه، فإن سوغت اعتد بخلافه وإلا فلا.
4- وحده بعضهم بالنظر إلى مخالفة النص، فلا يعتد بمخالفة من خالف النص.

هذه خطوط المسألة بإيجاز، والآن نعرض المسألة بالأقوال والأدلة:

الأقوال:
اختلف أهل العلم في حجية قول الأكثر إلى قولين رئيسين:
القول الأول:
أنه ليس بحجة ولا إجماع وإليه ذهب جماهير العلماء.([1])
القول الثاني:
أنه حجة، وافترق هؤلاءعلى مسلكين اثنين:

المسلك الأول: أنه حجة وبه ينعقد الإجماع. [أومأ إليه أحمد واختاره بعض أصحابه، وذهب إليه ابن جرير وابن خويز منداد من المالكية وأبي بكر الرازي [370هـ.] وإليه يميل كلام الشيخ أبي محمد الجويني، وقال به بعض المعتزلة: أبو الحسين الخياط [ت. حوالي 300هـ]، والقاضي عبد الوهاب، وابن الأخشاد من أصحاب الجبائي([2])]

المسلك الثاني: أنه حجة وإن لم يكن إجماعاً. [بعض الأصوليين من المالكية والشافعية والحنابلة.]


الأدلة:
أدلة القول الأول، وهو أنه ليس بإجماع ولا حجة:

1- أن الأدلة إنما تفيد حجية الإجماع لا الأكثر، والعصمة إنما تثبت للأمة بأجمعها.


2- اتفاق الصحابة على تسويغ مخالفة الواحد والاثنين وما وجد من إنكار فإنما هو في المأخذ لا في مخالفة الإجماع، كمخالفة ابن عباس وابن مسعود (ت 33هـ) في مسائل عديدة، كما وقعت المخالفة من زيد بن أرقم (ت68) في مسألة العينة، ومن أبي موسى الأشعري (ت44هـ) في أن النوم لا ينقض الوضوء، وخلاف أبي طلحة في أكل البرد وهو صائم، وخلاف حذيفة في وقت السحور.


3- أن أبا بكر خالف الصحابة في قتال الردة، ثم تبين أن الحق معه.
وأجيب: بأن هذا ليس في محال الخلاف فإن المجتهد ما دام في مهلة النظر لا يكون قول غيره حجة عليه.([4])

3- أن الحق قد يكون مع القليل كما دلت عليه النصوص، وكما أصاب عمر في أسرى بدر.

4- أن قول الأكثر لم يثبت في حجيته دليل من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس أو دليل من الأدلة المعتبرة.

5- أن المخالف اعتبر خلاف الثلاثة، والثلاثة إذا نسبوا إلى ثلاثة آلاف كالواحد إذا نسب إلى الألف.

أدلة أصحاب المسلك الأول من القول الثاني:
أدلة من قال بانعقاد الإجماع بقول الأكثر، وعدم الاعتداد بمخالفة الواحد والاثنين:

1)أن هذه المخالفة يعترضها أمور:
1- قد لا تثبت نسبتها إلى المخالف.
2- قد لا يكون قول المخالف معتبرا في الإجماع.
3- قد يكون قول المخالف نازلاً على مسألة أخرى.
4- قد يكون ما ورد عن المخالف له تأويل سائغ.
5- قد يكون الإجماع منعقداً قبل خلاف المخالف.

2) أن لفظ المؤمنين والأمة يطلق على الأكثر مع خروج الواحد والاثنين منهم كما يقال بقرة سوداء وإن كان فيها شعرات بيضاء.
وأجيب:
بأن هذا مجاز، والأصل استعمال الحقيقة.

3) حديث "عليكم بالسواد الأعظم"، وحديث "عليكم بالجماعة".

4) حديث "من شذ شذ في النار"، فالواحد شاذ في النار فقوله خطأ، وقد ارتكب النهي فلا اعتبار بمخالفته.
وأجيب:
أ‌- بأن الشذوذ المنهي عنه هو الشاق لعصا المسلمين، لا في أحكام الاجتهاد.
ب‌- كما أنه لا يلزم من كون قول الواحد شاذا أن يكون قول غيره إجماعاً.
ت‌- ثم إن المقصود بالشذوذ هو بعد انعقاد الإجماع لا قبله.
واعتبر الأستاذ أبو إسحاق:
أن ابن جرير بهذا القول قد شذ عن الجماعة في هذه المسألة فينبغي أن لا يعتبر خلافه، ويكون مخالفا للإجماع بعين ما ذكر. ([5])

5) أن خلافة أبي بكر انعقدت بقول الأكثر إذ خالف علي وسعد بن عبادة فلم يعتد الصحابة بخلافهم.
وأجيب:
بأن البيعة يكفي فيها بيعة الأكثر بخلاف الإجماع، وأن عليا لم يبايع لأنه لم يحضر فلما حضر بايع، وسعد لم يبايع لأنه ظن أن الأمر له فلما روي له حديث "الأئمة من قريش" سلم الأمر لهم، أو أن مخالفته لم تكن عن اجتهاد فلم يعتد بها.

6) أن أهل العصر لو نقلوا كلهم خبرا إلا واحدا لحصل العلم بخبرهم فكذا الإجماع لأن قول المجتهدين إخبار عن الشرع.
وأجيب:
أ‌- بأن الجمع الكثير يتنزهون عن الكذب دون الخطأ.
ب‌- وأن الأخبار تقف على غلبة الظن والظن يقوى بالكثرة، والإجماع إنما يقع عن العصمة.

