شهاب الدين الإدريسي
:: عضو مؤسس ::
- إنضم
- 20 سبتمبر 2008
- المشاركات
- 376
- التخصص
- التفسير وعلوم القرآن
- المدينة
- مكناس
- المذهب الفقهي
- مالكي
فخامة الرئيس الأميركي باراك حسين أوباما:
إننا نحن الموقعين على هذا الخطاب من علماء ومفكرين ومثقفين وناشطين سياسيين وحقوقيين وأكاديميين من أبناء الأمة الإسلامية ننتهز فرصة انتخابكم رئيساً للولايات المتحدة الأميركية لنخاطبك بصفتك الإنسانية، ونخاطب الشعب الأميركي من خلالكم باعتباركم رئيساً له وأهلا لثقته، مؤملين أن يجد خطابنا هذا من فخامتكم أذناً صاغية، ووقفة عادلة منصفة لمصلحة البشرية كلها في ظننا.
يا فخامة الرئيس دعنا نبسط بين يديك وجهة نظرنا في العديد من القضايا التي هي محل اهتمام مشترك وذات تأثير واسع في العالم كله، وقبل أن نتحدث عن هذه القضايا فإننا نهنئ الشعب الأميركي بهذا الإنجاز التاريخي الذي حققه بانتخابكم رئيساً له مع أن الكثير من القوى العنصرية بذلت كل ما تستطيع للحيلولة دون انتخاب رجل من أصول أفريقية مسلمة.
ومع أن هذا إنجاز بلا شك يدرك حقيقته كل مطلع على تاريخ أميركا وما مرت به من تطورات وتحولات، لكنه في الوقت نفسه يحملكم مسؤوليات جسيمة استثنائية أمام من وضعوا أملهم في وصولك للبيت الأبيض من الأميركيين، وأمام العالم الذي أصبحت أميركا الفاعل الأبرز في شؤونه ثم أمام التاريخ الذي يمكن أن تسجل في سفره الواسع صفحات ناصعة، ويمكن كذلك أن تسجل فيه صفحات قاتمة موحشة كما فعل الرئيس بوش قبلكم.
يا فخامة الرئيس دعنا نشير إلى العديد من القضايا باختصار وإيجاز في النقاط الآتية:
1- إننا ندعوك وندعو الشعب الأميركي من ورائك ونطالبكم بضرورة التعاون مع جميع أمم العالم في تحقيق المصالح المشتركة، ودفع المخاطر المشتركة مثل قضايا البيئة والسلام وحفظ القيم والأخلاق وحقوق الإنسان والطاقة والتنمية، ومواجهة الأوبئة والكوارث من غير تمييز ولا فرض رؤية أو أيديولوجية أو مصلحة شعب على الشعوب الأخرى.
وإننا نؤكد لفخامتكم أن التعاون لتحقيق كل ما فيه مصلحة للإنسان من صميم ديننا، قال تعالى في القرآن الكريم (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ).
وإننا نؤكد لكم أن الأمة الإسلامية تمتلك من الإمكانات المعنوية والمادية وعناصر القوة الظاهرة والخفية ما يؤهلها لتكون شريكاً أساسياً في صنع مستقبل العالم، وإننا نؤكد لكم أن تجاهل أمتنا أو محاولة النيابة عنها في تقرير مصيرها ومستقبلها أو التآمر للاعتداء على مصالحها واحتلال أوطانها وسلب حريتها لا يمكن أن يتحقق، وأن أمتنا وإن كانت تدعو من وحي دينها وقيمها للتعاون المتكافئ القائم على قدم المساواة بين جميع الأطراف فإنها في الوقت نفسه ستقاوم بكل الوسائل الممكنة المشروعة أي محاولة لشطب وجودها أو مسخ شخصيتها وهويتها أو الاستيلاء على مقدراتها أو سلب حقوقها.
2- إننا من موقع مسؤوليتنا المستمدة من مبادئنا الإسلامية ونحن كمسلمين لا نرجو إلا الله ولا نخشى أحداً سواه، نعلن لفخامتكم وللشعب الأميركي أننا نؤكد على حق جميع الأديان والثقافات والحضارات والمجتمعات في التنوّع وحرية الاختيار، قال الله تعالى في القرآن الكريم (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ).
وفي الوقت نفسه نطالبكم بأن تقرّوا للعالم بمثل هذا الحق، وأن تقتنعوا أن فرض النموذج الأميركي على العالم بالقوة والضغط والتخويف، لن يزيد العالم إلا أزمات وصراعات، وأن أول المتضررين من هذا الأسلوب أميركا نفسها.
ونذكّرك أن منطق التاريخ وسنن الحياة لا تسمح باستمرار هذا النهج، ولا بانتصاره مهما كانت القوة المادية التي يتسلح بها أو الشعارات البراقة التي يرفعها، ولعل ما وصلت إليه العولمة عموماً، والحالة الأميركية الداخلية خاصة دليل حيّ على ما نقول لمن يريد الوقوف عند الحقائق والرجوع للحق بعيداً عن الأوهام وخداع النفس.
3- إننا نذكِّر فخامتكم من منطلق ديننا وثقافتنا بأن الحضارة لا يمكن أن تزدهر وأن السلام والأمن لا يمكن أن ينعم بهما العالم ما لم يعم العدل الأرض ويهيمن على العلاقات الدولية، وإننا نعتقد أن كل إنسان عاقل يستيقن في قرارة نفسه أن الظلم الذي تعرض له الشعب الفلسطيني لم يتعرض له شعب آخر في التاريخ حتى وإن تم تجاهل ذلك أميركياً استجابة لضغوط مالية أو سياسية أو إعلامية أو استجابة لأوهام أيديولوجية أو أساطير خرافية أو طموحات انتخابية.