7) أنه لو اعتبرت مخالفة الواحد والاثنين لما انعقد إجماع أصلا لأنه ما من إجماع إلا ويمكن فيه مخالفة الواحد والاثنين سرا أو علانية.
يقول أبو محمد الجويني في كتابه المحيط:
"والشرط أن يجمع جمهور تلك الصنعة ووجوههم ومعظمهم ولسنا نشترط قول جميعهم، وكيف نشترط ذلك وربما يكون في أقطار الأرض من المجتهدين من لم يسمع به فإن السلف الصالح كانوا يعلمون ويستسرون بالعلم، فربما كان الرجل أخذ الفقه الكثير ولا يعلم ذلك جاره. ([6])


وقد استدل أصحاب المسلك الثاني من القول الثاني القائلين بحجية قول الأكثر دون اعتباره إجماعا:
بأن الظاهر يدل على وجود راجح أو قاطع لأنه لو قدر كون ما يتمسك به المخالف النادر راجحا، والكثيرون لم يطلعوا عليه أو اطلعوا عليه أو خالفوه غلطا أو عمدا لكان في غاية البعد.([7])

سبق أن القائلين بحجية قول الأكثر اختلفوا في حد القول غير المعتبر:

وكان مما ذكر من هذه الحدود:
هو النظر إلى قول المخالف فإن سوغت الجماعة الاجتهاد في مذهبه كان خلافه معتدا، ولم إن تسوغ مذهبه لم يكن خلافه معتداً.
وبهذا النظر فرَّق أبو عبد الله الجرجاني (ت258هـ)
وضربوا مثالاً على الخلاف المعتد به لتسويغ الجماعة له:
وهو خلاف ابن عباس في مسألة العول.
كما ضربوا مثالاً على الخلاف غير المعتد به لعدم تسويغ الجماعة:
وهو خلاف ابن عباس في المتعة وربا الفضل فلا اعتداد بخلافه.([8])

ومن الحدود كذلك:
أن خلاف الواحد إن كان يدفعه نص لم يعتد بخلافه:
كخلاف ابن مسعود للصحابة في الفاتحة والمعوذتين، ولم يجعلها من القرآن فلم يعتدوا بخلافه لوجود النص.

وإن كان لا يدفع قول مخالفه نص كان خلافه مانعا من انعقاد الإجماع سواء كان من أكابر العصر أو من أصاغرهم سنا:
كخلاف ابن عباس لجميع الصحابة في العول فصار خلافه خلافا.

وجزم بهذا التفصيل: الروياني في البحر في كتاب القضاء.([9])

الأمثلة التطبيقية:
1) توريث المطلقة في مرض الموت
2) وصية الصبي.
3) ضمان ما أتلفه أهل البغي.
4) انفساخ النكاح بالعيب في المرأة.
5) نكاح المتعة.
6) بيع أمهات الأولاد.
7) نكاح المجوسية الحرة.

المثال الأول:
إذا طلق الرجل زوجته حين مرضه ثلاثا ثم توفي عنها فإنها ترثه
ويدل على ذلك:
الإجماع فإن عثمان ورث تماضر بنت الأصبغ الكلبية من عبد الرحمن بن عوف وكان قد طلقها أثناء مرضه تطليقة لم يكن له بقي عليه من الطلاق غيرها، وكان عبد الرحمن يوم طلقها مريضاً، فورثها عثمان منه بعد انقضاء العدة.
وانتشر ذلك فلم يكن إجماعاً.
ويقول المعترض:
لا أسلم الإجماع فقد خالف ابن الزبير فقال: أما أنا فلا أرى أن ترث المبتوتة. ([10])
======================================
المثال الثاني: وصية الصبي:
الصبي إذا جاوز عشر سنين فوصيته جائزة إذا وافق الحق، فقد أجاز عمر وصية غلام من غسان لم يحتلم عمره عشر سنوات فانتشرت القصة فلم تنكر
ونوزع:
بخلاف ابن عباس فإنه قال: لا يجوز عتق الصبي ولا وصيته ولا بيعه ولا شراؤه ولا طلاقه
وأجيب:
بأن هذا فيه الحجاج بن أرطأة وهو مدلس كثير الخطأ فلا يلتفت إليه.
======================================
المثال الثالث: ضمان ما أتلفه أهل البغي:
استدل من قال بأنه ليس على أهل البغي ولا على أهل العدل ضمان ما أتلفوه حال الحرب من نفس ولا مال يدل عليه الإجماع قال الزهري: كانت الحرب العظمى بين الناس وفيهم البدريون فأجمعوا على أن لا يقام حد على رجل ارتكب فرجا حراما بتأويل القرآن ولا يغرم مالا أتلفه بتأويل القرآن.

ونوزع:
بمخالفة أبي بكر فإنه قال لأهل الردة: تدون قتلانا ولا ندي قتلاكم.
وأجيب:
بأن قول أبي بكر في مسألة أخرى وهي الردة، ونحن في قتال أهل البغي، والمرتدون كفار لا تأويل لهم، والبغاة طائفة من المسلمين لهم تأويل سائغ.
======================================
المثال الرابع: انفساخ النكاح بالعيب في المرأة:
استدل بعضهم على أن خيار الفسخ يثبت لكل واحد من الزوجين لعيب يجده في صاحبه في الجملة بذلك قال عمر بن الخطاب وابنه وابن عباس وانتشر فلم ينكر فكان إجماعاً.
ونوزع:
بخلاف ابن مسعود فإنه قال: لا ترد الحرة من عيب.
وأجيب:
بأن المراد بقول ابن مسعود أن الحرة لا ترد بالعيوب التي يرد بها الرقيق، ولا تجري في ذلك مجرى الرقيق الذي يرد بسائر العيوب، فالإجماع قائم على حاله، فهذا جواب بتأويل قول المخالف.
======================================
المثال الخامس: نكاح المتعة:
استدل على تحريم نكاح المتعة بإجماع الصحابة.
ونوزع:
بخلاف ابن عباس.
وأجيب:
برجوع ابن عباس إلى القول بالتحريم.
======================================
المثال السادس: بيع أمهات الأولاد:
استدل على عدم جواز بيع أمهات الأولاد بإجماع الصحابة وقد عمل به عمر وعثمان.
ونوزع:
بمخالفة علي رضي الله عنه .
وأجيب:
بأن المخالفة إنما كانت بعد الإجماع فلا اعتبار بها، والمخالفة للإجماع لا تضر لأن الإجماع مظنون وهو حجة ، فيجوز أن تقع المخالفة للإجماع كما يجوز أن تقع مخالفة النصوص.
======================================
المثال السابع: نكاح المجوسية الحرة:
استدل على تحريم نكاحها بالإجماع
ونوزع:
بخلاف أبو ثور.
وأجيب:
بأن خلاف الواحد لا يضر.
======================================