يا صاحب الفخامة لا تنتظروا من العرب والمسلمين وكل من يناصر الحق والعدل من شعوب العالم علاقات طبيعية ما لم يرفع الظلم الذي تتحمل أميركا وزره بالدرجة الأولى، عن الشعب الفلسطيني وتعاد له حقوقه وأرضه، وما لم تعد للشعب العراقي والشعب الأفغاني سيادتهما، ويعوضا عما أصابهما من خسائر، وتجلى عنهما قوات الاحتلال الصليبي المعاصر التي أعادت لنا ذكرى حروب القرون الوسطى الصليبية والحروب الاستعمارية، وأشعلت نار العداوة بين شعوب العالم المختلفة.
يا صاحب الفخامة إن كل مطّلع على حقائق التاريخ يعلم أن شعوبنا وفية لأصدقائها كريمة مع من يحترمها تحترم عهودها ولكنها أيضاً لا ترضخ لمحتل ولا تستسلم لعدوان ولا تقبل بذل ولا هوان، وأنها تنتزع حريتها ولا تستجديها، ولعل فيما آل إليه حال الشعوب الإسلامية في مواجهة المحتلين في فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها دليلا كافيا لأن تعيد أميركا النظر بصدق وعمق في أسلوب تعاملها مع شعوب العالم كافة والشعوب الإسلامية بصفة خاصة.
إن أميركا من موقع مسؤوليتها العالمية كقوة عظمى يجب عليها أن تتحرر من إملاءات اللوبي الصهيوني في علاقاتها مع الشعوب الإسلامية، وأن تدرك أن مصالح الشعب الأميركي الحقيقية هي في التعاون مع مليار ونصف المليار مسلم، ومع الحق والعدل، ولكن هذا يحتاج إلى شجاعة تتحلى بها القيادة الأميركية تتسامى فوق المصالح الشخصية والحزبية.
يا فخامة الرئيس إذا لم تستطيعوا في أميركا أن تكونوا مع الحق والعدل فلن يقبل منكم أقل من الحياد، أما أن تدعموا الظلم والاحتلال فلن تكون نتائج ذلك إلا المقاومة وتصبحون ومن تدعمونه في نظر شعوبنا سواء.
4- لا شك يا فخامة الرئيس أنك وأنت نتاج الثقافات المتعددة وابن الأعراق المختلفة والقادم من غمار الشعب الأسود المكتوي بنار الظلم والاستغلال والتمييز العنصري وأنت الدارس للقانون والمتطلّع إلى إقرار العدل، لا شك أنك تعلم أن العدل على مستوى الأرض أو على مستوى أفراد أي مجتمع لا يتحقق ما لم يكن هناك عدالة في توزيع الثروات ومساواة في الفرص ومنع للاستغلال ونهب ثروات الشعوب.
ولعل فخامتكم يوافقنا أن دول العالم الثالث لم تعان شعوبها في نهب ثرواتها واستغلال مقدّراتها والاعتداء على سيادتها كما عانت من الشركات الأميركية الكبرى التي احتلت دولاً وأسقطت أنظمة ودبرت انقلابات من أجل إسقاط أي ممانعة وطنية لحماية ثروات تلك الشعوب، فهل نطمع ويطمع العالم كله في أن تبدؤوا مرحلة جديدة تعبر عن العدالة في توزيع الثروات والمشاركة في التنمية على مستوى العالم، وعدم توظيف المؤسسات المالية الدولية مخالب وأنياب افتراس أميركية كمنظمة التجارة العالمية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرها من المؤسسات التي لم تقم إلا لتمكين الدول الكبرى وبخاصة أميركا من الهيمنة على ثروات دول العالم المتخلف.
إن فخامتكم يعلم بلا شك أن استغلال الشعوب ونهب ثرواتها كان سبباً رئيساً للحروب الكبرى، والأزمات العاصفة الظالمة التي كانت ومازالت أميركا المشعل الأول لوقودها.
يا فخامة الرئيس إننا ندعو أميركا وهي تعيش أزمة مالية طاحنة أن تبحث ولو جدلاً عند الأمم الأخرى عن بعض الحلول في تشريعاتها المالية ومناهجها الاقتصادية التي قد تسهم في تجنيب أميركا أزماتها المالية وكوارثها الاقتصادية التي تجر العالم وراءها بعد كل عدة عقود من السنين إلى الهاوية.
ونحن هنا نشير إلى النظام المصرفي الإسلامي والمنهج الاقتصادي الإسلامي الذي شهد بالتميز لهما المنصفون من كبار علماء الاقتصاد الغربيين.
5- يا فخامة الرئيس إن الحرية مطلب فطري لجميع الناس، وهي من القيم المشتركة بين جميع الأمم وإن اختلفت الثقافات في مفهوم الحرية وحدودها.
ومع أن أميركا من أكثر دول العالم مناداة بالحرية واحترام حقوق الإنسان ورفع شعاراتها إلا أننا نعتقد أن حكومات أميركا هي أكثر حكومات العالم من الناحية العملية انتهاكاً لحقوق الإنسان ومصادرة لحريته، فهي أكثر دول العالم شناً للحروب وإبادة للشعوب واعتقالاً للناس خارج إطار القانون وممارسة للتعذيب ، وهي الأكثر دعماً للأنظمة الاستبدادية، والأكثر تآمراً على التجارب الديمقراطية الناشئة، والأكثر تدبيراً للانقلابات العسكرية، والأكثر استخفافاً بالمنظمات الدولية وابتزازاً لها.
وإن شعوب العالم التي عانت كثيراً من هذه السياسة الأميركية تضع مصداقيتكم على المحكّ من خلال انتظارها لما ستفعله في هذا المجال، هل ستكون رجل الأخلاق والمبادئ والأحلام كما وعدت شعبك والعالم أم ستكون منفّذاً لرغبات رجال المال وخاضعاً لضغوطات اللوبيات الصهيونية والمنظمات السرّية.