الترجيح:
يقول الشيخ يعقوب الباحسين:
وعند النظر في هذه الأقوال لا نجد فيها أمرا قاطعا، والتمسك بظواهر الألفاظ المفيدة للاستغراق لا يرفعها إلى درجة القطعية إذا هي تحتمل ذلك مع احتمال التخصيص وهو احتمال قوي فضلا عن أن الواقع العملي يجعل من الاطلاع على اتفاق كل المجتهدين أمرا في غاية الصعوبة إن لم يكن متعذرا فالظاهر أنه ليس بإجماع، ولكنه مما يحتج به؛ إذ الحاجة تدعو إلى مثل ذلك الاستدلال، لكنه حجة ظنية لأنه لا يلزم منه خطأ المخالف لاحتمال وقوعه على الصواب والله أعلم. ([11])
قلت:
يبدو لي أن الممارسة العملية لهذه المسائل تبرز بعض المحددات التي توضح معالم هذه المسألة:
1- دقة ما ذكره الشيخ يعقوب الباحسين.
2- أن الغالب أن الصواب يكون في قول جماعة الأمة وإن لم يجمعوا عليه.
3- هذه الأغلبية تورث الظن بالصواب فيجوز للمجتهد وغيره أن يركن إليها، ولكن لا يجوز له الإنكار على غيره إلا بحجة من الأثر أو النظر، ويصلح أن يكون قول الأكثر مرجحاً لما يذكر.
4- أن الانفراد يكون في الغالب فلتة:
إما عن فوات نص أو فوات معرفة انعقاد إجماع، أو تأويل سائغ، أو عدم صحة نسبة هذا القول إليه إما أصالة وإما تفصيلا فقد يكون مراده مسألة أخرى أو بقيد لا يكون به مخالفاً للإجماع.
5- القول المستقر يكون مانعاً من انعقاد الإجماع، ولاستقرار القول علامات:
أ‌- أن يكون صادراً عن اجتهاد بدليلٍ له حظه من النظر.
ب‌- ألا يكون قول الأكثر مشتملاً على ما يفيد حسم المسألة.
ت‌- ألا تهمل الأمة هذا القول.


=======================================
([1]) قوادح الاستدلال بالإجماع ص240

([2]) البحر المحيط ص476

([3]) الإجماع للباحسين ص120

([4]) البحر المحيط ص476

([5]) البحر المحيط ص477

([6]) البحر المحيط ص476

([7]) الإجماع للباحسين ص122

([8]) الإجماع للباحسين ص118 وما بعده.

([9]) البحر المحيط ص478

([10]) قوادح الاستدلال بالإجماع ص238

([11]) الإجماع للباحسين ص122
 
التعديل الأخير:
إنضم
20 أبريل 2008
المشاركات
122
التخصص
الشريعة..
المدينة
أم القرى
المذهب الفقهي
............
بحث وتلخيص رائع سلمك الله...

عندي توجس من بعض النقول المستفيضة في الأصول كالتي تحكى عن ابن جرير في الاجماع وغيره..

فلا تجد في بعض الأحيان من كلام الإمام أو تطبيقاته ما يدل لا من قريب ولا من بعيد على كلامه..!

بالنسبة لا بن عبد البر فقد رأيت في التمهيد عند ذكره للاجماع في بعض المواضع يعقب ذلك بضعف

القول المخالف بل وقد يصفه بالشذوذ متى عرف مستنده ورده..

وعليه فإن هذا القول كأنه عند ابن عبد البر غير معتبر البته لأن مستنده ضعيف.. فإلاجماع عنده صحيح

لأن هذا المخالف أخطأ فخالف..

السؤال: هل ابن عبد البر حين يحكي الاجماع في مسألة ويذكر مخالف يُصحح مستنده ولو احتمالا؟

أقصد ان ابن عبد البر لا يعده مخالفا أصلا حتى يعتبره ناقضا للإجماع...

===========

والإجماع في الحقيقة الذي يسهل تصوره عندي هو عدم العلم بالمخالف لا غير "السكوتي".

أو ما انضبط عند السلف في القرون المفضلة وهو قليل في الفروع.. فكيف بمن بعدهم؟

أو ما يحكى عن الشافعي من نقل العامة عن العامة.. وهذا لعله خارج محل النزاع..

وما سوى ذلك في الفروع الفقهية فأعتقد أن دونه خرط القتاد...

والله أعلم..