يا فخامة الرئيس إنك بلا شك تعلم أن تسجيل موقع إيجابي متميز في التاريخ لا يكفي فيه رفع الشعارات البراقة ما لم تترجم إلى حقائق في أرض الواقع، وإن أي زعيم ستتأثر صورته وتاريخه إلى حد كبير بنوعية الفريق العامل معه.
6- إننا ننادي بالحوار بين الثقافات والأديان والحضارات انطلاقاً من ديننا ومبادئنا، قال الله تعالى في القرآن الكريم (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) ونحترم العلم ونقبل الحق من أي مصدر كان قال الله تعالى في القرآن الكريم (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) وقال الله تعالى في القرآن الكريم (قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ).
ونرفض بقوة فكرة صراع الحضارات، ونستهجن أسطورة نهاية التاريخ، وكلتاهما من إنتاج الثقافة الأميركية، قال الله تعالى في القرآن الكريم (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ).
إنّ الحوار لا يكون مجدياً ومنتجاً إلا إذا كان وسيلة معتمدة من الطرفين للتفاهم، أمّا إذا كان أحد الطرفين يقوم بالاحتلال والاجتياح فليس أمام الطرف الآخر حينئذٍ إلا المقاومة والجهاد وطلب الحرية بكل ما يستطيع، إن المقاومة في بعض البلدان الإسلامية إنما كانت نتيجة للعدوان والظلم والاستبداد الذي تمارسه أو ترعاه أميركا، وليست تلك المقاومة سبباً للعنف والإرهاب كما يحلو لبعض الدوائر في أميركا أن تزعم، فإذا أزعجتكم المقاومة ورغبتم في أن يعم السلام فأزيلوا الاحتلال وأعيدوا للشعوب حقوقها وسيادتها.
يا فخامة الرئيس إن شعوبنا تحلم بالوحدة والحرية والاستقلال وحفظ حقوق الإنسان والأمن والتقدم والازدهار، وإنّ الكثير من أبناء هذه الشعوب يعتقدون أنّ أميركا هي المانع الرئيسي لتحقيق تلك الأحلام، وإننا لنرجو وندعوك صادقين أن يكون عهدك فاتحة لنمط جديد من التعامل والعلاقات بين أميركا وشعوب العالم الإسلامي.
7 – يا فخامة الرئيس إن قضية الإرهاب التي جعلتها أميركا شغل العالم الشاغل لا يمكن الحديث عن العلاقات الأميركية العربية الإسلامية اليوم دون التطرق إليها، ومن هذا المنطلق وفي هذا السياق نود لفت نظركم إلى الأمور الآتية:
أ) إننا من منطلق ديننا ومبادئنا الإسلامية نؤكد رفضنا القاطع ترويع الأبرياء والآمنين فضلاً عن إيذائهم أو قتلهم، ونعتبر ذلك من الإفساد في الأرض الذي هو من أكبر الجرائم في ديننا.
ب) نلفت الانتباه إلى أن نظرة الإسلام للحرب والقتال في حال الضرورة لخوضها دفاعاً عن الحق ومنعاً للظلم، أنه يفرض عليها من الضوابط الأخلاقية والقانونية ما يجعلها أرحم حرب عرفتها البشرية، يحرّم الإسلام فيها التعرض لغير المحاربين ويحرّم فيها التدمير العشوائي والدمار الشامل والعدوان غير المبرر، ويوجب فيها الوفاء بالمعاهدات واحترامها والإحسان إلى الأسرى وحماية حقوق المدنيين، وإننا من هذا المنطلق نفرق بين الإرهاب المحرم والمقاومة المشروعة، ونرفض بقوة اعتبار المقاومة المشروعة للاحتلال إرهاباً.
ج) نذكّركم أنه مع رفض حكومات وعلماء وشعوب المسلمين لما حدث في سبتمبر 2001 م فإن أميركا جنّدت وراءها الكثير من دول العالم رغباً ورهباً وشنت حرباً على الإسلام كدين وعلى المسلمين كأفراد وجماعات وشعوب ومؤسسات وحضارة وتاريخ، حرباً أُسقطت فيها حكومات واحتلت أوطان وسُحقت شعوب وانتهكت جميع المواثيق الأخلاقية والقانونية الدولية، وقُتل وهجّر الملايين من المسلمين، وأودع السجون والمعتقلات العلنية والسرّية مئات الآلاف من المسلمين في طول الأرض وعرضها، وانتهكت في تلك السجون جميع حقوق الإنسان، ودمرت المدن والمساجد وأُهين القرآن الكريم، واستخدمت الأسلحة الممنوعة دولياً.
إن أميركا قد سقطت في هذه الحرب الإرهابية القذرة التي لم يعرف لها مثيل في التاريخ، فهي حرب قامت على الأكاذيب والمغالطات من أول يوم حتى اضطر الرئيس بوش أخيرا إلى الاعتراف بأنه شنّ الحرب على العراق بناء على معلومات مضللة، وإننا نؤمن أن عدل الله سبحانه وتعالى لا يسمح أن يفلت المجرم بجرائمه، فهل ننتظر من أميركا محاكمة المجرمين لينالوا جزاء ما اقترفته أيديهم.
د) إن معالجة ما يسمى الإرهاب لا يمكن أن يخلّص العالم من شروره ما لم نتحل بالصدق والموضوعية والنزاهة والشفافية في دراسة أسبابه ثم نقوم بمعالجة تلك الأسباب.
إن أي ظاهرة من الظواهر الاجتماعية والثقافية سيعاد إنتاجها ويستمر وجودها ما دامت أسبابها قائمة، وإننا نجزم أن من أهم أسباب هذه النقمة العارمة على أميركا في العالم الإسلامي بل في العالم كله هو إما عدوان أميركا على العالم الإسلامي مباشرة أو دعمها بلا حدود لكل عدوان يتعرض له المسلمون، وفي إمكان فخامتكم مثلاً مراجعة موقف أميركا من قرارات مجلس الأمن الدولي فيما يخص العرب وإسرائيل، ليتبيّن لك بوضوح بأي مكاييل تكيل أميركا، وتسأل نفسك بتجرد هل هذا ما كان يجب أن يكون.