ما رأيكم دام فضلكم؟
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
بارك الله فيكم شيخنا الكريم فؤاد فقد أجدت ومن باب النافلة أضيف بعض التعليقات لطلبكم الكريم التعليق والإفادة من الجميع :
أولاً : الكلام في هذه المسألة يقترن به عدة امور مهمة :
1 - من اهمها النظر في تعذر وصعوبة حصول الإجماع بعد عصر الصحابة وغالب الإجماعات التي تنقل في كتب أهل العلم إنما هي إجماعات الصحابة .
2 - التثبت من وجود الخلاف وصحة نسبته للمخالف فقد وجد ان كثيراً من الأقوال المنسوبة لبعض الصحابة أو التابعين لا تثبت إسناداً ولذا ينبغي أن يكون لمدعي الإجماع أو ناقله أو مدعي وجود النمخالف علم بالأسانيد واقوال أهل الشأن في ذلك لا سيما المتقدمين منهم .
3 - التثبت من توافق قول الأكثر وقول المخالف في عين المسألة فقد يوجد مخالف في بعض المسائل لكنه في صورة مخالفة ومقيدة بقيد معين من جهة الوقت أو المكان أو الحال أو الشخص أو غير ذلك من القيود .
4 - النظر في مسألة المخالف بعد الإجماع فكثير من المسائل يكون المخالف فيها من التابعين أي انه بعد إنعقاد الإجماع من الصحابة وهنا لا يلتفت لقول التابعي لأنه خالف بعد الإجماع ويعتذر له بعدم علمه بالإجماع أو غير ذلك من الأعذار .
5 - النظر في مسألة الاتفاق بعد الخلاف هل ينعقد أو لا وهي مسألة مشهورة لكن لها ارتباط بهذه المسألة .
6 - التثبت من بقاء المخالف على قوله أو رجوعه عنه .
7 - النظر في كون القول شاذا وذلك بكونه مخالفاً لدليل قطعي فهنا يكون حكمه العدم ويبقى الخلاف في تحقيق المناط في القطعية والظنية في هذا الباب .

ثانياً : يلزم على القول بأن قول الأكثر إجماع أو حجة أن القول بأن قول الأكثر إجماع مرجوح لأن الأكثر قالوا بعدم كونه إجماعا أو حجة وهذا من لطائف هذه المسألة .

ثالثاً : اضطرب القائلون بأن الإجماع ينعقد بقول الأكثر : هل يؤثر خلاف الواحد او الاثنين او الثلاثة او عدد التواتر وهذا يدل على ضعف القول إذا لا حد معيناً له فما الفرق بين مخالفة الواحد والاثنين والثلاثة والأربعة والعشرة إذا كان المخالفون قليلاً .

رابعاً : وصف بعض الأصوليين القول بكون قول الأكثر إجماعاً بالشذوذ كالأستاذ أبي إسحاق ينظر : البحر المحيط ( 6 / 432 )

خامساً : ما يتعلق بنسبة القول لابن جرير رحمه الله فقد نسبه إليه كثير من الأصوليين كالباقلاني وابن السمعاني وابي يعلى وأبي الخطاب والجويني وابن برهان والفخر الرازي وابن قدامة وغيرهم وقد اختلف النقل عنه في مقدار الأقل المخالف للأكثر .
وتحقيق ذلك بدراسة استقرائية لما نقل فيه ابن جرير الإجماع من مسائل من خلال كتبه كالتفسير والتبصير في معالم الدين واختلاف الفقهاء وغيرها ويمكن كذلك الاستفادة من تحقيقات هذه الكتب وما ذكره المحققون في القسم الدراسي وكذلك الرسائل العلمية حول ابن جرير ومنها :
- أصول الدين عند الإمام الطبري ت : طه محمد نجار رمضان ( رسالة ماجستير ) .
- محمد بن جرير الطبري ومنهجه في التفسير ت : محمود محمد شبكة ( رسالة دكتوراه في جامعة الأزهر )
- الدخيل في تفسير ابن جرير ت : محمد محمد قاسم ( رسالة ماجستير في جامعة الأزهر )
وغيرها .

سادساً : بالنسبة لنسبة القول لأبي بكر الرازي الجصاص فقد نقله بعض الأصوليين عنه جزماً ونقله ابن برهان بقوله : " نُقِلَ " وذكر السرخسي أن الصحيح من قول الجصاص أن المخالف إن ساغ له الاجتهاد فلا ينعقد الإجماع بقوله وإن لم يسغ انعقد وحقيقةً هذا خارج عن محل النزاع وعليه فخلافه للجمهور خلاف لفظي .

سابعاً : ما يتعلق بنسبة القول لابن الأخشاد وهو أحمد بن علي بن بيغجور أبو بكر بن الأخشاد ويقال الإخشيد ويروى بالذال المعجمة وهو أحد رؤوس المعتزلة ت 326هـ وله كتاب المعونة في الأصول وله مختصر لتفسير ابن جرير ينظر : الفهرست ( ص 245 ) تاريخ بغداد ( 4 / 409 ) لسان الميزان ( 1 / 231 )
أقول الصواب أن ابن الأخشاد يرى أنه ينعقد الإجماع بقول الأكثر ولا تضر مخالفة الواحد والاثنين في اصول الدين وما يتعلق بالتأثيم والتضليل بخلاف مسائل الفروع ينظر : شرح تنقيح الفصول ( ص 336 ) ولعل الشيخ الكريم فؤاد قد أدرجه ضمن هذا القول بدون تفصيل باعتبار الموافقة الجزئية والأولى التفصيل .

ثامناً : القول بالحجية دون انعقاد الإجماع بقول الأكثر قول قوي وهو ما ذكره شيخنا الدكتور يعقوب الباحسين كما ذكر الشيخ فؤاد هنا وذلك ان الأغلبية معتبرة في الشرع والقاعدة المتفق عليها بين المذاهب العبرة بالغالب الشائع لا النادر والنادر لا حكم له وإذا كانت المسألة اجتهادية ظنية كان قول الأكثر في الأعم الأغلب هو الأرجح والحكم بالظنية معتبر في الشريعة في كثير من المسائل لا سيما إذا كان قول الأكثر هو قول أكثر الصحابة فإن الظن برجحان قولهم أقوى والراجح واجب الاتباع والله أعلم
والمسألة تستحق أكثر من ذلك ولعل فيما سيذكره الشيخ فؤاد من فوائد وتحقيقات إن شاء الله تعالى يزيد المسألة تحقيقا .
 