إن الكثير من الحكومات في العالم الإسلامي لا تذكر لكم الحقيقة خشية من بطش أميركا أو رغبة في رعايتها، لكننا نؤكد لفخامتكم من خلال اطلاعنا متجردين من كل هوى وباذلين النصيحة لمصلحة البشرية إن أميركا لا يمكن أن تكون علاقتها طبيعية بالشعوب الإسلامية ما لم ترفع ظلمها عن المسلمين، وتتعامل معهم بعدل وإنصاف، وإن ذلك لبيدك الآن، وإنك إن خطوت هذه الخطوة فستحقق إنجازاً غير مسبوق في الساحة الأميركية.
يا فخامة الرئيس، إننا نعتقد أن الترسانة النووية الإسرائيلية والأسلحة الفتاكة التي تزود بها أميركا إسرائيل إنما تشكل أكبر تهديد إرهابي لشعوبنا وللعالم أجمع، وأن هذا الدعم اللامحدود لإسرائيل هو الذي يدفعها لانتهاك جميع القوانين الدولية والقيم الأخلاقية وارتكاب أفضع صور الإرهاب ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
وإننا نؤكد لك ناصحين أن استخدام القوة والبطش ودعم إسرائيل وتبني بعض المجموعات العلمانية غير الوطنية في العالم الإسلامي لن يحل المشكلة، ولن يجدي نفعاً بل سيزيد الأزمة تعقيداً والمواجهة اشتعالاً، إن العدل والإنصاف والموضوعية والابتعاد عن الظلم والتعسف هي أكبر الضمانات لحماية الأمن القومي الأميركي وأمن العالم، فهل تتجهون هذه الوجهة؟ هذا ما نرجوه.
الموقعون:
1
الدكتور أبو لبابة الطاهر حسين
عضو المجلس العالمي للمساجد
تونس
2
الدكتور أحمد البياتلي
تركيا
3
الدكتور أحمد الريسوني
رئيس حركة التوحيد والإصلاح سابقاً
المغرب
4
الدكتور أحمد القطان
داعية إسلامي
الكويت
5
الدكتور أحمد سيسنقيندو
رئيس جامعة ميبالي الإسلامية بأوغندا
أوغندا
6
الدكتور أليف الدين الترابي
داعية إسلامي
باكستان
7
الدكتور تميم فرج تميم
جامعة مورقوروا الإسلامية بتنزانيا
تنزانيا
8
الدكتور توفيق يوسف الواعي
داعية إسلامي
مصر
9
الدكتور جاسم مهلهل الياسين
أمين عام الحركة الدستورية الإسلامية الأسبق
الكويت
10
الأستاذ حسين سليمان كاهينجا
داعية إسلامي
بوروندي
11
الدكتور راشد الغنوشي
الأمين العام لحركة النهضة بتونس
تونس
12
الدكتور سالم الفلاحات
المراقب العام السابق للإخوان المسلمين بالأردن
الأردن
13
الدكتور عبد الإله بنكيران
الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بالمغرب
المغرب
14
الأستاذ عبد الحميد سلاتش
سكرتير عام جمعية الشباب المسلم - بكينيا
كينيا
15
المشير عبد الرحمن سوار الذهب
الرئيس السوداني الأسبق
السودان
16
عبد الغفار عزيز
مسؤول العلاقات الخارجية في الجماعة الإسلامية
باكستان
17
عبد الغفور البوسعيدي
رئيس المجلس الإسلامي الأعلى بكينيا
كينيا
18
الشيخ عبد المجيد بن عزيز الزنداني
رئيس جامعة الإيمان في اليمن
اليمن
19
الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح
أمين عام اتحاد الأطباء العرب
مصر
20
الدكتور عبد الوهاب الديلمي
وزير العدل والشؤون الإسلامية الأسبق في اليمن
اليمن
21
الأستاذ عباس كييمبا
رئيس جمعية الشباب المسلم بأوغندا
أوغندا
22
الدكتور عصام احمد البشير
وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الأسبق في السودان
السودان
23
الدكتور علي صدر الدين البيانوني
المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا
سوريا
24
الدكتور علي الحمادي
رئيس مركز التفكير الإبداعي في الإمارات
الإمارات
25
الدكتور عوض بن محمد القرني
محام ومفكر إسلامي
السعودية
26
الدكتور فتحي يكن
رئيس جبهة العمل الإسلامي في لبنان
لبنان
27
الشيخ قاضي حسين أحمد
أمير الجماعة الإسلامية في باكستان
باكستان
28
الدكتور همام سعيد
المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن
الأردن
29
الدكتور محمد إبراهيم
عضو مجلس الشيوخ في باكستان
باكستان
30
الدكتور محمد الحبيب النجكاتي
رئيس جماعة التوعية والإحسان في المغرب
المغرب
31
الشيخ محمد حسن ألددو
رئيس مركز تخريج العلماء في موريتانيا
موريتانيا
32
الدكتور محمد أكرم العدلوني
الأمين العام لمؤسسة القدس الدولية في الأردن
الأردن
33
الدكتور محمد عمارة
مفكر إسلامي
مصر
34
الشيخ محمد عثمان ورفه
ريئس لجنة مسجد الجمعية بكينيا
كينيا
35
الدكتور محمد موسى الشريف
أستاذ جامعي
السعودية
36
الدكتور ياسر الزعاترة
إعلامي ومحلل سياسي
الأردن
37
الدكتور يوسف القرضاوي
رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
قطر
38
الدكتور يوسف محمد بوانا
وزير العدل والوظائف العمومية والشؤون الإسلامية في جزر القمر
جزر القمر
إننا نحن الموقعين على هذا الخطاب من علماء ومفكرين ومثقفين وناشطين سياسيين وحقوقيين وأكاديميين من أبناء الأمة الإسلامية ننتهز فرصة انتخابكم رئيساً للولايات المتحدة الأميركية لنخاطبك بصفتك الإنسانية، ونخاطب الشعب الأميركي من خلالكم باعتباركم رئيساً له وأهلا لثقته، مؤملين أن يجد خطابنا هذا من فخامتكم أذناً صاغية، ووقفة عادلة منصفة لمصلحة البشرية كلها في ظننا.