إنضم
20 أبريل 2008
المشاركات
122
التخصص
الشريعة..
المدينة
أم القرى
المذهب الفقهي
............

الإجماع الأصولي يحتاج إلى نقاش طويل:

- نظري..

- تطبيقي..

= نحتاج إلى التوافق بين التقرير النظري والتطبيقي..

لأن المقرر في كثير من كتب الأصول القديمة والحديثة من جهة التقرير يعز تطبيقه في الفروع الفقهية..

فشيوع الخلاف الفقهي في زمن مبكر يمنع تطبيق "نظرية الإجماع الأصولي" بصورته الحالية تطبيقا كليا

في ذاك الزمن - والخلاف محدود - فكيف الذي بعده؟!

نحتاج إلى قراء "توافقية" بين المناهج المطروقة للإجماع بكل صوره..

ثم نحلل نصوص الأئمة بناء على ذلك..

وهذا في نظري القاصر "حجر الزاوية" في كثير من مسائل الأصول ليس الاجماع فقط.

بناء..
تحليل..
توجيه..
تقرير..

وفقنا الله وإياكم للفقه في الدين

 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,134
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
الإجماع الأصولي يحتاج إلى نقاش طويل:

- نظري..

- تطبيقي..

= نحتاج إلى التوافق بين التقرير النظري والتطبيقي..

لأن المقرر في كثير من كتب الأصول القديمة والحديثة من جهة التقرير يعز تطبيقه في الفروع الفقهية..

فشيوع الخلاف الفقهي في زمن مبكر يمنع تطبيق "نظرية الإجماع الأصولي" بصورته الحالية تطبيقا كليا

في ذاك الزمن - والخلاف محدود - فكيف الذي بعده؟!

نحتاج إلى قراء "توافقية" بين المناهج المطروقة للإجماع بكل صوره..

ثم نحلل نصوص الأئمة بناء على ذلك..

وهذا في نظري القاصر "حجر الزاوية" في كثير من مسائل الأصول ليس الاجماع فقط.

بناء..
تحليل..
توجيه..
تقرير..

وفقنا الله وإياكم للفقه في الدين

جزاكم الله خيراً على هذه المداخلات الثمينة.
وأظنه تُعرِّض للموضوع من فترة سابقة؛ ولعلَّه حان الوقت المناسب لئن تستحدثوا موضوعاً مستقلاً ينتدب له أحدكم وأجره على الله؛ ليبدأ بصياغة خطة بحثية مقترحة؛ ويدلي الإخوة بالملاحظات لتتضح صورتها النهائية؛ ومن ثم تشرعوا في بحث المسائل والمناقشات؛ لعله بهذا يكون أنفع؛ وأجمع.

مجرد اقتراح؛ وعلى الفضلاء التمام.
والله وحده الموفق والمعين.
وشكر الله سعيكم.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الإخوة والمشايخ الكرام:
أبو حاتم، طالب هدى، أبو أسامة
شكر الله لكم مداخلاتكم النافعة والعميقة
وسأراجعها حرفاً حرفاً إن شاء الله، وسأعدِّل،وأنقح من خلال ما أفدتموه.
وسنحاول من خلال هذه السلسلة أن نخرج بنتائج توافقية وباتجاهات مدققة
ولذا فأنا مسرور جداً بهذه المشاركات النافعة، وبهذه السؤالات المتجهة، وبهذه الاستدراكات والإضافات النافعة.
ولذا فأتمنى من الإخوة المشاركة معنا في هذه السلسلة حتى نستطيع جميعاً أن نسجل ورقة توافقية في بعض المحددات، وورقة مختصة بكلٍ على حدة، ثم نضيفها في قسم التقارير العلمية والنتائج الفقهية كاستثمار للجهد المبذول من قبل الأعضاء في تحرير بعض الموضوعات.
ولي عودة إن شاء الله في تناول بعض ما أفاده الإخوة -ههنا - نفعنا الله بهم.
أما سبب التأخير في الرد فقد أوضحته في الموضوع الآخر:
سلسلة مباحث في الإجماع والشذوذ: (3)...موقف ابن عبد البر من الإجماع وقول الجمهور والشذوذ.

بقي أن يقال:

تحت دكِّ الدولة العبرية لقطعة في أكناف بيت المقدس تعرف بغزة، وهي بلدة كما يقول المؤرخون في طريق مصر.
كتب هذا البحث، فتعثَّر في بعض منعطفاته، حتى عُمِّر بعدد أيام الحرب، ولم يتمخَّض إلا وقد وضعت الحرب أوزارها.
ولولا تقاصر اليد عن نصرتهم لعددت الاشتغال بمثل هذا البحث في مثل هذه اللحظة من جملة ما يكبر، وكان حرياً بصاحبه أن يضاف في جملة الأحاكي، والله يغفر لي ويرحمني، وينصرنا على الباغي والعادي، ويقطع – بقدرته - يدَ الحاجِز، كما فضحه، فكشف سوأته.


 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
بحث وتلخيص رائع سلمك الله...

عندي توجس من بعض النقول المستفيضة في الأصول كالتي تحكى عن ابن جرير في الاجماع وغيره..

فلا تجد في بعض الأحيان من كلام الإمام أو تطبيقاته ما يدل لا من قريب ولا من بعيد على كلامه..!

بالنسبة لا بن عبد البر فقد رأيت في التمهيد عند ذكره للاجماع في بعض المواضع يعقب ذلك بضعف

القول المخالف بل وقد يصفه بالشذوذ متى عرف مستنده ورده..

وعليه فإن هذا القول كأنه عند ابن عبد البر غير معتبر البته لأن مستنده ضعيف.. فإلاجماع عنده صحيح

لأن هذا المخالف أخطأ فخالف..

السؤال: هل ابن عبد البر حين يحكي الاجماع في مسألة ويذكر مخالف يُصحح مستنده ولو احتمالا؟

أقصد ان ابن عبد البر لا يعده مخالفا أصلا حتى يعتبره ناقضا للإجماع...

موقف ابن عبد البر من الإجماع وقول الجمهور والشذوذ
ولعلك تنشط لابن جرير فتقرأ التفسير كاملاً :)
===========

والإجماع في الحقيقة الذي يسهل تصوره عندي هو عدم العلم بالمخالف لا غير "السكوتي".

أو ما انضبط عند السلف في القرون المفضلة وهو قليل في الفروع.. فكيف بمن بعدهم؟

أو ما يحكى عن الشافعي من نقل العامة عن العامة.. وهذا لعله خارج محل النزاع..

وما سوى ذلك في الفروع الفقهية فأعتقد أن دونه خرط القتاد...

والله أعلم..

ما رأيكم دام فضلكم؟
عدم العلم بالمخالف ليس هو السكوتي، بل هو وإياه فرعان من الإجماع الظني.
وفي قراءة متأنية لكتاب الشريف حاتم العوني إشارة إلى هذه المسألة.

أما بقية الأسئلة ففي نهاية هذه السلسلة المعقودة في الإجماع والشذوذ نرجو بحول الله وقوته أن نصل إلى قراءة صحيحة لمسالك أهل العلم في تناول الإجماع نظراً وتطبيقا.
كما أن بحث الشيخ عمر الأشقر "الإجماع الأصولي" متميز في ضبط هذه المسائل.
ودمت لي أخاً مذاكراً وناصحاً ومعلماً.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
بارك الله فيكم شيخنا الكريم فؤاد فقد أجدت ومن باب النافلة أضيف بعض التعليقات لطلبكم الكريم التعليق والإفادة من الجميع :
أولاً : الكلام في هذه المسألة يقترن به عدة امور مهمة :
1 - من اهمها النظر في تعذر وصعوبة حصول الإجماع بعد عصر الصحابة وغالب الإجماعات التي تنقل في كتب أهل العلم إنما هي إجماعات الصحابة .
لم تتبين لي هذه الأغلبية، بل هناك إجماعات كثيرة حصلها الأئمة المتأخرون كابن المنذر وابن عبد البر وابن حزم، وكانت على طريقة تحرير النزاع، أي ما لم يختلف فيه من المسائل بين أهل العلم، وكان الغالب النظر إلى الخلاف المنعقد إلى حدود القرن الثالث حينما راج الخلاف وتحررت المسائل لاسيما مع استقرار المذاهب المتبعة ونضجها.
فما لم يختلف فيه إلى هذه الأزمنة حكي فيه الإجماع.
2 - التثبت من وجود الخلاف وصحة نسبته للمخالف فقد وجد ان كثيراً من الأقوال المنسوبة لبعض الصحابة أو التابعين لا تثبت إسناداً ولذا ينبغي أن يكون لمدعي الإجماع أو ناقله أو مدعي وجود النمخالف علم بالأسانيد واقوال أهل الشأن في ذلك لا سيما المتقدمين منهم .
بارك الله فيكم، ونفعنا بكم.
3 - التثبت من توافق قول الأكثر وقول المخالف في عين المسألة فقد يوجد مخالف في بعض المسائل لكنه في صورة مخالفة ومقيدة بقيد معين من جهة الوقت أو المكان أو الحال أو الشخص أو غير ذلك من القيود .
لفتة مهمة.
4 - النظر في مسألة المخالف بعد الإجماع فكثير من المسائل يكون المخالف فيها من التابعين أي انه بعد إنعقاد الإجماع من الصحابة وهنا لا يلتفت لقول التابعي لأنه خالف بعد الإجماع ويعتذر له بعدم علمه بالإجماع أو غير ذلك من الأعذار .
أحسنت.
5 - النظر في مسألة الاتفاق بعد الخلاف هل ينعقد أو لا وهي مسألة مشهورة لكن لها ارتباط بهذه المسألة .
يعجبني مرورك، وتطريزه بتعليق كهذا:
هل يقضي الإجماع المتأخر على الخلاف المتقدم.

6 - التثبت من بقاء المخالف على قوله أو رجوعه عنه .
أحسنت.
7 - النظر في كون القول شاذا وذلك بكونه مخالفاً لدليل قطعي فهنا يكون حكمه العدم ويبقى الخلاف في تحقيق المناط في القطعية والظنية في هذا الباب .
الأمر كما ذكرت، لكن ما أصعب هذه المسألة سيما مع تفاوت أهل العلم في النظر إلى الشذوذ، ولك أن تتصور هذا البعد في المتعاصرين القرطبيين: ابن عبد البر، وابن حزم.
ثم إن قصر الشذوذ على مخالفة الدليل القطعي هي إحدى قراءات أهل العلم للشذوذ بل إن الطوفي أجاب عن كلام الطبري في عدم المبالاة بمخالفة الواحد والاثنين لأنها شذوذ: بأن الشذوذ المنهي عنه شرعا هو الشاق لعصا الإسلام المثير للفتن كشذوذ الخوارج والمعتزلة والرافضة ونحوهم لا الشذوذ في أحكام الاجتهاد.
ولك أن تجيب : إن مخالفة الدليل القطعي موجبٌ للشذوذ، ويبقى ما عدا ذلك محل نظرٍ عند أهل العلم.