يا فخامة الرئيس دعنا نبسط بين يديك وجهة نظرنا في العديد من القضايا التي هي محل اهتمام مشترك وذات تأثير واسع في العالم كله، وقبل أن نتحدث عن هذه القضايا فإننا نهنئ الشعب الأميركي بهذا الإنجاز التاريخي الذي حققه بانتخابكم رئيساً له مع أن الكثير من القوى العنصرية بذلت كل ما تستطيع للحيلولة دون انتخاب رجل من أصول أفريقية مسلمة.
ومع أن هذا إنجاز بلا شك يدرك حقيقته كل مطلع على تاريخ أميركا وما مرت به من تطورات وتحولات، لكنه في الوقت نفسه يحملكم مسؤوليات جسيمة استثنائية أمام من وضعوا أملهم في وصولك للبيت الأبيض من الأميركيين، وأمام العالم الذي أصبحت أميركا الفاعل الأبرز في شؤونه ثم أمام التاريخ الذي يمكن أن تسجل في سفره الواسع صفحات ناصعة، ويمكن كذلك أن تسجل فيه صفحات قاتمة موحشة كما فعل الرئيس بوش قبلكم.
يا فخامة الرئيس دعنا نشير إلى العديد من القضايا باختصار وإيجاز في النقاط الآتية:
1- إننا ندعوك وندعو الشعب الأميركي من ورائك ونطالبكم بضرورة التعاون مع جميع أمم العالم في تحقيق المصالح المشتركة، ودفع المخاطر المشتركة مثل قضايا البيئة والسلام وحفظ القيم والأخلاق وحقوق الإنسان والطاقة والتنمية، ومواجهة الأوبئة والكوارث من غير تمييز ولا فرض رؤية أو أيديولوجية أو مصلحة شعب على الشعوب الأخرى.
وإننا نؤكد لفخامتكم أن التعاون لتحقيق كل ما فيه مصلحة للإنسان من صميم ديننا، قال تعالى في القرآن الكريم (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ).
وإننا نؤكد لكم أن الأمة الإسلامية تمتلك من الإمكانات المعنوية والمادية وعناصر القوة الظاهرة والخفية ما يؤهلها لتكون شريكاً أساسياً في صنع مستقبل العالم، وإننا نؤكد لكم أن تجاهل أمتنا أو محاولة النيابة عنها في تقرير مصيرها ومستقبلها أو التآمر للاعتداء على مصالحها واحتلال أوطانها وسلب حريتها لا يمكن أن يتحقق، وأن أمتنا وإن كانت تدعو من وحي دينها وقيمها للتعاون المتكافئ القائم على قدم المساواة بين جميع الأطراف فإنها في الوقت نفسه ستقاوم بكل الوسائل الممكنة المشروعة أي محاولة لشطب وجودها أو مسخ شخصيتها وهويتها أو الاستيلاء على مقدراتها أو سلب حقوقها.
2- إننا من موقع مسؤوليتنا المستمدة من مبادئنا الإسلامية ونحن كمسلمين لا نرجو إلا الله ولا نخشى أحداً سواه، نعلن لفخامتكم وللشعب الأميركي أننا نؤكد على حق جميع الأديان والثقافات والحضارات والمجتمعات في التنوّع وحرية الاختيار، قال الله تعالى في القرآن الكريم (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ).
وفي الوقت نفسه نطالبكم بأن تقرّوا للعالم بمثل هذا الحق، وأن تقتنعوا أن فرض النموذج الأميركي على العالم بالقوة والضغط والتخويف، لن يزيد العالم إلا أزمات وصراعات، وأن أول المتضررين من هذا الأسلوب أميركا نفسها.
ونذكّرك أن منطق التاريخ وسنن الحياة لا تسمح باستمرار هذا النهج، ولا بانتصاره مهما كانت القوة المادية التي يتسلح بها أو الشعارات البراقة التي يرفعها، ولعل ما وصلت إليه العولمة عموماً، والحالة الأميركية الداخلية خاصة دليل حيّ على ما نقول لمن يريد الوقوف عند الحقائق والرجوع للحق بعيداً عن الأوهام وخداع النفس.
3- إننا نذكِّر فخامتكم من منطلق ديننا وثقافتنا بأن الحضارة لا يمكن أن تزدهر وأن السلام والأمن لا يمكن أن ينعم بهما العالم ما لم يعم العدل الأرض ويهيمن على العلاقات الدولية، وإننا نعتقد أن كل إنسان عاقل يستيقن في قرارة نفسه أن الظلم الذي تعرض له الشعب الفلسطيني لم يتعرض له شعب آخر في التاريخ حتى وإن تم تجاهل ذلك أميركياً استجابة لضغوط مالية أو سياسية أو إعلامية أو استجابة لأوهام أيديولوجية أو أساطير خرافية أو طموحات انتخابية.