ثانياً : يلزم على القول بأن قول الأكثر إجماع أو حجة أن القول بأن قول الأكثر إجماع مرجوح لأن الأكثر قالوا بعدم كونه إجماعا أو حجة وهذا من لطائف هذه المسألة
يقول في ذلك أبو إسحاق الإسفراييني:
ثم إن ابن جرير قد شذ عن الجماعة في هذه المسألة فينبغي ألا يعتبر خلافه، ويكون مخالفا للإجماع بعين ما ذكر.
ولعل أبا إسحاق الإسفراييني:
هو الذي كان يقول: إن الاسم هو عين المسمى، حتى لقي رجلاً أحمق اسمه الكامل (فيما أظن)
فرجع عن قوله!

ثالثاً : اضطرب القائلون بأن الإجماع ينعقد بقول الأكثر : هل يؤثر خلاف الواحد او الاثنين او الثلاثة او عدد التواتر وهذا يدل على ضعف القول إذا لا حد معيناً له فما الفرق بين مخالفة الواحد والاثنين والثلاثة والأربعة والعشرة إذا كان المخالفون قليلاً .
أحسنت، وابن عبد البر الذي هو أشهر من احتج بقول الجمهور لم يبالي بخلاف الواحد ولا الاثنين ولا الثلاثة بل ولا الطائفة إذا كان القول مخالفاً لقول الجمهور.
رابعاً : وصف بعض الأصوليين القول بكون قول الأكثر إجماعاً بالشذوذ كالأستاذ أبي إسحاق ينظر : البحر المحيط ( 6 / 432 )

خامساً : ما يتعلق بنسبة القول لابن جرير رحمه الله فقد نسبه إليه كثير من الأصوليين كالباقلاني وابن السمعاني وابي يعلى وأبي الخطاب والجويني وابن برهان والفخر الرازي وابن قدامة وغيرهم وقد اختلف النقل عنه في مقدار الأقل المخالف للأكثر .
وتحقيق ذلك بدراسة استقرائية لما نقل فيه ابن جرير الإجماع من مسائل من خلال كتبه كالتفسير والتبصير في معالم الدين واختلاف الفقهاء وغيرها ويمكن كذلك الاستفادة من تحقيقات هذه الكتب وما ذكره المحققون في القسم الدراسي وكذلك الرسائل العلمية حول ابن جرير ومنها :
- أصول الدين عند الإمام الطبري ت : طه محمد نجار رمضان ( رسالة ماجستير ) .
- محمد بن جرير الطبري ومنهجه في التفسير ت : محمود محمد شبكة ( رسالة دكتوراه في جامعة الأزهر )
- الدخيل في تفسير ابن جرير ت : محمد محمد قاسم ( رسالة ماجستير في جامعة الأزهر )
وغيرها .
بالمناسبة هل هناك دراسة جادة في فقه ابن جرير الطبري.
ثم ههنا طلب، وهو أن تفيدنا عن القيمة العلمية لكتاب : أصول الفقه عند ابن عبد البر.
سادساً : بالنسبة لنسبة القول لأبي بكر الرازي الجصاص فقد نقله بعض الأصوليين عنه جزماً ونقله ابن برهان بقوله : " نُقِلَ " وذكر السرخسي أن الصحيح من قول الجصاص أن المخالف إن ساغ له الاجتهاد فلا ينعقد الإجماع بقوله وإن لم يسغ انعقد وحقيقةً هذا خارج عن محل النزاع وعليه فخلافه للجمهور خلاف لفظي .
بارك الله فيك، ونفعنا بك، سيتم تحرير العبارة.

سابعاً : ما يتعلق بنسبة القول لابن الأخشاد وهو أحمد بن علي بن بيغجور أبو بكر بن الأخشاد ويقال الإخشيد ويروى بالذال المعجمة وهو أحد رؤوس المعتزلة ت 326هـ وله كتاب المعونة في الأصول وله مختصر لتفسير ابن جرير ينظر : الفهرست ( ص 245 ) تاريخ بغداد ( 4 / 409 ) لسان الميزان ( 1 / 231 )
أقول الصواب أن ابن الأخشاد يرى أنه ينعقد الإجماع بقول الأكثر ولا تضر مخالفة الواحد والاثنين في اصول الدين وما يتعلق بالتأثيم والتضليل بخلاف مسائل الفروع ينظر : شرح تنقيح الفصول ( ص 336 ) ولعل الشيخ الكريم فؤاد قد أدرجه ضمن هذا القول بدون تفصيل باعتبار الموافقة الجزئية والأولى التفصيل .
بارك الله فيك، وتأكدتُ مما ذكرتَه فرأيت أن أحذفه من القائلين لأن ذكره يستدعي تعديلاً في مسار المسألة بما لا يفيدها .
ثامناً : القول بالحجية دون انعقاد الإجماع بقول الأكثر قول قوي وهو ما ذكره شيخنا الدكتور يعقوب الباحسين كما ذكر الشيخ فؤاد هنا وذلك ان الأغلبية معتبرة في الشرع والقاعدة المتفق عليها بين المذاهب العبرة بالغالب الشائع لا النادر والنادر لا حكم له وإذا كانت المسألة اجتهادية ظنية كان قول الأكثر في الأعم الأغلب هو الأرجح والحكم بالظنية معتبر في الشريعة في كثير من المسائل لا سيما إذا كان قول الأكثر هو قول أكثر الصحابة فإن الظن برجحان قولهم أقوى والراجح واجب الاتباع والله أعلم
بارك الله فيك، وهذا نقل جديد في المسألة يؤيد ما ذكرتَه:
قال الطوفي بعد أن نصر أن قول الأكثر ليس بإجماع:
"لكن الأظهر أنه حجة ...فالأكثرون على أنه حجة وإن لم يكن إجماعا لأن إصابة الأكثر أظهر من خطئهم، فيكون حجة يجب العمل به على أهله، ولا يكون قاطعا كالقياس وخبر الواحد، فكل إجماع حجة، ولا ينعكس، فالإجماع أخص من الحجة.
وقيل: لا يكون حجة كما لم يكن إجماعاً، وهو ضعيف؛ إذ قد بينا أن الإجماع أخص، فلا يلزم من انتفائه انتفاء الأعم.