يا صاحب الفخامة لا تنتظروا من العرب والمسلمين وكل من يناصر الحق والعدل من شعوب العالم علاقات طبيعية ما لم يرفع الظلم الذي تتحمل أميركا وزره بالدرجة الأولى، عن الشعب الفلسطيني وتعاد له حقوقه وأرضه، وما لم تعد للشعب العراقي والشعب الأفغاني سيادتهما، ويعوضا عما أصابهما من خسائر، وتجلى عنهما قوات الاحتلال الصليبي المعاصر التي أعادت لنا ذكرى حروب القرون الوسطى الصليبية والحروب الاستعمارية، وأشعلت نار العداوة بين شعوب العالم المختلفة.
يا صاحب الفخامة إن كل مطّلع على حقائق التاريخ يعلم أن شعوبنا وفية لأصدقائها كريمة مع من يحترمها تحترم عهودها ولكنها أيضاً لا ترضخ لمحتل ولا تستسلم لعدوان ولا تقبل بذل ولا هوان، وأنها تنتزع حريتها ولا تستجديها، ولعل فيما آل إليه حال الشعوب الإسلامية في مواجهة المحتلين في فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها دليلا كافيا لأن تعيد أميركا النظر بصدق وعمق في أسلوب تعاملها مع شعوب العالم كافة والشعوب الإسلامية بصفة خاصة.
إن أميركا من موقع مسؤوليتها العالمية كقوة عظمى يجب عليها أن تتحرر من إملاءات اللوبي الصهيوني في علاقاتها مع الشعوب الإسلامية، وأن تدرك أن مصالح الشعب الأميركي الحقيقية هي في التعاون مع مليار ونصف المليار مسلم، ومع الحق والعدل، ولكن هذا يحتاج إلى شجاعة تتحلى بها القيادة الأميركية تتسامى فوق المصالح الشخصية والحزبية.
يا فخامة الرئيس إذا لم تستطيعوا في أميركا أن تكونوا مع الحق والعدل فلن يقبل منكم أقل من الحياد، أما أن تدعموا الظلم والاحتلال فلن تكون نتائج ذلك إلا المقاومة وتصبحون ومن تدعمونه في نظر شعوبنا سواء.
4- لا شك يا فخامة الرئيس أنك وأنت نتاج الثقافات المتعددة وابن الأعراق المختلفة والقادم من غمار الشعب الأسود المكتوي بنار الظلم والاستغلال والتمييز العنصري وأنت الدارس للقانون والمتطلّع إلى إقرار العدل، لا شك أنك تعلم أن العدل على مستوى الأرض أو على مستوى أفراد أي مجتمع لا يتحقق ما لم يكن هناك عدالة في توزيع الثروات ومساواة في الفرص ومنع للاستغلال ونهب ثروات الشعوب.
ولعل فخامتكم يوافقنا أن دول العالم الثالث لم تعان شعوبها في نهب ثرواتها واستغلال مقدّراتها والاعتداء على سيادتها كما عانت من الشركات الأميركية الكبرى التي احتلت دولاً وأسقطت أنظمة ودبرت انقلابات من أجل إسقاط أي ممانعة وطنية لحماية ثروات تلك الشعوب، فهل نطمع ويطمع العالم كله في أن تبدؤوا مرحلة جديدة تعبر عن العدالة في توزيع الثروات والمشاركة في التنمية على مستوى العالم، وعدم توظيف المؤسسات المالية الدولية مخالب وأنياب افتراس أميركية كمنظمة التجارة العالمية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرها من المؤسسات التي لم تقم إلا لتمكين الدول الكبرى وبخاصة أميركا من الهيمنة على ثروات دول العالم المتخلف.
إن فخامتكم يعلم بلا شك أن استغلال الشعوب ونهب ثرواتها كان سبباً رئيساً للحروب الكبرى، والأزمات العاصفة الظالمة التي كانت ومازالت أميركا المشعل الأول لوقودها.
يا فخامة الرئيس إننا ندعو أميركا وهي تعيش أزمة مالية طاحنة أن تبحث ولو جدلاً عند الأمم الأخرى عن بعض الحلول في تشريعاتها المالية ومناهجها الاقتصادية التي قد تسهم في تجنيب أميركا أزماتها المالية وكوارثها الاقتصادية التي تجر العالم وراءها بعد كل عدة عقود من السنين إلى الهاوية.
ونحن هنا نشير إلى النظام المصرفي الإسلامي والمنهج الاقتصادي الإسلامي الذي شهد بالتميز لهما المنصفون من كبار علماء الاقتصاد الغربيين.
5- يا فخامة الرئيس إن الحرية مطلب فطري لجميع الناس، وهي من القيم المشتركة بين جميع الأمم وإن اختلفت الثقافات في مفهوم الحرية وحدودها.
ومع أن أميركا من أكثر دول العالم مناداة بالحرية واحترام حقوق الإنسان ورفع شعاراتها إلا أننا نعتقد أن حكومات أميركا هي أكثر حكومات العالم من الناحية العملية انتهاكاً لحقوق الإنسان ومصادرة لحريته، فهي أكثر دول العالم شناً للحروب وإبادة للشعوب واعتقالاً للناس خارج إطار القانون وممارسة للتعذيب ، وهي الأكثر دعماً للأنظمة الاستبدادية، والأكثر تآمراً على التجارب الديمقراطية الناشئة، والأكثر تدبيراً للانقلابات العسكرية، والأكثر استخفافاً بالمنظمات الدولية وابتزازاً لها.
وإن شعوب العالم التي عانت كثيراً من هذه السياسة الأميركية تضع مصداقيتكم على المحكّ من خلال انتظارها لما ستفعله في هذا المجال، هل ستكون رجل الأخلاق والمبادئ والأحلام كما وعدت شعبك والعالم أم ستكون منفّذاً لرغبات رجال المال وخاضعاً لضغوطات اللوبيات الصهيونية والمنظمات السرّية.
يا فخامة الرئيس إنك بلا شك تعلم أن تسجيل موقع إيجابي متميز في التاريخ لا يكفي فيه رفع الشعارات البراقة ما لم تترجم إلى حقائق في أرض الواقع، وإن أي زعيم ستتأثر صورته وتاريخه إلى حد كبير بنوعية الفريق العامل معه.
6- إننا ننادي بالحوار بين الثقافات والأديان والحضارات انطلاقاً من ديننا ومبادئنا، قال الله تعالى في القرآن الكريم (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) ونحترم العلم ونقبل الحق من أي مصدر كان قال الله تعالى في القرآن الكريم (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) وقال الله تعالى في القرآن الكريم (قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ).
ونرفض بقوة فكرة صراع الحضارات، ونستهجن أسطورة نهاية التاريخ، وكلتاهما من إنتاج الثقافة الأميركية، قال الله تعالى في القرآن الكريم (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ).
إنّ الحوار لا يكون مجدياً ومنتجاً إلا إذا كان وسيلة معتمدة من الطرفين للتفاهم، أمّا إذا كان أحد الطرفين يقوم بالاحتلال والاجتياح فليس أمام الطرف الآخر حينئذٍ إلا المقاومة والجهاد وطلب الحرية بكل ما يستطيع، إن المقاومة في بعض البلدان الإسلامية إنما كانت نتيجة للعدوان والظلم والاستبداد الذي تمارسه أو ترعاه أميركا، وليست تلك المقاومة سبباً للعنف والإرهاب كما يحلو لبعض الدوائر في أميركا أن تزعم، فإذا أزعجتكم المقاومة ورغبتم في أن يعم السلام فأزيلوا الاحتلال وأعيدوا للشعوب حقوقها وسيادتها.
يا فخامة الرئيس إن شعوبنا تحلم بالوحدة والحرية والاستقلال وحفظ حقوق الإنسان والأمن والتقدم والازدهار، وإنّ الكثير من أبناء هذه الشعوب يعتقدون أنّ أميركا هي المانع الرئيسي لتحقيق تلك الأحلام، وإننا لنرجو وندعوك صادقين أن يكون عهدك فاتحة لنمط جديد من التعامل والعلاقات بين أميركا وشعوب العالم الإسلامي.
7 – يا فخامة الرئيس إن قضية الإرهاب التي جعلتها أميركا شغل العالم الشاغل لا يمكن الحديث عن العلاقات الأميركية العربية الإسلامية اليوم دون التطرق إليها، ومن هذا المنطلق وفي هذا السياق نود لفت نظركم إلى الأمور الآتية:
أ) إننا من منطلق ديننا ومبادئنا الإسلامية نؤكد رفضنا القاطع ترويع الأبرياء والآمنين فضلاً عن إيذائهم أو قتلهم، ونعتبر ذلك من الإفساد في الأرض الذي هو من أكبر الجرائم في ديننا.
ب) نلفت الانتباه إلى أن نظرة الإسلام للحرب والقتال في حال الضرورة لخوضها دفاعاً عن الحق ومنعاً للظلم، أنه يفرض عليها من الضوابط الأخلاقية والقانونية ما يجعلها أرحم حرب عرفتها البشرية، يحرّم الإسلام فيها التعرض لغير المحاربين ويحرّم فيها التدمير العشوائي والدمار الشامل والعدوان غير المبرر، ويوجب فيها الوفاء بالمعاهدات واحترامها والإحسان إلى الأسرى وحماية حقوق المدنيين، وإننا من هذا المنطلق نفرق بين الإرهاب المحرم والمقاومة المشروعة، ونرفض بقوة اعتبار المقاومة المشروعة للاحتلال إرهاباً.
ج) نذكّركم أنه مع رفض حكومات وعلماء وشعوب المسلمين لما حدث في سبتمبر 2001 م فإن أميركا جنّدت وراءها الكثير من دول العالم رغباً ورهباً وشنت حرباً على الإسلام كدين وعلى المسلمين كأفراد وجماعات وشعوب ومؤسسات وحضارة وتاريخ، حرباً أُسقطت فيها حكومات واحتلت أوطان وسُحقت شعوب وانتهكت جميع المواثيق الأخلاقية والقانونية الدولية، وقُتل وهجّر الملايين من المسلمين، وأودع السجون والمعتقلات العلنية والسرّية مئات الآلاف من المسلمين في طول الأرض وعرضها، وانتهكت في تلك السجون جميع حقوق الإنسان، ودمرت المدن والمساجد وأُهين القرآن الكريم، واستخدمت الأسلحة الممنوعة دولياً.
إن أميركا قد سقطت في هذه الحرب الإرهابية القذرة التي لم يعرف لها مثيل في التاريخ، فهي حرب قامت على الأكاذيب والمغالطات من أول يوم حتى اضطر الرئيس بوش أخيرا إلى الاعتراف بأنه شنّ الحرب على العراق بناء على معلومات مضللة، وإننا نؤمن أن عدل الله سبحانه وتعالى لا يسمح أن يفلت المجرم بجرائمه، فهل ننتظر من أميركا محاكمة المجرمين لينالوا جزاء ما اقترفته أيديهم.
د) إن معالجة ما يسمى الإرهاب لا يمكن أن يخلّص العالم من شروره ما لم نتحل بالصدق والموضوعية والنزاهة والشفافية في دراسة أسبابه ثم نقوم بمعالجة تلك الأسباب.
إن أي ظاهرة من الظواهر الاجتماعية والثقافية سيعاد إنتاجها ويستمر وجودها ما دامت أسبابها قائمة، وإننا نجزم أن من أهم أسباب هذه النقمة العارمة على أميركا في العالم الإسلامي بل في العالم كله هو إما عدوان أميركا على العالم الإسلامي مباشرة أو دعمها بلا حدود لكل عدوان يتعرض له المسلمون، وفي إمكان فخامتكم مثلاً مراجعة موقف أميركا من قرارات مجلس الأمن الدولي فيما يخص العرب وإسرائيل، ليتبيّن لك بوضوح بأي مكاييل تكيل أميركا، وتسأل نفسك بتجرد هل هذا ما كان يجب أن يكون.