والمسألة تستحق أكثر من ذلك ولعل فيما سيذكره الشيخ فؤاد من فوائد وتحقيقات إن شاء الله تعالى يزيد المسألة تحقيقا .
شكر الله لك مداخلتك المفيدة، ويعلم الله أني سررتُ كثيرا بما أسبغ الله عليك من نعمه، وأسأل الله أن يزيدك علما وفضلا.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ملخص بحث
مدى حجية إجماع الأكثر من المجتهدين
لـ د. يوسف حسن الشراح
العدد : الحادي والخمسون - السنة السابعة عشرة - ديسمبر2002
من مجلة الشريعة



مدى حجية إجماع الأكثر من المجتهدين





حجية إجماع الأكثر من المجتهدين :
مسألة متفرعة عن مسألة حجيةالإجماع بعامة . وقد اختلف جمهور العلماء المؤيدين لإمكان انعقاد الإجماع عقلاًوشرعاً في حجية إجماع الأكثر وذلك فيما لو خالف بعض المجتهدين جمهورهم في المسألةالمتنازع عليها ولهم في ذلك أقوال كثيرة . ومن التعريفات الشاملة للإجماع قولهم :
الإجماع هو اتفاق المجتهدين من أمة محمد – صلى الله عليه وسلم – في عصر بعد وفاتهعلى أمر شرعي .

فإذا حصل اتفاق أكثر المجتهدين فللعلماء في المسألة عدة أقوال :

القول الأول :
لا ينعقد الإجماع مع مخالفة القلة ولو كان المخالف واحداً وهذا قولجماهير العلماء : فهو قول أكثر الحنفية والجمهور من المالكية ، والشافعية ،والحنابلة والظاهرية ، وبعض المعتزلة .

القول الثاني :
اتفاق الأكثر ليس حجة ولايعتبر إجماعاً لكن اتباع قول الأكثر أولى ولا تحرم مخالفتهم .

القول الثالث :
إنالإجماع ينعقد باتفاق الأكثر من المجتهدين ولا عبرة بالقلة المخالفة لهم فاتفاقالأكثر إجماع وحجة .

القول الرابع :
ينعقد إذا كان المتفقون أكثر عدداً منالمخالفين . وهناك أقوال غير هذه ، ليس لها من الشهرة ما لهذه الأربعة

وخلاصةالكلام في هذه المسألة :

1- أن في ترجيح قول الجماهير في هذه المسألة والمتأيدبالأدلة الصحيحة دعماً قوياً لدليل الإجماع الذي يحاول أهل الأهواء تضعيفه والتشكيكفي إمكانية ووقوعه حيث أننا نعمل بهذا الدليل وفق قواعد متينة وأسس ثابتة ولا نكتفيفيه بمجرد اتفاق جمع من العلماء على حكم ما بل لابد فيه من اتفاق كل المجتهدين حتىيصبح هذا الدليل محلاً للاحتجاج به على الناس في أنه حكم الله – سبحانه – الذي لايقبل التأويل ولا النسخ ولا التخصيص .
2- أنه لا مانع من الاستئناس من المسائلالمستجدة بقول الأكثر من العلماء ولا سيما إذا اقترن ذلك باجتهاد جماعي إذ فيهتحقيق لمبدأ الشورى في الإسلام وجمع لكلمة المسلمين ولكن لا على أنه إجماع تحرممخالفته إلا إذا أجمع عليه كل المجتهدين من العلماء
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يقول الشاطبي رحمه الله في الموافقات:
"فإن قيل:
فهل لغير المجتهد من المتفقهين في ذلك ضابط يعتمده أم لا؟
فالجواب:
إن له ضابطا تقريبيًا، وهو أن ما كان معدودًا في الأقوال غلطًا وزللًا قليل جدًّا في الشريعة، وغالب الأمر أن أصحابها منفردون بها، قلما يساعدهم عليها مجتهد آخر، فإذا انفرد صاحب قول عن عامة الأمة، فليكن اعتقادك أن الحق [في المسألة] مع السواد الأعظم من المجتهدين، لا من المقلدين."([1])

([1])الموافقات (5 / 140)
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يقول الصنعاني في إجابة السائل شرح بغية الآمل ص 146:
فالأحاديث الواردة في مثل ذلك عليكم بالسواد الأعظم ونحوه مما جعلوه أدلة للإجماع وقد علمت تعذره لا يبعد حملها على ما قاله بعض المحققين من المتأخرين إن المراد بهم الأكثر قال فإنا إذا جمعنا المستدلين من أهل العصر الأول والأخر من عصر الصحابة إلى وقتنا فلا شك أن الأكثر مظنة الإصابة ولذا ترجح الأدلة بعمل الأكثر ومثاله خلاف ابن عباس بالحمر الأهلية وعلي عليه السلام في بيع أمهات الأولاد ثم إن المظنات إنما تعتبر عند عدم البرهان الذي يجب عليه العمل والاعتماد إذ لا معنى للمظنة مع حصول المئنة مع أنها هناك إنما تكون مرجحة كما ذكرنا لا دليلا مستقلا فشد يديك بهذه النكتة .
 
أعلى