إن الكثير من الحكومات في العالم الإسلامي لا تذكر لكم الحقيقة خشية من بطش أميركا أو رغبة في رعايتها، لكننا نؤكد لفخامتكم من خلال اطلاعنا متجردين من كل هوى وباذلين النصيحة لمصلحة البشرية إن أميركا لا يمكن أن تكون علاقتها طبيعية بالشعوب الإسلامية ما لم ترفع ظلمها عن المسلمين، وتتعامل معهم بعدل وإنصاف، وإن ذلك لبيدك الآن، وإنك إن خطوت هذه الخطوة فستحقق إنجازاً غير مسبوق في الساحة الأميركية.
يا فخامة الرئيس، إننا نعتقد أن الترسانة النووية الإسرائيلية والأسلحة الفتاكة التي تزود بها أميركا إسرائيل إنما تشكل أكبر تهديد إرهابي لشعوبنا وللعالم أجمع، وأن هذا الدعم اللامحدود لإسرائيل هو الذي يدفعها لانتهاك جميع القوانين الدولية والقيم الأخلاقية وارتكاب أفضع صور الإرهاب ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
وإننا نؤكد لك ناصحين أن استخدام القوة والبطش ودعم إسرائيل وتبني بعض المجموعات العلمانية غير الوطنية في العالم الإسلامي لن يحل المشكلة، ولن يجدي نفعاً بل سيزيد الأزمة تعقيداً والمواجهة اشتعالاً، إن العدل والإنصاف والموضوعية والابتعاد عن الظلم والتعسف هي أكبر الضمانات لحماية الأمن القومي الأميركي وأمن العالم، فهل تتجهون هذه الوجهة؟ هذا ما نرجوه.
الموقعون:
1
الدكتور أبو لبابة الطاهر حسين
عضو المجلس العالمي للمساجد
تونس
2
الدكتور أحمد البياتلي
تركيا
3
الدكتور أحمد الريسوني
رئيس حركة التوحيد والإصلاح سابقاً
المغرب
4
الدكتور أحمد القطان
داعية إسلامي
الكويت
5
الدكتور أحمد سيسنقيندو
رئيس جامعة ميبالي الإسلامية بأوغندا
أوغندا
6
الدكتور أليف الدين الترابي
داعية إسلامي
باكستان
7
الدكتور تميم فرج تميم
جامعة مورقوروا الإسلامية بتنزانيا
تنزانيا
8
الدكتور توفيق يوسف الواعي
داعية إسلامي
مصر
9
الدكتور جاسم مهلهل الياسين
أمين عام الحركة الدستورية الإسلامية الأسبق
الكويت
10
الأستاذ حسين سليمان كاهينجا
داعية إسلامي
بوروندي
11
الدكتور راشد الغنوشي
الأمين العام لحركة النهضة بتونس
تونس
12
الدكتور سالم الفلاحات
المراقب العام السابق للإخوان المسلمين بالأردن
الأردن
13
الدكتور عبد الإله بنكيران
الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بالمغرب
المغرب
14
الأستاذ عبد الحميد سلاتش
سكرتير عام جمعية الشباب المسلم - بكينيا
كينيا
15
المشير عبد الرحمن سوار الذهب
الرئيس السوداني الأسبق
السودان
16
عبد الغفار عزيز
مسؤول العلاقات الخارجية في الجماعة الإسلامية
باكستان
17
عبد الغفور البوسعيدي
رئيس المجلس الإسلامي الأعلى بكينيا
كينيا
18
الشيخ عبد المجيد بن عزيز الزنداني
رئيس جامعة الإيمان في اليمن
اليمن
19
الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح
أمين عام اتحاد الأطباء العرب
مصر
20
الدكتور عبد الوهاب الديلمي
وزير العدل والشؤون الإسلامية الأسبق في اليمن
اليمن
21
الأستاذ عباس كييمبا
رئيس جمعية الشباب المسلم بأوغندا
أوغندا
22
الدكتور عصام احمد البشير
وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الأسبق في السودان
السودان
23
الدكتور علي صدر الدين البيانوني
المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا
سوريا
24
الدكتور علي الحمادي
رئيس مركز التفكير الإبداعي في الإمارات
الإمارات
25
الدكتور عوض بن محمد القرني
محام ومفكر إسلامي
السعودية
26
الدكتور فتحي يكن
رئيس جبهة العمل الإسلامي في لبنان
لبنان
27
الشيخ قاضي حسين أحمد
أمير الجماعة الإسلامية في باكستان
باكستان
28
الدكتور همام سعيد
المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن
الأردن
29
الدكتور محمد إبراهيم
عضو مجلس الشيوخ في باكستان
باكستان
30
الدكتور محمد الحبيب النجكاتي
رئيس جماعة التوعية والإحسان في المغرب
المغرب
31
الشيخ محمد حسن ألددو
رئيس مركز تخريج العلماء في موريتانيا
موريتانيا
32
الدكتور محمد أكرم العدلوني
الأمين العام لمؤسسة القدس الدولية في الأردن
الأردن
33
الدكتور محمد عمارة
مفكر إسلامي
مصر
34
الشيخ محمد عثمان ورفه
ريئس لجنة مسجد الجمعية بكينيا
كينيا
35
الدكتور محمد موسى الشريف
أستاذ جامعي
السعودية
36
الدكتور ياسر الزعاترة
إعلامي ومحلل سياسي
الأردن
37
الدكتور يوسف القرضاوي
رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
قطر
38
الدكتور يوسف محمد بوانا
وزير العدل والوظائف العمومية والشؤون الإسلامية في جزر القمر
جزر القمر